الأساس التعبدي وأثره في التقويم التربوي: علم الفقه أنموذجا - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213693 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس

ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-11-2021, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي الأساس التعبدي وأثره في التقويم التربوي: علم الفقه أنموذجا

الأساس التعبدي وأثره في التقويم التربوي: علم الفقه أنموذجا


المصطفى فرحان


الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فإن (التقويم التربوي) يعتبر مِن أهمِّ مكونات المنهاج الدراسي المرتبطةِ عناصرُه بعَلاقةٍ بِنْيويةٍ، وتزداد أهمية البحث فيه عندما يرتبط بعلم شرعي يتميَّز بشرفِه ومنزلتِه بين العلوم، ألا وهو (علمُ الفقه).

ومن خلال (التقويم التربوي) يمكن الحكمُ على مدى نجاعة المكونات الأخرى، وتحديدُ مكامن الضعف والقصور فيها قصدَ تصحيحِها وتجاوُزِها، وتحديدُ مكامن القوةِ والتميُّز فيها بهدف تعزيزِها وتثمينها.

فكما هو معلوم في الأدبيات التربوية الحديثة، يرتكز التقويم التربوي على مجموعةٍ من الأسس العلمية والمنهجية والتربوية / البيداغوجية، ويتميز بجملةٍ مِن الخصائص التي تجعله يتَّسِم بالموضوعية والصدق والثبات، وغير ذلك مما هو متفق عليه بين جميع المشتغلين بالحقل التربوي.

غيرَ أني في هذا المقال سأتحدث عن أساسٍ آخرَ لم تتطرَّق إليه البيداغوجيات الحديثة؛ لأنه أساس نابع من طبيعة ديننا الحنيف، وينسجم مع البِنْية الداخلية للفرد المسلم، الذي يعتقد اعتقادًا راسخًا أن الله تعالى يراقبه في كل صغيرة وكبيرة، إنه (الأساس التعبدي).

هذا الأساس الذي يتعيَّن على الإنسان المسلم استحضاره في شتى مناحي الحياة، ومِن ضمنها العملية التقويمية في العلوم عامة، وفي العلوم الشرعية على وجه الخصوص، وقد اخترتُ التقويم في الدرس الفقهي أنموذجًا في هذا المقام.

وأقصد بـ(الأساس التعبدي) لتقويم (الدرس الفقهي): "مجموع الصفات والأخلاق الحميدة التي تجعل المقوِّم والمقوَّم محتسبًا صادقًا وصبورًا أثناء إنجاز فعل التقويم إعدادًا وتنفيذًا".

قد يستغربُ البعض - خصوصًا مَن كانت بضاعتُه مُزْجاةً في العلم الشرعي - من مجرد ذكر هذا الأساس، وما عَلاقته بالتقويم؟
وهذا تساؤل مشروع، بحكم غياب هذا الأساس في البيداغوجيات الحديثة، أما علماء المسلمين عامة والفقهاء على وجه الخصوص، فلم يَغِبْ عنهم استحضارُ التعبد، بل إن منهم مَن جعل النيَّة أولَ العلم، فقد أخرج ابن عبدالبر (ت 463هـ) بسنده عن ابن المبارك (ت181 هـ)، قال: "أول العلم النية، ثم الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر"[1]، فكان طلب العلم عندهم عبادة[2]؛ فنتج عن ذلك تولُّد الحافز الداخلي عند الطالب، مصحوبًا بالوازع الديني الذي ينأَى به عن الأغراض الدنيوية الفانية، فكانت هذه الأخيرة تأتي بالتبع لا بالأصالة، كما هو الحال في التربية الحديثة.

لقد وضع الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله (التعبُّد) ضابطًا أولًا من ضوابط البحث في العلوم الشرعية، قائلًا: "قد يستغربُ الكثير وضع (التعبُّد) ضابطًا من ضوابط البحث العلمي، غير أنَّا - نحن المسلمين - نستغرب إقصاءه ليس مِن مجال البحث العلمي فحسب، ولكن مِن كل أنشطة الحياة، داخل المجتمع الذي ينتسب للإسلام"[3].


يعتبر (علم الفقه) مِن أقرب العلوم الشرعية لواقع المكلَّفين وحاجاتهم، فهو العلم المواكِب لتغيُّر ظروف الزمان والمكان، ويظهر أثرُه بشكل واضح في النوازل المستجدَّة التي لا حكم لها في النصوص الشرعية؛ لذلك يتحتَّم استحضار هذا الأساس في تدريس هذا العلم وتقويمه؛ حتى يمكن لنا تخريج طَلَبة مجتهدين ومُمْتثِلين في الوقت نفسه، بعيدًا عن تحكُّم المصلحة الذاتية أو الهوى الشخصي؛ "فإن العامل بالامتثال عاملٌ بمقتضى العبودية، واقفٌ على مركز الخدمة، فإن عَرَض له قصد غير الله ردَّه قصد التعبد"[4].

بِناءً على ذلك يقتضي هذا الأساس ربطَ الفقه بجذوره العقدية وعدمَ الفصل بينهما؛ إذ لا يصحُّ أن نُكوِّن فقيهًا بدون عقيدة سليمة تُوحِّد العلوم الشرعية عامة، وتبعث روح الامتثال في طلبتها ومدرِّسيها، ثم إن استحضار الطالب للأساس التعبُّدي سيُوَلِّد لديه الرغبةَ في الإقبال على التحصيل وطلب العلم، ويؤدي إلى تقوية الهِمم، خاصة إذا ترافق ذلك مع سداد المنهج، والظفر بأستاذٍ ربَّاني، يحفز طلبته في هذا الاتجاه، ويغرس فيهم الأخلاق الحميدة، ويوجههم إلى الهدف الأسمى من طلب العلم، فقد جعل الإمام الغزَّالي (ت 505هـ) الوظيفةَ الثالثة من وظائف المعلم "ألَّا يدع مِن نصح المتعلم شيئًا، وذلك بأن يمنعَه من التصدّي لرتبةٍ قبل استحقاقها...، ثم يُنبِّهه على أن الغرض بطلب العلوم القربُ مِن الله تعالى دون الرياسة والمباهاة والمنافسة"[5].

يتضح أن كلًّا من الأستاذ والطالب مُطالَبانِ باستحضار نيَّة التعبد، فالأستاذ الربَّاني يُوجِّه، ويُقدِّم النصح، ويَكُون قدوة حسنة، والطالب من جهته يُسهِم بنصيبه عبر تجديد نيَّته، والرغبة الأكيدة والانخراط الفعلي في الطلب، واضعًا نُصب عينَيْه الغرضَ الأصلي مِن تعلمه، ألا وهو القرب من الله تعالى وتحقيق العبودية له سبحانه، وليس الوصولَ إلى الوظيفة أو المنصب أو المباهاة.

أثر استحضار (الأساس التعبدي) في (العملية التقويمية):
إن استحضار هذا الأساس مِن قِبل المقوِّم والمقوَّم، إعدادًا وتنفيذًا، ينتج عنه ما يلي:
إقبال الطالب على التقويم رغبةً في العلم وتشوُّفًا لمكارمه وفضائله، عن طريق الرغبة في تجويد تعلُّماته بعد العلم بنتائج التقويم الذي يُعتبر - في ظل هذا الأساس - وسيلةً وليس غاية.

ترسيخ قيم تربوية إنسانية؛ مثل الأمانة، والعدل، والالتزام؛ إذ إن هذه القيم ستُسهِم في تحقق خصائص التقويم، وخاصة منها الموضوعية والصدق والثبات.

يُمثِّل هذا الأساس بالنسبة للمقوِّم والمقوَّم صمامَ أمانٍ يضمن الإخلاص في العملية التقويمية، وحينئذٍ نضمن التخلُّص من بعض الأمراض التي تعاني منها هذه العملية، (خاصة أثناء التقويم الإجمالي)؛ من غش، أو تدليس، أو تعاون بين المقوَّمين، أو غيرها؛ خاصة إذا علمنا أن ظاهرة الغش في الامتحانات تضربُ مبدأ تكافؤ الفرص في مَقْتلٍ، "وخير دليل على ذلك ظاهرةُ استنساخ الخطاطات وملخصات الدروس في الكثير من المواد الدراسية"[6].

إن المقوَّم الذي يأخذ حذرَه من لجان الحراسة أو كاميرات المراقبة، لَأجرَأُ على الغشِّ - ما وجد إليه سبيلًا - مِن الذي يُقبِل على التقويم مستحضرًا مراقبة الله تعالى، ومدركًا أن التقويم ما هو إلا محطة للانتقال إلى تعلُّمات جديدة، أو لتصحيح تعلمات خاطئة، أو لتجاوز تعثرات في عملية التعلم تكشف عنها نتائج التقويم.

الصبر على متاعب الطلب وصعوبات الاستعداد للتقويم خلال الفترات المخصصة لذلك؛ إذ بقدر صبر الطالب وبذله للجهد واحتسابه، بقدر أجرِه ومنزلته عند الله تعالى[7].

ثم إن استحضار هذا الأساس مِن قِبل جميع العناصر المتدخِّلة في العملية التقويمية، يتولَّد عنه الالتزام بالقيم الإسلامية، والضوابط الأخلاقية عند تقويم الأداء بصفة عامة.
هذا، والله تعالى أعلى وأعلم.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات


[1] "جامع بيان العلم وفضله"؛ لابن عبدالبر، تحقيق: مسعد بن عبدالحميد السعدني، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 3/ 2010م، ص 162.

[2] انظر: "الموافقات"؛ للإمام الشاطبي، تحقيق الشيخ عبدالله دراز، دار الحديث القاهرة، 2006م، ج2/ ص414، وقال الشاطبي أيضًا: "فإن الأعمال بالنيات، والمقاصد معتبرة في التصرفات"؛ المرجع السابق، ص351.

[3] "أبجديات البحث في العلوم الشرعية"؛ د. فريد الأنصاري، دار الكلمة للنشر، مصر، ط1/ 2002م، ص23.

[4] "الموافقات"، مرجع سابق، ج2/ ص 525.

[5] "إحياء علوم الدين"؛ أبو حامد الغزالي، مكتبة الصفا، القاهرة، ط1/2003م، ج1/ ص 69.

[6] "إشكالية التقويم في المنظومة التربوية المغربية"؛ عبدالمجيد لعماري، مجلة علوم التربية، العدد 63/ أكتوبر 2015م، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء، ص 54.

[7] قال الإمام الغزالي: "ومَن قصد الله تعالى بالعلم - أي علم- كان نفعه ورفعه لا محالة"؛ انظر "إحياء علوم الدين"؛ مرجع سابق، ج1/ ص 65.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.49 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]