مواعظ رمضانية... يوميا فى شهر رمضان المبارك - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4802 - عددالزوار : 1635137 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4365 - عددالزوار : 1081531 )           »          سحور 25 رمضان.. الحمص المسلوق مع الخضروات وزيت الزيتون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 817 - عددالزوار : 185095 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 341 - عددالزوار : 66590 )           »          الاعتكاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          مختصر أحكام صلاة التراويح - صلاة الوتر- الاعتكاف - ليلة القدر (pdf) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          الصيام وأثره في استجابة الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          الغاية من عبادة الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          سنن رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 21-03-2025, 10:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,308
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضانية... يوميا فى شهر رمضان المبارك



مواعظ رمضان... (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (21)
كتبه/ سعيد محمود


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد قال الله -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ . سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (القدر).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلا مَحْرُومٌ)(رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَاكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، لِلَّهِ فِيهِ
لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ) (رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني).

أخي... إن الحديث في الآيات والأحاديث المتقدمة عن "ليلة القدر"؛ تلك الليلة المولودة المشهودة، التي سجلها الوجود كله في فرح وعظة وابتهال، ليلة الاتصال بيْن الأرض والملأ
الأعلى، ليلة بدء نزول القرآن على قلب سيد الأنام -صلى الله عليه وسلم-، ليلة ذلك الحدث العظيم الذي لم تشهد الأرض مثله في عظمته، وفي دلالته، وفي آثاره في حياة البشرية جميعًا.
قال الزهري -رحمه الله-: "سُميت ليلة القدر؛ لعظمتها وقدرها وشرفها، مِن قولهم: لفلان قدر، أي: شرف ومنزلة".
وقال أبو بكر الوراق -رحمه الله-: "سميت ليلة القدر؛ لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر، على لسان ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وعلى أمة ذات قدر".

أخي... هذه ليلة يربح فيها مَن فهم ودرى، ويصل إلى مراده كل مَن جدَّ وسرى، ويفك فيها العاني وتطلق الأسرى.

أخي... إنها ليلة يهون العمر كله لأجلها: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ).

قال السلف -رحمهم الله-: "العمل فيها خير مِن عمل ألف شهر".
أخي... لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العبادة، ويشتد في القيام في الأواخر من رمضان التماسًا لهذه الليلة، وكان يقول لأمته: (إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا -
أَوْ نُسِّيتُهَا-؛ فَالْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ فِي الوَتْرِ) (متفق عليه).
أخي... إنها ليلة الهدايا والعطايا مِن الكريم الجواد، ومن ذلك: أن مَن قامها مؤمنًا محتسبًا؛ نال المغفرة لما سلف، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه).

ومن ذلك: كثرة الملائكة فيها التي تنزل إلى الأرض، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ السَّابِعَةِ، أَوِ التَّاسِعَةِ وَعِشْرِينَ، وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَكْثَرُ فِي الأَرْضِ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).

ومِن ذلك: أنها سلام حتى مطلع الفجر لأهل الدنيا من المؤمنين، قال مجاهد: (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ): "سلام أن يحدث فيها داء أو يستطيع شيطان أن يعمل فيها سيئ".

وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "في تلك الليلة تصفد مردة الجن، وتغل عفاريت الجن، وتفتح فيها أبواب السماء كلها، ويقبل الله فيها التوبة لكل تائب".

أخي... ليلة القدر... ليلة يفتح فيها الباب، ويقرب فيها الأحباب، ويسمع فيها الخطاب، ويرد الجواب، ويُعطى للعاملين عظيم الأجر والثواب.
واعلم -رحمني الله وإياك-: أنه مِن عظيم فضله -سبحانه وتعالى- أن أخفى تلك الليلة عن عباده؛ ليجتهدوا في ليالي العشر جميعها.

أخي... هذه الليلة العظيمة القدر، عظـِّمها مِن قِبَلك بعمل ذي قدر، ومِن الأعمال ذات القدر في هذه الليلة، الدعاء: فقد سألت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ: (تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي) (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه
الألباني).

وقد كان السلف -رحمهم الله- يخصون ليلة القدر بمزيد اهتمام:

- فهذا ثابت البناني -رحمه الله- يلبس أحسن ثيابه، ويتطيب، ويطيب المسجد بالنضوح في الليلة التي يُرجى فيها ليلة القدر.
- وهذا تميم الداري -رضي الله عنه-، كان له حلة اشتراها بألف درهم، وكان يلبسها في الليلة التي تُرجى فيها ليلة القدر.

فعليك أخي... أن تتحرى هذه الليلة؛ فهي فرصة عظيمة، فلعلك تُعطى خيرها، فتسعد سعادة لا شقاوة -بإذن الله- بعدها، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ)، وقال: (مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلا مَحْرُومٌ)؛ فيفهم مِن ذلك: أن مَن أُعطي خيرها؛ فقد أعطى الخير كله.

فاللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عنا، وارزقنا حسن العمل في هذه الليالي الشريفة .






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 22-03-2025, 01:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,308
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضانية... يوميا فى شهر رمضان المبارك



مواعظ رمضان (أعمال القلوب... الإخلاص) (22)
كتبه/ سعيد محمود



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أهمية أعمال القلوب:

أعمال القلوب اهتم بها العلماء، فصنفوا منها المؤلفات، وابتدأوا أعمالهم بالتذكير والحث عليها، فأعمال القلوب تحتاج إلى مجاهدة وعناية، وبما أن النجاة مدارها على أعمال القلوب

بالإضافة إلى أعمال الجوارح التي لا بد أن تأتي إذا صحت أعمال القلوب؛ فلا بد مِن التعرف على هذه الأعمال.
ومِن أعظم أعمال القلوب، وأهمها: "الإخلاص":
فهو أولها وأعلاها وأساسها، هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة الرسل، قال الله -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (البينة:5).

والإخلاص: هو أساس قبول الأعمال وردها، فهو الذي يؤدي إلى الفوز أو الخسران؛ فإن تحقيقه يؤدي إلى الفوز والنجاة، والإخلال به يؤدي إلى النار والهلاك.
معنى الإخلاص: مَن خلص خلوصًا، أي صفي وزال عنه شوبه، وقد تنوعت عبارات السلف فيه، ومنها:

1- أن يكون العمل لله -تعالى-، لا نصيب لغير الله فيه.

2- تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.

3- نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
4- استواء عمل الظاهر والباطن.

5- ألا تطلب على عملك شاهدًا إلا الله، وإذا داوم عليه الإنسان رزقه الله الحكمة.
مِن أقوال السلف حول الإخلاص:
- سئل سهل بن عبد الله -رحمه الله-: "أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب، فمع الإخلاص تُنسى حظوظ النفس".

- وقال يوسف بن أسباط -رحمه الله-: "تخليص النية مِن فسادها أشد على العاملين مِن طول الاجتهاد".
- وقال يوسف بن الحسين -رحمه الله-: "كم أجتهد في إسقاط الرياء من قلبي؛ فينبت لي على لون آخر".

واعلم -أخي رحمني الله وإياك- أن للإخلاص علاماتٍ، منها:

1- الحماس للعمل لدين الله.

2- أن يكون عمل السر أكثر مِن عمل العلانية.
3- المبادرة للعمل واحتساب الأجر.

4- الصبر على إخفاء العمل.
5- الصبر والتحمل وعدم التشكي.
6- إتقان العمل في السر.

7- الإكثار مِن العمل في السر.

تنبيه: متى يكون إظهار العمل مشروعًا؟!

قال ابن قدامة -رحمه الله-: "فصل في بيان الرخصة في قصد إظهار الطاعات... وقال: وفي الإظهار فائدة الاقتداء، ومِن الأعمال ما لا يمكن الإسرار به: كالحج، والجهاد، والمظهِر
للعمل ينبغي أن يراقِب قلبه؛ حتى لا يكون فيه حب الرياء الخفي، ولا ينبغي للضعيف أن يخدع نفسه بذلك، ومثل الذي يظهره وهو ضعيف كمثل إنسان سباحته ضعيفة فنظر إلى جماعة مِن الغرقى؛ فرحمهم فأقبل إليهم فتشبثوا به وغرقوا جميعًا!".
فيا أخي... هذه أيام وليالي العمل الكثير؛ فاجتهد أن يكون خالصًا لله -تعالى-.
نسأل الله الإخلاص في القول والعمل.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 23-03-2025, 11:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,308
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضانية... يوميا فى شهر رمضان المبارك



مواعظ رمضان (مِن أعمال القلوب... التوكل) (23)
كتبه/ سعيد محمود



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد أمر الله -تعالى- عباده بالتوكل عليه، وحثَّ على ذلك في مواضع كثيرة، قال الله -تعالى-: (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) (النمل:79)، وقال -تعالى-: (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) (هود:123)، وقال -تعالى-: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا) (الفرقان:58).

وقال -تعالى-: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران:159)،
وقال -تعالى-: (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران:122)، وقال -تعالى-: (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (المائدة:23).

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

تعريف التوكل: هو الاعتماد والتفويض، يُقال: وكل فلان فلانًا فيما عجز عنه هو ليقوم به.
قال ابن القيم -رحمه الله-: "التوكل نصف الدين والنصف الثاني إنابة، فإن الدين استعانة وعبادة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة".
وقال: "ولو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل مِن مكانه وكان مأمورًا بإزالته؛ لأزاله!".

حقيقة التوكل: قال الزبيدي: "الثقة بما عند الله، واليأس مما في أيدي الناس".
أخي... -اعلم رحمني الله وإياك-: أن تاريخ المتوكلين على الله -عز وجل- مليء بالصور المشرقة، ومن ذلك:
- لما نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه في وادٍ أثناء السفر علَّق سيفه في شجرة ونام تحتها، وتفرَّق الناس في الوادي يستظلون في الشجر، فلم يتنبهوا إلا والنبي -صلى
الله عليه وسلم- يدعوهم، فأتوه، فإذا بشخص وسيف ساقط،
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ رَجُلاً أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُرْ إِلا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ
قُلْتُ: اللهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ قُلْتُ: اللهُ، قَالَ: فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ) ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (متفق عليه). (فَشَامَ السَّيْفَ):

رده في غمده.
- ولما دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- الغار في الهجرة، وخاف أبو بكر على النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن جموع المشركين الباحثة عنه، قال له سيد المتوكلين: (يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا) (متفق عليه)، وقد سجَّل القرآن هذا المشهد العظيم في قوله -تعالى-: (إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ
لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:40).
- ولما ترك إبراهيم -عليه السلام- هاجر أم إسماعيل -عليهما السلام- عند البيت؛ امتثالاً لأمر ربه -تعالى-، قامت إليه تسأله: (يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي الَّذِي
لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا) (رواه البخاري). وفي بعض الروايات: "أن

جبريل جاءها بعد انصراف إبراهيم -عليه السلام- فقال لها: لمن وكلكما؟ قالت: إلى الله. فقال: قد وكلكِ إلى كافٍ".
- فالله الله في أحوال المتوكلين الذين تعلقت قلوبهم بمولاهم، فكفاهم أمر دنياهم (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق:3).
واعلم -رحمني الله وإياك- أن للمتوكلين مقامات:

- أدناها: أن يكون كالطفل الصغير مع أمه، كلما أصابه مكروه صرخ: "أماه"؛ لأنه لا يعرف غيرها.
- وأعلاها: أن يكون بين يدي ربه مستسلمًا كما هو حال الميت مع مغسله.

فاللهم ارزقنا حسن التوكل عليك.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم يوم أمس, 12:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 149,308
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواعظ رمضانية... يوميا فى شهر رمضان المبارك



مواعظ رمضان (أعمال القلوب... الرجاء) (24)
كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-) (رواه مسلم).

ومدح الله -عز وجل- المؤمنين العاملين بما كان منهم مِن رجاء رحمته إذا عملوا، فقال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ

عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا) (الإسراء:57).
تعريف الرجاء:
فالرجاء هو الاستبشار بجود الله وفضل الرب -تعالى-، والارتياح لمطالعة كرمه ومنته، فيعمل المؤمن العمل ويرجو القبول مِن الله، وإذا أذنب الذنب تاب ورجا التوبة وقبولها مِن الله.

الفرق بيْن الرجاء والتمني:
- الراجي: كمن يشق أرضه ويفلحها ويبذرها ويرجو طلوع الزرع.

- والمتمني: كحال مَن يتمنى أن يكون له أرض يبذرها ويأخذ زرعها.

- وجاء في بعض الآثار: "ليس الإيمان بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، وإن قومًا ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا مِن الدنيا ولا حسنة لهم، ويقولون: نحن نحسن الظن بالله، فلو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل"، فالرجاء لا يصح إلا مع العمل.
مَن هم أهل الرجاء؟!

1- يرجون قبول أعمالهم: قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب:21)، وقال: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (الكهف:110).
2- يرجون مغفرة ذنوبهم: قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: (يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلا أُبَالِي) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وقال
-تعالى-: (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ) (الإسراء:57).
ما جاء في الرجاء من الكتاب والسنة:

قال الله -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)، قال علي -رضي الله عنه-: "هي

أرجى آية في كتاب الله". وقيل هي: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) (فاطر:32).
وعن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- قول الله في إبراهيم -عليه السلام-: (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (إبراهيم:36)، وقوله في عيسى -عليه السلام-: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (المائدة:118)، فرفع يده وقال: (اللهُمَّ أُمَّتِي
أُمَّتِي)، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟) فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: (يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلا نَسُوءُكَ) (رواه مسلم).
فاللهم إنا نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، ونسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك مِن سخطك والنار.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 0 والزوار 9)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.14 كيلو بايت... تم توفير 3.05 كيلو بايت...بمعدل (3.71%)]