|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#41
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (41) كتبه/ سامح بسيوني الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحسن التعامل مع النتائج غير المرضية الناتجة عن القرار، ومارس -صلى الله عليه وسلم- ذلك عمليًّا في درس تطبيقي واضح، لمَّا نزل على رأي المجموع من أصحابه بالخروج لملاقاة قريش في غزوة أُحُد؛ رغم أنه كان يرى أن الأصلح والأفضل هو التحصن بالمدينة، ولم يكن هناك وحي ولا بينات تحسم الأمر؛ وذهب يتأهب للمعركة -صلى الله عليه وسلم-، وكان الناس ينتظرون خروجه، فقال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير -رضي الله عنهما-: "استكرهتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الخروج فرُدوا الأمر إليه"؛ فندموا جميعًا على ما صنعوا، فلما خرج قالوا له: "يا رسول الله، ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما شئت، إن أحببتَ أن تمكث بالمدينة فافعل"؛ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إذَا لَبِسَ لَأَمْتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ) (أخرجه أحمد في مسنده، وقال محققو المسند: "صحيح لغيره"). ولما وقعت الهزيمة، لم يعاتبهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم لم ينزلوا على رأيه، بل لم تنزل آية من القرآن تعاتبهم على ذلك، بل كان اللوم والعتاب على معصية منفكة عن القرار الذي اتُّخِذ؛ وهي: الخلل الذي حصل في التنفيذ؛ كما قال -تعالى-: (وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ) (آل عمران: 152)، وأما القرار فقد أدوا ما عليهم، وأبرأوا ذمتهم، وخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في حمراء الأسد ليقلل من آثار ما كان في أُحُد. حيثيات يجب أخذها في الاعتبار: 1- الممارسة والخبرة، وتعدد التجارب أمر معتبر؛ لأنها تكسب الفرد السرعة والمهارة اللازمة في اتخاذ القرار. 2- دائمًا اتخاذ القرار أفضل من عدم اتخاذه -وإن كان في القرار أخطاء في بعض الأمور-؛ لأن عدم اتخاذ القرار يصيب الإنسان بالعجز والشلل في مواجهة الأحداث وحل المشكلات، ويجعله دائمًا منفعلًا أو ردَّ فعل. 3- اتخاذ القرار يحتاج إلى عقليات متفتحة مَرِنَة، لها القدرة على توليد الأفكار. 4- اتخاذ القرار ليس هو نهاية المطاف، بل في الحقيقة هو بداية؛ لأن أثناء التنفيذ قد يحدث العديد من التعديلات وَفْقًا للمستجدات؛ فليس الأمر في اتخاذ القرار فقط، وإنما أهم من ذلك ما بعده من متابعة تطور المدخلات. محاذير لازمة (اللاءات الخمسة): عند اتخاذ القرار هناك بعض الآفات التي قد تحدث بحكم البشرية والتي يجب الحذر منها؛ لأنها قد تتسبب في انحراف القرار عن تحقيق مقصوده النافع؛ لذلك من المحاذير المهمة التي يجب تجنبها عند اتخاذ القرار، خمسة محاذير (اللاءات الخمسة)؛ وهي: 1- لا للمجاملات في اتخاذ القرار. 2- لا لتحكيم العواطف (فالعواطف عواصف). 3- لا للتردد وعدم الحسم في القرارات. 4- لا للإذاعة أو النشر للقرارات أو حيثياتها؛ إلا وَفْقًا للآلية المتفق عليه. 5- لا للتسرع في اتخاذ القرار أو البطء الشديد في اتخاذه أو تنفيذه.
__________________
|
#42
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (42) كتبه/ سامح بسيوني حيثيات مهمة يجب أخذها في الاعتبار عند اتخاذ القرار: 1- الممارسة والخبرة وتعدد التجارب أمر معتبر للغاية؛ فهي تكسب الفرد السرعة والمهارة اللازمة في اتخاذ القرار. 2- دائمًا اتخاذ القرار أفضل من عدم اتخاذه، وإن كان في القرار أخطاء في بعض الأمور؛ لأن عدم اتخاذ القرار يصيب الإنسان بالعجز والشلل في مواجهة الأحداث وحل المشكلات، ويجعله دائمًا منفعلًا أو رد فعل. 3- اتخاذ القرار يحتاج إلى عقليات متفتحة مرنة لها القدرة على توليد الأفكار. 4- اتخاذ القرار ليس هو نهاية المطاف، بل في الحقيقة هو بداية؛ لأن أثناء التنفيذ قد يحدث العديد من التعديلات طبقًا للمستجدات، فليس الأمر في اتخاذ القرار فقط، وإنما أهم من ذلك ما بعده من متابعة تطور المدخلات. محاذير لازمة (اللاءات الخمسة): عند اتخاذ القرار هناك بعض الآفات التي قد تحدث بحكم البشرية والتي يجب الحذر منها؛ لأنها قد تتسبب في انحراف القرار عن تحقيق مقصوده النافع؛ لذلك من المحاذير الهامة التي يجب تجنبها عند اتخاذ القرار؛ خمسة محاذير (اللاءات الخمسة)، وهي: 1- لا للمجاملات في اتخاذ القرار. 2- لا لتحكيم العواطف (فالعواطف عواصف). 3- لا للتردد وعدم الحسم في القرارات. 4- لا للإذاعة أو النشر للقرارات أو حيثياتها إلا طبقًا للآلية المتفق عليه. 5- لا للتسرع في اتخاذ القرار أو البطء الشديد في اتخاذه أو تنفيذه. ضبط علاقة الفرد بالمجموع في العمل الإصلاحي المؤسسي: كما أن الشورى موضعها قبل اتخاذ القرار، فالتزام القرارات يلزم الجميع بعد صدور القرار، وكما أن الشورى راحة للقيادة وحق للأتباع، وضمان للمصلحة، فكذلك الطاعة والتزام القرار واجب على الأتباع، وحق للقيادة، وضمان لتحقيق المصلحة على أرض الواقع طالما أن العمل الإصلاحي المؤسسي قائم على أسس ثابتة مشروعة، والتي منها: 1- الالتزام بمنهج أهل السنة والجماعة. 2- عدم التعصب إلا للحق. 3- مراعاة المصلحة ودفع المفسدة التي تضر بالأمة مع تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة (فالكيانات الإسلامية المعاصرة ليست خلافة وليست كلها فرقاً نارية، وإنما هي مرحلة متوسطة تهدف إلى إقامة جماعة المسلمين عن طريق القيام بما تقدر عليه من فروض الكفاية). وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#43
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (43) كتبه/ سامح بسيوني الضابط الرابع: تحقيق الشمولية في العمل الإصلاحي المؤسسي: من أعظم أسباب قوة أي كيان إصلاحي وفَلاحِه: قدرته على شمولية التأثير والإصلاح في المجتمع، والدفع في كلِّ أوجه الخير المتاحة في المجتمع، كما قال -تعالى- في بيان صفات أهل الفلاح: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران: 104). فالدعوة للخير هنا تشمل كلَّ مَن يمكن أن تتوجه الدعوة إليه، والألف واللام في كلمة (الخير) تفيد الاستغراق، فتشمل كل أوجه الخير الممكنة؛ وهذا أعظم ما يميز العمل في كيانٍ عن العمل الفردي -كما بيَّنَّا سابقًا-. والحقيقة: أن مفهوم الشمولية في العمل الإصلاحي أمر لازم لتحقيق مفهوم شمولية العبودية المنشودة من أي عمل إصلاحي مؤسسي؛ فالعبودية كما عرَّفها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- هي: "كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال، الباطنة والظاهرة"، لكن تحقيق هذه الشمولية المنشودة يحتاج إلى كثيرٍ من الإعداد والجهد، والتنوع المتكامل في المجالات والمهارات، والتخصصات والأعمال. مستلزمات مفهوم الشمولية: الشمولية اللازمة لتحقيق مفهوم شمولية العبودية -التي هي غاية العمل عند الكيانات الإصلاحية-، تستلزم أمرين: الأمر الأول: تنوع مجالات العمل المستهدف داخل الكيان الإصلاحي من حيث: (1) الجانب البنائي للأفراد العاملين داخل المؤسسة: تُعدُّ شمولية بناء الشخصية لأفراد أي كيان إصلاحي أو مؤسسة إصلاحية -لا سيما الكادر منهم- هي أحد مرتكزات قوة الكيان أو المؤسسة، والتي تستلزم عمل برامج بنائية متكاملة داخل المؤسسة لكل أفرادها وَفْقًا لمستوياتهم الإدارية المختلفة، على أن تشتمل على جميع الجوانب اللازمة لبناء الشخصية السوية النافعة من خلال تكامل برامج الإعداد الخاصة بـ(الجانب الإيماني التعبدي - الجانب السلوكي الأخلاقي - الجانب العقدي الفكري - الجانب العلمي المعرفي - الجانب المهاري الوظيفي) بما يضمن تحصيل الحد اللازم وجوده في شخصية الفرد المصلح. (2) الجانب الانتشاري في المجتمع: الانتشار هو أحد عوامل سرعة التأثير الإصلاحي في المجتمع، وهو يتطلب مراعاة عِدَّة أمور: - تنوع الأنشطة الإصلاحية، والخدمات المجتمعية المفيدة والنافعة لطبقات المجتمع المختلفة: حيث يجب أن تتوجه أنشطة الكيان الإصلاحي إلى جميع طبقات المجتمع على اختلاف أعمارهم أو أنواعهم؛ ونعني بذلك -على سبيل المثال-: (الأبناء والبنات - الشباب والفتيات - الرجال والنساء - الفقراء والأغنياء - رجال الأعمال والوجهاء - الحرفيين والمهنيين - أصحاب المناصب والتأثير - إلخ). مع الحذر كل الحذر من التقوقع الداخلي داخل الكيان، أو الاقتصار على استهداف أفراد الكيان فقط بالأنشطة أو بالخدمات المجتمعية -تحت ضغط الواقع أو وجود عوائق وممانعات من بعض هذه الطبقات؛ بسبب التخوفات، أو التشويه الذي قد يتوجه إلى الكيان الإصلاحي ممَّن لا يتفهم مقصده أو يحقد عليه-؛ فهذا قد يتسبب في حدوث فجوة مجتمعية كبيرة بين المجتمع وأفراد الكيان الإصلاحي؛ مما يعرِّض الفكرة الإصلاحية للكيان في حدِّ ذاتها إلى الهدم، أو يعرِّض الكيان إلى التآكل المجتمعي، أو يصيب الأفراد بالعزلة الشعورية المهلكة لأي كيان إصلاحي، والمضيِّعَة للتماسك المجتمعي المؤثر في الإصلاح المنشود. ومن الجدير بالذكر هنا أن نؤكد على: أن ممانعة حالة الانتشار لأي كيان إصلاحي هي حالة مكرورة منذ قديم الزمان، وأن هذا الأمر من طبيعة الطريق الإصلاحي، وأن الاستمرار ودوام الإحسان هو أحد أهم وسائل تغيير القلوب بالقبول والوصول لأبعد الطبقات. كما أن السياسة العملية لأي كيان إصلاحي في مساره الانتشاري تتطلب: الاستمرارية لا الموسمية، والحرص على البناء لا الهدم، والتعاون لا التصادم أو الإقصاء، وحفظ القيم والثوابت مع تطوير الوسائل، والتعلُّم من الأخطاء وإدراك الواقع، مع التطلع للمستقبل بإيجابية، ودوام الإحسان وإن لم تَلْقَ إحسانًا من الآخرين؛ لأن الله يحب المحسنين، وكفى بالله حسيبًا. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#44
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (44) كتبه/ سامح بسيوني فقد ذكرنا في المقال السابق: أن الانتشار هو أحد عوامل سرعة التأثير الإصلاحي في المجتمع، وهو يتطلب مراعاة عِدَّة أمور؛ منها: - الحرص على التواجد في كل المساحات والأماكن وَفْقًا للممكن والمتاح، ونعني بذلك: بذل الجهد في الوجود وَفْقًا للمستطاع في كل المساحات الجغرافية المتاحة أفقيًّا أو مهنيًّا. ومن الجدير بالذكر هنا: أن ندرك أن الخبرة العملية الناتجة من الممارسة والتي أثمرت عمليًّا الوجود في مساحات جغرافية أو مهنية جديدة بطريقة إصلاحية مؤثرة، هي أحد أهم مهارات المسؤول التنفيذي في أي مؤسسة إصلاحية -كما ذكرنا ذلك سابقًا في المسئولية الإصلاحية-، وهذه الخبرة العملية تحتاج إلى تدوين تراكمي لها يوضع في دليل إرشادي متجدد، يكون متاحًا لجميع الأفراد العاملين في العمل الإصلاحي؛ للمعاونة في ممارسة الدور الانتشاري الدعوي الإصلاحي المطلوب. - تنوع المهارات التخصصية داخل المؤسسة لتحقيق شمولية التأثير الناجح، فالمهارات التخصصية هي أحد المهارات اللازم تواجدها داخل الكيانات الإصلاحية كونها أحد أدوات سدِّ الثغور المطلوبة وتحقيق شمولية الانتشار المرجوة، واكتساب هذه المهارات التخصصية أمر يجب إدارته داخل المؤسسة الإصلاحية ليتحقق الغرض الكامل المراد في إطار من الإصلاح المؤسسي المتكامل المبني على: 1- التأكد من وضوح الرؤية الأيديولوجية الإصلاحية عند الأفراد أصحاب التخصص؛ حتى لا يغرِّد كلُّ فردٍ من هؤلاء خارج إطار المنهج الإصلاحي، أو الأهداف الإصلاحية للمؤسسة؛ فالمهارة التخصصية أحد وسائل الانجذاب والتأثير، والتي إن لم يكن صاحبها منضبطًا منهجيًّا؛ فسيؤثر - بلا شك - على الأفراد والمجموعات برؤيته المنهجية المضطربة، التي يمكن أن تتسرب في طيات توجيهاته التخصصية. 2- حسن الاستفادة من أصحاب المهارات التخصصية في سدِّ الفجوات داخل الكيان الإصلاحي؛ لذلك فأي كيان إصلاحي ناجح، يحتاج إلى توجيه بعض أفراده إلى التخصصات -لا سيما المؤثرة-؛ لأن أي كيان مهما كان، فإنه لا يستطيع التأثير الشامل بدون وجود كوادر بشرية متخصصة وفاعلة داخله تُعينه على تنوع مجالات التميُّز للكيان؛ مما يثمر فاعلية وانتشارًا، وتأثيرًا أكبر له في المجتمع المحيط به. ولعلنا نتلمح ذلك في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك الصحابي الشاب زيد بن ثابت -رضي الله عنه- بأن يتعلم العبرية، وكذلك السريانية حتى يقرأ له الكتب التي تأتيه بهذه اللغة؛ كما جاء في سنن الترمذي عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَتَعَلَّمَ لَهُ كَلِمَاتٍ مِنْ كِتَابِ يَهُودَ"، قَالَ: (إِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابٍ)، قَالَ: "فَمَا مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُهُ لَهُ، قَالَ: فَلَمَّا تَعَلَّمْتُهُ كَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَى يَهُودَ كَتَبْتُ إِلَيْهِمْ، وَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ"، وفي رواية: "أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَعَلَّمَ السُّرْيَانِيَّةَ"(رواه الترمذي، وصححه الألباني). فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قد وجَّه زيد بن ثابت -رضي الله عنه- لما رأى نباهته وقدراته في الحِفْظ والعِلْم، إلى هذا التخصص الذي يـُحتاج إليه، ولا يوجد مَن يسده. الأمر الثاني: معرفة الإمكانات مع حسن التوظيف للكوادر داخل الكيان: التعرف على إمكانات الأفراد الموجودين فعليًّا في الكيان، مع حُسن توظيف طاقتهم وإمكاناتهم -بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب-، واستغلال كل الإمكانات المتاحة بدون تَسرع أو مجاملة، من أعظم أسباب شمولية التأثير والنجاح والقدرة على سدِّ الثغرات داخل الكيان. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#45
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (45) كتبه/ سامح بسيوني الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فقد تحدثنا في المقال السابق عن أهمية التعرف على إمكانات الأفراد الموجودين فعليًّا في الكيان، مع حُسن توظيف طاقتهم وإمكاناتهم -بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب-، واستغلال كل الإمكانات المتاحة بدون تَسرع أو مجاملة، من أعظم أسباب شمولية التأثير والنجاح والقدرة على سدِّ الثغرات داخل الكيان. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو القدوة الكبرى لنا جميعًا، كان يعرف إمكانات أصحابه جيدًا، ويتحرى اختيار قياداته وسفرائه وعماله كلٌ فيما يجيد؛ فهذا مصعب -رضي الله عنه- على حداثة سنِّه يفتح المدينة بالقرآن والدعوة إلى الله، وهذا أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- على صغره يقود الجيش، وهذا طلق بن علي اليمامي -رضي الله عنه- كان يحسن عجن الطين، يُوضع في مهمة بناء المسجد. ولعلنا نتمعن أيضًا في رفض النبي -صلى الله عليه وسلم- لتولية أبي ذر -رضي الله عنه- في ولاية عامة، مع فضله وبذله، وحبه -صلى الله عليه وسلم- له؛ كما جاء في صحيح مسلم عن أبي ذرٍ -رضي الله عنه-، قال: قُلْتُ: يَا رسول الله أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمّ قَالَ: (يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا) (رواه مسلم). والخلاصة في هذه المسألة: أن التوازن بين البناء للأعضاء والانتشار في المجتمع، مع معرفة الإمكانات المتاحة عند الأفراد، وحسن توظيف الكوادر والطاقات، والاعتناء بالتخصصات وحُسن استخدامها داخل الكيان، يسهم -بلا شك- في تميُّز الكيان وقوة تأثيره، وشمولية تواجده وانتشاره. والعكس بالعكس: فالتقوقع على بناء الأفراد دون العمل على الانتشار أو الانسياق في المسارات الانتشارية دون الاهتمام ببناء الأفراد الحاملين للمنهج أو إهمال الكفاءات وأصحاب الطاقات، والمجاملة في استخدام الأفراد في سدِّ الثغرات -بوضع شخص في غير مكانه المناسب-، يؤدي إلى حدوث كثيرٍ من الفجوات، وفقد كثيرٍ من المساحات، والتسبب في وقوع الكثير من الأخطاء والمشاكل من الأفراد؛ إما بسبب كثرة المهام، أو عدم الكفاءة في الأداء، أو عدم الانضباط المنهجي. وهذا مما يتسبب -بعد ذلك- في نفور شرائح كبيرة من المجتمع عن الكيان الإصلاحي، أو يؤدي إلى ذوبان الكيان واضمحلاله، أو انحرافه عن أهدافه الإصلاحية. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#46
