|
|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ملت صديقتي من غيرتي عليها
ملت صديقتي من غيرتي عليها أ. عائشة الحكمي السؤال: أنا طالبة جامعيَّةٌ، تعرَّفتُ في الجامعة على صديقةٍ أحببتُها، وأحسستُ أنها قريبةٌ مني، وبمرور الأيام تعلَّقتُ بها جدًّا، وأصبحتُ أغار عليها، ثم تحوَّلتْ عَلاقتي بها مِن حبٍّ جميل إلى أنانية! لاحَظَتْ صديقتي هذا الأمر، وصبرتْ عليَّ كثيرًا، وحاولتْ أن تغيِّرني، ولكن للأسف تملَّكتْني الأنانية. المهم بعد مدة مِن صحبتنا، صارحتْني، وأخبرتْني أنها لم تَعُدْ قادرةً على تحمُّل ذلك، ونصحتْني أن أبتعدَ قليلًا، وألَّا نجلس إلا في وجود صديقاتنا الأخريات، وأصبحتْ تتعامل معي بشكل جدِّي. المشكلة أنني لا أستطيع أن أتحمل هذا الشعور بالفقد والغربة؟ أريد منكم منهجًا يغيِّرني، وأسترد به صداقتنا الطيبة؟ الجواب: بسم الله الموفق للصواب وهو المستعان أيتها العزيزة، لقد خُلِقت النفسُ حرةً، وطُبِعتْ على رفض الاستعباد إلا إلى رب العباد، والحبُّ منزلةٌ مِن منازل العبودية، لا يَصلُح صرفها تامة إلا لله - عز وجل - فإن لم تُضبَط مشاعر القلوب بين الأصدقاء لتكون في الله ولله؛ قَلَبها الشيطان إلى معصية يعاقب الله عليها! فالله ربنا - جل جلاله - لا يريد أن يطغى على قلب عبدِه حبُّ غيرِه! وكلُّ شيء إذا زاد عنِ الحدِّ انْقَلَبَ إلى الضِّدِّ، فلا بد لأجل ذلك من الاقتصاد في الإخاء، والتوسُّط في المودة والصداقة؛ لتدومَ، فليس بالزيادة يدوم الحبُّ بين المحبِّين، ولا بالأنانية يدوم الإخاء بين المتآخين، ولا بشدة القرب يعرف الأصدقاء! قال أبو حاتم - رضي الله عنه -: "مَن صحَّح الحال بينه وبين الإخوان، لم يضرَّه قلةُ الاجتماع؛ لاستحكام الحال بينهما، والمودة إذا أضرَّ بها قلةُ الالتقاء تكون مدخولة، وأمَّا مَن لم يحلَّ في نفس صحة الحال، ولم يستحكم أسباب الوداد، فالتَّوَقِّي مِن الإكثار في الزيارة أَوْلَى به؛ لئلَّا يُسْتَثْقَلَ ويُمَلَّ"؛ "[رَوْضَة العُقلاء"؛ لابن حِبَّان]. ولعل هذا الدرس القاسي يُفِيدكِ مستقبلًا في حياتك الزوجية؛ فشدة القرب والإفراط في التلاقي والالتصاق، لا تورث إلا الملال والقطيعة والاختناق! ولذلك حثَّ العقلاءُ على الإقلال مِن الزيارة، بل ودفع الملل بالإعراض والصدّ! قال الشاعر: أَقْلِلْ زيارتَكَ الصَّدِي قَ تَكُنْ كَثَوبٍ اسْتَجَدَّهْ إنَّ الصَّدِيقَ يَغُمُّهُ أَلَّا يَزَالَ يَرَاكَ عِنْدَهْ وقال سعيد بن حميد: وكنتُ إذا ما صاحبٌ ملَّ صُحْبَتِي صَدَدْتُ، وَبَعْضُ الصَّدِّ فِي الحُبِّ أَمْثَلُ وَقُلْتُ جَمِيلًا حِينَ أَصْرِمُ حَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ لَم يَأْتِ التي هِيَ أَجْمَلُ رأيي؛ ألا تحصري سعادة قلبكِ في صديقةٍ واحدةٍ ملَّتْ صحبتكِ! ومن الخير أن توزِّعي طاقاتكِ العاطفية بين الأنشِطة والهِوايات المختلفة؛ فالقلوبُ إذا ملَّتْ عسر استردادها، ومن الجيد أن صديقتكِ قد أبقتْ على صداقتكِ مع بقية الصديقات، فلا تطمعي في أكثر مِن المساحة التي منحتْكِ إيَّاها؛ كي لا تخسري البقية الباقية في قلبها لكِ! حاولي أن تندمجي مع المجموعة التي اختارتْها؛ فلعلكِ تحظين بصديقة تشاركُكِ الالتصاق العاطفيِّ! أو لعل ذلك يكون سببًا لعودتِها مستقبلًا، خاصة لو كانتْ تحمل لك الشعور نفسه، وعدا ذلك فأَرَى الاكتفاء بتعلُّم الدرس، والاشتغال بما هو أَوْلَى من استجداء الصداقات! أما منهج التغيير، فيبدأ من هذه اللحظة التي كتبتِ فيها استشارتكِ؛ فالتغييرُ قرارٌ يبدأ بإرادة العمل، والأنفة من الحال الذي كنتِ عليه، والاعتبار بما آلتْ إليه صداقتكِ حين خنقتِ صديقتكِ حبًّا وقربًا، ومتى قرَّرتِ التغيير من نفسك، وطريقة تفكيرك، فكل الأمور ستسير - بعون الله وتوفيقه - كما تُرِيدين! والكلام في التغيير مبسوطٌ في شبكة "الألوكة"، فلو أنكِ أجريتِ بحثًا عن كلمة "التغيير"؛ لحصدتِ ما ينفعك - بمشيئة الله عز وجل. والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |