منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله - الصفحة 11 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854667 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389579 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #101  
قديم 17-03-2022, 02:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (101)
صـ 145 إلى صـ 151

فإن قيل: هو في مكان بمعنى (1) إحاطة غيره به وافتقاره إلى غيره.
فالله منزه عن الحاجة إلى الغير وإحاطة الغير به ونحو ذلك.
وإن أريد بالمكان ما فوق العالم وما هو الرب فوقه؛ قيل: [إذا لم يكن] (2) إلا خالق أو مخلوق، والخالق بائن من المخلوق (3) ، كان هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء.
وإذا قال [القائل] (4) : هو سبحانه فوق سماواته على عرشه (5) بائن من خلقه ; فهذا المعنى حق سواء: سميت ذلك مكانا أو لم تسمه.
وإذا عرف المقصود فمذهب أهل السنة والجماعة (6) ما دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة، وهو القول (7) المطابق لصحيح المنقول وصريح المعقول.
[الكلام على قوله وإلا لكان محدثا]
[الرد على دليل الرافضة والمعتزلة]
وأما قوله: " وإلا لكان محدثا " فمضمونه أنه لو كان جسما أو في مكان لكان محدثا.
[فيقال له: قد بينا ما ينفى عنه من معاني الجسم والمكان، وبينا ما لا يجوز نفيه عنه، وإن سماه بعض الناس جسما ومكانا، لكن ما الدليل على أنه لو كان كذلك لكان محدثا] (8) وأنت (9) لم تذكر دليلا على ذلك؟

_________
(1) ن، م: هو في المعنى بمعنى، وهو تحريف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: ولا مخلوق بائن من الخالق.
(4) القائل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: فوق عرشه.
(6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: المعقول.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(9) ن: فأنت ; م: قلت.
****************************

وكأنه (1) اكتفى بالدليل المشهور الذي يذكره [سلفه] وشيوخه (2) المعتزلة: من أنه لو كان جسما لم يخل عن الحركة والسكون، وما لم يخل (3) عن الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها. ثم يقولون: ولو [كان] قام به (4) علم وقدرة وحياة وكلام (5) ونحو ذلك من الصفات لكان جسما.
وهذا الدليل عنه (6) جوابان: أحدهما: أن يقال [له: هو] عندك (7) حي عليم قدير، ومع هذا فليس بجسم عندك، مع أنك لا تعلم حيا عليما قديرا (8) إلا جسما فإن كان قولك (9) حقا أمكن أن يكون له حياة وعلم وقدرة، وأن يكون مباينا للعالم عاليا عليه وليس بجسم.
فإن قلت: لا أعقل مباينا عاليا إلا جسما؛ قيل لك: ولا يعقل حي عليم قدير إلا جسم، فإن أمكن أن يكون مسمى (10) بهذه الأسماء ما ليس بجسم، أمكن أن يتصف بهذه الصفات ما ليس بجسم، وإلا فلا ; لأن الاسم (11) مستلزم للصفة.

_________
(1) ن، م: فكأنه.
(2) ن، م: الذي يذكره شيوخه.
(3) ن، م: وما لا يخلو.
(4) ن، م: ولو قام به.
(5) وكلام: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: فهذا الدليل عليه.
(7) ن، م: أن يقال عندك.
(8) ن، م: عالما قادرا.
(9) ن، م: قوله.
(10) ن، م: أن يسمى.
(11) ن، م: الجسم، وهو خطأ.
*****************************

وكذلك إذا قال: لو كان فوق العالم لكان جسما، ولكان إما أكبر من العالم وإما أصغر وإما مساويا له، وكل ذلك ممتنع، فيقال له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنه فوق العالم وليس بجسم.
فإذا قال النافي (1) : قول هؤلاء معلوم فساده بضرورة العقل، قيل له: فأنت تقول: إنه موجود قائم بنفسه، وليس بداخل في العالم ولا خارج عنه، ولا مباين له ولا محايث (2) له، وأنه لا يقرب منه شيء ولا يبعد منه شيء، [ولا يصعد إليه شيء] (3) ولا ينزل منه شيء، وأمثال ذلك من النفي الذي إذا عرض على الفطرة السليمة جزمت جزما قاطعا أن هذا باطل وأن وجود مثل هذا ممتنع، وكان جزمها ببطلان هذا أقوى من جزمها ببطلان كونه فوق العالم وليس بجسم.
فإن كان حكم الفطرة السليمة مقبولا وجب بطلان مذهبك، فلزم أن يكون فوق العالم، وإن كان مردودا بطل ردك لقول من يقول: إنه فوق العالم وليس بجسم، فإن الفطرة الحاكمة بامتناع هذا هي الحاكمة بامتناع هذا، فيمتنع قبول حكمها في أحد الموضعين دون الآخر.

وذلك أن هؤلاء النفاة يزعمون أن الحكم بهذا المنع من حكم الوهم المردود لا من حكم العقل المقبول، ويقولون: إن الوهم هو أن يدرك في المحسوسات (4) ما ليس بمحسوس، كما تدرك الشاة عداوة الذئب

_________
(1) ب (فقط) : فإذا قال لنا.
(2) ن، م: مجانب.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: في المحسوس.
****************************

وتدرك السخلة (1) صداقة أمها، ويقولون: الحكم الفطري الموجود في قلوب بني آدم، بامتناع وجود مثل هذا هو حكم الوهم لا حكم العقل (2) ، فإن حكم الوهم إنما يقبل في المحسوسات لا فيما ليس بمحسوس (3) .
فيقال لهم: إن كان هذا صحيحا فقولكم: إنه يمتنع أن يكون فوق العالم وليس بجسم هو أيضا من حكم الوهم ; لأنه حكم فيما ليس بمحسوس عندكم، وكذلك حكمه بأن كل ما يرى (4) فلا بد أن يكون بجهة من الرائي هو حكم الوهم أيضا.
وكذلك سائر ما يدعون امتناعه على الرب [هو] (5) مثل دعوى امتناع كونه لا مباينا ولا محايثا (6) ، فإن كان حكم الفطرة بهذا الامتناع مقبولا في

_________
(1) في اللسان: السخلة ولد الشاة من المعز والضأن، ذكرا أو أنثى. . أبو زيد: يقال لولد الغنم ساعة تضعه أمه من الضأن والمعز جميعا، ذكرا أو أنثى، سخلة.
(2) ن: الفعل، وهو تحريف.
(3) يعرف ابن سينا في كتابه النجاة (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 63، نشر محيي الدين الكردي، الطبعة الثانية 1357/1938) القوة الوهمية بقوله: " ثم القوة الوهمية وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني الغير محسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية كالقوة الحاكمة بأن الذئب مهروب منه وأن الولد معطوف عليه ". وانظر كتاب الشفاء، القسم الخاص بالنفس، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 60 - 161، 177 - 179، نشر يان باكوش، طبع المجمع العلمي التشكوسلوفاكي، براغ، 1956 مبحث عن القوة النفسانية، ضمن مجموعة بعنوان: أحوال النفس، نشرها الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، ص [0 - 9] 66 - 167، القاهرة، 1952.
(4) ن: كل من لا يرى ; م: كل ما لا يرى، وكلاهما خطأ.
(5) هو: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ن، م: مجانبا.
************************

شيء من ذلك قبل في نظيره، وإلا فقبوله في أحد المتماثلين ورده في الآخر تحكم.
وهؤلاء بنوا كلامهم على أصول متناقضة، فإن الوهم عندهم قوة في النفس تدرك في المحسوسات ما ليس بمحسوس، وهذا الوهم لا يدرك إلا معنى جزئيا لا كليا كالحس والتخيل، وأما الأحكام الكلية فهي عقلية، فحكم الفطرة بأن كل موجودين إما متحايثان (1) وإما متباينان، وبأن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا معدوما، وأنه يمتنع وجود ما هو كذلك، ونحو ذلك، أحكام كلية عقلية، ليست أحكاما جزئية شخصية في جسم معين حتى يقال: إنها من حكم الوهم.
وأيضا فإنهم يقولون: [إن] (2) حكم الوهم فيما ليس بمحسوس باطل ; لأنه إنما يدرك ما في المحسوسات من المعاني التي ليست محسوسة، أي: لا يمكن إحساسها، ومعلوم أن كون رب العالمين لا تمكن رؤيته أو تمكن مسألة مشهورة، [فسلف الأمة] (3) وأئمتها وجمهور نظارها وعامتها على أن الله يمكن رؤيته ورؤية الملائكة والجن وسائر ما يقوم بنفسه، فإذا ادعى المدعي أنه لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة (4) التي يسميها هو (5) المجردات

_________
(1) ن، م: متجانبان.
(2) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) فسلف الأمة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: أنه لا يمكن رؤيته أو لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة. . إلخ.
(5) هو: ساقطة من (ب) فقط.
***************************

والنفوس والعقول، فهو يدعي وجود موجود قائم بنفسه لا يمكن الإحساس به بحال.
فإذا احتج عليه بالقضايا الفطرية التي تحكم بها الفطرة كما تحكم بسائر القضايا الفطرية، لم يكن له أن يقول: هذا حكم الوهم فيما ليس بمحسوس، فلا يقبل ; لأن الوهم إنما يدرك ما في المحسوس ; فإنه يقال له: إنما يثبت أن هذا مما لا يمكن أن يرى ويحس به إذا ثبت أن هذا الحكم باطل، وإنما يثبت أن هذا الحكم باطل إذا ثبت وجود موجود لا يمكن أن يرى ويحس به، وأنت لم تثبت هذا الموجود، إلا بدعواك أن هذا الحكم باطل، ولم تثبت أن هذا الحكم باطل (1) إلا بدعواك وجود هذا الموجود، فصار حقيقة قولك دعوى مجردة بلا دليل.
فإذا ثبت امتناع رؤيته بإبطال هذا الحكم، كان هذا دورا ممتنعا، وكنت قد جعلت الشيء مقدمة في إثبات نفسه، فإنه يقال لك: لم تثبت إمكان وجود غير محسوس إن لم تثبت بطلان هذا الحكم، ولا تثبت بطلانه إن لم تثبت موجودا قائما بنفسه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به.
فإذا قلت: الوهم يسلم (2) مقدمات تستلزم ثبوت هذا، قيل لك: ليس الأمر كذلك، فإنه لم يسلم مقدمة مستلزمة لهذا أصلا، بل جميع ما ينبني عليه ثبوت إمكان هذا، وإمكان وجود ما لا يمكن رؤيته ولا يشار إليه، مقدمات متنازع فيها بين العقلاء، ليس فيها مقدمة واحدة متفق عليها، فضلا عن أن تكون ضرورية أو حسية يسلمها الوهم.

_________
(1) ن، م: ولم يثبت به باطل.
(2) أ: يستلزم.
****************************

ثم يقال لك: إذا جوزت أن يكون في الفطرة حاكمان بديهيان: أحدهما حكمه باطل، والآخر حكمه حق، لم يوثق بشيء من حكم الفطرة، حتى يعلم أن ذلك من حكم الحاكم الحق، ولا يعرف عن ذلك حتى يعرف أنه ليس من الحكم الباطل، ولا يعرف أنه باطل حتى تعرف المقدمات البديهية الفطرية، التي بها يعلم أن ذلك الحكم باطل، فيلزم من هذا (1) أن لا يعرف شيء بحكم الفطرة، فإنه لا يعرف الحق حتى يعرف الباطل، ولا يعرف الباطل حتى يعرف الحق، فلا يعرف الحق بحال.
وأيضا، فالأقيسة القادحة في تلك الأحكام الفطرية البديهية أقيسة نظرية، والنظريات مؤلفة من البديهيات، فلو جاز القدح في البديهيات بالنظريات لزم فساد البديهيات والنظريات، فإن فساد الأصل يستلزم فساد فرعه، فتبين أن من سوغ القدح في القضايا البديهية الأولية [الفطرية بقضايا] نظرية (2) ، فقوله باطل يستلزم فساد العلوم العقلية بل والسمعية.
وأيضا لفظ " الوهم " في اللغة العامة يراد به الخطأ، وأنت أردت به قوة تدرك ما في الأجسام من المعاني التي ليست محسوسة، وحينئذ فالحاكم بهذا الامتناع إن كان حكم به في غير جسم فليس هو الوهم، وإن كان إنما حكم به في جسم فحكمه صادق فيه، فلم قلت: إن هذا هو حكم الوهم فيما لا يقبل حكمه فيه؟ .
ومعلوم أن ما تحكم به (3) الفطرة السليمة من القضايا الكلية المعلومة

_________
(1) ن، م: فيعرف من هذا. .
(2) ن (فقط) : البديهية الأولية النظرية، وهو خطأ.
(3) ن، م: ما لا تحكم به، وهو خطأ.
***************************





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #102  
قديم 17-03-2022, 02:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (102)
صـ 152 إلى صـ 158

لها، ليس فيها ما يحصل (1) بعضه من حكم الوهم الباطل، وبعضه من حكم العقل الصادق، وإنما يعلم أن الحكم من حكم الوهم الباطل إذا عرف بطلانه، فأما أن يدعي بطلانه بدعوى كونه من حكم الوهم، فهذا غير ممكن، [وبسط هذه الأمور له موضع آخر] (2) .
والمقصود هنا أن هذا المبتدع وأمثاله من نفاة ما أثبته الله ورسوله لنفسه من معاني الأسماء والصفات من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من المتفلسفة والرافضة [وغيرهم] (3) ، لا يعتمدون فيما يقولونه على دليل صحيح لا سمعي ولا عقلي.
أما السمعيات فليس معهم نص واحد يدل على قولهم [لا قطعا ولا ظاهرا] (4) ، ولكن نصوص الكتاب والسنة متظاهرة على نقيض (5) قولهم، ودالة على ذلك أعظم من دلالتها على المعاد والملائكة وغير ذلك مما أخبر الله به رسوله، ولهذا سلط الله عليهم (6) الدهرية المنكرون للقيامة ولمعاد الأبدان، وقالوا: إذا جاز لكم أن تتأولوا ما ورد في الصفات، جاز لنا أن نتأول ما ورد في المعاد، وقد أجابوهم بأنا قد علمنا ذلك بالاضطرار من دين الرسول.

_________
(1) ن (فقط) : ما يحكم، وهو تحريف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) وغيرهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: بعض، وهو خطأ.
(6) أ، ب: ولهذا تسلط عليهم ; م: ولهذا سلط عليهم.
***********************

فقال لهم أهل الإثبات: وهكذا العلم بالصفات (1) في الجملة هو مما يعلم بالضرورة مجيء الرسول به، وذكره في الكتاب والسنة أعظم من ذكر الملائكة والمعاد، مع أن المشركين من العرب لم تكن تنازع فيه كما كانت تنازع في المعاد، مع أن التوراة مملوءة من ذلك، ولم ينكره الرسول على اليهود كما أنكر عليهم ما حرفوه وما وصفوا به الرب من النقائص كقولهم: {إن الله فقير ونحن أغنياء} [سورة آل عمران: 181] ، و {يد الله مغلولة} [سورة المائدة: 64]
[ونحو ذلك] (2) ، وذلك مما يدل على أن الله (3) أظهر في السمع والعقل من المعاد، فإذا كانت نصوص المعاد لا [يجوز] (4) تحريفها فهذا بطريق الأولى، وهذه الأمور مبسوطة في موضع آخر (5) .

والجواب الثاني: (6) أن يقال: هذا الدليل قد عرف ضعفه ; لأنه إذا كان هذا الحادث ليس بدائم، وهذا ليس بدائم باق، يجب أن يكون نوع الحوادث ليست بدائمة (7) باقية كما أنه إذا كان هذا الحادث ليس بباق، [وهذا الحادث ليس بباق] (8) ، يجب أن يكون نوع الحوادث ليس بباق.

_________
(1) ب: فيقال لهم: وهكذا الإثبات وكذا العلم بالصفات ; أ: مثل نسخة (ب) إلا أن فيها. فقال لهم. . . إلخ. وأما المثبت فهو عن (ن) ، (م) .
(2) ونحو ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: على أنه.
(4) يجوز: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: في موضعها.
(6) بدأ الجواب الأول على دليل الرافضة والمعتزلة ص 146.
(7) أ، ب: دائمة.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (أ) ، (ب) : وهذا ليس بباق.
****************************

بل هي باقية دائمة في المستقبل في الكتاب (1) والسنة وإجماع سلف الأمة وجمهورها (2) ، كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، والمراد دوام نوعه (3) ، لا دوام كل فرد فرد.
قال تعالى: {لهم فيها نعيم مقيم} [سورة التوبة: 21] ، والمقيم هو نوعه. وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] ، والمراد أن نوعه لا ينفد وإن كان كل جزء منه ينفد، أي: ينقضي وينصرم (4) .
وأيضا فإن ذلك يستلزم حدوث الحوادث بلا سبب، وذلك ممتنع في صريح العقل. وهذا الدليل هو أصل الكلام الذي ذمه السلف وعابوه ; لأنهم رأوه باطلا لا يقيم حقا ولا يهدم باطلا، [وقد تقدم الكلام على هذا في مسألة الحدوث] (5) .
وتمام كشف (6) ذلك أن نقول في: الوجه الخامس (7) : إن الناس عليهم أن يؤمنوا بالله ورسوله، فيصدقوه فيما أخبر، ويطيعوه فيما أمر فهذا أصل السعادة وجماعها.

_________
(1) ن، م، أ: بالكتاب.
(2) ن، م: وإجماع الأئمة.
(3) ن، م: دوام وقوعه.
(4) أ، ب: ويتصرم.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) كشف: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) الوجه الخامس: كذا في (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ويبدو أن ابن تيمية يصل كلامه هنا أول كلامه في الوجه الخامس من الوجوه التي رد بها على القسم السابق من كلام ابن المطهر (ص [0 - 9] 7 - 99) وأول الوجه الخامس في ص [0 - 9] 02 من هذا الجزء.
*****************************

والقرآن كله يقرر هذا الأصل قال تعالى: {الم - ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين - الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون - والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون - أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} [سورة البقرة: 1 - 5] ، فقد وصف سبحانه بالهدى والفلاح المؤمنين الموصوفين في هذه الآيات.
وقال تعالى لما أهبط آدم من الجنة: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى - ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى - قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا - قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} [سورة طه: 123 - 126] ، فقد أخبر أن من اتبع الهدى الذي أتانا منه، وهو ما جاءت به الرسل، فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكره، وهو الذكر الذي أنزله، وهو كتبه التي بعث بها رسله (1) ، بدليل أنه قال بعد ذلك: {كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} .
والذكر مصدر يضاف تارة (2) إلى الفاعل وتارة إلى المفعول، كما يقال: دق الثوب، ودق القصار (3) ، ويقال (4) : أكل زيد، وأكل الطعام،

_________
(1) ن: التي بعثت به الرسل ; م: الذي بعث بها الرسل.
(2) أ، ب: تارة يضاف.
(3) قصر الثوب وقصره (بتضعيف الصاد) قصارة وقصرا حوره ودقه بالقصرة، وهي قطعة من الخشب، وفاعل ذلك القصار (انظر: اللسان) .
(4) ن: نقول ; م: ونقول.
*************************

ويقال: ذكر الله أي: ذكر العبد لله (1) ، ويقال: ذكر الله أي: ذكر الله الذي ذكره هو مثل ذكره عبده (2) ، ومثل القرآن الذي هو (3) ذكره.
وقد يضاف الذكر إضافة الأسماء المحضة، فقوله: {ذكري} إن أضيف إضافة المصادر كان (4) المعنى: الذكر الذي ذكرته، وهو كلامه الذي أنزله، وإن أضيف إضافة الأسماء المحضة، فذكره هو ما اختص به من الذكر، والقرآن مما (5) اختص به من الذكر.
قال تعالى: {وهذا ذكر مبارك أنزلناه} [سورة الأنبياء: 50) وقال: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} [سورة الأنبياء: 2] ، وقال: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} [سورة يس: 69] ، وقال: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [سورة النحل: 44] ، وقال فيما يذكره من (6) ضمان الهدى والفلاح لمن اتبع الكتاب والرسول: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} [سورة الأعراف: 157] ، وقال: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد} [سورة إبراهيم: 1] ، ونظائره في القرآن كثيرة.
[الإثبات المفصل لصفات الكمال والنفي المجمل لصفات النقص]
وإذا كان كذلك، فالله سبحانه بعث الرسل بما يقتضي الكمال من

_________
(1) أ، ب: ذكر العبد الله ; ن: أي ذكر الله، أي ذكر العبد لله.
(2) ن: ويقول ذكر الله مثل ذكر عبده ; م: ويقول ذكر الله أي ذكر الله الذي هو ذكره وهو مثل ذكر عبده.
(3) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: المصدر فكأن.
(5) ن، م: ما.
(6) أ، ب: في.
**************************

إثبات أسمائه وصفاته على وجه التفصيل، والنفي على طريق الإجمال للنقص والتمثيل، فالرب تعالى (1) موصوف بصفات الكمال [التي لا غاية فوقها، منزه عن النقص بكل وجه ممتنع، وأن يكون له مثيل في شيء من صفات الكمال] (2) ، فأما صفات النقص فهو منزه عنها مطلقا وأما صفات الكمال فلا يماثله - بل ولا يقاربه - (3) فيها شيء من الأشياء.
والتنزيه يجمعه نوعان: نفي النقص، ونفي مماثلة غيره له في صفات الكمال، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد} وغيرها [من القرآن] (4) ، مع دلالة العقل على ذلك، وإرشاد القرآن إلى ما يدل على ذلك من العقل، بل وقد أخبر الله أن في الآخرة من أنواع النعيم ما له شبه (5) في الدنيا، كأنواع المطاعم والمشارب والملابس والمناكح وغير ذلك، وقد قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء (6) ، فحقائق تلك

_________
(1) ن، م: والرب سبحانه.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) ن، م: فلا تماثله بل ولا تقارنه.
(4) من القرآن: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: ما ليس له شبه، وهو خطأ.
(6) أورد الطبري هذا الأثر لقول الله تعالى: (وأتوا به متشابها) [سورة البقرة: 25] وقد ذكره بإسنادين (ط. المعارف) 1/391 - 392. وحدثني أبو كريب، قال: حدثنا الأشجعي - ح - وحدثنا محمد بن بشار، قال حدثنا مؤمل، قالا جميعا: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس، قال أبو كريب في حديثه عن الأشجعي: لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا الأسماء. وقال ابن بشار في حديثه عن المؤمل، قال: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. وأما الإسناد الثاني فهو: حدثنا عباس بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: ليس في الدنيا من الجنة شيء إلا الأسماء. ونقل ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية، وقال: " رواه ابن جرير، من رواية الثوري، وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به ". وقال السيوطي في " الدر المنثور " في تفسيره لتلك الآية " وأخرج مسدد وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال: " ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء. ".
*****************************

أعظم من حقائق هذه بما (1) لا يعرف قدره، وكلاهما مخلوق، والنعيم [الذي] (2) لا يعرف جنسه قد أجمله الله [سبحانه وتعالى] (3) بقوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} [سورة السجدة: 17] .
وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[أنه] (4) قال: " «يقول الله تعالى: أعددت (5) لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» (6) فإذا كان هذان المخلوقان متفقين في الاسم مع أن بينهما في الحقيقة

_________
(1) ن: مما ; م: لما.
(2) الذي: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: يقول الله إني أعددت.
(6) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه في: البخاري 4/118 (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة) ، 6/116 (كتاب تفسير القرآن، باب تفسير سورة تنزيل السجدة) ، 9/144 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ; مسلم 4/2174 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، أول الكتاب من ثلاثة طرق) ; سنن الترمذي 5/26 (كتاب التفسير، باب تفسير سورة السجدة) ; سنن ابن ماجه 2/1447 (كتاب الزهد، باب صفة الجنة) ; سنن الترمذي 2/335 (كتاب الرقائق، باب ما أعد الله لعباده الصالحين) ; المسند (ط. المعارف) 17/46، 19/104.
*************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #103  
قديم 17-03-2022, 03:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (103)
صـ 159 إلى صـ 165

تباينا لا يعرف في الدنيا قدره (1) ، فمن المعلوم أن ما يتصف به الرب من صفات الكمال مباين لصفات خلقه، أعظم من مباينة مخلوق لمخلوق، ولهذا قال أعلم (2) الخلق بالله في [الحديث] الصحيح (3) : " «لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» " (4)
وقال في الدعاء [المأثور] (5) الذي رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، عن ابن مسعود - رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «ما أصاب عبدا هم قط ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك [ابن عبدك] (6) وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته (7) أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب

_________
(1) ن، م: مع أن بينهما تفاوت في الحقيقة تباينا لا يعرف قدره في الدنيا.
(2) ن، م: أعظم.
(3) ن: في الصحيح ; م: في الصحاح.
(4) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: مسلم 1/352 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) ، وأوله: فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدمه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول: " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ". والحديث في: سنن أبي داود 1/322 (كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود) ; سنن الترمذي 5/187 (كتاب الدعوات باب حدثنا الأنصاري أخبرنا معن. .) ; سنن ابن ماجه 2/1262 - 1263 (كتاب الدعاء، باب ما تعوذ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم) ; المسند (ط. الحلبي) 6/58، 201. .
(5) المأثور: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ابن عبدك: ساقطة من (ن) فقط.
(7) أ، ب: وأنزلته في كتابك وعلمته.
***************************

عندك أن تجعل القرآن (1) ربيع قلبي، ونور صدري (2) ، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي ; إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكان حزنه فرحا (3) » . قالوا: يا رسول الله! أفلا نتعلمهن؟ قال: بلى، ينبغي لكل من سمعهن أن يتعلمهن " (4) فبين (5) أن لله أسماء استأثر بها في علم الغيب عنده لا يعلمها ملك ولا نبي.
وأسماؤه تتضمن صفاته، ليست أسماء أعلام محضة، كاسمه: العليم، والقدير، والرحيم، والكريم، والمجيد، والسميع، والبصير، وسائر أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى.
وهو سبحانه مستحق للكمال المطلق ; لأنه واجب الوجود بنفسه، يمتنع العدم عليه، ويمتنع (6) أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، إذ لو افتقر إلى غيره بوجه من الوجوه كان محتاجا إلى الغير، والحاجة إما إلى (7) حصول كمال له، وإما إلى دفع ما ينقص كماله، ومن احتاج

_________
(1) ا، م، ب: القرآن العظيم.
(2) م: بصري.
(3) أ، ب: مكانه فرحا.
(4) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 5/266 - 268 (رقم 3712) ، 6/153 - 154 رقم (3418) وصححه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - وتكلم عليه طويلا 5/266 - 268. وقال المنذري (الترغيب والترهيب 3/276) : " رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وابن حبان في صحيحه والحاكم ". والحديث في المستدرك للحاكم 1/950 - 510. وانظر تعليقه وتعليق الذهبي. .
(5) فبين: معطوفة على قوله: ولهذا قال أعلم الخلق. . . وقال في الدعاء المأثور. وفي (ن) ، (م) : فتبين.
(6) ن (فقط) ويمكن، وهو خطأ.
(7) ن، م: والحاجة سواء كانت إما إلى. .
***************************

في شيء من كماله إلى غيره لم يكن كماله موجودا بنفسه، بل بذلك الغير، وهو بدون ذلك الكمال ناقص، والناقص لا يكون واجبا بنفسه، بل ممكنا مفتقرا إلى غيره ; لأنه لو كان واجبا بنفسه مع كونه ناقصا مفتقرا إلى كمال من غيره، لكان الذي يعطيه الكمال: إن كان ممكنا فهو مفتقر إلى واجب آخر، والقول في هذا كالقول في الأول، وإن كان واجبا ناقصا، فالقول فيه كالقول في الأول ; وإن كان واجبا كاملا فهذا هو الواجب بنفسه، وذاك الذي قدر واجبا ناقصا فهو مفتقر إلى هذا في كماله، وذاك (1) غني عنه، فهذا هو رب ذاك، وذاك عبده، ويمتنع مع كونه مربوبا معبدا أن يكون واجبا، ففرض كونه واجبا ناقصا محال.
وأيضا، فيمتنع أن يكون نفس ما هو واجب بنفسه فيه نقص يفتقر في زواله إلى غيره ; لأن ذلك النقص حينئذ يكون ممكن الوجود وإلا لما قبله، وممكن العدم وإلا لكان لازما له لا يقبل الزوال، والتقدير أنه ممكن (2) زواله بحصول الكمال الممكن الوجود، فإن ما هو ممتنع لا يكون كمالا، وما هو ممكن: فإما أن يكون للواجب أو من الواجب، ويمتنع أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، فالخالق (3) الواجب بنفسه أحق بالكمال الممكن الوجود الذي لا نقص فيه، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال ; فيكون ذلك الكمال - إذا وجد - مفتقرا إليه وإلى ذلك الغير الآخر، يحصل بهما جميعا، وكل منهما واجب بنفسه فلا يكون

_________
(1) ن، م: وهذا.
(2) ن: يمكن.
(3) أ، ب: والخالق.
************************************

ذلك الأثر لا من هذا ولا من هذا، بل هو شيء (1) منفصل عنهما.
وتحقيق ذلك أن كمال الشيء هو من نفس الشيء وداخل فيه، فالواجب بنفسه لا يكون واجبا إن لم يكن ما هو داخل (2) في نفسه واجب الوجود لا يفتقر فيه إلى سبب منفصل عنه، فمتى افتقر فيما هو داخل فيه إلى سبب منفصل عنه لم تكن نفسه واجبة بنفسه، وما لا يكون داخلا في نفسه، لا يكون من كماله أيضا، بل يكون شيئا مباينا له، وإنما يكون ذلك شيئين: أحدهما واجب بنفسه والآخر شيء قرن به وضم إليه.
وأيضا، فنفس واجب الوجود هو أكمل الموجودات، إذ الواجب أكمل من الممكن بالضرورة، فكل كمال ممكن له: إن كان لازما له امتنع أن يكون كماله مستفادا من غيره، أو أن (3) يحتاج فيه إلى غيره.
وإن لم يكن لازما له: فإن لم يكن قابلا له من قبول غيره من الممكنات له، كان الممكن أكمل من الواجب، وما لا يقبله [لا] (4) واجب ولا ممكن ليس كمالا ; وإن كان قابلا له ولم تكن ذاته مستلزمة (5) له، كان غيره معطيا له إياه، والمعطي للكمال هو أحق بالكمال، فيكون ذلك المعطي أكمل منه، وواجب الوجود لا يكون غيره أكمل منه.
وإذا قيل: ذلك الغير واجب أيضا.

_________
(1) ن، م: بل هو من شيء، والصواب من (ب) ، (أ) .
(2) ب: إن لم يكن هو داخلا ; أ: إن لم يكن هو داخل. وأحسب أن الصواب هو الذي أثبته عن (ن) ، (م) .
(3) ب: وأن.
(4) لا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: لازمة.
***************************************

فإن لم يكن كاملا بنفسه كان كل منهما معطيا للآخر الكمال، وهذا ممتنع ; [لأنه] (1) يستلزم كون كل من الشيئين مؤثرا في الآخر أثرا لا يحصل إلا بعد تأثير الآخر، فإن هذا لا يفيد ذلك الكمال للآخر حتى يكون كاملا، ولا يكون كاملا حتى يفيده الآخر الكمال، وهذا ممتنع، كما يمتنع أن لا يوجد هذا حتى يوجده (2) ذاك، ولا يوجد ذاك حتى يوجده هذا.
وإن كان ذلك الغير واجبا كاملا بنفسه مكملا لغيره (3) ، والآخر واجب ناقص يحتاج في كماله إلى ذلك الكامل المكمل، كان جزء منه مفتقرا إلى ذاك ; وما افتقر جزء منه إلى غيره لم تكن جملته واجبة بنفسها.
وإيضاح ذلك: أن الواجب بنفسه: إما أن يكون شيئا واحدا لا جزء له، أو يكون أجزاء. فإن كان شيئا واحدا لا جزء له، امتنع أن يكون له بعض، فضلا عن أن يقال: بعضه يفتقر إلى الغير وبعضه لا يفتقر إلى الغير، وامتنع أن يكون شيئين: أحدهما نفسه، والآخر كماله.
وإن قيل: هو جزءان أو أجزاء، كان الواجب هو مجموع تلك الأجزاء، فلا يكون واجبا بنفسه حتى يكون المجموع واجبا بنفسه، (* فمتى كان البعض مفتقرا إلى سبب منفصل عن المجموع لم يكن واجبا بنفسه *) (4)

_________
(1) لأنه: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: يوجد.
(3) ن، م: بكمال لغيره.
(4) : ما بين النجمتين ساقط من (م) . س.
***********************

وهذا المقام برهان بين لمن تأمله. وبيانه أن الناس متنازعون في إثبات الصفات لله: فأهل السنة يثبتون الصفات لله، وكثير من الفلاسفة والشيعة يوافقهم على ذلك، وأما الجهمية وغيرهم - كالمعتزلة (1) ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة كابن سينا ونحوه - فإنهم ينفون الصفات عن الله تعالى، ويقولون: (2) : إن إثباتها تجسيم وتشبيه وتركيب (3)
[عمدة الفلاسفة على نفي الصفات هي حجة التركيب]
وعمدة ابن سينا [وأمثاله] (4) على نفيها هي (5) حجة التركيب، وهو أنه لو كان له صفة لكان مركبا، والمركب مفتقر إلى جزئيه، وجزءاه (6) غيره، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه.
وقد تكلم الناس على إبطال هذه الحجة من وجوه كثيرة بسبب أن لفظ " التركيب " و " الجزء " و " الافتقار " و " الغير " ألفاظ مجملة.
فيراد بالمركب ما ركبه غيره، وما كان متفرقا فاجتمع، وما يقبل التفريق، والله سبحانه منزه عن هذا بالاتفاق، وأما الذات الموصوفة بصفات لازمة لها، فإذا سمى المسمي هذا تركيبا، كان هذا اصطلاحا له ليس هو المفهوم من لفظ المركب.
والبحث إذا كان في المعاني العقلية لم يلتفت فيه إلى اللفظ.

_________
(1) ن، م: من المعتزلة.
(2) ن، م: فهم ينفون الصفات لله ويقولون. .
(3) ن: تشبيه وتجسيم وتركيب ; م: سنة وتركيب. .
(4) " وأمثاله " ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: هو.
(6) ن: وجزؤه.
*******************************

فيقال: هب أنكم سميتم هذا تركيبا (1) فلا دليل لكم على نفيه. ومن هذا الوجه ناظرهم أبو حامد الغزالي في " التهافت ".
وكذلك لفظ " الجزء " يراد به بعض الشيء الذي ركب منه، كأجزاء المركبات من الأطعمة والنباتات والأبنية (2) ، وبعضه الذي يمكن [فصله] (3) عنه كأعضاء الإنسان، ويراد به صفته اللازمة له كالحيوانية للحيوان والإنسانية للإنسان والناطقية للناطق، ويراد به بعضه الذي لا يمكن تفريقه كجزء الجسم الذي لا يمكن مفارقته له: إما الجوهر الفرد، وإما المادة والصورة عند من يقول بثبوت ذلك [ويقول: إنه] (4) لا يوجد إلا بوجود الجسم، وإما غير ذلك عند من لا يقول بذلك.
فإن الناس متنازعون في الجسم: هل هو مركب من المادة والصورة، أو من الجواهر المنفردة، أو لا من هذا [ولا من هذا] (5) ؟ على ثلاثة أقوال. وأكثر العقلاء على القول الثالث كالهشامية والنجارية والضرارية والكلابية [والأشعرية] (6) وكثير من الكرامية، وكثير من أهل الفقه والحديث والتصوف والمتفلسفة وغيرهم.
والمقصود هنا أن لفظ " الجزء " (7) له عدة معان بحسب

_________
(1) ن، م: مركبا.
(2) ن، م: من الأطعمة والأبنية والثياب.
(3) فصله: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ويقول إنه: ساقطة من (ن) .
(5) ولا من هذا: ساقطة من (ن) .
(6) والأشعرية: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن، م: الحركة، وهو تحريف من الناسخ.
**********************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #104  
قديم 17-03-2022, 03:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (104)
صـ 166 إلى صـ 172

الاصطلاحات.
وكذلك لفظ " الغير يراد به ما باين (1) الشيء، فصفة الموصوف وجزؤه ليس غيرا له بهذا الاصطلاح، وهذا هو الغالب على الكلابية والأشعرية، وكثير من أهل الحديث والتصوف، والفقهاء أتباع الأئمة الأربعة، وكثير من الشيعة.
وقد يقولون: الغيران ما جاز مفارقة أحدهما الآخر (2) بزمان أو مكان أو وجود، وقد يراد بلفظ " الغير " (3) ما لم يكن هو الآخر، وهذا هو الغالب على اصطلاح المعتزلة والكرامية ومن وافقهم من الشيعة والفلاسفة.

وكذلك لفظ " الافتقار " يراد به [التلازم] (4) ، ويراد به افتقار المعلول إلى علته الفاعلة، ويراد به افتقاره إلى محله وعلته القابلة (5) .
وهذا اصطلاح المتفلسفة الذين يقسمون لفظ العلة إلى: (* فاعلية وغائية ومادية وصورية، ويقولون: المادة - وهي القابل - والصورة هما علتا الماهية *) (6) ، والفاعل والغاية هما علتا وجود الحقيقة، وأما سائر النظار فلا يسمون المحل الذي هو القابل علة.

[مناقشة الحجة التي احتج بها هؤلاء الفلاسفة ومن وافقهم على نفي الصفات]
فهذه الحجة التي احتج بها هؤلاء الفلاسفة ومن وافقهم على نفي الصفات، مؤلفة من ألفاظ مجملة.
فإذا قالوا: " لو كان موصوفا بالعلم والقدرة ونحو ذلك من الصفات

_________
(1) ن، م: ما يباين.
(2) ن، م: للآخر.
(3) ن، م: الغيرين.
(4) التلازم: ساقطة من (ن) .
(5) ن، م: المقابلة.
(6) الكلام المقابل لهذه العبارات في نسختي (ن) ، (م) ناقص ومضطرب.
*************************

لكان مركبا، والمركب مفتقر إلى جزئه، وجزؤه غيره (1) ، والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه ".
قيل لهم: قولكم: " لكان مركبا ".
إن أردتم به: لكان غيره قد ركبه، أو لكان مجتمعا بعد افتراقه، أو لكان قابلا للتفريق، فاللازم (2) باطل، فإن الكلام هو في (3) الصفات اللازمة للموصوف التي يمتنع وجوده بدونها، فإن الرب [سبحانه] (4) يمتنع أن يكون موجودا وهو ليس بحي ولا عالم ولا قادر، وحياته وعلمه وقدرته صفات لازمة لذاته.
وإن أردتم بالمركب الموصوف (5) أو ما يشبه ذلك.
قيل لكم 11) (6) : ولم 12) (7) قلتم: إن ذلك ممتنع؟
قولهم: " والمركب مفتقر إلى غيره ".
قيل: أما المركب بالتفسير الأول فهو مفتقر إلى ما يباينه، وهذا ممتنع على الله. وأما الموصوف بصفات الكمال اللازمة لذاته الذي سميتموه أنتم مركبا، فليس في اتصافه هنا بها ما يوجب كونه مفتقرا إلى مباين له.
فإن قلتم: هي غيره، وهو لا يوجد إلا بها، وهذا افتقار إليها.

_________
(1) ن، م: إلى جزئه وغيره.
(2) ن: فالتلازم.
(3) ن، م: من.
(4) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: للموصوف، وهو تحريف.
(6) ن: لهم.
(7) أ، ب: ولو.
*******************************

قيل لكم (1) : إن أردتم بقولكم: " هي غيره " أنها مباينة له، فذلك باطل (2) . وإن أردتم أنها ليست إياه، قيل لكم (3) : وإذا لم تكن الصفة هي الموصوف فأي محذور في هذا؟
فإذا قلتم: هو مفتقر إليها.
قيل: أتريدون بالافتقار أنه مفتقر إلى فاعل يفعله، أو محل يقبله؟ أم تريدون أنه مستلزم لها فلا يكون موجودا إلا وهو متصف بها؟ (4 فإن أردتم الأول، كان هذا باطلا، وإن أردتم الثاني، قيل: وأي محذور في هذا؟
وإن قلتم: هي مفتقرة إليه 4) (4) .
قيل: أتريدون أنها مفتقرة إلى فاعل يبدعها، أو (5) إلى محل تكون موصوفة به؟
أما الثاني فأي محذور فيه؟ وأما الأول فهو باطل (6) ، إذ الصفة اللازمة للموصوف لا يكون فاعلا لها.
وإن قلتم: هو موجب لها، أو علة لها، أو مقتض لها، فالصفة إن كانت واجبة، فالواجب لا يكون معلولا، ويلزم تعدد الواجب وهو الصفة والموصوف ; وإن كانت ممكنة بنفسها، فالممكن بنفسه لا يوجد

_________
(1) ن: لهم.
(2) ن، م:. . له فباطل.
(3) لكم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) (4 - 4) : ساقط من (ب) فقط.
(5) ن، م: أم.
(6) أ، ب: وأما الأول فباطل.
*****************************

إلا بموجب، فتكون الذات هي الموجبة، والشيء الواحد لا يكون فاعلا وقابلا.
قيل لكم: لفظ الواجب بنفسه والممكن بنفسه قد صار فيه اشتراك في خطابكم، فقد يراد بالواجب بنفسه ما لا مبدع له ولا علة فاعلة، ويراد بالواجب بنفسه (1) ما لا مبدع له ولا محل، ويراد بالواجب بنفسه ما لا يكون له (2) صفة لازمة ولا [يكون] موصوفا ملزوما (3) .
فإن أردتم بالواجب بنفسه ما لا مبدع له ولا علة فاعلة، فالصفة واجبة بنفسها، وإن أردتم ما لا محل له يقوم به فالصفة ليست واجبة بنفسها بل الموصوف هو الواجب بنفسه، وإن أردتم بالواجب ما ليس بملزوم لصفة ولا لازم فهذا لا حقيقة له، بل هذا لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان، وأنتم قدرتم شيئا في أذهانكم ووصفتموه بصفات يمتنع معها (4) وجوده، فجعلتم ما هو واجب الوجود بنفسه ممتنع الوجود، وهذه الأمور قد بسطت في غير هذا الموضع.
والغرض هنا (5) التنبيه على هذا، إذ المقصود في هذا المقام يحصل على التقديرين، فنقول: واجب الوجود بنفسه سواء قيل بثبوت الصفات له وسمي ذلك تركيبا أو لم يسم، أو قيل بنفي الصفات عنه، يمتنع أن

_________
(1) ن، م: بالموجب بنفسه.
(2) له: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) في النسخ الأربع: ولا موصوفا ملزوما، وإثبات كلمة (يكون) يقيم العبارة لغة ومعنى.
(4) ن: بها.
(5) أ، ب: والمقصود والغرض هنا. . إلخ.
********************

يكون مفتقرا إلى شيء مباين له. وذلك أنه إذا (1) قدر أنه ليس فيه معان متعددة بوجه من الوجوه - كما يظنه من يظنه من نفاة الصفات - فهذا يمتنع أن يكون له كمال مغاير له، وأن يكون شيئين، وحينئذ فلو كان فيه ما هو مفتقر إلى غيره للزم تعدد المعاني فيه، وهذا ممتنع على التقديرين (2) .
وإن قيل: إن فيه معان متعددة ; فواجب الوجود هو مجموع تلك الأمور المتلازمة، إذ يمتنع وجود شيء منها دون شيء، وحينئذ فلو افتقر شيء من ذلك المجموع إلى أمر منفصل لم يكن واجب الوجود، فهو سبحانه مستلزم لحياته وعلمه وقدرته وسائر صفات كماله، وهذا هو الموجود الواجب بنفسه، وهذه الصفات لازمة لذاته، وذاته مستلزمة لها، وهي داخلة في مسمى اسم نفسه ; وفي سائر أسمائه تعالى، فإذا كان واجبا بنفسه وهي داخلة في مسمى اسم نفسه (3) لم يكن موجودا إلا بها، فلا يكون مفتقرا فيها إلى شيء مباين له أصلا.
ولو قيل: إنه يفتقر في كونه حيا أو عالما أو قادرا إلى غيره، فذلك الغير: إن كان ممكنا كان مفتقرا إليه، وكان هو سبحانه ربه، فيمتنع أن يكون ذلك مؤثرا فيه ; لأنه يلزم أن يكون هذا مؤثرا في هذا، وهذا مؤثرا في هذا، وتأثير كل منهما في الآخر لا يكون إلا بعد حصول أثره فيه ; لأن التأثير لا يحصل إلا مع كونه حيا عالما قادرا، فلا يكون هذا حيا عالما قادرا

_________
(1) ن، م: إن.
(2) أ: وذلك ممتنع مفتقر ; ب: وذلك ممتنع على التقديرين، وكلمة " مفتقر " لا تتفق مع سياق الجملة.
(3) ن، م: في مسمى اسمه.
********************************

حتى يجعله الآخر كذلك، (1 ولا يكون هذا حيا عالما قادرا حتى يجعله الآخر كذلك 1) (1) فلا يكون أحدهما حيا عالما قادرا إلا بعد أن يجعل الذي جعله حيا عالما قادرا [حيا عالما قادرا] (2) ، ولا يكون حيا عالما قادرا [إلا بعد كونه حيا علما قادرا] (3) بدرجتين.
وهذا كله مما يعلم امتناعه بصريح العقل، وهو من المعارف الضرورية التي لا ينازع فيها العقلاء، وهذا من الدور القبلي: دور العلل ودور الفاعلين ودور المؤثرين، وهو ممتنع باتفاق العقلاء، بخلاف دور المتلازمين، وهو أنه لا يكون هذا إلا مع هذا (4 ولا يكون هذا إلا مع هذا 4) (4) ، فهذا جائز سواء كانا لا فاعل لهما كصفات [الله] (5) أو كانا مفعولين والمؤثر التام فيهما غيرهما.
وهذا جائز (6) ، فإن الله يخلق الشيئين معا للذين لا يكون أحدهما إلا مع الآخر: كالأبوة والبنوة، فإن الله إذا خلق الولد فنفس خلقه للولد جعل هذا أبا وهذا ابنا، وإحدى الصفتين لم تسبق الأخرى ولا تفارقها، بخلاف ما إذا كان أحد الأمرين هو من تمام المؤثر في الآخر فإن هذا ممتنع، فإن الأثر لا يحصل إلا بالمؤثر التام، فلو كان تمام هذا المؤثر من

_________
(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(4) (4 - 4) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) لفظ الجلالة غير موجود في (ن) .
(6) وهذا جائز: ساقطة من (ن) .
***********************************

تمام ذاك (1) ، وتمام ذاك المؤثر من تمام هذا (2) ، كان كل من التمامين (3) متوقفا على تمام مؤثره، وتمام مؤثره موقوفا عليه نفسه، فإن الأثر لا يوجد إلا بعد تمام مؤثره، فلا (4) يكون كل من الأثرين من تمام نفسه التي تم تأثيرها به، فأن لا يكون من تمام المؤثر في تمامه بطريق الأولى، فإن الشيء إذا امتنع أن يكون علة أو فاعلا أو مؤثرا (* في نفسه، أو في تمام كونه علة ومؤثرا *) (5) وفاعلا له، أو لشيء من تمامات تأثيره ; فلأن يمتنع كونه فاعلا لفاعل نفسه، أو مؤثرا في المؤثر في نفسه وفي تمامات تأثير ذلك، أولى وأحرى.
فتبين أنه يمتنع كون شيئين كل منهما معطيا للآخر) (6) شيئا من صفات الكمال أو شيئا مما به يصير معاونا له على الفعل (7) ، سواء أعطاه كمال علم أو قدرة أو حياة أو غير ذلك، فإن هذا كله يستلزم الدور في تمام الفاعلين وتمام المؤثرين، وهذا ممتنع.
وبهذا يعلم أنه يمتنع أن يكون للعالم صانعان متعاونان لا يفعل أحدهما إلا بمعاونة الآخر، ويمتنع أيضا أن يكونا مستقلين ; لأن

_________
(1) ن، م: من ذاك.
(2) ن، م: من هذا.
(3) ن: المتمامين ; م: المتماثلين، وهو تحريف.
(4) ا، ب: ولا.
(5) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(6) أ، ب: يعطي الآخر.
(7) 6) أ، ب: مما يصير به معاونا على الفعل.
***********************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #105  
قديم 17-03-2022, 03:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (105)
صـ 173 إلى صـ 179

استقلال أحدهما يناقض استقلال الآخر، وسيأتي بسط هذا (1) .
والمقصود هنا أنه يمتنع أن يكون أحدهما يعطي الآخر كماله، ويمتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في كماله إلى غيره، فيمتنع أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، فإن الافتقار: إما في تحصيل الكمال، وإما في منع سلبه الكمال، فإنه إذا كان كاملا بنفسه ولا يقدر غيره (2) أن يسلبه كماله، لم يكن محتاجا بوجه من الوجوه، فإن ما ليس كمالا له فوجوده ليس مما يمكن أن يقال: إنه يحتاج [إليه] (3) ؛ إذ حاجة الشيء إلى ما ليس من كماله ممتنعة، وقد تبين أنه لا يحتاج إلى غيره في حصول كماله، وكذلك (4) لا يحتاج في منع سلب الكمال كإدخال نقص عليه، وذلك لأن ذاته (5) إن كانت مستلزمة لذلك الكمال امتنع وجود الملزوم بدون اللازم، فيمتنع أن يسلب ذلك الكمال مع كونه واجب الوجود بنفسه، وكون لوازمه يمتنع عدمها.
فإن قيل: إن ذاته لا تستلزم كماله (6) ، كان مفتقرا في حصول ذلك الكمال إلى غيره، وقد تبين أن ذلك ممتنع.
فتبين أنه يمتنع احتياجه إلى غيره في تحصيل شيء أو دفع شيء، وهذا هو المقصود، فإن الحاجة لا تكون إلا لحصول شيء أو دفع

_________
(1) يتكلم ابن تيمية عن هذا الموضوع بالتفصيل فيما بعد 2/59 - 74 بولاق.
(2) ن، م: أحد.
(3) إليه: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: ولذلك.
(5) ن: وذلك لا ذاته، وهو تحريف.
(6) ن (فقط) : إن كماله تستلزم كماله، وهو تحريف.
*************************

شيء: إما حاصل يراد إزالته، أو ما لم يحصل بعد فيطلب منعه. ومن كان لا يحتاج (1) إلى غيره في جلب شيء ولا في دفع شيء امتنعت حاجته مطلقا، فتبين أنه غني عن غيره مطلقا.
وأيضا، فلو قدر أنه محتاج إلى الغير، لم يخل: إما أن يقال: إنه يحتاج إليه في شيء (2) من لوازم وجوده، أو شيء من العوارض له.
أما الأول فيمتنع، فإنه لو افتقر إلى غيره في شيء من لوازمه لم يكن موجودا إلا بذلك الغير ; لأن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع، فإذا كان لا يوجد إلا بلازمه، ولازمه لا يوجد إلا بذلك الغير، لم يكن هو موجودا [إلا بذلك الغير، فلا يكون موجودا بنفسه، بل يكون: إن وجد ذلك الغير وجد، وإن لم يوجد لم يوجد، ثم ذلك الغير: إن لم يكن موجودا] (3) بنفسه واجبا بنفسه افتقر إلى فاعل مبدع، فإن كان هو الأول لزم الدور في العلل: وإن كان غيره لزم التسلسل في العلل، وكلاهما ممتنع باتفاق العقلاء كما قد بسط في موضع آخر.
وإن كان ذلك الغير واجبا بنفسه موجودا بنفسه (4) والأول كذلك (5) ، كان كل منهما لا يوجد إلا بوجود الآخر، وكون كل من الشيئين لا يوجد إلا مع الآخر جائز إذا كان لهما سبب غيرهما، كالمتضايفين مثل الأبوة والبنوة،

_________
(1) ن، م: منعه وكل من لا يحتاج.
(2) ن (فقط) : يحتاج إلى شيء.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(4) ا، ب: الغير موجودا بنفسه واجبا بنفسه.
(5) كذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
*****************************

فلو كان لهما سبب غيرهما، كانا ممكنين يفتقران (1) إلى واجب بنفسه، والقول فيه كالقول فيهما.
وإذا كانا واجبين بأنفسهما، امتنع أن يكون وجود كل منهما أو وجود شيء من لوازمه بالآخر ; لأن كلا منهما يكون علة أو جزء علة في الآخر، فإن كلا منهما لا يتم إلا بالآخر، وكل منهما لا يمكن أن يكون علة ولا جزء علة إلا إذا كان موجودا، وإلا فما لم يوجد لا يكون مؤثرا في غيره ولا فاعلا لغيره، فلا (2) يكون هذا مؤثرا في ذاك حتى يوجد هذا، (* ولا يكون ذاك مؤثرا في هذا حتى يوجد ذاك (3) *) (4) ، فيلزم أن لا يوجد هذا حتى يوجد ذاك (5) ولا يوجد ذاك حتى يوجد هذا، ولا يوجد هذا حتى يوجد مفعول هذا، فيكون هذا فاعل فاعل هذا، وكذلك لا يوجد ذاك حتى يوجد فاعل [ذاك] (6) ، فيكون ذاك فاعل فاعل ذاك.
ومن المعلوم أن كون الشيء علة لنفسه، أو جزء علة لنفسه، أو شرط علة نفسه، ممتنع بأي عبارة عبر عن هذا المعنى، فلا يكون فاعل نفسه، ولا جزءا من الفاعل، ولا شرطا في الفاعل لنفسه، ولا تمام الفاعل لنفسه، ولا يكون مؤثرا في نفسه، ولا تمام المؤثر في نفسه، فالمخلوق

_________
(1) ن، م: مفتقرين.
(2) ن، م: ولا.
(3) ن، م: هذا، والصواب ما أثبته.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: هذا. وبعد كلمة " هذان " يوجد اضطراب وتكرار في نسختي (ن) ، (م) ، ولذلك حذفت هذه العبارات ولم أثبتها منهما.
(6) ذاك: ساقطة من (ن) فقط.
******************************

لا يكون رب نفسه، ولا يحتاج الرب نفسه بوجه من الوجوه إليه في خلقه (1) ؛ إذ لو احتاج إليه في خلقه لم يخلقه حتى يكون، ولا يكون حتى يخلقه، فيلزم الدور القبلي لا المعي (2) .
وإذا لم يكن مؤثرا في نفسه فلا يكون مؤثرا في المؤثر في نفسه (* بطريق الأولى، فإذا قدر واجبان كل واحد منهما له تأثير ما في الآخر، لزم أن يكون كل منهما مؤثرا في المؤثر في نفسه *) (3) وهذا ممتنع [كما تبين] (4) ، فيمتنع تقدير واجبين كل منهما مؤثر في الآخر بوجه من الوجوه، فامتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في شيء من لوازمه إلى غيره، سواء قدر أنه واجب أو ممكن.
وهذا مما يعلم به امتناع أن يكون للعالم صانعان، فإن الصانعين إن كانا مستقلين كل منهما فعل الجميع، كان هذا متناقضا [ممتنعا] (5) لذاته، فإن فعل أحدهما للبعض يمنع استقلال الآخر به، فكيف باستقلاله به؟ !
ولهذا اتفق العقلاء (6) على امتناع اجتماع مؤثرين تامين في أثر واحد ; لأن ذلك جمع بين النقيضين؛ إذ كونه (7) وجد بهذا وحده يناقض كونه

_________
(1) ن، م: ولا يحتاج إليه ربه بوجه من الوجوه في خلقه.
(2) ن، م: القبلي العلي، وهو تحريف.
(3) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) كما تبين: ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ممتنعا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: العلماء.
(7) ن، م: أو كونه، وهو تحريف.
***********************************

وجد بالآخر وحده، وإن كانا متشاركين متعاونين، فإن كان فعل كل واحد (1) منهما مستغنيا عن فعل الآخر وجب أن يذهب كل إله بما خلق، فتميز مفعول هذا [عن مفعول هذا] (2) ، ولا يحتاج إلى الارتباط به، وليس الأمر كذلك، بل العالم كله متعلق بعضه ببعض، هذا مخلوق من هذا وهذا [مخلوق] من هذا (3) ، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، لا يتم شيء من أمور العالم إلا بشيء [آخر منه] (4) .
وهذا يدل على أن العالم كله فقير إلى غيره لما فيه من الحاجة، ويدل على أنه ليس فيه فعل لاثنين، بل كله مفتقر إلى واحد.
فالفلك الأطلس الذي هو أعلى الأفلاك في جوفه سائر الأفلاك، والعناصر والمولدات والأفلاك متحركات بحركات مختلفة [مخالفة] (5) لحركة التاسع، فلا يجوز أن تكون حركته هي سبب تلك الحركات المخالفة لحركته إلى (6) جهة أخرى أكثر مما (7) يقال: إن الحركة الشرقية هو سببها، وأما الحركات الغربية فهي مضادة لجهة حركته، فلا يكون هو سببها، [وهذا] (8) مما يسلمه هؤلاء (9)

_________
(1) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) أ، ب: هذا مخلوق من هذا، وهذا من هذا، وهذا من هذا.
(4) ب: لا يتم شيء من أمور شيء من العالم إلا بشيء.
(5) مخالفة: ساقطة من (ن) فقط.
(6) أ، ب: على.
(7) أ، ب: ما.
(8) وهذا: ساقطة من (ن) فقط.
(9) كلام ابن تيمية عن فلك الأطلس وسائر الأفلاك التي في جوفه وحركات الأفلاك متصل بنظرية الفلاسفة المعروفة بنظرية الفيض أو الصدور أو العقول العشرة. انظر كلام الفلاسفة عنها في: رسائل الكندي الفلسفية 1/238 - 261 ; الفارابي: آراء أهل المدينة الفاضلة، ص 24 - 25 (ط. مكتبة الحسين، 1368/1948) ; ابن سينا: النجاة، 3/448 - 455 ; الشفاء، قسم الإلهيات 2/393 - 409.
********************************

وأيضا فالأفلاك في جوفه بغير اختياره، ومن جعل غيره فيه بغير اختياره كان مقهورا مدبرا، كالإنسان الذي جعل في باطنه أحشاؤه، فلا يكون واجبا بنفسه، فأقل درجات الواجب بنفسه أن لا يكون مقهورا مدبرا، [فإنه إذا كان مقهورا مدبرا] (1) كان مربوبا أثر فيه غيره، ومن أثر فيه غيره كان وجوده (2) متوقفا على وجود ذلك الغير، سواء كان الأثر كمالا أو نقصا، فإنه إذا (3) كان زيادة كان كماله موقوفا على الغير، وكماله منه فلا يكون موجودا بنفسه، وإن كان نقصا [كان غيره قد] (4) نقصه، ومن نقصه غيره لم يكن ما نقصه هو واجب الوجود بنفسه (5) ، فإن [ما] كان (6) واجب الوجود بنفسه يمتنع عدمه، فذاك الجزء المنقوص ليس واجب الوجود (7) ولا من لوازم واجب الوجود، وما لم يكن كذلك لم يكن عدمه نقصا؛ إذ النقص عدم كمال، والكمال الممكن هو من لوازم واجب الوجود كما تقدم، والتقدير أنه نقص، فتبين أن من نقصه غيره شيئا من لوازم وجوده،

_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (م) : فأما إذا. . إلخ.
(2) وجوده: ساقطة من (ن) فقط.
(3) ن، م: إن.
(4) كان غيره قد: ساقط من (ن) فقط.
(5) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: فإن كان. . .
(7) ن، م: والنقص ليس واجب الوجود.
*******************************

أو أعطاه (1) شيئا من لوازم وجوده، لم يكن واجب الوجود بنفسه.
فالفلك الذي قد حشي بأجسام كثيرة بغير اختياره محتاج إلى ذلك الذي حشاه بتلك الأجسام، فإنه إذا كان حشوه كمالا له، لم يوجد كماله إلا بذلك الغير، فلا يكون واجبا بنفسه، وإن كان نقصا فيه كان غيره قد سلبه الكمال الزائل (2) بذلك النقص، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال، إذا لو استلزمته لعدمت بعدمه، وكماله من تمام نفسه، فإذا كان جزء نفسه غير واجب، لم تكن نفسه واجبة كما تقدم بيانه.
وأيضا، فالفلك الأطلس إن قيل: إنه لا تأثير له (3) في شيء من العالم، وجب أن لا يكون هو المحرك للأفلاك التي فيه، وهي متحركة بحركته، ولها حركة تخالف حركته، فيكون في الفلك الواحد قوة تقتضي حركتين متضادتين، وهذا ممتنع فإن الضدين لا يجتمعان، ولأن المقتضي للشيء لو كان مقتضيا لضده الذي لا يجامعه، لكان فاعلا له غير فاعل [له] (4) ، 8 فإن كان مريدا له [كان مريدا] (5) غير مريد، وهو جمع بين [النقيضين] (6) ، وإن كان له تأثير في تحريك الأفلاك، أو غير ذلك فمعلوم أنه غير مستقل بالتأثير ; لأن تلك الأفلاك لها حركات تخصها من غير تحريكه ; ولأن ما يوجد في الأرض من الآثار لا بد فيه من الأجسام

_________
(1) ن، م: وأعطاه.
(2) ن، م: الزائد، وهو تحريف.
(3) ن، م: إن له تأثير، وهو تحريف.
(4) له: ساقطة من (ن) فقط
(5) كان مريدا: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ن (فقط) : بين الضدين النقيضين.
*******************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #106  
قديم 17-03-2022, 04:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (106)
صـ 180 إلى صـ 186

العنصرية، وتلك الأجسام إن لم يكن فاعلا لها فهو محتاج إلى ما لم (1) يفعله، وإن قدر أنه المؤثر فيها فليس مؤثرا مستقلا فيها ; لأن الآثار الحاصلة فيها لا تكون (2) إلا باجتماع اتصالات وحركات تحصل بغيره.
فتبين أن تأثيره مشروط بتأثير غيره، وحينئذ فتأثيره من كماله، فإن المؤثر أكمل من غير المؤثر، وهو مفتقر في هذا الكمال إلى غيره، فلا يكون واجبا بنفسه، فتبين أنه ليس واجبا بنفسه من هذين الوجهين، وتبين [أيضا] أن فاعله (3) ليس مستغنيا عن فاعل تلك الأمور التي يحتاج إليها الفلك، لكون الفلك ليس متميزا مستغنيا من كل وجه عن كل ما سواه، بل هو محتاج إلى ما سواه من المصنوعات، فلا يكون واجبا بنفسه، ولا مفعولا لفاعل مستغن عن فاعل ما سواه.

[امتناع وجود ربين للعالم]

وإذا كان الأمر في الفلك الأطلس هكذا، فالأمر في غيره أظهر، فأي شيء اعتبرته من العالم (4) وجدته مفتقرا إلى شيء آخر من العالم، فيدلك ذلك مع كونه [ممكنا مفتقرا ليس بواجب بنفسه] (5) على (6) أنه مفتقر إلى فاعل ذلك الآخر (7) ، فلا يكون في العالم فاعلان فعل كل منهما ومفعوله مستغن عن فعل الآخر ومفعوله، وهذا كالإنسان مثلا فإنه يمتنع أن يكون

_________
(1) لم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: لا تحصل.
(3) ن (فقط) : وتبين أنه فاعله.
(4) ن (فقط) : العامل، وهو تحريف.
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(6) أ، ب: إلى. والمثبت من (م) .
(7) ن (فقط) : مع كونه مفتقرا إلى فاعل ذلك الآخر، وهو نقص وتحريف.
**********************

الذي خلقه غير الذي خلق ما (1) يحتاج إليه، فالذي خلق مادته كمني الأبوين ودم الأم هو الذي خلقه، والذي خلق الهواء الذي يستنشقه والماء الذي يشربه هو الذي خلقه ; لأن خالق ذلك [لو] (2) كان خالقا غير خالقه، فإن كانا خالقين كل منهما مستغن عن الآخر في فعله ومفعوله، كان ذلك ممتنعا ; لأن الإنسان محتاج إلى المادة والرزق، فلو كان خالق مادته ورزقه غير خالقه، لم يكن مفعول أحدهما مستغنيا عن مفعول الآخر.
فتبين [بذلك] (3) أنه يمتنع أن يكون للعالم فاعلان، مفعول كل منهما مستغن عن مفعول الآخر، كما قال تعالى: {ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق} [سورة المؤمنون: 91] .
ويمتنع (4) أن يكونا مستقلين ; لأنه جمع بين النقيضين، ويمتنع أن يكونا متعاونين متشاركين، كما يوجد ذلك في المخلوقين يتعاونون على المفعولات ; لأنه حينئذ لا يكون أحدهما فاعلا إلا بإعانة الآخر له، وإعانته فعل منه لا يحصل إلا بقدرته، بل [وبعلمه] (5) وإرادته، فلا يكون هذا معينا لذاك حتى يكون ذاك معينا لهذا، ولا يكون ذاك (6) معينا لهذا حتى يكون هذا معينا لذاك ; وحينئذ لا يكون هذا معينا لذاك ولا ذاك

_________
(1) عبارة " خلق ما ": ساقطة من (ب) وفي (أ) : غير الذي ما يحتاج إليه.
(2) لو: ساقطة من (ن) فقط.
(3) بذلك: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) ن (فقط) : وممتنع.
(5) ن، م: وبعمله، وهو تحريف.
(6) ن، م: هذا.
**************************

معينا لهذا، كما لا يكون الشيء معينا لنفسه بطريق الأولى، فالقدرة التي بها يفعل الفاعل لا تكون حاصلة بالقدرة التي يفعل بها الفاعل الآخر، بل إما أن تكون (1) من لوازم ذاته، وهي قدرة الله تعالى، أو تكون حاصلة بقدرة غيره كقدرة العبد، فإذا قدر ربان متعاونان (2) لا يفعل أحدهما حتى يعينه الآخر، لم يكن أحدهما قادرا على الفعل بقدرة لازمة لذاته، ولا يمكن أن تكون قدرته حاصلة من الآخر ; لأن الآخر لا يجعله قادرا حتى يكون هو قادرا، فإذا لم تكن قدرة واحد منهما من نفسه، لم يكن لأحدهما قدرة بحال.
فتبين امتناع كون العالم له ربان، وتبين امتناع كون واجب الوجود له كمال يستفيده من غيره، وتبين امتناع أن يؤثر في واجب الوجود غيره، وهو سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه، وذلك الكمال لازم له ; لأن الكمال الذي يكون كمالا [للموجود] (3) ، إما أن يكون واجبا له، أو ممتنعا عليه، أو جائزا عليه، فإن كان واجبا له فهو المطلوب، وإن كان ممتنعا لزم أن يكون الكمال الذي للموجود ممكنا للممكن ممتنعا على الواجب، فيكون الممكن أكمل من الواجب.
[عود إلى الكلام على اتصاف الله بصفات الكلام]
وأيضا، فالممكنات فيها كمالات موجودة، وهي من الواجب بنفسه، والمبدع للكمال المعطي له الخالق له أحق بالكمال؛ إذ الكمال إما وجود، وإما كمال وجود، ومن أبدع الموجود كان أحق بأن يكون موجودا؛ إذ

_________
(1) ن، م: بل إنما يكون، وهو تحريف.
(2) ب: بأن متعاونين، أ، ب: بان متعاونان، والمثبت عن (ن) .
(3) ن، م: للوجود.
**********************************

المعدوم لا يكون مؤثرا في الموجود (1) ، وهذا كله معلوم. فتبين أن الكمال ليس ممتنعا عليه، وإذا كان جائزا أن يحصل وجائزا أن لا يحصل، لم يكن حاصلا إلا بسبب آخر، فيكون واجب الوجود مفتقرا في كماله إلى غيره، وقد تبين بطلان هذا أيضا.
فتبين أن الكمال لازم لواجب الوجود واجب له يمتنع سلب الكمال عنه، والكمال أمور وجودية، فالأمور العدمية لا تكون كمالا إلا إذا تضمنت أمورا وجودية، إذ العدم المحض ليس بشيء فضلا عن أن يكون كمالا، فإن الله سبحانه إذا ذكر ما يذكره من تنزيهه ونفي النقائص عنه، ذكر ذلك في سياق إثبات صفات الكمال له، كقوله تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [سورة البقرة: 255] فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيومية، وهذه من صفات الكمال.
وكذلك قوله: {لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض} [سورة سبأ: 3] ، فإن نفي عزوب ذلك عنه يتضمن علمه به، وعلمه به من صفات الكمال.
وكذلك قوله: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} [سورة ق: 38] ، فتنزيهه لنفسه عن مس اللغوب يقتضي كمال قدرته، والقدرة من صفات الكمال، فتنزيهه يتضمن كمال حياته وقيامه وعلمه وقدرته، وهكذا نظائر ذلك.
فالرب تعالى موصوف بصفات الكمال التي لا غاية فوقها، إذ كل غاية تفرض كمالا إما أن تكون واجبة له أو ممكنة أو ممتنعة. والقسمان

_________
(1) أ، ب: الوجود.
*****************************

الأخيران (1) باطلان فوجب الأول، فهو منزه عن النقص وعن مساواة شيء من الأشياء له في صفات الكمال، بل هذه المساواة هي من النقص أيضا، وذلك لأن المتماثلين يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجب له، ويمتنع عليه ما يمتنع عليه، فلو قدر أنه ماثل شيئا في شيء من الأشياء، للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع [على] (2) ذلك الشيء، وكل ما سواه ممكن قابل للعدم، بل معدوم مفتقر إلى فاعل وهو مصنوع مربوب محدث، فلو ماثل غيره في شيء من الأشياء، للزم أن يكون هو والشيء الذي ماثله فيه ممكنا قابلا للعدم، بل معدوما مفتقرا إلى فاعل، مصنوعا مربوبا محدثا، وقد تبين أن كماله لازم لذاته لا يمكن أن يكون مفتقرا فيه إلى غيره، فضلا عن أن يكون ممكنا أو مصنوعا أو محدثا، فلو قدر مماثلة غيره له في شيء من الأشياء، للزم كون الشيء الواحد موجودا معدوما، ممكنا واجبا، قديما محدثا، وهذا جمع بين النقيضين.
فالرب تعالى مستحق للكمال على وجه التفصيل كما أخبرت به الرسل، فإن الله [تعالى] (3) أخبر أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير، وأنه عليم قدير، عزيز حكيم، غفور رحيم، ودود مجيد، وأنه يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ويرضى عن (4) الذين

_________
(1) ن، م: الآخران.
(2) على: ساقطة من (ن) فقط.
(3) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) ن، م: على.
*******************************

آمنوا وعملوا الصالحات، ولا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر، وأنه خلق السماوات والأرض [وما بينهما] (1) في ستة أيام ثم استوى على العرش، وأنه كلم موسى تكليما وناداه وناجاه، إلى غير ذلك مما جاء به الكتاب والسنة.
وقال في التنزيه: {ليس كمثله شيء} [سورة الشورى: 11] ، {هل تعلم له سميا} [سورة مريم: 65) {فلا تضربوا لله الأمثال} [سورة النحل: 74] ، {ولم يكن له كفوا أحد} ، {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون} [سورة البقرة: 22] فنزه نفسه عن النظير باسم الكفء والمثل والند والسمي (2) .
وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وكتبنا رسالة مفردة في قوله: {ليس كمثله شيء} ، وما فيها من الأسرار والمعاني الشريفة (3) .
فهذه طريقة الرسل وأتباعهم من سلف الأمة وأئمتها: إثبات مفصل، ونفي مجمل (4) ، إثبات صفات الكمال على وجه التفصيل، ونفي النقص والتمثيل، كما دل على ذلك سورة: {قل هو الله أحد الله الصمد} ، وهي تعدل ثلث القرآن [كما ثبت ذلك في الحديث

_________
(1) وما بينهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) أ (فقط) : والمسمى، وهو تحريف.
(3) ذكر ابن قيم الجوزية في رسالة " أسماء مؤلفات ابن تيمية " ص [0 - 9] 6 أن لابن تيمية " رسالة في تفسير قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) نحو خمسين ورقة ".
(4) ن (فقط) : محل، وهو تحريف.
*********************************

الصحيح] (1) ، وقد كتبنا تصنيفا [مفردا] في تفسيرها (2) وآخر في كونها تعدل ثلث القرآن (3) .
فاسمه الصمد يتضمن صفات الكمال، كما روى الوالبي، عن ابن عباس [- رضي الله عنهما] (4) أنه قال: [هو] (5) العليم الذي كمل في علمه، والقدير الذي كمل في قدرته، والسيد الذي كمل في سؤدده، والشريف الذي كمل في شرفه، والعظيم الذي كمل في عظمته، والحليم الذي كمل في حلمه، والحكيم الذي كمل في حكمته، وهو الذي كمل في أنواع الشرف والسؤدد، هو الله [سبحانه وتعالى] (6) هذه صفته [لا تنبغي إلا له] (7) .
والأحد يتضمن نفي المثل عنه (8) ، والتنزيه الذي يستحقه [الرب] (9)

_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: مصنفا في تفسيرها.
(3) لابن تيمية كتاب " تفسير سورة الإخلاص " وقد طبع أكثر من مرة منها الطبعة الأولى بالمطبعة المنيرية، سنة 1352. وله أيضا كتاب " جواب أهل العلم والإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن من أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن " وقد طبع أكثر من مرة، منها طبعة المطبعة السلفية سنة 1376.
(4) رضي الله عنهما: زيادة في (أ) ، (ب) .
(5) هو: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) سبحانه وتعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ب) : تبتغي، وهو تحريف، والمثبت من (أ) .
(8) ن، م: له.
(9) الرب: ساقطة من (ن) ، (م) .
*************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #107  
قديم 17-03-2022, 04:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (107)
صـ 187 إلى صـ 193

يجمعه نوعان: [أحدهما] (1) نفي النقص عنه، والثاني: نفي مماثلة شيء من الأشياء فيما يستحقه من صفات الكمال، فإثبات صفات الكمال له مع نفي مماثلة غيره له يجمع ذلك، كما دلت عليه هذه السورة.
وأما المخالفون لهم من المشركين والصابئة، ومن اتبعهم من الجهمية والفلاسفة والمعتزلة ونحوهم، فطريقتهم (2) : نفي مفصل وإثبات مجمل، ينفون صفات الكمال، ويثبتون ما لا يوجد إلا في الخيال، فيقولون: [ليس بكذا ولا كذا. فمنهم من يقول] (3) : ليس له صفة ثبوتية، بل إما سلبية، وإما إضافية، وإما مركبة منهما، كما يقوله من يقوله من الصابئة والفلاسفة، كابن سينا وأمثاله، ويقول: هو وجود مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية عنه. ومنهم من يقول: وجود مطلق بشرط الإطلاق.
وقد قرروا في منطقهم ما هو معلوم بالعقل الصريح: أن المطلق بشرط الإطلاق إنما وجوده في الأذهان لا في الأعيان، فلا يتصور في الخارج حيوان مطلق بشرط الإطلاق، ولا إنسان مطلق بشرط الإطلاق، ولا جسم مطلق بشرط الإطلاق، فيبقى واجب الوجود ممتنع الوجود في الخارج، وهذا مع أنه تعطيل وجهل وكفر فهو جمع بين النقيضين.
ومن قال: مطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية، فهذا أبعد من المطلق بشرط (4) الإطلاق، فإن هذا قيده (5) بسلب الأمور الوجودية (6) دون

_________
(1) أحدهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ن، م: فطريقهم.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن: فهو أبعد من المطلق بعد شرط.
(5) ن، م: قيد.
(6) أ، ب: الموجودة.
*****************************

العدمية، وهذا (1) أولى بالعدم مما قيد (2) بسلب الأمور الوجودية والعدمية (3) ، وهو أيضا أبلغ في الامتناع، فإن الموجود المشارك لغيره في الوجود لا يمتاز عنه بوصف عدمي بل بأمر وجودي، فإذا قدر وجود لا يتمير عن غيره إلا بعدم، كان أبلغ في الامتناع من وجود يتميز بسلب الوجود والعدم.
وأيضا، فإن هذا يشارك سائر الموجودات في مسمى الوجود، ويمتاز عنها بالعدم، وهي تمتاز عنه بالوجود، فيكون على قول هؤلاء: أي موجود من الممكنات قدر فهو أكمل من الواجب، وهذا [في] غاية [الفساد] والكفر (4) .
وإن قالوا: هو مطلق لا بشرط، كما يقوله [الصدر] القونوي (5) وأمثاله

_________
(1) ن، م: وهو.
(2) ن (فقط) : قيل، وهو تحريف.
(3) ن (فقط) : الوجودية دون العدمية، وهو خطأ. وتكررت العبارة مرة أخرى في (ن) وهو سهو من الناسخ.
(4) ن، م: وهذا غاية الكفر.
(5) الصدر: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو صدر الدين محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي، من كبار الصوفية القائلين بوحدة الوجود. ومن أصحاب محيي الدين بن عربي، توفي سنة 673 وقيل: 672. انظر ترجمته في " الطبقات الكبرى " للشعراني 1/177 ; الأعلام 6/254. وانظر ما ذكره عنه ابن تيمية في رسالة " السبعينية " ضمن مجموع الفتاوى الكبرى، ط. كردستان العلمية، القاهرة، 1329. وما ذكره الدكتور أبو الوفا التفتازاني في بحثه عن الطريقة الأكبرية، ص 343 - 344، الكتاب التذكاري لابن عربي، ط. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1389/1969.
*********************************

من القائلين بوحدة الوجود، فالمطلق لا بشرط هو موضوع العلم الإلهي (1) عندهم، الذي هو الحكمة العليا والفلسفة الأولى عندهم، فإن الوجود المطلق لا بشرط ينقسم إلى: واجب وممكن، وعلة ومعلول، وجوهر وعرض، وهذا موضوع (2) العلم الأعلى عندهم (3) الناظر في الوجود ولواحقه.
ومن المعلوم أن الوجود المنقسم إلى واجب وممكن لا يكون هو الوجود الواجب المطلق بشرط الإطلاق، وهو الذي يسمونه الكلي الطبيعي، ويتنازعون في وجوده في الخارج، والتحقيق أنه يوجد في الخارج معينا لا كليا، فما هو كلي في الأذهان يوجد في الأعيان، لكن لا يوجد كليا.
فمن قال: الكلي الطبيعي موجود في الخارج، وأراد هذا المعنى فقد أصاب.
وأما إن قال: إن (4) في الخارج ما هو كلي في الخارج - كما يقتضيه كلام كثير من هؤلاء الذين تكلموا في المنطق والإلهيات - وادعى أن في الخارج إنسانا مطلقا كليا، [وفرسا مطلقا كليا] (5) ، وحيوانا مطلقا

_________
(1) ن (فقط) : فالمطلق لا يوجد فهو العلم الإلهي، وهو تحريف ; ب، أ: فالمطلق لا بشرط هو موضع العلم الإلهي. والمثبت من (م) .
(2) أ، ب: موضع.
(3) عندهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
****************************

[كليا] (1) ، فهو مخطئ خطأ ظاهرا: سواء ادعى أن هذه الكليات مجردة عن الأعيان أزلية - كما يذكرونه عن أفلاطون (2) ويسمون ذلك " المثل الأفلاطونية " أو ادعى أنها لا تكون إلا مقارنة للمعينات، أو ادعى (3) أن المطلق جزء من المعين - كما يذكرونه عن أرسطو وشيعته، كابن سينا وأمثاله - ويقولون: إن النوع مركب من الجنس والفصل، [وإن] الإنسان (4) مركب من الحيوان والناطق، والفرس مركب من الحيوان والصاهل، فإن هذا إن أريد به أن الإنسان متصف بهذا وهذا فهذا حق، ولكن الصفة لا تكون سبب وجود (5) الموصوف ولا متقدمة عليه لا في الحس ولا في العقل، ولا يكون الجوهر القائم بنفسه مركبا من عرضين.
وإن أراد به أن الإنسان الموجود في الخارج فيه جوهران قائمان بأنفسهما: أحدهما الحيوان، والآخر الناطق، فهذا مكابرة للعقل والحس.
وإن أريد بهذا التركيب تركيب الإنسان العقلي المتصور (6) في الأذهان لا الموجود في الأعيان فهذا صحيح، لكن ذلك الإنسان هو بحسب ما يركبه الذهن، فإن ركبه من الحيوان والناطق تركب منهما، وإن ركبه من الحيوان والصاهل تركب منهما، فدعوى المدعي: أن إحدى

_________
(1) كليا: ساقطة من النسخ الأربع، وإثباتها يقتضيه سياق الكلام.
(2) ن، م، أ: أفلاطن.
(3) ن: وادعى.
(4) ن، م: والإنسان.
(5) وجود: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن: المصور ; م: المقصور.
****************************

الصفتين (1) ذاتية مقومة للموصوف لا يتحقق بدونها لا في الخارج ولا في الذهن، والأخرى عرضية يتقوم الموصوف بدونها مع كونها مساوية لتلك في اللزوم - تفريق بين المتماثلين.
والفروق التي يذكرونها بين الذاتي والعرضي - اللازم للماهية - هي ثلاثة، وهي فروق منتقضة وهم معترفون بانتقاضها، كما يعترف بذلك ابن سينا ومتبعوه شارحو " الإشارات "، وكما ذكره صاحب " المعتبر " (2) وغيرهم، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع (3) .
وكذلك الكلام على قولهم وقول (4 من وافقهم من 4) (4) القائلين بوحدة الوجود في وجود واجب الوجود مبسوط في غير هذا الموضع، والمقصود هنا كلام جملي على ما جاءت به الرسل صلوات الله [وسلامه] (5) عليهم أجمعين، وهذا كله مبسوط في مواضعه.

_________
(1) ن: أحد الصنفين، وهو تحريف.
(2) وهو أبو البركات هبة الله بن ملكا، وسبق الكلام عليه 1/178.
(3) قال ابن عبد الهادي في " العقود الدرية " ص [0 - 9] 6 عند ذكره لأسماء مؤلفات ابن تيمية: " وله كتاب في الرد على المنطق، مجلد كبير. وله مصنفان آخران في الرد على المنطق نحو مجلد ". وذكر ابن تيمية نفسه في كتاب " الصفدية " (ورقة 193 ب) أنه له كتابين في الرد على المنطق: أحدهما كبير والآخر صغير، وأن له كتابا في نقض منطق الإشارات لابن سينا كما أنه نقد المنطق في رده على محصل الرازي. وقد لخص ابن تيمية الفروق الثلاثة بين الذاتي والعرضي في كتابه " الرد على المنطقيين " ص [0 - 9] 2 - 64 وقال في آخر كلامه هناك أنه بسط الكلام في بيان هذه الفروق في موضع آخر تكلم فيه على إشارات ابن سينا، ومن ذلك يتضح أنه فصل هذا الرد في كتابه في نقض منطق الإشارات وهو ليس بين أيدينا.
(4) : (4 - 4) ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) وسلامه: زيادة في (أ) ، (ب) .
*****************************

لكن هذا الإمامي لما أخذ يذكر عن طائفته أنهم المصيبون في التوحيد دون غيرهم احتجنا إلى التنبيه على ذلك، فنقول: أما [ما] ذكره [من] لفظ (1) الجسم وما يتبع ذلك، فإن هذا اللفظ لم ينطق به في صفات الله تعالى لا كتاب ولا سنة، لا نفيا ولا إثباتا، ولا تكلم به أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم، لا أهل البيت ولا غيرهم.
ولكن لما ابتدعت الجهمية القول بنفي الصفات في آخر (2) الدولة الأموية، ويقال: إن أول من ابتدع ذلك هو الجعد بن درهم معلم مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وكان هذا الجعد من حران (3) ، وكان فيها أئمة الصابئة والفلاسفة، والفارابي كان قد أخذ الفلسفة عن متى ثم دخل إلى حران فأخذ ما أخذه منها عن أولئك الصابئة الذين كانوا بحران، وكانوا يعبدون الهياكل العلوية ويبنون (4) : هيكل العلة الأولى، هيكل العقل الأول، هيكل النفس الكلية، هيكل زحل، هيكل المشترى، هيكل المريخ، هيكل الشمس، هيكل الزهرة، هيكل عطارد، هيكل القمر، ويتقربون بما هو معروف عندهم (5) من أنواع العبادات والقرابين والبخورات وغير ذلك (6) .

_________
(1) ن، م: أما ذكره لفظ. . .
(2) ن، م: أواخر.
(3) سبق الكلام عن الجعد بن درهم 1/7، 309. وقد قتل الجعد حوالي سنة 118. وانظر في ترجمته أيضا لسان الميزان 2/105 ; ميزان الاعتدال 1/185 ; الكامل لابن الأثير 5/160
(4) ن، م: ويثبتون.
(5) أ، ب: بما هو عندهم معروف.
(6) سبق الكلام (هذا الكتاب 1/5 - 6) عن الصابئة القائلين بالحاجة إلى متوسط روحاني من الكواكب أو الأصنام، وأشرت هناك إلى أن مركزهم كان حران. وحران - كما يذكر ياقوت في معجم البلدان -: " مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة آقور، وهي قصبة ديار مضر بينها وبين الرها يوم وبين الرقة يومان وهي على طريق الموصل والشام والروم. . وكانت منازل الصابئة وهم الحرانيون الذين يذكرهم أصحاب كتب الملل والنحل ". ويتكلم البيروني (الأثار الباقية عن القرون الخالية، ص [0 - 9] 04 - 208، ط. ألمانيا، 1878) عن الصابئة بالتفصيل، ومن كلامه عنهم: " وكانت لهم هياكل وأصنام بأسماء الشمس معلومة الأشكال كما ذكرها أبو معشر البلخي في كتابه: بيوت العبادات " وانظر أيضا: الخطط للمقريزي 1/344.
********************************

وهؤلاء هم أعداء إبراهيم الخليل الذي دعاهم إلى عبادة الله وحده، وكان مولده (1 عند أكثر الناس 1) (1) [إما بالعراق أو] (2) بحران (3 كما في التوراة 3) (3) ، ولهذا ناظرهم في عبادة الكواكب والأصنام، وحكى الله عنه أنه، لما رأى أنه (4) كوكبا {قال هذا ربي} [إلى قوله: {لا أحب الآفلين} ] (5) إلى قوله: {فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون - إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} [سورة الأنعام: 76 - 79] الآيات.
وقد ظن طائفة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم أن مراده بقوله: {هذا ربي} أن هذا خالق العالم، وأنه (6) استدل بالأفول - وهو الحركة والانتقال - على عدم ربوبيته، وزعموا أن هذه الحجة هي الدالة على حدوث الأجسام وحدوث العالم.

_________
(1) : (1 - 1) ساقط من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) : ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: فإنه.
*****************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #108  
قديم 17-03-2022, 04:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (108)
صـ 194 إلى صـ 200

[فساد استدلال الفلاسفة بآيات سورة الأنعام]
وهذا غلط من وجوه: أحدها: أن هذا القول لم يقله أحد من العقلاء، لا قوم إبراهيم ولا غيرهم، ولا توهم أحدهم (1) أن كوكبا أو القمر أو الشمس خلق هذا العالم، وإنما كان قوم إبراهيم مشركين يعبدون هذه الكواكب زاعمين أن في ذلك جلب منفعة أو دفع مضرة، على طريقة الكلدانيين (2) والكشدانيين (3) " [وغيرهم من المشركين أهل الهند وغيرهم] (4) ، وعلى طريقة هؤلاء صنف الكتاب الذي صنفه أبو عبد الله بن الخطيب الرازي (5) في السحر والطلسمات (6) ودعوة الكواكب (7) ، وهذا دين المشركين من

_________
(1) ن، م: أحد.
(2) ن، م: الكذابين، وهو تحريف.
(3) لم أجد فيما بين يدي من المراجع شيئا عنهم سوى عبارة قصيرة في " تاج العروس " للزبيدي مادة " كشد ": " الكشدانيون بالضم طائفة من عبدة الكواكب
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: أبو عبد الله الطبري، وهو تحريف ; م: أبو عبد الله الرازي.
(6) قال الشهاب الخفاجي في " شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل " مادة " طلسم ": " لفظ يوناني لم يعربه من يوثق به: وكونه مقلوبا من مسلط وهم لا يعتد به، وفي " السر المكتوم ": هو عبارة عن علم بأحوال تمزيج القوى الفعالة السماوية بالقوى المنفعلة الأرضية لأجل التمكن من إظهار ما يخالف العادة والمنع مما يوافقها ".
(7) وهو كتاب " السر المكتوم في مخاطبة النجوم ". انظر: وفيات الأعيان 3/318 ; لسان الميزان 4/426 ; الأعلام للزركلي 7/203.
**************************

الهند والخطا (1) والنبط (2) والكلدانيين والكشدانيين (3)
ولهذا قال الخليل: {ياقوم إني بريء مما تشركون} [سورة الأنعام: 77] وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [سورة الشعراء: 75 - 77] ، وأمثال ذلك.
وأيضا، فالأفول في لغة العرب هو المغيب والاحتجاب، ليس هو الحركة والانتقال (4) .

_________
(1) يطلق لفظ الخطا أحيانا على الصين بعامة، وأحيانا على الصين الشمالية بخاصة، ويطلق تارة على قبائل الخطا التي كانت تعيش في شمال الصين والتي نزحت من موطنها في القرن السادس الهجري إلى غرب إقليم التركستان حيث كونوا دولة عرفت بمملكة القراخطائيين. انظر: جامع التواريخ لرشيد الدين الهمذاني، المجلد الثاني، 1/109 - 121، ط. الحلبي، 1960 ; المغول في التاريخ للدكتور فؤاد عبد المعطي الصياد، ص [0 - 9] ، 29 - 33، ; دائرة المعارف البريطانية مادة cathay
(2) في اللسان: " النبيط والنبط كالحبيش والحبش في التقدير: جيل ينزلون السواد، وفي المحكم ينزلون سواد العراق وهم الأنباط. وفي الصحاح: ينزلون البطائح بين العراقين ". وذكر الأستاذ أحمد عطية الله في " القاموس الإسلامي " مادة: " أنباط " أنباط أو نبط: شعب عربي قديم كان يعيش في الإقليم الصحراوي الذي يمتد ما بين شبه جزيرة سيناء وحوران. . وكان للأنباط حضارة مازالت آثارها تتمثل في أطلال مدينة بطرا أو البتراء. . وعند ظهور الإسلام كانت هناك بقايا من الأنباط اختلطت بغيرها من شعوب المنطقة كالسريان والأراميين وللأنباط كتابة خاصة تعرف بالخط النبطي وهو يشبه الخط الحميري "
(3) ذكرت كلمتا: " الكلدانيين والكشد انيين " محرفتين في (ن) . وغير هؤلاء.
(4) في اللسان: " أفل أي: غاب، وأفلت الشمس تأفل (بكسر الفاء وضمها) أفلا وأفولا: غربت ".
**************************

وأيضا، فلو كان احتجاجه (1) بالحركة والانتقال لم ينتظر [إلى] (2) أن يغيب، بل كان نفس (3) الحركة التي يشاهدها من حين تطلع إلى أن (4) تغيب هي (5) الأفول.
وأيضا، فحركتها (6) بعد المغيب والاحتجاب غير مشهودة ولا معلومة.
وأيضا، فلو كان قوله: {هذا ربي} أي (7) : هذا رب العالمين، لكانت قصة إبراهيم [عليه السلام] (8) حجة عليهم ; لأنه (9) حينئذ لم تكن الحركة عنده (10) مانعة من كونه رب العالمين، وإنما المانع هو الأفول (11) .
ولما (12) حرف هؤلاء لفظ " الأفول " سلك ابن سينا [هذا المسلك] (13)

_________
(1) احتجاجه: كذا في (أ) ، (ن) ، (م) ; وفي (ب) : احتجابه. والمعنى: لو كان احتجاج إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - على عدم ربوبية الكواكب أو الشمس أو القمر بحركة كل منها وانتقاله لم يحتج إلى الانتظار حتى يغيب بل كانت الحركة المشاهدة للعيان كافية للدلالة على عدم الربوبية.
(2) إلى: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: لم ينتظر أن يغيب بل نفس الحركة. . إلخ.
(4) ن: إلى حين.
(5) ب: هو.
(6) ن، م: فحركاتها.
(7) أي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) عليه السلام: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: لأنهم.
(10) ن، م: عندهم.
(11) انظر تفسير آيات سورة الأنعام 74 - 79 في تفسير ابن كثير.
(12) ن (فقط) : ولا، وهو تحريف.
(13) هذا المسلك: ساقط من (ن) فقط.
**********************************

في " إشاراته " (1) فجعل الأفول هو الإمكان، وجعل كل ممكن آفلا، وأن الأفول هوي في حظيرة الإمكان (2) وهذا يستلزم أن يكون ما سوى الله آفلا (3) .
ومعلوم أن هذا من أعظم الافتراء على اللغة والقرآن ومن أعظم القرمطة ولو كان كل ممكن آفلا لم يصح قوله: {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين} فإن قوله: {فلما أفل} يقتضي حدوث الأفول له، وعلى قول هؤلاء المفترين على اللغة والقرآن: " الأفول " لازم له لم يزل ولا يزال آفلا (4) ، ولو كان مراد إبراهيم بالأفول الإمكان، والإمكان حاصل في الشمس والقمر والكوكب في كل وقت، لم يكن به حاجة إلى أن ينتظر أفولها.
وأيضا، فجعل القديم الأزلي الواجب [بغيره] (5) أزلا وأبدا ممكنا قول انفرد به ابن سينا ومن تابعه (6) ، وهو قول (7) مخالف لجمهور العقلاء من سلفهم وخلفهم (8) .

_________
(1) ب (فقط) : إشارته وهو تحريف.
(2) ن: في حظيرة الشمس والقمر، وهو خطأ ; م: هو في حظيرة الشمس.
(3) قال ابن سينا: (الإشارات التنبيهات، ص 531 - 532 ط. المعارف) " قال قوم: إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته، واجب لنفسه، لكنك إذا تذكرت ما قيل لك في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس واجبا، وتلوت قوله تعالى: (لا أحب الآفلين) فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما ".
(4) آفلا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) بغيره: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: اتبعه.
(7) قول: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: وغيرهم.
*******************************

[عود إلى الكلام على معاني لفظ الجسم]
والمقصود هنا أنه لما ظهرت الجهمية نفاة الصفات تكلم الناس في " الجسم " وفي إدخال لفظ " الجسم " في أصول الدين وفي التوحيد، وكان هذا من الكلام المذموم عند السلف والأئمة، فصار الناس في لفظ " الجسم " على ثلاثة أقوال:
طائفة تقول: إنه جسم، وطائفة تقول: ليس بجسم، وطائفة تمتنع عن إطلاق القول بهذا، وهذا لكونه بدعة في الشرع أو لكونه (1) في العقل يتناول حقا وباطلا، فمنهم من يكف عن التكلم في ذلك، ومنهم من يستفصل المتكلم (2) : فإن ذكر في النفي أو الإثبات (3) معنى صحيحا قبله، وعبر عنه بعبارة شرعية (4) ، لا يعبر عنها بعبارة مكروهة في الشرع ; وإن ذكر معنى باطلا رده.
وذلك أن لفظ " الجسم " فيه اشتراك بين معناه في اللغة ومعانيه المصطلح عليها، وفي المعنى منازعات عقلية، فيطلقه كل قوم بحسب اصطلاحهم وحسب اعتقادهم، فإن الجسم عند أهل اللغة هو البدن، أو البدن ونحوه مما هو غليظ كثيف، هكذا نقله غير واحد من أهل اللغة.
ومنه قوله تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} [سورة المنافقون: 4] وقوله تعالى: {وزاده بسطة في العلم والجسم} [سورة البقرة: 247] .
ثم قد يعنى به نفس الشيء الغليظ الكثيف، وقد يعنى به نفس غلظه وكثافته.

_________
(1) ن: ولكنه، وهو تحريف.
(2) ن، م: الكلام.
(3) ن، م: والإثبات.
(4) ن (فقط) : عنه بغيره شرعه، وهو تحريف ظاهر.
************************************

وعلى هذا فالزيادة في الجسم الذي هو الطول والعرض وهو القدر، وعلى الأول فالزيادة في نفس المقدر الموصوف.
وقد يقال: هذا الثوب له جسم، أي: غلظ وثخن، ولا يسمى الهواء جسما، ولا النفس الخارج من فم (1) الإنسان ونحو ذلك عندهم (2) جسما.
وأما أهل الكلام والفلسفة فالجسم عندهم أعم من ذلك، كما أن لفظ " الجوهر " في اللغة أخص من معناه في اصطلاحهم، فإنهم يعنون بالجوهر ما قام بنفسه أو المتحيز أو ما إذا وجد كان وجوده لا في موضع (3) ، أي: لا في محل يستغني عنه ; والجوهر في اللغة الجوهر المعروف.
ثم قد يعبرون عن الجسم بأنه ما يشار إليه، أو ما يقبل (4) الإشارة الحسية بأنه هنا أو هناك، وقد يعبرون عنه بما قبل الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والعمق، أو بما كان فيه الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والعمق (5) .
ولفظ البعد: الطول (6) والعرض والعمق في اصطلاحهم أعم من

_________
(1) ن (فقط) : نفس.
(2) عندهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: موضوع.
(4) ن: أو لا يقبل، وهو خطأ.
(5) يقول ابن سينا: (الشفاء، قسم الإلهيات 1/61، ط. وزارة الثقافة والإرشاد) : " وأما تحقيقه وتعريفه فقد جرت العادة بأن يقال: إن الجسم جوهر طويل عريض عميق ".
(6) أ، ب: والطول.
*******************************

معناه في اللغة، فإن أهل اللغة يقسمون الأعيان إلى طويل وقصير، والمسافة والزمان إلى قريب وبعيد، والمنخفض من (1) الأرض إلى عميق وغير عميق.
وهؤلاء عندهم كل ما يراه الإنسان من الأعيان فهو طويل عريض عميق، حتى الحبة - بل الذرة وما هو أصغر من ذرة - هو في اصطلاحهم طويل عريض عميق.
وقد يعبرون عن الجسم بالمركب أو المؤلف (2) ، ومعنى ذلك عندهم أعم من معناه في اللغة، فإن المركب (3) والمؤلف في اللغة ما ركبه مركب أو ألفه مؤلف، كالأدوية المركبة من المعاجين والأشربة ونحو ذلك، وبالمركب ما ركب على غيره أو فيه (4) ، كالباب المركب في موضعه ونحوه.
ومنه قوله تعالى: {في أي صورة ما شاء ركبك} [سورة الانفطار: 8] . وبالتأليف: التوفيق بين القلوب ونحو ذلك. ومنه قوله تعالى:

_________
(1) أ، ب: عن.
(2) يقول ابن الباقلاني (التمهيد، ص [0 - 9] 7، بيروت، 1957) : " فالجسم هو المؤلف "، ويقول (ص 191) : " حقيقة الجسم أنه مؤلف مجتمع بدلالة قولهم: رجل جسيم، وزيد أجسم من عمرو، وعلما بأنهم يقصرون هذه المبالغة على ضرب من ضروب التأليف في جهة العرض والطول ولا يوقعونها بزيادة شيء من صفات الجسم سوى التأليف ". ويقول ابن سينا (الشفاء، قسم الإلهيات 1/71) : " فقد بان أن الأجسام مؤلفة من مادة وصورة ". وانظر دائرة المعارف الإسلامية مادة " جسم " بقلم دي بور.
(3) ن، م: فالمركب.
(4) ن، م:. . . ونحو ذلك أو ما ركب على غيره أو فيه.
************************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #109  
قديم 17-03-2022, 05:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (109)
صـ 201 إلى صـ 207

{والمؤلفة قلوبهم} [سورة التوبة: 60] ، وقوله: {وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} [سورة الأنفال: 63] ، وقوله: {إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} [سورة آل عمران: 103] .
وللناس اصطلاحات في المؤلف والمركب، كما للنحاة اصطلاح، فقد يعنون بذلك الجملة التامة، وقد يعنون به (1) ما ركب تركيب مزج كبعلبك، وقد يعنون به المضاف وما يشبهه وهو ما ينصب في النداء.
وللمنطقيين ونحوهم من أهل الكلام اصطلاحات أخر يعنون به ما دل جزؤه على جزء معناه، فيدخل في ذلك المضاف إذا قصد به الإضافة دون العلمية، فلا (2) يدخل فيه بعلبك ونحوه.
ومنهم من يسوي بين المؤلف والمركب ومنهم من يفرق بينهما، وهذا كله تأليف في الأقوال.
وأما التأليف في الأعيان، فأولئك إذا قالوا: [إن] (3) الجسم هو المؤلف والمركب، لم يعنوا (4) به ما كان مفترقا فاجتمع ولا ما يقبل التفريق، بل يعنون به ما تميز منه جانب عن جانب، كالشمس والقمر وغيرهما من الأجسام.
وأما المتفلسفة فالمؤلف والمركب عندهم (5) أعم من هذا، يدخلون

_________
(1) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: ولا.
(3) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ: يعنوا، ب: لا يعنون ; م: لم يعنون.
(5) ن، م: فالمؤلف عندهم والمركب.
*****************************

في ذلك تأليفا عقليا لا يوجد في الأعيان، ويدعون أن النوع مؤلف من الجنس والفصل، فإذا قلت: الإنسان حيوان ناطق، قالوا: الإنسان مؤلف من هذين، وإنما هو موصوف بهما.
ثم تنازع (1) هؤلاء في الجسم: هل هو مركب من أجزاء لا تقبل القسمة، وهي الجوهر الفرد عندهم، وهو شيء لم يدركه أحد بحسه، وما من شيء نفرضه إلا وهو أصغر منه عند القائلين به ; أو مركب من المادة والصورة تركيبا عقليا؟
وإذا حقق الأمر عليهم في المادة لم يوجد إلا نفس الجسم وأعراضه: تارة يعنى بالمادة الجسم الذي هو جوهر، والصورة شكله واتصاله القائم به. وتارة يعنى بالصورة نفس الجسم (2) الذي هو الجوهر، وبالمادة القدر المطلق الذي يعم الأجسام كلها، أو يعنى بها ما منه خلق الجسم (3) .
وقد يعنى بالصورة العرضية (4) التي هي الاتصال والشكل القائم به، فالجسم هو المتصل، والصورة هي (5) الاتصال، فالصورة هنا عرض، والمادة الجسم، كالصورة (6) الصناعية: كشكل السرير فإنه صورته (7) والخشب مادته.

_________
(1) ن، م: ينازع.
(2) ن: نفي، وهو خطأ.
(3) ن: الجسم والصورة.
(4) أ: العريضة، وهو تحريف.
(5) ن، م: نفي، وهو خطأ.
(6) ن، م: كالصور.
(7) أ، ب: صورة.
****************************

ولفظ المادة والهيولي يعنى به عندهم هذه الصورة الصناعية، وهي عرض يحدث بفعل الآدميين، ويعنى به (1) الصورة الطبيعية وهي نفس الأجسام، وهي جواهر (2) ومادة وما منها خلقت.
وقد يعنى بالمادة [المادة] (3) الكلية وهي ما تشترك فيه الأجسام من القدر ونحوه.
وهذه كليات حاصلة في الأذهان، وهي في الخارج معينة: إما أعراض وإما جواهر.
وقد يعنى بالمادة [المادة] (4) الأزلية وهي المجردة عن الصورة. وهذه يثبتها أفلاطن (5) ، وسائر العقلاء أنكروها، وفي الحقيقة هي ثابتة في الذهن لا في الخارج، والأجسام مشتركة في كون كل واحد (6) منها له قدر يخصه، فهي مشتركة في نوع المقدار لا في عينه، فصارت الأجسام مشتركة في المقدار، فقالوا: بينها مادة مشتركة [وهيولي مشتركة] (7) ، ولم يهتدوا إلى الفرق بين الاشتراك في الكلي المطلق والاشتراك في الشيء المعين، فاشتراك الأجسام في الجسمية والامتداد والمقدار الذي يظن أنه المادة ونحو ذلك، كاشتراك الناس في الإنسانية، واشتراك الحيوانات (8) في الحيوانية.

_________
(1) أ، ب: بها.
(2) ب: جوهر، والمثبت عن (أ) ، (ن) (م) .
(3) ما بين القوسين زيادة للإيضاح، والذي في الأصل صواب، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
(4) ما بين القوسين زيادة للإيضاح، والذي في الأصل صواب، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
(5) ب: أفلاطون، والمثبت عن (أ) ، (ن) ، (م) .
(6) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(8) ن، م: الحيوان.
**********************

وهؤلاء ظنوا أن هذه الكليات (1) موجودة في الخارج مشتركة، وذلك غلط، فإن ما في الخارج ليس فيه اشتراك، بل لكل موجود شيء يخصه لا يشركه فيه غيره، والاشتراك يقع في الأمور العامة الكلية المطلقة، وتلك لا تكون عامة مطلقة كلية إلا في الأذهان لا في الأعيان، فما فيه الاشتراك ليس فيه إلا العلم والعقل (2) ، وما به الاختصاص والامتياز - وهو (3) الموجود في الخارج - لا اشتراك فيه، وإنما فيه اشتباه وتماثل يسمى اشتراكا، كالاشتراك في المعنى العام، والانقسام بحسب الاشتراك، فمن لم يفرق بين قسمة الكلي إلى جزئياته، [والكل إلى أجزائه] (4) ، كقسمة الكلمة إلى: اسم، وفعل، وحرف (5) ، وإلا غلط كما غلط كثير من الناس في هذا الموضع.
ولما قالت طائفة من النحاة كالزجاجي (6) وابن جني (7) : الكلام ينقسم

_________
(1) ن، م: كليات.
(2) أ، ب: فما فيه الاشتراك إلا في العلم والعقل.
(3) ن، م: هو.
(4) ما بين القوسين غير موجود في النسخ الأربع وإثباته يقتضيه سياق الكلام.
(5) بعد كلمة " وحرف " يوجد تكرار واضطراب في نسختي (ن) ، (م) هكذا. . . وحرف وكقسمة الكل إلى أجزائه، كقسمة الكلمة إلى اسم، وفعل وحرف وإلا غلط.
(6) عبد الرحمن بن إسحاق ويعرف بالزجاجي، أبو القاسم النهاوندي، شيخ العربية في عصره، توفي بطبرية سنة 337 وقيل 339 وقيل 340. ترجمته في: وفيات الأعيان 2/317 - 318 ; إنباه الرواة للقفطي 2/160 - 161 (ط. دار الكتب، 1952) ; بغية الوعاة للسيوطي، ص 129 (ط. الخانجي، 1326) ; طبقات النحويين واللغويين للزبيدي، ص 129 (ط. الخانجي، 1945) ; الأعلام للزركلي 4.
(7) عثمان بن جني، أبو الفتح الموصلي، من أئمة الأدب واللغة، صاحب أبا علي الفارسي وروى عنه، توفي ببغداد سنة 392 وقيل 372. ترجمته في: وفيات الأعيان \ 410 - 412 ; إنباه الرواة 2/335 - 340 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 22 ; الأعلام للزركلي 4/364.
*************************

إلى: اسم، وفعل، وحرف، أو الكلام كله ثلاثة: اسم وفعل وحرف، اعترض على ذلك من لم يعرف مقصودهم، ولم يجعل القسمة نوعين كالجزولي (1) ; حيث قال: كل جنس قسم إلى أنواعه أو أشخاصه (2) ، أو نوع قسم إلى أشخاصه، فاسم المقسوم صادق على الأنواع والأشخاص، وإلا فليست أقساما له.
وكلام أبي البقاء (3) في تفسير ابن جني أقرب ; حيث قال: معناه أجزاء الكلام ونحو ذلك.

_________
(1) ن، م: الكزولي. وعيسى بن عبد العزيز بن يللبخت بن عيسى بن يوماريللى الجزولي (أو الكزولي) اليزدكنتي البربري المراكشي، وجزولة قبيلة من قبائل البربر، وربما قالوا: كزولة (بضم الجيم والكاف) ، لزم ابن بري بمصر لما حج وعاد فتصدر للإقراء بالمرية وغيرها وولي خطابة مراكش، توفي سنة 607 وقيل: 605 أو 606. ترجمته في: إنباه الرواة 2/378 - 382 ; بغية الوعاة، ص 269 - 270 ; وفيات الأعيان 3/157 - 159 ; الأعلام للزركلي 5/288.
(2) ن: كل شيء جنس قسم إلى أنواعه وأشخاص أنواعه ; م: كل جنس قسم إلى أنواعه وأشخاص أنواعه.
(3) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء محب الدين. ولد ببغداد سنة 538 وتوفي بها سنة 616، كان أدبيا نحويا فقيها على مذهب الحنابلة، أصيب في صباه بالجدري فعمي. من كتبه المطبوعة " شرح ديوان المتنبي " ومن تأليفه كتاب " شرح اللمع لابن جني " وكتاب: " تلخيص التنبيه لابن جني ". انظر ترجمته ومؤلفاته في: إنباه الرواة 2/116 - 118 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 81 ; نكت الهميان للصفدي، ص [0 - 9] 78 ; وفيات الأعيان 2/286 - 287 ; الذيل لابن رجب 2/109 - 120 ; الأعلام للزركلي 4/208 - 209.
********************************

ومن المعلوم أن قسمة كل الشيء الموجود في الخارج إلى أبعاضه وأجزائه، أشهر من قسمة المعنى العام الذي في الذهن إلى أنواعه وأشخاصه، كقوله تعالى: {ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر} [سورة القمر: 28] ، وقوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى} [سورة النساء: 8] وقوله عليه الصلاة والسلام: " «والله إني ما أعطي أحدا (1) ولا أمنع أحدا وإنما أنا قاسم أقسم بينكم» " (2) ، وقوله: " «لا تعضية في الميراث (3) إلا ما حمل القسم» " (4) . وقول الصحابة [رضوان الله

_________
(1) ن: إني والله لا أعطي أحدا ; م: والله لا أعطي أحدا.
(2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، والحديث بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه في البخاري: 4/85 (كتاب فرض الخمس، باب فإن لله خمسه وللرسول) وانظر (فتح الباري 6/152 - 153) ; المسند (ط. المعارف) 12/180 (رقم: 7193 م) . وانظر درء تعارض العقل والنقل 8/278.
(3) ب: لا معصبة في الميراث ; ن، م: ولا يعصينه في معروف (وهو خطأ) ; أ: لا ـعصبه (كذا بدون نقط التاء والضاد) في الميراث، والصواب ما أثبته.
(4) الحديث في سنن البيهقي 10/133 وفيه: " قال أبو عبيد: قوله: لا تعضية في الميراث، يعني أن يموت الميت ويدع شيئا، إن قسم بين ورثته، إذا أراد بعضهم القسمة كان في ذلك ضرر عليهم أو على بعضهم. يقول: فلا يقسم. والتعضية التفريق، وهو مأخوذ من الإعضاء، يقال: عضيت اللحم إذا فرقته: قال الزعفراني: قال الشافعي في القديم: ولا يكون مثل هذا الحديث حجة، لأنه ضعيف. وهو قول من لقينا من فقهائنا. قال الشيخ (البيهقي) : وإنما ضعفه لانقطاعه وهو قول الكافة ". وفي " الجامع الكبير " للسيوطي 1/896: " لا تعضية (كذا) على أهل الميراث إلا ما حمل القسم. أبو عبيد في الغريب ق (البيهقي في سننه) عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلا ". وانظر " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير 3/106 مادة " عضا ".
*************************

عليهم] (1) : «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرض خيبر بين من حضر (2) الحديبية، وقسم غنائم حنين بالجعرانة (3) . مرجعه من الطائف ; وقسم ميراث سعد بن الربيع» (4) .
وقول الفقهاء: باب (5) . قسم الغنائم والفيء والصدقات (6) ، وقسمة الميراث، وباب القسمة، وذكر المشاع والمقسوم، وقسمة الإجبار والتراضي ونحو ذلك.
وقول الحاسب: الضرب والقسمة إنما يراد به قسمة الأعيان الموجودة في الخارج، فيأخذ أحد الشريكين قسما والآخر قسما، وليس (7) كل اسم

_________
(1) رضوان الله عليهم في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: شهد.
(3) في " معجم ما استعجم " للبكري 2/384: " الجعرانة بكسر الجيم والعين وتشديد الراء المهملة. . وقال الأصمعي: هي الجعرانة بإسكان العين وتخفيف الراء، وكذلك قال أبو سليمان الخطابي. وهي ماء بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أدنى، وبها قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين ومنها أحرم بعمرته في وجهته تلك ". وانظر أيضا: معجم البلدان
(4) سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير، شهد العقبة وهو أحد النقباء الاثنى عشر وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم أحد شهيدا وليس له عقب. انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 3/522 - 524، 612، الإصابة لابن حجر 2/24 - 52، الاستيعاب لابن عبد البر 2/31 - 32.
(5) ب: يلي ; أ: الكلمة غير واضحة ويبدو أنها كتبت أولا " باب " ثم حرفت إلى ما يقرب من كلمة " يلي "
(6) ن، م: الفيء والغنائم والفيء والصدقات.
(7) ن، م: فليس.
**********************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #110  
قديم 17-03-2022, 05:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (110)
صـ 208 إلى صـ 214

من أسماء المقسوم يجب أن يصدق على كل منهما منفردا، فإذا قسم بينهم جزور فأخذ هذا فخذا وهذا رأسا وهذا ظهرا لم يكن اسم الجزور صادقا على هذه الأبعاض، وكذلك لو قسم بينهم شجرة فأخذ هذا نصف ساقها، وهذا نصفا، وهذا أغصانها لم يكن اسم المقسوم صادقا على الأبعاض، ولو قسم بينهم سهم، كما كان الصحابة يقسمون، فيأخذ هذا القدح وهذا النصل، لم يكن هذا [سهما] (1) ولا هذا سهما.
فإذا كان اسم المقسوم لا يقع إلا حال الاجتماع، (2 زال بالانقسام، وإن كان يقال حال الاجتماع 2) (2) والافتراق، كانقسام الماء والتمر ونحو ذلك، صدق فيهما ; وعلى التقديرين فالمقسوم هنا موجودات (3) في الخارج.
وإذا قلنا: الحيوان ينقسم إلى ناطق وبهيم، لم نشر إلى حيوان معين موجود في الخارج فنقسمه قسمين (4) ، بل هذا اللفظ والمعنى يدخل فيه ما كان وما لم يكن [بعد] (5) ويتناول جزئيات لم تخطر بالذهن، فهذه المعاني الكلية لا توجد في الخارج كلية.
فإذا قيل: الأجسام تشترك في مسمى الجسم أو في المقدار المعين (6) أو غير ذلك، كان هذا المشترك معنى كليا، والمقدار المعين

_________
(1) سهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ب: موجودان، والصواب من (ن) ، (أ) ، (م) .
(4) ن، م: فيقسمه نصفين ; أ: فيقسمه قسمين.
(5) بعد: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) المعين: زيادة في (ن) فقط.
************************

لهذا الجسم ليس هو (1) المقدار المعين لهذا الجسم المعين (2) وإن كان مساويا له، وأما إن كان أكبر منه فهنا اشتركا (3) في نوع القدر لا في هذا القدر، فالاشتراك الذي بين الأجسام هو في هذه الأمور.
وأما ثبوت شيء موجود في الخارج، هو في هذا الإنسان وهو بعينه في هذا الإنسان، فهو مكابرة سواء في ذلك المادة والحقائق الكلية، ولكن هؤلاء ظنوا ما في الأذهان ثابتا في الأعيان، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا أن هذا (4) الباب التأليف والتركيب في اصطلاح هؤلاء المتفلسفة من المتكلمين والمنطقيين ومن وافقهم [هو] نوع (5) آخر غير تلك الأنواع، والمركب لا بد له من مفرد. وإذا حقق الأمر على هؤلاء لم يوجد عندهم معنى مفرد يتركب منه هذه المؤلفات، وإنما يوجد ذلك في الأذهان لا في الأعيان، فالبسيط المفرد الذي يقدرونه (6) - كالحيوانية المطلقة والجسمية المطلقة وأمثال ذلك - لا يوجد (7) في الخارج إلا صفات معينة لموصوفات معينة، فهذه الأمور مما تدخل في لفظ المؤلف والمركب بحسب الاصطلاحات الوضعية، مع ما فيها من الاعتبارات العقلية.

_________
(1) ن، م: هذا:
(2) المعين: زيادة في (ن) فقط.
(3) ب: اشتراك ; أ، م: اشتراكا، والمثبت عن (ن) .
(4) هذا: ساقطة من (ب) ، وهي في (ن) ، (أ) ، (م) .
(5) ن: وافقهم ونوع، وهو خطأ ; أ، ب: وافقهم نوع. والمثبت من (م) .
(6) ن، م: يقدر به.
(7) أ، ب: لا توجد.
***************************

وهم متنازعون في الجسم: هل هو مؤلف من الجواهر المفردة (1) التي لا تقبل الانقسام، كما يقوله كثير من أهل الكلام ; أو مؤلف من المادة والصورة، كما يقوله كثير من المتفلسفة ; أو لا مؤلف لا من هذا ولا من هذا، كما يقوله كثير من الطوائف، على ثلاثة أقوال أصحها الثالث.
وكل من أصحاب الأقوال الثلاثة متنازعون هل يقبل القسمة إلى غير نهاية، والصحيح أنه لا يقبل الانقسام إلى غير نهاية، لكن مثبتة الجوهر الفرد يقولون: ينتهي إلى حد لا يقبل القسمة مع وجوده، وليس كذلك، بل إذا تصغرت الأجزاء استحالت، كما في أجزاء الماء إذا تصغرت (2) فإنها تستحيل فتصير (3) هواء، فما دامت موجودة فإنه (4) يتميز منها جانب عن جانب، فلا يوجد شيء لا يتميز بعضه عن بعض، كما يقوله مثبتة الجوهر الفرد، ولا يمكن انقسامه إلى ما لا يتناهى، بل إذا صغر (5) لم يقبل القسمة الموجودة في الخارج، وإن كان بعضه غير البعض الآخر (6) ، بل إذا تصرف (7) فيه بقسمة أو نحوها استحال، فالأجزاء الصغيرة - ولو عظم صغرها - يتميز منها شيء عن شيء في نفسه وفي الحس والعقل، لكن لا يمكن فصل بعضه عن بعض بالتفريق، بل يفسد ويستحيل لضعف قوامه عن احتمال ذلك، وبسط هذا له موضع آخر.

_________
(1) أ، ب: المنفردة.
(2) ن، م: تصعدت.
(3) ن، م: وتصير.
(4) ن، م: فإنها.
(5) أ، ب: لا.
(6) ن، م: غير بعض الآخر.
(7) ن: انصرف.
****************************

ثم القائلون بأن الجسم مركب من جواهر منفردة تنازعوا (1) : هل هو جوهر واحد بشرط انضمام مثله إليه، أو جوهران فصاعدا، أو أربعة، أو ستة، أو ثمانية، أو ستة عشر، أو اثنان وثلاثون، على أقوال معروفة لهم.
ففي لفظ الجسم والجوهر والمتحيز من الاصطلاحات والآراء المختلفة ما فيه، فلهذا وغيره لم يسغ إطلاق إثباته ولا نفيه.
بل إذا قال القائل: إن الباري [تعالى] (2) جسم.
قيل له: أتريد أنه مركب من الأجزاء كالذي كان متفرقا فركب؟ أو [أنه يقبل] (3) التفريق: سواء قيل: اجتمع بنفسه، أو جمعه غيره (4) ؟ أو أنه من جنس شيء من المخلوقات؟ أو أنه مركب من المادة والصورة؟ أو من (5) الجواهر المنفردة؟
فإن قال هذا.
قيل: هذا باطل.
وإن قال: أريد [به] أنه (6) موجود أو قائم بنفسه - كما يذكر عن هشام ومحمد بن كرام وغيرهما [ممن أطلق هذا اللفظ] (7) - أو أنه موصوف

_________
(1) ن: ينازعوا ; م: ينازعون.
(2) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) أنه يقبل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) بعد كلمة " غيره " في (ن) ، (م) : أو أنه يقبل التفريق أو التفرق، (ن: أو التفريق) .
(5) من: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن: وإن وقيل أريد أنه ; م: وإن قال أريد أنه.
(7) ن، م: كما يذكر عن هشام ومحمد بن كرام وغيرهما، ب، ا: كما يذكر عن كثير ممن أطلق هذا اللفظ، وما أثبته يجمع ما في النسخ، والمقصود هنا من أجاز إطلاق لفظ الجسم على الله تعالى.
*********************************

بالصفات، أو أنه يرى في الآخرة، أو أنه يمكن رؤيته، أو أنه مباين للعالم فوقه (1) ، ونحو هذه المعاني الثابتة بالشرع والعقل.
قيل له: هذه معان صحيحة، ولكن (2) إطلاق هذا اللفظ على هذا بدعة في الشرع، مخالف للغة. فاللفظ إذا احتمل المعنى الحق والباطل لم يطلق، بل يجب أن يكون اللفظ مثبتا للحق نافيا للباطل.
وإذا قال: ليس بجسم.
قيل: أتريد بذلك أنه لم يركبه غيره، ولم يكن أجزاء متفرقة فركب (3) ، أو أنه (4) لا يقبل التفريق والتجزئة كالذي ينفصل بعضه عن بعض؟
أو أنه ليس مركبا من الجواهر المنفردة، ولا من المادة والصورة ونحو هذه المعاني.؟
[مناقشة نفاة الصفات إجمالا]
أو تريد به شيئا يستلزم نفي اتصافه بالصفات بحيث لا يرى، ولا يتكلم (5) بكلام يقوم به، ولا يباين خلقه، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء، ولا تعرج إليه الملائكة ولا الرسول، ولا ترفع إليه

_________
(1) فوقه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: وأيضا، وهو خطأ.
(3) ن، م: فتركب.
(4) ن: أو لأنه ; أ: إلا أنه. والمثبت من (م) .
(5) ن: ولا تكلم.
***********************

الأيدي، ولا يعلو على (1) شيء، ولا يدنو منه شيء، ولا هو داخل (2) العالم ولا خارجه، ولا مباين له ولا محايث (3) له، ونحو ذلك من المعاني السلبية التي لا يعقل أن (4) يتصف بها إلا المعدوم.
فإن قال: أردت الأول.
قيل: المعنى صحيح، لكن المطلقون لهذا النفي أدخلوا فيه (5) هذه المعاني السلبية، ويجعلون ما يوصف به (6) من صفات الكمال الثبوتية مستلزمة لكونه جسما، فكل (7) ما يذكر من الأمور الوجودية يقولون: هذا تجسيم ولا ينتفي (8) ما يسمونه تجسيما إلا بالتعطيل (9) المحض.
ولهذا كل من نفى شيئا قال لمن أثبته: إنه مجسم (10) .
[فغلاة النفاة من الجهمية والباطنية يقولون لمن أثبت له الأسماء الحسنى: إنه مجسم. ومثبتة الأسماء دون الصفات من المعتزلة ونحوهم يقولون لمن أثبت الصفات: إنه مجسم. ومثبتة الصفات دون

_________
(1) على: كذا في (ب) ، (أ) ، (م) وفي (ن) : إليه.
(2) ن: وهو داخل ; م: ولا داخل.
(3) ن، م: مجانب.
(4) ن، م: أنه.
(5) ن: عليه.
(6) أ، ب: ما يتصف به.
(7) ن: وكل.
(8) ن: فلا ينبغي، وهو خطأ ; م: الكلمة غير منقوطة.
(9) ب: بالتعليل، وهو تحريف، والصواب من (ن) ، (أ) ، (م) .
(10) م: جسم.
**********************

ما يقوم به من الأفعال الاختيارية يقولون لمن أثبت ذلك: إنه مجسم ; وكذلك سائر النفاة.
وكل من نفى ما أثبته الله ورسوله بناء على أن إثباته تجسيم يلزمه فيما أثبته الله ورسوله] (1) .
ومنتهى هؤلاء النفاة إلى إثبات وجود مطلق، وذات مجردة عن الصفات، والعقل الصريح يعلم أن الوجود المطلق والذات المجردة عن الصفات إنما يكون في الأذهان لا في الأعيان، فالذهن يجرد هذا ويقدر هذا التوحيد الذي يفرضونه، كما يقدر إنسانا مطلقا وحيوانا مطلقا، ولكن ليس كل ما قدرته الأذهان كان وجوده في الخارج في حيز الإمكان.
ومن هنا يظهر غلط من قصد إثبات إمكان هذا بالتقدير العقلي، كما ذكره الرازي (2) ، فقال (3) : العقل يعلم أن الشيء: إما أن يكون متحيزا، وإما أن يكون قائما بالمتحيز، وإما أن يكون لا متحيزا ولا حالا (4) .

_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ; (م) . والكلام في نسختي (ب) ، (أ) ناقص أيضا، ومن المرجح أن هناك سقطا، وفي السطور التالية محاولة لكتابة ما يفي بهذا النقص حسب ما أرى من سياق الكلام: " وكل من نفى ما أثبته الله ورسوله بناء على أن إثباته تجسيم (يلزمه ذلك في كل ما أثبته الله ورسوله، فإن المعتزلي إذا أثبت بعض الصفات دون البعض الآخر كالعلم والحياة والقدرة بناء على أن هذه الصفات لا تقتضي تجسيما كان متناقضا، فإن هذه الصفات تقتضي تجسيما أيضا - بحسب مذهبه - فإما أن ينفي هذه الصفات كذلك وإما أن يثبت كل ما أثبته الله ورسوله) .
(2) أ، ب: الرازي وغيره.
(3) أ، ب: فيقال، وهو خطأ.
(4) بالمتحيز يقول الرازي في كتابه: " أساس التقديس في علم الكلام " ص 6، ط. مصطفى الحلبي، 1354/1935: " الثالث أنا إذا قلنا: الموجود إما أن يكون متحيزا، أو حالا في المتحيز، أو لا متحيزا ولا حالا في المتحيز، وجدنا العقل قاطعا بصحة هذا التقسيم ".
****************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 248.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 242.27 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]