ما يجب أن نعرفه عن مجمع اللغة العربية في دمشق

[ابوالوليد المسلم]

ما يجب أن نعرفه عن مجمع اللغة العربية في دمشق




يعد مجمع اللغة العربية بدمشق محطة مهمة من المحطات الفكرية في حياة العرب الثقافية، ولاسيما عندما دعا إلى توحيد المجامع العلمية العربية(1)؛ حيث عقد مؤتمراً لهذه الغاية في عام 1956م في دمشق، وكان من نتيجته إنشاء مكتب مؤتمر تنسيق التعريف بالرباط عام 1961م.
ولهذا المجمع دور كبير وخدمات كبرى، فهو الذي أنقذ اللغة العربية مما دخلها من تركية وعامية، وينشر مجلته(2) التي تعد من أهم المصادر العربية المعاصرة لرصد تطور الفكر العربي وثقافته على مختلف الصعد اللغوية والأدبية والتاريخية والفلسفية، وأيضاً التعريف بالمخطوطات ونقد الكتب.
وأقام المحاضرات، ولا سيما المحاضرات النسائية(3)، وطبع الكتب، وحقق المخطوطات، وكرم عظماء الأدب، وأمراء الشعراء(4)، وأقام المهرجانات(5) لدرجة بات صرحاً من صروح العلم والأدب واللغة.
ولا شك في أن جهود الحكومة العربية الفيصلية في سورية سنة 1918م، للعناية باللغة العربية وآدابها في دواوين الدولة ومدارسها، ولا سيما عندما أنيطت هذه المهمة بلجنة الترجمة والتأليف والنشر وعبر موظفين أكفاء غيورين على اللغة العربية، فمهدوا لتأسيس المجمع العلمي العربي في دمشق سنة 1919م، والذي يسمى اليوم بمجمع اللغة العربية بدمشق؛ حيث بلغ عدد الأعضاء من عامل ومراسل أكثر من مائة عضو، وكانت المدرسة العادلية مقراً له، ثم انتقل إلى المبنى الجديد في أحياء دمشق سنة 1979م.
ولعلنا نلفت انتباه القراء إلى ذكر أسماء بعض الأعضاء من عاملين ومراسلين أمثال: عيسى المعلوف، وعز الدين التنوخي، وعبدالقادر المغربي، وسعيد الكرمي، وأنيس سلوم، ومتري قندلفت، وأحمد شوقي، وأحمد أمين، ومحمد الجاسر، وطه حسين، وشكيب أرسلان، وكذلك الحافظ والرصافي والحصري والمنفلوطي والزهاوي والعقاد والزيات والزركلي وكثير من المستشرقين، والذين ترأسوا المجمع وبالتسلسل منذ التأسيس ولتاريخ إعداد هذه المادة، الأستاذ محمد كردعلي كان أول رئيس للمجمع، واستمر في رئاسته للمجمع حتى وافته المنية عام 1953، وكان متميزاً من خلال سعة علمه وشدة حماسته واطلاعه الواسع وكفاءته العالية؛ مما كرس معظم وقته للمجمع واستطاع أن يقفز به إلى مصاف المجامع العالمية، ثم تلاه الشاعر خليل مردم بك حتى وفاته سنة 1959، الذي تولى الإشراف على مجلة المجمع، فضلاً عن رئاسته المجمع، أما الدكتور الطبيب حسني سبح الذي كان رائداً في تعريب العلوم الطبية، فجاء رئيساً لمجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1968، وذلك بموجب انتخاب واستمر في منصبه حتى وفاته سنة 1986م(6).
أما الدكتور شاكر الفحام فهو عالم وأديب وواسع الاطلاع في اللغة العربية؛ حيث نال درجة الماجستير من جامعة القاهرة سنة 1960م، ثم الدكتوراه، وتسلم مناصب عدة، منها:
- وزارة التربية سنة 1962، ثم عين سفيراً في الجزائر سنة 1969م، ورئيساً لجامعة دمشق من 1986م وحتى سنة 1970م، فوزيراً للتعليم العالي عام 1970م، ووزيراً للتربية سنة 1973م، ومرة أخرى وزيراً للتعليم العالي 1978م، في الوقت الذي كان أستاذاً في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق بين عامي 1972م و 1991م، وفي عام 1993م انتخب رئيساً لمجمع اللغة العربية(7) وشغل المنصب حتى وفاته(8).
وتكمن رسالة المجمع الفكرية من خلال مهامه؛ حيث أوضح النظام التأسيسي للمجمع البنية والهدف الأساسي لرسالة المجمع، وأما إنجازاته فهي:
- النهوض باللغة العربية ونشر آدابها.
- تأسيس دار كتب عامة(9).
- تأسيس متحف للآثار.
- إصدار مجلة تنشر أعماله(10).
- أنقذ المجمع لغة الدواوين الإدارية.
- دعا منذ تأسيسه إلى تضامن المجامع العلمية العربية كافة حفاظاً على حسن خدمة اللغة العربية والنهوض بتراثها.




الهوامش:
1 - من المجامع الأخرى التي لا تقل أهمية عن مجمع اللغة العربية بدمشق:
- المجمع العلمي اللبناني، أسس في 20 شباط سنة 1928م.
- المجمع العلمي العراقي، أسس رسمياً في سنة 1946م.
- مجمع اللغة العربية الأردني، أسس فعلياً في سنة 1976م.
- وكذلك مجمعا تونس والخرطوم سنة 1993م، وطرابلس والقدس سنة 1994م، واتحاد المجامع العلمية العربية.
2 - كان أول عدد ظهر منها في بداية عام 1921م، وحمل اسم «مجلة المجمع العلمي العربي».
3 - لعل أول محاضرة افتتحها عبدالقادر المغربي في 17 نيسان 1921م، وكانت عن معلقة طرفة بن العبد.
4 - لعل أول حفلة تأبين أقامها المجمع للعلامة الراحل طاهر الجزائري في 5 كانون أول عام 1920م.
5 - أقام المجمع في سنة 1936م مهرجاناً كبيراً بمناسبة مرور ألف سنة على وفاة المتنبي.
6 - انتخب رئيساً للمجمع خلفاً لمصطفى الشهابي - العالم والأمير- الذي كان رئيساً للمجمع وتوفي في سنة 1968م.
7 - انتخب رئيساً للمجمع خلفاً للدكتور حسني سبح.
8 - توفي العلامة د. شاكر الفحام في 2/7/2008م عن عمر ناهز 87 عاماً.
9 - ألحقت مكتبة الظاهرية بالمجمع العلمي ثم نقلت الكتب إلى مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.
10 - كانت المجلة ترسل إلى أشهر الجامعات والمجامع ودور الكتب في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا.



اعداد: د. صفوان العبد