|
|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
شرح حديث عبدالله بن عمر: "إن أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه"
شرح حديث عبدالله بن عمر: "إن أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه" سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين باب: بر أصدقاء الأب والأم والأقارب والزوجة وسائر من يُندَب إكرامه. عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أَبَرَّ البِرِّ أن يَصِلَ الرجلُ وُدَّ أبيه)). وعن عبدالله بن دينار، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلًا من الأعراب لَقِيَهُ بطريق مكة، فسلَّم عليه عبدُالله بن عمر، وحمَلَه على حمارٍ كان يركبه، وأعطاه عمامةً كانت على رأسه، قال ابن دينار: فقلنا له: أصلَحَك الله! إنهم الأعراب وهم يَرضَوْن باليسير؟! فقال عبدالله بن عمر: إن أبَا هذا كان وُدًّا لعمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، وإني سمعتُ رسول الله يقول: ((إن أبَرَّ البرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ وُدِّ أبيه)). وفي رواية عن ابن دينار، عن ابن عمر: أنه كان إذا خرج إلى مكة كان له حمار يتروَّح عليه إذا ملَّ ركوب الراحلة، وعمامة يشدُّ بها رأسه، فبَيْنا هو يومًا على ذلك الحمار، إذ مرَّ به أعرابي، فقال: ألستَ ابن فلان بن فلان؟ قال: بلى، فأعطاه الحمار، فقال: اركب هذا، وأعطاه العمامة وقال: اشدُدْ بها رأسك، فقال له بعض أصحابه: غفر الله لك! أعطيتَ هذا الأعرابيَّ حمارًا كنتَ تَرَوَّحُ عليه، وعمامةً كنت تشدُّ بها رأسَك؟ فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن من أبرِّ البرِّ أن يصل الرجل أهلَ وُدِّ أبيه بعد أن يُوَلِّيَ))، وإن أباه كان صديقًا لعمر رضي الله عنه. روى هذه الرواياتِ كلَّها مسلمٌ. قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: لما ذكَرَ المؤلِّف رحمه الله أحكامَ برِّ الوالدين وصلة الأرحام، ذكَرَ أيضًا أحكام صلة من يصل الوالدين والأرحام؛ وذلك للعلاقة التي بينهم وبين أقاربه، أو بينهم وبين والديه، ثم ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وهي قصة غريبة. كان ابن عمر رضي الله عنه إذا خرج إلى مكة حاجًّا، يكون معه حمار يتروَّح عليه إذا ملَّ الركوب على الراحلة - أي: البعير - فيستريح على هذا الحمار، ثم يركب الراحلة. وفي يوم من الأيام لَقِيَهُ أعرابيٌّ، فسأله ابن عمر: أنت فلان بن فلان؟ قال: نعم، فنزل عن الحمار وقال: خُذْ هذا اركب عليه، وأعطاه عمامة كان قد شدَّ بها رأسه، وقال لهذا الأعرابي: اشدُدْ رأسك بهذا. فقيل لعبدالله بن عمر: أصلَحَك الله أو غفر الله لك! إنهم الأعراب، والأعراب يرضَوْن بدون ذلك، يَعْنون: كيف تنزل أنت عن الحمار تمشي على قدميك، وتعطيه عمامتك التي تشُدُّ بها رأسك، وهو أعرابي يرضى بأقلَّ من ذلك؟ فقال: إني سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن أبَرَّ البرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ وُدِّ أبيه))؛ يعني أن أبَرَّ البرِّ إذا مات أبو الرجل أو أمُّه أو أحدٌ من أقاربه: أن تَبَرَّ أهلَ وُدِّه، يعني ليس صديقه فقط، بل حتى أقارب صديقه. وإن أبا هذا كان صديقًا لعمرَ؛ أي: لعمر بن الخطاب أبيه، فلما كان صديقًا لأبيه؛ أكرَمَه برًّا بأبيه عمرَ رضي الله عنه. وفي هذا الحديث دليلٌ على امتثال الصحابة، ورغبتِهم في الخير، ومسارعتهم إليه؛ لأن ابن عمر استفاد من هذا الحديث فائدةً عظيمة، فإنه فعل هذا الإكرامَ بهذا الأعرابيِّ من أجل أن أباه كان صديقًا لعمر، فما ظنُّك لو رأى الرجل الذي كان صديقًا لعمر؟ لأكرَمَه أكثرَ وأكثر. فيستفاد من هذا الحديث أنه إذا كان لأبيك أو أمِّك أحدٌ بينهم وبينه وُدٌّ فأَكرِمْه، كذلك إذا كان هناك نسوة صديقاتٌ لأمِّك؛ فأَكرِمْ هؤلاء النسوة، وإذا كان رجال أصدقاء لأبيك؛ فأَكرِم هؤلاء الرجال، فإن هذا من البرِّ. وفي هذا الحديث أيضًا: سَعةُ رحمة الله عز وجل؛ حيث إن البرَّ بابه واسع لا يختص بالوالد والأم فقط؛ بل حتى أصدقاء الوالد وأصدقاء الأم، إذا أحسنتَ إليهم فإنما بررتَ والديك، فتُثاب ثوابَ البارِّ بوالديه. وهذه من نعمة الله عز وجل، أنْ وسَّع لعباده أبواب الخير وكثَّرها لهم؛ حتى يَلِجُوا فيها من كل جانب، نسأل الله تعالى أن يجعلنا والمسلمين من البررة، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 214- 216)
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |