|
|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
زوجي والغربة، وابني وأمي
زوجي والغربة، وابني وأمي أ. مروة يوسف عاشور السؤال السلام عليكم. أنا سيدة متزوجة من رجل يَكبرني بعقدين، متزوِّج وله أولاد من زوجته السابقة، وأنا كنت مُطَلَّقة وعندي ولدٌ، يعيش حاليًّا مع أُمي في بلدنا، وسافَرْت أنا لزوجي إحدى الدول العربيَّة، لكنني فوجِئْت بطباعه، فهو إنسان يصعُب التفاهم معه، لا نتفق تقريبًا في شيءٍ، عصبي وعنيد جدًّا، حتى إنني أفكِّر جدِّيًّا في الانفصال عنه، خصوصًا بعدما نقَضَ وعْده لي بأنَّ ابني سيعيش معي، وأنه لن يَحرمني منه، فلقد تغيَّر كلامه بالمرَّة، وطبعًا هو لا يمكث في بلدنا كثيرًا؛ لذلك من المفروض أني أظلُّ معه هنا، وهذا ما أرْفضه؛ لأنه - طبعًا - لا يوجد تفاهم بيننا، وعندما مَرِضَتْ أمي طلَبتُ منه أن أسافر لها، رفَض وقال لي: أنت تريدين أن تُذاكري لابنك. هو يريد أن يحرمني من أمي وابني وكلِّ شيء، وحتى هنا ليس له علاقة بأحد، وأشعر وكأنني في سجنٍ، وأني سابقًا كنتُ أفضَل، وتزوَّجته لأني كنتُ أريد أن أُنجب أطفالاً آخَرين مع ابني، لكني فوجِئْت بأنَّ عنده مشكلة ظهَرت في التحاليل، وهذه المشكلة تحتاج إلى أن يأخذ علاجًا يسيرًا، ولكنَّه رفَض بشدة، وقال: إنه سليم، وإنَّ العيب مني، فماذا أفعل؟ خاصة وأني أُفكِّر في الطلاق، ولكن أمي ترفض؛ لأنها تخشى من كلام الناس؟ لكني أفكِّر فيه وأقول: إن الأفضل أن أُطَلَّق وأرجع لأمي وابني، وأحيانًا أقول: أصْبِر، لكنَّ طِباعَه تمنعني من ذلك، خاصة وأني لا أُخفيك سرًّا عصبيَّة أيضًا. الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لا أدْري كيف تتوقَّع المرأة أن يكون مَن شارَف على الستين من عُمره، وقد أرْهقتْه الحياة بهمومها, والأولاد بمشكلاتهم, والزوجة بأعبائها - لِيِّنَ الجانب، هادئ الطِّباع, سهْلَ المعاشرة؟!! نعم قد يكون هذا، وقد يحدث مع بعض النماذج, لكنه يبقى الأقل! مِن حقكِ أن تَطلبي الانفصال إذا فقدْتِ الأمل في الإنجاب, أو منَعك زوجكِ؛ فهو مطلب شرعي, وإنما تبقى المرأة خاسرةً متى ما تعرَّضت للطلاق مرتين متتاليتين, ولا أخالف والدتكِ - حَفِظها الله - في تخوُّفها من كلام الناس الذي لا يبحث عن أسباب الطلاق، ولا يُلقي باللوم إلاَّ على المرأة، مَهْمَا تجلَّت أسباب ومظاهر الظلم الذي وقَع عليها. نحن - يا عزيزتي - لا نعيش في هذا العالم بمفردنا, ولا يتيسَّر لنا فعْلُ ما نريد وقْتَما نريد, حتى ولو كان حقًّا مشروعًا لنا, ولو أيْقَنَتْ أنفسنا أنَّ في هذا الخير لنا، وأن النتائج محسومة، والمكاسب معلومة, إلاَّ أنه يبقى في النفس وجَلٌ, وفي القلب قلَقٌ، وفي الجوارح ترقُّب؛ فهناك كلام الناس, وما أدْراكِ ما كلام الناس؟! للأسف صارَ كلام الناس واقعًا لا يمكن أن نتجزَّأ عنه, وكم منَع كلامُ الناس الكثير من الصالحين أفعالاً! وكم قيَّد كلام الناس الكثير من العُقلاء وحال دون تنفيذ عقوبات! فها هو النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لَمَّا أشار عليه بعضُ أصحابه بقتْل رأْس المنافقين، رفَض - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: ((دَعْه؛ لا يتحدَّث الناس أنَّ محمدًا يقتل أصحابه)). فقد نظَر - صلَّى الله عليه وسلَّم - للمآل وما سيتحدَّث به الناس، وعلِمَ أنَّ مَن يتحدَّث لا يراعي الدِّقة في نقْل ما ينقل, بل يتحدَّث لأجْل الحديث, وقاس المصالح والمفاسد المترتِّبة على ذلك, فعدَل عن الفكرة, رغم الضَّرر الذي كان واقعًا عليهم, ورغم الأذى الذي كان لاحقًا بالمسلمين. مؤلِم ما ذكرتِ من إخلاف وعْده بمرافقة ولدكِ لكِ, وصعوبة التفاهم بينكما, ومنْعكِ زيارة أُمكِ المريضة, وغيرها, لكن بالسَّيْر على مبدأ قياس المصالح والمفاسد, هل تظنين أنَّكِ رابحة بالطلاق؟ الغيب لا يعلمه إلاَّ الله - عز وجل - لكن دعيْنا نكون صُرحاءَ مع أنفسنا, هل ترجو المرأة بعد طلاق مرتين زواجًا؟ لا مانعَ لرِزقٍ كتبَه الله للإنسان, لكن الواقع يشهد على قلَّة هذا, ويبقى الأمل في الإنجاب موجودًا الآن, أليس كذلك؟ فكِّري في طُرق جديدة للتعامل مع رجل في عُمر زوجكِ، هو بحاجة الآن لاستشعار العطف والحنان, بحاجة لِمَن يَحتويه ويهتمُّ بأموره, يحتاج لِمَن يُظهر عناية خاصَّة وحقيقيَّة به وبصحَّته, باختصار هو يحتاج لمعاملة خاصة؛ للحصول على الجوانب الإيجابيَّة في شخصيَّته، واستخراج نقاط الاتفاق بينكما. تتميَّز المرأة - وإن كانت سريعة الغضب - بقُدرتها على التعامل مع الطوائف المختلفة من الناس, وبحُسن التصرُّف في الأمور الاجتماعيَّة, وإن قلَّ صَبْرُها ونفِدَ وَقودُ تجلُّدها, لكنَّها تبقى متميزة على الرجل بالذكاء العاطفي، وقُدرتها على كسْب المواقف لصالحها متى ما أحْسَنت التصرُّف؛ وقد وردَ في الحديث: ((ما رأيتُ من ناقصات عقلٍ ودينٍ أذْهَب لِلُبِّ الرجل الحازم من إحداكنَّ))؛ رواه البخاري. ففكِّري - قبل أن تَحْزِمي حقائبكِ وتقرِّري الرحيل - أن تتسلَّحي بالصبر, وجَرِّبي مع زوجكِ أسلحتكِ، وقد تحصلين على كلِّ ما تريدين - بإذن الله. وللتعامل مع الزوج في هذا العُمر فنونٌ وأساليبُ أخرى, منها ألاَّ تذكري أهلكِ - وبخاصة ابنكِ - أمامه كثيرًا, وألاَّ تَطلبي منه صراحة أن يذهب للعلاج, وألاَّ تُكرِّري على مسامعه رغبتكِ في الإنجاب, بل اجْعلي الاهتمام الأوَّل به وبصحَّته, واحْرِصي على أن تُظهري سعادتكِ بالإقامة معه, ولتَبحثي عن حلول تُتيح لكِ التعرُّفَ على أصدقاءَ وعائلاتٍ طيِّبة في بلدكم الذي تقيمون فيه, كلُّ هذا قد يمتص غَيْرته ويُشعره بالعطاء المستمر من جانبكِ، ويُجبره على التصرُّف بالمثل, وتذكَّري أنَّكِ مأجورة على كلِّ كلمة طيِّبة تخرج لزوجكِ, ولو لَم تَخرج بصدقٍ, أو من القلب كما يقال! والشاعر يقول: قُولِي أُحِبُّكَ كَي تَزِيدَ وَسَامَتِي فَبِغَيْرِ حُبِّكِ لاَ أَكُونُ جَمِيلاَ قُوِلِي أُحِبُّكَ كَي تَصِيرَ أَصَابِعِي ذَهَبًا وَتُصْبِحَ جَبْهَتِي قِنْدِيلاَ صدِّقيني، تلك الكلمة تحوِّل الرجل العنيد إلى لَيِّن الجانب, وتُبَخِّر سُحُبَ الغضب، وتُذيب جبال الغيْظ, فجَرِّبي أن يَعتادها منكِ ولا تقولي: لا تؤثِّر, فقد يأتيكِ أثرُها في وقت لا تتوقَّعينه! ويبقى حقُّكِ في الإنجاب مشروعًا لكِ, لكن كيفيَّة الحصول عليه تؤثِّر حتمًا على النتائج! أخيرًا: قال الله تعالى عن زوج إبراهيم - عليه السلام -: ﴿ وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ﴾ [هود71 - 73]. فإنْ أراد الله أن يكتب لعبدٍ أمرًا، لَم يكن ثَمَّة مانعٌ له - عز وجل - والواقع يشهد على إنجاب مَن به عيوب أو مَن كَبَر عُمره, ويحدث الآن في كثيرٍ من الحالات, لكن علينا بالأخْذ بالأسباب مع التوكُّل على الله، وإحسان الظنِّ به وحُسن التصرُّف. وفَّقكِ الله، وأسْعَد قلبكِ بولدكِ, وهدَى زوجكِ, ورزَقكِ الذريَّة الصالحة الطيِّبة, ونَسعد بالتواصُل معكِ في كلِّ وقتٍ.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |