بائسات - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215412 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61204 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29184 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-07-2021, 01:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي بائسات

بائسات
الزهرة هراوة






ضاقت عليَّ الأرض بما رَحُبَت، ونفسي وما حَوَت، وكدتُ أموت غيظًا، وأختنق كمدًا، ولم أجد متنفَّسًا لي، وما يشفي غليلي إلا إمساكي للهاتف واتِّصالي بصديقتي الحميمة لأبثَّ لها شكواي؛ علَّها تُطفئ سَوْرَة الغضب التي ألَمَّت بي، والصديقة صارت اثنتين وثلاثًا، إلى أن أنهيت قائمة الصديقات بالهاتف، غير واحدة تحاشيت أن أُكلِّمها، وكيف لي أن أتصل بها وهي أصل الداء وسبب البلاء الذي أنا فيه!

لم أنتبه للوقت، ولا أدري كم ساعةً مرَّت عليَّ في اتصالاتي تلك، رغم أنه لا واحدة منهن أراحتني؛ بل كلهن يَزِدْن من آلامي وقهري وبؤسي! أبدأ كلامي عن الزفاف الذي ذهبتُ إليه أمسِ، يتخلَّله تعليقات ساخرة عن تحضيراتهم، كما لم يَفُتْني أن أُطنِب في الحديث عن العروس ومكياجها، وتسريحة شعرها، وفستانها، ثم أُعرِّج على الموضوع الذي أرَّقني ليلة البارحة، وأطار النوم مِن عيني وأقول: أتعرفين فلانة، تلك التي لا تعرف كيف تلبس، وهي والموضة خطَّان متوازيان.

ما بها؟
ارتدَت أمسِ فستانَ سهرة، لبسته بطلة المسلسل الأجنبيِّ الفلاني في زفاف صديقتِها في الحلقة السادسة والسبعين بعد المِائة، وقد كانت البطلةُ غايةً في الجمال، وقيل: إنه مِن تصميم أرقى دُور الأزياء وأشهر المصمِّمين.
كيف لها أن تحصل على ثمنه؟
وكيف أنا البائسة لم أشتَرِه؟
لكنه غالٍ، هو أضعاف راتبك.

يكون الرد في أغلب الأحيان:
لا يهم، أستلف وأسدد الدَّين، ولو على مدار السنة.
كم أنا بائسة وشقيَّة في حياتي.
لو أن فيكتور هيجو ما زال حيًّا وعرَف قصتي، لتراجع عن روايته الشهيرة تلك، وألَّف رواية أخرى، وسمَّاها البائسات، وكنت أنا بطلتها، ولفاقَت شُهرتي شُهرة كوزيت تلك.

لم أكلِّم زوجي ولم يسألني حتى عن اكتئابي ذاك؛ بل كلانا تفادى الحوار؛ لعلمنا مسبقًا أنه سينتهي بشجار ومأساة أخرى.
أعرفُ أن اكتئابي سيزول، لكنني كنت أخشى أن يطول.

وبَقِيت في حالتي تلك أتمزَّق، حتى رنَّ الهاتف، كان رقْمًا غير مسجَّل وغير معروف، رغم أنه بدا لي مألوفًا، لم أردَّ، لكنه عاود الرنين مرة أخرى.
فأجبتُ لأعلم أنها صديقة لي، كنت قد حذفت رقْمَها سابقًا؛ لنقدها الدائم لي ونصائحها التي لا تنتهي.
بعد السؤال عن الحال والأحوال، عاتبَتْني عن قلَّة اتِّصالي بها؛ لأردَّ: إنها مشاغل الحياة هي التي ألهَتْني عن التواصل معها.

ولم أنتبه إلا وأنا أُعيد أسطوانتي تلك كاملة غير منقوصة، وتعجَّبتُ أنها لم تقاطعني، بل تركَتْني أُنهِي فضفضتي؛ لتقول لي: لقد تركتك تُكمِلين كلامك، فهل تسمحين لي بالكلام، وأنت تعرفين أنني لا أُداهِن ولا أجيد التملُّق في قول الحق؟
قلت: تفضَّلي.
قالت: كم مسلسلًا تتابعين؛ خمسةً، ستة، سبعة؟!

قلتُ وأنا مستغربة: ما دخل هذا السؤال بما أمرُّ به؟ أربعة مسلسلات فقط!
قالت: يعني أربع ساعات على أقلِّ تقدير، وكم تركتِ من الوقت لأبنائك بعد ساعات العمل، وساعات المسلسلات، والتسوُّق، والفضفضة على الهاتف، ووسائل التواصل بالإنترنت.

قلت محتنقةً: لقد اخترتُ وظيفةً ساعاتُ العمل بها قليلة؛ لأجل أولادي، لأبقى في المنزل أطول فترة.
قالت: قد يكون الكمُّ مهمًّا، لكن الكيف مهمٌّ أكثرَ.

قلت: لم أفهم؟!
قالت: يجب أن تعيشي مع أولادك، أن يشعروا بأنك معهم، فلا يكفي أن تكوني في المنزل، بل أن تتركي ما هو زائد وأن تهتمِّي بهم.
أَعِيدي ترتيب أولوياتك، وقولي لي بالله عليك: هل فستانُ السهرة، وحفلات الزفاف التي لا تكاد تنتهي، والمسلسلات، والعمل الذي معظم راتبِك منه يُستَهلكُ في فساتين السهرات ومساحيق التجميل والحضانة والمربِّيات - أهمُّ من زوجك وأولادك! ألا تعرفين أنهم من واجباتك كزوجةٍ وكأمٍّ؟!

قلت - وقد بلغ مني الغضب مبلغَه -:
تعسًا لهذا المجتمع الذي لا يعرف إلا الواجبات، ويطالبني بها.
فالرجل يريد:
الجارية الحسناء التي لا يجب أن يجفَّ ماء الشباب من وجهها، ولا أن يترهَّل جسمها أبدًا مهما تقدَّمَتْ بها السنُّ؛ للاستمتاع بها، وتلبية رغباته.
وآلة للنسل لا ينضُبُ رَحِمُها من الإنجاب.
وطاهية بارعة تُجِيد الطهي بمختلِف أنواعه.
وامرأة واعية مثقَّفة تُناقشه في أمور السياسة والدين، والسلم والحرب، واقتصاد العالم وتداعياته.

ولا يتذكر من القرآن إلا آيتين: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 34]، و﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ﴾ [النساء: 3]، فعليها أن تكون كلَّ تلك النساء لتُرضِي زوجها، أو سيُعاقبها بأخرى.
أليس لي حقوق كزوجةٍ يراعي مشاعري ويفهمني؛ وكأمٍّ يُطيعني أولادي ويمتثلون لي؟!
ألا ينبغي لـ(سي "سيد") أن يشاركني هموم البيت ومسؤولياته، ويُعينني على تربية الأولاد؟!
تذكري أن ديننا الحنيف قد استوصى بنا، ألم يقل الرسولُ صلى الله عليه وسلم: ((رِفقًا بالقوارير))، و((استَوصُوا بالنساء خيرًا))، و...؟!

قاطعتني قائلةً: كلا الطرفينِ مخطئ، كلاكما مسؤولٌ، وكلاكما يتحمَّل وِزْر ما يحدث، والضحية هم الأبناء؛ سيظهر لنا جيل مفكَّك عاجلًا أم آجلًا، كلاكما يُغالِي في حقوقه، يطالب بها دون هوادة، وينسى واجباته؛ فالزواج: سكن، ومودَّة، وأمن، وتكوين أسرة، وتنشئة جيل واعٍ يَخدُم مجتمعه وأمَّته.

تحدَّثت إليَّ مطولًا، حديثها ذاك كان كقطرات مطرٍ تتنزَّل على أرضٍ عطشى، أو كبَلْسَم تلتئم به جراح النفس الغائرة، كانت كمَن أزال الغشاوة مِن على عيني، وأزاح الستار المسدَل على عقلي، لَمَّا أنهت اتصالها صرت امرأةً أخرى، غير تلك التي بكت ووَلْوَلت لأجل ثوبٍ تافهٍ!
هل أنا بائسة حقًّا أم تافهة؟!
هل صرتُ لهذا الحد تافهةً، تافهة لحدِّ البؤس؟!
أجل، قد تصل التفاهة للبؤس.
وما أكثرَ مَن هن بائساتٌ مثلي، لا همَّ لهنَّ إلا الموضة، وتسريحات الشعر، وتقليعات الثياب، والثرثرة.

كان الأجدر بالمنفلوطي أن يكتب مقالةً عني وعن مثيلاتي (بائسات)، لا رسالة يؤدِّينها في حياتهن سوى تتبع الغربيَّات والاستماع لمن يريد بنا شرًّا، والتحرُّر من القيم والأخلاق المثلى، والوقوع في مستنقع الشهوات والرذيلة، باسم الحرية الزائفة.

وهل فعلًا ما كنتُ أردِّده هو ما يريده الزوج، أم أنها عبارات دُسَّت في عقولنا دسًّا؛ لنظن أن العدوَّ الأوحد لنا هو الرجل، وأن الحياة لا تكون ذاتَ قيمة إلا إذا تحرَّرنا مِن كل شيء يربطنا بأنوثتنا وبدَوْرنا كنساء يُمثِّلن نصف المجتمع، ويربِّين نصفه الآخر.


إننا فعلًا بائسات؛ لأننا نلهث خلف سراب نتوهَّمه ماءً عذبًا، ونترك الرسالة التي خُلِقنا لأجلها، وهي تربية النشء ورفقة الزوج، والمساهمة في بناء الحضارة، تلك هي مسؤوليتنا، وتلك هي الرسالة السامية التي يجب أن تعيَها كل امرأة، وتقوم بها عن طِيب خاطر.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.92 كيلو بايت... تم توفير 1.65 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]