دور المربين في إعداد الأجيال القادمة - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215347 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61198 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29181 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-07-2021, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي دور المربين في إعداد الأجيال القادمة

دور المربين في إعداد الأجيال القادمة


عبدالإله جاورا و جبريل تال





المنشورة الثانية

للبرنامج الشهري مع العلماء في الدين والحياة

في إذاعة (جيك) بمدينة واوندي

عنوان اللقاء

دور المربين في إعداد الأجيال القادمة

مع فضيلة الشيخ/ هارون سامسا

إمام وخطيب في المسجد الجامع للمركز الإسلامي للدعوة إلى الكتاب والسنة بدكار




المقدمة:
الحمد لله الذي أمر نبيه وصفيه بالقراءة، وقال عز من قائل: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5].

والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل في حديث رواه أبو أمامة: ((إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جُحرها، وحتى الحوت، لَيصلُّون على معلِّمي الناس الخير))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

وبعد:
يا أمة اقرأ، فعنوان هذا اللقاء هو: دور المربي في إعداد الأجيال القادمة.
فالله أسأل أن ينير عقولنا وقلوبنا، لنكون من معلمي الناس الخير، آمين!

عناصر الموضوع:
يا أمة اقرأ، إن الحديث عن دور المربي يتطلب الحديث عما يجعله مربيًا جيدًا من الناحية العلمية؛ لذا أجد نفسي مضطرًّا لتقديم ملخص عن بعض مدخلات تكوين المربين، وهذا الملخص يتناول النقاط التالية:
1- نبذة قصيرة عن تطور التربية.
2- أهم العوامل التي ساهمت في ظهور مؤسسات التعليم الرسمية.
3- الوظائف الاجتماعية للتربية.
4- المدرسة الابتدائية.
5- ملامح المدرسة الابتدائية.
6- أهداف التعليم الابتدائي.
7- بعض التعريفات السلوكية للتعلم.
8- مثلث العملية التربوية، وأهم عناصر هذا المثلث.
9- وأخيرًا: دور المربي أخلاقيًّا.

أولاً: نبذة عن تطور التربية:
ما فتئ الإنسان منذ فجر التاريخ يبحث عن الخلود، عن طريق البقاء على نوعه بالتكاثر، عن طريق الزواج وغيره، وعن طريق الوسائل التي يعتقد أنها تحقق له هذا الخلود، مثل: العِلم، والمعرفة، والثقافة، والطعام والشراب، والمسكن والملبَس... إلخ.

لقد تحدث القرآنُ الكريم عن هذه الرغبة عند الإنسان بوضوح في قصة آدم، عندما أغراه إبليس اللعينُ بتحقُّق هذه الرغبة عن طريق الأكل من الشجرة الممنوعة؛ قال تعالى في سورة الأعراف عن إبليس: ﴿ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴾ [الأعراف: 20].

وفي سورة طه قال تعالى: ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾ [طه: 120].

الأمر إذًا هو البحث عن الخلود؛ لذا كان همُّ الإنسان منذ الوهلة الأولى لنزوله إلى الأرض هو البحث عن الخلود، بواسطة البحث عن وسائل تساعده على البقاء، فكان للأب في البداية الدور الأساسي في البحث عن مصادر الرزق، مثل: الصيد، وجني الثمار، وفنون تسلق الأشجار، وبناء الأكواخ والمخابئ، إلى غير ذلك من أسباب الحياة البسيطة، ثم نقل هذه الخبرة إلى الناشئة.

أما الأم فكانت تدرب البنت طرق إعداد الأطعمة، وأساليب الحفاظ عليها، وطرق جلب الماء.

كان الوالدان يقومان بهذه المهمة لبساطة الحياة، وضآلة الخبرة الإنسانية، ولصِغر حجم الأسرة.

ثم لما تطورت الحياة البشرية وتعقدت العلاقات الإنسانية، وبدأت الخبرة تتراكم، وانتقل الإنسان شيئًا فشيئًا من حياة البداوة إلى بدايات التمدن، من حيث التنظيم والاستقرار وقيام علاقات متشابكة، تطلب نوعًا من الوئام والتعايش السلمي، مما فرض على المجموعة التقارب في الأفكار والرغبات والسلوك، ولا يتم ذلك إلا بوحدة الثقافة عن طريق وحدة التربية والتعليم؛ لتتم وحدة الانتماء إلى القبيلة، أو القرية، أو الوطن، أو الأمة.

عند ذلك بدأت المؤسسات الدينية وبيوتات كبار القوم تهتم بتربية الأولاد في المساجد والكنائس وفي الدور، وهذا النوع من التربية كان للنخبة فقط لفترة طويلة.

ثم توالى تطور الإنسان، واتسعت الأسرة، وقامت المجتمعات الكبيرة، وأنشئت الدول، وتعددت مصادر الأفكار والخبرة، وانتقل الإنسان أكثر من حياة البداوة والتنقل إلى حياة التحضر والاستقرار، مما فرض على الدولة البحث عن وسائل تساعد على الوحدة الفكرية والأخلاقية والاجتماعية للشعوب الواقعة تحت سلطتها، ولم تكن هناك وسيلة سوى التربية والتعليم، فهنا تدخلت الدولة، وأخذت التربية من المؤسسات ومن الأفراد، ونظمتها بالكيفية التي تحقق لها توحيد ميول واتجاهات المواطنين، وتنمية مواهبهم، وتقوية انتمائهم إلى الدولة، بدلاً من القبيلة أو الجهة، وهنا دعت الحاجة إلى إنشاء مؤسسات تعليمية حكومية لإنجاز هذه المهمة، مهمة التربية والتعليم.

ولعل من المفيد هنا تحديد الفرق بين المصطلحين: مصطلح التعليم، ومصطلح التربية.

فكانت التربية والتعليم تعنيان شيئًا واحدًا عند الأقدمين، هو التعلم المصاحب بالقدوة، ومجاراة سلوك المعلم، ولم يكن يتولى هذه المهمة إلا المشهود له بالعلم والكفاءة والورع والتقوى وحُسن السيرة، وكانت المهنة تكتسي صفة الرسالة، ويحيط بها صورٌ من القداسة والمهابة:
كاد المعلمُ أن يكون رسولا

ثم مع تطور الفكر الإنساني وسيطرة التقسيم المعرفي والتخصصات الفرعية على ميدان المعرفة، تم وضع معنى لكل مصطلح؛ فالتربية تعني التعلم مع التأثر والاقتداء بالمعلم، أما التعليم فيعني غرس المعارف والخبرات فقط، بدون أن يكون للمعلم تأثيرٌ سلوكي في المتعلم، وهذا النوع هو ما نشاهده اليوم في مدارسنا، الخاصة منها والعامة.

ثانيًا:
أهم الأسباب التي ساهمت في إنشاء المدرسة، يمكن إرجاعها إلى سبعة عوامل:
1- تراكم الثقافة، مما دعا إلى جمعها وغربلتها لتقديمها إلى الناشئة، وهذا العمل يحتاج إلى تخصص ومتخصصين.

2- ظهور الورق والكتابة واختراع الآلة، ثم الحاجة إلى تعلمها وتعليمها.

3- تطور النُّظم والطقوس الدينية، مما تطلب نوعًا من الثقافة للتعامل مع نصوص الوحي مثلاً؛ فالإسلام في العهد النبوي وما يليه مباشرة من عهد الخلفاء الراشدين كان إسلامًا يتصف بالبساطة والوضوح، ومع مرور الزمن تحوَّل إلى دِين يحتاج إلى مفسرين وفقهاء وأصوليين ومتكلمين... إلخ؛ أي: تحوَّل إلى دِين يحتاج إلى مثقفين لشرح معاني الوحي للمتدينين.

4- النمو الداخلي للمجتمعات، وما تطلبه ذلك من إعداد قيادات لمواجهة المشاكل الناتجة عن نمو المجتمع، ومتطلبات هذا النمو من النشاط وإدارته.

5- تهديد الغزو الخارجي، وظهور نظام الجيش، وما ترتب على ذلك من الحاجة إلى إعداد كوادر وقيادات عسكرية، تتولى الجانب التنظيري والتخطيطي والتدريبي والتنفيذي والتقويمي لمهام الجيوش.

6- الصراعات الاجتماعية الداخلية، وما يتصل بهذه من أيديولوجيات ومذاهب فكرية مختلفة، وما ترتب على ذلك من تهديد للقِيَم والمعتقدات الموروثة الراسخة من جانب، وضرورة المحافظة على هذه القيم وتقبُّلها من جانب آخر.

7- تقسيم العمل والأنشطة الاجتماعية الأخرى، وما استدعاه ذلك من تعليم وتخصُّص في الفنون الصناعية والمهارات الفنية.

هذه أهمُّ أسباب ظهور المدرسة لتولي هذه المهام؛ إلا أنه من المعلوم يقينًا أن المدرسة ليست هي وحدها التي تقوم بهذه المهمة، إنما هي إحدى المؤسسات الاجتماعية التي يُناطُ بها مهمة القيام بالتربية والتعليم إلى جانب الأسرة والمسجد والكنيسة والشارع، وجماعة الرفاق، ووسائل الاتصال الجماهيري؛ من مسرح وسينما وحاسوب وإنترنت.


ثالثًا: الوظائف الاجتماعية للتربية:
إن التربية بصفتها مؤسسةً من مؤسسات المجتمع، وأداة من أدواته لتحقيق أهدافه المتنوعة والمتعددة: علمية، اقتصادية، اجتماعية... إلخ، فإن دورها الاجتماعي هو الذي يهمني في هذا العرض؛ ولذا سأكتفي بذكر بعضها:
1- محافظة الجماعة على نفسها وكيانها عن طريق الحفاظ على ثقافتها وتنقيتها ونشرها وتكييفها.

2- تحقيق استمرار الجماعة عن طريق الحفاظ على ثقافتها، ويعتبر الدِّين واللغة أهم عناصر الثقافة، وهنا تكمن أهمية الدفاع عنهما بكل وعي.

3- تحقيق تقدم الجماعة عن طريق ربطها بأصلها، الذي هو ثقافتها، وانفتاحها على الثقافات والمعارف الأخرى.

4- تحقيق الحراك السلمي للمجتمع بيسر وسلاسة؛ حيث يتم تبادل الأدوار داخل المجموعة؛ حيث يصير ابن الفلاح طبيبًا أو مهندسًا أو محاميًا أو وزيرًا، أو رئيسًا، ويصبح ابن الوزير أو الرئيس عاملاً عاديًّا، كل هذا بسبب التربية والتعليم.


رابعًا: المدرسة الابتدائية:
يعني هذا المصطلح ذلك النوع من التعليم النظامي، الذي يأخذ مكانه بصفة أصيلة في أول سلَّم التعليم، والذي يلتحق به الصغار في طفولتهم المتوسطة إلى ما قبل سن المراهقة، بقصد تحصيل بعض المعارف والمهارات الأساسية.

وقد اشتهر من بين ما يحصله الأطفال في هذه المرحلة على المستوى العالمي المواد الثلاثة الأساسية التي هي:
1- القراءة لربط الصغار بالتراث، وغرس رغبة الاستكشاف فيهم.
2- الكتابة لتسجيل تجارِب الحاضر، وتمرن الصغار على المهارات اليدوية.
3- مبادئ الحساب للاتصال بأوائل العلوم التجريبية.

خامسًا: ملامح المدرسة الابتدائية عالميًّا:
إن المدرسة الابتدائية مجتمع يتعلم فيه الأطفال أساسًا أن يعيشوا أطفالاً، وهي بهذا الاعتبار تقدِّم إلى الطفل خبرةً تختلف عن خبرة بيئته الأسرية:
1- وهو في المدرسة طفل يعيش مع الأطفال، وفي البيت طفل يعيش مع الكبار بقيود الكبار.

2- المدرسة الابتدائية تهيئ للأطفال بيئة صحية تعليمية، تساعدهم على النمو بخطوات متناسبة.

3- المدرسة الابتدائية تشجِّع الفرد على فحص الأشياء، وعلى العمل الإبداعي، وتتيح له فرص إثبات ذاته.

4- الجو التربوي العام في المدرسة الابتدائية يؤمن بأن المعرفة والعمل واللعب أمورٌ ليست بمعزل عن بعضها، وأن كلاًّ منها يساهم في تنمية الطفل.

سادسًا: أهداف التعليم الابتدائي:
يعتبر الطفل نفسه محور أهداف التعليم الابتدائي؛ لذلك تدور كل الأنشطة حوله، وهذه الأهداف هي:
1- النمو الجسمي، إن فترة المدرسة الابتدائية هي إحدى الفترات التي ينمو فيها الأطفال نموًّا له قيمته وأهميته، من حيث تحصيلهم مستويات متتابعة من النضج العام، تمكِّنُهم من أعمال لم يكونوا يستطيعونها من قبل.

2- النمو العقلي، نحن في تربيتنا للأطفال نهدف إلى أن ينمو هؤلاء الأطفال نموًّا صحيًّا من الناحية العقلية.

وانطلاق النمو العقلي في الاتجاه الصحيح هدف يجعلنا نتيح لهم فرص المشاهدة، والفحص، والتجريب، والوصول إلى نتائج.

والمصطلح المستخدم للنمو العقلي عادة، هو مصطلح النضج، والنضج هو نمو القدرات العقلية والوجدانية لدى الكائن الحي، وبالمقابل يعني مصطلح النمو زيادة الحجم الخارجي للكائنات الحية.

3- النمو الاجتماعي، نربي في الأطفال رُوح الانتماء والولاء لمجتمعهم، ونربي فيهم الإحساس بأفراح وهموم المجتمع، وندربهم على كيفية التعامل مع قيم وعادات المجتمع، وكذلك مع مشكلات المجتمع البيئية والثقافية والاجتماعية، ونغرس فيهم روح التعاون.

4- النمو الروحي، ولما كان من أهم أهداف التربية تكوين الإنسان الكامل، والدين والتدين من أبرز خصائص الإنسان الكامل، فإن إبراز القِيَم الدينية في تنظيم العلاقات والتعامل مع الخالق أولاً، ثم مع المخلوقين، وإبراز الأدلة أو التعليلات العقلية التي يمكن بها تدعيم بعض المبادئ والقيم الدينية، فإن للمدرسة الابتدائية دورًا أساسيًّا في هذه المجالات.

5- تربية التلاميذ على التسامح والتسامح الديني، ومن المحقَّق أن الفروق الفردية والاختلاف أمر طبيعي في البشر؛ لأنه مراد الله في خلقه: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118].

ويروى عن الأصمعي قوله: الله خلق الناس متفاوتين، لو تساوَوْا هلكوا؛ ولذا فمن العبث محاولة تشكيل عقول البشر على نمط وصورة واحدة، ولم يتحقق ذلك على أيدي الرسل المؤيَّدين بالمعجزات، ولن يتحقق أبدًا في يد معلم، وليس ذلك من مهامِّه، وإنما عليه أن يساعد المتعلِّمين على اكتشاف ذواتهم وقدراتهم ومهاراتهم، كل على حِدَة، وتنمية هذه لصالحه أولاً، ولصالح المجتمع ثانيًا.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-07-2021, 02:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دور المربين في إعداد الأجيال القادمة


ثم إن التعليم المدرسي في أي بلد ينطلق من نظام تربوي متفق عليه مسبقًا، وهو يرتكز على عوامل أربعة:
1- طبيعة المجتمع، أهو متحرر، دكتاتوري، جمهوري، ملكي طبقي، عمالي، فلاحي، أرستقراطي، إيماني، إلحادي...؟ إلخ.

2- التقاليد التربوية السائدة في المجتمع، هل التربية للجميع أو للنخبة؟ هل هي خاصة أم عامة؟ نظرية أم مهنية؟

3- ما نعرفه عن طبيعة البشر، هل الإنسان مخير أو مجبر؟ أو هو مجبر في أشياء ومخير في أشياء؟

4- ثم ما نأخذ به من مفاهيم عن العملية التربوية، هل هي عملية تذكر؟ أو هي عملية تدريب للعقل؟ أو هي عملية تعديل للسلوك؟

سابعًا: معنى التعلم:
إن تحديد مفهوم مصطلح التعلم من الموضوعات التي اختلف فيها العلماء، وهو كغيره من الموضوعات التي تتعلق بالإنسان وحياته، إلا أن هناك ثلاثة مفاهيم عامة، يحدد على ضوئها مفهوم التعلم، وكان لهذه المفاهيم أثر كبير في التدريس، وفي الخطط المدرسية والمناهج، وحتى إن ثبت خطأ بعضها لاحقًا نتيجة البحوث والتجارِب التربوية الحديثة، وحتى إن كان أثر هذا البعض لا زال قائمًا ومرتبطًا بكثير من مشكلاتنا وممارساتنا التربوية، وهذه المفاهيم هي:
1- التعلم كعملية تذكر.
حسب هذا المفهوم، العقل مخزن فارغ عند الولادة، ثم يبدأ في التخزين نتيجة الاحتكاك بالبيئة الخارجية، ومهمة التعلم هي إخراج هذا المخزون بواسطة الأسئلة، وترتب على هذا كثرة المواد التعليمية وتنوعها، والاهتمام بالفلسفة واللغات اللاتينية والإغريقية والفنون كمواد أساسية للحصول على أكثر مخزون من الخبرات والتجارِب الإنسانية.

2- التعلم كعملية تدريب للعقل.
يرى هذا المفهوم أن العقل عبارة عن ملكات وقدرات، ومهمة التعلم هي استكشاف هذه الملكات والقدرات، (مثل: التفكر والتذكر، والحفظ والتصور والتقييم... إلخ) وتدريبها، وترتب على هذا المفهوم التفاضل بين المواد الدراسية، واعتبار الرياضيات والعلوم أساسًا لهذه المهمة، وأشهر مؤيدي هذا الاتجاه هو الفيلسوف الإنجليزي جون لوك.

3- التعلم كعملية تعديل للسلوك.
يذهب أصحاب هذا المفهوم إلى القول بأن التعلم عملية تعديل دائم للسلوك، وأن هذه العملية عملية مستمرة مدى الحياة، ويتم باحتكاك الفرد بالمثيرات في محيطه البيئي والاجتماعي.

وهذا المفهوم هو الاتجاه السائد في الممارسات التربوية الآن، وهو ما يتبناه السلوكيون عمومًا.

4- التعلم عند السلوكيين.
يعرف جيتس التعلم بقوله: هو تغيُّرٌ في السلوك له صفة الاستمرار، وصفة بذل الجهد المتكرر، حتى يصل الفرد إلى استجابة ترضي دوافعه وتحقِّق غاياته.

وأن هذه العملية تأخذ في أغلب الأحوال صورة حل المشكلات.

ميرسل يعرف التعلم بأنه: يتضمن تحسنًا مستمرًّا في الأداء، وأن طبيعة هذا التحسن يمكن ملاحظتها نتيجة التغيرات التي تحدث أثناء التعلم.

جيلفورد، يعرف بقوله: التعلم هو أي تغير في السلوك يحدث نتيجة استثارة.

من مجموع هذه التعريفات نستخلص أهم مبادئ التربية، وهي:
المثير والاستجابة.
الدوافع والأهداف.
الممارسة والنشاط والتكرار.
التحسن والإشباع.
مجموع العلاقات المتداخلة في العملية التعليمية التعلمية.
عدم اقتصار التعلم على تحصيل المعلومات والحقائق، وإنما يمتد إلى تعديل الاتجاهات والسلوك.

