شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 89 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان 3 كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74465 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #881  
قديم 04-10-2022, 11:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

الأسئلة


السلام على النبي عليه الصلاة والسلام عند قبره

السؤال: ما قولكم -أحسن الله إليكم وجزاكم خيراً- فيمن يقول: إذا وقفت عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وأبلغته السلام، فإنه ترجع إليه روحه عليه الصلاة والسلام، فيرد على من أبلغه السلام؟ أرجو توضيح هذه المسألة، حيث أن السائل رجل كبير في السن، وهو جالس ينتظر الإجابة.
الجواب: كون الإنسان يأتي عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم هو على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هذا سائغ، وقد جاء في الحديث: (ما من مسلم يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام)، ولا يلزم من هذا أن يكون قد يسمع الكلام، ولكن هذا فيه إثبات الدلالة على رد روحه، وأنه يرد عليه السلام، وليس فيه إثبات أنه يسمع كلامه.

وأما قضية إرسال السلام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن الإنسان عندما يرسل ترد عليه روحه حتى يرد عليه السلام، فليس فيه دليل على إرسال السلام، لكن هناك شيء يغني عن إرسال السلام، وهو أن الإنسان يصلي ويسلم على رسول الله في أي مكان، والملائكة تبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم السلام، كما جاء في الحديث: (إن لله ملائكةً سياحين يبلغوني عن أمتي السلام)، فإذا صلى أحد، وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي مكان من الأرض، فإن الملائكة تبلغ النبي عليه الصلاة والسلام ذلك السلام. والحديث الثاني يقول عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا عليّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم).
أي: تبلغه بواسطة الملائكة، فإذا أراد أن يصل سلام الإنسان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وصلاته عليه، فليكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم في أي مكان، والملائكة تبلغه كما جاء ذلك في هذين الحديثين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حكم وضع الأصبعين على العينين عند سماع شهادة أن محمداً رسول الله في الأذان


السؤال: وما صحة ما يفعله كثير من الناس عند الاستماع إلى الأذان وخاصة عند قول المؤذن: أشهد أن محمداً رسول الله، فيضع أصبعيه على عينيه ثم يقبلهما؟ وعندما سئل أحد هؤلاء أخبر بأن ذلك يحفظه من الرمد.

الجواب: هذا ليس له أساس، ويحتاج مثل ذلك إلى دليل، وليس هناك دليل يدل عليه، وإنما الذي ورد أن الإنسان يجيب المؤذن (يقول مثل ما يقول المؤذن، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويدعو دعاء الوسيلة)، أما هذه الهيئة وهذه الكيفية فما ثبت فيها شيء.


معنى الملتزم وكيفية الالتزام

السؤال: ما هو الملتزم؟ وما هي كيفية الالتزام؟ ومتى يكون؟

الجواب: الملتزم هو: الذي بين الباب والحجر الأسود، أو بجوار الحجر الأسود من جهة الباب، ليس من الجهة الأخرى، هذا هو الملتزم، وقد ورد فيه بعض الأحاديث، من أهل العلم من صححها، ومنهم من ضعفها، والله تعالى أعلم.

والكيفية هو: كون الإنسان يلصق نفسه فيه، ويكون فيه، هذا هو الملتزم، سمي ملتزماً لأن الإنسان يلتزم ذلك المكان، ويلتصق به، ولا أدري متى يكون.

حكم الالتزام بجميع نواحي البيت

السؤال: ما حكم ما يفعله بعض الناس من الالتزام بجميع نواحي البيت؟

الجواب: هذا طبعاً ما ورد فيه شيء، الذي ورد للملتزم هذا المكان، والأحاديث الذي فيه مختلف في صحتها أو عدم صحتها، وأما نواحي البيت فليس للإنسان أن يفعل لا في نواحي البيت لا الزوايا، ولا الجوانب، لا يفعل شيئاً لم يرد، وذلك أن أحد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كان يمسح الركنين الشاميين المقابلين للركنين اليمانيين الذي يحيط بهما الحجر، الركنان اللذان من جهة الحجر، كان يمسح الأركان، فقال له أحد الصحابة أظنه ابن عباس، والأول هو معاوية، قال: لماذا؟ قال: ليس من البيت شيء مهجور، وقال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، فقال: صدقت، وهذا يدلنا على أنه لا يمسح شيء، ولا يفعل شيء إلا قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم هذا القول: (إن ليس من البيت شيء مهجور)، يقتضي أنه جميع الأماكن يفعل بها هذا الفعل؛ لأن كلمة (ليس من البيت مهجور) أي: خاصاً بالركنين الشاميين، والأصل هو الاقتصار على ما وردت به السنة، والسنة ما جاءت إلا بالحجر الأسود، والركن اليماني باتفاق، والملتزم على خلاف في صحة الأحاديث، وما عدا ذلك ما ورد فيه شيء، فلا يفعل إلا في حدود ما ورد وثبت.

حكم صلاة المجاورين للمسجد في بيوتهم مؤتمين بإمام المسجد


السؤال: منزلي في الجهة القبلية للمسجد، فهل يجوز لي أن أتبع صلاة الجماعة في داخل المنزل؟

الجواب: لا يجوز لها أن تصلي أمام المسجد، ولا كذلك في الجهات الأخرى إلا إذا كانت الصفوف اتصلت، حتى في الجهات الأخرى، ليس لأصحاب البيوت الذين هم خلف المسجد أن يصلوا في بيوتهم بصلاة الإمام، إلا إذا كانت الصفوف اتصلت حتى وصلت إلى هذه البيوت، وصارت البيوت بين الصفوف، عند ذلك يمكن؛ لأن الصفوف وصلت إليها، أما كون الناس يصلون بصلاة الإمام في بيوتهم، يمكن للإنسان أن يصلي من مكان بعيد جداً، وهذا فيما يتعلق بالرجال ينافي ما تقتضيه صلاة الجماعة من ترك البيوت، والذهاب إلى المسجد.

الحاصل: إنه إذا كان من جهة الأمام لا يصلى، ولا يتقدم على الإمام، وإن كان من الجهات الأخرى إذا كانت الصفوف وصلت إلى البيوت، يمكن أن يصلي الرجال والنساء، مثل ما يكون وقت الحج إذا كثر الناس، ووصلت الصفوف إلى بعض البيوت المجاورة، واتصلت بها يمكن لمن يكون فيها أن يصلي بصلاة الإمام، أما غير ذلك يخرج، ويذهب إلى المسجد، ولا يجلس في بيته يصلي صلاة الإمام.
فإذا وصلت الصفوف إلى هذه البيوت التي هي جهة المشرق، والصفوف تروح إلى مسافة بعيدة بجوار البقيع أمام هذه البيوت، إذا كان الناس وصلوا إلى هذا، وامتلأت تلك الأماكن، يمكن لمن يصلي في بيته بصلاة الإمام تصح صلاته.
وليس لازماً أن الإنسان ينظر إلى الإمام، مثل ذلك: سطح المسجد الناس يصلون فيه، ولا يرون الإمام، ولا يرون المأمومين.

حكم صوم ستاً من شوال بدون قصد السنة


السؤال: من صام ستة أيام بعد رمضان، ولم يقصد صوم الست، فهل يؤجر كمن صام الدهر كله؟

الجواب: إذا صام ستاً من شوال بدون قصد ما جاءت به السنة، فهو يؤجر على صيامه، لكن الذي جاء في الحديث أنه شيء مقصود، وشيء يراد، حتى يضم إلى ذلك، ولا عمل إلا بنية، فإذا نوى ما جاء به الحديث من أجل أن يحصل، فهو على نيته، وإذا ما نوى، فلا يكون كمن نوى، لكنه لا شك أنه يؤجر، ومن المعلوم أن الإنسان إذا كان يعلم هذا الفضل ينوي هذا الفضل.


الفرق بين فعل العبادات دون معرفة الفضل المترتب وفعل العبادات مع معرفة الفضل المترتب

السؤال: هناك عبادات يعملها المرء ولا يعرف الفضل المترتب عليها، فهل هو ومن عرف فضل هذه العبادة سواء؟

الجواب: من عرف لا شك أمره واضح، ومن لم يعرف ليس كذلك، لكن الإنسان عندما يفعل الشيء من أجل أنه ورد فيه فضل معين، هذا هو الذي يحصل أجراً، أما إنسان ما درى عن هذا الفضل، وإنما فعل ذلك وما قصد ذلك الذي جاء من التنويه، يبدو أنه ليس مثل الذي قبله، والعلم عند الله عز وجل.


دعوى تعارض حديث: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون) وذكر الصحابة لأحوالهم في الجاهلية


السؤال: كيف الجمع بين الحديثين: الأول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون)، وكون الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يجلسون عند الرسول صلى الله عليه وسلم يذكرون ما كان من أحوالهم من أمور الجاهلية وهم يضحكون، والرسول صلى الله عليه وسلم يبتسم، فهل يجوز أن يذكر الشخص شيئاً من معاصيه فيما قبل تحدثاً بنعمة الله عليه بالتوبة منها؟

الجواب: أمور الجاهلية، والتحدث بأخبار الجاهلية ما فيه شيء يدل على أنهم يتحدثون عن معاصي، وإنما يتحدثون عن أشياء كانت في الجاهلية مذمومة، وعن أمور، وقصص كانت في الجاهلية، وتقتضي الضحك، والرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم على ذلك، لكن كون الإنسان يقول: أنا فعلت، وأنا فعلت، لا يتحدث بالمعاصي، بل يستتر بستر الله عز وجل، ويتوب إلى الله عز وجل، ولا يبين للناس معاصيه التي كانت في الماضي، وإنما يستتر بستر الله ويبقى على الستر الذي ستره الله عز وجل عليه، ويندم على ما قد حصل، ويتوب إلى الله عز وجل، ولا يتحدث بالمعاصي، وما حصل من الجاهلية من أن الصحابة ليس معارض لقوله: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون)، يعني: أولئك ما جاهروا بالمعاصي، وإنما تحدثوا عن أمور ماضية تقتضي التعجب، وتقتضي الضحك.

موقع قراءة الاستعاذة والبسملة عند قراءة القرآن في الصلاة

السؤال: هل الاستعاذة قبل قراءة القرآن، وقراءة البسملة قبل قراءة القرآن في الصلاة؟

الجواب: الإنسان كما هو معلوم قبل القراءة الأولى التي هي بداية القرآن يستعيذ بالله عز وجل، ويسمي، إذا قرأ القرآن يستعيذ بالله ويسمي إذا كان عنده بسملة، أما إذا لم توجد بسملة فلا يسمي، مثل: إذا قرأ من أثناء سورة ما يسمي عندما يأتي يقرأ من أثناء السورة، لكن إذا كان من أول السورة يأتي بالبسملة، لكنها تكون سراً في حق الإمام، وكذلك المأمومين، فالمأمومين ليس عندهم إلا السر، لكن الإمام يسر في البسملة، سواءً في الفاتحة وفي غير الفاتحة، من سور القرآن إذا قرأ سورة، وأما الاستعاذة فتكون في البداية، إذا بدأ الإنسان الصلاة يستعيذ بالله، ويسمي، وبعد ذلك يقرأ الإنسان بدون استعاذة في بقية الركعات، أي: ما يستعيذ عند كل ركعة من الركعات، وإنما يستعيذ في البداية، يستعيذ ويسمي إذا كان في بداية سورة، أما إذا لم يكن في بداية السورة يستعيذ بالله فقط، ويقرأ ما تيسر من القرآن إذا لم يكن في بداية السورة بدون تسمية.


دعوى أن الاستعاذة والبسملة قبل تكبيرة الإحرام


السؤال: هل الاستعاذة والبسملة قبل تكبيرة الإحرام؟

الجواب: ما ورد؛ لأن اسم الله موجود في الله أكبر، الله أكبر هو اسم الله، وذكر الله عز وجل، وما جاء أنها تسبق الله أكبر باستعاذة وبسملة، وإنما الذي جاء أن الصلاة يبدأ بها بالتكبير، وهو ذكر الله عز وجل، ما خرج عن كونه ذكر الله، مثل ما إن الخطب تبدأ بحمد الله ما تبدأ بـ بسم الله الرحمن الرحيم، الإنسان عندما يخطب يقول: الحمد لله نحمده، ونستعينه، ليس لازماً أنه يؤتى بالبسملة قبل الحمدلة؛ لأن الحمد ذكر لله عز وجل مثل البسملة، كلها ذكر لله عز وجل وثناء عليه.


الفرق بين عبارة أهل الحديث، والمحدث

السؤال: هل هناك فرق بين عبارة أهل الحديث والمحدث؟

الجواب: أهل الحديث ذكر جماعة، والمحدث إشارة إلى شخص واحد، أو الكلام على شخص واحد، شخص من أهل الحديث، فيمكن أن يكون بينهما فرق: محدث هذا لقب رفيع، وعالي، وإذا قيل: من أهل الحديث ينتسب إلى أهل الحديث، وقد لا يكون بهذا الوصف.


معنى قول الإمام أحمد: (إن لم يكن أهل الحديث فلا أدري من هم في الفرقة الناجية)


السؤال: ما معنى قول الإمام أحمد رحمه الله في الفرقة الناجية: إن لم يكن أهل الحديث فلا أدري من هم؟

الجواب: أن أهل الحديث لا شك أنهم هم الذين يظهر له أنهم هم المعنيون بهذا؛ لأنهم هم الذين يتبعون السنة، ويأخذون بالسنة، وهم الذين يعلمون السنة؛ لأن الأخذ بالسنة مبني على العلم بها، والعلم إنما هو عند أهل الحديث، أهل الحديث الذين يعرفون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفقهه، ويعملون به، هذا هو المقصود، المقصود به الذين هم معنيون، أو حريصون على معرفة سنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وحديثه، حيث يعملون بها؛ لأنهم عرفوا الحق، واتبعوه، بخلاف الذي ما يعرف الحق قد يحصل منه الخطأ، وقد يحصل منه العمل على غير هدى، لكنه إذا عرف الحق وعمل به، يكون بذلك جمع بين الحسنيين: معرفة الحق، واتباعه كما قال الله عز وجل: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3]، فعندهم إيمان على علم، وعمل بالعلم ودعوة إليه، وتواصي على ما يحصل من الأذى في ذلك السبيل.

التوفيق بين الأمر بوجوب الإمام من قريش وقوله: (وإن تأمر عليكم عبد حبشي)


السؤال: ما وجه التوفيق بين أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بوجوب الإمامة من قريش، وقوله: (وإن تأمر عليكم عبدٌ حبشي)؟

الجواب: لا تنافي بينهما؛ لأن حديث: (الأئمة من قريش)، معناه: في الاختيار، الناس إذا اختاروا يعني يكون على هذا الوصف، لكن من تأمر غلب، وتسلط يسمع له، ويطاع، معناه إذا حصلت الغلبة، والتغلب من شخص غير قرشي، وخضع الناس له، وغلب الناس بقوته، وسوطه، وقهره، وغلبته، يسمع الناس؛ لأن الخروج عليه يترتب عليه من الفتن ما لا يحصى، ولا يعد، ولهذا العلماء وفقوا بين هذا الحديث وغيره من الأحاديث الأخرى الدالة على أن العبد لا يكون أميراً ولا يولى؛ لأنه يولى الأحرار ولا يولى العبيد؛ لأن من شرط الإمام أن يكون حراً، لا أن يكون عبداً، فقوله: (وإن تأمر عبدٌ) المقصود من ذلك: أنه تغلب ولهذا قال: تأمر، ما أمر، لا يصلح أن يؤمر في الاختيار. وقيل: إن المقصود من ذلك: الولاية الخاصية الجزئية، التي هو كون الوالي يوليه على قرية أو على ناحية، يختاره لذلك ويوليه، فيسمع له، ويطاع، لكن الممنوع هو أن يتولى الإمامة العظمى، ويكون الخليفة، هذا هو الذي لا يصلح في حق العبد، ويكون (تأمر) كما قلت إما أن يكون تغلب، وقهر، أو أنه يقصد به أمير ناحية معينة ولاه الإمام، فإنه في هذه الحالة لا بأس به يسمع ويطاع؛ لأن الإمام هو الذي ولاه.

دعوى أن ذكر الغيرة بين أمهات المؤمنين من ذكر الصحابة بسوء


السؤال: ما سمعناه من الكلام عن الغيرة بين أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أليس هذا من الخلق السيئ، فهل يعتبر ذلك من ذكر الصحابة بسوء؟

الجواب: ليس من ذكرهم بسوء، وإنما هذا في بيان السنن، وبيان ما يحصل بين النساء، وأنه إذا كان هذا في أمهات المؤمنين، وهن في القمة، فإن في ذلك تسلية لمن بعدهن إذا وجد شيء من الغيرة، والأزواج ما يجري بين زوجاتهم من الغيرات، يعرفون بأن من هو أكمل منهن، ما عصم من ذلك، وما حصلت له العصمة، فيكون في ذلك مدعاة إلى الصبر، والتحمل؛ لأن هذا جبلت عليه النساء حتى أمهات المؤمنين حصل منهن ما حصل من كون كل واحدة تريد الخير لنفسها، وتريد الحظوة لنفسها، وهذا شيء جبل الله عليه الناس، كل يريد أن يكون على وجه حسن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #882  
قديم 20-10-2022, 04:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب عشرة النساء

(493)

تابع باب الغيرة



فطر الله سبحانه وتعالى النساء على الغيرة من بعضهن، وقد كان هذا بين نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كانت عائشة تغار من نسائه الأخريات فكانت تستيقظ من نومها ولا تجد رسول الله بجوارها فتظن أنه خرج لبعض نسائه فإذا به صلى الله عليه وسلم يصلي أو يخرج لإجابة جبريل.

تابع الغيرة


شرح حديث عائشة: (التمست رسول الله فأدخلت يدي في شعره فقال: قد جاءك شيطانك ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يحيى هو ابن سعيد الأنصاري عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: أن عائشة رضي الله عنها قالت: (التمست رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأدخلت يدي في شعره، فقال: قد جاءِك شيطانك، فقلت: أما لك شيطان؟ فقال: بلى، ولكن الله أعانني عليه فأسلم)].يقول النسائي رحمه الله في باب: الغيرة، وقد مر أحاديث في هذا الباب، وبقي بعض الأحاديث، هذا منها، وهو حديث عائشة رضي الله عنها:
التمست النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أي: أنها فقدته والتمسته فوجدته، فأدخلت يدها في شعره لتعرف هل فيه رطوبة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [(أجاءك شيطانك؟)]، فأوقع في نفسها أنه ذهب إلى بعض نسائه فجامعهن، واغتسل، فعدلت عن ذلك الكلام إلى كلام آخر، ووجهت السؤال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (ألك شيطان يا رسول الله، فأجابها بأنه له ولكن الله أعانه عليه فأسلم)، والمقصود من حديث الترجمة هو الغيرة، وذلك أن عائشة رضي الله عنها، لما فقدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووجدته، أدخلت يدها في شعره، خشيت أو ظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه، وهذا من الغيرة التي تكون بين النساء، حيث ينقدح في ذهنها الشيء، وإن لم يكن حاصلاً، وإن لم يكن واقعاً، وإنما ذلك بسبب الغيرة، وكون كل واحدة منهما تحب الخير لنفسها، وتريد النبي صلى الله عليه وسلم لنفسها، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه، ويعدل عليه الصلاة والسلام.
وقوله: [(أجاءك شيطانك؟)]، المقصود من ذلك: القرين الذي يكون مع الإنسان، وقد جاء في الحديث في صحيح مسلم: (ما منكم من أحدٍ إلا وله قرينٌ من الجن، وقرين من الملائكة، قالوا: وأنت يا رسول الله، قال: وأنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فصار لا يأمرني إلا بخير)، وقوله: [(أجاءك شيطانك؟)]، أي: القرين الذي يأمر بالشر، أو الذي يوقع الشر في القلب وفي النفس، وهي قد فهمت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، وأن هذا من عمل الشيطان، وأن هذا مما يوحيه ويقذفه الشيطان في قلب الإنسان، ووجهت السؤال إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: [(ألك شيطان؟)]، فأجابها بأنه كغيره، ولكن الله أعانه عليه، فأسلم، كلمة أسلم، تحتمل أن تكون أسلم من الإسلام، وهو: الاستسلام، والانقياد، وهو الإذعان، أو أنه مضارع من سلم يسلم، فأنا أسلم منه، أي: بدل أسلمَ أسلمُ، فالرواية تحتمل أن تكون أسلمَ، وتحتمل أن تكون أسلمُ، وأسلمُ نتيجة أسلمَ؛ لأنها نتيجة الإسلام السلامة؛ لأن الأول من الإسلام، والثاني من السلامة، الإسلام هو: الاستسلام، والانقياد، والإذعان، وأسلمُ من السلامة، وهو أنه لا يحصل منه له شر، ولهذا جاء بيانه في حديث آخر الذي في صحيح مسلم: (فأسلم، فصار لا يأمرني إلا بخير)، أي: ما يحصل له منه شر؛ لأنه أذعن، واستسلم، وانقاد.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (التمست رسول الله فأدخلت يدي في شعره فقال: قد جاءك شيطانك ...)


قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري ، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى هو: ابن سعيد الأنصاري].
هو المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والليث إنما عبر بـيحيى فقط، ولم يضف إليها شيئاً، ولكن من دون الليث هو الذي أضاف كلمة: هو: ابن سعيد الأنصاري؛ ليبين من هو ذلك الشخص المهمل الذي ذكره الليث ولم ينسبه، فالذي دون الليث وهو قتيبة أو النسائي أو من دون النسائي هم الذين أضافوا هذا البيان لمعرفة هذا المهمل الذي اقتصر الليث عند ذكر التحديث عنه، بذكر اسمه فقط دون أن ينسبه، فمن دونه نسبه، وبين أنه هو: ابن سعيد الأنصاري.
[عن عبادة بن الوليد بن عبادة].
هو عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها في آيات تتلى من كتاب الله عز وجل، براءتها مما رميت به من الإفك، وهي من أوعية السنة، وحفظتها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث عائشة: (فقدت رسول الله ذات ليلة ... فتحسسته فإذا هو راكع أو ساجد)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني إبراهيم بن الحسن المقسمي عن حجاج عن ابن جريج عن عطاء أخبرني ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (فقدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة، فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتجسسته فإذا هو راكعٌ أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت، فقلت: بأبي وأمي إنك لفي شأن وإني لفي شأن آخر)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهي أنها فقدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فبحثت عنه، وظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فبحثت عنه وجدته راكعاً أو ساجداً وهو يقول: [(سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت)]، أي: وجدته يصلي، وتبين لها أن ما ظنته أنه على غير صواب، وأنه في شأن آخر غير الشأن الذي انقدح في ذهنها، ولهذا لما وجدته يصلي قالت له: بأبي أنت وأمي، أي: أنت مفدي بأبي وأمي، هذا ليس قسم وليس حلف بأبيها وأمها، وإنما هذا تفدية، أي: أنت مفدي بأبي وأمي، فداؤك أبي وأمي، فكلمة بأبي وأمي، أنت مفدي بأبي وأمي، وليس من باب القسم؛ لأنه لا يقسم إلا بالله عز وجل، لا يقسم بالآباء، والأمهات كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا تحلفوا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون)، وإنما المقصود بأبي وأمي، أي: أنت مفدي بأبي وأمي، هذا هو المقصود من هذه الجملة.
ثم قالت: إنك لفي شأن وأنا في شأن، أنت في صلاة، وأنا أفكر بأنك ذهبت إلى بعض نسائك، أنت في شأن في عبادة الله عز وجل، وأنا وقع في ذهني أنك ذهبت إلى بعض نسائك، ولهذا قالت: [(أنت مفديٌ بأبي وأمي إنك لفي شأن وأنا في شأن، أنت في صلاة وأنا ظننت شيئاً آخر)]، أنا في وادي، وأنت في واد آخر.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (فقدت رسول الله ذات ليلة ... فتحسسته فإذا هو راكع أو ساجد)


قوله: [أخبرني إبراهيم بن الحسن المقسمي].ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن حجاج].
هو حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني ابن أبي مليكة].
هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.

حديث عائشة: (افتقدت رسول الله ذات ليلة فتحسست ثم رجعت، فإذا هو راكعٌ أو ساجد ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة: أن عائشة رضي الله عنها قالت: (افتقدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة، فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتجسست ثم رجعت، فإذا هو راكعٌ أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت، فقلت: بأبي وأمي إنك لفي شأنٍ وإني لفي آخر)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].
هو: إسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة عن عائشة].
وقد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #883  
قديم 20-10-2022, 04:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث عائشة في انطلاقها في إثر النبي حين خرج إلى البقيع

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب أخبرني ابن جريج عن عبد الله بن كثير: أنه سمع محمد بن قيس يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (ألا أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعني؟ قلنا: بلى، قالت: لما كانت ليلتي انقلب، فوضع نعليه عند رجليه، ووضع رداءه، وبسط إزاره على فراشه، ولم يلبث إلا ريثما ظن أني قد رقدت، ثم انتعل رويداً، وأخذ رداءه رويداً، ثم فتح الباب رويداً، وخرج، وأجافه رويداً، وجعلت درعي في رأسي فاختمرت، وتقنعت إزاري، وانطلقت في إثره حتى جاء البقيع، فرفع يديه ثلاث مرات، وأطال القيام، ثم انحرف وانحرفت، فأسرع، فأسرعت، فهرول، فهرولت، فأحضر، فأحضرت، وسبقته، فدخلت، وليس إلا أن اضطجعت، فدخل، فقال: ما لك يا عائش، رابية؟ قال سليمان حسبته قال: حشيا، قال: لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي! فأخبرته الخبر، قال: أنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت: نعم، فلهدني لهدةً في صدري أوجعتني، قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: مهما يكتم الناس فقد علمه الله عز وجل، قال: نعم، قال: فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، فناداني فأخفى منك، فأجبته وأخفيته منك، وظننت أنك قد رقدت، فكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فأمرني أن آتي أهل البقيع، فأستغفر لهم)، خالفه حجاج بن محمد فقال: عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن محمد بن قيس].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها كان في نوبتها وليلتها، وأنه جاءه جبريل وناداه، وأنه قام إليه مخفياً نفسه، وبخفية منها، ولم يرد أن يوقظها أو يعلمها بما حصل له، وكان جبريل أخفى نفسه، وهو أخفاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يذكر لها الذي قد حصل، وقام رويداً بخفية، حتى خرج، وبلغه جبريل ما بلغه، وهو أنه يذهب إلى البقيع، ويستغفر لهم، فذهب، وهي قامت، وتبعته والرسول صلى الله عليه وسلم سار، فسارت كسيره، أسرع، فأسرعت، وهرول، فهرولت، وأحضر، فأحضرت، تتابعه في هيأته التي كان عليها في السير صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ثم رجع، وانصرف، فهي انصرفت، وسبقته ونامت في فراشها، ولما رجع إليها وإذا بطنها منتفخ وقد كان نفسها ثائر، وذلك لشدة ما حصل من الإسراع؛ لأنه عند الإسراع ينتفخ البطن ويثور النفس، فالرسول صلى الله عليه وسلم وجدها كذلك، له أثر العدو أو الإسراع، فقال: [(ما لك يا عائشة رابية؟)]، وقال سليمان الذي هو شيخ النسائي: حشيا، أي: نفسها ثائر، وكل منهما قد حصل رابية أي: انتفاخ البطن من شدة السرعة، وثوران النفس، كذلك من شدة السرعة نفسها متتابع نتيجة للإسراع الذي قد حصل في الاثنين، كل منهما قد حصل، كونها رابية، وكذلك كون النفس يظهر منها بسرعة نتيجة الإسراع، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: [(ما لك لتخبرني أو ليخبرني العليم الخبير، قالت: بأبي أنت وأمي)]، أي: أنت مفدي بأبي وأمي، ثم أخبرته، وقال: [(أنت السواد الذي رأيته؟ قالت: نعم)]، والمقصود بالسواد أي: الشخص الذي يرى، ولا يعرف شخصه كما يرى الشخص من بعيد، ويرى سواده يقال: سواد الإنسان، أي شخص يرى من بعد، أي: يرى شخصه ولا يعرف عينه هذا يقال له: سواد، هكذا يعبرون عنه بالسواد، بأنه يرى منه سواد قد يكون رجلاً، ولكن شخص من بعيد يكون بهذه الهيئة، فيعبر عنه بسواد، والمراد به الشخص، ثم قالت: [(أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟)]، أي: ظننت أنه يكون قد ذهب إلى بعض نسائه، وهذا هو المقصود بالترجمة فيما يتعلق بالغيرة، أي: أنها ظنت أن يكون حصل شيء غير هذا الذي وقع، وهو أن جبريل جاء إليه، وأمره بأن يذهب إلى البقيع، ويستغفر لهم، وهي ظنت شيئاً آخر، قال: (أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: ما يفعله الناس يعلمه الله عز وجل، قال: نعم) أي: ليس قوله: ما يفعله الناس يعلمه الله سؤال؟ وإنما إخبار عن الواقع، والرسول قال: نعم صدقها بهذا الكلام، وليس المقصود سؤال، ولكن المقصود من ذلك بيان الواقع، والحال، وأن الذي في قلبها يعلمه الله، وأن الذي في يخفيه الناس يعلمه الله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: [(نعم)]، الأمر كذلك، وهذا المقصود بهذا الكلام، وهذا الجواب بقوله: [(نعم)]، عليه الصلاة والسلام، وهو نعم تصديق وتأييد، وليس جواباً لسؤال.
قوله: [(فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك)].
أي: هو لا يدخل عليها وقد وضعت ثيابها، ولهذا ناداه حتى يخرج إليه.
قوله: [(فناداني فأخفى منك، فأجبته وأخفيته منك، وظننت أنك قد رقدت، فكرهت أن أوقظك، وخشيت أن تستوحشي، فأمرني أن آتي أهل البقيع فأستغفر لهم)].
فأمره بوحي من الله عز وجل أن يذهب إلى أهل البقيع، فيستغفر لهم، وقد فعل، وقد تبعته ولحقته رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحصل ما حصل، وقال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ يعني: أنه حصل منه شيء بأن ينقصها حقها، ويذهب إلى غيرها، ويعطيها ذلك الحق الذي هو ليس لها، فكان عليه الصلاة والسلام يقسم بين نسائه، ويعدل، وإذا ذهب إليهن، فيكون هذا عن علم من هن بطريقته صلى الله عليه وسلم، أما أن يكون يذهب بخفية وبشيء غير معلوم لهن، فهذا لا يحصل منه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في انطلاقها في إثر النبي حين خرج إلى البقيع


قوله: [أخبرنا سليمان بن داود].هو المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[أخبرنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني ابن جريج].
مر ذكره.
[عن عبد الله بن كثير].
هو عبد الله بن كثير المكي، وهو مقبول، أخرج حديثه مسلم، والنسائي.
[أنه سمع محمد بن قيس].
هو محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب المطلبي، يقال: له رؤية، وثقه أبو داود وغيره، وحديثه أخرجه مسلم، وأبو داود في المراسيل، والترمذي، والنسائي.
[سمعت عائشة].
وقد مر ذكرها.

حديث عائشة في انطلاقها في إثر النبي حين خرج إلى البقيع من طريق ثانية وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرنا عبد الله بن أبي مليكة: أنه سمع محمد بن قيس بن مخرمة يقول: سمعت عائشة رضي الله عنها تحدث قالت: (ألا أحدثكم عني وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ قلنا: بلى. قالت: لما كانت ليلتي التي هو عندي-تعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم-انقلب، فوضع نعليه عند رجليه، ووضع رداءه وبسط طرف إزاره على فراشه، فلم يلبث إلا ريثما ظن أني قد رقدت، ثم انتعل رويداً، وأخذ رداءه رويداً، ثم فتح الباب رويداً، وخرج وأجافه رويداً، وجعلت درعي في رأسي واختمرت، وتقنعت إزاري، فانطلقت في إثره حتى جاء البقيع فرفع يديه ثلاث مرات وأطال القيام، ثم انحرف، فانحرفت، فأسرع، فأسرعت، فهرول، فهرولت، فأحضر، فأحضرت، وسبقته، فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال: ما لك يا عائشة حشيا رابية؟ قالت: لا. قال: لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي فأخبرته الخبر، قال: فأنت السواد الذي رأيته أمامي؟ قالت: نعم. قالت: فلهدني في صدري لهدةً أوجعتني، ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت: مهما يكتم الناس فقد علمه الله، قال: نعم. قال: فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك، فناداني فأخفى منك، فأجبته فأخفيت منك، فظننت أن قد رقدت، وخشيت أن تستوحشي، فأمرني أن آتي أهل البقيع، فأستغفر لهم)، رواه عاصم عن عبد الله بن عامر عن عائشة رضي الله عنها على غير هذا اللفظ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة في القصة والذي حصل، وهي مماثلة للطريقة السابقة.
قوله: [أخبرني يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي].
ثقة، أخرج له حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حجاج].
هو حجاج بن محمد المصيصي، وقد مر ذكره.
[عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن محمد بن قيس بن مخرمة عن عائشة].
وقد مر ذكرهم جميعاً.

شرح حديث عائشة في انطلاقها في إثر النبي حين خرج إلى البقيع من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر أخبرنا شريك عن عاصم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (فقدته من الليل)، وساق الحديث].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وذكر بعضه وأحال على باقيه، حيث قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرواية السابقة أو الروايات السابقة فيها أنها كان عندها، وأنه كان نائماً على الهيئة التي وصفتها، وأنه حصل منه أن أخذ نعليه رويداً رويداً ورداءه، وخرج، وأجاف الباب، ولحقته، وهنا يقول: فقدته، وبقية الحديث يعني كما ذكر بأنها ذهبت، وطلبته، ولحقته، وأسرع، وأسرعت إلى آخره، حتى رجع وقال لها ما قال.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في انطلاقها في إثر النبي حين خرج إلى البقيع من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا علي بن حجر].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
[أخبرنا شريك].
هو شريك بن عبد الله النخعي القاضي، وهو صدوق كثير الخطأ، وقد أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عاصم].
هو عاصم بن عبيد الله العمري، وهو ضعيف، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، وأصحاب السنن الأربعة.


الأسئلة


الجهر بالدعاء عند السجود

السؤال: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في دعائه في السجود؟

الجواب: الدعاء قد يسمع من الساجد، وإن لم يكن جهراً، الجهر الذي يكون كالقراءة؛ لأنه يظهر منه وإن كان يخفيه، لكنه ليس قراءة؛ لأن القراءة فيها رفع صوت، وأما السجود فكان يسمع منه، في سجوده بعض الأدعية مما يفيد، ومما يدل على أنه يخفيه، لكنه يسمع منه، لكن ليست القراءة، وأن صوته بالدعاء في السجود والركوع كصوته بالقراءة، الإنسان الذي يدعو سراً يسمع منه أحياناً، وهو يقال له: سر وما يقال له: جهر؛ لأن الجهر هو رفع الصوت مثل القراءة التي يرفع بها الصوت.
لا ندري هل هي قصة واحدة أو أنها مسألتين أو أنها مسألة واحدة؟ لكن الذي يبدو إنها قصة ثانية؛ لأنها لما وجدته يصلي؛ ولهذا بينت أنها حصل منها خلاف، فاللفظ يشعر بأنها ليست هذه القصة القصة السابقة؛ لأنه كان يصلي ما راحت تبحث في رأسه، وتلمس رأسه وهو يصلي، وإنما وجدته في صلاة وما وجدته ذاهباً إلى بعض نسائه، فالذي يفهم -والله أعلم- أن هذه غير هذه.

ضابط لفظة (المقسمي)

السؤال: المقسمي بكسر الميم وإلا بفتحها؟

الجواب: ما أدري، لكن كان في بالي إنها بكسر الميم، في التقريب ما ذكر ضبطها، لكن أنا أنطقها المقسمي ما أدري، لكن ينظر فيه، يمكن في اللباب في تهذيب الأنساب، أو الأنساب للسمعاني أو اللباب لـابن الأثير الذي هو خلاصة الأنساب؛ لأن هذا هو الذي يبين ضبط الأنساب، يذكر النسب ثم يذكر ضبطه بالحروف المقسمي وغيره، أي نسب؛ لأنه خاص بهذا الموضوع، أي: الأنساب للسمعاني، وهو واسع، وكبير، واللباب الذي هو اختصاره وهو لـابن الأثير.


خصوصيته صلى الله عليه وسلم برفع اليدين للدعاء لأهل البقيع

السؤال: النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه ثلاث مرات، في زيارته لأهل البقيع فهل ذلك خاص للنبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: لعله يبدو أنه خاصاً به؛ لأنه أمر بأن يذهب في ذلك الوقت، وأن يستغفر لهم، فما يدل على أنه عندما يزور؛ لأن الزيارة ما نعلم أنه كان يرفع يديه، ولكن هذا شيء أوحي إليه بأن يخرج، وأن يدعو لأهل البقيع، وفعل ذلك، فلا يقال: إنه يشرع للناس أنهم إذا ذهبوا يرفعون أيديهم.


معنى: (ووضع رداءه، وبسط إزاره على فراشه) في حديث عائشة رضي الله عنها


السؤال: في أول حديث: قالت عائشة: (لما كانت ليلتي انقلب فوضع نعليه عند رجليه، ووضع رداءه، وبسط إزاره على فراشه) ما معنى ذلك؟

الجواب: معنى أنه متهيئ للنوم، أو مستعد للنوم، وبعد ذلك: (ألا أخبركم بخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعني)، أي: وعن خبري، المقصود بها: عن خبرها وقصتها، هذا المقصود حديثها عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنها، أي: ما حصل لها وله، وما جرى منها، أخبركم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعني، أو أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وعني.

الوضع يمكن أنه وضع أي: رفع، وليس لازماً الوضع على الفراش، الوضع بدل ما يكون على كتفيه يتخلص منه، بأن يضعه سواءً على مشجب، أو في ناحية، أو على فراشه، وكما هو معلوم الإنسان يتخلى من ثوبه، أو ينزع ثوبه، هذا هو رفع الثوب، تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ [النور:58]، أي: تتخلصون منها، وترفعونها، وتضعونها في أماكنها على الأرض، أو على المشجب أو في أي مكان.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #884  
قديم 20-10-2022, 04:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(494)


- (باب تحريم الخمر) إلى (باب خليط الزهو والرطب)


حرم الشرع الكريم الخمر؛ وذلك لعظم خطرها وضررها -وقد حرمها على مراحل- وبين أن الخمر قد تكون من التمر أو الزبيب أو منهما جميعاً، أو من خليط الزهو مع البلح.
تحريم الخمر

شرح حديث عمر: (... اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الأشربة: باب تحريم الخمر:
قال الله تبارك وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )[المائدة:90-91].
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق السني قراءة عليه في بيته أخبرنا الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي رحمه الله تعالى أخبرنا أبو داود حدثنا عبيد الله بن موسى أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (لما نزل تحريم الخمر قال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في البقرة، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في النساء: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى )[النساء:43] ، فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقام الصلاة نادى: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ: ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )[المائدة:91]؛ قال عمر رضي الله عنه: انتهينا انتهينا) ].
يقول النسائي رحمه الله: كتاب الأشربة.
والأشربة: هي جمع شراب، والمراد به: الأشربة المحرمة التي لا يجوز تعاطيها، والمقصود من الكتاب: هو ما يتعلق بالخمر وتحريمها، كالأشربة المسكرة التي فيها الإسكار؛ فإنها محرمة.
والأشربة على سبيل العموم ما كان منها مسكراً؛ فهو محرم لإسكاره، وما كان غير مسكر؛ ولكنه يلحق ضرر بشربه؛ فإنه لا يجوز شربه من أجل الضرر، وإن كان غير مسكر، وإذا لم يكن لا هذا ولا هذا؛ فإنه يكون حلالاً. والأصل في الأشربة الحل، إلا إذا جاء شيء طارئ؛ إما شراب اتصف بالإسكار، أو شراب عرف أن به مضرة، وأنه يترتب عليه مضرة؛ فهذان لا يجوز تعاطيهما، وما عداها فإنه حلال؛ لأن الأصل في المياه وفي الأشياء المشروبة الحل، إلا إذا وجد ما يدل على التحريم. أما الخمر فالترجمة معقودة لتحريمه، فإن الخمر كانت تشرب في الجاهلية، وجاء الإسلام وهي تشرب، وبقي من يشربها على شربها حتى نزل تحريمها.
مراحل تحريم الخمر وتعريفه ودليل حرمته

والتحريم نزل على ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: أنهم لما سألوا عن الخمر قال الله عز وجل: ( قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا )[البقرة:219]، فإذاً: فيها إشارة إلى أن فيهما نفع وضر؛ ولكن الضرر أكبر، فهذه المرحلة الأولى في تحريم الخمر، وهذا فيه إشارة إلى أن الذي ينبغي هو تركها, ما دام ضررها أكبر من نفعها فإنها تترك.
المرحلة الثانية في التحريم؛ وهي: أنهم لا يصلون وهم سكارى, بمعنى: أنه إذا قرب وقت الصلاة، أو كانت الصلاة قريبة؛ فإنهم لا يشربون الخمر؛ لئلا يأتي وقت الصلاة وهم سكارى.
المرحلة الثالثة: تحريم الخمر في آية المائدة, وهي: قول الله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )[المائدة:91]، يعني: انتهوا؛ لأن قوله: ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )، أي: انتهوا.
والخمر: مأخوذة من الغطاء، والأصل أن ما فيه غطاء, أو ما فيه تغطية يقال له: تخمير، ولهذا يقال للخمار الذي تغطي به المرأة وجهها ورأسها خمار؛ لأنه يغطي ويستر، والرسول صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي وقصة دابته قال: ( ولا تخمروا رأسه ووجهه )، يعني: لا تغطوه.
والخمر هي كل شراب مسكر، وقيل لها: خمر؛ لأنها تغطي العقل، وتحجبه، فلا يكون صاحبه ذا عقل سليم، بل يكون من جملة المجانين، أو أشبه ما يكون بالمجانين؛ لأن الخمر غطت عقله؛ فصار كالبهيمة، أو كالمجنون، أو هو مجنون، فإذاً: الخمر الأصل فيه التغطية؛ ولهذا قيل للخمار خمار، وللغطاء خمار، وقيل للخمر: خمر؛ لأنها تخمر العقل أي تغطيه، فالخمر كل ما أسكر.
( ما أسكر كثيره فقليله حرام )؛ لأن القليل وسيلة إلى شرب الكثير، وما دام أن الكثير يسكر؛ فإن القليل حرام، فالذي يسكر حرم لأنه غاية، والقليل الذي لا يسكر حرم لأنه وسيلة إلى غاية، ولهذا فالخمر ما أسكر، وكل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فلا يجوز شرب قليله، ولو لم يسكر؛ لأن شربه وسيلة إلى شرب الكثير؛ فحرمت الوسيلة للغاية.
وتحريم الوسائل لكونها تؤدي إلى غايات, هذا من مقاصد الشريعة ومن أسسها: أن الوسائل لها حكم الغايات، وأن الشيء الذي يؤدي إلى محرم يكون حراماً؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات.
وعلى هذا: فالخمر هي كل مسكر، سواء كان مشروباً, أو مطعوماً، وسواء كان يابساً, أو سائلاً, أو جامداً إذا تعوطي وحصل تغطية العقل والإسكار؛ فإنه يكون حراماً.
والنسائي رحمه الله أورد الآية في أول الباب، وليس من عادته أن يذكر آيات، بل هو إما أن يذكر آية وهي في الترجمة فيقول: تأويل قول الله عز وجل كذا، ثم يأتي بأحاديث فيها تفسير لها؛ لكن كونه يأتي بآية يستدل بها على تحريم شيء, ليس هذا من عادته.
والله تعالى يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ )[المائدة:90] ، وقد قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إذا سمعت الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا)، فأصغ لها سمعك؛ فإنه خير تؤمر به، أو شر تنهى عنه، يعني: بعد قوله: (يا أيها الذين آمنوا) إما أمر بخير وإما نهي عن شر، وهذه الآية الكريمة فيها نهي عن شر. وابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال هذه الكلمة، وقد ذكر الآثار عن ابن مسعود، ابن كثير في أول تفسير سورة المائدة: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )[المائدة:1]، وهذا على خلاف المألوف في المظنة؛ لأن المظنة أن يكون الكلام هذا في أول موضع في القرآن (يا أيها الذين آمنوا)، وقد جاء في القرآن في سورة البقرة وفي آل عمران: (يا أيها الذين آمنوا)، وفي النساء، ومع ذلك ما ذكر ابن كثير رحمة الله عليه في الآثار عن ابن مسعود إلا في أول سورة المائدة؛ ولكن المظنة إنما تكون في أول موضع في القرآن، هذا مظنة الشيء، من أراد أن يبحث يرجع إلى أول موضع؛ لكن من رجع إلى أول موضع لا يجد هذه الفائدة، ولكن هذه الفائدة في: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) التي هي أول سورة المائدة، ذكر رحمه الله الأثر عن ابن مسعود : (إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا؛ فأصغ لها سمعك، فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه).
قال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ )[المائدة:90] ، الخمر هي: كل مسكر، وسواء أسكر كثيره أو قليله، وما أسكر كثيره وقليله لا يسكر، فهو حرام؛ لأنه وسيلة إلى غاية محرمة. وابن القيم رحمه الله ذكر في (كتابه إعلام الموقعين): تسعة وتسعين مثالاً للأشياء التي حرمت؛ لأنها تؤدي إلى غاية محرمة، أي: وسائل تؤدي إلى غايات، فقد ذكر تسعة وتسعين دليلاً في كتابه إعلام الموقعين، كلها من باب سد الذرائع، فيها آيات, وأحاديث, وآثار تشتمل على سد الذرائع، يعني: أمور محرمة؛ لأنها وسيلة وذريعة إلى أمر محرم، ذكرها وقال: إنه أورد تسعة وتسعين، وقال: إنها بعدد ما جاء في الحديث: ( لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة )، اقتصر على هذا العدد.
وكتاب (إعلام الموقعين) كتاب نفيس عظيم، مشتمل على فوائد جمة، ومن ذلك هذه القاعدة: تحريم الوسائل التي تؤدي إلى غاية محرمة، التي هي قاعدة: سد الذرائع، وأتى بتسعة وتسعين دليلاً، من آية, وحديث, وأثر عن صحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وختمها بجمع عثمان للقرآن على حرف واحد، واقتصاره على حرف واحد؛ لأنه لو يبقى على الأحرف السبعة يؤدي إلى الاختلاف، فرأى أن يقتصر الناس على حرف واحد مشتمل على القراءات، هذا هو آخر الأمثلة التسعة والتسعين, التي هي أمثلة لقاعدة سد الذرائع.
قوله: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ )[المائدة:90]، الميسر: هو القمار، (وَالأَنصَابُ )[المائدة:90]، هي: الحجارة التي يذبحون عليها لغير الله عز وجل، ( وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ )[المائدة:3] ، (وَالأَزْلامُ )[المائدة:90]، هي: الاستقسام بالأزلام، وكانوا يستقسمون بها، قال: (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ([المائدة:90]، أي: الرجس هي هذه الأمور التي مرت؛ (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) [المائدة:90]، ثم قال: ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ )[المائدة:91]؛ لأنها تؤدي إلى العداوة، وتؤدي إلى البغضاء, وإلى الشحناء, وإلى الاقتتال, وما إلى ذلك من الشرور التي لا حد لها، ( وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ )[المائدة:91]، يعني: بهذه الأمور، ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )[المائدة:91]، يعني: انتهوا.
وقد أورد النسائي أثر عمر رضي الله عنه لما نزل تحريم الخمر، أي: لما أراد الله أن يحرم الخمر، وليس المقصود أنه لما نزل قال عمر : اللهم بين لنا؛ لأن المقصود: أن عمر وفق في السؤال في أن يبين لهم في الخمر بياناً شافياً، فنزل قول الله عز وجل: ( قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا )[البقرة:219] ، فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، يعني: ما جاء؛ لأن هذه هي الخطوة الأولى التي فيها بيان الضرر والخير، وأن الضرر أشد من الخير, وأكثر من الخير؛ فنزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43] ، والمقصود من ذلك: أنهم يمتنعون عن شرب الخمر إذا كانوا مقبلين على وقت الصلاة؛ لئلا يأتي وقت الصلاة وهم سكارى، وليس المقصود أنه مخاطبة لمن كان سكراناً؛ لأنه غير عاقل، ولكن المقصود من ذلك: أنهم نهوا أن يتعاطوا الخمر في الوقت الذي يكونون مقبلين فيه على الصلاة؛ لئلا يأتي وقت الصلاة وهم سكارى، فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً؛ فلما نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ [المائدة:90] إلى قول الله عز وجل: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91] ، قال عمر رضي الله عنه: انتهينا انتهينا, يعني: هذا هو البيان الشافي، وهو أنها محرمة.
التحذير من الخمر وخطره

والخمر هي أم الخبائث، وهي رأس الخبائث؛ لأنها توقع في الخبائث كلها، لأن الإنسان إذا فقد عقله، وصار أشبه ما يكون بالمجنون؛ سهل عليه أن يفعل كل محرم, سهل عليه الزنا، بل بمحارمه، وقد يزني بأمه, أو بنته, أو أخته؛ لأنه لا عقل له، فهي خبيثة تجر إلى الخبائث، ولهذا قيل لها: أم الخبائث.
ومن العجيب الغريب أن من يكون ذا عقل يسعى إلى أن يفقد عقله، ويسعى إلى أن يكون من جملة المجانين، مع أن الجنون نقص وخلل، والناس يكرهون الجنون، ويكرهون كون الإنسان يتصف بالجنون؛ لكن مع هذا فشارب الخمر يسعى إلى أن يكون مجنوناً، ويعمل على أن يكون من جملة المجانين؛ ولهذا يقول ابن الوردي في قصيدته:
كيف يسعى في جنون من عقل؟!!
كيف يسعى إنسان عاقل أعطاه الله تعالى عقل إلى أن يكون مجنوناً؟ ويعمل على أن يكون مجنوناً، كيف يسعى لذلك؟ هذا هو شأن الخمر، الله سبحانه وتعالى يعطيه العقل، ثم بعد ذلك يسعى إلى أن يكون من جملة المجانين.
هذا هو الأثر الذي جاء عن عمر رضي الله عنه، والذي فيه الدلالة على أن الخمر مر تحريمها بمراحل، وأنه حصل تدرج؛ لأنهم كانوا قد ألفوها؛ فجاء تحريمها على سبيل التدريج؛ ولكن بقي بعد ذلك الحكم ثابتاً مستقراً بأنها حرام، وجاءت النصوص الكثيرة في تحريمها، وبيان أن كل من شارك فيها, وكل من عمل فيها, أو ساعد عليها, فإنه ملعون، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة: لعن شاربها, وبائعها, ومبتاعها, وحاملها, والمحمولة إليه، وكل من له علاقة بها، وكل من له مساهمة في الوصول إليها, أو الدلالة عليها، جاء ما يدل على أن كل هؤلاء ملعونون، كل من له علاقة بها, بدلالة, أو بيع, أو شراء, أو حمل, أو وسيلة من أي وسائل، كل ذلك يدل على أنه محرم.
تراجم رجال إسناد حديث عمر: (... اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً ...)


قوله:[ أخبرنا أبو داود ].
هو سليمان بن سيف الحراني ، وهو ثقة, أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثنا عبيد الله بن موسى ].
هو الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا إسرائيل ].
هو ابن أبي إسحاق ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق ].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي ميسرة ].
هو عمرو بن شرحبيل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن عمر ].
هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أمير المؤمنين, وثاني الخلفاء الراشدين، الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
كلام ابن القيم في مفاسد الخمر وأضراره


وبالمناسبة أنا أتيت بأوراق مصورة من كتاب (حادي الأرواح)، ما دمنا نتكلم على مفاسد الخمر, وأضرار الخمر، أحب أن تقرأ هذه الأضرار التي ذكرها ابن القيم عند كلامه على أنهار الجنة في أثناء الصفحة في وسطها.
يقول: كما ينفي عن خمر الجنة جميع آفات خمر الدنيا من الصداع, والغول, واللغو, والإنزاف, وعدم اللذة؛ فهذه خمس آفات من آفات خمر الدنيا، تغتال العقل ويكثر اللغو على شربها، بل لا يطيب لشاربها ذلك إلا باللغو، وتنزف في نفسها، وتنزف المال، وتصدع الرأس، وهي كريهة المذاق، وهي رجس من عمل الشيطان، توقع العداوة, والبغضاء بين الناس، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتدعو إلى الزنا، وربما دعت إلى الوقوع على البنت, والأخت, وذوات المحارم، وتذهب الغيرة، وتورث الخزي, والندامة, والفضيحة، وتلحق شاربها بأنقص نوع الإنسان وهم المجانين، وتسلبه أحسن الأسماء والسمات، وتكسوه أقبح الأسماء والصفات، وتسهل قتل النفس, وإفشاء السر الذي في إفشائه مضرته أو هلاكه، ومؤاخاة الشياطين في تبذير المال الذي جعله الله قياماً له، ولم يلزمه مؤنته، وتهتك الأستار، وتظهر الأسرار، وتدل على العورات، وتهون ارتكاب القبائح والمآثم، وتخرج من القلب تعظيم المحارم، ومدمنها كعابد وثن، وكم أهاجت من حرب وأفقرت من غني، وأذلت من عزيز ووضعت من شريف، وسلبت من نعمة وجلبت من نقمة، وفسخت من مودة, ونسجت من عداوة، وكم فرقت بين رجل وزوجته، فذهبت بقلبه وراحت بلبه، وكم أورثت من حسرة, وأجرت من عبرة، وكم أغلقت في وجه شاربها باباً من الخير , وفتحت له باباً من الشر، وكم أوقعت في بلية، وعجلت من منية، وكم أورثت من خزية، وجرت على شاربها من محنة، وجرت عليه من سفلة، فهي جماع الإثم, ومفتاح الشر، وسلابة النعم وجالبة النقم، ولو لم يكن من رذائلها إلا أنها لا تجتمع هي وخمر الجنة في جوف عبد, كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من شرب الخمر في الدنيا؛ لم يشربها في الآخرة ) لكفى، وآفات الخمر أضعاف أضعاف ما ذكرنا، وكلها منتفية عن خمر الجنة.
هذه من جملة الأضرار والمفاسد التي في الخمر، وقد ذكرها ابن القيم في كتابه حادي الأرواح في باب أنهار الجنة؛ لأنه ذكر أبواباً عديدة, وفيها باب أنهار الجنة، ولما جاء عند ذكر الأنهار، وفيها أنهار من خمر لذة للشاربين، تكلم على خمر الدنيا, ومفاسدها, وأضرارها، وقال: إن مفاسدها وأضرارها أضعاف ما ذكرنا، بعد أن ذكر هذا العدد الكثير من أضرارها ومخازيها، قال: وهي أضعاف ما ذكرنا، يعني: ما تركه أكثر مما ذكره.

ذكر الشراب الذي أهريق بتحريم الخمر

شرح حديث: (إنها حرمت الخمر ... فقلت لأنس: وما هو؟ قال: البسر والتمر ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر الشراب الذي أهريق بتحريم الخمر:
أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله - يعني: ابن المبارك - عن سليمان التيمي أن أنس بن مالك أخبرهم قال: (بينا أنا قائم على الحي وأنا أصغرهم سناً على عمومتي، إذ جاء رجل فقال: إنها قد حرمت الخمر، وأنا قائم عليهم أسقيهم من فضيخ لهم، فقالوا: اكفأها، فكفأتها، فقلت لـأنس: ما هو؟ قال: البسر والتمر). قال أبو بكر بن أنس : كانت خمرهم يومئذٍ فلم ينكر أنس ].
لما أورد النسائي هذه الرواية في الخمر لما أهريقت لتحريم الخمر, ذكر الشراب الذي أهريق بتحريم الخمر، يعني: لما جاء تحريم الخمر والشراب موجود، وأهريق يعني: كفئ وأتلف؛ لأن الخمر حرمت، فبادروا إلى إتلافها, والتخلص منها رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، أي: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه كان يسقي جماعة من حيه ومن أقاربه وعمومته الخمر، وكان أصغرهم سناً وكان يدور عليهم ليسقيهم، فجاء رجل وقال: (إن الخمر حرمت)؛ فقالوا: (اكفأها)، يعني: أرقها، فبادروا إلى التخلص منها لما سمعوا بأنها حرمت، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الالتزام بما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنهم قبل ذلك كانوا يشربون، ولما جاء تحريم الشيء الذي كانوا يشربونه؛ لم يروا أن يبقوه، أو يفكروا في بيعه على أحد، حتى ولو كان كافراً، بل بادروا إلى إهراقه, وإلى إتلافه, والتخلص منه، وكان شرابهم يومئذ أو كان يسقيهم من فضيخ، والفضيخ هو: شراب يكون من البسر والتمر، بمعنى: أنهم يأخذون البسر وهو البلح، والتمر فينبذونه مع بعض، ويبقى مدة حتى يصل إلى أن يكون خمراً فيشربونه، فهذا هو شرابهم يومئذ، الذي كانوا يشربوه، لما نزل تحريم الخمر وبلغهم ذلك وهم يشربونه؛ فقاموا بإحراقه والتخلص منه, رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
والحاصل: أن الخمر كلما أسكر سواء كان من التمر أو البسر أو من أحدهما أو من مجموع الاثنين، وسواء كان من العنب, أو الشعير, أو من البر, أو من أي شيء كان كل ما وصف بأنه خمر؛ فإنه حرام قليله وكثيره.
تراجم إسناد حديث: (... إنها حرمت الخمر ... فقلت لأنس: وما هو؟ قال: البسر والتمر ...)


قوله: [ أخبرنا سويد بن نصر ].
هو سويد بن نصر المروزي ثقة، أخرج حديثه الترمذي , والنسائي .
[ أخبرنا عبد الله -يعنى: ابن المبارك - ].
هو المروزي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليمان التيمي ].
هو سليمان بن طرخان التيمي, وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن أنس بن مالك ].
رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة , وابن عمر , وابن عباس, وأبو سعيد , وجابر , وأنس , وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، ستة رجال وامرأة واحدة.
قوله: [ فقلت لـأنس : ما هو؟ قال: البسر والتمر، قال أبو بكر بن أنس : كانت خمرهم يومئذ، فلم ينكر أنس ].
أي: الفضيخ، وقيل للخمر: فضيخ؛ لأنه يكسر, ويشقق, ثم يرمى به في الماء، وهو خليط، أي: ذلك الشراب الذي نزل تحريم الخمر وهم يشربونه مكون من البسر ومن التمر، خليط من هذا وهذا.
قوله: [ قال: أبو بكر بن أنس: كانت خمرهم يومئذ، فلم ينكر أنس ] يعني: هذا النوع الذي هو مكون من البسر والتمر هذا هو خمرهم يومئذ، فلم ينكر أنس يعني: سكت، يعني أنه أقر كلامه بأنها هي خمرهم يومئذ؛ لكن كما هو معلوم :كما جاء في بعض الأحاديث: ( كل مسكر خمر وكل خمر حرام )، يعني: كل ما كان مسكراً سواء كان من هذا النوع, أو من أي نوع آخر؛ لأن القضية هي قضية الإسكار، وتغطية العقل، فأي نوع كان، سواء كان سائلاً, أو جامداً, أو مسحوقاً, أو على أي حالة كان ما دام أنه يسكر فإنه حرام قليله وكثيره.

شرح حديث: (... نزل تحريم الخمر ... وما هي يومئذ إلا الفضيخ: خليط البسر والتمر ...) من طريق ثانية
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا سويد بن نصر ، قال: أخبرنا عبد الله -يعنى: ابن المبارك - عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: ( كنت أسقي أبا طلحة وأبي بن كعب وأبا دجانة رضي الله عنهم في رهط من الأنصار، فدخل علينا رجل فقال: حدث خبر، نزل تحريم الخمر؛ فكفأنا، قال: وما هي يومئذ إلا الفضيخ: خليط البسر والتمر، قال: وقال أنس : لقد حرمت الخمر وإن عامة خمورهم يومئذ الفضيخ ) ].
هنا أورد النسائي حديث أنس من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله، وفيه تسمية بعض الصحابة الذين كانوا يشربون الخمر قبل أن ينزل تحريمها، ولما نزل تحريمها وجاءهم الرجل الذي أخبرهم؛ أكفؤها وتخلصوا منها، والفضيخ هو النبيذ المتكون من هذين الشيئين: البسر والتمر.
تراجم رجال إسناد حديث: (... نزل تحريم الخمر ... وما هي يؤمئذ إلا الفضيخ: خليط البسر والتمر ...) من طريق ثانية

قوله: [ أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله عن سعيد بن أبي عروبة ].
سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
قد مر ذكره.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #885  
قديم 20-10-2022, 04:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (حرمت الخمر حين حرمت وإنه لشرابهم البسر والتمر) من طريق ثالثة
قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا سويد بن نصر قال: أخبرنا عبد الله عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ( حرمت الخمر حين حرمت، وإنه لشرابهم البسر والتمر ). ].
أورد النسائي حديث أنس: (وأن الخمر حرمت يوم حرمت وشرابهم يومئذ البسر والتمر)، وهو مثل ما تقدم، والبسر والتمر، يعني: الشراب الذي ينتج عن انتباذهما هو شرابهم يومئذ، فهو مطابق للشيء الذي قاله أبو بكر بن أنس ، ولم ينكر أنس رضي الله عنه.
تراجم رجال إسناد حديث: (حرمت الخمر حين حرمت وإنه لشرابهم البسر والتمر) من طريق ثالثة


قوله: [ أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله عن حميد الطويل ].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس]
قد مر ذكره.
والحديث من رباعيات النسائي التي هي أعلى ما يكون عند النسائي .

استحقاق الخمر لشراب البسر والتمر

شرح أثر جابر: (البسر والتمر خمر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ استحقاق الخمر لشراب البسر والتمر:
أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن شعبة عن محارب بن دثار عن جابر -يعني: ابن عبد الله - رضي الله عنه قال: ( البسر والتمر خمر ). ].
أورد النسائي: استحقاق الخمر لشراب البسر, والتمر.
استحقاق الخمر، يعني: إطلاق اسم الخمر على شراب البسر والتمر، والمقصود من ذلك ليس الحصر، وإنما المقصود المثال، وأن ما كان من البسر, والتمر وهو مسكر؛ فإنه خمر؛ ولكن لا يعني أن الخمرة محصورة في هذا النوع، وأنه لو كان شيء من الزبيب أو شيء من العنب أو شيء من الأصناف الأخرى لا يكون خمراً، بل الخمر كل ما أسكر.. كل ما أسكر كثيره, فقليله حرام، كل مسكر خمر, وكل خمر حرام، فالمقصود من هذا: أن ما كان من هذا النوع يطلق عليه خمر، لكن لا يعني أن ما سواه لا يقال له: خمر، بل الكل يقال له: خمر، ولكن هذا لكونه جاء النص عليه أن الشراب من البسر والتمر خمر.
ثم ذكر حديث جابر : ( البسر والتمر خمر )، يعني: الشراب الذي حصل من هذا وهذا ووصل إلى حد الإسكار فهو خمر، هذا هو المقصود؛ والحديث موقوف لكنه سيأتي مرفوعاً.
تراجم رجال إسناد أثر جابر: (البسر والتمر خمر)

قوله: [ أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله عن شعبة ].
سويد بن نصر وعبد الله مر ذكرهما، وشعبة بن الحجاج الواسطي البصري ثقة, وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن محارب بن دثار ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر يعني: ابن عبد الله ].
هو الأنصاري ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أثر جابر: (البسر والتمر والخمر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن سفيان عن محارب بن دثار أنه قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: ( البسر والتمر خمر )، رفعه الأعمش ].
أورد النسائي أثر جابر من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ أخبرنا سويد بن نصر عن عبد الله عن سفيان ].
سفيان هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة, فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن محارب بن دثار عن جابر ].
قد مر ذكرهما.

شرح حديث جابر: (الزبيب والتمر هو الخمر) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا القاسم بن زكريا قال: أخبرنا عبيد الله عن شيبان عن الأعمش عن محارب بن دثار عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( الزبيب والتمر هو الخمر ). ].
أورد النسائي الحديث عن جابر؛ ولكن فيه مع التمر الزبيب، وأنه خمر، وأورده مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما هو معلوم ليس المقصود هو الحصر في هذين النوعين، لا على سبيل الانفراد، ولا على سبيل الاجتماع، فما جاء من الزبيب وحده فهو خمر، وما جاء من الخمر وحده خمر، وما جاء من خلطهما فهو خمر، وكل ما اتخذ من أي شيء كان وأكثر؛ فإنه خمر ويكون حراماً.
تراجم رجال إسناد حديث جابر: (الزبيب والتمر هو الخمر) من طريق ثالثة

قوله: [ أخبرنا القاسم بن زكريا ].
ثقة، أخرج حديثه مسلم , والترمذي , والنسائي , وابن ماجه.
[ أخبرنا عبيد الله ].
هو ابن موسى ، وقد مر ذكره.
[ عن شيبان ].
هو شيبان بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والأعمش لقب واسمه سليمان .
[ عن محارب بن دثار عن جابر ].
قد مر ذكرهما.

نهي البيان عن شرب نبيذ الخليطين الراجعة إلى بيان البلح والتمر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [بيان النهي عن شرب نبيذ الخليطين الراجعة إلى بيان البلح والتمر ].
قوله: [ الراجعة إلى بيان البلح والتمر ].
تفسير الخليطين، يعني: المفسران بأنهما بلح وتمر، ويقول: المحشي في إحدى النسخ النظامية: إنباذ، بدل بيان, يعني تكون: بيان النهي عن شرب نبيذ الخليطين الراجعة إلى إنباذ البلح والتمر.
ففي هذه الحالة تستقيم، إنباذ البلح والتمر؛ لأنه نبذهما، لكن الكلام عن النسخة الأول الذي فيها نهي البيان، لعلها: بيان النهي عن الخليطين.
شرح حديث: (أن النبي نهى عن البلح والتمر والزبيب والتمر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الرحمن عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن البلح والتمر, والزبيب والتمر ). ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: بيان النهي عن الخليطين الذين هما البلح والتمر، المقصود من ذلك: ذكر الخليطين، وأنهما إذا اجتمعا فإن ذلك يكون حراماً؛ لكن ليس المقصود الاقتصار على الخلط، بل لو جاءت الخمر من البلح وحده، أو من التمر وحده، أو منهما مجتمعين كل ذلك خمر، وكل ذلك حرام؛ لكنه أراد أن يبين ما جاء في الحديث من ذكر هذه الأشياء متماثلة.
قوله: [( أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن البلح والتمر, والزبيب والتمر ).].
نهى عن البلح والتمر، يعني: عن نبذهما، أو النبيذ الناتج عن خلطهما، عن البلح والتمر وعن الزبيب والتمر.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي نهى عن البلح والتمر والزبيب والتمر)

قوله: [ أخبرنا إسحاق بن منصور ].
هو الكوسج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود .
[ أخبرنا عبد الرحمن ].
هو عبد الرحمن بن مهدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة عن الحكم ].
شعبة مر ذكره، والحكم هو ابن عتيبة ، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي ليلى ].
هو عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ].
أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لأنهم عدول بتعديل الله عز وجل وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، فالجهالة فيهم لا تضر، أما غيرهم فالجهالة فيه تضر، ويعل به الحديث، أما إذا كان صحابياً فلو كان مجهولاً فجهالته لا تؤثر؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لأنهم عدول بتعديل الله عز وجل، ما دام أنه وصف بأنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكفي ذلك؛ لأن الصحابي يكفيه شرفاً أن يكون صحب النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا عندما يترجم العلماء للصحابة لا يحتاج إلى شيء إلا أن يقول: صحابي، لا يقول: ثقة؛ لأن ثقة هذه ما تكون لهم، تكون لمن يحتاجون إلى توثيق، أما من عدلهم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين, وتوثيق الموثقين.
خليط البلح والزهو

شرح حديث ابن عباس: (نهى رسول الله عن الدباء ... وأن يخلط البلح والزهو)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ خليط البلح والزهو:
أخبرنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا ابن فضيل عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء, والحنتم, والمزفَّت, والنقير، وأن يخلط البلح والزهو ). ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي خليط البلح والزهو، البلح هو: الأخضر من تمر النخل، حيث يكون أخضر يقال له: بلح، فإذا احمر واصفر؛ يقال له: زهو، والمقصود من ذلك: أن البلح الذي هو أخضر مع الزهو الذي هو أصفر أو أحمر إذا جمع بينهما ووجدت الخمر بهما؛ فهي من جملة المحرمات ومن جملة الخمر، ولا يعني هذا: أن الحكم بالخلط، بل البلح إذا نبذ وحده وأسكر يكون حراماً، والزهو وحده إذا نبذ ووصل إلى حد الإسكار, فإنه يكون حراماً، فإذا ليست القضية قضية الخلط.
وقد أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله عنهما ( أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء )، والمقصود بالدباء: الوعاء الذي كانوا يتخذونه من الدباء، وينبذون به هذه الأشياء التي قد تصل إلى الخمر، فيأتون للقرع الذي هو الدباء فيأخذون لبه، ثم يبقى قشره وييبس، فييبسونه فيصير وعاءً صلباً، قاسياً يابساً، فالمقصود بالدباء أي: الانتباذ في الوعاء الذي اتخذ من الدباء، حيث استخرج اللب وبقي القشر ويبس؛ فصار وعاءً من الأوعية.
والحنتم: هي جرار خضر، نهي عن الانتباذ فيها.
والمزفت: هو الذي طلي بالزفت.
والنقير: هو جذع النخل ينقرونه فيكون وعاءً، فينبذون فيه تلك الأشياء، وإنما كان هذا التحريم في أول الأمر؛ لأن هذه صلبة وقوية، فيمكن أن يحصل الإسكار، ولا يتبين على غلافها من الخارج، بخلاف الجلود وغيرها من الأشياء التي ليست صلبة، فإنه إذا حصل الإسكار من الداخل؛ تبين على الغلاف وعلى الوعاء من الخارج تغيره، مما يشعر بأنه وصل إلى حد الإسكار، فكانوا نهوا أن ينتبذوا في الأشياء التي قد يصل إلى حد الإسكار وهم ما عرفوا؛ لسماكته ولغلظه، ولكونه لا يظهر على غلافه من الخارج ما يشير إلى وصوله إلى حد الإسكار، ولكنه بعد ذلك أحل لهم كما جاء في حديث بريدة بن الحصيب : ( كنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية، ألا فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً )، ومعناه: أنهم ينتبذون في أي وعاء سواء كان قاسياً, أو ليناً؛ لكن بشرط أن يتحققوا أنه ما وصل إلى حد الإسكار، وكذلك أيضاً الخلط، يعني: كونه يخلط هذا وهذا، قالوا: لأن الخلط يكون سبباً في سرعة الإسكار، إذا خلط الشيئان مع بعض ونبذا؛ فيكون أسرع في حصول الإسكار، والجمهور على أن الخلط سائغ؛ لكن بشرط ألا يكون هناك شرب لمسكر، بحيث يتحقق أنه لن يصل إلى حد الإسكار، فإن وصل إلى حد الإسكار؛ فيجب إراقته وإتلافه.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (نهى رسول الله عن الدباء ... وأن يخلط البلح والزهو)

قوله: [ أخبرنا واصل بن عبد الأعلى ].
ثقة، أخرج حديثه مسلم , وأصحاب السنن.
[ عن ابن فضيل ].
هو محمد بن فضيل وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حبيب بن أبي عمرة ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة, إلا أبا داود بل أخرج له في الناسخ والمنسوخ.
[ عن سعيد بن جبير ].
ثقة, فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب , ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة, من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم، وهم: عبد الله بن عباس , وعبد الله بن الزبير , وعبد الله بن عمر , وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث ابن عباس: (نهى رسول الله عن الدباء ... وأن يخلط البلح مع الزهو) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء, والمزفَّت -وزاد مرة أخرى: والنقير-, وأن يخلط التمر بالزبيب, والزهو بالتمر ). ].
أورد النسائي حديث ابن عباس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، والمقصود: أن هذه الأشياء نهي عنها في أول الأمر؛ لأنها كانت يحصل فيها الإسراع إلى الإسكار، والمقصود: أنه يشرب كل شراب بشرط ألا يكون مسكراً.
قوله: [وأن يخلط التمر بالزبيب ].
يعني: ينبذان معاً، والزهو بالتمر، الزهو الذي هو: احمر واصفر.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس: (نهى رسول الله عن الدباء ... وأن يخلط البلح مع الزهو) من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ].
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[ أخبرنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ].
قد مر ذكر الثلاثة.
حديث أبي سعيد الخدري: (نهى رسول الله عن الزهو والتمر والزبيب والتمر) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا الأعمش عن حبيب عن أبي أرطاة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزهو والتمر, والزبيب والتمر ). ].
أورد حديث أبي سعيد الزهري وهو في خلط هذين الصنفين: الزهو والتمر، والزبيب والتمر، وهو مثل ما تقدم.
قوله:[ أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر ].
ثقة، أخرج حديثه البخاري , ومسلم , والنسائي .
[حدثنا عبد الله بن نمير ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش عن حبيب ].
الأعمش مر ذكره، وحبيب هو: ابن أبي ثابت ، وهو ثقة، كثير التدليس والإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي أرطأة ].
هو أبو أرطأة الكوفي مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن أبي سعيد ].
هو سعد بن مالك الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور بكنيته أبي سعيد , وبنسبته الخدري ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

خليط الزهو والرطب

شرح حديث أبي قتادة لا تجمعوا بين التمر والزبيب ولا بين الزهو والرطب)

قال المصنف رحمه الله: [خليط الزهو والرطب:
أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن الأوزاعي حدثنا يحيى بن أبي كثير حدثني عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( لا تجمعوا بين التمر والزبيب، ولا بين الزهو والرطب )].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: خليط الزهو والرطب، خليط الزهو الذي قد احمر واصفر، والرطب الذي حصل بعد هذه الحالة وهو كونه صار رطباً ولم يكن تمراً؛ لأن التمر هو ما يبس، وأما ما دام أنه فاكهة, وما دام أنه في حال استوائه؛ فإنه يقال له: رطب، فالفرق بين الرطب والتمر: أن التمر هو الذي يبس ومضى عليه وقت، وأما الرطب فهو الذي تحول من كونه زهواً إلى أن صار رطباً، فالخلط بين كل هذه الأصناف، يعني: بين الزبيب والتمر, وبين الزهو والرطب، كل ذلك منع منه؛ ولكن كما عرفنا المقصود هو: جواز الانتباذ في كل وعاء، وسواء كان على سبيل الإفراد, أو على سبيل الخلط؛ لكن بشرط ألا يشرب الناس مسكراً.
تراجم رجال إسناد حديث أبي قتادة لا تجمعوا بين التمر والزبيب ولا بين الزهو والرطب)

قوله: [ أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن الأوزاعي ].
سويد بن نصر وعبد الله بن المبارك مر ذكرهما.
والأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، فقيه الشام, ومحدثها، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن أبي كثير ].
هو اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن أبي قتادة ].
هو الأنصاري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو أبو قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث أبي قتادة: (لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا علي -وهو ابن المبارك - عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً، ولا تنبذوا الزبيب والرطب جميعاً )].
أورد النسائي حديث أبي قتادة وهو مثل الذي قبله, ولكن هنا قال: (( لا تنبذوا))، وهناك قال: ((لا تجمعوا)) أي: لا تجمعوا بينهما في الانتباذ، فالعبارة مختلفة، والمؤدى واحد.
تراجم رجال إسناد حديث أبي قتادة: (لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً ...) من طريق أخرى

قوله:[أخبرنا محمد بن المثنى ].
هو الزمن أبو موسى العنزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ عن عثمان بن عمر ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي هو ابن المبارك].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير اليمامي]. وقد مر ذكره.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة, فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال الثلاثة في التابعين ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي قتادة ].
قد مر ذكره.

الأسئلة


حكم بعض المشروبات الموجودة في الأسواق كالبيرة والموسي
السؤال: جزاكم الله خيراً! وبارك الله فيكم! ونفعنا الله بما قلتم.

وردت من الإخوان عن هذه الأشربة الموجودة الآن في الأسواق مثل: البيرة والموسي ونحو ذلك، بعضهم يقول: إن فيها نسبة ضئيلة من الكحول، وهي مكتوب عليها في الظاهر: خال من الكحول، فما رأيكم فيها؟
الجواب: لا نعرف عنها شيئاً؛ لكن إذا كان كثيرها يسكر؛ فقليلها حرام، وإذا كانت غير مسكرة فإنها لا تحرم.

الخلاف بين أهل الكوفة والجمهور في حد المسكر

السؤال: ما يذكره الفقهاء من الخلاف بين أهل الكوفة وغيرهم في هذا الباب، قضية الانتباذ؟
الجواب: نعم، فيما يتعلق بالخمر: أهل الكوفة يجعلون كل مسكر حرام عندهم؛ ولكن الفرق بينهم وبين جمهور العلماء أنه ما لم يكن من العنب، العنب قليله يكون حراماً إذا كان لا يسكر، وأما الأشياء الأخرى فإن المسكر منها حرام، والقليل منها لا يكون حراماً، ولكن ما جاء: ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ) يدل على أن ما قل من أي نوع من الأنواع ما دام أن الكثير منه حرام، فالقليل منه يكون حراماً.
والقول الصحيح هو ما قاله جمهور العلماء، وليس ما قاله فقهاء الكوفة: من أن بعض الأشربة التي يسكر كثيرها وقليلها لا يسكر؛ فإنه لا يكون حراماً، بل كل ما أسكر كثيره فقليله حرام من أي نوع كان، سواء كان من العنب, أو غير العنب.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #886  
قديم 20-10-2022, 04:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(495)

- (باب خليط الزهو والبسر) إلى (باب الرخصة في الانتباذ في الأسقية التي يلاث على أفواهها)



نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن خلط التمر بالزبيب والزهر بالتمر وكل شيئين مختلفين يسرع الإسكار إليهما عند الخلط، مع أنه يجوز استعمال الخليط قبل أن يصل إلى حد الإسكار، وقد كان نهى النبي عن الانتباذ في أوعية الدباء والحنتم والمزفت والنقير ثم رخص في ذلك بشرط ألا يصل إلى حد الإسكار.

خليط الزهو والبسر


شرح حديث أبي سعيد الخدري: (نهى رسول الله أن يخلط التمر والزبيب وأن يخلط الزهو والتمر ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ خليط الزهو والبسر. أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله حدثني أبي حدثني إبراهيم هو ابن طهمان عن عمر بن سعيد عن سليمان عن مالك بن الحارث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يخلط التمر والزبيب، وأن يخلط الزهو والتمر، والزهو والبسر ) ].
يقول النسائي رحمه الله: خليط الزهو والبسر، والبسر هو الذي طاب واحمر, أو اصفر؛ لأنه قبل أن يطيب ويصفر ويحمر يقال له: بسر، وإذا تغير لونه من الخضرة إلى الحمرة أو الصفرة قيل له: زهو. والترجمة هي خليط الزهو والبسر، يعني: الذي لم يصل إلى حد الاحمرار والاصفرار, مع الذي وصل إلى حد الاحمرار والاصفرار، بأن يخلطا, وينبذا جميعاً، والمقصود النهي عن نبذ شيئين مختلفين؛ لأن الإسكار يسرع مع الخلط.
والنهي قيل: إنه للتنزيه، وأنه إذا كان الخلط استفيد منه قبل أن يصل إلى حد الإسكار فإنه لا بأس به، وإنما المحذور هو أن يوجد الإسكار، وهكذا ما جاء من ذكر الخلط بين شيئين مختلفين، أو الانتباذ في أوعية غليظة لا يظهر عليها أثر الإسكار إذا حصل فيها إسكار لغلظ الغلاف، كما جاء في أحاديث مر جملة منها، وسيأتي ذكرها أيضاً.
وقد أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن أن يخلط التمر والزبيب )، أن يخلط التمر: وهو الذي تحول من كونه رطباً إلى كونه تمراً؛ لأن الرطب والتمر شيئان، والرطب هو الذي حصل طيبه وإرطابه، وإذا مضى عليه وقت ويبس صار تمراً، ولهذا لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر قال: ( أينقص الرطب إذا جف؟ قالوا: نعم، قال: فلا )، إذاً: لا يباع الرطب بالتمر؛ لأن الرطب إذا يبس وإذا جف نقص، ولا بد من بيع الجنس بمثله مثلاً بمثل من غير زيادة، ولهذا لا يجوز بيع الرطب بالتمر؛ لأن الرطب إذا جف نقص، ولا بد من التساوي بين الجنس الواحد في بيعهما.
قوله: ( وأن يخلط الزهو والتمر ) يعني: الأحمر والأصفر الذي لم يصل إلى حد الرطب وذلك بأن يخلط مع التمر.
قوله: ( والزهو والبسر ).
والزهو: هو الذي طاب واحمر أو اصفر، والبسر: الذي لا يزال أخضر ولم يصل إلى حد الاحمرار والاصفرار.

تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري: (نهى رسول الله أن يخلط التمر والزبيب وأن يخلط الزهو والتمر ...)


قوله: [أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله[ .هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري ، وهو صدوق, أخرج حديثه البخاري , وأبو داود , والنسائي .
[حدثني أبي].
هو حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري وهو صدوق أيضاً، أخرج حديثه البخاري , وأبو داود , والنسائي , وابن ماجه .
[ حدثني إبراهيم هو ابن طهمان ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمر بن سعيد].
هو عمر بن سعيد بن مسروق, أخو سفيان بن سعيد الثوري ،وهو ثقة, أخرج له مسلم , وأبو داود , والنسائي.
[عن سليمان] .
هو الأعمش , سليمان بن مهران الكاهلي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مالك بن الحارث ].
هو مالك بن الحارث السلمي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد, ومسلم , وأبو داود , والنسائي .
[ عن أبي سعيد] .
هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور بنسبته الخدري , وبكنيته: أبي سعيد وهو صحابي جليل مشهور مكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة , وابن عمر , وابن عباس , وأبو سعيد , وأنس , وجابر , وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، وهم الذين يقول فيهم السيوطي في الألفية:
والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر
وأنس والبحر كالخدريِ وجابر وزوجة النبي
البحر أي: ابن عباس .


خليط البسر والرطب


شرح حديث جابر: (أن النبي نهى عن خليط التمر والزبيب والبسر والرطب)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ خليط البسر والرطب.أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى، وهو ابن سعيد عن ابن جريج أخبرني عطاء عن جابر رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن خليط التمر والزبيب, والبسر والرطب ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة؛ خليط البسر والرطب، البسر هو: الذي لم يطب ولا يزال أخضر، والرطب هو الذي تحول من كونه زهواً إلى كونه رطباً، والترجمة في خليط البسر والرطب، وأورد حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن خليط التمر والزبيب والبسر والرطب ).

تراجم رجال إسناد حديث جابر: (أن النبي نهى عن خليط التمر والزبيب والبسر والرطب)


قوله:[أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ].هو الدورقي ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، أخرجوا عنه مباشرة وبدون واسطة، وكانت وفاته سنة (252هـ)، وهو من صغار شيوخ البخاري ، وهناك اثنان آخران ماتا في تلك السنة، وهي سنة (252هـ)، وهم جميعاً شيوخ لأصحاب الكتب الستة، وهم يعقوب بن إبراهيم الدورقي هذا، ومحمد بن مثنى العنزي , ومحمد بن بشار الملقب بندار .
[ عن يحيى وهو ابن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة, فقيه، يرسل ويدلس, وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني عطاء ].
هو عطاء بن أبي رباح المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث جابر: (لا تخلطوا الزبيب والتمر ولا البسر والتمر) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا عمرو بن علي عن أبي داود حدثنا بسطام حدثنا مالك بن دينار عن عطاء عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا تخلطوا الزبيب والتمر، ولا البسر والتمر ) ]. أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه من طريق أخرى: ( لا تخلطوا الزبيب والتمر، ولا البسر والتمر )، وهذا فيه ذكر البسر والتمر، وهو لا يتفق مع الترجمة التي هي البسر والرطب؛ لأن التمر غير الرطب، التمر هو الذي يبس، فالرطب إذا يبس يقال له: تمر، وقبل أن ييبس يقال له: رطب.

تراجم رجال إسناد حديث جابر: (لا تخلطوا الزبيب والتمر ولا البسر والتمر) من طريق ثانية


قوله:[أخبرنا عمرو بن علي ].هو الفلاس ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي داود ].
هو سليمان بن داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً, ومسلم , وأصحاب السنن الأربعة.
[ حدثنا بسطام ].
هو بسطام بن مسلم ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد, وأبو داود في المسائل, والنسائي , وابن ماجه .
[ عن مالك بن دينار] .
صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً, وأصحاب السنن.
[ عن عطاء عن جابر ].
عطاء بن أبي رباح وجابر بن عبد الله قد مر ذكرهما.


خليط البسر والتمر


حديث جابر: (... ونهى أن ينبذ البسر والتمر جميعاً) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ خليط البسر والتمر.أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن عطاء عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( أنه نهى أن ينبذ الزبيب والتمر جميعاً، ونهى أن ينبذ البسر والتمر جميعاً ) ].
لعل الترجمة متأخرة؛ لأنها إذا كانت قبل الحديث السابق يكون داخل تحت الترجمة؛ لأنه بسر وتمر، والترجمة السابقة بسر وزهو، فوجوده تحت الترجمة السابقة، وهو ليس مطابقا لها، بل هو مطابق للترجمة اللاحقة، قد يفهم منه أن الترجمة تأخرت عن محلها، وكان محلها ينبغي أن يكون قبل الحديث الذي قبل هذا، فيحتمل أن يكون كذلك والله تعالى أعلم.
ثم أورد النسائي هذه الترجمة: وهي خليط البسر والتمر، وقد أورد فيه النسائي حديث جابر من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا قتيبة ].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث ].
هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة, فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء عن جابر ].
عطاء بن أبي رباح وجابر قد مر ذكرهما.
والحديث من رباعيات النسائي ، وهي أعلى ما يكون عند النسائي ؛ يعني: بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وأنزل ما يكون عنده العشاريات التي يكون بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أشخاص، وقد سبق أن مر بنا حديث في فضل: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] إسناده عشرة رجال بين النسائي وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام.

شرح حديث: (نهى رسول الله عن الدباء والحنتم... وعن البسر والتمر أن يخلطا ...)


قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا واصل بن عبد الأعلى عن ابن فضيل عن أبي إسحاق عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدباء, والحنتم, والمزفت, والنقير، وعن البسر والتمر أن يخلطا، وعن الزبيب والتمر أن يخلطا، وكتب إلى أهل هجر: ألا تخلطوا الزبيب والتمر جميعاً ) ]. أورد النسائي حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وفيه النهي عن خلط التمر والبسر، ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير )، وقد سبق أن مر ذكر هذه الأربعة، والدباء هو القرع.
والمقصود بالحديث أنهم كانوا يستخرجون لب الدباء، ويبقى قشرها حتى ييبس، فيصير وعاءً يضعون فيه الأشياء التي يريدون وضعها فيه من الأشياء السائلة، يعني: مثل اللبن، ومثل النبذ، يعني: ينبذون فيه الأشياء، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الانتباذ بها، نهى عن الدباء يعني: الانتباذ بها، وليس النهي عن أكلها؛ لأن الدباء حلال، فهي مما أحل الله عز وجل، وكان عليه الصلاة والسلام يعجبه الدباء، ويحبه، وقد جاء عن أنس رضي الله عنه أنه كان يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرآه يمد يده إلى الدباء إذا كانت فوق جانبه، فلما رآه أنس يحب الدباء جعل يأخذ الدباء ويضعها على جهته صلى الله عليه وسلم.
والمقصود بالنهي عن الدباء أي: عن اتخاذها وعاء ينبذ به، حيث يستخرج اللب ويبقى الغلاف وييبس, ويصير يابساً، فيصير وعاء من الأوعية (عن الدباء، والحنتم) وهي جرار خضر، جرار جمع جرة، وهي التي يتخذونها للانتباذ، (والمزفت) الذي طلي بالزفت، (والنقير) جذوع النخيل، ينقرونها فيكون وعاء يضعون فيه الأشياء التي يريدون انتباذها.
وكان النهي في أول الأمر في أول الإسلام، كما جاء في حديث وفد عبد القيس أن الرسول أمرهم بأشياء ونهاهم عن أشياء، ومما نهاهم هذه الأشياء، التي هي الدباء, والمزفت, وكذا.. إلى آخره، قال: والسر في ذلك أن الغلاف يكون سميكاً وغليظاً، فقد يصل إلى حد الإسكار, ولا يتنبهون له، كانوا نهوا عن ذلك في أول الأمر، وبعد ذلك نسخ هذا النهي بحديث بريدة بن الحصيب : ( كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ألا فادخروا، ونهيتكم عن زيارة القبور فزورها، ونهيتكم عن الانتباذ في أوعية فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكراً )، انتبذوا في كل وعاء: في أي وعاء؛ سواء كان سميكاً, أو خفيفاً, أو رقيقاً, أو قاسياً، لكن بشرط ألا تشربوا مسكراً، لا تتركوه يصل إلى حد الإسكار، بل انتفعوا به قبل أن يصل إلى حد الإسكار.
قوله: ( وعن البسر والتمر أن يخلطا ).
لأنه يسرع إليه الإسكار، لكن إذا استعمل قبل أن يصل -في فترة وجيزة لا يصل إلى حد الإسكار- يجوز ذلك.
قوله: ( وكتب إلى أهل هجر ألا تخلطوا الزبيب والتمر جميعاً ).
هجر قيل: هي البحرين التي هي الأحساء الآن، وكان يقال لها: البحرين؛ لأن البحرين كانت تطلق على المنطقة المطلة على الساحل، يعني: غير الإطلاق في الوقت الحاضر؛ لأنها تطلق الآن على جزر في الخليج، جزر معينة، وقبل ذلك كانت تطلق على هذه المنطقة التي هي على الساحل كلها، يقال لها: البحرين، ويطلق أيضاً هجر على قرية أو مكاناً حول المدينة، لكن المكان المعروف بالتمر هو هجر، ولهذا يقولون في المثل: كجالب التمر إلى هجر، الإنسان إذا أتى بالشيء إلى مكانه الذي هو مصدره, ومكان كثرته, ووجوده يضرب به المثل فيقال: جالب التمر إلى هجر.

تراجم رجال اسناد حديث: (نهى رسول الله عن الدباء والحنتم... وعن البسر والتمر أن يخلطا ...)


قوله:[أخبرنا واصل بن عبد الأعلى ].ثقة، أخرج حديثه مسلم , وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن ابن فضيل ].
هو محمد بن فضيل وهو صدوق, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق] .
هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الشيباني ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حبيب بن أبي ثابت] .
ثقة, كثير التدليس والإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
ثقة, فقيه, أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح أثر ابن عباس: (البسر وحده حرام ومع التمر حرام ...)


قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا يزيد أخبرنا حميد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: البسر وحده حرام، ومع التمر حرام ]. أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: البسر وحده حرام، يعني: إذا نبذ ووصل إلى حد الإسكار، أما إذا نبذ ولم يصل إلى حد الإسكار فلا بأس، وكذلك البسر مع التمر حرام إذا وصل إلى حد الإسكار، وأما إذا لم يصل إلى حد الإسكار فإنه لا بأس به.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #887  
قديم 20-10-2022, 04:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (البسر وحده حرام ومع التمر حرام ...)

قوله:[أخبرنا أحمد بن سليمان ].هو أحمد بن سليمان الرهاوي ، وهو ثقة, أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يزيد].
هو يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا حميد].
هو حميد بن أبي حميد الطويل ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].
وقد مر ذكره.
وهذا الحديث موقوف, والحديث الموقوف يكون له حكم الرفع أحياناً، وأحياناً لا يكون له حكم الرفع، ولكن هذا الحديث له حكم الرفع؛ لأنه متفق مع الأحاديث الأخرى التي هي: ( كل مسكر حرام ).


خليط التمر والزبيب


حديث: ( نهى رسول الله عن خليط التمر والزبيب...) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ خليط التمر والزبيب.أخبرنا محمد بن آدم وعلي بن سعيد قالا: حدثنا عبد الرحيم عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن خليط التمر والزبيب، وعن التمر والبسر ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي خليط التمر والزبيب، وأورد حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن خليط التمر والزبيب, وعن خليط التمر والبسر), وهو مثل ما تقدم.
قوله:[أخبرنا محمد بن آدم].
هو محمد بن آدم بن سليمان الجهني ، وهو صدوق, أخرج حديثه أبو داود , والنسائي .
[وعلي بن سعيد].
هو ابن مسروق الكندي وهو صدوق، أخرج حديثه الترمذي , والنسائي .
[ عن عبد الرحيم].
هو عبد الرحيم بن سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حبيب بن أبي عمرة ].
ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا أبا داود ففي الناسخ والمنسوخ.
[ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، عن ابن عباس وقد مر ذكره.

شرح حديث: (نهى رسول الله عن التمر والزبيب...)


قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا قريش بن عبد الرحمن الباوردي عن علي بن الحسن أخبرنا الحسين بن واقد حدثني عمرو بن دينار سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن التمر والزبيب، ونهى عن التمر والبسر أن ينبذا جميعاً ) ]. أورد النسائي حديث جابر رضي الله عنه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن التمر والزبيب، ونهى عن التمر والبسر أن ينبذا جميعاً )، والمقصود بالنهي عن التمر والزبيب أي: أن ينبذا جميعاً.

تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله عن التمر والزبيب...)


قوله:[أخبرنا قريش بن عبد الرحمن الباوردي].ليس به بأس, وأخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن علي بن الحسن ].
هو علي بن الحسن بن شقيق ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب.
[أخبرنا الحسين بن واقد] .
ثقة له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً, ومسلم, وأصحاب السنن.
[ عن عمرو بن دينار ].
هو عمرو بن دينار المكي ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت جابر بن عبد الله].
وقد مر ذكره.


خليط الرطب والزبيب


حديث: (... لا تنبذوا الرطب والزبيب جميعاً ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ خليط الرطب والزبيب.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن هشام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( لا تنبذوا الزهو والرطب، ولا تنبذوا الرطب والزبيب جميعاً ) ].


خليط البسر والزبيب


حديث: (نهى أن ينبذ الزبيب والبسر جميعاً ...) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ خليط البسر والزبيب.أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه ( عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى أن ينبذ الزبيب والبسر جميعاً، ونهى أن ينبذ البسر والرطب جميعاً ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي خليط البسر والزبيب، وأورد فيه حديث جابر رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مشتمل على ذلك.
قوله:[أخبرنا قتيبة].
مر ذكره.
[ عن الليث].
مر ذكره.
[ عن أبي الزبير].
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي, صدوق يدلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر].
وقد مر ذكره.


ذكر العلة التي من أجلها نهى عن الخليطين، وهي ليقوى أحدهما على صاحبه


شرح حديث: (نهى رسول الله أن نجمع شيئين نبيذاً يبغي أحدهما على صاحبه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر العلة التي من أجلها نهى عن الخليطين، وهي ليقوى أحدهما على صاحبه.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن وقاء بن إياس عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نجمع شيئين نبيذاً يبغي أحدهما على صاحبه، قال: وسألته عن الفضيخ فنهاني عنه، قال: كان يكره المذنِّب من البسر مخافة أن يكونا ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: (ذكر العلة التي من أجلها نهى عن الخليطين، وهي ليقوى أحدهما على صاحبه)، يعني: معناه أنه يسرع إليه الإسكار، يعني: إذا كان وحده يختلف عما إذا أضيف إليه غيره، والخليطان أو الشيئان يسرع إليهما الإسكار، فأورد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه, وفيه ذكر العلة، وهي كون أحدهما يبغي على صاحبه، بمعنى أنه يحصل من اجتماعه بصاحبه أن يسرع الإسكار إليه فيصل إلى حد المحرم، فمن أجل ذلك نهي عن هذا، وكما هو معلوم إذا تحقق أو استعمل قبل أن يحصل الإسراع فإن ذلك لا بأس به.
قوله: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نجمع شيئين نبيذاً ).
يعني: يجعل اثنان في وعاء ليكون نبيذاً، نهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تلك الأشياء التي مرت؛ خليط كذا, وخليط كذا, وخليط كذا, وخليط كذا؛ لأنها جمع بين شيئين، والعلة أنه يبغي أحدهما على صاحبه فيسرع إليه الإسكار.
قوله: ( قال: وسألته عن الفضيخ فنهاني عنه ).
الفضيخ هو البسر إذا قطع ونبذ، وسواء كان وحده, أو معه غيره كما عرفنا سابقاً.
قوله: ( قال: كان يكره المذنِّب من البسر مخافة أن يكونا شيئين فكنا نقطعه ).
(المذنب من البسر) يعني: الذي أرطب فصار جزء منه رطباً, وجزء منه زهواً، فكانوا يخشون أن يكون شيئين: رطباً وزهواً، فكانوا يقرضونه؛ يقصونه يعني: هذا المذنب الذي هو طرف البسرة التي حصل إرطابها, حتى لا يكون رطباً وبسراً؛ لئلا يكون شيئين، فكانوا يقطعونه، يعني: يقصون هذا الطرف الذي أرطب، ولا يخلطون هذا مع هذا؛ لئلا يكونوا فعلوا شيئين، أو نبذوا شيئين، وهما في الحقيقة ليسا شيئين، وإنما هو شيء واحد، ولكن هذا من باب الاحتياط, والابتعاد عن الوقوع في النهي، ولو كان للتنزيه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، فكان الطرف؛ الذنب والذي حصل إرطابه يقصونه؛ حتى يكون الرطب على حدة, والبسر على حدة, أو الزهو على حدة، ولا يجعلون الذي قد صار بعضه رطباً وبعضه زهواً مع بعض؛ لئلا يكون شيئين خلطوهما، قال: فكانوا يقطعونه ويقصونه، وهذا مبالغة في اجتناب الشيء الذي نهي عنه، ولو كان على سبيل التنزيه.
وإذا قيل: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجمع الشيئين نبيذاً، هل هو مطلق أو يقيد بما ذكر من الأنواع السابقة يعني: بسر وتمر أو بسر وزبيب؟
نقول: الذي يبدو أنه كل الأشياء التي يسرع إليها الإسكار، يعني: مثلاً لو جمعنا الآن زبيباً ومشمشاً مثلاً أو تيناً، الذي يبدو أنه يكون مثله؛ لأن هذا يسكر, وهذا يسكر، إذا جمع بينهما يسرع إليه الإسكار, وإنما المذكور تمثيل بالأشياء التي كانت سائدة عندهم، وأشياء معروفة عندهم التي هي تمر وعنب، وما كان قبل التمر؛ الذي هو رطب وزهو وبسر، والزبيب وقبل ذلك الذي هو عنب.

تراجم رجال إسناد حديث: (نهى رسول الله أن نجمع شيئين نبيذاً يبغي أحدهما على صاحبه ...)


قوله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن وقاء بن إياس ].سويد بن نصر وعبد الله مر ذكرهما، ووقاء بن إياس لين الحديث, أخرج له أبو داود في القدر, والنسائي .
[عن المختار بن فلفل].
صدوق، له أوهام، أخرج حديثه مسلم , وأبو داود , والترمذي , والنسائي .
[عن أنس بن مالك].
رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح أثر: (شهدت أنس بن مالك أتي ببسر مذنب فجعل يقطعه منه)

قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن هشام بن حسان عن أبي إدريس أنه قال: شهدت أنس بن مالك رضي الله عنه أتي ببسر مذنب، فجعل يقطعه منه ]. أورد النسائي أثر أنس: أنه أتي ببسر مذنب، يعني: قد أرطب طرفه وذنبه، وهو الطرف المقابل لأصله الذي يكون في الشمراخ؛ لأن الإرطاب يبدأ من آخره، وأما إذا كان الشيء رديئاً, أو فيه خلل, أو كذا فإنه يكون إرطابه عند أصله, فإذا أرطب عند أصله، وليس عند ذنبه لا يكون جيداً، يعني: فيه رداءة، والأصل أنه يرطب من ذنبه، يعني: الطرف المقابل لأصله، المقابل للثابت في الشمراخ.
فجعل يقطعه منه، يعني: يقص القطعة التي حصل إرطابها، ويبقي الأصل الذي لم يرطب؛ لئلا يكون جمع بين شيئين: رطب وبسر، أو رطب وزهو.

تراجم رجال إسناد أثر: (شهدت أنس بن مالك أتي ببسر مذنب فجعل يقطعه منه)


قوله:[أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن هشام بن حسان].سويد بن نصر وعبد الله مر ذكرهما، وهشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إدريس].
هو أبي إدريس البصري, وهو مقبول, أخرج حديثه النسائي وحده.
[شهدت أنس بن مالك].
وقد مر ذكره.

شرح أثر: (كان أنس يأمر بالتذنوب فيقرض)


قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا سويد أنبأنا عبد الله عن سعيد بن أبي عروبة أنه قال قتادة : كان أنس رضي الله عنه يأمر بالتذنوب فيقرض ]. أورد النسائي أثراً عن أنس : [أنه كان يأمر بالتذنوب فيقرض]، يعني: وهو الجزء الذي أرطب من البسر (فيقرض) يعني: يقص، والمقصود من ذلك: ألا يكون خلطاً بين رطب وبسر وخلطاً بين رطب وزهو.

تراجم رجال إسناد أثر: (كان أنس يأمر بالتذنوب فيقرض)


قوله: [أخبرنا سويد أنبأنا عبد الله عن سعيد بن أبي عروبة].سويد بن نصر وعبد الله مر ذكرهما، وسعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[كان أنس].
وقد مر ذكره.

شرح أثر أنس: (أن أنساً كان لا يدع شيئاً قد أرطب إلا عزله عن فضيخه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن حميد عن أنس رضي الله عنه: أنه كان لا يدع شيئاً قد أرطب إلا عزله عن فضيخه ].أيضاً أورد أثراً عن أنس: [أنه كان لا يدع شيئاً أربط إلا وعزله عن فضيخه]، يعني: هذا يحتمل أن يكون يعزل الرطب عن الفضيخ؛ الذي هو البسر، أو أنه يقرض الذي أرطب، ويعزله عن أصله الذي لم يرطب، يعني: يحتمل هذا وهذا، لكن إيراده بعد الآثار السابقة يفيد بأن المقصود منه: مثلما تقدم؛ أنه كان يقرضه، ويحتمل أن يكون يعزل البسر عن الرطب.
قوله: [ أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن حميد عن أنس ].
قد مر ذكر الأربعة، وهذا من الأسانيد العالية، وهو موقوف.


الترخص في إنباذ البسر وحده وشربه قبل تغيره في فضيخه.


شرح حديث: (لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً... وانبذوا كل واحد منهما على حدته)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الترخص في إنباذ البسر وحده وشربه قبل تغيره في فضيخه.أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد يعني: ابن الحارث حدثنا هشام عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً، ولا البسر والزبيب جميعاً، وانبذوا كل واحد منهما على حدته ) ].
أورد النسائي الترجمة، وهي الترخص في إنباذ البسر وحده وشربه قبل تغيره في فضيخه, يعني: الذي هو البسر إذا نبذ قبل أن يتغير إلى الإسكار، يعني: يجوز أن ينبذ ويستعمل قبل أن يصل إلى حد الإسكار، فإن وصل إلى حد الإسكار فإنه يحرم لإسكاره، وقد أورد النسائي حديث أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: ( لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً, ولا البسر والزبيب جميعاً، وانبذوا كل واحد على حدة ), يعني: التمر على حدة، والبسر على حدة, والزبيب على حدة، ولكن يشرب قبل أن يصل إلى التغير الذي يكون معه الإسكار، وهو أن يشتد ويغلي, ويقذف بالزبد, ويصل إلى حد الإسكار.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تنبذوا الزهو والرطب جميعاً... وانبذوا كل واحد منهما على حدته)

قوله:[أخبرنا إسماعيل بن مسعود ].إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثنا خالد يعني: ابن الحارث ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام عن يحيى ].
هشام هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي, ويحيى هو يحيى بن أبي كثير .
[عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه].
وقد مر ذكرهم جميعاً.


الرخصة في الانتباذ في الأسقية التي يلاث على أفواهها


شرح حديث: (... لتنبذوا كل واحد منهما على حدة في الأسقية التي يلاث على أفواهها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الرخصة في الانتباذ في الأسقية التي يلاث على أفواهها.أخبرنا يحيى بن درست حدثنا أبو إسماعيل حدثنا يحيى أن عبد الله بن أبي قتادة حدثه عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن خليط الزهو والتمر، وخليط البسر والتمر، وقال: لتنبذوا كل واحد منهما على حدة في الأسقية التي يلاث على أفواهها)].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي الرخصة في الانتباذ في الأسقية التي يلاث على أفواهها، يعني: تربط أفواهها، يعني: سقاء يربط فمه ويشد, وهي مرخصة فيها؛ لأنها لما حرم الانتباذ في الأوعية الغليظة فإن هذه كان قد رخص فيها؛ لأن الإسكار يظهر التغير على جلدها, وعلى غلافها من الخارج؛ لأنه إذا حصل التغير من الداخل ظهر أثره على الجلد من الخارج، لكن النقير, والمزفت, والدباء, والحنتم, والأشياء الغليظة, والسميكة, هذه كانوا نهوا عنها؛ لأنه لا يظهر التغير على غلافها، وأما تلك فإنه كان رخص لهم؛ لأنه يظهر على غلافها؛ لكونها رقيقة, وغير غليظة, وغير قاسية، فيظهر على الجلد التأثر من الخارج إذا تأثر ما في الداخل، وكما هو معلوم جاء بعد ذلك نفس الانتباذ في الأوعية, وأنه ينتبذ في كل وعاء بشرط ألا يشرب الناس مسكراً كما جاء في حديث بريدة بن الحصيب الذي أخرجه مسلم في صحيحه, والذي أشرت إليه آنفاً.
قوله: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن خليط الزهو والتمر، وخليط البسر والتمر، وقال: لتنبذوا كل واحد منهما على حدة في الأسقية التي يلاث على أفواهها).
نعم؛ لأن هذه هي التي كان يتبين فيها الإسكار أو يتبين التغير على الغلاف من الخارج إذا حصل التغير في الداخل، وهذا لم يكن ممنوعاً، وإنما الممنوع الأشياء الغليظة، وقد عرفنا أن ذلك نسخ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( انبذوا في كل وعاء، ولكن لا تشربوا مسكراً ).

تراجم رجال إسناد حديث: (... لتنبذوا كل واحد منهما على حدة في الأسقية التي يلاث على أفواهها)


قوله:[أخبرنا يحيى بن درست].ثقة، أخرج حديثه الترمذي , والنسائي , وابن ماجه .
[عن أبي إسماعيل].

هو أبو إسماعيل القناد هو إبراهيم بن عبد الملك ، وهو صدوق, في حفظه شيء، أخرج حديثه الترمذي , والنسائي .
[ حدثنا يحيى أن عبد الله بن أبي قتادة حدثه عن أبيه].
يحيى هو يحيى بن أبي كثير وعبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قد مر ذكرهم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #888  
قديم 20-10-2022, 05:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(496)


- (باب الترخص في انتباذ التمر وحده) إلى (باب تحريم الأشربة المسكرة من الأثمار والحبوب كانت على اختلاف أجناسها لشاربيها)



رخص الشرع في انتباذ التمر والزبيب والبسر بشرط عدم الإسكار, ثم بعد ذلك حرم المسكر منها، وبين أن الخمر قد يكون من غيرهما كالعسل والحنطة, وبين تعريفاً جامعاً للخمر وهو: كل ما خامر العقل سواء كان من الحبوب أو الثمار أو غيرهما.
الترخص في انتباذ التمر وحده


شرح حديث أبي سعيد الخدري: (نهى رسول الله أن يخلط بسر وتمر... وقال: من شربه منكم فليشرب كل واحد منه فرداً ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الترخص في انتباذ التمر وحده.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن إسماعيل بن مسلم العبدي حدثنا أبو المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يخلط بسر بتمر، أو زبيب بتمر، أو زبيب ببسر، وقال: من شربه منكم فليشرب كل واحد منه فرداً؛ تمراً فرداً، أو بسراً فرداً، أو زبيباً فرداً ) ].
يقول النسائي رحمه الله: (الترخص في انتباذ التمر وحده)، لما ذكر في التراجم السابقة ذكر الخليطين من أصناف من الثمار، وأن ذلك منهي عنه، ذكر في هذه الترجمة: الترخص في انتباذ التمر وحده، أي: أن انتباذ التمر وحده يسوغ أن يتخذ، ولكن كما هو معلوم لابد من استعماله قبل أن يصل إلى حد الإسكار، أما إذا وصل إلى حد الإسكار، فسواء كان من صنف واحد, أو من صنفين مخلوطين مع بعضهما، والحد الفاصل هو الإسكار وعدمه، فإذا وصل إلى حد الإسكار, فإنه يحرم سواءً كان من جنس أو جنسين، وسواءً كان مخلوطاً مع غيره أو مفرداً لم يخلط معه غيره، وإذا لم يصل إلى حد الإسكار, فإنه يجوز استعماله ويحل استعماله. (وقد أورد النسائي: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: [( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يخلط بسر بتمر أو زبيب بتمر أو زبيب ببسر، وقال: من شربه منكم فليشرب كل واحد منه فرداً )] يعني: أنه بين النهي عن الخلط وأباح استعمال ذلك على سبيل الانفراد أي: التمر وحده أو البسر وحده أو الزبيب وحده، لكن كما هو معلوم لابد من قيد إباحة الشرب بأن يكون غير مسكر، أما إن كان مسكراً أو وصل إلى حد الإسكار, فإنه يحرم سواءً كان وحده أو كان معه غيره.
تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري: (نهى رسول الله أن يخلط بسر وتمر... وقال: من شربه منكم فليشرب كل واحد منه فرداً ...)


قوله:[أخبرنا سويد بن نصر [.هو سويد بن نصر المروزي ثقة، أخرج حديثه الترمذي , والنسائي .
[أخبرنا عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي ,ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ إسماعيل بن مسلم العبدي].
ثقة، أخرج مسلم , والترمذي, والنسائي .
[عن أبي المتوكل ].
هو أبو المتوكل الناجي علي بن داود الناجي , وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد].
وأبو سعيد الخدري هو: سعد بن مالك بن سنان الخدري, صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة, وابن عمر, وابن عباس, وأبو سعيد, وأنس, وجابر, وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
حديث أبي سعيد الخدري: (نهى أن يخلط بسراً بتمر... وقال: من شرب منكم فليشرب كل واحد منه فرداً) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا أحمد بن خالد حدثنا شعيب بن حرب حدثنا إسماعيل بن مسلم حدثنا أبو المتوكل الناجي حدثني أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن يخلط بسراً بتمر، أو زبيباً بتمر، أو زبيباً ببسر، وقال: من شرب منكم فليشرب كل واحد منه فرداً )، قال أبو عبد الرحمن : هذا أبو المتوكل اسمه علي بن داود ]. أورد النسائي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله:[أخبرنا أحمد بن خالد ].
هو أحمد بن خالد الخلال ، وهو ثقة, أخرج حديثه الترمذي , والنسائي .
[ حدثنا شعيب بن حرب].
ثقة, أخرج حديثه البخاري , وأبو داود , والنسائي .
[ حدثنا إسماعيل بن مسلم حدثنا أبو المتوكل الناجي حدثني أبو سعيد الخدري ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
انتباذ الزبيب وحده


شرح حديث أبي هريرة: (نهى رسول الله أن يخلط البسر والزبيب... وقال: انبذوا كل واحد منهما على حدة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ انتباذ الزبيب وحده.أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن عكرمة بن عمار حدثنا أبو كثير سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يخلط البسر والزبيب، والبسر والتمر، وقال: انبذوا كل واحد منهما على حدة ) ].
أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: انتباذ الزبيب وحده، يعني: مثلما قيل في التمر يقال في الزبيب؛ أن التمر ينتبذ وحده, والزبيب ينتبذ وحده، ولكن كما هو معلوم: لا بد في كل شيء ينتبذ وحده, أو معه غيره أنه لا يحل شربه إذا وصل إلى حد الإسكار، ويجوز شربه إذا لم يسكر.
وقد أورد النسائي:حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو مثل حديث أبي سعيد المتقدم: [أنه نهى عن انتباذ الزبيب مع البسر والزبيب مع التمر، وقال: (انبذوا كل واحد منهما على حدة)] يعني: من هذين اللذين نهيا عن جمعهما.
وقد عرفنا في الدرس الماضي: أن الحكمة في النهي عن جمع الشيئين؛ لأنه يسرع الإسكار إلى هذا الذي تكون من شيئين، ولكنه إذا انتبذ وحده أو انتبذ ومعه غيره ولم يصل إلى حد الإسكار فهو حلال، وإن وصل إلى حد الإسكار فهو حرام.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (نهى رسول الله أن يخلط البسر والزبيب... وقال: انبذوا كل واحد منهما على حدة)

قوله: [أخبرنا سويد بن نصر حدثنا عبد الله عن عكرمة بن عمار].سويد بن نصر وعبد الله بن المبارك المروزيان مر ذكرهما، وعكرمة بن عمار صدوق يغلط، وأخرج حديثه البخاري تعليقاً, ومسلم , وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا أبو كثير].
هو يزيد بن عبد الرحمن السحيمي, وهو ثقة, أخرج له البخاري في الأدب المفرد, ومسلم , وأصحاب السنن الأربعة.
[سمعت أبا هريرة [.
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي, صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
الرخصة في انتباذ البسر وحده


شرح حديث أبي سعيد الخدري أن النبي نهى أن ينبذ التمر والزبيب... وقال: انتبذوا الزبيب فرداً ... والبسر فرداً) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الرخصة في انتباذ البسر وحده.أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار حدثنا المعافى يعني: ابن عمران عن إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن ينبذ التمر والزبيب، والتمر والبسر، وقال: انتبذوا الزبيب فرداً، والتمر فرداً، والبسر فرداً )، قال أبو عبد الرحمن : أبو كثير اسمه يزيد بن عبد الرحمن ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: (الرخصة في انتباذ البسر وحده)، وهذا مثل الترجمتين السابقتين بالنسبة للتمر والزبيب، يعني: يقال هنا ما قيل هناك. وقد أورد النسائي: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وهو مثلما تقدم.
تراجم رجال إسناد حديث أبي سعيد الخدري أن النبي نهى أن ينبذ التمر والزبيب... وقال: انتبذوا الزبيب فرداً ... والبسر فرداً) من طريق ثالثة

قوله:[أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار].هو محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي, وهو ثقة, أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن المعافى يعني: ابن عمران].
هو الموصلي أيضاً، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري , وأبو داود , والنسائي .
[عن إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري].
وقد مر ذكر الثلاثة.
قوله: [قال أبو عبد الرحمن : أبو كثير اسمه يزيد بن عبد الرحمن].
هذا بيان لهذا الشخص الذي ذكر بكنيته ذكر اسمه مثلما ذكر أيضاً في أبي المتوكل الذي قبله حيث قال: هو علي بن داود ، يعني: أنه توضيح لصاحب الكنية هذا الذي اشتهر بكنيته ذكر اسمه.
تأويل قول الله تعالى: (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً)


شرح حديث: (الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [تأويل قول الله تعالى: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا [النحل:67].أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن الأوزاعي حدثني أبو كثير ح وأخبرنا حميد بن مسعدة عن سفيان بن حبيب عن الأوزاعي حدثنا أبو كثير سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( الخمر من هاتين )، وقال سويد : ( في هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تأويل قول الله عز وجل: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا [النحل:67]، هذه الآية الكريمة فيها ذكر أن الله عز وجل جعل من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة؛ أن الناس يأخذون منهما ما يكون رزقاً حسناً، وما يكون سكراً، أي: يتخذ منه ما يصل إلى حد الإسكار. وقيل: وهذا يدل على أن ذلك كان مباحاً، يعني: قبل أن ينزل التحريم.
ومن المعلوم أنهم كانوا يشربون الخمر ولم يكونوا نهوا عن ذلك، ولما نزل النهي على درجات، ووصلهم الخبر أو وصل بعضهم الخبر, كما مر بنا في حديث أنس بن مالك (تركوا وأكفئوا ما كان معهم مما كانوا يشربونه من المسكر)، قيل: إن هذه الآية فيها ذكر الامتنان الله عز وجل على الناس لما يتخذونه من هاتين الشجرتين، ولكنه حرم بعد ذلك ما يتعلق بالسكر الذي هو المسكر، وبقي الرزق الحسن الذي هو حلال، وهو ما كان يابساً من هاتين الشجرتين كالتمر والزبيب، أو ما كان اتخذ منه وهو غير مسكر، مثل العنب, ومثل الدبس, الذي يتخذ من التمر، وكذلك غير ذلك مما يستفاد من هاتين الشجرتين مما لم يصل إلى حد الإسكار، ثم إنه نزل تحريم الخمر من هاتين الشجرتين ومن أي شيء كان من الثمار, والمأكولات, والمطعومات إذا كان يصل إلى حد الإسكار، حرم ذلك، وبقي الحكم محرماً، وصار عليه الحد الذي جاء بيانه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة عدة أحاديث منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة ) وقال سويد : في هاتين، أي الشجرتين، والمقصود من ذلك: ليس الحصر، ولكن هذا هو الذي كان مشهوراً، وهو الذي نص عليه في القرآن: وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ [النحل:67] ولكن لا يعني: أن الرزق الحسن لا يكون إلا من هاتين الشجرتين، والسكر لا يكون إلا من هاتين الشجرتين، بل الرزق الحسن يكون من غيرهما كالتجارة وغير ذلك، والحرفة والأعمال السائغة المشروعة، والخمر أو السكر أو المسكر يكون من غير هاتين الشجرتين، كما جاء في السنة في الأحاديث الأخرى التي فيها ذكر العسل, وذكر الشعير وذكر الحنطة، وما إلى ذلك من الأشياء.
والحاصل: أن السكر لا ينحصر خراجه من الشجرتين؛ النخلة والعنبة، وكذلك الرزق الحسن لا يكون منهما فقط، وإنما السكر يكون منهما ومن غيرهما، والرزق الحسن يكون فيهما وفي غيرهما.
تراجم رجال إسناد حديث: (الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة)


قوله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن الأوزاعي]. سويد بن نصر وعبد الله قد مر ذكرهما، والأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي ثقة, فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي كثير].
هو يزيد بن عبد الرحمن السحيمي وقد مر ذكره.
[(ح) وأخبرنا حميد بن مسعدة].
ثم قال: (ح) وهي: للتحول من إسناد إلى إسناد، وحميد بن مسعدة البصري وهو صدوق, أخرج حديثه مسلم, وأصحاب السنن.
[عن سفيان بن حبيب].
ثقة, أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد, وأصحاب السنن.
[عن الأوزاعي حدثنا أبو كثير سمعت أبا هريرة].
وقد مر ذكرهم.
شرح حديث: (الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا ابن علية حدثنا الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو كثير عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة ) ].وفي هذا الحديث: دليل على أن الخمر تكون من غير العنب؛ لأنه قال: من هاتين الشجرتين ولم يقتصر على العنب، بل ذكر العنب والنخل، وفي هذا دليل: على أن الخمر ليست خاصة بالعنب, كما يقوله فقهاء الكوفة الذين يقولون: الخمر هو ما كان من العنب، وهو الذي يحرم كثيره وقليله، وتكون الخمر أيضاً من غير العنب، ولكن كثيره الذي يسكر يحرم، وقليله الذي لا يسكر يكون حلالاً، فإن كل ما أسكر كثيره فقليله حرام ,كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالحديث بين على أن الخمر يكون من هذه ومن هذه، وأنها تطلق على هذا وعلى هذا، والحديث نص في هذا؛ لأنه قال: إن الخمر تكون ( من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة ).
إذاً: هذا فيه بيان عدم صحة ما قاله فقهاء الكوفة: من أن الخمر إنما هي اسم لما يكون من العنب، وهو الذي يحرم قليله وكثيره، بل الخمر تكون من العنب وغير العنب، (وكل ما أسكر كثيره فقليله حرام) من أي نوع كان، ولا يختص التحريم في القليل, أو الكثير في العنب فقط، ثم ما عدى ذلك ما أسكر حرم وما لم يسكر يحل، ليس هذا بصحيح، بل الصحيح ما عليه جمهور الفقهاء وجمهور العلماء على أن (ما أسكر كثيره فقليله حرام) من أي نوع كان، وهذا فيه: من تحريم الوسائل التي تؤدي إلى الغايات المحرمة؛ لأنه وإن لم يسكر القليل, فإنه وسيلة إلى استعمال الكثير، مادام الكثير يسكر فاستعمال القليل قد يؤدي إلى الإسكار، وحرمت الوسيلة من أجل الغاية.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #889  
قديم 20-10-2022, 05:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة) من طريق أخرى

قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب].ثقة, أخرج حديثه البخاري , وأبو داود , والترمذي , والنسائي .
[ حدثنا ابن علية ].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم, المشهور بـابن علية ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الحجاج الصواف].
هو الحجاج بن أبي عثمان الصواف ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو كثير عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.
شرح أثر الشعبي وإبراهيم النخعي: (السكر خمر)


قال المصنف رحمه الله: [أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن شريك عن مغيرة عن إبراهيم والشعبي قالا: السكر خمر ]. أورد النسائي هذا الأثر عن الشعبي, وعن إبراهيم النخعي أنهما قالا: [السكر خمر]، يعني: المراد بالسكر هو: الخمر، والخمر حرام، لكنها قبل ذلك لم تكن محرمة، وكان الصحابة يشربونها، وكان ذلك مشهوراً عنهم، ولم يمنعوا من ذلك حتى نزل التحريم.
تراجم رجال إسناد أثر الشعبي وإبراهيم النخعي: (السكر خمر)

قوله:[ أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله].وقد مر ذكرهما.
[عن شريك].
هو شريك بن عبد الله النخعي القاضي ، وهو صدوق, يخطئ كثيراً، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً, ومسلم , وأصحاب السنن.
[عن مغيرة].
هو مغيرة بن مقسم الكوفي, وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم].
هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي].
هو عامر بن شراحيل الشعبي, ثقة, فقيه, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر سعيد بن جبير: (السكر خمر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سفيان عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير أنه قال: السكر خمر].أورد النسائي الأثر عن سعيد بن جبير ، وهو مثلما تقدم عن النخعي والشعبي .
تراجم رجال إسناد أثر سعيد بن جبير: (السكر خمر)

قوله: [ أخبرنا سويد قال: أخبرنا عبد الله عن سفيان].سفيان هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن حبيب بن أبي عمرة ].
ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة, إلا أبا داود ففي الناسخ والمنسوخ.
[ عن سعيد بن جبير ].
ثقة, فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أثر سعيد بن جبير: (السكر خمر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن حبيب وهو: ابن أبي عمرة عن سعيد بن جبير أنه قال: السكر خمر ].أورد النسائي الأثر عن سعيد بن جبير وهو مثل الذي قبله.
قوله: [ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي ، وهو ثقة, وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة, إلا ابن ماجه.
[أخبرنا جرير].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير].
وقد مر ذكرهما.
شرح أثر سعيد بن جبير: (السكر خمر) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد قال: أخبرنا عبد الله عن سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير أنه قال: السكر حرام، والرزق الحسن حلال]. أورد النسائي الأثر عن سعيد بن جبير: [السكر حرام والرزق الحسن حلال]، السكر الذي هو: المسكر هو حرام، وقد نزل تحريمه، وقبل ذلك لم يكن محرماً، بل كان مباحاً، ولكنه حرم بعد ذلك، فصار الحكم المستقر أن [السكر حرام والرزق الحسن حلال].
تراجم رجال إسناد أثر سعيد بن جبير: (السكر خمر) من طريق ثالثة

قوله:[ أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن سفيان عن أبي حصين].سويد وعبد الله وسفيان قد مر ذكرهم، وأبو حصين هو عثمان بن عاصم, وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
وقد مر ذكره.
ذكر أنواع الأشياء التي كانت منها الخمر حين نزل تحريمها


شرح أثر عمر: (... نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة: من العنب ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ذكر أنواع الأشياء التي كانت منها الخمر حين نزل تحريمها.أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن علية حدثنا أبو حيان حدثنا الشعبي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت عمر رضي الله عنه يخطب على منبر المدينة فقال: أيها الناس ألا إنه نزل تحريم الخمر يوم نزل، وهي من خمسة: من العنب, والتمر, والعسل, والحنطة, والشعير، والخمر ما خامر العقل ].
أورد النسائي هذه الترجمة, وهي: الأشياء التي كانت منها الخمر حين نزل تحريمها، يعني: التي كان الناس يتعاطونها، وكان منها الخمر فيما اشتهر بين الناس، وهذا لا يعني: أن الخمر منحصرة فيها، بل تكون في كل ما يحصل منه الإسكار من أي شيء كان، لكن هذا ذكر ما كان مستعملاً, وما كان موجوداً وما كان معروفاً عندهم في ذلك الوقت.
ثم أورد النسائي: [أثر عمر رضي الله عنه وهو يخطب على منبر المدينة]، أي: منبر هذا المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ أيها الناس ألا إنه نزل تحريم الخمر يوم نزل، وهي من خمسة], يعني: الذي كان موجوداً، وهذا لا يعني انحصار الحكم فيها؛ لأن الحكم أنيط بالإسكار، وقد جاءت أحاديث عامة تدل على أن (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، إذاً القضية لا ترتبط في أصناف معينة، ولكن هذه أمثلة وهي لشيء معروف موجود حين نزول تحريم الخمر عند الناس، ولكن الحكم عام, وشامل لكل ما يحصل منه الإسكار, من أي شيء كان، سواءً كان من هذه الخمسة, أو من غيرها، وسواءً كان سائلاً, أو جامداً, أو مسحوقاً, أو ما إلى ذلك, كل ذلك حرام, (ما أسكر كثيره فقليله حرام).
قوله: [من العنب والتمر].
وهذا هو الذي مر في الروايات الكثيرة السابقة التي فيها ذكر الزبيب, وذكر العنب, وذكر البسر, وذكر الزهو، وذكر الرطب, وذكر التمر، كل هذه أصناف لهاتين الشجرتين، اللتين هما: العنبة والنخلة؛ لأن العنبة: منها الزبيب والعنب، والنخلة: منها البسر والزهو، والرطب والتمر.
قوله: [والعسل والحنطة والشعير].
وهذه أصناف ثلاثة أخرى, غير ما تقدم في الأحاديث الكثيرة التي مرت في هذا الدرس والدرسين الماضيين, من ذكر ما يتعلق بالتمر, والزبيب, والزهو, والعنب, والرطب, والبسر، وما يخلط ويخرج وما إلى ذلك.., كل ما تقدم يتعلق في هاتين الشجرتين.
قوله: [والخمر ما خامر العقل].
يعني: أن هذه هي الخمر التي كانت مشهورة عند الناس، ولكن الخمر هو: ما خامر العقل يعني: من أي نوع كان، سواء كان من هذه الخمس التي كانت معروفة عند نزول آية التحريم, أو غيرها؛ لأن الخمرة هي: مأخوذة من التغطية، وهو كل ما يغطي العقل ويحجبه, ويجعل صاحبه أشبه ما يكون بالمجانين, ويخرجه من جملة العقلاء.
تراجم رجال إسناد أثر عمر: (... نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة: من العنب ...)


