#1
|
||||
|
||||
التدرج التربوي
التدرج التربوي بدر بن جزاع بن نايف النماصي التدرج: أصل من أصول الإسلام، جاءت الشريعة بإقراره كأسلوب من أساليب التربية الإسلامية؛ كما حصل في تربية الصحابة رضوان الله عليهم عندما حرِّمت الخمر، وكيف نزل تحريمها على درجات؛ لذا فإنه ينبغي على التربويين أن يتدرجوا في التربية بشكل عام، وفي نقل المعلومة بشكل خاص، من السهل إلى الصعب، ومن الجزء إلى الكل. وتشير مادة: درج، في معاجم اللغة إلى الترقي شيئًا فشيئًا، وصولاً إلى غاية محددة، ومنه يقال: درجت العليل تدريجًا إذا أطعمته شيئًا قليلاً، وذلك إذا نقه، حتى يتدرج إلى غاية أكله كما كان قبل العلة، درجةً درجةً، ودرَّجه إلى كذا واستدرجه، بمعنًى؛ أي: أدناه منه على التدريج، فتدرج هو، وفي التنزيل العزيز: ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 182]. قال بعضهم: معناه: سنأخذهم قليلاً قليلاً ولا نباغتهم[1]. وعلى ذلك وصل الباحث إلى تعريف إجرائي للتدرج التربوي والعلمي، بأنه: "الانتقال من مرحلة تربوية وعلمية إلى مرحلة أخرى أعلى منها وأرفع في الحس أو في المعنى". والعلوم مرتبة ترتيبًا متصاعدًا، وبعضها طريق إلى بعض، وهذا هو السبب في ترتيب المراحل الدراسية والصفوف، ابتداءً من الصف الأول الابتدائي وما بعده حتى المرحلة الجامعية، وهذا التدرج يكون في أي فن من فنون العلم، العلوم الشرعية، والعلوم الطبيعية؛ لذا صار من الأهمية بمكان للمعلم أن يولِيَ هذا الأمر جانبًا من اهتمامه، فلا يلقي العلوم جملةً واحدة، ولكن يبدأ بالتدرج من المهم إلى الأهم؛ لذا فإن الإمام ابن مفلح - رحمه الله - أشار إلى رأي الإمام أحمد بأن يبدأ الصغير أولاً بتعلم القرآن؛ كي يتعود القراءة، فتكون كالمفتاح لغيرها: "قال الميموني: سألت أبا عبدالله: أيهما أحب إليك أبدأ ابني، بالقرآن أو بالحديث؟ قال: لا، بالقرآن، قلت: أعلمه كله؟ قال: إلا أن يعسر فتعلِّمه منه، ثم قال لي: إذا قرأ أولاً تعوَّد القراءة ثم لزمها"[2]، وتعد هذه الطريقة من طرائق التدريس القديمة، والتي لا يستغني عنها المعلم في العصر الحديث. وأشار الإمام ابن مفلح - رحمه الله - إلى هذا التدرج في طلب العلم، قبل الانشغال بالأعمال الدنيوية التي تصرف التلميذ عن العلم إما صرفًا كليًّا أو جزئيًّا، يقول المصنف: "وروى الخلاَّل بإسناد صحيح عن عمر قال: تفقهوا قبل أن تسودوا، وذكره البخاري تعليقًا بصيغة الجزم، قال الخطابي في كتاب العزلة: يريد من لم يخدم العلم في صِغره، يستحيي أن يخدُمَه بعد كِبَر السن وإدراك السؤدد، قال: وبلغني عن سفيان الثوري - رحمه الله - قال: من ترأس في حداثته كان أدنى عقوبته أن يفُوتَه حظٌّ كثير من العلم"[3]. [1] ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي، أبو الفضل جمال الدين ابن منظور الأنصاري. لسان العرب. (مرجع سابق)، فصل العين المهملة. ج2. ص267 - 268. [2] المقدسي، محمد بن مفلح المقدسي. الآداب الشرعية. (مرجع سابق). ج2. ص120. [3] (المرجع السابق): ج2. ص134 - 135.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |