الجاحظ وعلم الدلالة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 25 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-07-2022, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي الجاحظ وعلم الدلالة

الجاحظ وعلم الدلالة
د. سيد مصطفى أبو طالب




عُنِي الأقدمون بتقسيم الدلالة ومن هؤلاء الذين عُنوا بالدلالة وتقسيمها: الجاحظ وابن جني، وغيرهما. وسأعرض لتقسيمهم بشيء من التفصيل[1].

تقسيم الجاحظ للدلالة:

قَسَّم الجاحظ الدلالة إلى خمسة أقسام، فقال: "وجميع أصناف الدلالات على المعاني من لفظ وغير لفظ خمسة أشياء لا تنقص ولا تزيد، أولها: اللفظ، ثم الإشارة، ثم الَعْقد، ثم الخط، ثم الحال، وتسمى نُصْبَة، فالألفاظ هي التي تكشف لك عن أعيان المعاني في الجملة، ثم عن حقائقها في التفسير، وعن أجناسها وأقدارها، وعن خَاصِّها وعَامِّها، وعن طبقاتها في السَّارِّ والضَّارِّ، وعما يكون منها لغوًا بهرجًا وساقطًا مُطَّرَحًا.

فأما الإشارة فباليد، وبالرأس، وبالعين، والحاجب، والمنكب، إذا تباعد الشخصان، وبالثوب وبالسيف،... والإشارة واللفظ شريكان، ونعم العون هي له، ونعم الترجمان هي عنه، وما أكثر ما تنوب عن اللفظ وما تغني عن الخط....




فأما الخط، فما ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه من فضيلة الخط والإنعام بمنافع الكتاب قوله لنبيه: ﴿ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴾ [العلق: 4] وأقسم به في كتابه المنزل على نبيه المرسل حيث قال: ﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم: 1] ولذلك قالوا: القلم أحد اللسانين.

وأما القول في العقد وهو الحساب دون اللفظ والخط، فالدليل على فضيلته وعظم قدر الانتفاع به، قول الله عز و جل: ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيم ﴾ [الأنعام: 96]، وقال جل وتقدس: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ * الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ﴾ [الرحمن: 1 - 5]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [يونس: 5]، وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ﴾ [الإسراء: 12] والحساب يشتمل على معان كثيرة ومنافع جليلة، ولولا معرفة العباد بمعنى الحساب في الدنيا؛ لما فهموا عن الله عز وجل ذكره معنى الحساب في الآخرة....




وأما النُّصْبَة، فهي الحال الناطقة بغير اللفظ والمشيرة بغير اليد، وذلك ظاهر في خلق السموات والأرض، وفي كل صامت وناطق، وجامد ونام، ومقيم وظاعن، وزائد وناقص، فالدلالة التي في الموات الجامد كالدلالة التي في الحيوان الناطق، فالصامت ناطق من جهة الدلالة، والعجماء معربة من جهة البرهان".[2]

والذي يعنينا في مجالنا هذا من إطار الدلالة السابقة هو الدلالة اللفظية، أي: دلالة الألفاظ اللغوية على معانيها، وهو عين موضوع المعنى اللغوي.[3]




تقسيم ابن جنـّي للدلالة:

وقسم ابن جني الدلالة إلى ثلاثة أقسام: لفظية، وصناعية، ومعنوية.

قال أبو الفتح ابن جني: " اعلم أن كل واحد من هذه الدلائل معتدّ مراعًى مُؤْثر إلا أنها في القوّة والضعف على ثلاث مراتب:

فأقواهنّ الدلالة اللفظية، ثم تليها الصناعية، ثم تليها المعنوية. ولنذكر من ذلك ما يصحّ به الغرض. فمِنه جميع الأفعال. ففي كل واحد منها الأدِلَّة الثلاثة. ألا ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره، ودلالة بنائه على زمانه، ودلالة معناه على فاعله. فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه. وإنما كانت الدلالة الصناعيّة أقوى من المعنويّة من قِبَل أنها وإن لم تكن لفظا فإنها صورة يحملها اللفظ، ويخرج عليها ويستقرّ على المثال المعتزَم بها. فلمّا كانت كذلك لحِقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به فدخلا بذلك في باب المعلوم بالمشاهدة. وأما المعنى فإنما دلالته لاحقة بعلوم الاستدلال وليست في حيزّ الضروريات، ألا تراك حين تسمع (ضَرَب) قد عرفت حدثه وزمانه ثم تنتظر فيما بعد فتقول: هذا فِعل ولا بدّ له من فاعل، فليت شعري من هو وما هو فتبحث حينئذ إلى أن تعلم الفاعل من هو وما حاله مِن موضع آخر لا من مسموع (ضرب) ألا ترى أنه يصلح أن يكون فاعله كلّ مذكّر يصحّ منه الفعل مجملا غير مفصَّل....[4]




وقد حلل د/ البركاوي هذا النص، وبين المقصود بهذه الدلالات الثلاث، فقال:

1- الدلالة اللفظية: يبدو أن المقصود منها دلالة اللفظ على المعنى الوضعي المستفاد من المادة المعجمية التي يتكون منها، وذلك كدلالة (ض-ر-ب) على حدث الضرب، أي: الصورة الذهنية المختزنة بإزاء هذه المادة في الذاكرة الإنسانية.

2- الدلالة الصناعية: ويقصد بها دلالة الصيغة أو الشكل المعين للكلمة على معنى إضافي لاحق بالمعنى الأصلي المتحصل من أصل المادة، كدلالة صيغة (ضرب) على المضيّ، بالإضافة إلى دلالتها الأصلية على حدث الضرب.

3- الدلالة المعنوية: والمقصود بها دلالة الالتزام أو التضمن، وهي دلالة عقلية، كقولنا: (قام) إثبات لحدث القيام في الزمن الماضي، ويتضمن ذلك أو يلزم عنه وجود شخص أو شيء يسند إليه ذلك القيام.[5]




موضوع علم الدلالة:

يستفاد مما سبق أن هذا العلم يُعْنَى بالمعنى، لذا فإن موضوع هذا العلم هو (المعنى).

يقول أستاذنا د/ البركاوي: ويشكل المعنى الموضوع الأساسي في علم الدلالة، سواء أكان اللفظ المفرد، أم العبارة، أم الجملة.[6]

ثم يبين كيف تتم دراسة هذا المعنى، فيقول: " ثم تتفرع زوايا النظر إلى ذلك المعنى وفقا للمنهج المتبع في دراسته، فإذا كان المنهج تاريخيا؛ برزت قضايا التطور التاريخي للمعاني، والقوانين التي يخضع لها هذا التطور، وإذا كان المنهج وصفيًا؛ كان الاهتمام الأساسي هو الكشف عن ماهية هذا المعنى، والبحث في أفضل الطرق الممكنة لتحليله إلى عناصره ومكوناته".[7]

ويبين د/أحمد مختار عمر أن الرموز هي موضوع علم الدلالة أيا كان نوعها، ثم يوضح أن علم الدلالة يُعْنَى عناية خاصة باللغة من بين أنظمه الرموز، فيقول: " يستلزم التعريف الأخير[8] أن يكون موضوع علم الدلالة أي شيء أوكل شيء يقوم بدور العلامة أو الرمز، هذه العلامات أو الرموز قد تكون علامات على الطريق، وقد تكون إشارة باليد، أو إيماءة بالرأس، كما قد تكون كلمات وجملا.

وبعبارة أخرى: قد تكون علامات أو رموزا غير لغوية تحمل معنى، كما قد تكون علامات أو رموزا لغوية.

ورغم اهتمام علم الدلالة بدراسة الرموز وأنظمتها بحيث تشمل ما كان منها خارج نطاق اللغة؛ فإنه يركز على اللغة من بين أنظمة الرموز باعتبارها ذات أهمية خاصة بالنسبة للإنسان.[9]




وعلى ذلك، فإن علم الدلالة يتناول الموضوعات الأساسية الآتية:

1- معاني المفردات حين تكون رموزاً لأشياء من خارج اللغة = (المعاني الوضعية).

2- المعاني الوظيفية للوحدات اللغوية من المورفيمات =(الوحدات الصرفية)، والكلمات والجمل من حيث علاقات هذه المعاني، ويطلق بعضهم على النوع الأول: (المعاني المعجمية)، وعلى النوع الثاني: (المعاني التركيبية أو الوظيفية)، سواء أكانت صرفية أم نحوية أم اجتماعية.

3- النظريات المختلفة التي يتم من خلالها تحليل المعاني، وذلك مثل: نظرية السياق، أو نظرية الحقل اللغوى وغيرها.

4- قضايا تعدد المعاني للفظ الواحد، أو تعدد الألفاظ للمعنى الواحد، كما يتناول قضايا وضوح المعنى.

5- قضايا تطور المعنى، مظاهره، وأسبابه، وقوانينه، ونحو ذلك.[10]

وهناك وجهة نظر خاصة بعلماء المعاجم في تعريف الدلالة لا يؤيدها البحث، فهم يعرفون علم الدلالة "بأنه ذلك الفرع من علم اللغة الذي يقوم بدراسة المعنى المعجمي"؛[11] ذلك لأن هذا التعريف يقصر علم الدلالة على مجال واحد من مجالات اهتمامه، إذ يدل على "أن علماء المعاجم ينظرون إلى علم الدلالة على أنه يختص بدراسة الألفاظ المفردة دون القضايا أو النظريات المختلفة التي قد يتناولها علماء اللغة عند دراستهم لعلم الدلالة".[12]

فهذا التعريف السابق يشير" إلى نظرة ضيقة قنعت بالأمور السطحية ولم تأت بجديد في هذا الشأن أكثر من تقديم تسمية جديدة لدراسة قديمة معروفة، هي صناعة المعجمات وما يرتبط بها من تصنيف كلمات اللغة وإعطائها معانيها العامة ".[13]




منزلة علم الدلالة:

إذا كان موضوع علم الدلالة هو دراسة المعنى بكل ما يتعلق به من قضايا؛ فإنه بلا شك هو الحصيلة النهائية للمنطوق بهيئتة البنائية المعينة وما ينتظمه من عناصر أو لبنات منسوقة نسقاً خاصاً وفقاً لقواعد نظم الكلام في اللغة.[14]

وعلم الدلالة - كما وصفه د/السعران: قمة الدراسات اللغوية.[15]

يقول د/ السعران: علم الدلالة أو دراسة المعنى فرع من فروع علم اللغة، وهو غاية الدراسات الصوتية، والفونولوجية، والنحوية والقاموسية، إنه قمة هذه الدراسات.[16]




وإذا كانت الدراسات الصوتية والفنولوجية والنحوية والقاموسية لم ينهض بها عادة إلا اللغويون؛ فإن النظر في المعنى موضوع شارك فيه علماء ومفكرون من ميادين مختلفة، شارك فيه من قديم: الفلاسفة، والمناطقة خاصة، وشارك فيه علماء النفس، وعلماء

الاجتماع، والأنثروبولوجيا حديثا، وأسهم فيه علماء السياسة والاقتصاد، وجماعات من الفنانين والأدباء، والصحفيين، وذلك لأن المعنى اللغوي من شأنه أن يشغل المتكلمين جميعا على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الفكرية.[17]

يتضح من هذا النص أهمية علم الدلالة، وتشابكه مع العلوم الأخرى، وأن البحث في دلالة الألفاظ أو دراسة المعاني علم جليل، "إذ يتوقف كثير من قضايا الحياة على فهم النصوص فهما صحيحا دقيقا، ففي ميدان الحقوق والقانون مجال كبير للاختلاف على دلالة الألفاظ في مجال المعاهدات الدولية، والاتفاقات التجارية، والمعاملات الاقتصادية"[18] وفي ميدان الدين -وخاصة في الفقه الإسلامي- تحتل النصوص موقعا خاصا، ويتعلق على فهمها تحديد الأفكار في العقائد، والأحكام في قضايا المعاملات والعبادات، ويقع لذلك الاختلاف في فهم مراد الشارع، وتحديد معاني الألفاظ في القرآن الكريم والحديث.[19]




وفي هذا الشأن - شأن قيمة الدلالة وفهمها في مجال الدين- يقول ابن جني: "إن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها، وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه واستخف حلمه ضعفه في هذه اللغة الكريمة الشريفة التي خوطب الكافة بها، وعرضت عليها الجنة والنار من حواشيها وأحنائها، وأصل اعتقاد التشبيه لله تعالى بخلقه منها، وجاز عليهم بها وعنها، وذلك أنهم سمعوا قول الله سبحانه وعلا عما يقول الجاهلون علوا كبيرا: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56]، وقوله عز اسمه: ﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 115]، وقوله: ﴿ قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ﴾ [ص: 75]، ونحو ذلك من الآيات الجارية هذا المجرى،.. حتى ذهب بعض الجهال في قوله تعالى: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ﴾ [القلم: 42]، أنها ساق ربهم، ونعوذ بالله من ضعف النظر وفساد المعتبر،... ولو كان لهم أنس بهذه اللغة الشريفة، أو تصرف فيها، أو مزاولة لها؛ لحمتهم السعادة بها ما أصارتهم الشقوة إليه بالبعد عنها،... وطريق ذلك: أن هذه اللغة أكثرها جارٍ على المجاز، وقلَّما يخرج الشيء منها على الحقيقة،.. وذلك أنهم يقولون: هذا الأمر يصغر في جنب هذا، أي: بالإضافة إليه، وقرنه به، فكذلك قوله تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56]، أي: فيما بيني وبين الله، إذا أضفت تفريطي إلى أمره لي ونهيه إياي..". [20]

ومما يؤكد خطر = (أهمية) دراسة المعنى: أن جانب المعنى هو قائد الدراسات المنصبة على صياغة الأساليب والألفاظ، فقد وُضِعت قواعد النحو ورُتِّبت أحكامه على مقتضى المعنى، ومن مقاييسهم المأثورة في ذلك: أن الإعراب فرع المعنى، والصرف إنما هو قواعد لصوغ الصيغ حسب المعاني الصرفية، وضبط التغيرات التي تعتريها في ذلك، والبلاغة تقنين لبراعة الأساليب في تصوير المعنى المقصود، ومطابقة ما يقتضيه الحال منه، وعلى المعاني تدور دراسات النقد الأدبي، وهذا بالطبع إلى جانب دراسات فقه اللغة التي هي قائمة على المعنى ومخصصة له".[21]

يقول د/ بشر: "ويمثل المعنى في الدراسات اللغوية اليوم نقطة أساسية من نقاط البحث، بل إن أستاذنا فيرث جعله أساس هذه الدراسات كلها وهدفها الأول".[22]

وإذا كان علم الدلالة موضوعه المعنى - كما سبق - فإنه يعد أساساً لكل الدراسات اللغوية التي سبق الحديث عنها، والتي أشار إليها العلماء من العرب والمستشرقين.





[1] هناك عدد من التقسيمات وردت في كتب المناطقة والأصوليين واللغويين، فعلى سبيل المثال: قام الإمام الغزالي بتقسيمها إلى دلالة مطابقة، وتضمن، والتزام. ينظر: المستصفى من علم الأصول (1 /30). للإمام الغزالي دار إحياء التراث العربي، ومؤسسة التاريخ العربي. بيروت ط:3 -1414هـ - 1993م.
وقسمها الأصبهاني إلى دلالة وضعية وغير وضعية، فقال: وهي إما وضعية، أي: يكون للوضع مدخل فيها، إما بلا واسطة كما في المطابقة، أو بواسطة، كما في التضمن والالتزام، وإما غير وضعية ولا مدخل لها في العلوم، والوضعية تنقسم إلى لفظية وإلى غيرها. بيان المختصر (1 /120)، وينظر: طرق دلالة الألفاظ على الأحكام المتفق عليها عند الأصوليين (ص17) رسالة ماجستير إعداد / حسين على جفتجي. جامعة الملك عبد العزيز. مكة المكرمة. 1401هـ -1981م، وعلم الدلالة أصوله ومباحثه في التراث العربي(ص64) وما بعدها. دراسة/ منقور عبد الجليل. اتحاد الكتاب العرب- دمشق. 2001م.
كما قسمها الزركشي إلى لفظية وغير لفظية. ينظر: البحر المحيط (2 /269)، وقريب من هذا التقسيم تقسيم ابن النجار الحنبلي. ينظر: شرح الكوكب المنير(1 /125) وما بعدها، والتعريفات للجرجاني (ص93)، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (1 /788).



[2] البيان والتبيين (1 /75-83).



[3] المعنى اللغوي (ص47) دراسة عربية مؤصلة نظريًا وتطبيقيًا د. محمد حسن حسن جبل. مكتبة الآداب ط:1 – 1426هـ - 2005م.، وينظر: منهج الدرس الدلالي عند الإمام الشاطبي (ص162).تأليف الأستاذ / عبد الحميد العلمي. وزارة الأوقاف. المغرب. 1422هـ -2001م، ودلالة الألفاظ على الأحكام المتفق عليها (ص15).



[4] الخصائص (3/98، 99). لأبي الفتح عثمان بن جني. تح/ محمد على النجار. سلسلة الذخائر. الهيئة العامة لقصور الثقافة. القاهرة. 2006م.



[5] في الدلالة اللغوية (ص25، 26).



[6] في الدلالة اللغوية (ص18)، وعلم الدلالة (ص58). د. محمد عبد الحفيظ العريان. ط:2 – 1424هـ 2003م.



[7] في الدلالة اللغوية (ص18).



[8] يقصد به تعريف علم الدلالة بأنه ذلك الفرع الذي يدرس الشروط الواجب توافرها في الرمز حتى يكون قادرًا على حمل المعنى.



[9] علم الدلالة (11، 12).



[10] في الدلالة اللغوية (ص18، 19).



[11] الكلمة دراسة لغوية معجمية د.حلمي خليل (ص99) دار المعرفة الجامعية للطبع والنشر والتوزيع. الإسكندرية. بدون تاريخ.



[12] ينظر السابق (ص100).



[13] علم الدلالة دراسة دلالية وتطبيقية (ص14، 15). د. فريد عوض حيدر. مكتبة الآداب. ط:1 – 1426هـ - 2000م.



[14] علم الأصوات د.كمال بشر (ص623). دار غريب. 2000م.



[15] ينظر: علم اللغة مقدمة (ص213).



[16] علم اللغة مقدمة (ص213).




[17] السابق (ص213)، وينظر: علم الدلالة د.فريد حيدر (ص15، 16).



[18] ينظر: دلالة الألفاظ د. إبراهيم أنيس (ص81) وما بعدها. مكتبة الأنجلو المصرية. بدون تاريخ.



[19] علم الدلالة د / العريان (ص5، 6)



[20] الخصائص لابن جني (3 /245).



[21] المعنى اللغوي د. محمد حسن جبل (ص11).



[22] دور الكلمة في اللغة لاستيفن أولمان (ص3، 4). د. كمال بشر. مكتبة الشباب. 1987م.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.70 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]