لا تكسر العود - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         على طريق النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          تربية الأبناء الواجب والتحديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          احفظ لسانك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          الأثيم في الاحتفال بشم النسيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الصلاة والاهتمام بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          الإسراف خطره وصوره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          شرح النووي لحديث ابن الزبير: كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق مع النسوة في أطم حسا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          شرح الننوي لحديث: لكل نبي حواري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          إشارة إلى كتب مهمة في باب حجية السنة ورد الشبهات عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          خطر الدعاء على الأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-11-2021, 03:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,680
الدولة : Egypt
افتراضي لا تكسر العود

لا تكسر العود
أ. رضا الجنيدي




فنون الحب في الإسلام (4)


وقفتْ نحلةٌ على زهرةٍ نديَّةٍ، فامتصَّتْ رحيقَها بكلِّ السعادة والنَّشوة، ثم طارت لتستمتعَ بهذا الرحيق، وتصنعَ منه عسلًا مصفًّى... فهل لاحظتَ كيف كان حالُ العود حين وقفتْ عليه النحلةُ؟ وكيف صار حالُه بعد أن رَحَلَتْ عنه؟ هل كُسِرَ أو مسَّه سوء؟ مُحال أن يحدث هذا؛ فبين النحل والزهر عَلاقةُ حُبٍّ راقية، لا محل فيها للإفساد، أو الكسر والتحطيم.

النحلة تختلف عن باقي مُحبِّي الزهور؛ فلا هي تَقْطِفها كالبشر، ولا تهجم عليها بقسوةٍ وأنانية كالجراد، ولا تتعمَّد الأخذَ دون العطاء، بل هي تنشر مِن نَفْعِها على الزَّهر كما منحها العطر... وكيف تبخل على مَن مدَّ لها يدَ العطاء، وهي الأصيلة صاحبة الوفاء؟!

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((والذي نَفْسُ ‏ ‏محمد ‏ ‏بِيَده، إنَّ مَثَلَ المؤمنِ ‏‏لَكَمَثَلِ النحلةِ؛ أَكَلَتْ طَيِّبًا ووضَعَتْ طَيِّبًا، ووقَعَت فَلَم تَكْسِر ولم تُفْسِد)).

هذا هو الحبُّ الراقي الذي لا مكان فيه للأنانية أو القسوة أو الهمجية... لا مكان فيه لكسر النفوس، ولا النيل من المحبوب وإذاقته مُرَّ الكؤوس، والمؤمن كالنحلة في حبِّه؛ يعلم أنَّ مِن حُسن الخُلُق أنْ يعطيَ محبوبَه كلَّ جميل كما أَخَذَ منه كلَّ جميل، وأنْ يحافظ على قلبه ومشاعرِه كما حافظت النحلةُ على عود الزَّهر حين وقفتْ عليه، فلا هي كَسَرَته، ولا هي أَفْسَدَته.

المؤمن يعلم أن الحبَّ في الإسلام لا مكان فيه للأنانية العاطفيَّة، ولا مكان فيه للقسوة أو الجحود، مهما حدث بينه وبين محبوبه من خلافٍ أو صدودٍ... تمامًا كذلك الرجل الصالح الذي أراد أنْ يطَلِّقَ امرأته، فسُئل: لِمَ تريد أن تطلِّقَها؟ فقال: العاقل لا يهتك سِتْرَ امرأتِه، فلما طلَّقها قيل له: لِمَ طلَّقْتها؟ قال: ما لي وامرأة غيري؟!

هذا الرجل تأدَّب بآدابِ وأخلاق الإسلام، وعَلِمَ أنَّه لا ينبغي لوَفِيٍّ ولا لعاقلٍ أنْ يذُمَّ امرأتَه أمام الغُرَباء وإنْ اختَلَف معها أو فارقها، فهو لا يكسر النفوس حتى وإن تباعدت بين القلوب المسافاتُ، وإن تقطَّعت كلُّ أواصر العَلاقات.

كم هالني ما رأيت من زوجاتٍ يشتكين من كَسْرِ أزواجِهن لهن، فها هو الزوج يمتصُّ رحيقَ زهرةِ شبابِ زوجتِه... تقف إلى جواره حتى تجعله نجمًا في مجاله، وتتحمَّل المصاعب من أجل أن تُسعدَه وترى نجاحَه، وحين يتلأْلأُ نَجْمُه، تلتفت هي إلى نفسها، وتفكِّر أنْ تُطلقَ قُدُرَاتِها في حدود ما أباحه الشرعُ لها، فإذا به يكسرها بقسوةٍ بالغة حين يحُطُّ من شأنها، ويسفِّه من اهتماماتها، ويتعمَّد أنْ يغضَّ الطَّرف عن أيِّ إنجازٍ لها، فلماذا أيُّها الزوج تكسر زوجتَك؟!

أليس من الحِكْمة وحسنِ العِشْرَة أن تقف إلى جوارها كما وقفت هي إلى جوارك؟ أليس من حُسن الخُلُق أن تردَّ الجميلَ لمَن كانت ذات يوم شمعةً تحترقُ من أجل أن تنيرَ طريق أيامك؟

لماذا حين ابتسَمَتْ لك الحياة، وودَّعك الفقر والعناء، أدَرْتَ ظَهْرَك لها، وبحثتَ عن غيرها؛ لتجني معها ثمارَ كفاحِها، فأفسدتَ فرحةَ زوجتِك، وكسرتَ قلبَها، وأفسدتَ حياتها؟!

وأنتِ أيتها الزوجة التي تؤلمني أخلاقُها، لقد كافح زوجُك من أجل أن يوفِّر لكِ ولأبنائكما حياةً طيبةً، فلماذا حين سقط طريحَ الفراش، تأفَّفتْ نفسُكِ منه، وثقُلتْ عليكِ رعايته؟!

لماذا كسرتِ العودَ بكلماتك الساخطة، ونظراتكِ القاسية؟!

ألم يكن زوجُك هذا ذات يومٍ زهرةً فوَّاحةً تمنحك أجملَ مقوِّمات الحياة؟

ألم يُفْنِ زهرةَ شبابه مِن أجلكِ أنتِ وأبنائكما؟!
لو كان في طبعكِ الوفاء، لما كان هذا حالك معه... ولكُنْتِ تحمَّلتِ بحبٍّ وبطِيبِ خاطرٍ، ولكانت أسعدُ لحظاتِك وأجملُها حين تكونين إلى جواره تخفِّفين عنه ما هو فيه، ومِن نَبْع اهتمامك وحنانك ترويه.

وأنتما أيُّها الزوجان الطيِّبان، أرى كلًّا منكما يحمل في ثناياه حبًّا عظيمًا لشريك حياته، فلماذا حين تختلفان يكسر كلٌّ منكما عودَ صاحبه، فينعته بأبشعِ الصفات والنعوت، ويُشعره أنه لا قيمة له في هذا الوجود؟!

لماذا تمتدُّ الكلمات الجارحة لتصِفَا بها بعضكما البعض أمام أبنائكما، فتكسرا أعوادًا وأعوادًا؟!

واللهِ ما ينبغي لهذه النفوس أنْ تُلَقَّب بأنَّها كان ذات يوم في قائمة المحبِّين، وما يُتصوَّر أن يصدر مثل هذه القبائح من المؤمنين، فهلا توقَّفْنا عن كسر أعوادِ مَن أحبَبْناهم ذات يوم، حتى ولو لم يَعُدْ لهم في القلب مكانةٌ؛ فإن لم يكن حبًّا في القلب متمكِّنًا، فليكن خُلُقًا طيبًا، ووفاءً لعُمْرٍ قضاه قلبان معًا.

كسر الأعواد للأسف لا يتوقَّف عند حدود العلاقة بين الأزواج والزوجات، بل يمتدُّ كثيرًا لينال من قلوب الآباء والأُمَّهات!

فهؤلاء أبناء اشتعلت بينهم نيرانُ الخلافات من أجل أُمِّهم وأبيهم... أتدرون لماذا؟

ليس لأنهم يتصارعون مِن أجل أنْ يفوزَ كلٌّ منهم برعايتهما في بيته بعد أنْ نال الكِبَر منهما، واخترق المرضُ جسديهما، وصارا يَعجِزانِ عن رعاية أنفسهما... بل يتصارعون من أجل التخلُّص منهما... فكلٌّ منهم يختَلِقُ الأعذار، ويسارع باتخاذ القرار، مردِّدًا بكلِّ نفورٍ واستكبار: ليس في بيتي مكانٌ لهما، وليس في وقتي متَّسَع لرعايتهما!

والله لو كان الوفاءُ يسكن قلوبَ هؤلاء الأبناء حقًّا، ما تجرَّؤوا على كسرِ عودِ مَن كانا ذات يوم شمسًا تُنِير لهم الحياة وتنشر عليهم عظيم دِفْئِها.

المحبُّ الصادق لا يكسر عود أمِّه وأبيه بعدم اهتمامه بأحوالهما واحتياجاتهما، ولا ينشغل بحياته عنهما فيطيل الغياب عليهما... بل هو دائمًا إلى جوارهما، يُضفِي عليهما البهجةَ والسعادة بحنانه، ويردُّ إليهم العطرَ أضعافًا، ويجعل من نفسه زهرةً نديَّة ليمتصَّا رحيقَها كما كانا يفعلان معه في الصِّغَر.

لذلك تذكَّروا القاعدةَ الرابعة من قواعدِ وفنون الحبِّ في الإسلام:
الحبُّ الصادق في الإسلام حبٌّ كلُّه رحمة ورقيٌّ، لا مكان فيه للشعور الأنانيِّ، أو السلوك الهمجيِّ... هو حب كلُّه عطاء ووفاء، حتى وإن خَفَتَ نورُ الحبِّ، فلا يمكن أن يَخْفِتَ نورُ الوفاء، أو أن يزول بريقُ الأخلاق؛ لذلك امنحْ حبيبَك عطرَ الحبِّ، وزِدْ في العطاء بكلِّ كيانك وخلجاتك، وإنْ غضبتَ منه أو اختلفت معه، فلا تكسر قلبَه بقسوةِ سلوكِك أو سوء كلماتك، وإنْ فارقته فليكن حسنُ الخُلُق زينة صفاتك، وإن صار بلا قدرة على البَذْل، فلا تتوقَّف أنت عن العطاء، واجعل من نفسك عنوانًا جميلًا للوفاء، وكن دائمًا كالنحلة في علاقتها بالزهر؛ تعطي طيبًا كما ذات يوم أَخَذَتْه، وما عُرف عنها أنها كسرت عودًا وقفت عليه أو أفسدته.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.39 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]