الدروس المستفادة من خطبة الوداع - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 850185 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386318 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-07-2022, 03:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي الدروس المستفادة من خطبة الوداع

الدروس المستفادة من خطبة الوداع
الشيخ محمد عبدالتواب سويدان

نص الخطبة:
الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين، وأشهد أن سيدنا ونبيَّنا محمدًا رسول الله، صلى الله عليه وآله وصحبِه وسلَّم، أما بعد:
فكلما جاءَ شهرُ ذي الحجَّة، وهلَّت مواقيتُ الحجِّ، ذلك الحدث العظيم الذي ينتظره المسلمون عامًا بعد عام، حدثٌ يتوقف عنده كل مسلم في كل بقاع الدنيا، له أثره العظيم في حياة المسلمين، إنه عنوان انتصار الحق واندحار الباطل، ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ﴾ [الإسراء: 81].

في الحج يتذكر المسلمون تاريخَهم المجيد، ففي يومٍ عظيم من أيام الله تعالى يقف فيه حجاج بيت الله الحرام في حشد كبير جاوز المائة ألف من أصحابه على صعيد عرفات، يتقدمهم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، يوم يباهي الله به الملائكة، يوم تتنزل فيه الرحمات، يوم ما رُؤي فيه إبليس أصغر ولا أغيظ منه من يوم عرفة، يوم ترجى فيه مغفرة الذنوب ورحمة علام الغيوب، يوم العتق من النار، وقد صحت في ذلك الأحاديث والآثار.

في هذا الموقف المهيب، وعلى ثرى ذلك الصعيد، وفي تلك اللحظات العامرة بذكر الله تعالى، في هذا اليوم خطب الحبيب المصطفى خطبة عظيمة أنصت لها التاريخ، وتناقلتها الأجيال، خطبة شاملة جامعة مانعة، وقد منح النبي المسلمين وصاياه الأخيرة ليتم أمانته، وقد أوشك على الالتحاق بالرفيق الأعلى، ليُعلن أول وثيقة لحقوق الإنسان، وهذا الإعلان لم يكن مجرد شعارات يرفعها أو يتاجر بها، بل كانت هي مبادئه منذ فجر الدعوة يوم كان وحيدًا مضطهدًا، وأصحابه من حوله قليل مستضعفون في الأرض يخافون أن يتخطَّفهم الناس، وهي نفس المبادئ التي يعلنها وهو في هذا المقام، لم تتغير في القلة والكثرة، ولم تتفاوت من الحرب إلى السلم،

تلك المعاني الجامِعة، والمبادئ البلِيغَة، مبادِئُ سُكِبَت مع عباراتِها دموعُ الوداع، ومن أجلِ ذلك سُمِّيَت: "خطبة الوداع".

خطبة حوت الأسس والمبادئ العامة لبناء الدولة الإسلامية، إنها ميثاق سبق المواثيق العالمية التي يفتخر بها الغرب في هذا الزمن بمئات السنين، ميثاق ينبغي أن يعتز به المسلمون قاطبةً، ففيها مِن الدروس ما فيها، يشعُّ منها النور، فلو تدبَّرها المسلمون وعمِلوا بما فيها، لكانت سببًا لسعادتهم في الدنيا والآخِرة، وإن شاء الله - عز وجل - سأُحاول بيان بعض الدُّروس والفوائد مِن هذه الخطبة، وأسأل الله - عز وجلَّ - أن يَرزقنا العلم النافع والعمل الصالح.

الدُّروس المُستفادَة مِن خُطبَة الوداع:
الدرس الأول: بيَّن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حُرمة الدماء والأموال، ووضَّح لنا أن هذه الحُرمة تُساوي حُرمة اليوم والشهر والبلد، ومعلومٌ أن حُرمة البلد الحرام - وهو مكة - حُرمةٌ عظيمة، وحُرمة الشهر الحرام - وهو شهر ذي الحجَّة - حرمة عظيمة؛ فحُرمة الدِّماء والأموال حُرمة شديدة وعَظيمة، فيقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: "أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربَّكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".

فانظر إلى تقديم الدماء والمقصود بها الأنفس على المال والعِرض، ولا يَخفى ما فيه من فائدة؛ إذ إن النفس أعز ما يملِكه الإنسان، كما أن الإشارة للأنفس والأموال والأعراض إشارة إلى الكليات الخمس التي طالما دعت الشريعة الغراء للمحافظة عليها، وهي الدين والعقل والنفس والمال والعرض، لأجل ذلك حرَّم الله عز وجل ما يقابلها، وهي الردة والخمر والقتل والسرقة والقذف، فهل نعي قول المصطفى عليه الصلاة والسلام، وتأكيده أن حرمة دم المسلم وماله وعرضه، أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم، في وقت وللأسف تساهل الناس فيه فلم يعظِّموا حرمات الله تعالى.

ولو تدبَّر الناس هذا الكلام، لَمَا تعدَّى أحد على أحد، ولَمَا سُفكَت الدماء، ولَمَا خُطفَت الأموال، ولما سُرقَت، ولَما اغتُصبَت، ولَعاش الناس عيشةً هنيئةً فيها سعادتهم الدُّنيوية قبل الأُخرويَّة، فهذا التحريم يجعل الإنسان يعمل ألف حِساب قبْل أن يتعدَّى على غَيره ليَسفك دمه، أو ليأخُذ ماله دون وجْه حقٍّ، ولأَمِنَ الناس على دمائهم وأموالهم، ولما عاشوا في رعْب وخَوف، فقتْل النفس بغير حقٍّ حرام، فقد جاء في كتاب الله - عز وجل - قولُه تعالى: ﴿ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 151].

وقوله تعالى: ﴿ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ (المائدة: 32)، وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ (النساء:93).

فهذا وعد من القرآن بالعقاب الشديد على أخيه عمدًا، هذا وقد توعدت السنة أيضًا لذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (لزوال الدنيا أهونُ على الله من قتل رجل مسلم)؛ «رواه مسلم والنسائي والترمذي».

وقال أيضًا: (لا يَحِل لمؤمن أن يروِّع مسلمًا)؛ أي يخيفه ويفزعه؛ «رواه ابو داود والطبراني»، ولقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل عمل يؤدي إلى القتل ولو بالإشارة بالسلاح، فقال: «لا يُشر أحدُكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار»؛ «أخرجه البخاري».

ولا يقف الإثم عند حد القاتل وحدَه، بل من شاركه بقولٍ أو فعلٍ، يُصيبه من سخط الله بقدر مشاركته، حتى من حضر القتل يناله نصيب من الإثم، ففي الحديث: «لا يقفنَّ أحدكم موقفًا يقتل فيه رجل ظلمًا، فإن اللعنة تنزل على مَن حضره ولم يدفع عنه»؛ رواه الطبراني والبيهقي.

فقتْلُ النفس حرام بالكتاب والسنَّة، فكيف يتجرَّأ بعض الناس ويَسفِكون الدماء، ويَهدِمون بُنيان النفس، وقد حرَّم الله - عز وجل - ذلك، وحرَّمه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم؟!

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرسل جيشًا أوصاهم ألا يَقتلوا شيخًا كبيرًا، ولا امرأة ولا طفلًا صغيرًا، فحتى القتال في سبيل الله - عز وجل - فيه حقْن الدماء، فالذي لا يُحارِب لا يُقتَل، هذا مع الكفار، فما بالُنا بحُرمة دماء المسلمين؟

فاتقوا الله - أيها الناس - في دماء المسلمين، فسوف تُحاسَبون عن كل نفس قُتلتْ بغير حقٍّ، سوف تُسألون، واذكر - أيها القاتل - حالك عندما تَحمل رأسَ المقتول في يدك يوم القيامة، ويقول المقتول: سلْه يا رب فيمَ قتَلني؟ فماذا أنت قائل؟ وما هي إجابتك؟ يوم لا ينفع مال ولا بنون، يوم الحسرة والنَّدامة، ﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 2].

فيا أيها الناس؛ حرِّموا الدماء واتقوا الله في الدماء، وحرِّموا الأموال واتقوا الله في الأموال، ولا يأخُذ أحد مالًا إلا بحقِّه، فالله - عز وجل - سوف يسأل كلَّ صاحب مال: مِن أين اكتسبَه؟ وفيمَ أنفَقه؟ وليستعدَّ كلٌّ منا للسؤال عن المال مِن أين اكتسبه؟ (ما إجابته؟) وفيمَ أنفقَه؟ (ما هي إجابته)، وأيُّما جسْم نبَت مِن سحْت فالنار أَولى به، فكيف يَعلم الناسُ هذا ويأخُذون الأموال بغير حقٍّ، وتَزيد الحرمة عندما يأخذ بعض الناس الأموال بغير حقٍّ، ليس من المال الخاص، بل من المال العام مِن أموال الدولة التي هي حقٌّ لكل واحد في الدولة، فحُرمة المال الخاص وحُرمة المال العام، تجعلنا نتقي الله - عز وجل - في كسْب الأموال وتحصيلها.

الدرس الثاني: وضَع النبي - صلى الله عليه وسلم - كلَّ شيء مِن أمر الجاهلية، فقال: ((ألا وإنَّ كل شيء مِن أمر الجاهلية موضوعٌ تحت قدميَّ هاتَين))، فكل شيء مِن أمر الجاهليَّة باطلٌ، فالإسلام قد أبطَل أمور الجاهليَّة؛ فلا كِبر، ولا بطَر، ولا أشَر، ولا وأْد للبنات (دفنهنَّ أحياء)، ولا فضْل لقبيلةِ كذا على قبيلةِ كذا، ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح.

ودماء الجاهلية موضوعة، ومِن عدل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يَحكُم على الناس بما لم يحكُم به على نفسِه، ونتعلم مِن ذلك أننا لا بدَّ أن نُنفِّذ أوامر الله - عزَّ وجلَّ - وأوامر النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن نأمُر غيرَنا، لا بدَّ أن نلاحظ أنفسنا أولًا؛ حتى نكون مُنصفين، وحتى لا نكون مِن الذين قال الله فيهم: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44].

فبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أول دمٍ يَضعه دم ابن ربيعة، وأيضًا بيَّن أن الربا موضوع وباطل، وأول ربًا يضعه - صلى الله عليه وسلم - رِبا العباس بن عبدالمطَّلب؛ فالرِّبا باطل وحرام، والله - عز وجل - قد حرَّم الربا؛ يقول تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، ويقول تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 278 - 279]، فهذا وعيد شديد لِمَن لم يَنتهِ عن الرِّبا.

ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لعَن الله آكِل الربا، وموكِلَه، وكاتبه، وشاهديه - وقال: هم سواء)).

فآكِل الربا مَلعون، واللعنَةُ: هي الطرد مِن رحمة الله - عز وجل - فعلينا بتقوى الله تعالي وأكْل الحلال، والبُعد عن أكل الحَرام، والبُعد عن التعامل بالربا الذي يُطرَد آكِلُه من رحمة الله تعالى.

الدرس الثالث: المُعامَلة الحسَنة مع النساء؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فاتَّقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتُم فروجهنَّ بكلمة الله))، فأمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بتقوى الله تعالى في النساء، وعلَّمنا أن نؤدي الحقوق التي علَينا قِبَل النساء،

وبيَّن لنا - عليه الصلاة والسلام - أن أصل الفروج حرام بقوله: ((واستحللتُم))، فالأصل أن الفروج حرام، ولا يحلُّ منها إلا ما أحله الله تعالى.

وإذا كان الله - سبحانه وتعالى - أحلَّ لنا الزواج مِن النساء، فقد أمَرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتقوى الله تعالى في النساء والإحسان إليهنَّ، فعلى الأزواج أن يُحسِنوا في إطعامهن، وكسوتهنَّ، وأن يُعاشِروهنَّ بالمعروف؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، وكان النبي -خير الناس لأهلِه، وهو قُدوتنا صلى الله عليه وسلم.

ونُلاحِظ مِن خلال الخُطبَة الجامِعة أن النبي اعتبر المرأة أمانة عند الرجل سيسأل عنها يوم القيامة إن قصَّر في حقِّها وآذاها، فأحسِنوا إليهنَّ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فما زلنا مع الدُّروس المُستفادَة مِن خُطبَة الوداع.

الدرس الرابع: الاعتصام بالقرآن والسنة: تركت فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلوا أبدًا، كتاب الله وسنتي"، هذه وصية من أعظم الوصايا النبوية التي يجب على المجتمع المسلم أن يتمسك بها، فقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على التمسك بكتاب الله تعالى، والاهتداء بتعاليمه، وتنفيذ أحكامه، واتباع سنته، ففيهما الخير والهداية، فعلى الأمة أن تعرض كلَّ أمر صغير أو كبير عليهما، وأن تعرض كل خلاف على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. فقد بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن اعتصامنا بالكتاب والسنَّة فيه النجاة مِن كل شرٍّ وسوء، بقوله عليه الصلاة والسلام: "تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدًا، كتاب الله وسنتي"، هذه وصية من أعظم الوصايا النبوية التي يجب على المجتمع المسلم أن يتمسك بها، فقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على التمسك بكتاب الله تعالى، والاهتداء بتعاليمه، وتنفيذ أحكامه، واتباع سنته، ففيهما الخير والهداية.

فعلى الأمة أن تعرض كل أمر صغير أو كبير عليهما، وأن تعرض كلَّ خلاف على كتاب الله وسنة نبيه، فقد نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوحي المطهر، ورسول الله مبتهل إلى الله بالدعاء على صعيد عرفات، بقوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، وهي آية عظيمة تقرِّر أن الله أكمل هذا الدين، ولم يترك لأحد من الخلق مجالًا ليزيد فيه أو ينقص منه، فلا حلال إلا ما أحل الله ورسوله، ولا حرام إلا ما حرم الله ورسوله.

فمن أراد النجاح والفلاح، فعليه بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإجماع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، آية تمنَّى اليهود أنها نزلت عليهم، لو نزلت عليهم لأخذوا يوم نزولها عيدًا، كما رُوي ذلك عن عمر الفاروق رضي الله عنه.

فلا سعادة ولا نجاح في الدنيا والآخرة، ولا توفيق ولا سداد إلا باتباع النبي المصطفى عليه أفضل السلام والتسليم، والسير على نهجه واقتفاء أثره، ولذلك نجد قوله عليه السلام عند كل منسك: "خذوا عني مناسككم"، فحقَّق الصحابة رضوان الله عليهم هذا السلوك، يقول ابن عباس رضي الله عنه: "حجوا كما حج النبي، ولا تقولوا: هذا سنة وهذا فرض"، فلا زيادة ولا نقصان، إنه منسك تام كامل.

ولك أن تتذكر هدي النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجته، وفي حياته عليه السلام كلها، فلا إفراط ولا تفريط، هدي ليس فيه غلو ولا جفاء، بل هدي كله اعتدال وتوسُّط، روى أحمد وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله غداة العقبة: "القِط لي حصًى"، قال: فلقطت له حصى الخذف، فجعل ينفضهنَّ في كفِّه، ويقول: "بأمثال هؤلاء فارموا"، ثم قال: "أيها الناس، إياكم والغلوَّ في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين".

أيها الكرماء، والذي نفسي بيده ما أصاب الأمة الإسلامية من وهن وضعف إلا بابتعادها عن كتاب ربِّها وسنة نبيها، وما تكالب أعداء الإسلام على هذه الأمة إلا بسبب غفلتهم عن دينهم القويم وشريعتهم الغراء، فلا فلاح ولا عز إلا بالأخذ بتعاليم الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، واتباع سنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.

إن ما نلاحظه في هذا الزمن من كثرة المفاهيم المغلوطة التي فتحت أبواب الفتن على مصاريعها، ونشأ عن ذلك خلافٌ طمَّ وعمَّ بين المسلمين في كل مكان، يتطلب منا الدعوة إلى العودة لكتاب الله تعالى وسنة نبيه، وأنهما الحكم لكل خلاف، إذًا فليكن المنطلق من كتاب الله وسنة نبيه، ففيهما الخير والصلاح للبشرية جمعاء، والله يتولانا وهو أرحم الراحمين.

أيها الأحبة الكرام، إنني أدعو لدراسة خطبة حجة الوداع في الدعوة لهذا الدين، وتصحيح المفاهيم، ونبذ الفرقة والخلاف بين المسلمين، ففيها من الدروس والعبر ما لا يُحصى، ولا عجب في ذلك فهو كلام خير البشر الذي أوتي القرآن ومثله معه، الذي لا ينطق عن الهوى، يقول النبي: «أَما بعد أَلاَ أَيُّهَا الناس، فإنما أَنا بَشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأُجيب، وأَنا تارك فيكمْ ثقلين أولهما كتاب اللَّهِ فِيه الْهدَى وَالنور، فخذوا بكتاب اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ»؛ [رواه مسلم].

وصلِّ اللهم وسلِّم وبارك على نبينا محمد وعلي آله وصحبه وسلَّم، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وأقم الصلاة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.64 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]