30-04-2021, 12:36 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة :
|
|
جميعنا أطفال
جميعنا أطفال
آيات محمد بربري
استيقظتُ مبكِّرًا لأنتهي من القيام ببعض الأعمال الروتينيَّة في البيت، ومِن بعدها سريعًا لأتريَّض قبل أن يشتد حر الظهيرة...
وبينما أنا أتجوَّل في بعض الشوارع الرئيسة، وغارقة في خيالي، إذ قطع عالَمي صوتُ صراخ طفل، فانتبهت فإذا به مُمسك بإحدى بوابات محل لألعاب الأطفال، ولا يريد التحرُّك من أمامه، وكلما جحظت الأم بعينيها وارتفع صوتُها كانت العلاقة طردية مع صراخ الطفل.
وقبل أن أبذل مجهودًا في تفسير الموقف أنهت الأم الأمر بقلم على وجه الطفل جعله يدور 180 درجة من شدته، ثم تلاه صراخ وشدُّ أذن، وكلمات متناثرة لم أفهم منها غير "لن آتي بألعاب ثانيةً؛ لأنك تكسرها مثل كل مرة.."!
ثم ذهبَتْ وتركتْه غارقًا في دموعِه، وقبل أن تقطع مترًا واحدًا كان الطفل يلحَق بها وقد مسح دموعه، وكأن شيئًا لم يكن!
حاولتُ جاهدة ألا يستغرق الأمر في نفسي مكانة، ولكنني - وكالعادة - فشلتُ!
ففي هذه المرة لم يكن لافتًا لنظري فقط موقف الأم وسوء تصرُّفها وإعطاؤها رسائل غير مباشرة لطفلها "أنْ تعلم - يا حبيبي - كيف تعبِّر عن غضبك، وإذا اشتد الأمر ولم تُفلح في التعبير عنه بالصراخ فعبِّر عنه بالعدوان، فما دمتَ غاضبًا فلا عليك.."!
ولو أنها كانت أنهت الأمر بنقاش بسيط لِتفهَمَ به مغزى الطفل من كسر الألعاب وتَحترم فيه عقلية وشخصية طفلِها لكان خيرًا لها، لو قالت له مثلًا:
"إننا لم نتفق يا صغيري اليوم على شراء الألعاب، لذلك لا نستطيع، أو سننتظر حتى تنتهي من السورة التي تحفظها ثم آتي بها، لو لم نستأذن من أبي.." وغيره، وغيره.
ولكن ما شغل تفكيري هذه المرة أن ما فعله الطفل الصغير هو تمامًا ما نفعله نحن...!
فكم من المواقف والأشخاص تمسَّكْنا بهم، وظننا أن سعادتنا تقترن فقط بالاجتماع بهم، وكلما اقترب الهدف وأبعده الله كنا كالطفل نصرخ ونبكي، ولا ندري أن الخير في المنع!
كم من المرات جاء ما أفنينا عمرنا من أجله ولمَّا امتلكناه أصابنا الفتور، وتركناه وتشبثْنا بغيره!
فلماذا ننتقد أطفالنا بتمسُّكهم بألعابهم التي امتَلَكوها من قبل، ونحن نتمسَّك بالدنيا ونؤمن بأنها فانية؟!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|