عندما عبث بك التوحد يا بني - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 855097 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389940 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-08-2022, 12:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي عندما عبث بك التوحد يا بني

عندما عبث بك التوحد يا بني
د. زهرة وهيب خدرج








كنتُ أنتظر قدومَكَ للدنيا على أحرِّ من الجمر، أعدُّ الأيام والأسابيع المتبقِّية لك داخل أحشائي، فأنتَ طفلي الأول، وأول مَن سيُشبع غريزة الأمومة داخلي، على الرغم من أنني تعبت جدًّا خلال حَمْلي بك، فقد أصبحتْ صحَّتي هشة من كثرة القيء، وفقر الدم الذي لازمني طوال حملي، فضلًا عن سكري الحمل الذي بات يُهدِّدني، ولكن ذلك يهُون عليَّ مقابل ابتسامتِكَ لي عندما تُصبح أمامي، وحتى ولادتك العسرة لم تُقلِّل من حبي لك وشوقي لضمك، فأنت "وسيم" الذي كنت أراه في أحلامي، وأنتظره لحظة بلحظة.



أمضيتَ أشهرك الأولى نائمًا باستمرار لا تكادُ تستيقظ، ولا تطلب الرضاعة أبدًا، وبصعوبةٍ أُوقِظُك لتلتقمَ الحَلَمة وترضع قليلًا من الحليب، ثم تعود لتغرقَ في النوم مرة أخرى.



كنت أسأل نفسي: هل ينام جميع الأطفال هكذا؟ فأنا مشتاقة لسماع صوتك، حتى وإن كنت باكيًا، ولكن هدوءَك الغريب لفَت انتباهي على الرغم من أنني لا خبرة لدي في عالم الأطفال.



مرَّت الأشهر الأربعة الأولى لك في هذه الدنيا، وأنا أحسب نفسي أعيش في الجنة، أختال أمام المرآة وأنا أضمُّك إليَّ؛ فأنا أم، وأنت ابني، ابني أنا، ما أروعك يا صغيري!



وكنتُ أسلي نفسي بقراءة الكتب التي تتناول عالم الأطفال وتطورهم وتربيتهم، فضلًا عن مراجعتي لمواقع النت التي تزخرُ بمعلومات حول هذا الموضوع.



راعني بعد أن أصبح عمرُك ستة أشهر أنك لم تكنْ تنظر إليَّ عندما أُحدِّثك، ولا تنتبه لي، ولا تبتسم، ولا تبكي إن وقعت، وكأنك لا تشعر بالألم، ولا تستجيب لصوتي حتى وإن كان مرتفعًا، وكأنك أصم، ولم تكن تتفاعل معي بتعابير وجهك، وعندما سلطتُ ضوءًا على عينيك مباشرةً ذات مرة، لم تغمضهما كما توقعت منك أن تفعل.



شعرتُ حينها بأن لديك مشكلةً ما، لا أدري ما هي! ألححتُ على والدك أن يأخذك لطبيب الأطفال، غضب مني واتهمني بأنني أبالغ في حمايتك، وأكَّد لي بأنك سوف تكون شخصًا مدللًا لا تصلح لمعاركةِ الحياة، إن استمررت في تربيتك بهذه الطريقة، بكيتُ كثيرًا، ورجوتُه أن يأخذك لأجلي أنا فقط، وليفعل بي ما شاء إذا أكَّد له الطبيب أنك طبيعي ولا تعاني من أية مشكلة، وطبعًا كان الرفض التام هو الجواب، وأكَّدت جدتك أنك طبيعي كباقي الأطفال، وسكتُّ على مضضٍ تتملَّكني الهواجس.



وبعد أن تجاوزتَ السَّنة الأولى من عمرك، أصبحت تمشي بشكل جيد ومتَّزِن، وتُدَنْدِن بكلمات غير مفهومة، دون أن تلفظ كلمة واضحة، أو حتى أجزاءً من الكلمة، حتى كلمة (ماما) التي أنتظرها منك لم تنادِني بها، وعندما تحتاج لشيء ما، كنت تسحبني من يدي بوجه خالٍ من التعابير، وتشير بإصبعك للشيء لأناوِلَك إياه، دون أن تكلف نفسك عناء محاولة نطق ولو كلمة واحدة، كان جميع مَن حولي يؤكدون لي بأنك تأخَّرت في الكلام مثل والدك، وستتكلم لاحقًا، لم أصدقهم يا (وسيم)، فقلبي يخبرني بشيء آخر.



كما لاحظتُ أنك لم تَعُدْ تُطيق أن أضمَّك لصدري وأقبِّلك، وتنعزل وحدَك مع دُمْيَتك المفضَّلة - وهي أسدٌ مصنوع من الصوف - تصحبها معك إلى سريرك عندما تذهب للنوم، وترفض استبدال أخرى بها، فضلًا عن أنك تُفرِغ فيها غضبَك الذي يثور من دون مبرر، فتضربها بالأرض وتلوحها وتلقيها بعيدًا، ثم تركض إليها لتلتقطها.



وعندما غسلت الدمية ذات مرة وكنتَ حينها مستيقظًا، كدتَ تكسر باب الغسالة لتصل إلى دميتك، ولم تعطني فرصة لأتركها في الشمس لتجفَّ، وحتى عندما يزورنا أطفال في مثل عمرك برفقة أمهاتهم، لم تكن ترحِّب بهم أو تبدي أية رغبة للَّعب معهم، بل تبقى مع لعبتك في مكانك المفضل، تدور بحركة دائرية، أو تضع اللعبة وتلتقطها بحركات رتيبة مكررة.



وفي الثالثة والنصف من عمرك، راجعتُ طبيب الأطفال ليعالج الحرارة التي أصابتك، وتجرَّأتُ هذه المرة وأخبرته بملاحظاتي عليك، وجَمَ للحظات قبل أن يقول لي: ملاحظاتك عن طفلك تنبئ بأن لديه مشكلة ما، فما وصفتِ ليس طبيعيًّا لطفل في مثل عمره، وبعد الفحص والتدقيق والاستفسار عن كثير من الأشياء بدقة، أخبرني الطبيب بأنه يشك بإصابتِك (بالتوحُّد)، وأكد على ضرورة مراجعة مُخْتَص علاج نفسي وذوي احتياجات خاصة.



حملتُكَ يا صغيري، وقفلتُ راجعةً إلى بيتي، تملأ دموعي عيني، أخبرت جدتك بما قاله الطبيب عنك، فأشاحت بوجهها عني استهانةً، وقالت: أمهات آخر زمن! تريد أن تثبت للعالم بأن ابنها ليس طبيعيًّا، أنت امرأة غريبة، إذا كنت قلقةً على تأخُّره في الكلام راجعي به مختصَّة النطق في الجمعية لترتاحي، فهي موجودة يوميًّا، أما مُخْتَص نفسي، فهذا ما لا أقبله، فابنُنا أصغر مما يمكنك إلصاق تهمة الجنون به.



بكيتُ بقوة، وقلت لها: ابني ليس مجنونًا، ابني لديه مشكلة، بحاجة لعلاج، وسيتحسَّن وضعه إن تابعناه من الآن ولم نهمل في علاجه؛ كما قال الطبيب.

وأضفتُ: أتعتقدين بأنك تحبين ابني أكثر مني وتحرصين عليه؟ أنت جدته، ولكني أمه، وأريده أفضل الناس.



وأحمدُ ربي أن موقف والدك كان مغايرًا لموقفِ أمه، فقد سارع إلى ترتيب موعدٍ مع المُخْتَص النفسي في مركز متخصِّص في علاج حالات التوحُّد.



وبدأت رحلة الجلسات العلاجية، وكنتُ أرافقك في كل جلسة؛ حيث أتعلم التمارين التي أطبقها معك في البيت، بالإضافة إلى إرشادات حول كيفية التعامل مع سلوكياتك المختلفة.



ما لا أستطيع نسيانه حتى الآن، أنك عندما كنت في الرابعة من عمرك، وقفتَ على حافَة الشرفة، وكدت تسقط خارج العمارة، لولا لطف الله بك، وانتباهي الشديد لسكناتك وحركاتك، فأنتَ لم تكن تشعر بالخوف نهائيًّا، وهو ما اعتبرته جدتُك شجاعةً منقطعة النظير، ورأيت فيه أنا ووالدك منبِّهًا لحجم الخطر المحدق بك.



أرشدني المُخْتَص النفسي إلى مخاطبتِك بأوامر بسيطة ومفهومة حول السلوكيات المتوقعة منك، على أن تكون إيجابية؛ مثلًا: "ضع القمامة في السلَّة"، وليس: "لا تلقي القمامة على الأرض".



كما أكد على ضرورة امتداح السلوك الإيجابي الذي يصدر عنك؛ فمثلًا: تناولك لطعامك بهدوءٍ ومِن دون أن تلوث ملابسك والمنطقة المحيطة بك، أو لعبك مع الأطفال الآخرين بهدوء ومن دون عنف.

وأكد أيضًا على ضرورة مخاطبتك بهدوء وابتسامة، وإظهار الاهتمام بك.



وعندما سألتُه عن سبب عصبيَّتك وازدياد عنفك، عندما أقوم بتغيير ترتيب الأثاث، أو تغيير وقت النوم أو الاستيقاظ لأي سبب!



أجابني بأن الأطفال المصابين بالتوحُّد يشعرون بالسكينة في ظل الروتين الذي اعتادوا عليه، فأي تغير مفاجئ في هذا الروتين يُسبِّب لهم شعورًا بالتهديد، يقابلونه بالغضب والعنف والعدوانية؛ لهذا يجب تهيئتُك مسبقًا لأي تغيير حتى لا تتفاجأ به وتضطرب.



ولأنه لا يوجد مدرسة خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة حيث نسكن، أدخلتُك مدرسة حكومية، وبذلت جهدًا عظيمًا معك لتعتاد على نظامها ودروسها، وقد نجحت في ذلك بفضل الله، رغم سوءِ المعاملة التي لقيتَها من زملائك ومعلِّميك في المدرسة، ورفضهم لوجودك بينهم.




لاحظت حبَّك لنحتِ الخشب وتشكيل مجسَّمات جميلة منه، فشجعناك على الاستمرار ووفَّرنا لك ما تحتاج، وصبرنا معك حتى غدوت محترفًا في ذلك، وأصبحتْ منحوتاتك تباع في سوق التحف في مدينتنا، وأقول لك في نهاية رسالتي:

وسيم، أنا فخورة بك..

"والدتك"
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.38 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]