كتاب (الحديث النبوي داخل الفصول الدراسية)

[ابوالوليد المسلم]

1. 
   

واحة الكتب (الحديث النبوي داخل الفصول الدراسية)

لمؤلفه : د. سالم يوسف الحسينان

نتناول في حلقة هذا الأسبوع كتابا مهما في المكتبة الإسلامية المهتمة بالشأن التربوي والجانب التعليمي، ولا سيما الجانب الشرعي منه، وغرس حب السنة وتعظيمها في نفوس الأبناء والبنات، فمن المعلوم أن الحديث النبوي الشريف هو الرافد الآخر الذي تفجر من مشكاة الوحي الإلهي، إلى جانب الرافد الأول وهو القرآن الكريم، وهذا يبين لنا مدى أهمية الحديث النبوي في حياة الأمة الإسلامية، وضرورة دراسته وتعلمه وتعليمه؛ فإنه تتعلق به مسائل العقيدة كما تتعلق بالقرآن الكريم ، وأحكام الفقه من عبادات ومعاملات، وأذكار، وآداب، وقيم وأخلاق، وغير ذلك مما لا غنى للمسلم عنه في تفاصيل حياته اليومية، ويُعد كتاب (الحديث النبوي داخل الفصول الدراسية) لمؤلفه د. سالم يوسف الحسينان - حفظه الله- من المصنفات التي تعتني بهذا الباب وتتميز به، يجمع كتابنا اليوم العديد من المسائل والكثير من الحقائق العلمية والشرعية، وأهم القواعد والأصول والفنون التي يجب مراعاتها عند تدريس الحديث النبوي داخل الفصول الدراسية، كما يعد الكتاب بمثابة نداء لكل معلم معني بالأمر؛ لكي ينهض لهذه المهمة الشريفة ويتهيأ لها ويعد لها عدتها، ويقع هذا الكتاب في مغلف واحد من 191 صفحة، وطُبع الطبعة الأولى (1446هـ- 2024 م)، وطبعته دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع بدولة الكويت.

لماذا هذا الكتاب؟

تعرض المؤلف في مقدمة مؤلفه لبعض من أسباب كتابة هذا البحث التي ذكر منها: أن علم الحديث من أفضل العلوم وأنفعها، كما أن علم الحديث يوصل إلى معرفة الصحيح من العبادات، ويعلمنا حسن الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، لذا عد المؤلف هذا الكتاب نصيحة للمعلمين الذين يعلمون التربية الإسلامية، وكذلك الذين يتعرضون بالشرح لأي حديث من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم- في أي مادة دراسية في كيفية تدريس الحديث النبوي وبيان أهميته، فكان هذا الكتاب عاملا على توجيه المعلم إلى أهمية تدريس الحديث النبوي وكيفيته، وما يندرج تحته من أمور متعلقة بالحديث النبوي، أو بالوسائل التي يجب أن توظف في تدريسه، أو بالقيم والأخلاق التي يجب أن تراعى مع هذا العلم الشريف، والهدف من ذلك هو أن يتمثل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمام أبنائنا، وهو المثل الأعلى للأبوة الحانية، والصداقة المخلصة، وحتى يبدو أمامهم مثالا فريدا في الوفاء للأهل والزوجة، وصورة حية للرحمة والحنان بالضعفاء من الخدم والفقراء والمساكين وغيرهم، وهو فرصة لتصوير المواقف الخلقية والإنسانية من حياته، حتى يعيش معها التلميذ ومن ثم يرتبط بنبيه ارتباطًا عقديا، فيتبعه عن إيمان ووثوق به فتأثر بسنته واقتدى بها. ووجود معلم مميز في تدريس الحديث النبوي، يخاطب وجدان طلابه، ويغرس فيهم حب النبي - صلى الله عليه وسلم- وتعظيمه وحقوقه، والواجب مع سنته حتى يظهر هذا على عباداتهم ومعاملاتهم. لإيجاد هذا المعلم كان هذا الكتاب الذي نوضح فيه ما يتصل بتدريس الحديث النبوي في الفصول الدراسية من مهارات وطرائق وغيرها ليسهل تدريس الحديث النبوي.

الحديث النبوي

تناول المؤلف في هذا المبحث تعريف الحديث النبوي وما يتعلق به، فعرف الحديث النبوي على أنه: «ما أُثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول، أو فعل، أو إقرار، أو صفة». القول: هو ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم- ونقله عنه الصحابة فمن بعدهم -رضي الله عنهم-. الفعل: هو ما صدر عنه - صلى الله عليه وسلم- من فعل. الإقرار: هو ما شاهده النبي - صلى الله عليه وسلم- أو علم بوقوعه، فسكت عنه. الصفة: تشمل ما اتصف به النبي - صلى الله عليه وسلم- من صفات خُلقية وخَلقية.

منزلة أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم-

وهنا بين المؤلف منزلة السنة بناء على التعريف السابق، وكيف أن السنة النبوية بهذا المفهوم هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، وأنها تكتسب عظمتها وعلو مكانتها بل وشرعية وجودها واستمرارها وحفظها من الضياع من ارتباطها بالقرآن الكريم؛ حيث تأتي مؤكدة لما في القرآن الكريم، أو مبينة لما فيه بتخصيص عامه، وتقييد مطلقه، وتفصيل مجمله، وقد تأتي منشئة لأحكام لم يأت بها القرآن الكريم، كما بين المؤلف أن حكم السنة هو الاتباع وذلك تنفيذا لأمر الله -سبحانه وتعالى- الذي أمر باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مواضع عدة من القرآن الكريم.

ما يجب أن يتحلى به المعلم عند شرح حديث النبي - صلى الله عليه وسلم-

لكي يحقق المعلم وظيفته التي كلف الله بها الرسل وأتباعهم، يجب أن يتحلى بالأخلاق الفاضلة التي تغرس في النشء، وتجعل المعلم مقبولًا لديهم، ويبقى هذا الأثر في وجدانهم، ولكي ينجح المعلم في بناء هذه العلاقة معهم يجب عليه أن يتصف بصفات أهمها: أن يكون هدفه، وسلوكه، وتفكيره، استلهاما من قول الله -عز وجل-: {وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} أي تنتسبون إلى الرب -جل جلاله- بطاعتكم إياه وعبوديتكم له، واتباعكم لشريعته ومعرفتكم لصفاته، وأن يكون مخلصًا، وهذا من تمام صفة الربانية وكمالها، ومن أهم الصفات التي يجب على المعلم أن يتصف بها أن يكون صبورًا على معاناة التعليم، وتقريب المعلومات إلى أذهان الطلاب.

قيم وأخلاق يجب غرسها في الطالب

في أثناء سماع أحاديث النبي ودراستها يجب التأدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم- والتسليم له والانقياد لأمره، والتلقي لخبره بالقبول، وعدم المعارضة، وعدم الشك، ومن القيم التي يجب غرسها في الطالب أيضًا ألا يقدم آراء الرجال على الأحاديث: وإنما يسلم وينقاد ويذعن، فمن أدب المسلم مع حديث النبي أنه يقبله ويتلقاه بالرضا، ولا ينفيه، ولا يرده وكذلك الإنصات التام، وحسن الاستماع؛ فقد كان رسولُ الله أجلّ في نفوس الصّحابة، وأعظم من أن يَلْغَوا إذا تحدّث، أو ينشغلوا عنه إذا تكلّم، أو يرفعوا أصواتهم بحضرته، ترك التنازع وعدم مقاطعة المتحدث: وهذا من تمام الأدب حتي يبقى المجلس على وقاره، وهيبته، ولا تختلط فيه الأصوات، مراجعة النبي: فمع كمال هيبتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-، لم يكونوا يترددون في مراجعته؛ لاستيضاح ما أشكل عليهم فهمه، حتى يسهل حفظه، مذاكرة الحديث: فلقد كان الصحابة إذا سمعوا شيئاً من النبي - صلى الله عليه وسلم-، ، جلسوا ، فتذاكروه فيما بينهم، وتراجعوه، تأكيداً لحفظه، وتقوية لاستيعابه، وضبطه والعمل به. السؤال بقصد العلم والعمل: فلقد كانت أسئلة الصحابة بقصد العلم والعمل، لا للعبث واللعب، وكذلك من الأمور التي ينبغي غرسها في نفوس الطلاب: ترك التنطع وعدم السؤال عن المتشابه؛ وذلك تطبيقاً لتحذير النبي من ذلك، وتشديده، ونهيه عن مجالسة المتنطعين، وترك السؤال عما سكت عنه الشارع: فقد التزم الصحابة بهذا الأدب، فلم يتكلفوا السؤال عما سكت عنه الشارع حتى لا يؤدي ذلك إلى إيجاب ما لم يوجبه الشرع، أو تحريم ما لم يحرمه فيكون السؤال قد أفضى إلى التضييق على المسلمين، كما يجب التأكيد على أهمية العمل بالحديث: فإن العمل به يوجب تذكره وتدبره ومراعاته والنظر فيه، فإذا أهمل العمل به نسيه.

الأهداف العامة لتدريس الحديث النبوي

ذكر المؤلف العديد من الأهداف العامة لتدريس الحديث النبوي، وكان من ضمن هذه الأهداف: ربط الطلاب بأصول الدين، وتأصيل حب الرسول - صلى الله عليه وسلم- في قلوب النشء، والاقتداء بشخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم- وهديه، وبيان أهمية الحديث الشريف ومنزلته في التشريع، وتحقيق سلامة الفهم لأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإظهار عظمة السنة في معالجتها لجزئيات المشكلات ودقائق الأمور، وتعزيز اليقين بنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم- في نفوس المتعلمين، وتوحيد الأمة على منهج واحد وهو منهج قائدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وحث المتعلمين على الدعوة وبلاغ الحديث إلى الأسرة والبيئة المحيطة بهم. كما ذكر المؤلف بعض الأهداف الخاصة لتدريس الحديث النبوي وهي كل درس من الدروس وفق موضوعه.

أسس تدريس الحديث النبوي الشريف

ذكر المؤلف أن تدريس الحديث الشريف يرتكز على أسس لابد من مراعاتها وبيانها كالتالي: الإعداد المسبق للدرس، وإعداد الوسائل التعليمية المناسبة، والاهتمام بمهارات التحليل، واستنباط الأحكام والتوجيهات من الحديث الشريف، وربط معاني الحديث بحياة المتعلم واهتماماته؛ لإبراز دور الحديث الشريف في تنظيم الحياة الاجتماعية، والربط بين الأحاديث النبوية والآيات القرآنية، والتفريق بين آيات القرآن الكريم والحديث القدسي والحديث النبوي، وإبراز الصور البلاغية والجمالية المستخرجة من ألفاظ الحديث وتراكيبه، وتوفير جو من الهدوء والخشوع عند تناول الأحاديث النبوية الشريفة يتناسب وعظمة هذه الأحاديث.

خاتمة درس الحديث النبوي

خاتمة الدرس ونهاية الحصة الدراسية له من الأهمية ما للتمهيد سواء بسواء؛ فالدقائق الأخيرة تبقى في الذاكرة كما تبقى اللحظات الأولى؛ لذا ينبغي أن يوليه المعلم عنايته، فينهي الدرس بتلخيص أهم نقاطه وطرح أسئلة تقويمية، للاطمئنان ومعرفة مدى استيعاب طلابه لأهداف الدرس، وكذلك يزود المعلم طلابه بالتوجيهات التربوية المستفادة من عموم الدرس، كما يوجه بعض الطلاب إلى قراءة النص قراءة جهرية مع تعديل الأخطاء، ثم إعطاء الواجب المنزلي.


اعداد: د. سالم يوسف الحسينان