مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          تربية الطفل الاحتسابية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 36 - عددالزوار : 1173 )           »          زوجات يابانيات: الإسلام غيَّر حياتنا ومنحنا السعادة الحقيقية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 71 - عددالزوار : 16860 )           »          كلمات في العقيدة حوار من القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          إن ربـي قريـب مجـيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الاتفاقيات الدولية وأثرهــا علــى دولنــا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيفية التعامل مع الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          التربية على الإيجابية ودورها في نهضة الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-11-2021, 02:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية


د. عبدالقادر علي باعيسى





مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية


ديوان (سحر عدن وفخر اليمن) نموذجًا






اللغة واضحة في ديوان علي أحمد باكثير (سحر عدن وفخر اليمن)، تحقيق د. محمد أبو بكر حميد، وظاهرةٌ لا تدفع بالقارئ باحثًا عما وراءها، كاشفًا عن خباياها، ولا تُثير فيه انفعالات غيرَ منظمة، أو رؤًى غير مألوفة، غير أنها - على وضوحها - تتركه في حال من الانفعال بسموِّ المعاني وصدقها، بتأثيرات دينية وأخلاقية، ربما كانت سببًا في ذلك الوضوح، حتى ليمكِنُ للقارئ أن يحدسَ مسبقًا بكثير من مظاهر النص القادم؛ أي: إمكانية قراءة المعنى قبل الوصول إليه، ما دام موجهًا ببِنًى كلية من الدلالات الدينية والأخلاقية الاجتماعية، وإنما يتغيَّر ظاهر المعنى وَفْقًا لمستلزمات خارجية، أو ما يسمَّى بمناسبة القصيدة؛ فالسياقات الموضوعية بتماثلاتِها وتقارباتها تتدخَّل لتوجيه القارئ وإرشادِه إلى نصوص شعر باكثير في تلك المرحلة المبكِّرة من شعره التي يمثِّلها ديوانُه هذا، بالإضافة إلى ديوانه الأول: (أزهار الربا في شعر الصِّبا)[1]، وهو لَمَّا يزَلْ في اليمن، قبل أن يسافرَ إلى الحجاز، فمصر.



لقد ترتب على تلك الإبانة هيمنةُ المعاني ذات الطابَع الأخلاقي، بحيث يقف القارئ عند أفكار الكلمات، وفي إطار تصوراتها الأخلاقية غالبًا، يقدِّمها الشاعر بإخلاص عميق، فتمتزج رغبتُه في أداء الشعر بإخلاصه في أداء رسالته التي يمكن توصيفُها بأنها نموذج سامٍ من حيث أخلاقياتُها الدينية، وواقعي من حيث كونها ترغب في إجراء تغييرات إصلاحية في الواقع من غير انفصام أو تباين بين الجهتين، الدينية والواقعية، بوصف الوعيِ الأخلاقي الديني وعيًّا كليًّا تؤدَّى في ضمنه وظائفُ إصلاحية اجتماعية عملية، فتتم عبر النُّصوص محاولةُ إيجاد العالَم المثالي في العالَم الواقعي، وتشكيل العالم الواقعي على رؤية مثالية، ويمتزج ذلك بوعي القصائد التي تغدو في أغلبها موضوعًا خالصًا لتلك الغاية الإصلاحية.



على هذا يمكِن أن يطلق على باكثير في تلك المرحلة صفةُ (الشاعر المعاصر)، وعلى شعره (بالمعاصر)؛ بِناءً على مفهوم ستيفن سبندر للكاتب المعاصر الذي ينطوي على مفهوم الأديب المصلح المبشِّر في عصره، وما يقترن بهذا المفهومِ من إيمان الشاعر برسالة معينة، تجعله مبشِّرًا بمبادئَ ليست من صنعه في آخر المطاف، وإنما يفرضها واقعُ عصره؛ إذ يظل إسهامُه مرتبطًا بقواعد العصر، مذعنًا لقواعد اللُّعبة التي وُضعت له، فإسهامه أشبه بالرقص في السلاسل[2] ما دام الواقعُ الخارجي يفيض من تجارِبِه العامة على إمكانية الخصوصية الفردية في الكتابة، بما في ذلك واقعُ اللغة التي تراعي في هذا المقام "العرف الجاري في التحرُّر والالتزام، بُغْيةَ إخراج القصيدة المشتركة في جوهرها ومظهرها، لا خصوصية فيها ولا نشوز"[3]، مما سيفضي به شعر باكثير، انطلاقًا من قراءة هذا البحث لمظاهره اللغوية في هذه المرحلة المبكِّرة، وأول هذه المظاهر هو المظهرُ اللغويُّ الاجتماعي.



1- المظهر اللغوي - الاجتماعي:

يمكِننا أن ننظرَ ابتداءً إلى النصوص في مظهرها اللغويِّ الاجتماعي، يؤدِّيها شاعر مصلحٌ أُوتي حضورًا طيبًا في المجتمع، ويتقبلها عنه أناسٌ يفهمون رسالته جيدًا، بالتفاتنا - مثلاً - إلى المرسِل والمرسَل إليه اللذين نلمح بينهما إمكانيةَ التقارب الشديد، فالمرسِل (الشاعر) يعمل على تقرير القضايا وإرسالها بما هو معلوم متحصَّل في الذهن الفردي والجماعي من مجموع الخِلال والقِيَم الحميدة المعروفة والمتداوَلة في المجتمع، فلا تبدو لذلك ضمائرُ المرسَل إليهم (المخاطبين) ناشزةً عن تلك المعاني حال تلقِّيها؛ إذ تقرِّرها هي بدورها، بوصف الضمائرِ اللغوية هنا علاماتِ مبادئَ وقِيَمٍ تُحيلٍ على ذوات اجتماعية راغبة بذاتها في قِيَمِ الإرشاد والصلح، وإحداثِ الوئام والمبادرة الحسنة، أو يتخيَّلُها الشاعر كذلك أكثرَ من كونها علاماتٍ فنية تُحِيلُ على المتخيَّل، أو تساعد في الإحالة عليه، فيسري أثرُها المثالي النَّموذجي في مجموع الكلمات بفاعلية القاسَم الاجتماعي الأخلاقيِّ الديني المشترك، وتغدو الكلمات امتدادًا للدلالة القيمية للضمائر، في الوقت الذي تغتني الضمائرُ بدَلالة الكلمات المثلى، فتظلُّ الدَّلالة لذلك محصورةً معلومة بين الضمائر وهذه الكلمات من جهة، وبين النصِّ والمجتمع من جهة أخرى، لا يمكِنها الخروجُ عن حدودهما؛ أي: لا يمكِنها الخروج عن تركيب معروف محمَّل بدلالةٍ اجتماعية، ولا عن دلالة اجتماعية بادية في تركيب مألوفٍ عمادُه جُمل إنشائية وخبَرية مباشرة؛ كقول الشاعر:



فثُوبوا للوِفاق ولا تكونوا

(برَاقشَ)، واسمعوا النصحَ الثمينَا




دعُوا الأقدارَ للتاريخ يرقُمْ

عليكم أو لكم ما تعملونَا




وربُّكمُ بكم أدرى، تعالى

ففيمَ على المدى تتنابزونَا




ومن يُحسِن ويعمَلْ صالحاتٍ

فإنَّ اللهَ يَجزي المحسنينَا[4]








وقوله:



ثُوبوا إلى هَديِ النبي وصحبِه

تجدوه سهلاً واضحًا مطروقَا




وعقيدةِ السلفِ النَّقية؛ إنها

أقوى وأقومُ حجَّةً وطريقَا [5]








يعني هذا أن المجتمعَ - ككيانٍ من التقاليد والأعراف والعادات والمواضعات بما في ذلك لغتُه الأدبية - يمارس نوعًا من التدخل في نصوصِ الشاعر ما دام يُسهم في إنتاج الدلالة، ويرغِّب في التراكيب نفسِها ما دام لا يستهجنُها، يعضد ذلك زمنٌ تاريخي تقليدي هو مطلع القرن العشرين في بلد الشاعر، يعُدُّ كلَّ قصيدة على هذا المنوال إغناءً له وإحياءً، لا إضعافًا، من باب أن اللغة تمثِّل الشاعر وغيره تمثيلاً اجتماعيًّا؛ فاللغة الشريفة والمقاصد المستقيمة دالَّةٌ على ذات الشاعر نفسِها، حتى تَشيع في مثل هذا النمط من النصوص القِيمُ الحُكمية، كنتيجة تلقائية لهذا التوجُّه النصي - الاجتماعي، بوصفها بنيةً فوقية مستخلَصة أو منعكسة عن التَّجارب الاجتماعية، يقول باكثير:



وإذا الفتى سلِمت له عُددُ العُلا

وحلا الهوى فليَحْيَ وهْو سعيدُ




قف موقفًا بين المعالي والهوى

تنَلِ العلا، والعيشُ منك رغيدُ




إن الموفَّقَ للقيامِ وللوفا

بحقوق كلٍّ منهما لرشيدُ




والغانياتُ متى سدَدْن على الفتى

سُبلَ العلى فمصابُهن شديدُ




من قبل ما أوديْنَ (بابن زُبيدة)

ولها بهنَّ عن الكمالِ (يزيدُ) [6]








ويقول:



الدهرُ أبخلُ أن يديمَ سعادة

للمرء، فانظر كيف حَالَ الماءُ

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 22-11-2021, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

دعْ ذا، ودونك والعزاء فلم تدُمْ

في الدهر سرَّاء ولا ضراءُ




من كان حُسنُ الصبر تَجفافًا له

فالبؤسُ والنُّعمى لديه سواءُ [7]







ويسري مثلُ هذا التوجُّه اللغوي حتى على مستوى لغة العلاقات الذاتية الشخصية، التي يجدر بها أن تغدوَ أكثر خصوصية في استحضار حالات الذات الخاصة، وتقديم بلاغة الانفعالات النفسية التي يمكِنُها أن تفتح أبوابًا مستجدة في المعنى، وتمارسَ اختياراتِها في تجاوز ما هو سائد، وفي محاولة إنجاز صياغةٍ لغوية ذاتية، لكنَّ ذلك لم يحدث، يقول باكثير وقد (مرض بالحمى والصداع في عدن) مخاطبًا صديقَه الأثير محمد علي لقمان:



فدُمْ يا سيدي (لقمان) طبًّا

وسلوى للعليل وللحزينِ




فكم فرَّجتَ من همي وضيقي

وكم كفكفتَ من دمعي السَّخينِ[8]








ويقول وقد أطلعه صديقُه لقمان على رحلة له إلى الصومال:



مرَّت بنا سرعى الحياةُ

لم تبقَ إلا الذِّكرياتُ




(لقمان)، هذي رحلة

ميمونةٌ فيها عظاتُ[9]








حيث يتحول ما يمكن أن تكشفَ عنه الرحلة من خصوصيات تخيلية وفنية، إلى التنويه بـ: (العظات) الحياتيةِ الاجتماعية بلُغةٍ مجملة عامة، ولعل سببَ ذلك التماثل بين العام والخاص أو بين الاجتماعيِّ والشخصي في اللغة - هو أنَّ المعانيَ الشائعة تُحدِث قِيَمًا تبادلية انعاكسية لمعاني الجُمَل بعضها في بعض من خلال ارتباطها جميعًا، شخصية وعامة، بقِيَم المجتمع التي تُضفي عليها ما يشبه الوحدة المتكاملة، وتنزِّلها وَفْق تشخيصات تركيبية لغوية، هي بدورها قوالبُ عامة متبادَلة، أنتجها الوعيُ الشعري التقليدي، وكرَّرها، فتتضافر لذلك العلاقاتُ اللغوية والدلالية على إنجاز بناءٍ نصي محكم، يتشكَّل وعيُه الأدبي من خلال دورانه على نفسه، وترائيه في بعضه، وَفْق مرجعية تقليدية حتى تتنزل الكتابةُ فيما يشبه الإجراءات العملية، وتبدو الدلالة أكثرَ تماثلاً كلما أُعيد التكرار، سواءٌ وسَّع النص مداه الإنشائيَّ في قصائدَ طويلة، أو قلل منه في مقطوعات، أو حتى في بيت واحد، ما دامت الرؤيةُ واضحةً، ولو بعدد أقلَّ من الجمل، فثمة مخزونٌ في الذاكرة الجماعية بما فيها ذاكرةُ الشاعر نفسِه، يستحضر المعانيَ العامة حال ذكرها ولو بصيغةٍ موجزة، فقول باكثير مثلاً:



إن الحياةَ جهاد كلُّه تعَب

من لم يجاهِدْ يمتْ في ساحة الفشل [10]








وقوله:



والعمر يقصُرُ إن ضيعتَه سفَهًا

وإن تصِلْه بأسبابِ العُلا يَطُلِ [11]








يمكن حملهما - وهما بمعنى واحد تقريبًا - بتوسعةٍ أكبر مع اختلافات تفصيلية حسب الموقفِ على أكثرَ من قصيدة[12]؛ حيث يتماثل قليلُ الكلمات وكثيرها في القدرة على الوصول إلى المعنى، سواءٌ نما داخل النص، أو جاء مكتملاً، ما دام نموه يمكن التكهُّنُ به عبر ملامحَ معينة للوعي الأدبي - الاجتماعي؛ كالوضوح، وقراءة الشيء بالشيء، وشيوع المعنى، وإمكانية التقبُّل العام، والتماثل، والقدرة على البقاء والتواصل في الوعي الاجتماعي، والأدبي.



إن اللغةَ الأدبية تصبح بمعنى آخر وجهًا اجتماعيًّا مثاليًّا في هذا المقام ما دام ثمة رسالةٌ عامة متداولة بين الجميع، شعراءَ وخطباء ومتلقين، تنعدم فيها وظيفةُ الإرسال الحرِّ، أو غير المألوف من مرسِلٍ خاص إلى قارئ خاص، فالكل مرسِلٌ والكل متلقٍّ للمعاني نفسها مع اختلافاتٍ في الصياغات غير حارفة للمعاني الأساسية، ما دامت تمثِّل قيمًا معروفة متداولة؛ فالوعي اللساني للمتكلم والسامع "لا يواجه أثناء الممارسة الحية نظامًا مجردًا من الصيغة المعقدة، ولكنه يتعامل مع اللغة من مجموع السياقات الممكنة لهذه الصِّيغ أو تلك، ولا تبدو الكلمة للفرد الذي يتحدث بلسانه الأصلي كأنها كلمةٌ خارجة من القاموس، ولكنه جزءٌ لا يتجزَّأ من الأقوال الأكثر تنوعًا لدى المتكلمين المنتمين إلى الجماعة الألسنية نفسها"[13].



وذلك ما يدفع في المقام الأخير لأن يجعلَ ولادةَ القصيدة - وهي الكِيان اللغوي - حدَثًا بارزًا كأي حدثٍ اجتماعي، أو سياسي يقف بمحاذاته حال ظهوره، فقصيدة الشاعرِ (ولو ثقفت يومًا حضرميًّا) أُنشئت على إثر تأسيس نادي الاتفاق بأديس أبابا مدرسةً عربية إسلامية، وقصيدته: (لولا جمود الحضرمي) أُنشئت بعد (وقوع الصلح بين الحزبين المتخاصمينِ من العرب في جيبوتي على يد العالِم الشيخ محمد سالم البيحاني)، تغدو القصيدة حدثًا معلومًا، أو قصيدة - واقعة، محاذية للحدث الأصل تُذكر بذكره، وتردَّد عند استعادته، كحدثينِ مقترنين يُذكر أحدُهما عند ذكر الآخر، فلا يمكن للقصيدة في هذه الحالة أن تأخذ استقلالاً بعيدًا عن الحديث الاجتماعي، أو تعيدَ إنتاجه بحيث تصير حدثًا أدبيًّا لغويًّا خالصًا، يقول باكثير من قصيدته: (ولو ثقفت يومًا حضرميًّا) مخاطبًا أبناء الجالية الحضرمية في الحبشة:



ألا لله دَرُّكم رجالاً

سعيتم للعلا متكاتفينا




(بنادي الاتفاق) قد اتفقتم

على إعلاء شأنِ المسلمينا




رحَلتم تبتغون هناك رزقًا

فعدتم تنشرون هناك دِينا




رأيتم سوءَ عاقبةِ التَّعادي

فكنتم بالإخا مستمسكينا[14]






يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 22-11-2021, 02:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

ويقول من قصيدته: (لولا جمود الحضرمي) بعد وقوع الصلح بين المتخاصمينِ في جيبوتي على يد الشيخ البيحاني:



لله دَرُّ عصابةٍ من يَعْربٍ

نزعوا إلى شِيَم الجدود عروقَا




تاهَت على الأقطار (جيبوتي) بهم

فخرًا، وكانت بالفَخار خَليقَا




فزِعوا إلى ظلِّ التآخي بعدما

صُلُّوا برمضاءِ الشِّقاق حريقَا




وتأكَّدوا كيدَ العدو فأبرموا

عهدًا بتسوية الخلاف وثيقا [15]








تنشط في نصوص باكثير الجملُ البيانية الواضحة، وتتراكم في قصائد الديوان حتى تبدو أشبهَ بالخط العام أو بالمسلك الأساسي؛ إذ يشكل وجودُها ثِقْلاً في القصائد يظهر أثرُه شاملاً في الديوان كله، مما يعني أن هوية الديوان تبدأ من الجملة ذات الخصوصية البَيانية - التوضيحية، فالشاعر يحاول بكلماته تأديةَ قِيَمِ الإصلاح وتجسيدَها في معناها الدِّيني - الاجتماعي - الشِّعري بوصف هذه الأقانيمِ الثلاثة تلتقي في المفهوم الإصلاحي من حيث تعاضدُها على تعميم وجهٍ أصلحَ للحياة، فتقترب لغةُ الشعر بذلك من اللغة الاجتماعية، ولكنَّها تبتعد عن اللغة الفنِّية بتطابق الكلماتِ، وحقائق الموضوعات المتحدَّث عنها، رغبةً في الحِفاظ على جوهر الرسالة المفيدة والنافعة، مما تتحوَّل معه علاقاتُ الواقع نفسِه عبر لغة النصوص إلى علاقات مبسَّطة على ما فيها من تعقيدات وصراعات، ليس الشعرُ بطريقته المباشرة تلك هو الأقدرَ على الخوض فيها، وإنما يصبح الشعرُ بلغته تلك جزءًا من الواقع نفسه، أو الجزء الأبسط منه، حيث تستوعب العلاقات الاجتماعية لغة الشِّعر فتصير جزءًا من وجودها، ما دامت تخلَّت بشكل واضح عن جزء كبير من شروطها الفنية، وأخذت تنظر (على مستوى النظر الاجتماعي) إلى أن يصيرَ المجتمعُ في حالة أفضلَ بتلك التوجيهات والإرشادات التي ترابطت فيها اللغةُ والشاعر والحالة الاجتماعية والمخاطَبون ترابطًا قوليًّا على مستوى العبارة، يماثل الترابطَ الاجتماعيَّ على مستوى الواقع المبشَّر به مبسطًا من غير تعقيدات.



عملية المقاربة اللغوية القولية هنا هي علاماتٌ اجتماعية ترسُخ في المعنى، حتى لا يمكن للقارئ أن يزوغَ منها، أو يخرجَ عن إطار محاصرتِها الاجتماعية، ما دام الشعرُ لم يبزُغ بدلالات وأشكال فنية تسمح بالتخلُّق القرائي، والاكتشاف الذهني الخاص، مما يترتب عليه أن القراءةَ تتراسل عقليًّا مع لغة النص، أكثرَ مما تراسلُ معها جماليًّا، فكما يسعى النصُّ لأن يقدِّم دلالاتِه الواضحةَ اجتماعيًّا لا يجد القارئ بدًّا من استخدام آليةٍ تُناسب تلك الدلالات وصياغاتِها اللغويةَ في قراءته، محاولاً في الوقت نفسه ألا يقعَ في المستوى التحليليِّ الاجتماعي المحضِ باستخدام مفاهيمَ ومصطلحاتٍ غير نقدية - اجتماعية مثلاً - ليظلَّ محافظًا على خصوصية قراءتِه النقدية قدر الإمكان، ومن غير أن يفقدَ عمليةَ التواصل بينه - بوصفه مرسَلاً إليه من جهة، وبين المرسل والرسالة اللذين يتلاحمان بصورة أشدَّ من سواهما من جهة أخرى، يحكُمُهما متجه أساسي واحد، تبدو معه الرسالة كما لو كانت صيغةً مضاعفة في التشديد على الدلالة الاجتماعية، بحيث يمكن وصفُها بالرسالة - المهمة أو الرسالة التبشير التي وُكِّل صاحبُها أو توكَّل بإبلاغ موضوع ما، أو قضيةٍ يحدث فيها التوحُّدُ بقوة بين المرسِل والرسالة بما يسري أثرُه في الرسالة تَكرارًا وإيضاحًا، وبحيث يقع القول على المتلقِّي بصورة لا تريد أن تدعَ له مجالاً إلا إبداءَ موافقتِه على مجموعة المعاني المَسُوقة في رسالة المرسِل بيِّنةً واضحة.



ثمة إستراتيجية للإرسال تعمل على تحميلِ المعاني نفسِها أو قريبًا منها في النصوص، مما يؤكِّد على فاعلية الاتصال الفوريِّ أكثرَ من الاتصال التخييلي، ويزيد من الإيضاح الدلالي، حتى إنه لا يحدُث تفارق حادٌّ في الإحالة على متضمِّنات متماثلة، تُسهم في الإشارة إليها الخلفيةُ الاجتماعية، كما تسهم فيها النُّصوص، فلو قرأ المتلقِّي - مثلاً - في قصيدة: (لولا جمود الحضرمي) شيئًا من التفصيلِ عن حوادث اختلاف الحضارمة في إندونيسيا مع ما يصاحبُها في الديوان من تعليقاتٍ وشروحات قدَّمها المحقِّق، فإنه يقرأ ما جاء بصورةٍ تعميمية عن تلك الحوادث في قصيدة: (ولو ثقفت يومًا حضرميًّا)، أو في قصيدة: (صدى قصيدتين) بخلفيةِ النص الأكثر تفصيلاً: (لولا جمود الحضرمي)، ولو قرأ المتلقي النصَّ التعميمي أولاً أتاه التفصيلُ بعد ذلك في نص آخر؛ إذ تؤدِّي العلاقاتُ التراسلية بين لغة النصوص - تعميمًا وتفصيلاً - وظيفةً إيضاحية واحدة، يقول باكثير مفصِّلاً عن تلك الحوادث من قصيدته (لولا جمود الحضرمي):



وذكرتُ إخواني (بإندونيسيا)

فوقعتُ في بحرِ الهموم غريقَا




هم خرَّبوا بيد الشِّقاق بيوتَهم

وجَرَوا أمومةَ (حضرموت) عقوقَا




يا قوم، ماذا جئتم من سوءة

قد أوقرتكم مِ الملامِ وُسوقَا




أوَما رَعَيْتم حقَّ مسجد ربِّكم

فأقمتمُ فيه المآثم سُوقَا




أأبحتم شهرَ الصيام فصرتمُ

فيه فريقًا يقتلون فريقَا




فلتُسألن لدى القيامة عن دمٍ

في قلب مسجد (بندواس) هريقَا




من أطفأ المصباح؟ من شَهَر المُدى

من روَّع المتعبدين طروقَا[16]











يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 22-11-2021, 02:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

ويقول تعميمًا في قصيدة: (ولو ثقفت يومًا حضرميًّا):



قد اختلفوا وما اختلفوا لشيءٍ

سوى عصَبيةٍ وقَدت أتونا




وأهواءٍ بأدمغةٍ صِغار

تُلاعَب كالصوالج بالكرينا




غرورٌ قد مشى حسدٌ إليه

على علَميهما يتقاتلونا




فمن خمرَيْهما أضحَوا سكارى

وفي كأسيهما احتسَوا المَنونا




إذا طالعتُ صُحفَهم بدت لي

أفاعي الخُلف رافعةً قُرونا [17]




تتراسل العلاقاتُ بين لغة النصوص تفصيلاً وتعميمًا، إسهابًا واختصارًا، ما دامت طريقةُ العَرض تخضع للظرف الموضوعي لإنشاء القصيدة؛ فقد ذكرت أحداث إندونيسيا بصيغٍ تعميمية في قصيدة: (ولو ثقفت يومًا حضرميًّا)؛ لأن غايتَها الأُولى هي امتداح الحضارمة في الحبشة على بناء مدرسة عربية إسلامية، فجرَّ ذلك إلى الحديث - في ثنايا النص - عن الخلاف في إندونيسيا؛ كما جاء التعميمُ في قصيدة: (صدى قصيدتين)؛ لأن موضوعَها الأولَ هو الإسهامُ مع الشاعرينِ محمد حسن بن شهاب وصالح بن علي الحامد في الحديث عن مساوئِ المدنية الحاضرة، ومناظرة جاوة الجميلة، بينما ازداد تفصيلُ أحداث إندونيسيا في قصيدة: (لولا جمود الحضرمي)؛ لأن موضوعَها الأساسيَّ هو الإشادةُ بحل الخلاف بين المتخاصمينِ في جيبوتي، فقاد ذلك - بتفصيل أشدَّ - إلى ذكر موضوع الخلاف الحضرمي في إندونيسيا الذي لم يُحلَّ بعدُ، والذي ما يزال يُقلق الشاعر، فيدفع بالمصلحين بتلك الطريقة من العرض التفصيلي المُقلق للإسراع في حلِّه.



وعلى أية حال فإن هذه العلاقةَ التراسلية بين لغة النصوص - توسيعًا وتضييقًا، تفصيلاً وتعميمًا - حدٌّ من إمكانية النصوص في الانطلاقِ الخاص لكل نص؛ إذ توجَّهت وظيفةُ التراسل هنا لإصلاح متلقٍّ مخصوص في هذا الشأن تحديدًا، هو (الحضرمي في مطلع القرن العشرين)، وتعديل وجهة نظره تجاه جماعته، وإن اختلفت آراؤُهم، عبر تقديم عددٍ من الممارسات الأخلاقية النصية، يتعمَّد الشاعرُ الوقوفَ عندها في أكثرَ من قصيدة ليبنيَ جمال الأخلاق وجميل التعامل في الوقت الذي يبني الإنسانَ؛ ولهذا ربما أحاطت هذه النصوصُ - بشكلٍ أو بآخرَ - بطرائقِ الإصلاح الاجتماعي الإنشائية ومواضعاتها التي تعمل - فيما يبدو - على تقديم خصائصَ متشابهة ومكررة حتى في تفاعلِها؛ لتتمكنَ من إثارة استجابة المتلقِّي (المخاطَب الاجتماعي الحقيقي) سريعًا مع مراميها وغاياتها، فيُداخل المتلقِّيَ - عند ذلك - إحساسُ أو معرفة مَن قرأ النصَّ من قبلُ؛ انطلاقًا من حركة المداولات الاجتماعية اللغوية السابقة، وتقاليد الإرسال والتلقِّي في هذا الشأنِ (شأن الخلافات والإصلاح والتوجيه)؛ ولذلك لا يمكن النظرُ - والحال هذه - إلى النص منعزلاً أو مستقلاًّ كبنيةٍ من الكلمات، وإنما تتراءى فيه - بالضرورة - خلفيةُ محيطِه الاجتماعي، مما يجعله - بالضرورة - نصًّا تقليديًّا لا يَحيد عن طريق الدلالات المألوفة، ولا يتخذ صِيغًا تعبيرية مفاجئة، ومن ثم لا يدفع بالقارئ إلى إنتاج معانٍ لا يقولها النصُّ بشكل مباشر، أو يومئ إليها، إنه شكلٌ من أشكال الأنظمة الحياتية الاجتماعية بما في ذلك شكلُ اللغة نفسُه المبنيُّ من عدد من التوافقات والانتظامات الإيقاعية والبيانية المألوفة والمرغوبة اجتماعيًّا (أشطارًا وبُحورًا من جهة الإيقاع، وتشبيهات وكنايات من جهة البلاغة..)، وتلك بنية تتجسَّد في النص كما تتجسد في الخارج الفني الذي يأتي موجِّهًا للنص بشكل أو بآخر، حتى إن الشكلانيين الروس - وهم الذين نادوا باستقلال الكلمةِ عن محيطها الاجتماعي - وجدوا أنفسَهم مضطرين أحيانًا إلى التسليم بأن هناك فتراتٍ تكتسب فيها الاعتباراتُ الاجتماعية أهميةً بالغة[18].

لقد اكتسبت لغةُ النصوص أُلفة ينفعل بها مستمعٌ من نمطٍ خاص، درِّبت نفسُه عليها أزمانًا طويلة؛ إذ إن ثمة إرجاعاتٍ اجتماعية تنتابه عند استقبال مثلِ هذه اللغة، مما يدعو لسعادته بالعمل من جهتين: جهةِ النص كوجهٍ لغوي فني مقبولٍ لديه، وجهة انسجامِه الاجتماعي معه، أو تقبُّله الاجتماعي له، حتى إن حاول النصُّ أن ينجزَ شيئًا من لغته الخاصة، فإنه يظلُّ أسيرَ التوجهات الأساسية التي سَرعان ما يعود إليها، وينجذب إلى آلياتها، لا سيما أن الشاعرَ باكثير وضع في ضمن توجهاته الرسالية قضايا إصلاحية موضوعية حيوية عمِل على نشرها، والدفعِ بها إلى أمام، وأن يكونَ شعره أشدَّ تأثيرًا فيها بوصفها موضوعاتٍ أساسية معاصرة يكتسب شعره من خلال الخوض فيها حضورًا كبيرًا، وفي إطار هذا جاء خوضُه في صراع الحضارمة في إندونيسيا الذي غدا صراعًا معروفًا في صحف العالم الإسلامي وقتئذ، وبين رجاله المشهورين كمحمد رشيد رضا، وشكيب أرسلان، ومحبِّ الدين الخطيب[19] - مرشدًا لبني قومه إلى سبل التسامح، والتعلم، والتطور.

(2) المظهر اللغوي - الأيديولوجي:
ومن ضمن توجهات باكثير الرسالية خوضُه في موضوع الحركة الدينية الإصلاحية في نجد؛ إذ تُعَدُّ من الأحداث البارزة على مستوى الجزيرة العربية والبلاد الإسلامية، وإذ رآها الشاعر حدثًا مليئًا بالدلالات التجديدية الإصلاحية، فمن الطبيعيِّ أن تكونَ دعوة شعرِه إليها، ومناصرتُه لها، انطلاقًا من مفهوم الكاتب المعاصر - بحسب سبندر - الذي يبشِّر برسالة ليست من صُنعه ويدافع عنها، وينشرها بكثافة من خلال توالي الإرسال في عدد من القصائد، مساندة وتأييدًا؛ فالزمن يتجه نحو الإصلاح، وعلى الشعر أن يماشيَه، وأن يوظِّفَ لغتَه في إطار حركته، لا في إطار صوت مغاير، أعني أن يوظِّفَ لغته في إطار حركة الزمن السياسي والإصلاحي.

ثمة إذًا محاولةٌ أخرى للإصلاح، أو (التجديد كما يسميه باكثير أحيانًا) قدَّمها شعرُه من جهة الأفكار والقِيم الإسلامية، ورغبته في تحرير تلك القِيَم مما لحق بها من ممارسات وعادات، كقوله:
ثُوبوا إلى (القرآن) لا يصدُدْكم
عنه جحودٌ أو هوى وجمودُ

وذروا التقاليدَ العتيقة إنها
عبءٌ على المتنوِّرين عتيدُ

لا تُنكروا (التجديد) في عاداتكم
فالعصرُ من آياته (التجديدُ)

وامشُوا على سُنن الخليقةِ إنها
تبقى وتثبتُ، والجبال تَبيدُ[20]



وقوله:
(والمصلحون) إذا ما ذُكِروا اتهموا
من ماجنٍ غزِل، أو شاربٍ ثَمِلِ

يُعيَّرون (بوهابية) خلُصت أنقى
من اللبَن السَّلْسَال والعسلِ

وبينهم علماءُ السوء في دَعَةٍ
بالدَّجل عن واجب التذكير في شُغلِ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 22-11-2021, 02:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

قد صيَّروا الدين جسرًا يعبرون به
إلى المطامعِ من مالٍ ومن خَولِ[21]


ومفهوم (الجديد) الذي يتبناه، يحدِّده قولُه مخاطبًا السيد أحمد المشهور الحداد:
إني ليعجبُني نزوعُك للعلا
وطُموحُ نفسك للمقام الأغلبِ

ولئن تعشَّقت (الجديد) فإنما
ذاك الجديدُ هو الذي عرف (النبي)

أوليس دينُ الله دينَ حضارة
وسعادةٍ وتقدُّمٍ وتغلُّبِ[22]



إن فكرة الإصلاح - التجديد - تعني عند الشاعر العودةَ إلى الأصل، وتحمل في مراميها رغبتَه في التحرر الاجتماعي من مواضعات اجتماعية وسلوكية تلبَّست بالدين في نظره، فارتبطت فكرةُ الإصلاح في شِعره بفكرة استحضارِ النقاء الأول، أو تكراره تجديدًا بصفاته التاريخية، بوصف العمق التاريخي يحملُ جوهر التجديد الذي يجدر أن يكونَ في الحاضر، مما يجعل البُعد المضموني والفكري للتجديد يحافظ تلقائيًّا على المستوى التقليدي للغة، بل إنه كلما ألحت فكرةُ التجديد من حيث المضامين الدينية برز ذلك في اللغة نفسِها كحالة من حالات التلازم والتوافق ظاهريًّا بين الدلالات وأشكالها، بوصفها بِنيةً واحدة، فظلت لغةُ الشاعر في عمومها تسير في اتجاهٍ واحد يمكن وصفُه بالتقليدي، ما دام أدرك ناحية واحدة من تجديده فقط، هي الناحية الفكرية دون الناحية الأسلوبية أو الشكلية العامة، وظل شعرُه لذلك يؤدي رسالتَه الاجتماعية الإصلاحية الفكرية بصورة أكبرَ، ولم يستطع بسبب ذلك أن يتفرَّغ لبناء نفسه إنشائيًّا بحيث تدخل تلك الموضوعاتُ أو القضايا التجديدية فنيًّا في صُلْب نظامه الأدبي، أو تنصهرُ في حركة لغتِه الفنية في تلك المرحلة المبكرة من تجربته الأدبية، وإنما انسجمت بوصفها فكرًا وموقفًا مع اللغة بوصفها نظامًا توصيليًّا وإيحائيًّا مباشرًا يتماشى مع طبيعة تلك الموضوعات التي يتماثل فيها بُعد الكلمات وقُربها، أو تقريرُها وإيحاؤها لصالح وضوح الدلالة طبعًا، بناءً على علاقات اللغة التي سَرعان ما تنجذب إلى أحداث الواقع المنظور إليها من وحي الفكر الإصلاحي ذاته، يقول:
ماذا (بنجدٍ) و(الحجاز) وكيف مُلكهم المشهر؟
ماذا ترقرق من دمٍ للعُرب في الصحراء يهدر؟
سحبٌ تلبَّد في السماء وتحتها نارٌ تسعَّر
ما عن (لابن رفادة) هل شاقه تاجٌ ومنبَر؟
أم ضاق ذرعًا بالحياة فخارٌ ورد الموت أحمَر
**********
(عبدالعزيز) بسيفِه سيحرِّر الحرم المطهَّر
سيصونُه من معتدٍ ويحوطه من كل منكَر
وسيطرد الأعداءَ منه بعسكرٍ من خَلْف عسكَر
************
(عبدالعزيز) الفارسُ المغوار والملك المظفَّر
جئت (الحجاز) فصنتَه ممن يعيث به ويفجُر
وأقمت فيه الدِّينَ من أوهام سطرها مؤجر
فبدا هدى (المختار) وضاء كنورِ البدر أزهَر
إن ينهد الباغي إليك فإن سيفَك لم يكسر
أدِّبْه واعرف من زجَّاه فقد بدا مهما تستَّر[23]

ويقول:
فارت تنانيرُ الثُّبور
وبدت خفياتُ الأمور

وتفلق الإصباحُ عن
قتلى وصرعَى في (عسير)

هذا يئنُّ من الجرا
ح وذاك موصولُ الزفير

وعلى رُبَاها رُبَّ حُرٍّ
يلفظ النفس الأخير

تلك الدماء اليَعْرُبية
أُهرقت فوق الصخور


(عبدالعزيز) مجدِّد ال
آمال في الزمن الأخير

ومطهِّرُ الحرمين من
بدعٍ تناستها العصور


يا (فيصل الدرويش) يا (ابن
رفادة) يا (ابن الأمير)


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22-11-2021, 02:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

أنتم ثلاثةُ إخوة
ستُقاودون إلى السعير

إني البشيرُ لمن ثوى
منكم، وللباقي نذير [24]


الغاية من وراء هذه الإطالة في الاستدلال إيضاحُ أن المقاطع في النصين تتكرَّر تقريبًا، من حديث عن إهدار الدماء، إلى امتداح للملك عبدالعزيز آل سعود، إلى ذمِّ خصومِه، (وسيأتي شيءٌ من توضيح ذلك لاحقًا)، وأنه يتحرَّك خلف كل جملةٍ الموقفُ نفسه تقريبًا، وأن كل جملة تستدعي أختَها تماثلاً أو تقاربًا، سواء داخل النص، أو في نص آخر، فثمة إذاعةٌ واضحة للموقف والفكر، ودعوة إليه تؤكِّد سعي الشاعر لإبلاغ رسالته جليًّا من جهة، وتشير إلى أن اندفاع الجُمل والتراكيب - متوافقةً أو شبهَ متوافقة في النصوص - يتم بفاعليةِ هذا الإبلاغ المباشر والمحدد من جهة أخرى، فمن النداء نقرأ: (يا أمة العرب ص78)[25]، (يا أمة المصطفى، ص154)، (يابن لُيوث المعمعة، ص78)، (يا أسد الغريف ص80)، (إمامنا عبدالعزيز، ص79)، (مليكَنا يابن السعود، ص79)، (بَنِي الدين الحنيف، ص80)، ومن الأمر نقرأ: (أرِ العدو موضعه، ص78)، (وذكرنه مصرعه، ص78)، (هبوا بَني الدين الحنيف، ص80)، (هبوا بني العرب الكرام، ص84)، (ذُبوا عن البيت الحرام، ص80)، (ثُوبوا إلى هَدي النبي، ص106)، (قم فأعِدْها جَذعة، ص78)، (قوموا لدينكم، ص154)، (خُضِ البحار، ص151)، (جل في السهل والجبل، ص151)، (جاهدوا، ص154)، (اضرب بسفيك من بَغَوا، ص138)، (تسلحوا بعلوم الكون، ص154)، ومن النهي نقرأ: (لا تترك الوقت يضيع، ص78)، (لا تتركا فرص الزمان، ص86)، (لا تتركوا البيت يضام، ص80)، ومن النفي نقرأ: (لا يرهب الموت الزؤام، ص78)، (لا نهاب الموت، ص93)، ومن الاستفهام نقرأ: (أفكلما نهض الفتى منهم بأمته تعثر؟! ص82)، (أفكلما ابتسم الزمان بسيد منهم تنكر؟! ص82)، (أين الإباء اليعربي؟ ص84)، (أيعود ماضينا المجيد؟ ص84)، (أتراه يقبل ثانيًا؟ ص84)، ومن الجمل الخبرية نقرأ: (نار وغى تلتهب، ص76)، (أسد حرب تثب، ص76)، (يجدِّد الدين الحنيف، ص79)، (يحفظ الشرع المنيف، ص79)، (يذود عن دار النبي، ص79)، (نحن للعز خُلقنا، ص93)، (نحن أبناء الرجال، ص93)، (نحن أُسْد، ص93)، (فلأنت ذخر في الخطوب، ص137)، (وأنت في الظلمات نور، ص137)، (فأمامك الأَسد الهصور، ص137)، (وخلفك الأسد الهصور، ص137)، (أَنقذت مهدَ الدين، ص137)، (حفِظت مجد العرب، ص137)، (نأنف الضيم ونأبى، ص93)، (نشرب الموت شرابا، ص93)، (هدم السعودي القباب، ص83)، (برانا الله نورًا، ص93).

كل جملة تسابق الأخرى للوصول إلى الغاية المبتغاة، في تكثيفٍ للحس الرسالي الذي تكثر معه هذه الأساليبُ من النداء، والأمر، والنهي، والنفي، والإخبار... إلخ، مما هو مستمدٌّ من صرامة الاندفاع الأيديولوجي عادة، كما تُذكر في أثناء تلك الأساليبِ الأسماءُ الأعلام وصفاتها سلبًا أو إيجابًا، كالملك عبدالعزيز (الشهم البدوي، ص78/ المليك اليعربي، ص79/ مجدد الآمال، ص134/ مطهر الحرمين، ص137/ الفارس البطل الشهير، ص137)، وكابن رفادة (الكلب المؤجر، ص81)، وغير ذلك مما يمنح لغةَ النصوص بُعدًا تاريخيًّا، ترسخ وقائعُه بهذه الأساليب القادرة على تعزيز النمطية محملةً بتلك الدلالات المتكررة، وتفاعلها مع الأسماء في إنجاز هويةِ النص الذي يبدو مألوفًا بمثل هذه العبارات النسقية المعهودة في مثل هذه المواقف والحالات الانفعالية الأيديولوجية، وعند شاعرٍ ما يزال في أول الشباب الشِّعري والعُمْري يتفاعل مع حدَثٍ تاريخي كبير.

لقد أسهمت تلك الآليةُ في إنشاء الجمل بمعانيها البلاغية والنحوية - فيما يبدو - في إنشاءِ سياق النص كاملاً، وتكوينه بصورة أوسع؛ وذلك بتجميعِه من نقاط مختلفة: ثناء، ولوم، وتحريض، وتهييج، ونُصح، وتوجُّع، وتألُّم، وهجاء، وسخرية، واستغاثة.. إلخ، في متوالية من الإرسال تقوم على التقاط نقاطٍ متنوعة، سمحت بإطالة القصائد وتقسيمها إلى مقاطعَ؛ كما في قصيدة: (يا من لليل العرب طال)، التي حوت سبعة مقاطعَ، حوى المقطع الأول منها: آلامَ السفر، ووحْشة الغربة، وحوى الثاني: التوجعَ والحسرة لِما يحيق بالأمة من دسائسَ وخيانات، والسخرية، في أثناء ذلك، من البدع التي تدَّعي أنها الدين، وحوى المقطعُ الثالث الثناءَ على شجاعة الملك عبدالعزيز، وغيرتَه على الدِّين، وقدم الرابع النصح والتوجيه لردم الخلاف بين أبناء الأمَّة العربية، وأبناء الأمة الإسلامية، وحرَّض المقطعُ الخامس على الثورة وطردِ الاستعمار، وحوى السادس التحسُّرَ على ضياع الماضي التَّليد، وتضمَّن المقطعُ السابع مناصرةَ الملك عبدالعزيز على مجاهدة خصومة، داعيًا إياه للاتحاد مع إمام اليمن حينئذ يحيى حميد الدين.

وقصيدة (ماذا في عسير؟) التي حوت سبعة مقاطعَ بنقاط مماثلة، وكذا قصيدة (بطل التذكير) التي اشتملت على ستة مقاطع، وغيرها، بحيث يكاد كلُّ مقطع يستقل بعنوان محدد.

بمعنى أن الخصائصَ والصفات اللغوية التي حمَلتها الجمل مجموعةً - والتي تمت الإشارةُ إلى بعض تفصيلها فيما سبق - هي صفاتُ كل نص مما ذكر، وخصائصه في صيغته العامة، فلم يحدث للغةٍ أن تشابكت وتقاطعت محدِثةً دلالاتٍ متغايرةً داخل النص الواحد، ولعل المنتديات والنواديَ الإصلاحية الموجودة في عدن حينئذ - كنادي الإصلاح الإسلاميِّ العربي الذي أسِّس سنة 1929م، ونادي الأدب العربي الذي أسِّس سنة 1925م[26] - ساعدت في شيوع الصِّيغ والدلالات العامة ذاتِ الصِّبغة الخطابية والحماسية، وما يرتبط بها عادةً من تفصيل الأفكار وتَكرارها.

وفي هذا السياق تجدر الإشارةُ إلى تكرار اللوازم في أناشيدِ باكثير الأيديولوجية الحماسية كاللازمة:
أقبل يوم العقبَة
يوم تُفكُّ الرقبَة

ها هو ذا ما أقربَه
له بحطينَ شبَه


(صلاحه عبدالعزيز) [27] فقد كرِّرت إحدى عشرة مرة، في (نشيد يوم العقبة).

وكاللازمة:
يا دولةَ الجنوب
فقد كرِّرت ثماني مرات، في (نشيد دولة الجنوب) [28].

يؤدي التَّكرار وظيفة صياغية اقترانية؛ لاتصاله بكل مقطعٍ، وهو هنا وحدةٌ نغمية حماسية ووثوقية، تدفع بدلالات التشجيع والتحريض والتأييد والامتداح والانفعال.. قدمًا، مانحة النص في أثناء ذلك ترابطًا وتماسكًا، بوصف التكرارِ هنا يزيد من الحالة المعيارية، ويعمل على إيجاد صِيَغ متكافئة تعمل على نمذجة الكلام من خلال تجلِّياته الموقعية الأسلوبية؛ فالتكرار ضربٌ من التنظيم البنائي، يوحي بحال من الترتيب، ولا يسمح بتصدُّع المعنى، بالقدر الذي يسمح بلملمته، حتى إنه يمكن إحصاؤُه بسهولة في هذا المقام بوصفه تجليًّا لثوابتَ لغويةٍ نادرة التغير، تسعى إلى تقريب النص من النظام، أو من الأُلفة، فتجربة البناء الفكري تتَّضح في تجربةِ البناء اللغوي بصورةٍ عفوية تلقائية، بحيث لا تسمح الأولى للأخيرة بكثيرٍ من التجاوز، ما دام ثمة وجودٌ ماثل للنص بقوة، هي قوة الحقيقة الأيديولوجية التي يجب أن تتطابقَ فيها الكلماتُ والفعل، بوصف التطابق آليةً لغوية تعمل على عرض معاني المناصرة، والتأييد، والتحريض، وتثبيط الأعداء، ولومهم.. إلخ، محافظةً من خلال ذلك على صلابة المعاني بصورة أو بأخرى، حتى لتتحرَّكُ الكلمات بقرب شديد، لا يقود إلى غريب، وإنما تكشف عن مناسباتها لمقتضيات الأحوال، تنهض عليها، وتقوم بها، حين يقدِّم النصُّ لنفسه بتفسيرٍ خارجي، على غرار:
1- "في نصرة عاهل الجزيرة المظفر عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود"[29].

2- "في نصرة عاهل الجزيرة وقائدها الأكبر الملك عبدالعزيز آل سعود بمناسبة قضائه على جماعة من الخارجين عليه"[30].

وفي أكثر الأحوال يتبرَّع المحقق بكتابة تقديم للقصيدة، أي إنَّ ثمة مدخلاً يسمح بالتعرُّف على كل نص تقريبًا قبل الشروع في قراءة متنِه الذي يأتي - عادة - ملائمًا للتقديم أو المناسبة[31].

فالواقع الأيديولوجي كالواقع الاجتماعي يُسهم في تحديد كيفيات صياغةِ لغة الشعر، ومن ثم في تحديد مفهومه فكريًّا أكثر من كونه شعريًّا بوصفه جزءًا من طبيعة الأيديولوجيا غير المهتمة غالبًا بالشروط الفنية التي تشكِّل - في العادة - ما يشبِهُ العائقَ المانع من إيصال الأفكار بسرعة وحماسة إلى عمومِ الناس؛ ففي وصول الأيديولوجيا مباشرة إلى الشعر، وقدرتها على تشكيله وصياغته - وصولٌ لفحواها التي لا يمكن للشعر أن يتماشى معها بطبيعته إلا أن يكونَ جزءًا منها.

إن الإصلاح أو التجديد في مواضعات الأيديولوجيا أو المذهب الفكري، قد لا تكونُ له علاقةبالجِدَة على مستوى اللغة الأدبية، وإنما على مستوى الأحداث والأفكار التي تعمل على إنجازها غالبًا الوقائعُ مسنودةً باللغة الخطابية والفكرية والأدبيات الحزبية ولغة الصحافة، وهنا لا ترى إمكانية التعارض، أو التنابذ - ولو جزئيًا - بين الجهتين (الشعر والأيديولوجيا)، كما لو كانا شيئًا واحدًا، تماهت فيه الصورةُ، إلى حدِّ أن رفد كلٌّ منهما الآخرَ، فجاء الوضوح شاملاً، يعمل على تقديم الحقائق الموضوعية، وتسويغها، والدفاع عنها.

وإنما يأتي التأثير من تعدُّد الإحالات اللغوية على تمثيلات واقعية، وكثافة تلك الإحالات، بحيث تلمح من كثافتها الانتماءَ الأيديولوجي بأُلفتِه وانسجامه، أو بتنافره وتنابذه، أو بمحاباته ومجاملاته، أو بمعاركه وخصوماته.. إلخ، قريبًا مما يسميه "باختين" في لغة الرواية معانيَ أيديولوجية أو واقعية بوصف: أنَّ الصيغةَ الألسنية تمنح نفسها للمتكلمين، وهي واردةٌ في سياق معيَّن، مما يستتبع - دومًا - سياقًا أيديولوجيًّا محددًا، إن ما ننطقه وما نسمعه ليس بكلماتٍ، ولكنه حقائق أو أكاذيب، أشياء حسنة أو قبيحة، مهمة أو مبتذلة، مفرِحة أو محزنة... فالكلمة محملة دائمًا بمضمون أو معنى أيديولوجي أو واقعي، على هذه الشاكلة نفهمُها ولا نستجيب إلا للكلمات التي توقظ فينا أصداء أيديولوجيةً أو لها علاقة بالحياة"[32].
يقول باكثير مثلاً:
لكنَّ قومي والحقائق مرة
فسقوا عن النَّهج الحكيمِ فسوقَا

سبُّوا رفاتَ الميتين وأنكروا
نسبًا صريحًا بالثبوت حقيقَا

وتراشقوا فُحشَ الكلام فأرَّقوا
عينَ الحياء بهُجرِهم تأريقَا

تركوا الشعوبَ ولَهوَها بعلومها
وعُنوا بلفظةِ (سيد) تحقيقَا

يتنازعون سيادةً موهومة
أترى السيادة أصبحت إبريقَا!

أهوِنْ به لقبًا سرى في الناس لم
يستثنِ سِكِّيرًا ولا زنديقَا [33]



إن جملاً كهذه: (فسقوا عن النهج الحكيم)، (سبوا رفات الميتين)، (أنكروا نسبًا صريحًا)، (تراشقوا فُحش الكلام)، (أرَّقوا عين الحياء)، (تركوا الشعوب وعلومها)، (عُنوا بلفظة سيد تحقيقَا)، (يتنازعون سيادة موهومة)، التي ما تكاد تنتهي إحداها حتى تثور أختُها في ضمن شحن محمَّل بأصداء انفعالية أيديولوجية؛ لتثير إيحاءً من الرعب والقلق ينبعث لحظة التلقِّي، ويكمن جوهرُه في القدرة على الإحالة الفظائعية على أحداث الواقع، مما يتطلب انتباهًا خاصًّا إلى شفافية اللغة هنا التي تُفهم فيها الإيحاءاتُ من خلال العلاقات الجوارية وتتابعاتها الأفقية، فالحَرفية بتواليها المتوتِّر أقدرُ هنا على إحداث الإيحاء.

وينطبق مثلُ هذا بصورة أحدَّ وأعنفَ على قوله:
وأولئك الوزَغاتُ نا
فثةُ المفاسد والشرور

قاءَتْهمُ (أمُّ القرى)
ونفاهمُ (الحرمُ) المنير
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22-11-2021, 02:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية




د. عبدالقادر علي باعيسى



نفخَتْ أصولُهم على
نارِ (الخليل) لتستطير

وفروعُهم نفخت على ال
إسلامِ كيرًا بعد كير

خرِبت ضمائرُهم فلا
إحساسَ فيها أو شعور [34]


فهذا التوالي المتدافع للجُمل هو مصدر حضورِها متكاتفة بعضها مع بعضها الآخر، بحيث إن جملةً واحدة أو اثنتين لا تُحدث من القوة وشدة التأثير، إيلامًا وغضبًا، أو ابتهاجًا وسعادة - حسب أيديولوجيا المتلقين - كما تُحدِثه الجُمل متتابعة، بحيث يُعَدُّ الإقلال منها في هذه الحالة إضعافًا للطبيعة الأيديولوجية الواقعية للكلمات، كما أنه في الوقت الذي تقول الأبياتُ صراحة بانهيار سلطة خصوم الملك عبدالعزيز على الحجاز، يعزِّز الإيحاءُ سيادةَ المَلِك عليه بصورة ضمنية، أو غير مباشرة، تمامًا كما حدث في مقطعٍ آخر من النص عرض لسيادة الملك عبدالعزيز على الحرمين، فأكد الإيحاءُ بصورة ضمنية هزيمة أعدائه، ثمة إذًا تصريح وإيحاءٌ داخل المقطع الواحد؛ إذ يقول نفسُه في الوقت الذي يوحي بغيره، ففي كل حضور لمقطع، غيابٌ لمقطع آخر، غير أن الغيابَ لا يعدو أن يكونَ هو الحضورَ نفسه الماثل في موقعٍ آخر من النص، مما ينتج عن هذا الجدل النصيِّ غيرِ المعقد، الموجودِ بداهةً بالقصائد - هذا الشكلُ البسيط والمباشر من الإيحاء.

(3) المظهر اللغوي - التاريخي - المعاصر:
هذا المظهر تنزع فيه اللغةُ نحو التراكيب القديمة، والمعاصرة، على غرار: (دع ذا ص120/ وألا ليت شعري/ تباريح الجوى/ يخلو بنفسه إلى سرحة الوادي، ص58/ عليك سلام الله، ص61/ ورد الموت/ رحى الحرب/ عظم الخطب، ص111/ لله درُّ عصابة، ص100، فلم تترك لي الأيام عِلقًا/ ريب المنون، ص63/ تهافتت تداعي دعص الرملة المتهيل/ نهضت كما توثب ظبيٌ راعه شخصٌ مقبل، ص72) من نماذج الشعر القديم عند الجاهليين: (امرؤ القيس)، أو العذريين: (مجنون ليلى، جميل بثينة)، أو العباسيين: (أبو نواس، المتنبي، الشريف الرضي) [35].



وعلى غرار: (أنا قيثارة رتا (حافظ) أوتارها ص51/ لعبت بها المدنية العمياء ص120/ منديله في كفه ص58، قيثارة الشرق ص113/ لعبت بها موسيقى ص10، ما زلت في شط الحياة/ في أحضانه تلد الحياة، ص128، سائلوا الدنيا 110)، وغيرها من نماذج الشعر المعاصر عند الإحيائيين (أحمد شوقي، حافظ إبراهيم) مما يدلُّ على اتصال بالقديم والمعاصر من غير أن تحصل غربلةٌ لهما في كِيان صياغي واحد، أو يذوب كلٌّ منهما في تكوين الآخرِ؛ إذ ظل كلُّ أسلوب شاخص بحضوره المعروف سواءٌ في نصوصٍ مستقلة، أو داخل النص الواحد، فما كان بإمكان الشاعر - كما يبدو - إنجازُ أسلوب منبثق من الأسلوبين، مستفيدًا من طاقة التفاعل بين الأساليب وتحويلها إلى طاقة مستجدة، تدخل في صُلْب القديم والمعاصر، معيدةً تشكيلَهما تفاعلاً وتجاوزًا، لقد أعان على تلك التعيينات الواضحة في الأسلوب - فيما يبدو - زيادةُ اتصال الشاعر ومعرفته بتجارِبِ رجالٍ مختلفي الاتجاهات والمشارب، أصالةً ومعاصرة، من مصلحين، وقادة، وشعراءَ، وصحفيين، والتأثر بهم، (مثل: حافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، ومطران خليل مطران، وصالح علي الحامد، ومحمد حسن بن شهاب، وجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ومحمد سالم البيجاني، وعبدالله أحمد بن يحيى، وعبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وعبدالحليم علي بدير المصري، وطه أبو بكر السقاف، وغيرهم).

ومهما يكن فإن الأسلوبَ القديم عمل على تمثيل الماضي، كما عمل على تمثيل الحاضر ما دام العصر والشاعر تبنياه تبنيًا واضحًا، بينما عمل الأسلوب المعاصر على تمثيل الحاضر فقط، فالتقى الأسلوبان (القديم والمعاصر) في النصوص مما أعطاها إمكانيةَ التماسك، والاتساقَ من ناحية، بوصف الأسلوبيين كليهما منزلينِ في بِنية القصائد، وعدمَ الاتساق من ناحية أخرى، بوصف الأسلوبيين غيرَ متجانسين، غير أن رجحانَ الأسلوب في النصوص كان لصالح الماضي، لا لصالح الآن؛ إذ اكتسب الماضي فاعليتَه بإعادته وتبنِّيه راهنًا، فكأنه كرر مرتين، أو عدة مرات بتعداد الأعصر التي أعادته، وما يزال المعاصرُ محضَ إشارات وأقل من حيث الكمُّ، فالأسلوب القديم هو العنصر الرئيسُ الفاعل في النصوص، سواءٌ جاء ظاهرًا جليًّا؛ كما في قول الشاعر:
ألا ليت شِعري هل عن الهم مَزْحل
وهل عن تباريحِ الهوى متحوَّل

أيعبرُ عامٌ بعد آخرَ بي ولم
يزَلْ حُلُمًا ذاك الوصالُ المؤمَّل

أأقضي زماني هكذا في تعلُّلٍ!
وماذا يُفيد المستهام المعلّل؟

إذا ما بدا صبحُ الرجاء لناظري
تعرَّض لي ليلٌ من اليأس ألْيلُ

فوارحمتا للصبِّ يخلو بنفسه
إلى سِرحة الوادي فيبكي ويعول

تهيِّجه الذكرى ويخنقه البُكا
وتعلو حشاه بالنشيج وتسفُل [36]



وقوله:
وجماعُ لذَّات الزمان ثلاثةٌ
شِعرٌ وكأس مُدامةٍ وخَرُودُ

لا يؤسينَّك من صديق بُعدُه
تُطوى البحار ولا تحول البِيدُ

ولربما جمع الشَّتيتينِ الهوى
يومًا، وأورق بعد يُبسٍ عودُ [37]

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22-11-2021, 02:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

أو اكتسى سحنة العصر، وتكيَّف معه شكليًّا على غرار: (شعراء الجزيرة ابكوا جميعًا ص51/ نعت الصحف/ وانبرت أوطان العروبة تبكيه/ كان درعًا له يَراعُك ص53/ عندليب في الشام ناح على شاعر مصر ص57/ فوق ما أوتي من حسن الصور ص112/ ضاحكات كأزاهير الربا/ شذيات كأنفاس السحر ص114) مما هو مألوفٌ في الرِّثاء، والتأبين، ووصف الرياض قديمًا، مع إحالات على واقع العصر مداخِلةٍ لهذه التعابير، تصرِف النظر صرفًا خفيفًا عن القديم، ما يلبث أن تأتيَ أنماطٌ واضحة من أسلوبه في النص نفسه، ويمكن الاستدلالُ بقول الشاعر في رثاء حافظ إبراهيم:
شاعرَ النيل، ما ترى النيل أسوا
ن؟ تناجيه بالأسى الأهرامُ

كان درعًا له يَراعُك إما اع
تورته من العدوِّ سهامُ

كنت عونًا له إذا فقد العو
ن، وصَرَتْ بظلمِه الأقلامُ

كم رأينا لليثِ منك ارتعادًا
وهو الليث يتَّقيه الأنامُ

أترى في يَراعِك الحرِّ سحرًا
يترك الضارياتِ وهْي نَعامُ

كيف فارقتَ ماءه العذبَ؟ هل لذ
ذك من بعدِه الشرابُ الزؤامُ

كيف غادرتَ (مصر) وهْي نداء
وعداء وفُرقةٌ وخصامُ



لو تمهَّلت أو يقرُّ قريبًا
ناظرَيك استقلالُ (مصر) التامُ [38]



فمن أساليب استحضارِ القديم مباشرة في هذا الاستدلال: (اعتورته من العدو سهام/ صرت الأقلام/ كم رأينا لليث منك ارتعادًا/ يترك الضاريات وهي نعام) ومن الأساليب المترسمة خُطَى القديم: (في يراعك الحرِّ سحر/ كيف فارقت ماءه العذب؟/ هل لذك من بعده الشراب)، ومن الإحالات على واقع العصر: (شاعر النيل/ كيف غادرت مصر وهي فُرقة وخصام؟/ كيف غادرت مصر وهي عثرة وقيام؟/ استقلال مصر التام).

ولقد يأتي الأسلوب قديمًا غير أنه يأخذ في الدلالة على موضوع أو موصوف معاصر، انطلاقًا من أنه - كما يرى الشاعرُ فيما أظن - لا توجد مفارقةٌ بين الموضوع واللغة، ما دامت الغاية هي الوصولَ إلى المعنى، وتصويره بأيِّ صيغة واضحة الدلالة، ولو كانت قديمة، من غير التفاتٍ إلى تعبير يقتضيه العصرُ، أو أسلوب يستلزمه، بوصف الكلماتِ ذات خصائصَ تشابهية لا تلمح فيها إمكانية المباعدة بين الآن والماضي بحسب ما يقتضيه ذوقُ العصر والشاعر حينئذ، فتؤدِّي الكلمات أيًّا كانت - بوصفها لَبِنات - الوظيفةَ نفسها في إنشاء البناءِ؛ كقوله:
ما الروضُ باكره بآذار الحيا
فتضاحكَتْ بحفافتيه ورودُ

وتبسَّمت أزهارُه وتهدَّلت
أثمارُه العنقودُ فالعنقودُ

بألذَّ فاكهةً وأجملَ منظرًا
منه يزيد جمالَها الترديدُ[39]



فهذا التشبيه المدوَّرُ ليس به ما يشير إلى موصوفٍ معاصِر سوى الضمير في (جمالها) الذي يُحيل على مجلة: (النهضة الحضرمية) بسنغافورة، المشار إليها في أبيات سابقة لم تُذكَرْ في هذا الاستدلال؛ فالتوظيف اللُّغوي في هذه الأبيات واقعٌ تحت أثَر الأسلوب الجاهلي بثِقلِه التاريخيِّ، حتى تنعدمَ إمكانية إدخال الموضوعِ، أو الموصوف العصري في ثنايا ذلك المعنى الذي وُصِفت بمثله المرأةُ الجاهلية، وكقوله مخاطبًا حافظ إبراهيم في تأبينه:
إنَّ ديوانَك الجميل لحان
طاب فيه للشاربين الندامُ

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22-11-2021, 02:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

كم سكِرْنا وكم طرِبنا به وال
عيشُ كالخُلد، والزمان غلامُ

نتحسَّى من أبلغ الشِّعر خمرًا
مستلذًّا حديثُها والفِدامُ[40]


فالكلمات من أجواء العصرِ العباسي، لا سيما عند أبي نواس وصحبِه، وظِّفت لوصفِ ديوان حافظ، من غير أن يبعث الوصفُ على تجديدِ الكلمات، وإعادة التصوير، في دلالةٍ على أنَّ الوعي باللغة الشعرية لم يحصل له تغيُّرٌ واضح لصالح المعاصرة إلا في إطار ضيِّقٍ، ومن ثم لم تكتسبْ ملامحُ الأسلوب المعاصر حضورًا، كالأسلوب القديم الذي ظلَّت استعادتُه مستمرةً في حالٍ توحي بالتجاوز إلى الوراء، في ظلِّ وضع شعري كان أثرُ ما سمِّي بعصر الانحطاط ما يزال باديًا في ملامحه العامة، لا سيما في اليمن[41].

وعلى أية حال لا يعني حضورُ الأسلوب القديم - سواءٌ كان بصيغةٍ مباشرة أو غير مباشرة - إلا رُوحَ الدِّيوان نفسَها، فالابتعاد عنه استمرارٌ لغياب الذات عن وجودها الذي تريد له أن يكونَ حيًّا في ذلك الوقت (عصر الإحياء)، من خلال استحضارِ تراثها الشعري نقيًّا وقويًّا، بحيث يتجسَّد حضورُه أكثرَ من الحاضر، لا سيما أن هذا الأخيرَ لَمَّا يزَلْ في طور التشكُّلِ، فعمِل الماضي على تمثيل الحاضر تمثيلاً كبيرًا على مستوى اللغة التي يمكِنُ أن تتقبَّلَ هذا بصورة أو بأخرى أدبيًّا كما جرى في عصورٍ متعددة؛ إبرازًا للشخصية الشعرية، وحفاظًا عليها في بحثها عن نفسها، ليتمَّ التجاوزُ بعد ذلك، بغضِّ النظر عما يمكنُ أن توصفَ به تلك الحركة بأنها ارتجاعيةٌ أو انتكاسية، ما دامت تسعى لإمكانيةِ استعادة الذات، في خطوةٍ بدت كالضرورة، أو اقتضتها طبيعةُ العصر، تلك الحركةُ على ما يمكن أن تُتَّهمَ به من قَدَامةٍ، حملت فعْلَ التنقل بين أساليبَ متعددة، ومن ثم حدست ببداية التحوُّلِ الذي سيحمله قادمُ الأيام، ليس عبر حركةٍ متنوعة إلى الوراء، بل إلى الأمام، لا سيما بعد زيادة تأثُّرِ الشاعر بالآداب الغربية لاحقًا.

وإذًا ينبئ الجمعُ بين الأسلوب القديم والأسلوب المعاصر على مستوى النصوص - على الرغم من هيمنة القديم - عن ابتداءِ حركةِ العصر في شعر باكثير ولو وئيدًا، بوصف الجمع - مجرد الجمع - يشير إلى إمكانية التحوُّلِ والتشكُّلِ الأول في مرحلة انتقاليةٍ انفعل بها شعرُ باكثير بصورة تحددت من خلالها إمكانيَّته في نسج بدايتِه المعاصرة بالطريقة التي أسلفنا، وسنعرض الآن لكيفياتٍ معاصرة أخرى وضوحًا، من ذلك قولُه واصفًا:

الليلُ جونٌ دامس
والريح عاتيةٌ وصَرْصَرْ

تكسو الظلامَ مدارعًا
من عِثْيَرٍ يُزجَى بعِثْيَرْ

وتمرُّ تدوي في الشقو
ق تحسب الآسادَ تَزْأَرْ

يا وحشةَ الليل البهي
م تبيتُ فيه الرُّوحُ تَزفِرْ



ما ذا الظلامُ بدائمٍ
فكأنني بالصبح أسفَرْ[42]



إذ يلحظ فيها القارئُ طريقةَ الوصف الشعرية المعاصرة المتأثِّرة - فيما يبدو - بقصيدة مطران المساء؛ إذ استطاعت أن تستغلَّ قوةَ الكلمات القديمة وشدتها: (جون دامس/ صرصر/ مدارعًا/ عثير/ الآساد تزأر) فحولتها لصالحها، من حيث إنها وظَّفتها أو أفادت من خشونتِها القديمة في عَرض زمنٍ مخيف: (ليل جون دامس، ليل بهيم)، وأمكنة مخيفة: (شقوق)، و(ريح عاتية صرصر تثير العثير يتلوه العثير، وتدوي كأنما تزأَر خلالها الآساد)، وهي علاماتٌ حسية خارجية عمِلت على الضد من دلالتها حين أبانت عن خلَجات الذات ووحشتِها الشديدة في الغربة بتراكمِها في موقع واحد، فضلاً عن ترافدها بتكرار: (الليل الليل/ الظلام الظلام/ العثير العثير، (الغبار الغبار)/ الجون - الدامس أو الشديد الظلمة الشديد الظلمة/ الريح الريح)، بحيث تتكثف الوحشةُ داخلاً وخارجًا كأنها الوحشةُ المطلقة في وجه السعادة التي بدت وكأنها انتهت إلا من أملٍ خفيف في آخر الأبيات، وحكمة عتيقة يحملها بيتٌ وحيد، في دلالةٍ على أن البُعدَ الكلاسيكي ما يزال يمتلك إمكانيةَ الظهور، وإن بصورة أقل؛ إذ تأخذ قدرتُه على حمل القارئ إلى المعنى العام الشائعِ في الخفوت والتضاؤل، من حيث الكمِّ، بل إن ضعفَ هذا البُعد يشير إلى ابتداء المستجدِّ وتوسيعه من خلال تنزيل معاني الكلمات القديمةِ، ودلالتِها في السياق المعاصر، بتحويلها إلى كلماتٍ خاصة من خلال توظيفِها في معنى خاص، يعمل على الانتقال بالدلالة إلى مستوى مختلفٍ من خلال ما تُثيره من إيحاءات تنفتح على احتمالاتِ الخوف من المجهول وحركتِه التي تحمل صفةَ الواسع والمطلق، رغم محدودية المثير - المصيبة (وفاة زوجته الأولى) الذي تحوَّل إلى رمزٍ في نفس الشاعر ينطلق في كثيرٍ من قصائده كلما حلَّت مصيبة، (والسِّياق العام للقصيدة هنا هو مقارعةُ الملِك عبدالعزيز لخصومه)، وفي هذا ما يدلُّ على مداخلة النفسيِّ للعام الذي ساعد بصورةٍ أو بأخرى في حمل الأبياتِ على انفتاح المطلق، في ظلِّ إشارة سريعة إلى حدَث الوفاة (خطف الزمان حبيبه) الذي يذهب في التلاشي مركِّزًا حضوره في كثافة الفعل الفنيِّ اللغوي التصويري مرتكزِ الوجود الشِّعري، حيث يَغيب تفصيلُ الواقعة الأصل (بخلاف ما سبق من أمثالٍ كانت تمضي فيها الوقائعُ مفصَّلةً بيِّنة مؤكِّدة على فعل الحضور في الواقع، وعبْر جملٍ ومقاطعَ متماثلةِ الصفات اللغوية والمعنوية).
وفي هذا السياق يمكِننا أن نقفَ أيضًا عند قوله مخاطبًا نساءَ مصر بعد وفاة حافظ:
والذي صاغكن درًّا وحلاَّ
كنَّ حُسنًا تعنو إليه الهامُ

لو أقمتنَّ مأتمًا فيه نُحتُنْ
نَ عليه كما ينوحُ الحَمامُ

وسكبتنَّ أدمعًا من مآقي
كنَّ سَحًّا كما يسُحُّ الغَمامُ

فغسلتنه بها، وقدَدْتُنْ
نَ رداءً خيوطُه الأحلامُ

فلففتنَّه به، ونثرتنّ
نَ ورودًا لها الخدم كِمامُ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 22-11-2021, 02:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,000
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مظاهر لغة شعر باكثير في المرحلة اليمنية

ما قضيتنَّ ما له من حقوق
إنَّ ذاكنَّ مطلبٌ لا يرامُ [43]


الصورة هنا نقطةٌ خاصة في قصيدة: (شاعر حضرمي يبكي شاعر النيل)، تكثَّفت فيها البهجةُ في سياقِ تامٍّ من الحزن، ومع هذا الوضعِ الذي يبدو متفارقًا، جاءت الصورةُ ملتحمةً ببِنْية النص، قافزةً به من إمكانية التفصيل في عدَّة مقاطع؛ (من نعي الصحف لحافظ، وبكاء الأقطار عليه، وندب العربية له.. إلخ) إلى الكثافةِ التصويرية في هذا المقطع، فتحقَّق بذلك تقابلٌ بين التقرير والتصوير، حتى إنه ما كان يمكِنُ لهذه الصورة أن تظهرَ مكثَّفةً - فيما يبدو - لولا مختلفُ المقاطع الستَّة التي ساعدت بتفصيلها على ولادتها مخالفةً لها بكثافتها؛ لكون التفصيلِ خاصيةً أساسية جوهرية في النصوص، كما سبق، وتلك نتيجةٌ طبيعية، أن تفضيَ إمكانيةُ التفصيل والإسهاب من جراءِ الممارسة والمعاودة إلى التكثيف والاتجاه عمقًا بُغْيةَ مغادرة الطريقة الكتابية السابقة، أو الجمع بينهما، وربما لأنَّ الشاعر رأى أنه يتوجَّهُ بقصيدته تلك إلى جمهورٍ عالي الثقافة الأدبية في مصرَ من رجالات الأدب والنقد، وأنه ليس بسبيلِ إصلاح اجتماعي، أو تأييد أيديولوجي، فأفصحَ عن طاقة جديدة من إمكاناتِه الأدبية.

تتعيَّن الصورةُ هنا بذاتها، وتتوغَّل في نفسها، متولدةً عن بعضها، ولعل القارئَ يلحظ اهتمامَ الشاعر ببناء الصورة، وتفريعِ حركتها بين حركة مألوفة (لو أقمتن مأتمًا، نحتن عليه، وسكبتن أدمعًا، ونثرتن ورودًا، وقلتن: نَمْ عليك السلام)، وحركةٍ غير مألوفة (فنية) (فغسلتنه بها) (بالأدمع)، وقددتن رداءً خيوطُه الأحلام، فلففتنه به، ونضحتنه بماء ثناياكن، ولحدتن في القلوب له (قبرًا) في تقابلٍ آخرَ داخل المقطع، يجعل الصورةَ باشتمالها على المألوف وغير المألوف، وباشتمالها على جملةٍ من التنويعات الصوتية: (نُحتُنَّ عليه كما ينوح الحمامُ، وقلتن: نَم عليك السلام)، والبصرية: (كما يسُحُّ الغمام، وغسلتنه بها، فلففتنه به، ونثرتن ورودًا، ونضحتنه بماء ثناياكن)، والرؤيوية: (وقددتن له رداءً خيوطُه الأحلام، ورود لها الخدود كمام، ولحدتن في القلوب له قبرًا) يجعلها صورةً مركبة، تقف بمفردِها في مواجهة حدثِ الموت في المقاطع الباقية، كاشفةً بذلك عن ثقلها الشِّعريِّ في النص، فعناصر الصورة تشير بقوَّةٍ إلى الحياة التي تحمل إكسيرَها المرأةُ من خلال رقتِها التي يجد ربُّها أن تؤديَها إلى الفقيد جزاءً أنثويًّا بديعًا، من الحسن، والابتسام، والأحلام، والورود، والخدود، والأكمام، وماء الثنايا، والمسك التي لو قدمت كلها، بحسب قول الشاعر، لَمَا وفَّت الفقيدَ حقَّه من حياة قدَّمها للنساء حين كنَّ خامدات ميتات، وكان يناضل بشعرِه لارتقائهن وتحررهن وحياتهن، ويجدر أن يعودَ الآن بما يقدمنه إلى حياة، بما تتضاءل معه فكرةُ الموت معنويًّا وعمليًّا، وذلك ما بلورَتْه دلالةُ الصورة بعلامات الحياة المنتصرة فيها على علامات الموت، تُلاحقها، وتؤسس ما ينوب عنها، فإذا كان في (نُحتنَّ) إشارةٌ إلى البكاء، ففي قوله: (كما ينوح الحمام) إشارةٌ إلى الطرب أيضًا، فضلاً عن دلالة الحَمام نفسِه على الإسعاد، وإذا كان في الدموع حزنٌ في قوله: (سكبتن أدمعًا)، ففي قوله: (كما يسُحُّ الغمام) ابتهاج ووعدٌ بتجديد الحياة، وإذا كان في: (غسلتنه بالأدمع) احتراق؛ فإن الغسلَ بالأدمع مبالغةٌ في الحفاوة والعناية، فضلاً عن أن الغسل طهارةٌ ونقاء، وإذا كان في اللف في قوله: (فلففتنه برداء خيوطُه الأحلام) انتهاءٌ وتكفين، ففي اللفِّ رعاية وعناية لأجل الحياة بأحلامها الملفوفة رداء عليه، وإذا كان في اللحدِ من قوله: (لحدتن له في القلوب قبرًا) موت وانتهاء، فإن في اللحدِ في القلوب محبةً وحياة، بحيث هيمنت في الصورة دلالةُ الحياة، وألوان سعادتها، على الموت.

والكلمات هنا متماسكة، متعالق بعضُها ببعضها الآخر، فإقامةُ المأتم متصل بالنُّواح، فسكب الأدمع، فغسله بها، فلفُّه نظيفًا في رداءٍ حالم، فنثر الورود عليه، ونضحُه بماء الثنايا العطِر، فوضعُه في القلوب، والتسليم عليه، مما ميَّز جمالية الصورة، وعمِل على تنميةِ مجالها الكتابي وتفتيقه؛ إذ اشتملت على ثمانية أسطر كاملة دلَّت لا على ثراء الصورة، بل على ثراء النصِّ كلِّه بها، وتعيين موقع متميِّز له في ذاته، وفي الديوان، بوصف المقاطعِ الأخرى قُرئِت جماليًّا بها، حتى لو افترضنا جدلاً تنحيةَ الصورة لخفَتَ مستوى النص كاملاً، أو تنحية المقاطع الأخرى لتضاءَلَ دورُ الصورة، وقد نشأت بينها علاقة تقابلٍ وتفاعل أسهمت في إنجاز كينونة النص، محدثةً حركة متولدة فيه عن ذلك التقابل، فضلاً عن حركة الصورة المتتابعة نفسها الدالةِ على أنها كتلةٌ من الحياة تقدَّمُ معًا، يمكِنُها مقابلةُ سائر المقاطع الستة باقتدار.


[1]- صدرت الطبعة الأولى من هذا الديوان بتحقيق وتقديم د. محمد أبو بكر حميد، عن الدار اليمنية للنشر والتوزيع، 1408هـ - 1987م.

[2] ينظر معنى الحداثة في الشعر المعاصر، د. جابر عصفور، فصول، المجلد الرابع، العدد الرابع، يوليو/ أغسطس/ سبتمبر 1984م، ص38، ويقف مفهوم (الكاتب المعاصر) عند سبندر مقابلاً لمفهوم (الكاتب الحديث) الذي يرفض الإذعانَ لأوضاع عصره، ولقواعد اللعبة الموضوعة سلفًا.

[3] من مظاهر الحداثة في الأدب.. الغموض في الشعر، محمد الهادي الطرابلسي، فصول، العدد نفسه، ص30.

[4] سحر عدن وفخر اليمن، علي أحمد باكثير، تحقيق وتقديم د. محمد أبو بكر حميد، الطبعة الأولى، 1429هـ/ 2008م. ص97 - 98.

[5] نفسه، ص106.

[6] نفسه، ص128.

[7] نفسه، ص120.

[8] نفسه، ص64.

[9] نفسه، ص67.

[10] نفسه، ص154.

[11] نفسه، والصفحة نفسها.

[12] كالقصائد: (نشيد يوم العقبة)، و(يا من لليل العرب طال)، و(أيها الظالم مهلاً)، و(لو ثقفت يومًا حضرميًّا)، و(لولا جمود الحضرمي).

[13] خطاب ما بعد البِنيوية في النقد المغربي الحديث (في التنظير والإنجاز) د. محمد مريني، عالم الفكر، العدد (4) المجلد (35) أبريل - يونيو 2007، ص140.

[14] سحر عدن وفخر اليمن، ص95 - 96، ومثل ذلك ما قاله في قصيدته: (نهضة عدن) مخاطبًا أبناء نادي الإصلاح العربي بضاحية الشيخ عثمان في عدن، في أثناء حفل تكريم السيد عبدالله بن أحمد بن يحيى:
بني الإصلاحِ، حُيِّيتم
بأنفاس التحيَّات



يردُّ الطرفَ محسورًا
بإعجابٍ وإخباتِ (ص123).



[15] نفسه، ص100.

[16] نفسه، ص101 - 102، الوُسوق: جمع وَسقٍ، ويعادل ستين صاعًا، والمعنى أن ما جاؤوا به من سيِّئ العمل قد أثقل كواهلَهم بأحمال ثقيلة من الملام والآلام، و(مِ الملام) أصله من الملام (المحقق)، وفي هذه الأبيات يُشير إلى حادثة مؤلمة وقعت في مسجد النور بمدينة (بندواس) أو (بندوسو) بإندونيسيا؛ إذ اشتبك في صلاةِ التراويح في شهر رمضان بالمسجد جماعاتٌ من العلويين والإرشاديين في معركة سالت فيها الدماء؛ (المحقق نقلاً عن تاريخ حضرموت السياسي لصلاح البَكري).

[17] نفسه، ص96، وتنظر قصيدته: (صدى قصيدتين) ص121.

[18] ينظر: الشكلانية الروسية، فيكتور إيرليخ؛ ترجمة الولي محمد، ص51.

[19] تنظر: مقدمة محقق الديوان نفسه، ص36 - 37.

[20] الديوان نفسه، ص131.

[21] نفسه، ص153 - 154

[22] نفسه، ص160.

[23] نفسه، ص82 - 83، 85، وابن رفادة هو حامد بن سالم بن رفادة، تمرَّد على الملك عبدالعزيز سنة 1347هـ، وقُتل سنة 1351هـ.

[24] نفسه، ص133 - 136، ويقصد بابن الأمير عبدالله بن الحسين، وفيصل الدرويش هو آخر شيوخ بني مطير.

[25] لكثرة الإحالات في هذه التراكيب والجمل القصيرة، آثرنا أن نضع أرقام الصفحات في المتن.

[26] ينظر سحر اليمن وفخر عدن، تعليقات المحقق في الهامش، ص63.

[27] نفسه، ص76 - 80 (العقبة: يُقصد به مِيناء العقبة، الواقع على خليج العقبة بالأردن، ويشبِّه الملك عبدالعزيز بصلاح الدين الأيوبي قائد معركة حطين التي كان من نتائجها استرداد بيت المقدس من الصليبيين).

[28] نفسه، ص168 - 169.

[29] نفسه، ص76.

[30] نفسه، ص81.

[31] ينطبق التقديمُ على جميع قصائد الديوان تقريبًا، وفي هذا السياق تجدرُ الإشارة إلى أنه قد يرِد أحيانًا بيتٌ مستقل، منفرد، في نهاية بعض القصائد، يمكن أن يكون تعريفًا آخر بها، أو مدخلاً أخيرًا إليها؛ كقوله:
لولا جمود الحضرمي وجهلُه
بلغت مواهبه به العيوقا


من آخر قصيدته: (لولا جمود الحضرمي، ص106) وقوله:
موت (شوقي) آيةٌ دلت على
أن هذي الشُّهب يومًا تنكدر (ص118)


وسواءٌ قُرنت القصيدة واقعيًا عبر المقدمة، أو قُرنت شعريًّا عبر البيت الأخير الفرد (المفصول بينه وبين الأبيات السابقة بفاصل) بما تقوله مناسبةُ القصيدة من حدث، أو بما يُفضي به البيت الأخير من معنى - فإن النتيجةَ التي يصل إليها القارئُ واحدةٌ، تكمن في التقاربِ بين الواقعي والشِّعري.

[32] خطاب ما بعد البِنيوية في النقد المغربي الحديث (في التنظير والإنجاز) د. محمد المريني، عالم الفكر، العدد (4) المجلد (35) إبريل - يونيو 2007م، ص140، وينظر: الماركسية وفلسفة اللغة، لباختين، ترجمة محمد البكري ويمني العيد، الطبعة الأولى، ص93.

[33] سحر عدن، وفخر اليمن، ص104- 105.

[34] نفسه، ص136.

[35] ينظر نفسه، الصفحات 55 - 56، 58، 72، 102، 119 - 122، 129.

[36] نفسه، ص58.

[37] نفسه، ص129.

[38] نفسه، ص53 - 54.

[39] نفسه، ص130.

[40] نفسه، ص55، الفدام: (ما يوضعُ على فم الإبريق ونحوِه لتصفيةِ ما فيه).

[41] ينظر علي أحمد باكثير، حياته، وشعره الوطني والإسلامي، د. أحمد عبدالله السومحي، الطبعة الأولى، سلسلة كتاب النادي الأدبي الثقافي، دار البلاد للطباعة والنشر، جدة 1403هـ - 1982م، ص19 - 20.

[42] سحر عدن وفخر اليمن، ص81 - 82.

[43] نفسه، ص54 - 55 (الهام: جمع هامةٍ، هي الرأس؛ أي: تخضع له الرؤوس).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 188.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 182.14 كيلو بايت... تم توفير 6.04 كيلو بايت...بمعدل (3.21%)]