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (46) كتبه/ سامح بسيوني تحقيق مفهوم التكاملية في الكيانات الإصلاحية: يعد مفهوم التكاملية من أعظم المفاهيم اللازمة والمميزة لأي كيان إصلاحي ناجح، وهو مفهوم يلزم الأفراد والإدارات والملفات الفنية داخل أي كيان إصلاحي، ليصبح العمل أكثر إنتاجية في إطارٍ مِن التناغم والأريحية؛ فالتكاملية المنشودة على مستوى الفرد ومستوى الإدارات لها العديد من المظاهر والوسائل التي يجب أن يعمل الجميع داخل الكيان في تفعيلها، وحسن استثمارها في المستويات المختلفة: 1- على مستوى الفرد. 2- على مستوى اللجان الفنية والإدارات التنفيذية العاملة (تروس متكاملة داخل الماكينة). 3- على مستوى الأنشطة (تهديف الأنشطة). التكاملية على المستوى الشخصي والأداء للأفراد: تعتمد عامة الكيانات الإصلاحية على العمل التطوعي للعنصر البشري فيها، وتكلِّف الكيانات في بعض الأوقات بعض الشخصيات بالعديد من المهام؛ لا سيما من يظهر منهم القدرة على تحمل المسئولية، أو في المراحل الأولى من العمل؛ ولذلك يتعرَّض -غالبًا- عددٌ من الأفراد لا سيما مَن يكونون في طبقة القيادة الوسطى لتحدٍّ كبير يسمَّى: تحدي "تعدد الأدوار"؛ حيث يكون الشخص في بعض أدواره الإصلاحية قائمًا بدور القائد، وفي البعض الآخر يكون قائمًا بدور العضو والجندي، أو يكون مساهمًا مساهمة مباشرة رئيسة في أحد الأعمال الإصلاحية، وفي نفس الوقت له عِدَّة أدوار ثانوية في الكثير من الأعمال الإصلاحية الأخرى. وهذا الأمر يتطلب من الفرد تحقيق مفهوم التكاملية في نفسه؛ سواء على مستوى الاتزان النفسي أو الأداء الحركي؛ حيث يحتاج الفرد هنا إلى عِدَّة أمور؛ منها: - التكامل بتحقيق التوازن بين القيادة والجندية في الشخصية: هناك مساحات عمل يكون فيها الفرد فيها قائدًا، ومساحات أخرى يكون فيها جنديًّا، أو عضوًا في فريق، وتحقيق التوازن بين القيادة والجندية في شخصية الفرد تتطلب منه مراعاة التوصيف الوظيفي في كلِّ مساحة، وعدم الافتئات من العضو على القائد في مساحة من المساحات التي عليه فيها مسئول، ولو كان هذا العضو قائدًا في مساحة أخرى. فمن أعظم المشاكل التي قد تؤدي إلى التنازعات الداخلية داخل الكيانات الإصلاحية: هذا الافتئات الذي قد يحدث من بعض الأفراد المعتادين على دور القيادة حينما يعمل الشخص في مساحة أخرى يكون فيها عضوًا وليس قائدًا؛ فقد يرى -بسبب كونه قائدًا في مساحة أخرى- لنفسه وضعًا خاصًّا متميزًا في التعامل والتوجيه، وإصدار القرارات، يجب أن يتم في ظنه؛ مما يتسبب في توتره أو توتر مَن يعمل معهم بسبب ذلك. والعكس بالعكس: فبعض الأفراد قد يتعود على دور العضو الذي ينتظر توجيه القيادة في المساحات التي يعمل فيها، وحينما يوضع في مساحة يكون هو القائد فيها فلا يقوم بمتطلبات وظيفته الجديدة من حيث أخذ دور المبادرة والتوجيه لمن معه، ويظل منتظرًا للتوجيه من غيره بما قد يتسبب في ضياع المهام والتكليفات، وانهيار فريق العمل. وللحديث -بقية إن شاء الله-.
__________________
|
#47
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (47) كتبه/ سامح بسيوني فيعد التوازن في الشخصية ما بين القيادة والجندية، والعمل بمتطلبات كل مهمة في مساحاتها، من سمات التكامل في الشخصية المطلوبة، ومن ثمار الإخلاص والتجرد في العمل، ومن مقومات القدرة على تحمل وفهم متطلبات المسار الإصلاحي؛ لذلك لا نعجب حينما ينقل لنا أصحاب السِّيَر ما كان من موقف أبي بكر -رضي الله عنه- القوي بعد موت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو الرجل الأسيف - كما هو معروف عنه -، حينما وَقَف وصَدَع بكلماته التي ثبَّتت المسلمين من حوله حين قال: "أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ" (رواه البخاري). وكذلك موقفه الصلب الشديد -رضي الله عنه- مع مانعي الزكاة بعد ما تولى أمر المسلمين بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينما قال بوضوح وثبات: "وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا. قَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه-: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه. فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ" (متفق عليه). وأيضًا موقفه المؤسسي العجيب مع أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- "قائد الجيش الذي كان في سنِّ الشباب" حينما استأذنه في طلب بقاء عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- معه في المدينة، مع أن أبا بكر -رضي الله عنه- هو خليفة المسلمين جميعًا، لكنه أعطى بهذا الموقف الدرس الكبير للجميع بأهمية التكامل والتوازن في الشخصية، والتجرُّد، وضبط المسارات التنفيذية الإصلاحية؛ حيث "نهض بنفسه -يعني أبا بكر رضي الله عنه- إلى الجرف، فاستعرض جيش أسامة وأمرهم بالمسير وسار معهم ماشيًا وأسامة راكبًا وعبد الرحمن بن عوف يقود براحلة الصديق. فقال أسامة: يا خليفة رسول الله! إما أن تركب، وإما أن أنزل. فقال أبو بكر: والله لستَ بنازل ولستُ براكب، ثم استطلق الصديق من أسامة عمرَ بن الخطاب، وكان مكتتبًا في جيشه فأطلقه له؛ فلهذا كان عمر لا يلقاه بعد ذلك إلا قال: السلام عليك أيها الأمير" (البداية والنهاية لابن كثير). ترتيب الأولويات وضبط بوصلة الأداء على المستوى الشخصي: لا شك أن التغلُّب على "تحدي تعدد الأدوار" داخل العمل التطوعي الإصلاحي يُعَدُّ من أعظم التحديات عند الأفراد؛ لا سيما عند التعارض في الأوقات أو المهام بين الأدوار الرئيسية المطلوبة من الفرد، والأدوار الفرعية الداعمة -خاصة مع الاحتساب للأجر والحرص على زيادة الثواب، مع طبيعة القدرة البشرية والواجبات الحياتية-؛ لذلك يحتاج هذا الأمر إلى حسن ترتيب الأولويات وترتيب الأعمال وَفْقًا لدرجة الأهمية، مع التفكير بعقلية أداء الفرض الذي يجب ألا يترك، والنفل الذي يُستزَاد منه تدريجيًّا بما لا يؤثِّر على الفرض. فلا يُقبَل على سبيل المثال: أن يظل الإنسان طيلة الليل يصلي صلاة قيام الليل (النفل) ثم ينام عن صلاة الفجر (الفرض)، بل يجب عليه أن يرتِّب وقته وأولويات ساعات الليل عنده ليحافظ على صلاة الفجر، ولا يحرم نفسه في ذات الوقت من قيام النفل. كما يحسن أيضًا بالفرد الذي يعاني من "تحدي تعدد الأدوار" استثمار الأوقات عبر مسارات التنسيق الدائم مع الإدارات التي يتواجد فيها -قدر المستطاع- لا سيما عند التعارض، أو -على الأقل- الجمع ما أمكن للتكامل في تحقيق أهدافه، مع الاهتمام بتفعيل التفويض المناسب مع المتابعة عن بُعد -لا سيما في الأعمال (العاجلة وغير المهمة) أو (الثانوية غير المؤثرة)- والتي تتيح اكتشاف كوادر مستقبلية تخفف من وطأة تعدد الأدوار، وتحقق التكاملية في الأعمال. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
#48
|
||||
|
||||
![]() نصائح وضوابط إصلاحية (48) كتبه/ سامح بسيوني التكاملية على مستوى اللجان الفنية والإدارات التنفيذية العاملة: شمولية التأثير في الكيانات الإصلاحية تتطلب تنوعًا للإدارات والتخصصات -كما ذكرنا وأوضحنا سابقًا في محور الشمولية السابق-؛ إلا أنه من الضروري في ذلك أن يدرك العاملون في الكيانات الإصلاحية أن أكبر التحديات في هذا الأمر؛ هو: انفرادية توجهات الإدارات والملفات، أو عدم التكاملية بين الأهداف والمسارات، أو عدم الاستفادة المتبادلة من المخرجات. وهذا يتطلب من جميع الإدارات والملفات أن تدرك أنها جزءٌ من كلٍّ، وهذه الأجزاء تحتاج أن تتكامل فيما بينها لضمان سلامة إنتاجية الكل، كما هو حال التروس داخل الماكينة الواحدة؛ يجب أن تدور معًا في تداخل وتكاملية حتى تدور الماكينة ككلٍّ بصورة مثمرة، فالماكينة تدور بدوران التروس معًا مهما تفاوتت أحجام التروس، ومع انفصال ترس واحد عن منظومة التروس أو عند انفراده بالدوران بدون تداخله مع التروس الأخرى؛ فإن هذا قد يتسبب في توقف الماكينة، أو سوء الإنتاجية المطلوبة. لذلك يجب الانتباه لتحقيق ذلك التكامل إلى: 1- التزام جميع الملفات والإدارات داخل الكيان في خططها التنفيذية بالأهداف الإستراتيجية الموضوعة من الكيان الإصلاحي. 2- التنسيق المتبادل بين الملفات المتخصصة، والإدارات المختلفة عبر عقد اجتماعات تنسيقية دورية تهدف إلى ضبط المساحات التداخلية، والاستفادة المتبادلة من المنتجات والمخرجات التخصصية لكل ملف. 3- التزام كل ملف فني تخصصي أو إدارة تنفيذية بالوصف الوظيفي الموضوع له من إدارة الكيان الإصلاحي، وعدم تجاوزه لمساحات أو وظائف أخرى تخصصية تخص ملفًا أو إدارة أخرى إلا بعد الاعتماد الإداري الواضح. 4- الحرص على الدعم الفني المتبادل من الملفات لبعضها البعض، مع رسم مسارات التأهيل المختلفة، والتسليم المتوالي، والتوظيف المتوازي للكوادر المختلفة داخل المساحات الجغرافية وبين الملفات المتنوعة. التكاملية على مستوى الأنشطة: الكيانات الإصلاحية المحققة للشمولية تتنوع فيها الأنشطة المختلفة عبر الملفات الفنية وعبر الإدارات المتنوعة في المساحات المختلفة، وتتعدد فيها البرامج التنفيذية في مسارات متعددة، ولتعظيم الفائدة من هذه الأنشطة لا بد من الحرص على تهديفها بطريقة تعظم النتائج المرجوة وتحقق التكاملية المستهدفة؛ لأن عدم وضوح الأهداف عند تنفيذ الأعمال المختلفة يؤدي إلى ضياع الفرص والمجهودات؛ فكما يقال: "إذا كنتَ لا تعرف إلى أين تذهب؛ فكل الطرق تؤدي إلى هناك!"؛ لذلك لا بد في الكيانات الإصلاحية ذات الملفات المتنوعة، والإدارات التنفيذية المختلفة من الحرص على تفعيل مبدأ: "تهديف الأنشطة" في كلِّ الأنشطة الانتشارية المتاح تنفيذها داخل المجتمع -كما سيتم بيانه فيما يأتي-: تهديف الأنشطة: لا شك أن الاهتمام بالأنشطة داخل الكيانات الإصلاحية من الأهمية بمكان لتحقيق الانتشار والتأثير الإصلاحي المطلوب، ولكن هذا لا يمكن أن يتحقق بدون وضوح الأهداف عند مؤدي النشاط، فليست العبرة بتأدية النشاط، إنما العبرة بما يثمر عنه هذا النشاط من تأثير نافع للأفراد وللمجتمع. لذلك فلا بد لنا أن ندرك أن المهمة المنوطة بالمصلحين الصادقين ليست معنية بتأدية الأنشطة من باب ملء الفراغ، أو من باب الإشغال أو سد الخانات، بل هي معنية بالأنشطة من باب التأثير الإيجابي، بنقل التوجيهات الربانية والنبوية من السطور إلى الصدور، ومنها إلى العقول؛ لضبط الأفهام على ما يرضي الله، وبما يحقق استقامة الحياة عبر تحسين الأخلاق، والعمل على غرس القِيَم والسلوكيات الإيجابية في أفراد المجتمع. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |