أحكام السلم، والقرض، والرهن - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60073 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 847 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-02-2023, 03:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي أحكام السلم، والقرض، والرهن

أحكام السلم، والقرض، والرهن
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ:
فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «أحكام السَّلَم، والقرضِ، والرهنِ».


وسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم حول ثلاثة محاور:
المحور الأول: أحكام السَّلَم.
المحور الثاني: أحكام القَرض.
المحور الثالث: أحكام الرهن.


واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.
المحور الأول: أحكام السَّلَم:
السَّلمُ: هُوَ أَنْ يَطْلُبَ رجُلٌ مِنْ رَجُلٍ آخَر مَالًا عَلى أَنْ يَرُدَّ مُقَابِلَهُ سِلْعَةً مَوْصُوفَةً بَعْدَ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدِمَ المدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُوم»[1].


ولكي يصحَّ السَّلَمُ لابد من توفُّرِ سبعةِ شروطٍ:
الشرطُ الأولُ: أَنْ يَكُونَ المُسْلَمُ فِيهِ مِمَّا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلَافِهَا، كالمَكِيلِ، وَالمَوْزُونِ، وَالمَذْرُوعِ[2].
فكل شيء يكال، أو يوزن، أو يقاس بالطول، أو له صفات منضبطة يصح السَّلم فيه.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدِمَ المدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُوم»[3].


ورَوَى البُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُجَالِدٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبُو بُرْدَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادٍ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى وَعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهم فَسَأَلْتُهُمَا عَنِ السَّلَفِ، فَقَالَا: «كُنَّا نُصِيبُ المغَانِمَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ يَأْتِينَا أَنْبَاطٌ مِنْ أَنْبَاطِ الشَّامِ، فَنُسْلِفُهُمْ فِي الحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالزَّبِيبِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى»، فَقُلْتُ أَكَان لَهُمْ زَرْعٌ، أَوْ لمْ يَكُنْ لَهُمْ زَرْعٌ؟ قَالَا: «مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عَنْ ذَلِكَ»[4].


الشرطُ الثاني: ذِكْرُ جِنْسِ المُسْلمِ فِيهِ، وَنَوْعِهِ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الثَّمَنُ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا كَتَمْرٍ، وَشَعِيرٍ، وَعَدَسٍ، وسيَّارَةٍ، وثَلَّاجَةٍ، وَنَحْوِهِ.


فَفِي التَّمْرِ، يَقُولُ مثلا: بَرْنِيٌّ، أَوْ مَعْقِلِيٌّ، وَنَحْوُهُ، وَفِي البُرِّ، يَقُولُ مثلًا: صَعِيدِيٌّ، أَوْ بُحَيْرِيٌّ، أَوْ بَلَدِيٌّ بِمِصْرَ، وفي السَّيَّارَةِ يَقُولُ مثلًا: مَرسِيدِس، أوْ تويوتا، وَنَحْوُهُ.


الشرطُ الثالثُ: مَعْرِفَةُ قَدْرِ المُسْلَمِ فِيهِ بِالكَيْلِ إِنْ كَانَ مَكِيلًا، وَباِلوَزْنِ إنْ كَانَ مَوْزُونًا، وبالطُّول إذا كانَ مما يُقاسُ بالطُّولِ، بِمِكْيَالٍ، وَرِطْلٍ، وَطولٍ مُتَعَارَفٍ عَلَيْهِ عِنْدَ العَامَّةِ.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهماعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُوم»[5].


الشرطُ الرابعُ: أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمةِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَثَمَرَةِ بُسْتَانٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ نَتَاجٍ مِنْ فَحْلِ بَنِي فُلَانٍ، أَوْ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا؛ لأنه قد يتعذر الحصول على الثمرة المطلوبة.


وَيشترطُ لصحة السلم كونه مؤجلا، ولَا يَصِحُّ السَّلمُ في الحال.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ، فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُوم»[6].


الشرطُ الخامسُ: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُوجَدُ غَالِبًا عِنْدَ حُلُولِ الأَجَلِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ لَا يُوجَدُ عِنْدَ موعدِ التسليم، أَوْ يُوجَدُ نَادِرًا فِيهِ، كَمَا لَوْ أَسْلمَ فِي عِنَبٍ أَوْ رُطَبٍ إِلَى الشِّتَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ غَالِبًا عِنْدَ وُجُوبِهِ[7].


فَإِنْ كَانَ إِلَى أَجَلٍ لمْ يُمْكِنْ وُجُودُهُ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ السَّلمُ[8].


الشرطُ السادسُ: مَعْرِفَةُ قَدْرِ رَأْسِ مَالِ السَّلمِ، وَمَعْرِفَةُ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ فَسْخُ السَّلمِ؛ لِتَأَخُّرِ المَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ مَعْرِفَةُ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِيَرُدَّ بَدَلَهُ كَالقَرْضِ[9].


الشرطُ السابعُ: قَبْضُ الثَّمَنِ كَامِلًا فِي مَجْلِسِ العَقْدِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ مَجْلِسِ العَقْدِ.
لِأَنَّهُ إذا لم يقبض الثمن كان بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَلَا يَصِحُّ بإجماع أهلِ العِلمِ[10].


المحور الثاني: أحكامُ القَرضِ:
اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أن من أقرض دَينا كان له بكل يوم مثله صدقة، فإذا حلَّ الدين فأمهلَ المَدِينَ كان له بكل يوم مثليه صدقة.


رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ»، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ»، فَقُلْتُ: سَمِعْتُكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلِهِ صَدَقَةٌ»، ثُمَّ سَمِعْتُكَ تَقُولُ: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ»، قَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم: «بِكُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ، فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ»[11].


وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَقْرَضَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي القَرْضِ شَرْطًا يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا علَيهِ، كَأَنْ يَشْتَرِطَ رَدَّ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَنْ يَبِيعَهُ، أَوْ أَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ، أَوْ يُؤْجِرَهُ، أَوْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُ، أَوْ يُهْدَى لَهُ، أَوْ يَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا، وَنَحْوَهُ.


رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ، وَبَيْعٌ»[12].


وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ المدِينَةَ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ، فَقَالَ: أَلَا تَجِيءُ، فَأُطْعِمَكَ سَوِيقًا[13] وَتَمْرًا، وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ؟ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّكَ بِأَرْضٍ[14] الرِّبَا بِهَا فَاشٍ[15] إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ، أَوْ حِمْلَ قَتٍّ[16]، فَلَا تَأْخُذْهُ، فَإِنَّهُ رِبًا[17]»[18].


وَقَدْ أَجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ المُسْلِفَ إِذَا شَرَطَ عِنْدَ السَّلَفِ هَدِيَّةً أَوْ زِيَادَةً، فَأَسْلَفَ عَلَى ذَلِكَ، أَنَّ أَخْذَهُ الزِّيَادَةَ رِبًا[19].
أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.

الخطبة الثانية
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، أما بعد:
فيستحب لمن اقترض قرضا أن يدعو لمن أقرضه عند القضاء.


روى النسائي بسند صحيح عَنْ أَبِي رَبِيعَةَ رضي الله عنه قَالَ: اسْتَقْرَضَ مِنِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَجَاءَهُ مَالٌ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ، وَقَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، إِنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الْحَمْدُ وَالْأَدَاءُ»[20].


ويستحب لمن اقترض قرضا أن يعطي خيرًا منه عند القضاء.
روى مسلم عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا[21]، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ، فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًّا[22]، فَقَالَ: «أَعْطِهِ إِيَّاهُ، إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً»[23].


المحور الثالث: أحكام الرهن:
الرَّهنُ: هو وثيقَةٌ تُعطَى للمُرتَهِنِ؛ لِيُسْتَوْفِيَ الدَّينَ الذِي أَقْرَضَهُ مِنْ ثَمَنِهَا إِنْ تَعَذَّرَ سَدَادُ الدَّينِ عَلَى المُقتَرِضِ.


والرَّهْنُ أَمَانَةٌ بِيَدِ المُرْتَهِنِ لَا يجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِلْكُ الرَّاهِنِ، فَكَذَلِكَ نَمَاؤُهُ وَمَنَافِعُهُ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ[24].


أَمَّا إِذَا كَانَتِ العَينُ المَرهُونَةُ دَابَّةً حَيَّةً، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا إِنْ كَانَتْ تُرْكَبُ، وَيَحْلِبَهَا ِإْن كَانَتْ تُحْلَبُ بِقَدْرِ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا مُتَحَرِّيًا العَدْلَ فِي ذَلِكَ.


فلا يستخدمها أكثر مما أنفق عليه.


رَوَى البُخَارِيُّ عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الرَّهْنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا وَلَبَنُ الدَّرِّ[25] يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ»[26].


وَفِي لَفْظٍ: «إِذَا كَانَتِ الدَّابَّةُ مَرْهُونَةً، فَعَلَى المرْتَهِنِ عَلَفُهَا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ، وَعَلَى الَّذِي يَشْرَبُهُ نَفَقَتُهُ، وَيَرْكَبُ»[27].


وَيَحْرُمُ علَى المُرْتَهِنِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالعَينِ المَرهُونَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يُنْفِقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الرَّهْنِ مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ، فَلمْ يَجُزْ أَخَذُهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ[28].


الدعـاء...
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خيرُ الفاتحين.
ربنا أفرِغ علينا صبرًا وتوفنا مسلمين.
ربنا لا تجعلْنا مع القوم الظالمين.
ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين، ونجِّنا برحمتك من القوم الكافرين.
ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء.
ربنا اغفر لنا، ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.
أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.


[1] متفق عليه: رواه البخاري (2240)، ومسلم (1604).

[2] المذروع: أي ما يقاس بالطول.

[3] متفق عليه: رواه البخاري (2240)، ومسلم (1604).

[4]صحيح: رواه البخاري (2254، 2255).

[5] متفق عليه: رواه البخاري (2240)، ومسلم (1604).

[6]متفق عليه: رواه البخاري (2240)، ومسلم (1604).

[7]انظر: «الكافي» (3/ 157-158)، و«شرح المنتهى» (3/ 310).

[8]انظر: «المغني» (6/ 406)، و«شرح المنتهى» (3/ 311).

[9]انظر: «الكافي» (3/ 163-164)، و«شرح المنتهى» (3/ 312).

[10] انظر: «الأم» (4/ 188).

[11] صحيح: رواه أحمد (23046)، وصححه الألباني في «الإرواء» (1438).

[12] حسن: رواه أبو داود (3506)، والترمذي (1234)، وقَالَ: «حسن صحيح»، والنسائي (4611)، وحسنه الألباني.

[13] سويقا: أي صعامًا يُتخذ من مدقوق الحنطة، والشعير سمي بذلك؛ لانسياقه في الحلق.

[14] بأرض: أي أرض العراق.

[15]فاش: أي ظاهر، وشائع يكثر التعامل به.

[16] قت: نوع من علف الدواب.

[17] ربا: أي قبول هدية المستقرض جار مجرى الربا من حيث إنه زائد على ما أخذه.

[18] صحيح: رواه البخاري (3814).

[19] انظر: «الإجماع»، رقم (570).

[20]صحيح: رواه النسائي (4683)، وصححه الألباني.

[21] بكرا: البكر هو الصغير من الإبل.

[22] خيارا رباعيا: يقال: جمل خيار وناقة خيارة أي مختارة، والرباعي من الإبل ما أتى عليه ست سنين، ودخل في السابعة حين طلعت رباعيته، والرباعية بوزن الثمانية السن التي بين الثنية والناب.

[23]صحيح: رواه مسلم (1600).

[24]انظر: «المغني» (6/ 509).

[25] الدر: أي البهيمة التي تُحلبُ.

[26]صحيح: رواه البخاري (2512).

[27]صحيح: رواه أحمد (2/ 228)، وصححه أحمد شاكر.

[28]انظر: «الكافي» (3/ 201)، و«المغني» (6/ 511)، و«شرح المنتهى» (3/ 363-364)، و«إجماع الأئمة الأربعة» (2/ 6).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.56 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.63 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.59%)]