ثامنًا: دور المربي:
كان هذا التلخيص ضروريًّا لبيان أهمية تكوين المربي قبل الحديث عن دوره، وهذا الدور لا يتحقَّق إلا بعد الإلمام بكثير من المضامين، بالإضافة إلى الجانب الخُلقي، ليتمكن من اختيار ما يتناسب مع تطلعات مجتمعه دينيًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا وفلسفيًّا وعلميًّا وأخلاقيًّا.

مرتكزات العملية التعليمية:
إن العملية التعليمية تحت أي تسمية، ترتكز أساسًا على ثلاث دعائم، ويصطلح لها بمثلث العملية التعليمية، وهذا المثلث هو:
المتلقِّي: الشخص الذي يقدم إليه المحتوى تحت إحدى هذه التسميات: الدارس، المستفيد، المتعلم، التلميذ، الطالب.

المحتوى: المادة العلمية التي تقدم على صورة الدرس، الحصة، المحاضرة.

المعلم: الشخص الذي يختار المحتوى المناسب ليقدمه بصفته مدرسًا، محاضرًا، مرسِلاً، مكونًا.

والمدرس: هو أهم هذه العناصر الثلاثة؛ لأنه هو الذي عليه اختيار المحتوى المناسب وتقديمه إلى المتلقي في صورة حصص ودروس، وقيل: المدرس الجيد التكوين يستطيع أن يحقق نتائجَ مُرضيَة ولو مع المحتوى الرديء، أو مع المتعلِّم الضعيف، لا العكس.

فالمربي أو المدرس إنسان جيد التكوين علميًّا وثقافيًّا، ولكن هذا لا يكفي ليكون مربيًا، بل لا بد من أن يتمتع بالخصال الحميدة، والصفات الكريمة؛ ليثق به المجتمع ويسند إليه مهمة تكوين الأجيال؛ إذًا عليه أن يقدم القدوة والنموذج للأطفال حتى في طريقة مشيه وكلامه، وارتداء ملابسه... إلخ.

وقد فطن الأقدمون إلى ما للمربي من تأثير على الأولاد، وما يتركه فيهم من أخلاق نتيجة المعايشة والاحتكاك والاقتداء، فأكدوا أهمية إصلاح ذاته وأخلاقه قبل الحديث عن إصلاح الأطفال.

وقد جاء في وصية عتبة بن أبي سفيان لعبدالصمد مؤدِّب ولده، قوله له: ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح ابني، إصلاح نفسك؛ فإن أعينهم معقودة بعينك، والحسن عندهم ما استحسنت، والقبيح عندهم ما استقبحت.

لذا، يجب على المربي - بصفة عامة - أن يكونَ على جانبٍ عظيم من الخُلق الحسن، والخصال الجميلة، والفعال الكريمة.

وعلى مدرس الدين بالخصوص أن يكون متحلِّيًا بالفضيلة، والأخلاق الحميدة، وحسن السيرة، والمعاملة الطيبة، حتى يؤثِّر في تلاميذه علميًّا وسلوكيًّا وأخلاقيًّا، ليحبِّب الدِّين إلى الأطفال.

فعلى معلم الدِّين أن يعمل بما يعلمه تلاميذه، ويتمسك بما يرشدهم إليه ويحثهم عليه، وليحذر كل الحذر أن يقع منه ما يخالف الفضائل التي يدعوهم إليها.

إن المربي لا يمكن بحال من الأحوال أن يقوم بدوره التكويني إلا إذا كان ذا ثقافة وهمة عالية، مدركًا شيئًا عن كل شيء، ومدركًا كل شيء عن فن واحد؛ فالمربي عالم ومثقف.

وأن يكون متخلِّقًا بأخلاق الأنبياء، من حيث الصدق والأمانة، والرحمة والصبر، والنصح والموضوعية في إيصال رسالته التعليمية.

وأن يكون كثير الاطلاع، بعيدًا عن التعصب، قابلاً للنقد البنَّاء من زملائه، وحتى من تلامذته، وأن يحسن التعامل مع الأولاد، على أساس أنهم أطفال لهم ميول ورغبات وقدرات، وأنهم في حاجة إلى اعتبار وتشجيع، وأن من واجب المربي أن يتعامل مع جميع ملَكات الأولاد وقدراتهم العقلية والوجدانية والسلوكية الحركية.

ولِيتمكن المربي من خَلْق قادة مستنيرين لا بد له من إيجاد جوٍّ مدرسي حرٍّ، يمارس فيه الأولاد التفكير وحرية التعبير، ويستخدمون الأساليب العلمية في حل المشكلات، ويتدربون على فنون الحوار والنقاش، وعلى استخدام البرهان العقلي والبرهان النقلي.

وأن يكون مستقبليًّا يعلم ويدرب الأولاد أساليب حل المشكلات، ويتجنب التلقينَ وتقديم الحلول الجاهزة.

وليس من المقبول بتاتًا أن نجعل تعليمنا في القرن الواحد والعشرين يعتمد على الحفظ والاستظهار، بدلاً من التفكير، وكتابنا الذي أمر بالقراءة يخاطب دائمًا أعلى مستويات العقل في الإنسان.

فقد ورد في القرآن الكريم الصيغ الآتية:
أفلا يتدبرون، أفلا يتفكرون، أفلا يعقلون، أولو الألباب، أولو الأبصار، سيروا فانظروا، إلى غير هذا من المستويات العقلية العليا، التي خاطب بها المولى الإنسان، والتي يجب أن ننميها في المتلقِّين، وألا نجعل الحفظ فقط يتحكَّم في أطفالنا، والحفظ - كما يرى المربون - هو أدنى مراتب العقل في الكائنات؛ لأن كثيرًا من الحيوانات تشارك الإنسان في هذا المستوى، فليعلم المربون أن الأطفال لزمان غير زماننا؛ فقد لا ينفعهم حفظ النصوص إذا لم يتعلموا ويتدربوا على أساليب التحليل والمناقشة والاستنباط والبرهنة والتقييم... إلخ.

ولا بد من الأخذ بالمستجدات في مجال العلوم والمعرفة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى العلوم الشرعية والإنسانية؛ لأننا أمة أمَرنا الله بعمارة الأرض؛ قال تعالى في الآية 61 من سورة هود: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ [هود: 61].

وعلى المربي أن يأخذ بوسائل الاتصال الحديثة من حاسوب وإنترنت، وما يتصل بها من برمجة، يتدرَّب عليها، ويدرب تلاميذه.

وأهم من كل هذه هو أن يربط المربي بين العلم والعمل والأخلاق؛ ليكون لنا قادة نيرون، وشباب يتعلمون ويعملون بما تعلموه مدى الحياة، منطلِقين في كل هذا بوحيٍ من الأخلاق التي جاء بها الرسولُ الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومن غيرِ المقبول أن يتخلى الشبابُ عن واجباتهم الأُسرية بحجة القيام بالدعوة، أمَا يعلم هؤلاء الدعاة الجدد أن سلفنا الصالح كانوا يجمعون بين العلم والعمل والدعوة، فإن لأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كلَّ ذي حق حقَّه.

فيجب أن نحترم سلم الأولويات في جميع أمورنا، وليكن شعارنا دائمًا قول معلم الإنسانية محمد بن عبدالله: ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنَه)).

خذها أيها المربي حكمة ودرة ثمينة، أرسلها العالم المربي أبو الأسود الدؤلي في شِعر جميل:
يا أيها الرجل المعلِّم غيرَه
هلا لنفسك كان ذا التعليمُ

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى
كيما يصح به وأنت سقيمُ

وتراك تصلح بالرشاد عقولنا
أبدًا وأنت من الرشاد عديمُ

ابدأ بنفسك فانْهَها عن غيها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ

فهناك ينفع ما تقول ويقتدى
بالقول منك ويفلح التعليمُ

لا تَنْهَ عن خُلق وتأتيَ مثله
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ


وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.34 كيلو بايت... تم توفير 2.11 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]