وقفات مع سورة الكهف - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنوية العلمانيين، وهم يواجهون أعداءهم من أهل القبلة، وحراس العقيدة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          لفظ (الناس) في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 02-12-2022, 12:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات مع سورة الكهف

وقفات مع سورة الكهف (11)






كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلما كان الحديث عن تذكير الناس بأن الحق هو من الله تعالى لا غيره، وتم إخبارهم بأن لهم الاختيار إما الإيمان أو الكفر على سبيل التهديد، وأنه ينبغي لمن اختار الكفر أن يتحمَّل عاقبته، وهو ما تحدثنا عنه في الحلقة الماضية، كذلك لمَن آمن جزاءً عظيمًا، وهو محور حديثنا، قال تعالى: (‌إِنَّ ‌الَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌وَعَمِلُوا ‌الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ ‌أَجْرَ ‌مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) (الكهف: 30).

ولما كان الإيمان هو الإذعان للأوامر عطف عليه ما يحقق ذلك، فقال: (وَعَمِلُوا)، والإيمان في معتقد أهل السنة والجماعة قول وعمل؛ قول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان، وأعلمهم تعالى أنه لا يضيع ذلك فقال: (إِنَّا لَا نُضِيعُ ‌أَجْرَ ‌مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا)، أي: لا نترك أعماله تذهب ضياعًا، بل نجازيه عليه بالثواب، وكذلك قال تعالى للمؤمنين عند تحويل القبلة: (‌وَمَا ‌كَانَ ‌اللَّهُ ‌لِيُضِيعَ ‌إِيمَانَكُمْ) (البقرة: 143)، ثم شرع تعالى في ذكر الثواب فقال: (أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ) (الكهف: 31).

قال ابن عاشور رحمه الله: "( لَهُمْ): اللام لام الملك" (انتهى).

وعدن تعني الإقامة، فيُقال: عدن فلان بالمكان إذا أقام به، وسُمِّيت عدنًا لإقامة المؤمنين وخلودهم فيها.

وقيل: أي: إقامة لا رحيل بعدها ولا تحول. ومكانها: قيل: إنها سرة الجنة، أي: وسطها، وسائر الجنان محدقة بها. وذُكِرَت بلفظ الجمع؛ لسعتها؛ لأن كلَّ بقعة منها تصلح أن تكون جنة.

ثم انتقل تعالى لوصفها فقال جل وعلا: (تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ)، قال ابن كثير رحمه الله: "أي: مِن تحت غرفهم ومنازلهم"، وكذلك قال البقاعي رحمه الله. وقال الطبري رحمه الله: "تجري من دونهم ومن أيديهم الأنهار" (انتهى). والأنهار: جمع نهر، وهي أربعة ذكرها تعالى في سورة محمد، فقال جل وعلا: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى) (محمد:15).

ثم انتقل تعالى للحديث عن حليهم، فقال تعالى: (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ)، والتحلية تكون للرجال والنساء، ومعناها: التزيين، والحلية: الزينة.

قال ابن عاشور رحمه الله: "وأسند الفعل للمجهول (يُحَلَّوْن)؛ لأنهم يجدون أنفسهم محلين من الله تعالى" (انتهى).

ولما كانت الملوك تلبس في الدنيا الأساور في اليد والتيجان على الرؤوس جعل الله ذلك لأهل الجنة.

قال سعيد بن جبير رحمه الله: "يحلى كل واحد منهم بثلاث من الأساور، واحد من فضة، وواحد من ذهب، وواحد من لؤلؤ ويواقيت" (انتهى).

ثم انتقل الحديث عن لباسهم، فقال تعالى: (وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ)؛ ولماذا خضرًا؟ قال العثيمين رحمه لله: "واللون الأخضر أشد ما يكون راحة للعين؛ ففيه جمال، وفيه راحة للعين" (انتهى).

والسندس رقيق الديباج والاستبرق ثخينه، وهو من الحرير، ثم ذكر تعالى جلستهم: "مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ"، والاتكاء جلسة الراحة والترف، والأرائك: جمع أريكة، وهي: اسم لمجموع سرير وحجلة، والحجلة هي قبة مِن ثياب تكون في البيت تجلس فيها المرأة أو تنام فيها.

وقال السعدي رحمه الله: "هي السرر المزينة المجملة بالثياب الفاخرة، فإنها لا تسمى أريكة حتى تكون كذلك" (انتهى).

وقال الشوكاني رحمه الله: "هي أسرة من ذهب مكللة بالدر والياقوت" (انتهى).

هذا جزء من نعيم أهل الجنة، قال فيه تعالى: (نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا) أي: مجلسًا؛ فكيف بباقي نعيم الجنة؟! نسأل الله من فضلة.

وتأمل هنا ختامه بهذه الآية في الحديث عن أهل الجنة: (وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا)، ولما تحدَّث عن أهل النار، قال: (وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا).

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 31-12-2022, 06:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات مع سورة الكهف



وقفات مع سورة الكهف (12)









كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنتابع الحديث عن سورة الكهف والتي انتقل فيها المولى تبارك وتعالى إلى ضرب الأمثال، فقال تعالى: (‌وَاضْرِبْ ‌لَهُمْ ‌مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا. كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا. وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا. وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا. وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا. قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا. لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا. وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا. فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا. أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا. وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا. وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا) (الكهف: 32-43).

قال البقاعي رحمه الله: "كشف تعالى بضرب المثل أن ما فيه الكفار من الارتفاق العاجل ليس أهلًا لأن يُفتخر به؛ لأنه إلى زوال، (وَاضْرِب لَهُم) أي: لهؤلاء الضعفاء المتجبرين الذين يستكبرون على المؤمنين، ويطلبون طردهم لضعفهم وفقرهم".

ومِن أغمض علوم القرآن -كما ذكر العلماء-: عِلْم الأمثال، والناس في غفلة عنه. وكان المثل: (رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ) قيل: كانا أخوين من بني إسرائيل أحدهما مؤمن والآخر كافر. وقيل: هما أخوان من بني مخزوم من أهل مكة. ولم يعيِّن الله تعالى الرجلين؛ لأنه ليس هناك أهمية لذلك.

قال السعدي رحمه الله: "أي: هاتان الجنتان حففناهما بأشرف الأشجار (العنب والنخل)، فالعنب في وسطها والنخل قد حف بذلك ودار به".

وقال ابن عاشور رحمه الله: "ومن محاسن الجنات أن تكون محاطة بالأشجار المثمرة".

والحف: الإحاطة بالشيء.

ثم قال تعالى: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا)؛ لئلا يتوهم أن الانتفاع قاصر على النخيل والأعناب. (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا) أي: لم تنقص من أكلها على خلاف ما يُعهد في سائر البساتين، ونسب الظلم لصاحبها؛ لأنه كان متكبرًا. (وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا) أي: أجرينا وشققنا وسط الجنتين نهرًا ليسقيهما دائمًا من غير انقطاع.

قال العثيمين رحمه الله: "كان خلال الجنتين نهر من الماء يجري بقوة، فكانت في الجنتين كل مقومات الحياة من أعناب ونخيل وزرع، ثم بينهما هذا النهر المطَّرِد".

ثم ينتقل الحديث عن تفصيل ما في الجنتين؛ قال تعالى: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ) أي: لذلك الرجل ثمر عظيم، وقد استكملت جنتاه ثمارها ولم تعرض لها آفة أو نقص؛ فإن قيل: ما الفائدة من ذكر الثمر بعد ذكر الجنتين وقد عُلم أن صاحب الجنة لا يخلو من ثمر؟

قال ابن الجوزي رحمه الله: "فيه ثلاثة أجوبة: الأول: أنه لم يكن أصل الأرض ملكًا له، وإنما كانت له الثمار، وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما. الثاني: أن ذكر الثمار دليل على كثرة ما يملك من الثمار في الجنتين وغيرها، وهذا قول ابن الأنباري. الثالث: أن المراد بالثمر الأموال من الأنواع، وأنها الذهب والفضة".

وقوله تعالى: (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ): المراد بالصاحب المعنى اللغوي، فلا ينافي القول بأنهما كانا أخوين، والمحاورة مراجعة الكلام بين المتكلمين. وقوله: (أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا): قال قتادة: خدمًا وحشمًا وولدًا. والعزة ضد الذل، وهي: عدد عشيرة الرجل وشجاعته، والنفر: عشيرة الرجل الذين ينفرون معه، وأراد هنا بهم الولد. قال قتادة: "والله هذه أمنية الفاجر: كثرة المال وعزة النَّفَرِ".

وقوله تعالى: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ): أفرد الجنة هنا؛ لأن الدخول إنما يكون لإحداهما قبل أن ينتقل منها للأخرى. وقيل: أخذ بيد أخيه فأدخله جنته يطوف به فيها ويريه عجائبها. (وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ) أي: وهو مشرك مكذب بالبعث، بطر بنعمة الله تعالى.

قال الكافر مقالات شنيعة، وهي: قوله: (أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا)، وعندما دخل جنته متكبرًا مزهوًا ظالمًا لنفسه، قال -وقد ذبحه الغرور-: (مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا) ثم أتبع بقوله: (وَمَا أ َظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً)؛ أنكر فناء الدنيا وفناء جنته، وأنكر البعث والجزاء، بل وسخر من صاحبه بقوله: (ولَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا) أي: كما تزعم أنت؛ إن كان البعث حقًّا سيعطيني خيرًا منها، كما أعطاني في هذه الدنيا. والمنقلب المكان الذي ينقلب إليه، أي: يرجع إليه.

وهذا ما قاله العاص بن وائل لخباب بن الأرت رضي الله عنه لما أخذ ماله: "ليكونن لي مال -أي: في الآخرة- فأقضيك دينك منه!"، فنزلت فيه هذه الآية: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ ‌مَالًا ‌وَوَلَدًا) (مريم: 77).


قال ابن القيم رحمه الله: "مَن ظن بالله أنه يُنال ما عنده بمعصيته ومخالفته كما يُنال بطاعته والتقرب إليه؛ فقد ظن به خلاف حكمته".

وكان الرد من صاحبه المؤمن الواثق بربه: (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)، يعني: خلق أباك آدم ثم من نطفة خلقك.

قال الشوكاني رحمه الله: "أي: صيرك ذكرًا وعدَّل أعضاءك وكملك، وفي هذا تلويح على البعث، وأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة".

وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 28-01-2023, 11:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,316
الدولة : Egypt
افتراضي رد: وقفات مع سورة الكهف

وقفات مع سورة الكهف (13)









كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنتابع الحديث عن سورة الكهف والتي انتقل فيها المولى -تعالى- إلى ضرب الأمثال، فقال: (*وَاضْرِبْ *لَهُمْ *مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَ ا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا . كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا . وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا . وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا . وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا . قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا . لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا . وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا . فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا . أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا . وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا . وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا) (الكهف: 32-43).

وكنا توقفنا في المقال السابق عند تنبيه المؤمن الموحِّد لصاحبه بقوله: (لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا)، أي: لا أرى الغني والفقر إلا منه، وأنت لمَّا اعتمدت على مالك كنت مشركًا به، وقد كفر قبل ذلك بإنكار البعث والقيامة.

ثم شرع في نصحه قائلًا له: (وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ).

قال ابن عاشور: "ولولا للتوبيخ".

وذكر ابن كثير عن بعض السلف قولهم: "إن مَن أعجبه شيء من ماله أو ولده؛ فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله".

(إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالا وَوَلَدًا)؛ لأن ما عند الله خير وأبقى، (فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ)؛ لأن جنتك معرَّضة للهلاك من قِبَل الله -لكفرك به- بأنواع من العقوبات، منها: (وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السَّمَاء) أي: عذابًا ترمى به، فتؤول إلى أرض زلقة لا تثبت عليها قَدَم.

وقال ابن كثير: "والظاهر أنه مطر عظيم مزعج يقلع زرعها وأشجارها".

وقال ابن عثيمين: "وخص السماء؛ لأن ما جاء من الأرض قد يُدافع، لكن ما نزل من السماء يصعب دفعه أو يتعذر".

وقال البقاعي: "ولما كانت المصابحة بالمصيبة أنكى، قال -تعالى-: (فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا)".

وقال مجاهد: "رملًا هائلًا. وقيل: ترابًا أملس لا ينبت زرعًا، ولا تثبت عليه قَدَم.

قال ابن قتيبة: "الأملس المستوي، والزلق الذي تذل عنه الأقدام".

ثم انتقل للحديث عن عقوبة أخرى: (أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا) أي: غائرًا في الأرض لا يُستطاع الوصول إليه بالمعاول، ولا بغيرها، ثم جاءت عقوبة أخرى: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) أوقعت الإحاطة بالهلاك، والإحاطة الأخذ من كل جانب، مأخوذ من إحاطة العدو بالقوم إذا غزاهم .

وهنا فائدة مهمة: أن إحاطة العذاب به لا لمجرد الكفر؛ لأن الله قد يمتع كافرين كثيرين طوال حياتهم، ويملي لهم ويستدرجهم، وإنما أحاط به هذا العقاب؛ جزاءً على طغيانه، وجعله ثروته وماله وسيلة إلى احتقار المؤمن الفقير!

فكانت النتيجة: (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ).

قال ابن كثير عن قتادة: "يصفق كفيه متأسفًا متلهفًا على الأموال التي أذهبها عليه"، (عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا): هذا يدل على أنه أنفق فيها شيئًا كثيرًا، فصارت (وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا) هامدة على عروشها، والعرش هو ما يوضع لتتمدد عليه أغصان الأعناب، وغيرها، وهنا أدركه الندم حين لا ينفع ندم، (وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا) تمنيًا لاعتماده على الله من غير إشراك.


(وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ) أي: لم يكن له عشيرة أو ولد ينصره، كما افتخر بهم ولو نصروا، (وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا)، فلن يستطيع الامتناع عن عذاب الله؛ لأن (هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ) أي: في مثل هذه الشدائد العظيمة النصرة والسلطان لله الذي له الكمال كله الحق الثابت الذي لا يحول يومًا ولا يزول، ولا يغفل ساعة ولا ينام، ولا ولاية لغيره بوجه، ولذلك قال: (هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) فالأعمال التي تكون لله -عز وجل- ثوابها خير، وعاقبتها حميدة رشيدة، وكلها خير.

وإلى لقاء في حلقة قادمة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 80.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 78.14 كيلو بايت... تم توفير 2.84 كيلو بايت...بمعدل (3.51%)]