|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() ملخص من شرح كتاب الحج (11) يحيى بن إبراهيم الشيخي أعمال الحاج من بداية اليوم العاشر إلى طواف الوداع وبعد المبيت في مزدلفةَ يندفع الحاج إلى مِنًى، فإذا بلغ مُحسَّرًا أسرعَ رميةَ حجر؛ لفعله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر: ((حتى جاء بطن محسر - وهو وادٍ بين مزدلفةَ ومِنًى - فحرك ناقته، وأسرع السير قليلًا))؛ [أخرجه مسلم] ويلتقط الحصى؛ كما في حديث الفضل بن عباس رضي الله عنه، وفيه حتى دخل محسرًا وهو مِنًى وقال: ((عليكم بحصى الخَذْفِ الذي تُرمى به الجمرة))[1]، وحجمه بين الحِمِّص والبندق؛ لحديث ابن عباس قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته: ((هاتِ، القُطْ لي، فلقطتُ له حصَيات هن حصى الخَذْفِ، فلما وضعتهن في يده، قال: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلوَّ في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين))[2]. تنبيه: يجوز أخذ الحصى من مزدلفة أو مِنًى أو من الطريق بينهما[3]. فإذا انتهى إلى جمرة العقبة، رمى بسبع حصياتٍ؛ لما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه: ((إنه انتهى إلى الجمرة الكبرى، فجعل البيت عن يساره، ومِنًى عن يمينه، ورمى بسبع، وقال: هكذا رمى الذي أُنزلت عليه سورة البقرة، وفي رواية: يكبِّر مع كل حصاة))[4]. ويكون رميه بعد طلوع الشمس؛ لحديث جابر قال: ((رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، ضحَّى ورمى بعد ذلك بعد الزوال))[5]، وعلى المسلم الاقتداء بالنبي في أفعال الحج؛ فالخير كل الخير في هديِه؛ قال جابر: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه))[6]. قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "والأفضل الرمي بعد طلوع الشمس، ويُجزئ بعد نصف الليل"[7]. وعند رمي جمرة العقبة يقطع التلبية؛ وهذا قول الجمهور؛ لحديث عبدالله بن عباس أن أسامة رضي الله عنه كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منًى، قال: فكلاهما قال: ((لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة))[8]. تنبيه: تُقطع التلبية: إذا كان معتمرًا يقطع التلبية إذا شرع في الطواف، أما القارن أو المُفرد أو المتمتع، فيقطع التلبية عند شروعه في جمرة العقبة، ويشتغل بعدها بالتكبير. ثم ينحر هَدْيَهُ: إن كان معه سواء أكان متمتعًا أو قارنًا، ولا يجوز ذبحه قبل يوم النحر؛ لأن ذلك مخالف لفعله صلى الله عليه وسلم، ومخالف لفعل الصحابة رضي الله عنهم؛ وهو قول مالك وأكثر العلماء. ثم يحلق أو يقصر من جميع شعره: لحديث أنس: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منًى، فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنًى ونحر، ثم قال للحلاق: خذ، وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس))[9]، والحلق للرجل أفضل؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم اغفر للمُحلِّقين، قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين؟ قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟ قال: وللمقصرين))[10]، وفي رواية ابن عمر: ((رحم الله))[11]، بدل: اللهم اغفر. فائدة: أقل الواجب في الحلق أو التقصير عند أبي حنيفة ربع الرأس، وعند الإمام الشافعي يُجزئ ثلاث شعرات، وعند مالك الكل أو الأكثر. وتقصر المرأة من شعرها بقدر أُنملة؛ لحديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس على النساء حلقٌ، إنما على النساء التقصير))[12]. وهنا برمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير، يكون الحاج تحلَّل التحلل الأول بمعنى: حلَّ له كل شيء إلا النساء؛ وهو قول الجماهير من العلماء[13]؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((إذا رميتم الجمرة، فقد حلَّ لكم كل شيء، إلا النساء))[14]. تنبيه: على الصحيح من المذهب يحصل التحلل الأول باثنين من ثلاثة: رمي وحلق وطواف، وهو قول الأئمة الثلاثة؛ لحديث عائشة مرفوعًا قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا رميتم وحلقتم، فقد حل لكم الطِّيب وكل شيء، إلا النساء))[15]. أما من عليه هديٌ، فليس له التحلل حتى ينحر هديه، ولا يجب الترتيب بين هذه الأمور، فله أن يقدم الطواف على الرمي، وله أن يقدم الحلق أو التقصير على الرمي والنحر، ولكن الأفضل هو الترتيب، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيرمي ثم ينحر إن كان عنده أو عليه هديٌ، ثم يحلق أو يقصر، ثم يطوف، ثم يسعى إن كان عليه سعي، هذا هو الترتيب المشروع[16]؛ [انتهى]. ويؤيد هذا حديث عبدالله بن عمرو: ((أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: حلقت قبل أن أذبح، فقال: اذبح ولا حرج، وسأله آخر فقال: نحرت قبل أن أرمي، قال ارمِ ولا حرج))[17]. ثم يفيض إلى مكة ويطوف بنية الفريضة طواف الزيارة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]. ولحديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثم انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهرَ))[18]. وأول وقت طواف الزيارة بعد نصف ليلة النحر، وبه قال الشافعي، وعند أبي حنيفة أول طلوع الفجر الثاني؛ ودليل القول الأول حديث عائشة قالت: ((أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليومَ الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعني: عندها))[19]. ويجوز تأخير الرمي؛ وبه قال مالك والشافعي، وعند أكثر العلماء وعند أبي حنيفة: إن أخَّره إلى اليوم الثالث من أيام التشريق فعليه دم، ودليلنا أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة بذلك، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز[20]. ثم يسعى بين الصفا والمروة إذا كان متمتعًا؛ لأن سعيه الأول يعتبر للعمرة، وبه قال الثلاثة؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 158]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا))[21]، فإذا انتهى فقد حلَّ له كل شيء حتى النساء، وبه قال الثلاثة؛ لحديث ابن عمر وفيه: ((فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف، ثم لم يحلل من شيء حرم منه، حتى قضى حجه، ونحر هديه يوم النحر، وأفاض، فطاف بالبيت، ثم حلَّ من كل شيء حرم منه))[22]. ويُستحَب للحاج أن يشرب من ماء زمزم؛ لحديث جابر: ((فأتى بني عبدالمطلب، يسقون على زمزم، فقال: انزعوا بني عبدالمطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعتُ معكم، فناولوه دلوًا فشرب منه))[23]. ويُستحب التضلع من ماء زمزم والدعاء؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ويُستحب أن يشرب من ماء زمزم ويتضلع منه، ويدعو عند شربه بما شاء من الأدعية الشرعية"[24]، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "يُستحَب إذا تيسر له ذلك"؛ ا.هـ[25]. ثم يرجع إلى مِنًى ليبيت بها ثلاث ليالٍ؛ وهي ليالي التشريق. أعمال الحاج في أيام التشريق: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيام التشريق أيام أكلٍ وشرب وذكر لله عز وجل))[26]، في هذه الأيام يكون الحاج مستقرًّا، يصلي الرباعية قصرًا من غير جمع، أما الرمي فيرمي فيها الجِمار الثلاث بعد الزوال. صفة رمي الجمار أيام التشريق: صفة الرمي أن يبدأ بالجمرة الأولى وتلي مسجد الخيف بسبع حصيات، ويجعلها عن يساره، ويتأخر قليلًا ويدعو طويلًا، ثم الوسطى مثلها، ثم جمرة العقبة ويجعلها عن يمينه ولا يقف عندها، يفعل ذلك كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال مستقبلَ القبلة مُرتبًا، فإن رماه كله في اليوم الثالث أجزأه، ويرتبه بنية، فإن تعجَّل في يومين فخرج قبل الغروب، فلا إثم عليه، وإلا لزِمه المبيتُ والرمي من الغد. حكم من لم يَبِتْ بمنى ليالي التشريق: ومن لم يبت بمنى ليالي التشريق فعليه دم، إلا أهل الأعذار؛ كما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((استأذن العباس بن عبدالمطلب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي مِنًى من أجل سقايته، فأذِن له))[27]، وروى عاصم بن عدي ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة، خارجين عن مِنًى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد، ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر))[28]. ضابط المبيت بمنى ليالي التشريق: ضابط المبيت بمنى: سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما مقدار مبيت الحاج في مِنًى ليالي التشريق؟ فأجاب: ذكر العلماء رحمهم الله أن المبيت في مِنًى يجب أن يكون معظم الليل، فإذا قدرنا أن الليل عشر ساعات، فليكن خمس ساعات ونصف كلها في مِنًى، وما زاد على ذلك فهو سنة[29]. طواف الوداع: من أراد الخروج من مكة، فليكن آخر عهده بالبيت أن يطوف؛ وهو طواف الوداع وهو واجب؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: ((كان الناس ينصرفون في كل وجهة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت))[30]، أما أهل مكة أو من أراد الإقامة بها من أهل الأمصار، فلا وداع عليه، وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "ليس على أهل مكة طواف وداع"[31]، ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي، لا وداع عليه[32]؛ قال النووي رحمه الله: "قال أصحابنا: من فرغ من مناسكه، وأراد المقام بمكة، ليس عليه طواف الوداع، وهذا لا خلاف فيه، سواء كان من أهلها، أو غريبًا، وإن أراد الخروج من مكة إلى وطنه أو غيره، طاف للوداع"[33]، ويخفف عن الحائض فلا يجب عليها وداعٌ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((أمر الناسَ أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض))[34]. حكم من أخَّر طواف الإفاضة (الزيارة) مع الوداع: ومن أخَّر طواف الزيارة فطافه مع الوداع، أجزأه عن الوداع؛ قال الشيخ ابن باز: "لا حرج في ذلك، لو أن إنسانًا أخَّر طواف الإفاضة، فلما عزم على السفر، طاف عند سفره، بعدما رمى الجمار، وانتهى من كل شيء"[35]. حكم من سافر من غير وداع: ومن لم يودِّع فعليه دم؛ لحديث ابن عباس قال: "من ترك نسكًا أو نسِيَه، فليُهرق دمًا"[36]، إلا الحائض والنفساء فيسقط عنهن الوداع إذا كانت طافت طوافَ الإفاضة؛ لحديث عائشة: ((أن صفية بنت حُييِّ زوجَ النبي صلى الله عليه وسلم حاضت في حجة الوداع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحابستنا هي؟ فقلت: إنها قد أفاضت يا رسول الله، وطافت بالبيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلتنفر))[37]. كتبها: يحيى الشيخي. [1] صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1282. [2] صحيح النسائي، الصفحة أو الرقم: 3057، صححه الألباني. [3] السلسبيل في معرفة الدليل للبليهي، صفحة 367. [4] أخرجه أبو داود (1974) واللفظ له، وأخرجه البخاري (1748)، ومسلم (1296) باختلاف يسير. [5] رواه مسلم (1218). [6] صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1297. [7] انظر: مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (17/ 293). [8] صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 1544، ومسلم (1280، 1281) باختلاف يسير. [9] صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم: 1305، البيهقي (9474) بلفظه، وأبو داود (1981) باختلاف يسير. [10] متفق عليه. [11] أخرجه البخاري (1727) بنحوه، ومسلم (1301) واللفظ له. [12] صحيح لغيره، أخرجه أبو داود (1984)، والدارمي (1905)، والطبراني (12/ 250) (13018). [13] السلسبيل في معرفة الدليل، صالح البليهي، 371. [14] حاشية بلوغ المرام لابن باز، رقم الحديث أو الصفحة: 467، أخرجه ابن ماجه (3041)، وأحمد (2090). [15] البدر المنير، رقم الحديث أو الصفحة: 6/ 262، أخرجه أحمد (25146)، حديث منقطع. [16] مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (17/ 355) باختصار. [17] أخرجه البخاري (83)، ومسلم (1306) باختلاف يسير. [18] التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام، ج٨، خالد بن ضيف الله الشلاحي، ص377. [19] صحيح، أخرجه أبو داود (1942) واللفظ له، والحاكم (1723)، والدارقطني في سننه (2689) باختلاف يسير. [20] السلسبيل في معرفة الدليل، صالح البليهي، صفحة: 373. [21] صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 1798. [22] أخرجه البخاري (1691)، ومسلم (1227) باختلاف يسير. [23] صحيح مسلم (1218). [24] مجموع الفتاوى (26/ 144). [25] ابن باز في مجموع الفتاوى (16/ 138). [26] نخب الأفكار، الصفحة أو الرقم: 10/ 180، قال المحدث العيني: له طريق آخر صحيح. [27] متفق عليه. [28] صحيح وله شواهد، الاستذكار، الصفحة أو الرقم: 3/ 651، الاستذكار، الصفحة أو الرقم: 3/ 651. [29] مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (23/ 244). [30] أخرجه مسلم (1327) باختلاف يسير. [31] الفتاوى (17/ 393). [32] المغني (3/ 237). [33] المجموع (8/ 254). [34] متفق عليه. [35] فتاوى ابن باز (17/ 332). [36] أخرجه مالك (1583)، وابن وهب في الجامع (113)، والبيهقي (8997) جميعهم باختلاف يسير. [37] صحيح البخاري (4401)، ومسلم (1211).
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
![]() ملخص من شرح كتاب الحج (12) يحيى بن إبراهيم الشيخي باب الفوات والإحصار الفوات لغة: "مصدر فاته يفوته فواتًا؛ أي: ذهب عنه، وخرج وقت فعله"[1]. الفوات اصطلاحًا: خروج العمل المطلوب شرعًا عن وقته المحدد له شرعًا[2]. أما الإحصار: لغة: المنع والحبس[3]. الإحصار اصطلاحًا: هو منع المُحرم من إتمام أركان الحج أو العمرة[4]. والإحصار قد يكون بسبب صدِّ العدو، أو بقطع الطريق، أو بالحبس بسبب دَين أو ضياع النفقة، أو بعائق صحيٍّ مثل مرض أو حادث، وقد يكون المانع بسبب عدم وجود تصريح للحج، وما شابه ذلك. أمثلة على كلٍّ من الفوات والإحصار: مثال الفوات: رجل خرج محرمًا للحج، فتساهل في طريقه بالوقت بكثرة الوقوف والجلوس للراحة، فلم يصل إلى عرفاتٍ إلا فجر اليوم التالي صباح العاشر، فهذا هو الفوات؛ أي فاته الوقوف بعرفة لخروج وقته؛ لقوله صلى الله عليه وسل: ((الحج عرفة))[5]، ولحديث عبدالرحمن بن يعمر الديلي: ((أن ناسًا من أهل نجد أتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة، فسألوه، فأمر مناديًا فنادى: الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر، فقد أدرك الحج))[6]، ومفهوم الحديث أن من جاء بعد الفجر لم يدرك الحج. جزاء من فاته الحج: فمن فاته الوقوف بعرفة، فاته الحج، ويلزمه عدةُ أمور: أولًا: عليه القضاء وجوبًا للعام القابل إن استطاع، ولو كان نفلًا؛ لعموم حديث الحجَّاج بن عمر الأنصاري مرفوعًا: ((من كُسر، أو مرِض أو عرَج، فقد حلَّ، وعليه حجة أخرى من قابلٍ))[7]. ثانيًا: يتحلل بعمرة. ثالثًا: عليه هَدْيٌ، إن لم يكن اشترط عند إحرامه؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196]، فإن اشترط فلا شيء عليه؛ لحديث ضباعة بنت الزبير لما أخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها تريد الحج وهي وجِعة؛ قال لها صلى الله عليه وسلم: ((حجِّي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني))[8]، أما من لم يشترط، فيلزمه الهدي؛ ففي الأثر عن ابن عمر أنه قال: "من لم يدرك عرفةَ حتى طلع الفجر، فقد فاته الحج، فليأتِ البيت فليطُف به سبعًا، وليطُف بين الصفا والمروة سبعًا، ثم ليحلق أو يقصر إن شاء، وإن كان معه هدي، فلينحره قبل أن يحلق، فإذا فرغ من طوافه وسعيه، فليحلق أو يقصر، ثم ليرجع إلى أهله، فإن أدركه الحج من قابلٍ، فليحجُجْ إن استطاع، وليُهدِ في حجِّه، فإن لم يجد هديًا، فليصُم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله))[9]. رابعًا: من عجز عن الهدي، صام عشرة أيام؛ ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله. مثال الإحصار: رجل خرج مُحرمًا وقبل أن يصل، حصل له حادث مروري منعه من مواصلة سفره، فهذا مُحصَر، أو حبسه رجال الأمن بسبب مخالفة الأنظمة فهذا محصر، أو منعه من المواصلة سيول وأمطار فهذا محصر. جزاء من أُحصر عن الحج: أولًا: إن مُنع عن البيت ولم يشترط عند إحرامه فقال: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإن عليه الهديَ، ثم يحلق أو يقصر ويحل، كما فعل النبي وأصحابه عندما أُحصروا؛ فقد أُحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحلق رأسه، وجامع نساءه، ونحر هديه، حتى اعتمر عامًا قابلًا، وإن فقد الهدي صام عشرة أيام ويحلق ثم يحل؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ﴾ [البقرة: 196]. تم بتوفيق من الله الانتهاء من مختصر "فقه الحج والعمرة". [1] لسان العرب لابن منظور (2/ 69، 70)، القاموس المحيط للفيروزآبادي (1/ 157). [2] موسوعة الفقه الكويتية (32/ 211). [3] لسان العرب لابن منظور (4/ 195). [4] نهاية المحتاج للرملي (3/ 362). [5] صحيح، أخرجه النسائي (3016)، و(3044)، والترمذي (889)، وابن ماجه (3015). [6] صحيح، أخرجه الترمذي (889) بلفظه، وأبو داود (1949)، والنسائي (3044) باختلاف يسير. [7] صححه الألباني، صحيح الجامع، الصفحة أو الرقم: 6521. [8] متفق عليه. [9] أخرجه الشافعي في الأم (3/ 416)، والبيهقي (5/ 174) (10104)، صحح إسناده النووي في المجموع (8/ 290)، وصححه موقوفًا ابن حجر في الدراية (2/ 47).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |