شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 13 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 781 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 131 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 29 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 94 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #121  
قديم 22-02-2022, 10:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [063]
الحلقة (94)


شرح سنن أبي داود [063]


من نام عن الصلاة أو نسيها فليؤدها حين يذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك، حتى وإن كان وقت ذكرها من أوقات النهي، فهي مستثناة من النهي عن الصلاة في أوقات النهي، ويشرع الأذان والإقامة للفائتة، وصلاة السنة الراتبة.

من نام عن الصلاة أو نسيها


شرح حديث أبي هريرة: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: (أقم الصلاة لذكري)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: فيمن نام عن الصلاة أو نسيها. حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر فسار ليلةً حتى إذا أدركنا الكرى عرس، وقال لبلال : اكلأ لنا الليل. قال: فغلبت بلالاً عيناه وهو مستند إلى راحلته، فلم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى إذا ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظاً، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا بلال ! فقال: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك بأبي أنت وأمي يا رسول الله. فاقتادوا رواحلهم شيئاً، ثم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بلالاً فأقام لهم الصلاة وصلى بهم الصبح، فلما قضى الصلاة قال: من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه:14]). قال يونس : وكان ابن شهاب يقرؤها كذلك، قال أحمد : قال عنبسة -يعني عن يونس - في هذا الحديث: (لِذِكْرِي) قال أحمد : الكرى: النعاس ].
قوله: [ باب من نام عن الصلاة أو نسيها ]. يعني: الإنسان إذا نسي الصلاة أو نام عنها فإنه يصليها حين يذكرها، ومعناه أن الصلاة لا يتأتى تأخيرها أو عدم فعلها من المسلم إلا لنوم أو نسيان، أما أن يتركها متعمداً فهذا لا يليق بالمسلم ولا يحصل من المسلم. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة خيبر فسار ليلة حتى إذا أدركنا الكرى عرّس ] يعني أدركهم النوم وأصابهم النعاس، فنزل صلى الله عليه وسلم ليستريح هو ومن معه، ولكن خشوا أن يغلبهم النوم وتفوت عليهم صلاة الفجر، فقال لبلال : [ (اكلأ لنا الليل) ] يعني: راقب لنا الليل وكن مستيقظاً حتى إذا جاء وقت الفجر فأيقظنا.
قوله: [ (فغلبت بلالاً عيناه وهو مستند إلى راحلته فلم يستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى إذا ضربتهم الشمس) ] يعني: أن بلالاً جاءه النوم وهو مستند إلى راحلته حين غلبته عيناه ونام من غير اختياره، وبقي الناس نائمين حتى طلعت الشمس وأصابهم حر الشمس. قوله: [ (فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظاً) ] يعني أنه أول من استيقظ. قوله: [ (ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا بلال!) ] يعني: ما الذي حصل؟ يعاتبه على نومه. قوله: [ (فقال: يا رسول الله! أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك) ] يعني: النوم الذي حصل لك حصل لي. وقوله: [ (بأبي أنت وأمي يا رسول الله) ] يعني: أنت مفدىً بأبي وأمي. قوله: [ (فاقتادوا رواحلهم شيئاً) ]. وجاء في بعض الروايات أنهم أمروا بأن ينتقلوا عن المكان الذي أصابتهم فيه الغفلة. قوله: [ (ثم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بلالاً فأقام لهم الصلاة وصلى بهم الصبح) ]. يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وأقام بلال وصلى بهم الصبح صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس فيه ذكر الأذان، لكن في الأحاديث الأخرى عن أبي قتادة وغيره ذكر الأذان، وكذلك -أيضاً- جاء عن أبي هريرة في بعض الروايات ذكر الأذان. قوله: [ (فلما قضى الصلاة قال: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها) ].
يعني: مثل ذلك النوم الذي حصل له، ولا يحصل عدم الإتيان بالصلاة إلا للنوم أو النسيان، وورد في بعض الأحاديث (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك). قوله: [ (فإن الله تعالى قال: أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِى [طه:14]) ]. هذه قراءة شاذة، والقراءة المتواترة هي: أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [طه:14]. قوله: [ قال يونس : وكان ابن شهاب يقرؤها كذلك ]. يعني: كان يقرؤها على هذه القراءة الشاذة. قوله: [ قال أحمد : قال عنبسة -يعني عن يونس - في هذا الحديث ((لِذِكْرِي)) ]. قال أحمد هو أحمد بن صالح، أحد الرواة في الإسناد. وعنبسة هو ابن خالد الأيلي . وقوله: [ لِذِكْرِي ] يعني: على القراءة المتواترة الصحيحة. أما [ للذكرى ] فهذه قراءة شاذة، والقراءة المتواترة هي: (لِذِكْرِي).

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: (أقم الصلاة لذكري)

قوله: [ قال عنبسة ]. هو عنبسة بن خالد الأيلي، صدوق، أخرج حديثه البخاري و أبو داود .
[ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل.
[ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني يونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ]. ابن شهاب مر ذكره.
[ عن ابن المسيب ]. سعيد بن المسيب مر ذكره.
[ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخرالدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

إسناد آخر لحديث أبي هريرة، وتراجم رجال الإسناد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذا الخبر قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة. قال: فأمر بلالاً فأذن وأقام وصلى) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه أنه أمر بتحولهم من مكانهم الذي أصابتهم فيه الغفلة، وفي الحديث الأول قال: (فاقتادوا رواحلهم شيئاً) ولم يذكر السبب، وهنا ذكر سبب التحول، وهو أنه أصابتهم في ذلك المكان الغفلة، وفيه أنه أذن وأقام، فيكون ذكر الأذان مع الإقامة، وذكر الأذان مع الإقامة جاء -أيضاً- عن أبي قتادة وغيره من الصحابة، أي أنه يؤذن للفائتة ويقام. قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبان ]. هو أبان بن يزيد العطار، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[ حدثنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ]. قد مر ذكرهم جميعاً.

حكم الأذان والإقامة للمنفرد داخل المدينة
لو كان الإنسان منفرداً وفاتته الصلاة فالذي يبدو أنه يؤذن ويقيم حتى ولو كان وحده، لكن يؤذن بخفض صوت داخل المدينة، أما ما ورد عن أنس بن مالك من أنه أذن وأقام فمعناه أنه لا يكون برفع صوت.

بيان من ذكر الأذان للفائتة من الرواة وتراجم رجال الإسناد
[ قال أبو داود : رواه مالك و سفيان بن عيينة و الأوزاعي و عبد الرزاق عن معمر و ابن إسحاق، لم يذكر أحد منهم الأذان في حديث الزهري هذا، ولم يسنده منهم أحد إلا الأوزاعي و أبان العطار عن معمر ]. يعني أن الأوزاعي و أبان العطار هما اللذان ذكرا الأذان. قوله: [ رواه مالك و سفيان بن عيينة و عبد الرزاق ]. مالك هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور. و سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و عبد الرزاق بن همام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معمر و ابن إسحاق ]. معمر مر ذكره. و ابن إسحاق هو محمد بن إسحاق، صدوق يدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم و أصحاب السنن.

شرح حديث: (... إنه لا تفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري حدثنا أبو قتادة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر له، فمال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم وملت معه، فقال: انظر. فقلت: هذا راكب، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثة. حتى صرنا سبعة، فقال: احفظوا علينا صلاتنا -يعني صلاة الفجر-، فضرب على آذانهم فما أيقظهم إلا حرَّ الشمس، فقاموا فساروا هُنَيَّة ثم نزلوا فتوضئوا، وأذن بلال رضي الله عنه، فصلوا ركعتي الفجر، ثم صلوا الفجر وركبوا، فقال بعضهم لبعض: قد فرطنا في صلاتنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لا تفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة، فإذا سها أحدكم عن صلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت) ]. أي أن الحكم في ذلك أنه يأتي بها ويصليها إذا ذكرها،
وأنه لا كفارة لها إلا ذلك، وذلك في أي وقت يذكرها فيه ولو كان في وقت نهي؛ لأن قضاء الفوائت في أوقات النهي جاء في السنة ما يدل عليه، وهو هذه الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها: (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك)، وقد سبق ذكر حديث أبي هريرة من طريقين، وفي أحد الطريقين ذكر الأذان مع الإقامة، وفي الآخر لم يذكر الأذان وإنما ذكرت الإقامة، وكل من الأذان والإقامة ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قد جاء في حديث أبي هريرة من بعض الطرق، وجاء عن غير أبي هريرة كأبي قتادة وغيره. وقد أورد أبو داود رحمه الله هنا حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه [ (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر له، فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم وملت معه، فقال: انظر.
فقلت: هذا راكب، هذان راكبان، هؤلاء ثلاثة. حتى صرنا سبعة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: احفظوا علينا صلاتنا) ] يعني: من يكون منتبهاً يحفظ لنا الصلاة حتى لا يخرج وقت الصلاة. فناموا وما أيقظهم إلا حر الشمس، فمشوا، وبعد ذلك نزلوا وتوضئوا وصلوا الركعتين اللتين هما السنة الراتبة، ثم صلى بهم الصبح صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قوله: [ (فقال بعضهم لبعض: قد فرطنا في صلاتنا) ] أي: حيث نمنا عنها وأتينا بها في غير الوقت. فقال عليه الصلاة والسلام: [ (إنه لا تفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة) ] يعني بذلك كون الإنسان يؤخر الصلاة وهو مستيقظ، فهذا هو المفرط، وأما من يؤخر الصلاة وهو نائم كهذا النوم الذي ناموه بعد التعب، وكانوا حريصين على أن لا تفوتهم الصلاة؛ حيث طلب منهم صلى الله عليه وسلم أن يحفظوا عليهم الصلاة -أي: أن يكونوا متنبهين حتى لا يغلبهم النوم ويتأخرون عن الصلاة، أو يخرج وقت الصلاة- فيؤدونها في غير وقتها، من كان ذلك حاله فإنه ليس بمفرط، فمن نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #122  
قديم 22-02-2022, 10:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

أقوال العلماء في معنى قوله: (ومن الغد للوقت)
قوله: [ (ومن الغد للوقت) ]. قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا صلى الصلاة المقضية التي نام عنها أو نسيها في غير وقتها فإنه يصليها في الوقت من الغد عند الذكر، ويكون ذلك للاستحباب. قال الخطابي : فلا أعلم أحداً من الفقهاء قال بها وجوباً. وقال بعض أهل العلم: إن الحديث ليس فيه دلالة على أن الصلاة تصلى مرة ثانية في الوقت، وإنما المقصود من قوله: [ (ومن الغد للوقت) ] أي أنه يحافظ عليها من الغد في وقتها، أي: هذه الصلاة التي حصل النوم عنها وأدوها في غير وقتها يحافظ عليها في وقتها، وأيضاً قالوا: يحتمل أن يكون المراد بقوله: [ (ومن الغد للوقت) ] أن وقتها ثابت، وأنهم وإن أدوا الصلاة في غير وقتها للأمر الطارئ فإن هذا الذي فعلوه قضاء في غير الوقت، وهو الذي أمكنهم فعله، وهو الذي لم يستطيعوا سواه، ولكن من الغد تؤدى في وقتها، فلا يفهم أن الوقت تغير وأنه تحول،
وإنما الوقت على ما هو عليه، وكذلك ما يستقبل من الأيام. فقال بعض أهل العلم: ليس في هذا الحديث ما يدل على أن الصلاة تصلى مرتين مرة عندما تذكر ومرة أخرى إذا جاء الوقت من الغد، وإنما تؤدى حيث يذكرها الإنسان، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث: (لا كفارة لها إلا ذلك) يعني: ليس هناك شيء يلزم ويتعين للقيام بالواجب إلا أن يؤديها الإنسان إذا ذكرها، فليس هناك شيء وراء ذلك، ولا يقضيها من الغد ولا يكون عليه كفارة مالية كما يكون بالنسبة للأمور التي فيها كفارات، وإنما كفارتها هو أن يقضيها الإنسان إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك.
إذاً: فقوله: [ (ومن الغد للوقت) ] لا يكون فيه دليل على أن الصلاة تصلى مرتين مرة إذا ذكرت ومرة أخرى في الوقت الذي يأتي لتلك الصلاة التي نيم عنها أو نسيت وقضيت في غير وقتها، فتصلى في غير وقتها قضاءً ثم تفعل في وقتها مرة أخرى، ليس في الحديث دليل واضح على ذلك، وقد قال الخطابي : لم يقل أحد من أهل العلم بوجوب أداء الصلاة مرتين مرة عند ذكرها ومرة عند مجيء الوقت من الغد.

تراجم رجال إسناد حديث: ( ... إنه لا تفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة... )
قوله: [حدثني موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة البصري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ثابت البناني ]. هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن رباح الأنصاري ]. عبد الله بن رباح الأنصاري ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو قتادة ]. هو الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: ( بعث رسول الله جيش الأمراء ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا علي بن نصر حدثنا وهب بن جرير حدثنا الأسود بن شيبان حدثنا خالد بن سمير قال: قدم علينا عبد الله بن رباح الأنصاري من المدينة وكانت الأنصار تفقهه، فحدثنا قال: حدثني أبو قتادة الأنصاري رضي الله عنه فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء -بهذه القصة-، قال: فلم توقظنا إلا الشمس طالعة، فقمنا وهلين لصلاتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رويداً رويداً. حتى إذا تعالت الشمس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليركعهما. فقام من كان يركعهما ومن لم يكن يركعهما فركعهما، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادى بالصلاة فنودي بها، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا، فلما انصرف قال: ألا إنا نحمد الله أنا لم نكن في شيء من أمور الدنيا يشغلنا عن صلاتنا، ولكن أرواحنا كانت بيد الله عز وجل، فأرسلها أنى شاء، فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحاً فليقض معها مثلها) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه من طريق أخرى،
وفيه: [ (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء) ]، وجيش الأمراء هو الجيش الذي ذهب في غزوة مؤتة، وسمي جيش الأمراء لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الأمراء وهم: زيد بن حارثة ، و جعفر بن أبي طالب ، و عبد الله بن رواحة، وكلهم استشهدوا رضي الله عنهم وأرضاهم، وعند ذلك أخذ الراية خالد بن الوليد، فقيل له: جيش الأمراء. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يذهب في ذلك الجيش، وإنما بعثه. وهذا ا لحديث فيه أمور مشكلة، منها: ذكر جيش الأمراء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان فيه ولم يكن فيه، ومنها التخيير بين أن يركعوا ركعتي الفجر، ومنها: ما جاء في آخره من أنه إذا جاء من الغد يصلون معها مثلها. فهذه مخالفة لما جاءت في الروايات الأخرى. ولهذا قيل: إن الحديث شاذ. أو: إن فيه وهناً بسبب بعض رواته،
وهو الذي يروي عن عبد الله بن رباح، وهو خالد بن سمير الذي ذكر هذه الأمور الثلاثة، مع أن غيره لم يذكرها من الذين رووا عن أبي قتادة هذه الأمور. فقالوا: إن هذه من أوهامه، وإن هذا خطأ حصل منه لم يكن عند غيره في هذه الرواية، بل الرواة الآخرون ما جاء عنهم ذلك، فتكون هذه الأمور الثلاثة خطأ، والشيخ الألباني قال: إن الحديث شاذ؛ لما فيه من المخالفات، فهو إما أن يكون شاذاً على اعتبار أنه ثقة خالف الثقات، أو أن فيه ضعفاً بسبب أن أحد رواته -وهو خالد بن سمير يهم-، ويكون هذا من أوهامه ومن أخطائه. وقوله: [ قدم علينا عبد الله بن رباح الأنصاري من المدينة وكانت الأنصار تفقهه ].
أي: تصفه بالفقه. [ (فقمنا وهلين) ]. يعني: فزعين؛ لأن الشمس طلعت وهم لم يصلوا الفجر. قوله: [ (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (رويداً رويداً) ]. يعني: أمرهم بأن يمشوا شيئاً فشيئاً. قوله: [ (حتى إذا تعالت الشمس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليركعهما) ]. ومعنى هذا أن هناك تخييراً في ركعتي الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يترك ركعتي الفجر في حضر ولا في سفر، وإنما كان يداوم على ركعتي الفجر وعلى الوتر. قوله: [ (ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادى بالصلاة فنودي بها) ]. هذا فيه ذكر الأذان، وهو مثل ما جاء في الأحاديث الأخرى عن أبي قتادة . قوله: [ (ولكن أرواحنا كانت بيد الله عز وجل فأرسلها أنى شاء) ]. يعني أن الله توفاها حيث شاء، ثم أرسلها في الوقت الذي شاء الله أن تعود فيه. قوله: [ (فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحاً فليقض معها مثلها) ].
يعني أنه يصلي الفجر ويصلي معها الفجر مرة أخرى عن هذا اليوم، لكن هذا مثل ما ذكرت في قوله: [ (ومن الغد للوقت) ] أي: ليس المقصود منه أنه يأتي بالصلاة مرتين، وإنما معناه أن الوقت مستقر، وأنه يحافظ على الصلاة في وقتها، وأنها من الغد تصلى في وقتها، لا أنه يقضي مثلها. فالذي جاء في هذا الحديث فيه توضيح بأن الذي يؤتى به من الغد في الوقت إنما هو صلاة مقضية بالإضافة إلى الصلاة المؤداة، وتكون الصلاة فعلت مرتين، مرة عند الاستيقاظ من النوم، ومرة عند أداء الصلاة من الغد، فتكون صلاة الفجر تلك التي نيم عنها فعلت مرتين. ولكن هذا الذي جاء في هذا الحديث فيه خالد بن سمير، وهو يهم، فتكون هذه الزيادة إما شاذة وإما ضعيفة. وكذلك ذكر قصة الأمراء، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن في جيش الأمراء، وإنما بعثه وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكذلك التخيير بين ركعتي الفجر، مع أن ركعتي الفجر من آكد الرواتب، والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يتركهما في حضر ولا في سفر، وكذلك الوتر.

تراجم رجال إسناد حديث: ( بعث رسول الله جيش الأمراء ... )
قوله: [ حدثنا علي بن نصر ]. هو علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي، ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ حدثنا وهب بن جرير ]. هو وهب بن جرير بن حازم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأسود بن شيبان ]. الأسود بن شيبان ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجه.
[ حدثنا خالد بن سمير ]. خالد بن سمير صدوق يهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ قدم علينا عبد الله بن رباح قال: حدثني أبو قتادة الأنصاري ]. عبد الله بن رباح و أبو قتادة قد مر ذكرهما.

حديث (بعث رسول الله جيش الأمراء ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عون أخبرنا خالد عن حصين عن ابن أبي قتادة عن أبي قتادة رضي الله عنه في هذا الخبر، قال: فقال: (إن الله قبض أرواحكم حيث شاء، وردها حيث شاء قم فأذن بالصلاة. فقاموا فتطهروا، حتى إذا ارتفعت الشمس قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة من طريق أخرى وهو مختصر، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من يؤذن بقوله: [ (قم فأذن) ]. ثم صلى بالناس صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. هو عمرو بن عون الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا خالد ]. هو خالد بن عبد الله الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حصين ]. هو حصين بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي قتادة ]. هو عبد الله بن أبي قتادة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قتادة ]. قد مر ذكره.

حديث (بعث رسول الله جيش الأمراء ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد حدثنا عبثر عن حصين عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، قال: (فتوضأ حين ارتفعت الشمس فصلى بهم) ]. ذكر هنا الحديث عن أبي قتادة مختصراً. قوله: [ حدثنا هناد ]. هو هناد بن السري أبو السري، ثقة، أخرج حديثه البخاري في (خلق أفعال العباد) و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عبثر ]. هو عبثر بن القاسم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حصين عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه ]. قد مر ذكر الثلاثة.

حديث (بعث رسول الله جيش الأمراء ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا العباس العنبري حدثنا سليمان بن داود -وهو الطيالسي - قال: حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت أخرى) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة من طريق أخرى، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: [ (ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت أخرى) ] وهذا دليل على أن كل صلاة يمتد وقتها إلى وقت التي بعدها إما اختياراً وإما اضطرراً، ويستثى من ذلك الفجر، فإنها تنتهي بطلوع الشمس، ثم إن طلوع الشمس إلى الزوال لا يعتبر وقتاً للصلاة. فكل صلاة متصلة بالتي بعدها إما اختياراً وإما اضطراراً، فالظهر وقتها إلى العصر اختياراً، والعصر إلى اصفرار الشمس وقتها اختياري، ومن وقت الاصفرار إلى الغروب وقت اضطراري؛ لأنه جاء في الحديث: (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك الصلاة) يعني: أدركها في الوقت، ولكنه اضطرار. والمغرب وقتها متصل بوقت العشاء اختياراً، وأما صلاة العشاء فمن مغيب الشفق إلى نصف الليل اختياراً، ومن نصف الليل إلى طلوع الفجر اضطراراً، وأما الفجر فإنها تنتهي بطلوع الشمس، أما ما بعد طلوع الشمس إلى الزوال فليس وقتاً لصلاة من الصلوات.
قوله: [ حدثنا العباس العنبري ]. هو عباس بن عبد العظيم العنبري، ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا سليمان بن داود -وهو الطيالسي- ]. سليمان بن داود الطيالسي ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة- ]. سليمان بن المغيرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة ]. قد مر ذكر الثلاثة."
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #123  
قديم 22-02-2022, 10:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [064]
الحلقة (95)

شرح سنن أبي داود [064]

الصلاة شأنها عظيم وخطرها كبير، ولذا لم يسقطها زوال مناط التكليف حال النوم والنسيان، حيث أوجب الشرع على النائم عن الصلاة أو الناسي لها أن يصليها متى ما ذكر، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بفعله لتتأسى به الأمة في ذلك.

تابع حكم من نام عن الصلاة أو نسيها


شرح حديث: ( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها) ] يعني: حين يذكرها يبادر إلى فعلها ولو كان في وقت نهي؛ لأنها مستثناة من النهي. قوله: [ (لا كفارة لها إلا ذلك) ] يعني: ليس هناك شيء سوى أن تؤدى عند الذكر، وليس هناك كفارة مالية، وليس لأحد يصلي عن أحد، وإنما الواجب على من نسي الصلاة ثم ذكرها أن يبادر إلى فعلها، ولا يؤخر القضاء إلى وقت الغد بحيث إذا كان الإنسان عليه فوائت يصلي بعد كل صلاة صلاة، بل يسردها كلها في وقت واحد.

تراجم رجال إسناد حديث: ( من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك )

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا همام ]. هو همام بن يحيى، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود .

حديث (أن رسول الله كان في مسير له فناموا عن صلاة الفجر...) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مسير له فناموا عن صلاة الفجر، فاستيقظوا بحر الشمس، فارتفعوا قليلاً حتى استقلت الشمس، ثم أمر مؤذناً فأذن فصلى ركعتين قبل الفجر، ثم أقام ثم صلى الفجر) ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عمران بن حصين وفيه نفس القصة التي ذكرت في أحاديث أبي قتادة وغيره، وفيه ذكر الأذان وسنة الفجر التي هي الراتبة قبل الصلاة، ثم بعد ذلك الصلاة.

حديث عمرو بن أمية الضمري في نوم النبي والصحابة عن صلاة الفجر وتراجم رجال إسناده


قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ]. هو وهب بن بقية الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي .
[ عن خالد ]. هو خالد الواسطي، وقد مر ذكره.
[ عن يونس بن عبيد ]. يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمران بن حصين ]. عمران بن حصين رضي الله عنه هو صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

حديث ذي مخبر الحبشي في نوم النبي والصحابة عن صلاة الفجر وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباس العنبري . ح: وحدثنا أحمد بن صالح -وهذا لفظ عباس - أن عبد الله بن يزيد حدثهم عن حيوة بن شريح عن عياش بن عباس -يعني القتباني - أن كليب بن صبح حدثهم أن الزبرقان حدثه عن عمه عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تنحوا عن هذا المكان. قال: ثم أمر بلالاً فأذن، ثم توضئوا وصلوا ركعتي الفجر، ثم أمر بلالاً فأقام الصلاة فصلى بهم صلاة الصبح) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عمرو بن أمية الضمري وفيه ما في الحديث الذي قبله من كونهم لما حصل لهم النوم وخرج وقت صلاة الفجر واستيقظوا بحر الشمس أذنوا ثم ركعوا ركعتي الصبح، أي: السنة الراتبة، ثم بعد ذلك صلى النبي صلى الله عليه وسلم بهم الفجر، فكل هذه الأحاديث دالة على وجود الأذان وعلى ركعتي الفجر وعلى قضاء الصلاة بعد قيامهم بقليل، وفي هذا الحديث أنهم تنحوا عن المكان الذي أصابهم النوم فيه،
وقد سبق أن مر في بعض الأحاديث أنهم تحولوا واقتادوا رواحلهم شيئاً. قوله: [ حدثنا عباس العنبري وحدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل.
قوله: [ وهذا لفظ عباس ]. يعني أنه لفظ الشيخ الأول، وهو عباس العنبري .
[ أن عبد الله بن يزيد حدثهم ]. هو عبد الله بن يزيد المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حيوة بن شريح ]. هو حيوة بن شريح المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عياش بن عباس -يعني القتباني- ]. عياش بن عباس القتباني ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن. [ أن كليب بن صبح حدثهم ]. كليب بن صبح صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ أن الزبرقان حدثه ]. هو الزبرقان بن عبد الله الضمري، وهو ثقة، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن عمه عمرو بن أمية الضمري ]. عمرو بن أمية الضمري صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

إسناد رابع لحديث نوم رسول الله والصحابة عن صلاة الفجر وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج - يعني: ابن محمد - حدثنا حريز .
ح: وحدثنا عبيد بن أبي الوزير حدثنا مبشر -يعني الحلبي - حدثنا حريز -يعني ابن عثمان - حدثني يزيد بن صالح عن ذي مخبر الحبشي رضي الله عنه -وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم- في هذا الخبر، قال: (فتوضأ -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- وضوءاً لم يلث منه التراب، ثم أمر بلالاً فأذن، ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين غير عجل، ثم قال لبلال : أقم الصلاة. ثم صلى الفرض وهو غير عجل). قال: عن حجاج عن يزيد بن صليح حدثني ذو مخبر رجل من الحبشة.
وقال عبيد : يزيد بن صالح ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ذي مخبر الحبشي رضي الله عنه، وفيه مثل ما في قبله، من أنه حصل الأذان، وأنه صلى الركعتين وهو غير عجل، ثم صلى بالناس وهو غير عجل، يعني أنه لم يستعجل فيهما وأنه لم يخففهما.
قوله: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن ]. هو إبراهيم بن الحسن المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي .
[ حدثنا حجاج -يعني ابن محمد- ]. هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حريز ]. هو حريز بن عثمان الحمصي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ ح: وحدثنا عبيد بن أبي الوزير ]. عبيد بن أبي الوزير لا يعرف حاله، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا مبشر -يعني الحلبي- ]. هو مبشر بن إسماعيل الحلبي، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حريز -يعني ابن عثمان- عن يزيد بن صالح ]. يزيد بن صالح -ويقال أيضاً: ابن صليح- أخرج حديثه أبو داود .
[ عن ذي مخبر الحبشي ]. ذو مخبر الحبشي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يخدم النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أبو داود و ابن ماجه .
وقوله: [ عن حجاج عن يزيد بن صليح ]. يعني: أن حجاجاً قال: يزيد بن صليح . وقال الشيخ الثاني الذي هو عبيد بن أبي الوزير : يزيد بن صالح . إذاً: بعض الرواة قال: صالح. وبعضهم قال: صليح. ولا فرق بينهما، ويقال له: صليح أكثر من (صالح).

إسناد آخر لحديث نومه صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر وذكر زيادته وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن الفضل حدثنا الوليد عن حريز -يعني ابن عثمان - عن يزيد بن صليح عن ذي مخبر ابن أخي النجاشي رضي الله عنه في هذا الخبر، قال: (فأذن وهو غير عجل) ].
قوله: [ (وأذن وهو غير عجل) ] ذكر الأذان وهو غير عجل فيه إشكال؛ لأن الأذان حالته واحدة، وليس فيه استعجال، إنما الاستعجال في الإقامة، فهي التي تحدر حدراً. قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل ]. مؤمل بن الفضل صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي .
[ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حريز -يعني ابن عثمان - عن يزيد بن صليح عن ذي مخبر ابن أخي النجاشي ]. مر ذكرهم.
وهنا قال: (صليح) بتصغير (صالح).

شرح حديث: ( أقبلنا مع رسول الله زمن الحديبية فقال: من يكلؤنا؟)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن جامع بن شداد سمعت عبد الرحمن بن أبي علقمة سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يكلؤنا ؟ فقال بلال : أنا. فناموا حتى طلعت الشمس، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: افعلوا كما كنتم تفعلون. قال: ففعلنا، قال: فكذلك فافعلوا لمن نام أو نسي) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود أنه قال: [ أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية ] وهذا يخالف ما تقدم في الروايات السابقة التي فيها أنه كان في غزوة خيبر، وأنه قفل من غزوة خيبر، وأما ما ذكر أنه كان في جيش الأمراء فهذا غير صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان في تلك الغزوة. وأما ذكر الحديبية فإنه يحمل على تعدد القصة، أو أن في ذلك وهماً، فإما أن تكون الحادثة متعددة، وإما أن تكون واحدة وفي الحديث وهم.
وقوله: [ (من يكلؤنا؟) ] يعني: من يكون متنبهاً بحيث لا تفوتنا صلاة الفجر.
قوله: [ (فقال بلال : أنا. فناموا حتى طلعت الشمس) ]. هذا مثل ما تقدم في قصة خيبر؛ لأن بلالاً هو الذي كان مستنداً إلى راحلته وأخذه النوم، وبعد ذلك حصل ما حصل، حيث فاتتهم الصلاة وصلوها بعد طلوع الشمس.
قوله: [ (فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (افعلوا ما كنتم تفعلون) ] يعني أنهم يصلون الصلاة في ذلك الوقت كما كانوا يؤدونها في وقتها.
قوله: [ (قال: فكذلك فافعلوا لمن نام أو نسي) ]. يعني أن النائم أو الناسي يفعل في القضاء كما كان يفعل في الأداء، وذلك عند ذكره وعند تنبهه.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #124  
قديم 22-02-2022, 10:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



تراجم رجال إسناد حديث: (أقبلنا مع رسول الله زمن الحديبية فقال: من يكلؤنا؟)


قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن جعفر ]. هو محمد بن جعفر الملقب بغندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جامع بن شداد ]. جامع بن شداد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت عبد الرحمن بن أبي علقمة ]. عبد الرحمن بن أبي علقمة يقال: له صحبة. ذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وأخرج حديثه أبو داود و النسائي.
[ سمعت عبد الله بن مسعود ]. هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من المهاجرين، وأحد فقهاء الصحابة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

الأسئلة



الكشف والمكاشفات

السؤال: قضية الكشف والمكاشفات قضية خطيرة تثيرها الصوفية وتدعيها لمشايخها وأقطابها، ويستدلون بقول عمر رضي الله عنه: (يا سارية! الجبل) فما هو الرد على هذه الشبهة؟

الجواب: أولياء الله عز وجل إذا حصل لهم شيء من الكرامات لا يتبجحون بها، ولا يذكرونها، ولا يشغلون الناس بها، وإنما يتواضعون لله عز وجل ويخفونها، هذا شأن أولياء الله، وأما الذين أضلهم الله عز وجل فهم يتخذون مما يحصل إذا حصل وسيلة لتقديسهم ولتعظيمهم ولجلب الأموال لهم بسبب ذلك، وقد يختلقون كرامات ويأتون بأشياء ليس لها أساس وليس لها وجود، وإنما يأتون بها من أجل أن يعظمهم الناس ويتبعهم الناس، وأما من يكون ولياً لله عز وجل حقيقة فإنه إذا حصل له شيء من الكرامة لا ينشره ولا يتبجح ولا يتعاظم ولا يترفع على الناس به، أما من يريد من الناس أن يقدسوه ويعظموه ويحققوا له ما يريد فهذا ليس شأنه شأن أولياء الله حقاً، ولهذا فإن ما يحصل من الصوفية ومن أهل البدع في السلوك وفي العقائد من ذلك فهو مما أضلهم الله عز وجل به، ومن الانحراف عن الجادة، ومن المعلوم أنهم يدعون دعاوى بحصول أشياء لا أساس لها ولا حقيقة لها، ولو وُجِدَ شيء من ذلك حقيقة لكان الذي يجب هو أن مثل ذلك يخفى ولا يبين ولا يظهر، وأما قصة (يا سارية! الجبل) فما أدري عن ثبوتها، ولكن إذا ثبتت فإنها من الكرامات التي يجريها الله عز وجل على يد بعض أوليائه، ولا شك في أن عمر رضي الله عنه من خيار الأولياء، بل هو أفضل ولي بعد الأنبياء والمرسلين وبعد أبي بكر رضي الله عنه، فهو أفضل هذه الأمة بعد أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه.

حقيقة حدثاء الأسنان الذين نهي عن أخذ العلم عنهم
السؤال: جاء كثير من العبارات عن السلف في النهي عن أخذ العلم عن حدثاء الأسنان، مع أننا نرى أن كثيراً من الأئمة تصدر للفتوى في سن مبكرة، فما هو معنى حدثاء الأسنان؟

الجواب: لعل المقصود من ذلك الناس الذين يستعجلون في الفتوى قبل أن يتمكنوا من العلم الشرعي، أما من تمكن وصار يستفاد منه ولو كان في سن مبكرة فلا بأس بذلك، وإنما المقصود من ذلك الذين يستعجلون أن يبرزوا وأن يظهروا، فهؤلاء هم الذين يذمون، وأما من يوفقه الله عز وجل وكان في صغره أو في سن مبكرة ممن يستفاد منه فلا بأس بذلك، ولاسيما إذا كان لا يوجد غيره في البلد والناس يحتاجون إليه، فمثل هذا لا بأس به.


الصلاة مع الجماعة بعد أدائها في الرحال

السؤال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجلين اللذين صليا في رحالهما: (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم) فهل هذا خاص بالجماعة التي تقام في المسجد دون غيرها؟

الجواب: ليس هذا خاصاً بجماعة المسجد، بل لو أن الإنسان وجد جماعة أخرى تصلي فله أن يصلي معها، فقد دخل رجل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قضيت صلاة الجماعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه)، لأن هذا الذي سيتصدق قد صلى، فصلاته نافلة، فلو وجد المرء جماعة تصلي فصلى معهم فله ذلك. وهذا لا يعارض حديث: (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين)؛ لأن المنع فيما إذا كان الإنسان يؤديها بدون سبب، أما هذا فإنه بسبب، وهو وجود جماعة.

ما يدعى به في السجود وبعد التشهد

هل يشترط للدعاء عند السجود أو بعد التشهد أن يكون من الأدعية المأثورة؟

الجواب: لا يشترط، ولكن كونه يأتي بالأدعية المأثورة ومما ثبتت به السنة هو الذي ينبغي، والإنسان إذا أتى بدعاء ليس بمأثور قد يقع منه الخطأ والزلل، وقد يكون الدعاء غير مستقيم، لكن إذا كان دعاء واضحاً ليس فيه إشكال فهذا هو الذي ينبغي، كأن يسأل الإنسان ما يريد من خيري الدنيا والآخرة، أو يسأل شيئاً يريده ويخصه ويدعو به بخصوصه فله ذلك، لكن الحرص على الأدعية المأثورة التي جاءت عن الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم هو الأولى والأفضل والذي ينبغي.

حكم انتفاع المرتهن بالرهن مع رضا الراهن
السؤال: هل يجوز للمرتهن أن ينتفع بالرهن؟ علماً بأن الراهن قد رضي بذلك؟

الجواب: إذا كان الانتفاع بمقابل شيء، مثل الشاة يعلفها ويحلبها فهذا لا بأس به، فكون العلف يكون مقابل الحليب لا بأس به.

تعريف الرهن
السؤال: ما هو الرهن؟

الجواب: الرهن هو توثقة دين بعين يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها. فهو دين في الذمة، وهذا الرهن يوضع عند المرتهن حتى يطمئن صاحب الدين بأن حقه مقيد بهذه العين، بحيث إنه لو لم يحصل السداد فإنه يحصله عن طريق هذه العين.

حكم ترك الأسباب المؤدية للاستيقاظ للصلاة استدلالاً بحديث: ( ليس في النوم تفريط )

الجواب: هل صحيح أنه لا يجب على المسلم توقيت الساعة على وقت صلاة الفجر استدلالاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط) مع أنه قد لا يستيقظ؟

الجواب: فعل الأسباب التي تؤدي إلى التنبه مطلوب، ولهذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من يكلؤنا) يعني: من يكون مستيقظاً حتى ينبههم. وليس في النوم تفريط إذا كان الإنسان لم يحصل منه تفريط، لكن بعض الناس يفرطون، مثل الذين يسهرون الليل وإذا أقبل وقت الفجر ناموا ولا يقومون إلا بعد طلوع الشمس، فهؤلاء مفرطون.

حكم أكل الحلويات المصنوعة في بلاد اليهود والنصارى وفيها مخ عظام البقر

السؤال: اشتريت من السوق بعض حلويات صنعت في أمريكا ووجدت أن فيها جلاتيناً بقرياً، فهل يجوز أكل هذه الحلويات؟

الجواب: ليس هناك مانع يمنع من هذا؛ لأن ذبائح اليهود والنصارى حلال لنا.

حكم التحول عن المكان الذي نام فيه المسافر عن الصلاة

السؤال: هل يقال فيمن نام عن الصلاة في مكان وهو مسافر: إن السنة أن يتحرك من مكانه الذي نام فيه ويسير قليلاً. أم يصلي في نفس مكانه الذي فاتته فيه الصلاة؟

الجواب: التحول عن ذلك المكان قليلاً هو الذي ينبغي.

الجمع بين كونه صلى الله عليه وسلم نام عن الصلاة وبين قوله: ( تنام عيناي ولا ينام قلبي )

السؤال: كيف نجمع بين هذا الحديث الذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نام ولم يستيقظ حتى طلعت الشمس)، وبين حديث: (تنام عيناي ولا ينام قلبي) ؟

الجواب: لا تنافي بينهما؛ لأن قوله: (تنام عيناي ولا ينام قلبي) يتعلق بالحدث، يعني: لا يحصل منه الحدث حال النوم، أما كونه يحصل منه النوم حتى تطلع الشمس فهذا لا ينافي ذلك الحديث الذي فيه ارتفاع الحدث عنه في حال نومه صلى الله عليه وسلم.

إعادة الطواف بعد الوضوء لمن أحدث أثناء الطواف

السؤال: إذا أحدث الرجل أثناء الطواف، وذلك -مثلاً- بعد الشوط الثالث، فهل يعيد الطواف بعد الوضوء من أوله، أم يكمل الأشواط الأربعة الباقية في وقته؟

الجواب: الذي ينبغي له والأولى في حقه أنه يعيده من أوله.

حكم تحويل الوقف واستبداله للمصلحة

السؤال: وهبت قطعة أرض ليقام عليها بالدور الأول مسجد، فهل يجوز استبدال هذه القطعة بقطعة أخرى في مكان آخر يحتاج فيه إلى مسجد وأبيع هذه القطعة؟

الجواب: إن كان يريد وقفها فالأمر بيده، فله أن يحول؛ لأنه لم يتم الوقف، أما إن كان قد تم الوقف فلا يحول الوقف عن المكان الذي هو فيه، إلا إذا كان لم يبن المسجد، وكانت المصلحة بأن يحوله إلى مكان آخر فله ذلك، وأما إذا وجد المسجد وتم استعماله كمسجد فيبقى المسجد، وإذا كان هناك مسجد آخر وأراد أن يبني مسجداً فلا يجعله قريباً منه.


حكم التراخي عن قضاء الفائتة بعد خروج وقتها

السؤال: من استيقظ وقد فاتته صلاة الفجر فهل له أن يتراخى في الصلاة؛ لأن الأحاديث ورد فيها أنه صلى الله عليه وسلم قال: (رويداً رويداً)، وقال الراوي: (حتى تعالت الشمس)، وفيه أنه ليس قضاؤها على الفور؟

الجواب: كان ذلك التراخي من أجل الانتقال، وهذه الفترة هي التي حصل فيها الانتقال.

حكم من جمع بين الظهر والعصر في مكان العمل ثم دخل بلده قبل دخول وقت العصر
السؤال: شخص يعمل في مكان يبعد عن المدينة مائة وستين كيلو متر، ويصل إلى المدينة قبل صلاة العصر بساعة تقريباً، والمدينة بلده، وهو يجمع الظهر والعصر في مكان عمله، فهل يصح ذلك؟

الجواب: إذا كان يصل إلى المدينة قبل أن يدخل وقت العصر فلا ينبغي له أن يجمع، وإنما يصلي الظهر في وقتها مقصورة، وإذا جاء وقت العصر يصليها مع الناس في وقتها، ولا يجمع بينهما ثم يأتي وينام ويقول: أنا قد صليت.

حكم من نام عن الوتر حتى طلع الفجر
السؤال: من نام عن الوتر حتى طلع الفجر فهل يصليه قياساً على ركعتي الفجر اللتين صلاهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد طلوع الشمس؟

الجواب: إذا نام الإنسان عن الوتر فإنه يصليه في الضحى، ولكن يضيف إليه ركعة حتى لا يؤدى وتراً في النهار، فإذا كان يصلي الوتر في الليل ثلاثاً فإنه إذا فاته يصليه أربعاً في الضحى، وإن كان يصلي خمساً يصلي ستاً في الضحى، وإن كان يصلي تسعاً يصلي عشراً في الضحى، وإن كان يصلي إحدى عشرة يصلي اثنتي عشرة في الضحى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل صلاته من الليل لمرض أو لغير ذلك صلى من النهار أو من الضحى اثنتي عشرة ركعة؛ لأنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة بالليل.

حكم الأذان بغير وضوء
السؤال: جاء في حديث عمرو بن أمية الضمري أن للمؤذن أن يؤذن بدون وضوء؛ حيث ورد فيه: (ثم أمر بلالاً فأذن، ثم توضوءا وصلوا ركعتي الفجر) فما حكم أذان المؤذن وهو على غير وضوء؟

الجواب: بإمكانه أن يؤذن وهو على غير وضوء، لكن الحديث ليس فيه دليل يدل على ذلك؛ لأنه يحتمل أن يكون الذي أذن قد توضأ، لكن يصح أن يؤذن المؤذن وهو على غير وضوء.

كيفية إخراج زكاة العنب الذي يباع
السؤال: نرجو منكم توضيح كيفية زكاة العنب، فهل هي بالخرص، أم بما ينتج عنه من قيمة؟

الجواب: هي زكاة العنب بالخرص كما هو معلوم، لكن إذا كان الناس يبيعونها وأراد أن يخرج زكاته فإن زكاته تدور بين نصف العشر أو العشر على حسب سقيه، فإن سقي بماء المضخات أو الآبار وما إلى ذلك؛ فإنه يخرج نصف العشر، أما إن سقي بماء العيون أو بماء الأنهار فإنه يكون عليه العشر، هذا إذا كان يباع كله، فيمكن أن يخرج نصف عشر القيمة أو عشر القيمة."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #125  
قديم 22-02-2022, 10:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [065]
الحلقة (96)

شرح سنن أبي داود [065]

للمساجد في الشريعة الإسلامية مكانتها العظيمة وأحكامها الشرعية وآدابها الخاصة، وذلك لأنها دور عبادة الله تعالى، ومن أحكامها وآدابها: الاعتناء بنظافتها وتبخيرها وتطييبها، وأن يخصص مدخل للنساء بعيداً عن مدخل الرجال؛ لتفادي الاختلاط والفتنة، وقد ندب الشرع إلى الإكثار من بنائها حتى يسهل على الناس أداء الصلاة في الجماعة في المساجد.

اتخاذ المساجد في الدور


شرح حديث: ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب اتخاذ المساجد في الدور. حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدُّور، وأن تُنظَّف وتُطيَّب) ]. لما ذكر أبو داود رحمه الله في ترجمته السابقة ما يتعلق ببناء المسجد، وأورد الأحاديث في ذلك عقَّبه بهذه الترجمة، وهي: [ اتخاذ المساجد في الدور ]. والمقصود بالدُّور الأحياء والمحلات والمناطق من البلد، بمعنى أن كل حي أو كل محلة من البلد يكون فيها مسجد، ولا يلزم أن يكون في البلد الواحد مسجد واحد، ولو كان كبيراً، وإنما يمكن أن تتعدد المساجد، وأن تكون الأحياء والمحلات فيها مساجد، لكن لا تكون متقاربة تقارباً شديداً، وإنما يكون بينها مسافة، وهذا هو المقصود بالدور، وهي جمع دار، و(الدار) كما أنه يطلق على البيت الواحد ويطلق على المحلة وعلى الحي من المكان، فليس مقصوراً على المنازل،
وهذا هو المقصود من أمره صلى الله عليه وسلم باتخاذ المساجد في المحلات والأحياء، حتى يتيسر لأهل تلك الأحياء شهود الجماعة وحضورها، بخلاف ما لو كان المسجد بعيداً، فقد يشق على بعض الناس شهود الجماعة لبُعد المسجد. أما إذا كان المسجد قريباً، وكانت كل محلة فيها مسجد، فإن الإنسان يذهب إلى المسجد بسهولة ويرجع بسهولة، وذلك أدعى لعدم فوات الصلاة جماعة للرجال الذين يجب عليهم أن يصلوا جماعة في المساجد. قوله: [ (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تُنظَّف وتُطَّيب) ] فيه ثلاثة أمور: الأول: اتخاذ المساجد في الدور، وهي المحلات والأحياء من البلد،
حتى يسهل للناس حضور صلاة الجماعة، ولئلا يشق عليهم الذهاب إليها في مكان بعيد من البلد. الثاني: أن تُنظَّف، فيزال عنها الأوساخ والقذر، وتصان وتحفظ، وإذا وقع فيها شيء من الأوساخ فإنه يزال. الثالث: أن تُطيَّب، أي: يؤتى بالطيب فيها، حتى يشمّ الناس فيها رائحة طيبة. وقد جاء في التراجم لرجال الحديث اسم: نعيم المجمر ، ويسمى المجمر ؛ أخذاً من تجمير المسجد، وهو الاتيان بالجمر الذي يوضع عليه العود من الطيب، فتفوح الرائحة الطيبة في المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور .. )

قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حسين بن علي ]. هو حسين بن علي الجعفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زائدة ]. هو زائدة بن قدامة، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ]. أبوه هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والفقهاء السبعة هم: عروة بن الزبير بن العوام ، و خارجة بن زيد بن ثابت ، و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، و سعيد بن المسيب ، و القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق و سليمان بن يسار هؤلاء الستة متفق على عدّهم، وأما السابع ففيه ثلاثة أقوال: الأول: أنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، والثاني: أنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ،
والثالث: أنه سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب . وهؤلاء السبعة اشتهروا بهذا اللقب في المدينة النبوية المباركة في عصر التابعين، وكانوا في زمن متقارب، ويطلق عليهم هذا اللقب. وأحياناً يأتي ذكرهم بهذا اللقب دون ذكر أسمائهم، كما إذا كان هناك مسألة اتفقوا عليها، فيقال: هذه المسألة قال بها الفقهاء السبعة فبدل أن يقال: فلان وفلان و فلان وفلان يطلق عليهم هذا اللقب: (الفقهاء السبعة)، مثل مسألة (زكاة عروض التجارة)، فعندما يذكرونها يقولون: قال بها الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة. والأئمة الأربعة هم: أبو حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد ، والفقهاء السبعة هم هؤلاء الذين سبق ذكرهم، فإنهم جميعاً يقولون بوجوب الزكاة في عروض التجارة.
[ عن عائشة ]. وهي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بن الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عُرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم ستة رجال وامرأة واحدة, وهذه المرأة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فهي من أوعية السّنّة وحَفَظَتها، لاسيما في الأمور المتعلقة بما يجري في البيوت بين الرجل وأهل بيته، فإن هذا مما روي كثيراً من طريقها؛ لأنها روت الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا يحيى -يعني ابن حسان - حدثنا سليمان بن موسى حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن أبيه سمرة أنه كتب إلى ابنه: (أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، ونصلح صنعتها، ونطهرها)].
قوله: [ (فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا)]. أي: نبنيها في الديار، أي: في المَحِلات. فالديار المقصود بها الدور، والمقصود بالدور المحلات، أي: المناطق والأحياء. قوله: [ (ونصلح صنعتها) ]. أي أنهم يبنونها ويحسنون بناءها، لكن على وجه ليس فيه غلو وليس فيه زيادة عن قدر الحاجة، كما سبق الحديث في التشييد: (ما أُمرت بتشييد المساجد) أي: تشييدها على وجه زائد عن قدر الحاجة، أما بناؤها وإصلاحها على وجه يكون فيه بقاؤها وقوة بنائها وعدم تعرضها للتداعي والسقوط فإن هذا أمر مطلوب، ولكن المحذور أن يزاد على ذلك، وأن يُتجاوز الحد المطلوب، مثل أن تُزركش وتُزخرف ونحو ذلك مما جاء المنع فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (ونطهرها) ]. تطهيرها المقصود به تنظيفها من الأوساخ،
وعدم تعريضها للنجاسات، وما إلى ذلك، وكل ذلك يدخل تحت تطهيرها. وهذا الحديث دالّ على ما دل عليه الحديث الذي قبله من بناء المساجد في الدُور والأمر بتطهيرها وتنظيفها، سواءٌ أكان من تطهيرها من الأنجاس أم من الأوساخ والأقذار التي ليست بنجاسة ولكنها مما يستقذر ويُكره النظر إليه وإن لم يكن نجساً.

تراجم رجال إسناد حديث: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا .. )

قوله: [ حدثنا محمد بن داود بن سفيان ]. محمد بن داود بن سفيان مقبول، أخرج حديثه أبو داود .
[ حدثنا يحيى حدثنا -يعني ابن حسان -]. يحيى بن حسان ؟ أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[ حدثنا سليمان بن موسى ]. سليمان بن موسى فيه لين، أخرج له أبو داود وحده.
[ حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة ]. جعفر بن سعد بن سمرة ليس بالقوي، أخرج له أبو داود وحده .
[ حدثني خبيب بن سليمان ]. خبيب بن سليمان مجهول، أخرج له أبو داود وحده .
[ عن أبيه سليمان بن سمرة ]. سليمان بن سمرة مقبول، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن أبيه سمرة ]. هو سمرة بن جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث فيه من هو مقبول، وفيه من هو مجهول، ولكن الحديث الأول يدل على ما دل عليه من حيث بناء المساجد في الدور والأمر بتطهيرها.
السرج في المساجد


شرح حديث: ( .. فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السرج في المساجد. حدثنا النفيلي حدثنا مسكين عن سعيد بن عبد العزيز عن زياد بن أبي سودة عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: (يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس؟ فقال: ائتوه فصلوا فيه- وكانت البلاد إذ ذاك حرباً- فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يُسرج في قناديله) ].
قوله: [ باب في السرج في المساجد. يعني إضاءتها وإنارتها، وهذا أمر مطلوب في المساجد، والقيام بذلك من الأمور المطلوبة في المساجد؛ لأن كل ما فيه مصلحة ومنفعة في المسجد للناس أمر مطلوب، ومن قبل كانت تُتخذ السرج، ويستعملون الزيت لإيقادها. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ميمونة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت: [يا رسول الله! أفتنا في بيت المقدس؟ ] والمقصود: المسجد الأقصى. قولها: [ فقال: (ائتوه وصلوا فيه) ]. أي: اذهبوا إليه فصلوا فيه. وهذا فيه شد الرحل إليه، وقد جاء في الحديث الصحيح: (لا تُشَدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا) فالمسجد الأقصى هو أحد المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها. فليس هناك مسجد أو بقعة من الأرض تشدّ الرحال إليها من أجل التعبد فيها إلا هذه المساجد الثلاثة،
ولا يقال: إن المقصود هو النهي عن شد الرحال إلى المساجد الأخرى فقط، أما الذهاب إلى أماكن أخرى غير المساجد، كالمقابر أو غيرها للعبادة والتبرك جائز؛ لأن الحديث إنما جاء في النهي عن شد الرحال إلى المساجد! هذا الكلام باطل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُشَدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) أي: لا تُشد إلى بقعة من أجل التقرب إلى الله عز وجل فيها، أو من أجل ميزتها وفضلها وشرفها إلا إلى هذه المساجد الثلاثة، فهي التي تشد الرحال إليها. ولهذا روى النسائي عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع أن فلاناً ذهب إلى مشاهدة الطور، فقال: لو كنت رأيته لما ذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد). قوله: [ (فإن لم تأتوه فابعثوا بزيت يُسرج في قناديله) ] معناه: إضاءة القناديل بذلك الزيت؛ لأن الزيت هو مادة الإضاءة. وإسراج المساجد وإضاؤتها من الطاعات والقربات، ولا شك في أن المسجد كلّما كان أفضل فإن العناية به تكون أهم، والإنفاق عليه يكون أكثر أجراً؛ لأن ذلك يتعلق بشيء فاضل، فالإنفاق عليه يكون له ميزة على غيره.
قولها: [ وكانت البلاد إذ ذاك حرباً ]. من المعلوم أن بيت المقدس لم يُفتح إلا في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا يعني أنه كان في ذاك الوقت لم يدخل تحت البلاد الإسلامية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصل إلى تبوك، وكان الشام لم يُفتح بعد، فهو في زمنه صلى الله عليه وسلم في بلاد حربٌ؛ لأن الذين فيها هم محاربون، ولم يكن تحت ولاية المسلمين، وإنما كانت بيد الكفار، ولم تفتح إلا في زمن عمر رضي الله عنه وأرضاه.

تراجم رجال إسناد حديث: ( .. فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله )

قوله: [ حدثنا النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل النفيلي ، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا مسكين ]. هو مسكين بن بكير ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي .
[ عن سعيد بن عبد العزيز ]. هو سعيد بن عبد العزيز الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن. [ عن زياد بن أبي سودة ]. زياد بن أبي سودة ثقة، أخرج له أبو داود و ابن ماجه .
[ عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ]. ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم صحابية، أخرج حديثها أصحاب السنن. والحديث ضعفه الألباني ، وفي إسناده مسكين بن بكير صدوق يخطئ. ولا أدري هل فيه علة أخرى غير هذه، لكن اتخاذ السرج مطلقاً وإضاءة المساجد أمرٌ مطلوب، ولا إشكال فيه، وإنما الإشكال في كون ذلك الأمر صدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنسبة لبيت المقدس أم لا. والحديث عزاه المنذري إلى ابن ماجه من طريق زياد بن أبي سودة عن أخيه عثمان عن ميمونة ، وهو في الصحيح، كما قاله المزي في تهذيب الكمال، وتبعه تلميذه العلائي في جامع التحصيل و ابن حجر في تهذيبه، ولفظ البوصيري في مصباح الزجاجة. إسناد طريق ابن ماجه صحيح رجاله ثقات، وهو أصح من طريق أبي داود ، وعلى هذا يكون فيه اتصال، ولكن إسناد ابن ماجه فيه عثمان .
حصى المسجد


شرح حديث ( مطرنا ذات ليلة، فأصبحت الأرض مبتلة، فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسطه تحته ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في حصى المسجد. حدثنا سهل بن تمام بن بزيع حدثنا عمر بن سليم الباهلي عن أبي الوليد : سألتُ ابن عمر عن الحصى الذي في المسجد، فقال: (مُطرنا ذات ليلة، فأصبحت الأرض مبتلة، فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسطه تحته، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: ما أحسن هذا !) ]. قوله: [ باب: في حصى المسجد ]، أي: المسجد يُتخذ فيه الحصى، ويتخذ فيه التراب، وهل يخرج أو لا يخرج؟ وهل ينقل من مكان إلى مكان ليفترش؟ فهذه الترجمة تتعلق بهذه الأمور.
قوله: [ فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسطه تحته ] أي: على البلل وعلى الرطوبة التي في الأرض. وقوله صلى الله عليه وسلم: [ (ما أحسن هذا) ] أي: ما أحسن هذا العمل الذي هو اتخاذ الحصى ليتقى به البلل عند الصلاة على الأرض المبتلة التي يحصل بها ابتلال الثياب، فيكون ذلك الحصى الذي وضع في مكان ذلك البلل واقياً منه. ولا بأس باتخاذ الشيء ليمنع من وصول ما يشوش على الإنسان صلاته، أو يلوث ثيابه؛ لأن ذلك أمر مطلوب، كأن يوضع الفراش على مكان مبلول، أو يوضع أي شيء يُتقى به الماء والبلل الذي يكون في الأرض، فلا بأس بذلك. وأما الحديث ففي رجال إسناده من هو مجهول، وعلى هذا فهو غير ثابت، ولكن لا بأس باتخاذ الشيء ليمنع مما فيه أذى وضرر، وليس هناك مانع يمنع منه.

تراجم رجال إسناد حديث: (مطرنا ذات ليلة فأصبحت الأرض مبتلة)


قوله: [ حدثنا سهل بن تمام بن بزيع ]. سهل بن تمام بن بزيع ثقة وصدوق يخطئ، أخرج له أبو داود وحده.
[ حدثنا عمر بن سليم الباهلي ]. عمر بن سليم الباهلي صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود و ابن ماجه .
[ عن أبي الوليد ]. أبو الوليد هو الذي يروي عن ابن عمر ، وهو مجهول، أخرج له أبو داود وحده.
[ سألت ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي المشهور، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح أثر: ( إن الرجل إذا أخرج الحصى من المسجد يناشده )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية ووكيع قالا: حدثنا الأعمش عن أبي صالح قال : كان يقال: إن الرجل إذا أخرج الحصى من المسجد يناشده ]. قوله: [ يناشده ] أي: يسأله أو يطلب منه أن لا يخرجه، وذلك حتى يبقى في تلك البقعة الطيبة. هذا هو المقصود من الأثر، وهو مقطوع كما هو معلوم؛ لأنه كلام تابعي، وهو صحيح إليه، ولكن لا تثبت به حجة، ولا يثبت به حكم، ولا بأس بإخراج الحصى الذي في المسجد عند الحاجة إلى إخراجه وإبداله، وكذلك البلاط الذي يبلط به المسجد إذا احتيج إلى تغييره وتبديله والإتيان بشيء تدعو الحاجة إليه،
ولم يثبت شيء في المنع من إخراجه، ولو ثبت شيء لحُمل ذلك على أنه إذا لم يكن هناك أمر يقتضيه، أما إذا وجد شيء يقتضيه مثل أن يكون منظره قبيحاً أو غير مستحسن، أو أنه صار متسخاً، فإن إخراجه في هذه الحالة لا بأس به، وعلى كل حال فإن إخراج الحصى وإدخاله وتبديله لا بأس به، وليس هناك مانع يمنع منه.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #126  
قديم 22-02-2022, 10:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله


تراجم رجال إسناد أثر: ( إن الرجل إذا أخرج الحصى من المسجد يناشده )

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا أبو معاوية ]. هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ و وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ عن أبي صالح ]. اسمه: ذكوان ، ولقبه السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح أثر: ( إن الحصاة لتناشد الذي يخرجها من المسجد )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن إسحاق أبو بكر -يعني الصاغاني- حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ، حدثنا شريك ، حدثنا أبو حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه -قال أبو بدر : أُراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الحصاة لتناشد الذي يخرجها من المسجد) ]. أورد أبو داود رحمه الله الأثر من طريق أخرى، وهو إلى أبي هريرة ، وأحد رواته -هو أبو بدر - يشك في أنه مرفوع، حيث قال: [ أُراه قد رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ] أي: أظن أنه رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو مثل الأثر الذي قبله من حيث إن الحصى يناشد من يخرجه من المسجد، أي: يسأله أو يطلب منه أن لا يخرجه من ذلك المكان الفاضل إلى مكان مفضول.

تراجم رجال إسناد أثر: ( إن الحصاة لتناشد الذي يخرجها من المسجد )

قوله: [ حدثنا محمد بن إسحاق أبو بكر يعني الصاغاني ]. محمد بن إسحاق أبو بكر الصاغاني ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
وجملة: [ يعني الصاغاني ] قالها من دون أبي داود ؛ لأن هذا شيخ أبي داود ، وعلى هذا فكلمة [ يعني ] التي أُتي بها لتوضيح من هو محمد بن إسحاق ، وأنه الصاغاني هي ممن دون أبي داود ؛ لأن أبا داود لا يحتاج إلى أن يقول: [يعني] وإنما كان سيقول: الصاغاني بدون كلمة [يعني]، وهذه الكلمة لها قائل، فقائلها هو مَن دون أبي داود . وفي هذا ما يوضح أن بعض هذه الألفاظ -مثل كلمة (يعني) أو كلمة: (هو) قد تكون ممن دون صاحب الكتاب؛ لأن صاحب الكتاب لا يحتاج إلى أن يعبر بهذه الألفاظ، فهو يأتي بالعبارة كما يريد، فله أن يطيل وله أن يقصر في ذكر النسب، ولكن الاحتياج إلى ذلك يكون ممن دون المؤلف.
[ حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ]. أبو بدر شجاع بن الوليد صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي شك في أن أبا هريرة رفع الأثر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
[ حدثنا شريك ]. هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم قال في السنن .
[ حدثنا أبو حصين ] هو عثمان بن عاصم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة . [ عن أبي صالح ]. أبو صالح هو ذكوان السمان، وقد مرّ ذكره. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثرهم على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. والحديث ضعفه الألباني .
كنس المسجد


شرح حديث: ( عُرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد .. )

قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب: في كنس المسجد. حدثنا عبد الوهاب بن عبد الحكم الخزاز أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عُرضت علي أجور أمتي، حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها) ]. قوله: [ باب في كنس المسجد ]. أي: تنظيفه وإزالة ما يكون فيه من أوساخ، وهذا من الأمور المطلوبة، وقد سبق في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتخاذ المساجد في الدور وأن تُنظّف وتُطيّب، وتنظيفها هو كنسها وإزالة ما يكون فيها من أوساخ، وكذلك كل ما هو مستقذر، سواءٌ أكان نجساً أم غير نجس.
وهذه الترجمة في كنس المسجد أورد فيها أبو داود رحمه الله حديثاً ضعيفاً، ولكن معنى الترجمة قد جاء في بعض الأحاديث الصحيحة، ومنها الحديث المتقدم، وهو حديث: (وأن تُنظّف)، والحديث الذي بعده (وأن تُطهر)، وهي تدل على أهمية تنظيف المساجد، وقد جاءت أحاديث في حرمة البصاق في المساجد. قوله: (عُرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد). أي: حتى أجر إخراج القذاة من المسجد. وقوله: [ (أوتيها) ] ليس الحديث خاصاً بالرجال، بل والنساء كذلك، ولكن ذكر الرجال؛ لأن الخطاب كان معهم، فذِكْر الرجل لا مفهوم له، بل المرأة كذلك حكمها حكم الرجل، والأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، إلا إذا جاء نص خاص يميز الرجل عن المرأة في حكم من الأحكام، بأن يكون هذا الحكم للرجال وهذا الحكم للنساء، عند ذلك يتم التفريق، وإلا فإن الأحكام التي تكون للرجال هي للنساء، والأحكام التي للنساء هي للرجال، وخطاب النبي صلى الله عليه وسلم لواحد هو خطاب للجميع، والتفريق يكون بالنصوص الخاصة، فذكر الرجل هنا لا مفهوم له، مثل ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:
[ (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصُمه) ] فكذلك المرأة مقصودة في هذا الحديث. وهذا الحديث فيه عرض الأعمال على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل: إنها عُرضت عليه ليلة المعراج. ويحتمل أن يكون ذلك في المنام. ومن المعلوم أن رؤيا الأنبياء وحي وحق، وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه انقطاعاً بين المطلب بن عبد الله بن حنطب و أنس بن مالك ، و المطلب كثير التدليس والإرسال، وهذا من إرساله؛ لأنه لم يسمع من أنس بن مالك رضي الله عنه، وفيه -أيضاً- عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، وفيه كلام. قوله: [ (فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها) ]. هذا فيما إذا كان الإنسان قد أعرض عن القرآن ورغب عنه، أما إذا حصل منه ذلك نسياناً، كأن يحصل منه كسل أو تغافل أو طول ترك من غير قصد فإنه لا حرج على الإنسان في ذلك، ولكنه يخسر خسارة كبيرة، حيث يفوته مغنم كبير؛ لأنه كان سيتمكن من قراءة القرآن عند نومه غيباً، وفي سيره وفي جميع أحواله؛ لأنه إذا كان محفوظاً عنده فإنه يتمكن من ذلك، بخلاف ما إذا كان غير محفوظ، فإنه حينئذٍ لا بد من المصحف،
والمصحف لا يتيسر له أن يقرأ به في كل أحواله، فلو كان مضجعاً أو في ظلام فإنه لا يتمكن من القراءة في المصحف، وإنما يقرأ من صدره ومن حفظه إذا كان حافظاً، فلاشك في أنه خسر خسارة عظيمة وفاته خير كثير، أما إذا كان الإنسان قد أعرض عنه عمداً فإنه قد ارتكب خطأً كبيراً. ومن المعلوم أن حفظ القرآن ليس بواجب، ولكنه من الأمور المستحبة، ومن الأمور التي يحتاج إليها الإنسان؛ وذلك حتى يتمكن من القراءة في أي وقت شاء وعلى أي حال شاء.

تراجم رجال إسناد حديث (عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد .. )

قوله: [ حدثنا عبد الوهاب بن عبد الحكم الخزاز ]. عبد الوهاب بن عبد الحكم الخزاز ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ]. عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد صدوق يخطئ، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن .
[ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، وهو ثقة يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة .
[ عن المطلب بن عبد الله بن حنطب ]. المطلب بن عبد الله بن حنطب صدوق كثير التدليس والإرسال، وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن . [ عن أنس بن مالك ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
اعتزال النساء في المساجد عن الرجال


شرح حديث: ( لو تركنا هذا الباب للنساء )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في اعتزال النساء في المساجد عن الرجال. حدثنا عبد الله بن عمرو أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو تركنا هذا الباب للنساء) قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. وقال غير عبد الوارث : قال: عمر ، وهو أصح ]. قوله: [ اعتزال النساء في المساجد عن الرجال ]. يستفاد من هذه الترجمة عدم الاختلاط بين الرجال والنساء، بحيث تكون النساء متميزات عن الرجال، ويكون الرجال متميزين عن النساء، سواءٌ أكان ذلك في الدخول من الأبواب أم في المكث في المسجد. والذي أورده أبو داود هنا يتعلق بالدخول من الأبواب؛ لأن الأحاديث التي أوردها كلها تتعلق بالباب الذي يدخل منه النساء، ولكن قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على تميزهن عن الرجال أثناء الصلاة، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، حيث قال عليه الصلاة والسلام:
(خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) . فصفوف الرجال كانت متميزة عن صفوف النساء، والصف الأول للرجال هو خير الصفوف؛ لأنه أبعد عن النساء، وآخر صفوف الرجال هو شر الصفوف؛ لأنه قريب من النساء، وأول صفوف النساء هو شر الصفوف؛ لأنه قريب من الرجال، وآخر صفوف النساء هو الذي يكون أفضل؛ لأنه أبعد عن الرجال. وهذا عند عدم وجود حاجز يحجب الرؤية والأصوات، أما إذا كان هناك حاجز أو كان مكان النساء غير مكان الرجال، فلا بأس بأن يتقدمن في الصفوف؛ لأن المحذور حيث يمكن أن يرى الرجال النساء والنساء الرجال. وحديث أبي هريرة الذي عند مسلم يدلّ على فضل ابتعاد النساء عن الرجال، وابتعاد الرجال عن النساء. قوله: [ (لو تركنا هذا الباب للنساء) ].
أي: تدخل منه النساء فقط. وهذا فيه دليل على مشروعية تخصيص بعض الأبواب لدخول وخروج النساء، حتى لا يحصل الاختلاط بين الرجال والنساء. فالسنة جاءت بتمييزهن في المكث في المسجد، كما جاء في حديث أبي هريرة ، وكذلك -أيضاً- في الدخول إلى المسجد، كما في حديث ابن عمر الذي أورده أبو داود هنا. وقد سبق بيان أنه عند وجود الحاجز أو البنيان بين الرجال والنساء، بنتفي به المحذور من حيث النظر أو سماع الأصوات لا تكون الخيرية في آخر صفوف النساء، وإنما حيث يكون هناك إمكان أن يفتتن الرجال بالنساء والنساء بالرجال، أما حيث لا يكون هناك فتنة فإنهن لا يتكدسن في آخر الصفوف وإنما يتقدمن للصفوف الأولى.

اختلاف الرواة في إضافة الحديث إلى عمر أو إلى ابنه عبد الله

قوله: [ (قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات) ]. أي: هذا الباب الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: [(لو تركنا هذا الباب للنساء)] لم يدخل منه ابن عمر حتى مات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أنه يترك للنساء. قوله: [ وقال غير عبد الوارث : قال: عمر . وهو أصح] سيذكر في الأحاديث التي بعده إسناده إلى عمر ، ولكنه يكون بذلك منقطعاً؛ لأن نافعاً لم يدرك عمر ولم يرو عنه، وأما الاتصال فهو بين نافع وبين ابن عمر ، فنافع يروي عن ابن عمر ، وهو كثير الرواية عنه، بل أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر عند البخاري . وإنما الانقطاع بين نافع و عمر ؛ لأن عمر رضي الله عنه توفي سنة (23هـ) ونافعاً توفي سنة (117هـ) أو (119هـ) أو (120هـ) أي أن بين وفاتيهما ما يقرب من مائة سنة. وأما حديث ابن عمر فهو متصل، والحديث صحيح إلى ابن عمر ، وكون ابن عمر يرويه عن الرسول صلى الله عليه وسلم صحيح وثابت. و عبد الوارث ثقة، وإن كان غيره أضافه إلى عمر ولم يروه عن ابن عمر ، إلا أن عبد الوارث ثقة، وما جاء عنه يُعوّل فيه عليه ويحتمل تفرده.

تراجم رجال إسناد حديث: ( لو تركنا هذا الباب للنساء )

قوله: [ حدثنا عبد الله بن عمرو أبو معمر ]. هو أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج التميمي المنقري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الوارث ]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع هو مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر ، وقد مرّ ذكره .

شرح أثر عمر: ( لو تركنا هذا الباب للنساء )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن قدامة بن أعين حدثنا إسماعيل عن أيوب عن نافع قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه. -بمعناه-، وهو أصح ]. ثم أورد أبو داود الحديث من طريق عمر ، وهو موقوف عليه. قوله: [ وهو أصح ]. أي: أن هذا الإسناد أصح، ولكن الطريق الأولى صحيحة أيضاً، و عبد الوارث بن سعيد وإن خالفه غيره لا يؤثر ذلك في روايته. ومن هذا الأثر يتبين أن عمر هو الذي اقترح ترك هذا الباب للنساء، وهو الذي قال هذا، وجاء في الأثر الآخر أن عمر كان ينهى نفسه.

تراجم رجال إسناد أثر عمر: ( لو تركنا هذا الباب للنساء )

قوله: [ حدثنا محمد بن قدامة بن أعين ]. محمد بن قدامة بن أعين ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة.
[ حدثنا إسماعيل ]. هو إسماعيل بن علية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بابن علية .
[ عن أيوب عن نافع عن عمر ]. أيوب و نافع قد مرّ ذكرهما، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه، هو الصحابي الجليل ثاني الخلفاء الراشدين، صاحب المناقب الجمّة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه. و نافع لم يدرك عمر ، فروايته عنه منقطعة، ولهذا ضعفّه الألباني ؛ والسبب في ذلك هو الانقطاع بين نافع وبين عمر .

شرح أثر عمر أنه كان ينهى أن يُدخَل من باب النساء

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة -يعني ابن سعيد - حدثنا بكر -يعني ابن مضر - عن عمرو بن الحارث عن بكير عن نافع قال: إن عمر بن الخطاب كان ينهى أن يُدخَل من باب النساء ]. أورد المصنف ذلك الأثر عن عمر من طريق أخرى أنه (كان ينهى أن يُدخَل من باب النساء)، وفيه ما في الذي قبله من جهة الانقطاع بين نافع و عمر رضي الله تعالى عنه .

تراجم رجال إسناد أثر عمر أنه كان ينهى أن يُدخَل من باب النساء

قوله: [ حدثنا قتيبة -يعني ابن سعيد - ]. قتيبة بن سعيد يقال فيه مثل ما مرّ في الصاغاني ، أي أن جملة ( يعني ابن سعيد ) هذه قالها من دون أبي داود ، أما أبو داود فهو ينسب شيخه كما يريد، وإنما الذي يحتاج إليها مَن دون تلميذ الشيخ. ثم إنه ليس هناك أحد يماثل قتيبة في اسمه في رجال الكتب الستة، فليس هناك التباس، ولكن هذا من زيادة الإيضاح والبيان، ولا يوجد في التقريب من يُسمى قتيبة غير قتيبة بن سعيد . وعلى هذا فإنه لو لم ينسب فليس له مشارك في اسمه حتى يلتبس به، فقوله:
( يعني ابن سعيد ) يس من أجل أن يميزه عن غيره، ولكن هذا من باب زيادة الإيضاح.
[ حدثنا بكر -يعني ابن مضر - ]. بكر بن مضر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن عمرو بن الحارث ]. هو عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بكير ]. هو بكير بن عبد الله بن الأشج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ عن نافع أن عمر ... ]. نافع و عمر قد مرّ ذكرهما .
الأسئلة


حكم صيام يوم السبت
السؤال: ما حكم صيام يوم السبت منفرداً أو موصولاً؟

الجواب: اختلف العلماء في صيام يوم السبت، فمنهم من قال: يُصام مطلقاً، ولا مانع من صيامه."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #127  
قديم 22-02-2022, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [066]
الحلقة (97)

شرح سنن أبي داود [066]


يشرع لمن دخل المسجد أن يقول الذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدخول والخروج، وتشرع تحية المسجد لمن أراد الجلوس في المسجد، وهناك فضل عظيم للجلوس في المسجد للعبادة من صلاة وذكر وتسبيح وقراءة قرآن وغير ذلك، ويكره إنشاد الضالة في المساجد.

فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد



شرح حديث: ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم .. )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد. حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي حدثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي - عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد بن سويد قال: سمعت أبا حميد أو أبا أسيد الأنصاري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك) ]. قوله: [ باب ما يقوله عند دخوله المسجد]. أي: ما يشرع للإنسان أن يدعو به وأن يذكره عند دخوله أي مسجد من مساجد الأرض، فإن الإسلام يشرع له أن يأتي بذلك الذكر عند دخوله المسجد وعند الخروج منه، كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. للمسجد آداب، منها: أن يأتي المسلم بالذكر المشروع عند دخول المسجد وعند الخروج منه، ولا يختص ذلك بمسجد معين، وإنما في المساجد كلها، فعندما يدخل المسجد عليه أن يصلي ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته، وعند خروجه يفعل مثل ذلك،
إلا أنه يسأل الله من فضله. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي حميد أو أبي أسيد رضي الله تعالى عنهما وهو واحد منهما، إما أبو حميد أو أبو أسيد . قوله: (إذا دخل أحدكم المسجد). أي: إذا أراد الدخول، وليس المقصود من ذلك أنه بعد دخوله يقول ذلك، وإنما عند الدخول وهذا مثل قوله: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [المائدة:6] يعني: أن الإنسان يتوضأ إذا أراد القيام للصلاة. قوله: (فليسلّم على النبي صلى الله عليه وسلم). أي: إذا أراد أحدكم دخول المسجد، فإنه يأتي بهذا الذكر، وهو الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك). أي: أنه إذا دخل المسجد يريد التقرب إلى الله عز وجل بالعبادات التي شُرعت في المسجد، فهو يسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته، وأن يوفقه لكل خير، وأن يرحمه ويرفع درجته عنده. وأما إذا أراد الإنسان أن يخرج من المسجد ويذهب إلى بيته أو إلى عمله فإنه يصلي ويسلم على رسول الله عليه الصلاة والسلام،
ويسأل الله من فضله، فناسب عند الدخول أن يسأل الله أن يفتح له أبواب رحمته، وعند الخروج أن يسأل الله من فضله، فيقول: (اللهم إني أسألك من فضلك) أي: أنه عندما يخرج يسأل الله الرزق الحلال من فضله، والله عز وجل يقول: فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10] يعني: يسألون الله من رزقه ومن فضله عندما يخرجون من المسجد عند الانتهاء من الصلاة، وقوله: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فالرحمة تأتي ويراد بها أثر الصفة، ومن آثار هذه الصفة: الجنة؛ فإنها من رحمة الله عز وجل، وقد جاء في الحديث القدسي: (أن الله عز وجل قال للجنة: إنك رحمتي أرحم بكِ من أشاء، وقال للنار: إنك عذابي أعذب بك من أشاء). وكذلك المائة الرحمة التي خلقها الله هي من آثار الصفة، فهناك صفة قائمة بالله عز وجل وهي الرحمة، وهناك آثار للصفة وهو ما خلقه الله عز وجل، مما يكرم به أولياءه، ومما خلقه الله عز وجل من الرحمة التي يتراحم بها الناس، وكذلك أيضاً الجنة التي هي من آثار رحمة الله كما جاء بذلك الحديث القدسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: ( إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم .. )

قوله: [ حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي ]. محمد بن عثمان الدمشقي ثقة، أخرج له أبو داود و ابن ماجة .
[ حدثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي - ]. عبد العزيز الدراوردي صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ]. ربيعة بن أبي عبد الرحمن هو المشهور بربيعة الرأي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الملك بن سعيد بن سويد ]. عبد الملك بن سعيد بن سويد ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة.
[ قال: سمعت أبا حميد أو أبا أسيد ]. [ أبو حميد هو المنذر بن سعد بن منذر ، وهو صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وأبو أسيد هو مالك بن ربيعة الساعدي ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. ومن المعلوم أن الجهل بالصحابي لا يؤثر، فسواء كان هذا أو هذا لا يضر، بل إن الاحتمال في الرواة غير الصحابة فيما إذا كانوا ثقات مثل أن يشك الراوي بين ثقتين فإن ذلك لا يؤثر؛ لأنه حيثما دار فهو يقدّر على ثقة، وإنما الاختلال فيما إذا كان الشك بين ضعيف وثقة، فهذا هو الذي يؤثر فيه الشك، وأما بالنسبة للصحابة فالمجهول فيهم في حكم المعلوم، وسواء يكون هذا أو هذا أو لا يعرف اسمه فلا يؤثر هذا، بل يكفي أن يُعرف أنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفي أن يقال: عن رجل صَحِبَ النبي صلى الله عليه وسلم، وأما غير الصحابة فلا يكفي أن يقال: عن رجل؛ لأن هذا يصير مبهماً، ولا يُعوّل على الحديث الذي يكون فيه رجل مبهم سوى الصحابة رضي الله عنهم.

شرح حديث: ( أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم .. )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح قال: لقيت عقبة بن مسلم فقلت له: (بلغني أنك حدثت عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال: أقطّ؟ قلتُ: نعم. قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حُفظ مني سائر اليوم) ]. قوله: (قال أقط؟). يعني: أهذا الذي بلغك فقط؟ لأن الهمزة للاستفهام؛ لأنه يوجد في الحديث زيادة على ذلك. قوله: (قلت: نعم). يعني: هذا هو الذي بلغني فقط، وهذا هو ما سمعت فقط. قوله: (فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم). أي: فإذا قال ذلك من يدخل المسجد قال الشيطان: حُفظ مني سائر اليوم؛ لأن من قال ذلك استعاذ بالله متوسلاً بأسمائه وصفاته بأن يعيذه من الشيطان الرجيم، فيقول الشيطان: حفظ مني سائر اليوم، يعني:
باقي اليوم أو كل اليوم لأن كلمة (سائر) قيل: إن المقصود بها الباقي، أي: أنه يذكر شيئاً ثم يعبّر عن باقيه بكلمة (سائر). وقيل: إن المقصود بها جميعاً؛ لأنها ليست مقصورة على الباقي الذي هو بمعنى السؤر، وهو الزائد الذي كان خارجاً عن الشيء الذي قد مضى، أو زائداً عن الشيء الذي مضى، وإنما يقصد به اليوم كله، فمعنى (سائر اليوم) يعني: جميع اليوم، وعلى أحد المعنيين في اللغة: أن سائر يراد بها الباقي، يعني إذا قالها في أي وقت من النهار فإنه يحفظ سائر اليوم، سواء كان في أوله أو في وسطه أو في آخره، فإذا قالها عند المغرب أو قالها عند العشاء أو قالها عند الفجر أو قالها عند الظهر، فمعناه أنه يحفظ سائر اليوم أو الليلة، ومعنى هذا: أن في ذلك حفظاً من الشيطان، وأنه يترتب على هذا الدعاء العظيم منفعة عظيمة، وهي الحفظ من الشيطان.
قوله: [ (وسلطانه القديم) ]. السلطان صفة من صفات الله، وهي صفة سلطته وملكوته وعظمته وغلبته؛ لأنه لا يُستعاذ بمخلوق، والحديث جاء فيه الاستعاذة بالله عز وجل وبصفاته، وأما كلمة (القديم) فالمقصود بها الأزلي، يعني: الذي صفاته وقدرته وغلبته وقهره ليس لها بداية، فهو متّصفٌ بذلك أزلاً، ولكن ليس من أسماء الله القديم، ولكن هذا وصفٌ لقهره وغلبته بأنها أزلية.

تراجم رجال إسناد حديث: ( أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم )

قوله: [ حدثنا إسماعيل بن بشر بن منصور ]. إسماعيل بن بشر بن منصور صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ]. هو عبد الرحمن بن مهدي ، وهو البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حيوة بن شريح ]. هو حيوة بن شريح المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ لقيت عقبة بن مسلم ]. هو عقبة بن مسلم المصري وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهُمْ: عبد الله بن عمر ، و عبد الله بن عمرو ، و عبد الله بن الزبير ، و عبد الله بن عباس . والعبادلة الأربعة فيهم اثنان معروفان بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهما: ابن عباس و ابن عمر ، وأما ابن الزبير و ابن عمرو فليسا من الذين بلغت أحاديثهم بالكثرة التي توصل إلى حد السبعة الذين عُرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم جميعاً يقال عنهم: العبادلة الأربعة من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم من صغار الصحابة، وسنهم متقارب، مع أنه يوجد في الصحابة كثيرون ممن يقال له: عبد الله، ولكنّ لَقَب العبادلة اشتهر به هؤلاء الأربعة؛ لأنهم متقاربون في السن؛ ولأنهم من صغار الصحابة وقد أدركهم من لم يدرك كبار الصحابة مثل: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي توفي سنة (32هـ) فإنه متقدم الوفاة ولم يدركه من أدرك ابن عمر و ابن عباس و ابن الزبير و عبد الله بن عمرو الذين هم من صغار الصحابة، وقد عاشوا بعد عبد الله بن مسعود . وهناك أيضاً غير عبد الله بن مسعود ممن يقال له: عبد الله كعبد الله بن قيس الذي هو أبو موسى الأشعري ، وعدد كبير من الصحابة ممن اسمه عبد الله، ولكن الذي اشتهر بلقب العبادلة هم هؤلاء الأربعة من الصحابة، وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أصحاب الكتب الستة.

ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد


شرح حديث: (إذا جاء أحدكم المسجد فليصل سجدتين من قبل أن يجلس )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد. حدثنا القعنبي حدثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء أحدكم المسجد فليصلَّ سجدتين من قبل أن يجلس). ]. قوله: [ باب ما جاء في الصلاة عند دخول المسجد ]. يعني: تحية المسجد، وأن الإنسان إذا دخل المسجد فإنه يصلي ركعتين قبل أن يجلس. قوله: [ (إذا جاء أحدكم المسجد فليصلَّ سجدتين من قبل أن يجلس) ] أي: المقصود بالسجدتين الركعتين، ويطلق على الركعة سجدة، ويقال لها أيضاً: ركعة، ويقال لها: سجدة تسمية للكل باسم البعض؛ لأن الركعة فيها السجود وفيها الركوع، لكن الذي غلب في الاستعمال ذكر الركعة، والمقصود بصلاة الركعتين هو: الحد الأدنى،
وإذا أراد أن يصلي أكثر من ذلك فلا بأس، ولكنه لا يصلي أقل من ركعتين؛ لأنه لا يُتنفل بأقل من ركعتين إلا في الوتر، ولا تُصلَّى الركعة الواحدة إلا في الوتر، حيث يصلي الإنسان ما شاء من الليل مثنى مثنى ثم يختم ذلك بركعة؛ لتكون صلاته وتراً، وذهب بعض أهل العلم إلى عموم ذلك في جميع الأوقات، بل حتى في أوقات النهي، قالوا: لأن هذا لفظ عام يراد به أنه كلما دخل الإنسان المسجد فإنه يصلي هاتين الركعتين. وبعض أهل العلم قال: في أوقات النهي لا يصليهما؛ لعموم قوله: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس). فمنهم من رجّح عموم هذا الحديث، ومنهم من رجّح عموم الأمر بتحية المسجد، ومنهم من رأى أنه لا يصلى أي صلاة في أوقات النهي إلا ما ورد بخصوصه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الأمر بتحية المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: ( إذا جاء أحدكم المسجد فليصلَّ سجدتين من قبل أن يجلس )

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة
[ حدثنا مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور الفقيه المبجل، وهو أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عامر بن عبد الله بن الزبير ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن سليم الزرقي ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قتادة ]. هو الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

طريق أخرى لحديث: ( إذا جاء أحدكم المسجد فليصلَّ سجدتين من قبل أن يجلس ) وتراجم رجال الإسناد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا أبو عميس عتبة بن عبد الله عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن رجل من بني زريق عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، زاد: (ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته) ]. أورد أبو داود رحمه الله الحديث من طريق أخرى عن أبي قتادة ، وهو نحو الذي تقدّم، فهو يتفق معه في المعنى ويختلف في بعض الألفاظ؛ لأن كلمة (نحو) تعني أنه يتفق معه في المعنى مع اختلاف في اللفظ، بخلاف (مثل) فإنها تعني المماثلة في اللفظ والمعنى.
قوله: [ (ثم ليقعد بعد ذلك إن شاء أو ليذهب لحاجته) ]. يعني: من دخل المسجد فليصلَّ ركعتين ثم ليجلس أو ليذهب إلى حاجته إن شاء
. قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ حدثنا عبد الواحد ]. هو عبد الواحد بن زياد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ حدثنا أبو عميس عتبة بن عبد الله ]. هو عتبة بن عبد الله المسعودي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عامر بن عبد الله بن الزبير ]. عامر بن عبد الله بن الزبير قد تقدم ذكره.
[ عن رجل من بني زريق ]. وهو هنا مبهم، ولكنه مذكور في الطريق الأولى، وهو عمرو بن سليم الزرقي.
[ عن أبي قتادة ]. وقد مر ذكره.

الأسئلة


حكم من دخل المسجد ثم خرج دون أن يصلي تحية المسجد
السؤال: إذا دخل الإنسان من أحد أبواب المسجد وخرج من الباب الآخر ولا يريد الجلوس فهل يسن له صلاة ركعتين؟

الجواب: الذي ورد في بعض الروايات: (فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) فقوله: (لا يجلس) يفيد أن الإنسان إذا دخل المسجد ولا يريد أن يجلس، فإن له ألا يصلي، والحديث أخرجه أصحاب الكتب الستة، أخرجه البخاري و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة وفيه ألفاظ مختلفة، ومن ألفاظه: (فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، فمثلاً: عابر السبيل إذا دخل المسجد ماراً فلا يلزمه أن يصلي؛ لأنه ورد : (لا يجلس حتى يصلي ركعتين) فمعناه: أن الجلوس لابد أن يسبقه ركعتين ثم إن شاء أن يجلس جلس، وإن شاء أن ينصرف انصرف.

فضل القعود في المسجد


شرح حديث: ( الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه .. )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فضل القعود في المسجد. حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث أو يقم: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) ]. قوله: [ باب في فضل القعود في المسجد ]. يعني: الجلوس فيه لذكر الله عز وجل وقراءة القرآن، فإن فيه فضلاً عظيم؛ لأنه في صلاة ما دام منتظراً للصلاة، وكذلك بعد صلاته إذا جلس فالملائكة تصلي عليه وتستغفر له ما لم يؤذِ أو يحدث، تقول: اللهم ارحمه اللهم اغفر له، فهذا يدل على فضل الجلوس في المساجد، حيث أن الجلوس فيها عبادة؛ لأنها خير البقاع كما جاء في صحيح مسلم : (أحب البقاع إلى الله مساجدها، وأبغضها أسواقها) .
فأحسن مكان في البلد المسجد؛ لأنه مكان العبادة ومكان ذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن، بخلاف الأسواق فإنها محل الصخب ومحل الأخذ والرد والكلام وعدم التمسك والتقيد بشرع الله. ولهذا فإن المساجد لا يشتغل فيها بأمور الدنيا، فلا ينشد فيها ضالة ولا يباع فيها ويشترى وإنما هي لذكر الله عز وجل وعبادته، فإذا جلس الإنسان في المسجد فهو على خير؛ لأنه في مكان عبادة وليس مكان انشغال بأمور الدنيا، سواء كان جلوسه قبل الصلاة أو بعد الصلاة، فهو في صلاة ما انتظر الصلاة. قوله: (الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه). أي: تدعو له وتقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه؛ لأن صلاة الملائكة للمؤمنين هي الدعاء، والله تعالى يقول: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56]. فصلاة الله عز وجل على نبيّه هي ذكره في الملأ الأعلى، وصلاة الملائكة هي الدعاء له، وصلاة المسلمين هي أن يقولوا: اللهم صلّ وسلم على رسول الله، أي:
يدعون له بأن يصلي الله ويسلم عليه، فصلى الله عليه وسلم. فكذلك الملائكة يدعون ويصلون على الذين يجلسون في المساجد، سواءً كانوا ينتظرون الصلاة، أو كانوا قد فرغوا من الصلاة وجلسوا يذكرون الله، أو يقرءون القرآن، ما لم يحدث أحدهم أو يقم. من المعلوم أن الصلاة في اللغة: الدعاء، وسميت الصلاة المفروضة بهذا الاسم؛ لأن أكثر أعمالها وهيئاتها فيها دعاء، فالإنسان وهو قائم في الصلاة، فإنه يقول دعاء الاستفتاح، وكذا عند قراءة الفاتحة هي دعاء، وكذلك قراءة القرآن، وكذلك أيضاً عند الركوع والقيام منه ثناء ودعاء، وفي السجود وبين السجدتين وفي التشهد، فكل ذلك دعاء، فقيل للصلاة: دعاء. مع أن الصلاة المفروضة ليست مقصورة على الدعاء، بل هي أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم، والأقوال التي تكون في الصلاة هي دعاء. قوله: (ما لم يحدث).
يعني: مادام على طهارة ولم ينتقض وضوءه فإنه يحصل له هذا الفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما لم يحدث) فهو إذا كان على طهارة فهو يذكر الله أو يصلي أو يقرأ القرآن، فهو على خير بهذا الدعاء من الملائكة. قوله: (أو يقم) يعني: يترك مصلاه. أما الكلام في المسجد عن شئون الدنيا، كأن يتحدث الإنسان في المسجد عن العقار، فهذا يحصل إثماً.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #128  
قديم 22-02-2022, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله


تراجم رجال إسناد حديث: ( الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه .. )
قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد ]. أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان ، لقبه أبو الزناد ، وكنيته أبو عبد الرحمن ، فتسميته بأبي الزناد لقب على صفة الكنية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعرج ]. هو عبد الرحمن بن هرمز وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بلقب: الأعرج .
[ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

الأسئلة


حكم من قام من مصلاه في المسجد إلى مكان آخر

السؤال: قوله: (في مصلاه الذي صلى فيه) هل المراد البقعة التي صلى فيها أو عموم المسجد؟

الجواب: لاشك أن الإنسان إذا كان في المكان الذي صلى فيه فالأمر في ذلك واضح ليس فيه أي إشكال، وإنما الإشكال فيما إذا قام منه إلى مكان آخر، وما دام أنه موجود في المسجد فلا شك أنه على خير. فمن كان ينتظر الصلاة فهو في صلاة والملائكة تدعو له، ولو أنه خرج لتجديد الوضوء فهذا من الأمور الضرورية التي لابد منها، ولا يعني ذلك أنه يعدم الأجر، أو أن الملائكة لا تصلي عليه؛ لأن الحاجة طرأت عليه فخرج، والخير حصل له قبل أن يذهب، كما جاء في الحديث: (من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ...) الحديث، يعني: لو أن الإنسان قام ليحضر درساً أو قام من مكانه ليستند على عمود، فإن حضور الدرس لا يدخل في الحديث، وإن جلس في المصلى يذكر الله، وحديث: (من جلس بعد الفجر) فالذي يبدو أنه من جلس ليذكر الله أو يقرأ القرآن، أما كونه يحضر درساً فيبدو أنه يختلف عما جاء في الحديث، لكن الكل على خير بلا شك.

شرح حديث: ( لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه .. )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة) . ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة وهو بمعنى الذي قبله. قوله: [ (لا يزال أحدكم في صلاة مادامت الصلاة تحبسه) ]. يعني: مادام ينتظر الصلاة. قوله: [ (لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة) ]. يعني: لا يمنعه أن ينصرف إلى أهله ويخرج من المسجد إلا انتظار الصلاة، فهو يؤجر كما يؤجر المصلي؛ لأنه في صلاة.


تراجم رجال إسناد حديث: (لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه ..)

[حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكرهم جميعاً.

شرح حديث: (لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلَّاة ينتظر الصلاة ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال العبد في صلاة ما كان في مُصلَّاه ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، حتى ينصرف أو يحدث، فقيل: ما يحدث؟ قال: يفسو أو يضرط) ]. قوله: [ (لا يزال العبد في صلاة ما كان في مُصلَّاه ينتظر الصلاة) ]. وهذا الحديث مثل الذي قبله: (لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه).
قوله: [ (تقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه) ]. يعني: تدعو له وهو في هذه المدة التي هو فيها جالساً في المسجد ينتظر الصلاة. قوله: [ (حتى ينصرف أو يحدث) ]. يعني: حتى يخرج من المسجد أو يحصل منه الحَدَث. قوله: (فقيل: ما يحدث؟ قال: يفسو أو يضرط). هذا هو المقصود بالحدث لأنه قد يحتمل أكثر من معنى، فمثلاً: قد يكون بمعنى انتقاض الوضوء، أو حَدَث في الدين، أو حصول أمر منكر لا يسوغ، ففسّره بأنه ضراط أو فساء، والفساء: هو خروج الريحة التي ليس لها صوت، والضراط: هو خروج الريحة التي لها صوت، مثل ما جاء في الحديث الآخر: (لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) أي: حتى يسمع صوتاً للخارج من الريح، وهو الضراط أو يجد ريحاً للخارج من غير أن يكون له صوت وهو الفساء.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلَّاة ينتظر الصلاة .. )

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي رافع ]. هو نفيع الصائغ وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكره.

شرح حديث: (من أتى المسجد لشيء فهو حظُّه)

[ حدثنا هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عثمان بن أبي العاتكة الأزدي عن عمير بن هانئ العنسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أتى المسجد لشيء فهو حظُّه) ]. قوله: [ (من أتى المسجد لشيء فهو حظُّه) يعني: أن من نوى المجيء إلى المسجد لشيء فله ذلك الشيء الذي أراده من مجيئه للمسجد، فيكون حظه ونصيبه من مجيئه للمسجد هو ذلك الذي أراده، وهذا من جنس قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
فمن جاء إلى المسجد من أجل أن يصلي فيه، أو من أجل أن يشهد الجماعة التي هي واجبة، أو من أجل أن يُحصّل الأجر في المسجد بالذكر وقراءة القرآن، فهو حظه وله ما أراد، ومن لم يدخل المسجد لهذا العمل العظيم، وإنما دخله لأمر من الأمور التي لا علاقة لها بالدين والطاعة فهو حظه، وله ما أراد من العمل بلا أجر؛ لكونه دخل لأجل حاجة معينة، ولم يدخل للصلاة ولا للطاعات. والأجر إنما يحصله إذا كان جاء من أجل أن يصلي -سواء كان فرضاً أو نافلة- أو لقراءة قرآن أو لذكر الله عز وجل، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديثه عن المنافقين قال: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما -أي: من الأجر- لأتوهما ولو حبواً)، معناه: أن بعض عباد الله عز وجل يعرفون قدر صلاة الجماعة وعظم شأن صلاة الجماعة، فهم لو لم يستطيعون أن يأتوا إلا حبواً لَفَعلوا؛ لمعرفتهم وإيمانهم بالأجر الذي وعد الله عز وجل به. والمنافقون لا تهمهم الآخرة وإنما تهمهم الدنيا، ولهذا قال بعد ذلك: (والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء) أي: لو كان يعلم أن المسجد فيه لحم يُوزّع أو طعام يؤكل لجاء إلى العشاء ولحضر إلى المسجد من أجل أن يحصّل هذا الطعام في المسجد. أما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان الواحد منهم يصيبه المرض، ثم لا تسمح له نفسه أن يصلي في بيته، مع أنه معذور لو صلى في بيته، ولكنه يأتي إلى المسجد يُهادى بين الرجلين، أي: يمسك رجل عضده اليمنى، ويمسك رجل آخر عضده اليسرى،
ورجله تخط بالأرض حتى يقام في الصف؛ كل هذا من أجل الأجر الذي وعد الله تعالى به، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً) . وجاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث يُنادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) . أي: علامة النفاق التخلف عن الصلاة، كما جاء أيضاً عن عبد الله بن عمر أنه قال: (كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء اتهمناه) يعني: اتهمناه بالنفاق، ثم قال: (ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف).

تراجم رجال إسناد حديث: (من أتى المسجد لشيء فهو حظّه)

قوله: [ حدثنا هشام بن عمار ]. هشام بن عمار صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا صدقة بن خالد ]. صدقة بن خالد ثقة، وحديثه أخرجه البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[ حدثنا عثمان بن أبي العاتكة الأزدي ]. عثمان بن أبي العاتكة الأزدي صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و ابن ماجة .
[ عن عمير بن هانئ العنسي ]. عمير بن هانئ العنسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكره.

كراهية إنشاد الضالة في المسجد


شرح حديث: (من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا أدّاها الله إليك .. )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد. [ حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا حيوة - يعني ابن شريح - قال: سمعت أبا الأسود - يعني محمد بن عبد الرحمن بن نوفل - يقول: أخبرني أبو عبد الله مولى شداد أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من سمع رجلاً ينشُد ضالة في المسجد فليقل: لا أداها الله إليك؛ فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا) ]. إنشاد الضالة في المسجد هي: أن ينادي إنسان فيقول: من وجد لي كذا، أو ضاع مني كذا وكذا؟ هذا هو المقصود بإنشاد الضالة، قالوا: هي في الأصل تُطلق على الإبل، لكن المقصود بها هنا ما هو أعم من ذلك، سواء كانت من بهيمة الأنعام أو غيرها فليس للإنسان أن ينشد شيئاً ضائعاً له في المسجد مطلقاً؛ لأن المساجد ما بُنيت للكلام في أمور الدنيا، وإنما بُنيت لذكر الله عز وجل. قوله: [ (من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا أداها الله إليك) ].
أي: يعامل بنقيض قصده، فكما حرص على الدنيا يدعى بألا يحصل له مقصوده من الدنيا؛ لأنه فَعَل ذلك في مكان لا يسوغ له أن يفعله فيه. فهذا فيه دليل على منع ذلك في المسجد؛ لأنه لا يسوغ، ويدل أيضاً على أن الاشتغال بأمور الدنيا عموماً حكمه كذلك؛ لأن قوله: (فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا) يشمل ما يتعلق بالضالة وغير الضالة من أمور الدنيا، حيث أن المساجد بُنيت لذكر الله، ولتعلم العلم، ولقراءة القرآن، وللصلاة وعبادة الله عز وجل، وليس للحديث في أمور الدنيا وطلبها والاشتغال بها، ولا لإنشاد ضالة ولا غير ضالة. أي: ما بُنيت للاشتغال في أمور الدنيا، وإنما بنيت للاشتغال في أمور الآخرة. والضالة لا تُنشد في المسجد سواء ضاعت في المسجد أو خارج المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: ( من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا أداها الله إليك .. )

قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ]. عبيد الله بن عمر القواريري ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي.
[ حدثنا عبد الله بن يزيد ]. هو المقرئ ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حيوة - يعني ابن شريح - ]. حيوة بن شريح المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت أبا الأسود - يعني محمد بن عبد الرحمن بن نوفل - ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني أبو عبد الله مولى شداد ]. هو: سالم بن عبد الله وهو صدوق، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة.
[ أنه سمع أبا هريرة ]. أبو هريرة رضي الله عنه قد مرّ ذكره.

الأسئلة


نشدان الضالة بطريقة نشر الأوراق

السؤال: يستخدم بعض الناس الآن طريقة الإعلان عن الضالة في الأوراق، فأحياناً تلصق ورقة على الباب في داخل المسجد أو أحياناً في الخارج، وفيها مثلاً: ضاع مني تلفون جوال، فمن وجده فليؤده إلى إمام المسجد. وهكذا، فما حكم هذه الطريقة؟

الجواب: إذا نصبت الورقة خارج المسجد فإن شاء الله ليس في ذلك بأس؛ لأن هذا ليس فيه نداء في المسجد، بل خارج المسجد، وأيضاً لو نشد الضالة خارج المسجد فما في ذلك بأس؛ لأنه خارج المسجد.

حكم البحث عن الولد في المسجد

السؤال: ما حكم إنشاد الولد في المسجد والبحث عنه؟

الجواب: من ضاع له ولد فلا يصلح أن ينادي عليه في المسجد، لكن له أن يسأل عنه الجهات المختصة، فيذهب للشرطة ويسألهم أو يسأل أصحاب المحلات الخيرية التي في المسجد، والتي هي مظنة ذلك، فما في ذلك بأس؛ لأن المسجد في داخله جهة مخصصة لهذا، لكن لا يقوم وينادي في الناس أنه ضاع لي ولد أو ضاع لي كذا. وأما أن يسأل آحاد المصلين عن ولده فلا بأس؛ لأن الولد يختلف عن المال، فلا يقال: هذا حريص على الدنيا داخل المسجد، لكن البحث عن الولد يكون بدون إعلان أو تصويت.

وجه عدم وجود حاجز بين الرجال والنساء في المسجد في عهد النبي

السؤال: لماذا لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ستار حاجز بين الرجال والنساء في المسجد؟

الجواب: يمكن أن يكون وضع شيء حاجز فيه مشقة، وأما إذا وجد فاصل فيكون ذلك أحسن، ولا ندري عن الذي حصل في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، هل وجد فاصل أو لم يوجد فاصل، فقد يمكن أن يوجد فاصل وهو قصير يمكن أن يرى ما وراءه، ما عندنا في ذلك علم.

حكم من بالغ في الاستنشاق في نهار رمضان
السؤال: من بالغ في الاستنشاق في نهار رمضان ووصل الماء إلى حلقه، هل عليه إعادة ذلك اليوم؟

الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه قال في الاستنشاق: (إلا أن تكون صائماً) لكن يبدو أنه لا يفطر؛ لأنه مثل الإنسان الذي دخل إلى حلقه شيء يسير غصباًَ عنه من غير اختياره فلا يضره."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #129  
قديم 21-10-2022, 08:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [066]
الحلقة (98)

شرح سنن أبي داود [067]

من محاسن الدين الإسلامي أن جعل لكل شيء أحكاماً وآداباً تنظم أحوال الناس فيه، ومن ذلك آداب المساجد؛ لأنها بيوت الله، ولها مكانتها، وهي لم تُبْنَ إلا للعبادة، فلا ينبغي أن تُدنس بشيء من رجس الدنيا، فلا يتفل ولا يتنخم فيها، ومن طرأ له شيء فليتفل عن يساره تحت قدمه اليسرى، ثم ليدفنها إن كان المسجد مفروشاً بالحصى، وإلا فليتفل في ثيابه.

ما جاء في كراهية البزاق في المسجد


شرح حديث: (التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن تواريه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية البزاق في المسجد. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام و شعبة و أبان عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التفل في المسجد خطيئة، وكفارته أن تواريه) ]. قوله: [ باب في كراهية البزاق في المسجد ]. البزاق: هو ما يخرج من ريق الفم، وإذا كان من أدناه فهو تفل، وإذا كان من أقصاه يقال له: نخامة، ويقال له: بزاق ويقال له: بصاق، وكل ذلك مما لا يسوغ أن يفعل في المسجد؛ وذلك لكونه مستقذراً تشمئز منه النفوس، ومن أجل ذلك جاء ما يدل على النهي عنه في المساجد، وليس النهي لكونه نجساً؛ فإنه طاهر. أورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث، منها ما يتعلق بلفظ التفل، ومنها بلفظ البصاق، ومنها بلفظ النخامة، وغير ذلك، وكلها في معنى واحد، ولكنها تتفاوت في هيئتها وكيفيتها، فالتفل دون البزاق والنخامة؛ لأن الذي يخرج من الحلق ويخرج من الجوف غير الذي يكون في الفم من الريق إذا تفله الإنسان، فكل ذلك من الأمور المستقذرة. قوله: (التفل في المسجد خطيئة). أي: أنه سيئ وأنه إثم، ووقوع في أمر مكروه لا يسوغ، ولكنه إذا وُجد فإن عليه أن يدفنه وأن يواريه، وهذا يدل على طهارته؛ لأنه لو كان نجساً فلا يكفي فيه أن يوارى، فالنجس يغسل ويصبّ عليه الماء، كما جاء في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يراق عليه ذنوب من ماء حتى يطهر بذلك. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد في البزاق إلى مواراته ودفنه؛ وذلك حتى لا تقع إليه الأنظار وحتى لا تشمئز منه النفوس؛ لكونه شيئاً مستقذراً تنفر منه الطباع إذا رأته، فإن كون الإنسان يتخلص من مغبة ذلك بأن يواريه وأن يدفنه في تراب المسجد وهذا فيما إذا كان المسجد ترابياً أو فيه حصباء، أما إذا كان مفروشاً أو مبلطاً فإن الوسخ يظهر عليه سواء كان رطباً أو يابساً، ولا يمكن مواراته. وعلى كُلٍّ فعلى الإنسان في جميع الأحوال أن ينزه المسجد من هذه الأوساخ، ولا يأتي بشيء يسيء فيه إلى المصلين وإلى من في المسجد، بحيث تقع أبصارهم على شيء تشمئز منه نفوسهم وتنفر منه طباعهم، وإنما على الإنسان أن يبصق في ثوبه إذا كان مضطراً إلى ذلك، أو يبصق في التراب إذا كان المسجد ترابياً ثم يواريه، أو يبصق عن يساره ويدلكه برجله أو بنعله حتى لا يبقى له أثر.

تراجم رجال إسناد حديث: (التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن تواريه)

قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وُصِفَ بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ و أبان ]. هو: ابن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وأحد السبعة من الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

طريق أخرى لحديث: (البزاق في المسجد خطيئة) وتراجم رجال الإسناد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) ]. أورد المصنف رحمه الله حديث أنس بن مالك من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، إلا أنه بلفظ البزاق وهو اللفظ الذي في الترجمة، والكلام فيه كالذي قبله. قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو عوانة ]. هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة ، ويأتي ذكره كثيراً بهذه الكُنية. [ عن قتادة عن أنس ]. قتادة و أنس قد مرّ ذكرهما.

أعلى الأسانيد عند أصحاب الكتب الستة

الرباعيات هي من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وليس عند أبي داود ثلاثيات. وكذلك النسائي ليس عنده ثلاثيات، وأيضاً الإمام مسلم رحمة الله عليه ليس عنده ثلاثيات، وإنما الثلاثيات عند الثلاثة الباقين من أصحاب الكتب الستة، فالبخاري عنده اثنان وعشرون حديثاً ثلاثياً، بين البخاري وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص، و الترمذي عنده حديث واحد ثلاثي، و ابن ماجة عنده خمسة أحاديث ثلاثية كلها بإسناد واحد وهو إسناد ضعيف.

شرح حديث: (النخاعة في المسجد ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد -يعني ابن زريع - عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النخاعة في المسجد) فذكر مثله ]. أورد المصنف رحمه الله حديث أنس بن مالك من طريق أخرى وفيه: [ (النخاعة في المسجد) ] يعني: خطيئة وكفارتها دفنها، حيث ذكر أنه مثل الحديث الذي قبله، إلا أنه بدل البزاق في المسجد قال: (النخاعة في المسجد)، والنخاعة: هي النخامة، والبزاق هو البصاق، كل ذلك بمعنى. قوله: [ (النخاعة في المسجد) ] أو (البصاق في المسجد) أو (التفل في المسجد) المقصود من الظرفية هو أن حصول ذلك في المسجد هو الشيء الممنوع والمحذور، وسواء كان ذلك ممن في المسجد أو ممن كان في غير المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: (النخاعة في المسجد ...)

قوله: [ حدثنا أبو كامل ]. هو: فضيل بن حسين الجحدري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي. [ حدثنا يزيد -يعني ابن زريع - ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد ]. هو: سعيد بن أبي عروبة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة عن أنس ]. قتادة وأنس قد مر ذكرهما.

شرح حديث: (من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي حدثنا أبو مودود عن عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر فليدفنه، فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه ثم ليخرج به) ]. قوله: (فليحفر فليدفنه). أي: يخرج التراب ويضعه عليه، والحفر يكون بإخراج حفنة من التراب بيده، ويجعل ذلك البصاق في تلك الحفرة التي حفرها ويواريه بحيث يتغطى ولا تقع عليه الأبصار؛ وذلك لأنه مستقذر مع أنه ليس بنجس، وإنما المقصود من مواراته إزالة كل شيء مستقذر تشمئز منه النفوس وتنفر منه الطباع. قوله: (فإن لم يفعل). أي: فإن لم يحصل منه الدفن فإن عليه ألا يبصق في الأرض، بل يبصق في ثوبه ويخرج به معه.

تراجم رجال إسناد حديث: (من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر ..)

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا أبو مودود ]. هو عبد العزيز بن أبي سليمان وهو مقبول، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن عبد الرحمن بن أبي حدرد الأسلمي ]. وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ سمعت أبا هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. والحديث هو بمعنى الأحاديث التي جاءت قبله عن أنس بن مالك ، وكذلك الأحاديث التي سوف تأتي، وهو وإن كان فيه مقبولان إلا أن هناك أحاديث كثيرة جاءت من طرق صحيحة تدل على ما دل عليه هذا الحديث.

شرح حديث: (.. إذا صلى أحدكم فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه ..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن منصور عن ربعي عن طارق بن عبد الله المحاربي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قام الرجل إلى الصلاة أو إذا صلى أحدكم فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغاً أو تحت قدمه اليسرى، ثم ليقل به) ]. قوله: (ثم ليقل به). أي: وليدلكه، كما جاء في رواية عند النسائي : (وإلا فليقل هكذا، وبصق تحت رجله ودلكه) فقوله: [ (وليقل به) ] المقصود به أنه إشارة إلى فعل يفعله بهذا الذي وضعه تحت قدمه اليسرى، بمعنى أنه يدلكه بحيث يتلاشى ويضمحل ولا يبقى له أثر.


تراجم رجال إسناد حديث: (.. إذا صلى أحدكم فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه ..)

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هناد بن السري ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن الأربعة. [ عن أبي الأحوص ]. هو سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة، مشهور بكُنيته، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ربعي ]. هو ربعي بن حراش وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن طارق بن عبد الله المحاربي ]. وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد وأصحاب السنن الأربعة.

شرح حديث: (.. إن الله تعالى قبل وجه أحدكم إذا صلى، فلا يبزق بين يديه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن داود حدثنا حماد حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوماً إذ رأى نخامة في قبلة المسجد، فتغيظ على الناس، ثم حكّها، قال: وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلطخه به، وقال: إن الله تعالى قِبَلَ وجه أحدكم إذا صلى، فلا يبزق بين يديه) ]. قوله: (إذا رأى نخامة في قبلة المسجد) أي: في الجدار الأمامي الذي أمام الناس. قوله: [ (وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلطخه به) ] لأن الزعفران فيه رائحة طيبة، فأراد أن يجعل مكان ذلك الأثر المستقذر زعفراناً له رائحة طيبة. قوله: [ (فتغيظ على الناس) ]. أي: حصل منه غضب، وظهر عليه التأثر لهذا الفعل الذي حصل، فحرمة المساجد عظيمة، فكيف يحصل لها مثل ذلك؟! فيجب أن تُصان وأن تُنّزه وأن تُنظّف، وألا يُفعل فيها شيء مما لا ينبغي، سواء كان ذلك يلصق في الجدار أو في الأرض، أو كان شيئاً منفصلاً كالقذارة التي سبق أن مر ذكرها في بعض الأحاديث. قوله: [ (.. ثم حكّها ..) ] أي: باشر ذلك بنفسه صلى الله عليه وسلم. قوله: (وقال: إن الله تعالى قبل وجه أحدكم) ]. أي: أن الله تعالى قِبَلَ وجهه، والمقصود أمامه. وهذا مثل الآية الكريمة: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، قال بعض أهل العلم: إن هذه الآية من آيات الصفات، والمقصود بالوجه هو وجه الله عز وجل الذي هو صفة من صفاته، وبعض أهل العلم قال: إن المقصود بالوجه هنا الوجهة، وهي القبلة. ولكن كون المقصود بها آية من آيات الصفات هو الأوضح؛ لأنه قال: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115] أي: أن الإنسان أينما اتجه فالله تعالى أمامه. والمقصود من ذلك أن الله عز وجل فوق كل شيء ومحيط به، والمخلوقات في قبضة الله عز وجل، كما قال ابن عباس : (كالخردلة في كف أحدنا) ومن المعلوم أن ما داخل الخردلة المقبوض عليها بالكف أينما اتجه فهو أمام قابضها، ولله المثل الأعلى، وهذا أصح ما قيل في معنى هذه الآية، وأصح ما يقال في معنى هذا الحديث، فنهي الإنسان أن يبصق أمامه، وكذلك أيضاً عن يمينه؛ لأن فيه الملك كما جاء ذلك في بعض الأحاديث التي ستأتي؛ ولأن جهة اليمين مُكَرّمة، وهي تُصان مما لا تُصان منه الشمال.

تراجم رجال إسناد حديث: (.. إن الله قبل وجه أحدكم إذا صلى فلا يبزق بين يديه)

قوله: [ حدثنا سليمان بن داود ]. هو أبو الربيع الزهراني وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . والظاهر أن هذا هو الذي شكّ في الحديث بقوله: (وأحسبه قال ..)، لأن حماداً من طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، ويحتمل أن يكون الذي شك نافع ، ويحتمل غيره، والله أعلم. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن زيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

طريق أخرى لحديث: (.. إن الله قبل أحدكم إذا صلى فلا يبزق بين يديه)، وتراجم رجال الإسناد

[ قال أبو داود : رواه إسماعيل و عبد الوارث عن أيوب عن نافع ، و مالك و عبيد الله و موسى بن عقبة عن نافع نحو حماد ، إلا أنه لم يذكروا الزعفران، ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه، وذكر يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع : الخَلوق ]. أورد المصنف رحمه الله هذه المعلقات التي فيها الإشارة إلى أن جماعة رووه كما رواه حماد ولكنهم لم يذكروا الزعفران، وأن غير هؤلاء رواه وذكر الزعفران كما ذكره حماد ، وأن أحد رواته ذكر الخلوق بدل الزعفران. والخلوق: طيب فيه صفرة وحمرة، والزعفران أصفر. وإسناد حماد الذي مرّ جاء فيه على الشك، حيث قال: (أحسبه قال) يعني: أنه دعا بزعفران فلطخه به. قوله: [ رواه إسماعيل ]. هو إسماعيل بن جعفر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عبد الوارث ]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب عن نافع ]. أيوب و نافع قد مرّ ذكرهما. [ و مالك ]. مالك إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ و عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عمر العمري المصغّر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و موسى بن عقبة ]. هو موسى بن عقبة المدني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع نحو حماد ]. يعني: هؤلاء رووا نحو ما رواه حماد ، إلا أنهم لم يذكروا الزعفران الذي جاء في حديث حماد . [ ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه ]. أي: أثبت الزعفران كما جاء في حديث حماد ، وحديث حماد على الشك. [ وذكر يحيى بن سليم ]. هو يحيى بن سليم الطائفي وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. عبيد الله قد مرّ ذكره. [ عن نافع : الخلوق ]. نافع قد مرّ ذكره، والخلوق أي: بدل الزعفران، وكلها طيب.

شرح حديث: (إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عز وجل والملك عن يمينه، فلا يتفل عن يمينه ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا خالد -يعني ابن الحارث - عن محمد بن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين ولا يزال في يده منها، فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد، فحكها، ثم أقبل على الناس مغضباً، فقال: أيسر أحدكم أن يُبْصَق في وجهه؟ إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عز وجل والملك عن يمينه فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه، فإن عجل به أمر فليقل هكذا) ، ووصف لنا ابن عجلان ذلك: أن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض ]. قوله: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب العراجين) ] المقصود بالعرجون: العود الذي تكون فيه الشماريخ، أو العود الأصفر الذي هو متصل بأصل النخلة وفي آخره الشماريخ التي فيها الرطب. والعرجون إذا يبس اعوجّ وانحنى، ولهذا جاء في القرآن في صفة منازل القمر: كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ [يس:39]، يعني: الذي قد يبس ومضى عليه وقت طويل فصار منحنياً، فالهلال يكون كهذا العرجون. قوله: [ (فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها، ثم أقبل على الناس مغضباً ...) ]. أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما تكلم مع الناس كان يظهر عليه الغضب. قوله: [ (أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه؟) ]، وهذه إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الإنسان إذا أراد أن يعرف مدى عدم مناسبة هذا الفعل الذي يفعله، فعليه أن يتصور ذلك في نفسه وفي حقه، هل يناسب في حقه أم لا؟ هل يناسبه أن يتفل أحد بين يديه وأمامه؟ وهذا الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من التنبيه إلى أن الإنسان عندما يتصور ما يحب أن يَعامَل به، فحينئذٍ يتضح له أن ذلك غير لائق، وأنه ليس من الأمور الحسنة، بل من الأمور السيئة؛ لأن الإنسان يجد من نفسه أنه إذا حصل ذلك بين يديه وأمامه فإن ذلك لا يعجبه. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أحاديث كثيرة، منها الأحاديث التي في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في حديث طويل، وفيه: قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم والآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يُؤتى إليه) أي: عامِل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به. فكما أن الإنسان يكره أن يتفل أحد بين يديه أو أمامه، فكذلك لا يجوز له أن يبصق أمامه لا في المسجد ولا في غير المسجد، وإذا كان في المسجد وهو يصلي وهو بين يدي الله عز وجل فذلك أعظم وأشد. قوله: (إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عز وجل). يعني: أنه متّجه إلى الله عز وجل يناجيه، وليس المقصود من ذلك أنه مستقبل للقبلة، وأن المقصود باستقبال الله استقبال القبلة، بل المقصود به أن الله تعالى أمامه كما قال الله عز وجل: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، كما ذكرنا آنفاً. قوله: (والملك عن يمينه). يعني: والملك يكون عن يمينه، ثم إن اليمين مُكَرّمة ومُصانة. قوله: [ (فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه) ]. وهذا لأن اليسار تختلف عن اليمين في الإكرام، ولهذا فإن هناك اختلافاً في استعمال اليد اليمنى واليسرى، اليسرى تستعمل في الأمور غير المناسبة واليمنى تصان عن ذلك. قوله: [ (فإن عجل به أمر) ]. أي: إذا كان قد عاجله البصاق أو نحوه، وهو يريد أن يخرجه ولم يجد بداً من إخراجه، فلا يبصق أمامه ولا عن يمينه، ولكن يكون عن يساره، كما مر في الحديث السابق: (فلا يبزق أمامه ولا عن يمينه، ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغاً أو تحت قدمه اليسرى) ]. قوله: [ (فليقل هكذا، ووصف لنا ابن عجلان ذلك: أن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض) ]. معناه: أن يأخذ بثوبه ويبصق فيه، ويردّ بعضه على بعض.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #130  
قديم 21-10-2022, 08:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله


تراجم رجال إسناد حديث: (إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عز وجل والملك عن يمينه، فلا يتفل عن يمينه ...)

قوله: [ حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ]. يحيى بن حبيب بن عربي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا خالد -يعني ابن الحارث - ]. هو خالد بن الحارث البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عياض بن عبد الله ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. وهو سعد بن مالك بن سنان الخدري ، مشهور بكنيته، ونسبته الخدري ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (أن رجلاً أمّ قوماً فبصق في القبلة ورسول الله ينظر ..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو عن بكر بن سوادة الجذامي عن صالح بن خيوان عن أبي سهلة السائب بن خلاد -قال أحمد : من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- (أن رجلا أمّ قوماً فبصق في القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ: لا يصلي لكم، فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: نعم، وحسبتَ أنه قال: إنك آذيتَ الله ورسوله) ]. قوله: [ (فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. أي: لما أخبروه بقول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قاله لهم، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليعرف السبب في ذلك، فقال: (نعم، إنك آذيت الله ورسوله). قوله: [ (لا يصلي لكم) ]. يعني: أن هذا الرجل لا يصلح أن يكون إماماً، فلما أراد أن يصلي بهم منعوه، وأخبروه بالسبب، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: (لا يصلي لكم) ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر ما ذكروا له فقال: (نعم، إنك آذيت الله ورسوله) أي: أن السبب هو حصول هذا العمل المنكر الذي فيه إيذاء لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم أن الأذى بالنسبة لله عز وجل لا يصل إليه أحد ولا يناله أي أحد، ولكن هذا باعتبار صدور ذلك منه، وإلا فإن الله لا تنفعه طاعات المطيعين ولا تضره معاصي العاصين، بل هو النافع الضار، كما جاء في الحديث القدسي: (إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني) . فقوله: (إنك آذيت الله ورسوله) لا يعني أن الأذى يصل إلى الله أو أن الضرر يحصل لله عز وجل بسبب هذا، وهذا من جنس ما قال الله تعالى في الحديث القدسي: (يؤذيني ابن آدم: يسب الدهر، وأنا الدهر) فمعناه: أن من سبّ الدهر فإنما مسبّته تُوجّه إلى الله عز وجل؛ لأن الله تعالى في الحقيقة هو الذي يُسيّر الدهر، ولكن ليس معنى ذلك أن الله تعالى يناله ضرر، بل كما سبق في الحديث القدسي: (إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضرّي فتضروني) ، بل الله عز وجل هو الذي ينفع وهو الذي يضر، فهو النافع الضار سبحانه وتعالى. وهذا الحديث مثل ما جاء في القرآن: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا [الأحزاب:57].

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رجلاً أمّ قوماً فبصق في القبلة ورسول الله ينظر ... )

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عبد الله بن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عمرو ]. هو عمرو بن الحارث المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بكر بن سوادة الجذامي ]. هو بكر بن سوادة الجذامي المصري وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن صالح بن خيوان ]. صالح بن خيوان وثّقه العجلي ، وأخرج حديثه أبو داود . [ عن أبي سهلة السائب بن خلاد ، قال أحمد : من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ]. أحمد المصري الذي هو شيخ أبي داود قال ذلك ويمكن أن يكون ذكر ذلك؛ لأنه ليس من مشاهير الصحابة رضي الله عنه، ولهذا قال عنه: من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى يبين أنه صحابي، وأن الحديث ليس مرسلاً. وأبو سهلة أخرج حديثه أصحاب السنن.

شرح حديث: (أتيت رسول الله وهو يصلي فبزق تحت قدمه اليسرى)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف عن أبيه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فبزق تحت قدمه اليسرى) ]. قوله: (فبزق تحت قدمه اليسرى). تلك الأحاديث السابقة من أقواله عليه الصلاة والسلام وأما هذا فهو من فعله.

تراجم رجال إسناد حديث: (أتيت رسول الله وهو يصلي فبزق تحت قدمه اليسرى)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة وهو ثقة، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا سعيد الجريري ]. هو سعيد بن إياس الجريري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي العلاء ]. هو يزيد بن عبد الله بن الشخير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مطرف ]. هو مطرف بن عبد الله بن الشخير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن الشخير وهو صحابي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

حديث (أتيت رسول الله وهو يصلي فبزق تحت قدمه اليسرى) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن أبيه بمعناه، زاد: (ثم دلكه بنعله) ] أورد المصنف رحمه الله حديث عبد الله بن الشخير رضي الله عنه ولكنه من طريق أبي العلاء ، فهو هناك يروي عن أخيه عن أبيه وهنا يروي عنه مباشرة؛ لأن أبا العلاء و مطرفاً أَخَوَان، فالمصنف روى الحديث السابق عن مطرف عن أبيه، وهنا يروي عن أبي العلاء عن أبيه عبد الله بن الشخير ، فهو مثل الذي قبله، لكنه زاد: (ثم دلكه بنعله)، يعني: بزق تحت قدمه اليسرى ثم دلكه بنعله. قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع عن سعيد الجريري عن أبي العلاء عن أبيه بمعناه ]. قد مرّ ذكر هؤلاء جميعاًَ.


الأسئلة


فضل قعود المصلي في مصلاه بعد الفجر
السؤال: هناك من يرى أن من أراد أن يدرك فضل القعود بعد الفجر حتى تطلع الشمس، فعليه ألا يتحرك أبداً من مصلاه، ولا يقوم منه، فكان بعض من يرى هذا الرأي إذا سلّم على أحد بعد صلاة الفجر رأى أن الفضل قد فاته لاختلال الشرط، فما مدى صحة هذا القول؟

الجواب: لاشك أن الذي يلزم مصلّاه قد قطع الشك باليقين، فليس فيه إشكال، أما لو قام إلى مكان آخر فإنه يحصل الإشكال، وأما من يلزم مصلاه ثم يجيء أحد ويسلم عليه أو يقوم ليصافحه، فلا يقال: إنه قد اختل الشرط؛ فإن فضل الله واسع.
حكم الدعاء عند ختم القرآن في الصلاة قبل الركوع
السؤال: ما حكم الدعاء عند ختم القرآن في الصلاة قبل الركوع؟

الجواب: لا أعلم دليلاً يدل عليه، ولكن قد جاء عن بعض العلماء القول بجوازه، معلّلاً ذلك بأن هذا من جنس الدعاء الذي يكون في الصلاة في جميع الأحوال، ويستدلون على ذلك بفعل أبي بكر رضي الله عنه لما أراد أن يتأخر والنبي صلى الله عليه وسلم أشار إليه بأن يبقى فرفع يديه وقال: اللهم لك الحمد وهو قائم يصلي، لكن لا أعلم نصّاً خاصّاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالدعاء في الصلاة. لكن من صلى وراء إمام يدعو عند ختم القرآن أو يقنت في صلاة الفجر فعليه أن يتابع الإمام في ذلك، ولا ينفصل عنه بحجة أنه يدعو بعد ختم القرآن، أو يقنت في صلاة الفجر بصفة دائمة. ومن المعلوم أن العلماء كانوا يختلفون في أمور أشد من ذلك، ومع ذلك يصلي بعضهم وراء بعض، مثل مسألة: الوضوء من لحم الإبل، بعض العلماء يرى أنه لا ينقض الوضوء، وبعضهم يرى أنه ينقض الوضوء، ويصلي الناس بعضهم وراء بعض؛ لأن هذه مسائل اجتهادية، والخلاف فيها سائغ بين أهل العلم.
الموقف الحق من ابن حزم
السؤال: ما هو موقفنا من ابن حزم رحمه الله؟

الجواب: ابن حزم رحمة الله عليه من العلماء الذين حصل تباين في أمرهم، فإنه اتبع الظاهر في أمر ما كان ينبغي له أن يكون ظاهرياً فيه، وترك شيئاً ينبغي له أن يكون ظاهرياً فيه، فكان في العقيدة مؤوّلاً، وكان عليه أن يجري النصوص على ظاهرها، كما كان عليه السلف من غير تشبيه لله عز وجل، وكان في الفروع ظاهرياً لا يقول بالقياس، ولو عَكَسَ القضية لكان خيراً، أي: لو أجرى النصوص على ظاهرها في الصفات، وأخذ بالقياس في الأحكام الفقهية وبما تقتضيه النصوص، وألحق الشبيه بالشبيه والنظير بالنظير لكان أولى، وهو عنده صواب وعنده خطأ كغيره من العلماء.
حكم تقليد ابن عمر في الأخذ من اللحية
السؤال: يقول بعض الناس: إن أخْذ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مما بعد القبضة من لحيته تُعدّ تفسيراً للأحاديث الواردة في إعفائها، فهل هذا قول صحيح؟

الجواب: لكن أباه عمر رضي الله عنه لا يفعل هذا الفعل، ومثله أكثر الصحابة لا يأخذون من اللحية شيئاً، والرسول صلى الله عليه وسلم -وهو القدوة والأسوة- هو الذي ما جاء عنه أنه أخذ من لحيته، والإنسان ما دام أنه يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتعرض لها، فعلى الإنسان ألا يتعرض لها، وإذا كان حصل من ابن عمر رضي الله عنهما اجتهاد فإن العبرة بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس بما جاء عن أحد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. ومن الممكن أن يقال: إنه اجتهاد منه رضي الله عنه، وقد أخطأ في ذلك؛ لمخالفته للأحاديث الصحيحة الصريحة.
معنى قول الراوي: (كذا أو كذا)
السؤال: مر معنا في الحديث: (إذا قام الرجل إلى الصلاة أو إذا صلى أحدكم)، فلماذا قال الراوي: (أو)؟
الجواب: هذا شك في الرواية.
حكم الإتيان بعمرة قبل موسم الحج لمن يحج متمتعاً
السؤال: شخص يريد أن يحج متمتعاً فهل يجوز له أن يأتي الآن بعمرة على أن يأتي بعمرة التمتع في ذي الحجة؟ الجواب: يجوز، ولا مانع من ذلك.
حكم نصب الأصم إماماً راتباً
السؤال: هل يصح نصب الأصم إماماً راتباً؟ الجواب: الإمام الأصم فيه نقص؛ لأنه إذا حصل منه شيء كالسهو أو نحوه، فإذا ذكرّه الناس فإنه لا يسمعهم ولا يتجاوب معهم، فيكون هو في وادٍ وهم في وادٍ آخر، فمثله لا يصلح أن يكون إماماً راتباً، وإنما الأولى أن يوضع شخص يسمع الناس لو حصل منه خطأ أو نسيان.
معنى قوله: (فإن الله قِبَل وجه أحدكم)
السؤال: في عون المعبود عند شرح قوله: (فإن الله قِبَل وجه أحدكم) قال: هذا على سبيل التشبيه، أي: كأن الله تعالى في مقابل وجهه، فهل كلامه صحيح؟
الجواب: لا ليس بصحيح.
حكم تقيّد مساجد المدينة النبوية بالمسجد النبوي في الأذان والإقامة
السؤال: هل يجب على مؤذني المساجد في المدينة النبوية أن يؤذّنوا ويقيموا الصلاة بعد المسجد النبوي وليس قبله؟
الجواب: لا يجب ذلك، وإنما المهمّ أن يكون الأذان بعد دخول الوقت، وأما الإقامة فيمكنهم أن يقيموا قبل المسجد النبوي أو بعده، وليس هناك ما يوجب عليهم أن يكونوا بعده.
شرح حديث واثلة بن الأسقع: (أنه بصق على البوري ثم مسحه برجله)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الفرج بن فضالة عن أبي سعيد قال: (رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق بصق على البوري ثم مسحه برجله، فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله) ].
أبو سعيد الحميري قوله: (بصق على البوري). المقصود بالبوري: الحصير الذي صُنع من القصب، ويقال له: بارية. قوله: (ثم مسحه برجله، فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: لأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله). قد سبق أن مرت الأحاديث المتعددة في كون الإنسان يدفن النخامة أو البصاق ويواريه في تراب المسجد، وأن ذلك يدل على طهارته وعدم نجاسته، ولكنه يُدفن؛ لأنه شيء مستقذر، ورؤيته تنفر منها النفوس، وليس ذلك لكونه نجساً؛ لأنه لو كان نجساً فلا يكفي أن يدفن، بل يحتاج الأمر إلى تطهيره بالغسل. والبصاق في المسجد على التراب معروف، ولكن الشيء الجديد الذي في هذا الحديث أنه على بساط قد يتبين فيه القذر. وهذا الحديث قد جاء من طريق غير صحيحة وغير ثابتة؛ لأن في سنده الفرج بن فضالة ، وهو ضعيف، وفيه أبو سعيد الذي هو صاحب واثلة بن الأسقع ، ولا أدري ما حاله، ولكن يكفي أن الذي روى عنه وهو الفرج بن فضالة وهو ضعيف. ولو كان الأمر مجرد البصاق في الأرض أو في تراب المسجد لم يكن هناك إشكال؛ لأن هناك نصوصاً صحيحة تدل على ما دل عليه، ولكن البصاق على بساط أو على حصير لم يأتِ فيه دليل صحيح، وعليه يؤثر فيه حتى ولو كان قد دلكه، فإنه قد يظهر الأثر عليه، ولا يمكن إزالة أثر البصاق بمجرد الدّلك.
تراجم رجال إسناد حديث واثلة بن الأسقع: (أنه بصق على البوريّ ثم مسحه برجله..)
قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا فرج بن فضالة ]. فرج بن فضالة ضعيف، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي سعيد ]. هو أبو سعيد الحميري الشامي وهو مجهول، روى له أبو داود . [ قال: رأيت واثلة بن الأسقع ]. واثلة بن الأسقع هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (... إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه..)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن الفضل السجستاني و هشام بن عمار و سليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان بهذا الحديث وهذا لفظ يحيى بن الفضل السجستاني قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: أتينا جابراً -يعني ابن عبد الله - وهو في مسجده، فقال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا، وفي يده عرجون ابن طاب فنظر فرأى نخامةً، فأقبل عليها فحتها بالعرجون، ثم قال: أيّكم يحب أن يعرض الله عنه بوجهه؟ ثم قال: إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه، وليبزق عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرة، فليقل بثوبه هكذا، ووضعه على فيه ثم دلكه، ثم قال: أروني عبيراً، فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله فجاء بخلوق في راحته، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله على رأس العرجون ثم لطخ به على أثر النخامة، قال: جابر فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم في مسجدهم، وكان بيده عرجون من نخل ابن طاب، وهو نوع من النخل يعرف بابن طاب، وكان عندهم عدة أسماء لأنواع من التمر ومنها ابن طاب، والعرجون هو من هذا النوع من النخيل، والذي يفهم منه أنه كان يحك به النخامة من الجدار، وهذا معناه: أنه شيء صلب، وقد يكون رطباً ولكنه كان قوياً وقاسياً، المهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حكه بهذا العرجون أو برأس هذا العرجون، وتكلم في الناس، وقال: (أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟! ثم قال: إذا قام أحدكم يصلي فلا يبصقن قبل وجهه؛ فإن الله قبل وجهه ولا عن يمينه، وليبزق عن يساره تحت رجله) ثم إنه دعا بعبير، يعني: نوع من الطيب، فذهب غلام يجري ويركض فجاء بخلوق في راحته، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخذه وجعله على رأس العرجون وجعل يلطخ به المكان أو الأثر الذي بقي بعد حك تلك النخامة التي في قبلة المسجد، قال: جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (فمن هذا جعلتم الخلوق، في مساجدكم) يعني: كونها تطيب ويجعل فيها الطيب هذا مستنده ووجهه هو كون النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالطيب وطيب هذا المكان. قوله: [ (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا وفي يده عرجون ابن طاب) ]. يعني: وفي يده هذا العود الذي يكون في أعلاه الشماريخ، ويقال له: القنو، والعرجون هو الذي يصل بين الشماريخ وبين أصل النخلة، وابن طاب نوع من النخل. قوله: [ (فنظر فرأى نخامة فأقبل عليها فحتها بالعرجون) ]. يعني: رأى نخامة في الجدار فحتها بالعرجون، وهذا يدل على طهارة البصاق؛ لأنه حين يحته يقع على الأرض، ولو كان ذلك نجساً ما كان يفعل ذلك، بل كان سيخرج النجاسة ويغسل أثرها، أو يأتي بشيء يغطي النجاسة ويغلبها. قوله: [ (ثم قال أيكم يحب أن يعرض الله عنه بوجهه، ثم قال: إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه) ]. ذكرنا في الدرس الماضي أن المقصود من ذلك أن الله عز وجل محيط بكل شيء وفوقه، وأن الإنسان أينما اتجه فالله تعالى أمامه؛ لقول الله عز وجل: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، ويوضح ذلك الأثر الذي جاء عن ابن عباس : (إن السماوات والأرضين في كف الرحمن كالخردلة في كف أحدكم) ولله المثل الأعلى، فالذي يكون في داخل الخردلة فأينما اتجه الذي هو قابض لها وممسك بها فهو أمامه. قوله: [ (فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه) ]. مر في بعض الأحاديث السابقة: (فإن هناك ملكاً)، وأيضاً اليمين معلوم أنها تكرم عن الأشياء المستقذرة بخلاف الشمال. والإنسان معه كاتب للحسنات وكاتب للسيئات، فمن أهل العلم من قال: كاتب الحسنات هو الذي يكون موجوداً في الصلاة؛ لأن الصلاة هي عبادة وقربة وحسنات، لكن هذا غير واضح؛ لأنه يمكن أن يكون هناك تقصير، ويمكن أن يكون هناك إساءة في الصلاة فيكتبها كاتب السيئات. لكن الله تعالى أعلم بالحقيقة، وقال بعض أهل العلم: يمكن أن يكون الملك ليس موجوداً في جهة التفل، وإنما يكون متنحياً، فالله أعلم، ولكن هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (وليبزق عن يساره تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا). وهذا كما هو معلوم إذا كانت الأرض ترابية، وكان يتوارى فيها البصاق والنخام، ولكن استعمال ذلك في المناديل وفي أطراف الثياب وما إلى ذلك هو المناسب، لا سيما في الأماكن التي فيها فرش، فإن البصاق عليها يقذرها ولو دلك؛ لأنه يبقى أثره، بخلاف التراب فإن البصاق يتوارى ويذهب في التراب ويضمحل. قوله: [ (ووضعه على فيه ثم دلكه) ]. يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (هكذا) أخذ طرف ثوبه ووضعه على فيه، يعني: كأنه وضع فيه شيئاً ثم دلكه، وذلك بأن رد بعضه على بعض، وفعل هذا ليصف لهم بالفعل الطريقة التي يعملونها في وضع النخامة في الثياب. قوله: [ (ثم قال: أروني عبيراً) ]. يعني: أعطوني عبيراً، فذهب غلام يشتد ويجري؛ ليأتي بالعبير، فجاء بخلوق في راحته، والخلوق طيب فيه حمرة وصفرة، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم على رأس العرجون، وجعل يحركه على المكان الذي حتت منه النخامة. قوله: [ (فأخذه، فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله، فجاء بخلوط في راحته، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعله على رأس العرجون، ثم لطخ به على أثر النخامة، قال: جابر : فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم) ]. يعني: أن هذا هو الدليل على تطييب المساجد، وهو كون النبي صلى الله عليه وسلم طلب العبير، أو طلب الطيب، فجيء بالخلوق، فوضعه في المكان الذي حصل فيه الأذى الذي هو النخامة.
تراجم رجال إسناد حديث: (... إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه ...)
قوله: [ حدثنا يحيى بن الفضل السجستاني ]. يحيى بن الفضل السجستاني مقبول، أخرج حديثه أبو داود . [ و هشام بن عمار ]. هشام بن عمار صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ و سليمان بن عبد الرحمن ]. سليمان بن عبد الرحمن صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ الدمشقيان بهذا الحديث وهذا لفظ يحيى بن الفضل السجستاني ]. يعني: أن هشام بن عمار و سليمان بن عبد الرحمن دمشقيان، والشيخ الأول سجستاني وقوله: (بهذا الحديث) يعني: الذي سيسوقه، وقوله: وهذا لفظ يحيى بن الفضل، يعني: الشيخ الأول. [ قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل ]. حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يعقوب بن مجاهد أبو حزرة ]. يعقوب بن مجاهد أبو حزرة صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود . [ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ]. عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ قال: أتينا جابراً يعني: ابن عبد الله ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 280.22 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 274.12 كيلو بايت... تم توفير 6.10 كيلو بايت...بمعدل (2.18%)]