قوله:[ أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ].هو الدورقي ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، روى عنهم مباشرة وبدون واسطة.
[ عن ابن علية حدثنا أبو حيان].
ابن علية مر ذكره، وأبو حيان هو يحيى بن سعيد التيمي أبو حيان مشهور بكنيته، وهو من طبقة يحيى بن سعيد الأنصاري, وقد سبق أن ذكرت فيما مضى أن من يسمى يحيى بن سعيد يطلق على أربعة أشخاص، اثنان في طبقة, واثنان في طبقة، فـيحيى بن سعيد الأنصاري ويحيى بن سعيد التيمي هذا في طبقة متقدمة، وهي: طبقة صغار التابعين، أما يحيى بن سعيد القطان ويحيى بن سعيد الأموي فهما متأخران, يعني: في طبقة متأخرة عن هذين وهي: طبقة شيوخ شيوخ البخاري , وطبقة صغار التابعين: يحيى بن سعيد التيمي هذا الذي معنا أبو حيان المشهور بكنيته، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
[حدثنا الشعبي عن ابن عمر].
الشعبي مر ذكره، وابن عمر هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: ابن عمر, وابن عمرو , وابن عباس , وابن الزبير ، وهو أيضاً أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[عن عمر بن الخطاب].
رضي الله تعالى عنه، هو أمير المؤمنين, وثاني الخلفاء الراشدين, الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وفي خطبة عمر رضي الله عنه في هذا البيان الذي بينه في خطبته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم, ما يدل على عناية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم, بإبلاغ السنن وإعلانها على المنابر, وتبليغها للناس، وأنهم يبينون للناس الأحكام الشرعية, وما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في خطبهم على المنابر، فهو دال على فضلهم, وعلى نصحهم أي: الصحابة، وعنايتهم ببيان السنن، حيث يبينونها على سبيل العموم وعلى سبيل الخصوص؛ على سبيل العموم حيث يخطبون بها على المنابر، وعلى سبيل الخصوص حيث يحذر الشخص شخصاً آخر.
أثر عمر: (... نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة: العنب...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن العلاء أخبرنا ابن إدريس عن زكريا وأبي حيان عن الشعبي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أما بعد: فإن الخمر نزل تحريمها، وهي من خمسة: من العنب, والحنطة, والشعير, والتمر, والعسل ]. أورد النسائي الأثر عن عمر رضي الله عنه، وهو مثلما تقدم.
قوله: [ أخبرنا محمد بن العلاء].
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا ابن إدريس].
هو عبد الله بن إدريس الأودي ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زكريا ].
هو زكريا بن أبي زائدة, وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حيان] .
هو الذي مر في الإسناد الذي قبل هذا.
[ عن الشعبي عن ابن عمر عن عمر ].
وقد مر ذكرهم.
شرح أثر ابن عمر: (الخمر من خمسة: من التمر...)

قال: [ أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن أبي حصين عن عامر عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: الخمر من خمسة: من التمر, والحنطة, والشعير, والعسل, والعنب ]. أورد النسائي الأثر: عن ابن عمر وهو في الرواية السابقة يرويه عن أبيه، وأنه خطب بذلك على المنابر. والمقصود من ذلك: بيان أنها من خمسة ليس الحصر، ولكن بيان ما هو موجود ومتداول عند نزول آية الخمر، كما جاء ذلك مبيناً في روايته عن أبيه، كالروايتين السابقتين.
فقوله: [الخمر من كذا وكذا] التي هي خمسة ليس المقصود فيها الحصر، وإنما بيان الواقع الذي كان سائداً وكان معروفاً ومشهوراً وموجوداً عند نزول تحريم الخمر.
تراجم رجال إسناد أثر ابن عمر: (الخمر من خمسة: من التمر...)


قوله: [ أخبرنا أحمد بن سليمان] .هو أحمد بن سليمان الرهاوي ، وهو ثقة, أخرج حديثه النسائي وحده.
[ حدثنا عبيد الله].
هو ابن موسى الكوفي ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسرائيل] .
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي حصين عن عامر ].
أبو حصين قد مر ذكره , وعامر هو عامر الشعبي ، لأنه يأتي بذكر اسمه أحياناً, ويأتي بنسبته أحياناً، ومعرفة أسماء أصحاب الكنى, أو أصحاب النسب من الأمور المهمة؛ لأنه إذا لم يعرف الإنسان ذلك يظن أنه إذا جاء عامر في إسناد والشعبي في إسناد أن عامر غير الشعبي ، لكن من يعرف أن عامر هو الشعبي ، فسواء جاء باسمه عامر ، أو جاء بنسبته الشعبي لا يلتفت على ذلك، لا يظن الشخص الواحد شخصين، وهذا مثل: سليمان والأعمش ، يأتي ذكر الأعمش بلقبه وباسمه، أحياناً، فأحياناً يأتي سليمان وأحياناً يقال الأعمش .
[ عن ابن عمر] .
وقد مر ذكره.
تحريم الأشربة المسكرة من الأثمار والحبوب كانت على اختلاف أجناسها لشاربيها


شرح أثر: (... وأشهد الله عليك أنهاك عن المسكر قليله وكثيره ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تحريم الأشربة المسكرة من الأثمار والحبوب كانت على اختلاف أجناسها لشاربيها.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن ابن عون عن ابن سيرين أنه قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال: إن أهلنا ينبذون لنا شراباً عشياً، فإذا أصبحنا شربنا، قال: أنهاك عن المسكر قليله وكثيره، وأشهد الله عليك أنهاك عن المسكر قليله وكثيره، وأشهد الله عليك أن أهل خيبر ينتبذون شراباً من كذا وكذا، ويسمونه كذا وكذا، وهي الخمر (وإن أهل فدك ينتبذون شراباً من كذا وكذا، ويسمونه كذا وكذا، وهي الخمر), حتى عد أشربةً أربعةً, أحدها العسل ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: (تحريم الأشربة المسكرة من الأثمار والحبوب كانت على اختلاف أجناسها لشاربيها)، المقصود من هذه الترجمة: هو بيان جملة من الأشياء التي تتخذ منها الخمر وهي حرام، وليس المقصود بذلك: الحصر في هذه الأشياء الأربعة التي جاء ذكرها في الحديث حديث ابن عمر المتقدم.
وهنا جاء رجل إلى ابن عمر وقال: [إن أهلنا ينبذون شراباً العشي ونشربه في الصباح، فقال: أنهاك عن المسكر قليله وكثيره وأشهد الله عليك]؛ لأنه لما قال: [ينبذون كذا العشي ويعطونه الصباح]، ما قال: إن هذا حرام، وإنما بين أن التحريم يكون بالمسكر؛ لأنه إذا كانت الفترة قليلة, والفترة وجيزة ولا يصل إلى حد الإسكار لا يكون مسكراً ويجوز استعماله، وإنما الممنوع أن يصل إلى حد الإسكار، وهو رضي الله عنه أتى بالشيء المحرم الذي هو منوط بعلة، وأنه لا فرق بين القليل والكثير, بالنسبة للمسكر، لا فرق بين القليل والكثير بالنسبة للمسكر، سواء أسكر القليل أو أسكر الكثير فهو حرام، وما أسكر كثيره فإن قليله وإن لم يسكر يكون حراماً؛ لأنه وسيلة إلى استعمال المسكر الكثير الذي يسكر كثيراً، ثم قال: [إن أهل خيبر ينتبذون شراباً من كذا وكذا ويسمونه كذا وكذا، وأن أهل فدك ينتبذون شراباً من كذا وكذا, ويسمونه كذا وكذا، ثم ذكر أجناساً أربعة وفيها العسل].
والمقصود: أن هذه الأشياء الأربعة التي ذكرها وهي من الحبوب والثمار, أنها هي من الخمر، ولكن الحكم هو هذا الحكم العام الذي ذكره عبد الله بن عمر رضي الله عنه لهذا الرجل الذي سأله وقال: [أنهاك عن المسكر قليله وكثيره وأشهد الله عليه]، فبين تحريم المسكر، سواء كان قليلاً أو كثيراً، وسواء أسكر كثيره ولم يسكر قليله, فإنه يكون ممنوعاً ومحرماً، ثم قال: [وأشهد الله عليك]، يعني: أنني قد بلغتك، فهذا فيه زيادة في التأكيد في تأكيد الإبلاغ، وبيان خطورة هذا الشيء الذي بلغ إياه، وبين له أنه حرام وأشهد الله عليه، حيث كلمه (بذلك)، هذا فيه زيادة في التأكيد, وفي التغليظ, والتخويف, والزجر؛ لأنه يقول: أنهاك عن كذا وأشهد الله عليك أني نهيتك، وأنك قد علمت أن هذا محرم، وأنه لا يجوز لك أن تتعاطى ذلك؛ لأنني قد بلغتك وأشهدت الله على أنني بلغتك، فهذا فيه زجر, وفيه تخويف، وفيه تحذير، وتنفير, من أن يقع في أمر محرم علم حرمته، ومن أبلغه بالتحريم أشهد الله عليه بأنه قد بلغه.
تراجم رجال إسناد أثر: (... وأشهد الله عليك أنهاك عن المسكر قليله وكثيره ...)


قوله: [ أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن ابن عون] .عبد الله هو ابن المبارك وابن عون هو عبد الله بن عون ، وهو ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن سيرين ].
هو محمد بن سيرين البصري, ثقة, أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر].
وقد مر ذكره.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #890  
قديم 20-10-2022, 05:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الأشربة

(497)


- باب إثبات اسم الخمر لكل مسكر من الأشربة - باب تحريم كل شراب أسكر



الخمر هو ما خامر العقل سواء كان من الحبوب أو الثمار أو غيرهما، فيطلق اسم الخمر على كل مسكر، وقد بين نبينا أن كل مسكر حرام.
إثبات اسم الخمر لكل مسكر من الأشربة


شرح حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ إثبات اسم الخمر لكل مسكر من الأشربة.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن حماد بن زيد حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر ) ].
يقول النسائي رحمه الله: (إثبات اسم الخمر لكل مسكر من الأشربة)، المقصود من هذه الترجمة أن اسم الخمر يطلق على كل مسكر من أي نوع كان، سواء كان من العنب أو من التمر أو من الزبيب أو من الشعير أو من الحنطة أو من العسل، أو من أي شيء كان، وسواء كان سائلاً أو جامداً أو مسحوقاً، أو ما إلى ذلك، مادام أن وصف الإسكار موجود فإن اسم الخمر يطلق عليه؛ لأن الخمر هي مأخوذة من التغطية أو الغطاء، والإسكار فيه تغطية العقل.
وإذاً: فكل ما يغطي العقل فإنه يقال له خمر، ولا يقتصر الاسم على نوع معين من الأنواع، بل إنه يعم كل شيء يغطي العقل ويحجبه ويستره، حتى يكون صاحبه ليس من العقلاء، وإنما هو من جملة المجانين، فاسم الخمر يطلق على كل مسكر؛ لأن الإسكار فيه تغطية العقل، فإذاً: كل ما فيه تغطية العقل وحجبه بحيث صاحبه يكون شبيهاً بالمجانين مجنوناً أو شبيهاً بالمجنون فإنه يقال له خمر.
ثم أورد النسائي عدة أحاديث أولها حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( كل مسكر حرام وكل مسكر خمر )، فهذا الحديث مشتمل على جملتين، وهما قاعدتان، أو هما شيئان عامان، كل واحد منهما يدل على العموم، أما الجملة الأولى وهي: كل مسكر حرام، فتدل على تحريم كل مسكر، وأن وصف الإسكار يحصل معه التحريم، كلما وجد الإسكار وجد التحريم لذلك الذي يسكر، وأما الجملة الثانية فهي في التسمية والإطلاق، فكل مسكر خمر، يعني: أنه يطلق على كل مسكر أنه خمر.
فإذاً: الجملة الأولى تتعلق ببيان الحكم الذي هو التحريم لكل مسكر، والثانية تتعلق في إطلاق اسم الخمر على كل مسكر دون تقييده بنوع من الأنواع وتخصيصه بشيء من الأشياء، وهذه من القواعد العامة في الشريعة، ومن العموميات، والشريعة تأتي بالقضايا العامة والأمور العامة التي يدخل تحتها ما كان معروفاً وما يجد مما ليس بمعروف، ولكنه يشترك مع ما هو معروف؛ لأنه يحجب العقل ويستره، فيشترك معه في الحكم الذي هو التحريم؛ لأن علة التحريم هي الإسكار، فكلما وجد الإسكار وجد التحريم، كلما وجد الإسكار في أي شراب أو أي مطعوم فإنه يطلق عليه خمر ويكون حكمه التحريم.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر)

قوله:[ أخبرنا سويد بن نصر ].هو سويد بن نصر المروزي ، وهو ثقة أخرج حديثه الترمذي والنسائي .
[أخبرنا عبد الله] .
هو عبد الله بن المبارك المروزي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حماد بن زيد ].
هو حماد بن زيد بن درهم البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع] .
هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر]
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، صحابي ابن صحابي أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، والعبادلة الأربعة كلهم من أبناء الصحابة، صحابة أبناء صحابة: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير ، فهم صحابة أبناء صحابة، ولقب العبادلة الأربعة يطلق على هؤلاء من الصحابة، وإن كان من يسمى عبد الله كثير في الصحابة؛ إلا أن اللقب يطلق على هؤلاء الأربعة، إذا قيل: العبادلة الأربعة، وهو -أي ابن عمر- أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد وأنس وجابر وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر )، قال الحسين : قال أحمد : وهذا حديث صحيح ].أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنهما من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله: (كل مسكر حرام وكل مسكر خمر)، فهو مثل المتن الذي قبله تماماً.
قوله:[ أخبرنا الحسين بن منصور بن جعفر].
ثقة، أخرج حديثه البخاري والنسائي .
[ حدثنا أحمد بن حنبل ].
أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الرحمن بن مهدي] .
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر] .
وقد مر ذكر الأربعة في الإسناد الذي قبل هذا، ثم قال بعد ذلك: قال الحسين ، أي: شيخ النسائي ، الحسين بن منصور بن جعفر ، قال أحمد : يعني: يحكي عن شيخه الإمام أحمد في هذا الإسناد: أنه قال: هذا حديث صحيح، أي: أن الإمام أحمد بن حنبل الذي يروي عن الحسين بن منصور هذا الحديث قال عنه الإمام أحمد أي عن هذا الحديث: وهذا حديث صحيح، وهذا من الأمثلة التي تذكر بالتصحيح، وحصول التصحيح من الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
وسبق أن سئلت هنا عن الإمام أحمد هل هو يصحح أو يأتي عنه الأحكام على الأحاديث وعلى الأسانيد؟ وكنت في ذهني حديث ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في آداب المشي إلى الصلاة، وعزا تجويد إسناده إلى الإمام أحمد حيث قال: ولا يمشى بالنعل في المقبرة للحديث، قال أحمد : وإسناده جيد، يعني: الحديث الذي في المشي بالنعل في المقبرة، والحديث سبق أن مر بنا في سنن النسائي ، حديث صاحب السبتيتين، يعني: النعلين، السبتيتين، فهذا مما يذكر مما جاء عن الإمام أحمد في تصحيحه.
شرح حديث ابن عمر: (كل مسكر خمر) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن درست حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل مسكر خمر ) ].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وفيه الاقتصار على إحدى الجملتين السابقتين، وهو: (كل مسكر خمر)، وهذا هو المقصود من إثبات الترجمة؛ لأن الترجمة هنا إثبات اسم الخمر على كل ما أسكر من الأشربة، فالحديث جاء عن ابن عمر مختصراً في بعض الطرق كهذه الطريق، ومطولاً ومشتملاً على الجملتين كما في الطريقين السابقين لهذه الطريق.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (كل مسكر خمر) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا يحيى بن درست] .ثقة، أخرج حديثه الترمذي وابن ماجه.
[حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر ].
حماد هو ابن زيد ، وأيوب ونافع وابن عمر قد مر ذكرهم.
حديث ابن عمر: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن ميمون حدثنا ابن أبي رواد حدثنا ابن جريج عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام ) ].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مشتمل على الجملتين، والكلام فيه كما تقدم.
قوله: [أخبرني علي بن ميمون] .
هو علي بن ميمون الرقي ، وهو ثقة أخرج حديثه النسائي وابن ماجه .
[حدثنا ابن أبي رواد] .
هو عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، وهو صدوق يخطئ أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر] .
وقد مر ذكر الثلاثة.
حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام ، وكل مسكر خمر) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( كل مسكر حرام، وكل مسكر خمر ) ].أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم.
قوله: [أخبرنا سويد أخبرنا عبد الله] .
سويد هو ابن نصر أخبرنا عبد الله هو ابن المبارك وقد مر ذكرهما.
[ عن محمد بن عجلان] .
هو محمد بن عجلان المدني وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن نافع عن ابن عمر] .
وقد مر ذكرهما.
تحريم كل شراب أسكر


شرح حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام) من طريق سادسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تحريم كل شراب أسكر.أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( كل مسكر حرام ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: (تحريم كل شراب أسكر)؛ لأن التراجم السابقة تتعلق بشمول اسم الخمر لكل مسكر، وهنا هذه الترجمة تتعلق بشمول التحريم لكل مسكر، يعني: أن التحريم الذي هو الحكم بالحرمة يكون لكل مسكر، والترجمة السابقة: إثبات أن الخمر تطلق على كل مسكر، فكل مسكر فهو خمر، وكل مسكر فهو حرام، فالمقصود من الترجمات السابقة إثبات اسم الخمر لكل مسكر من أي نوع كان، وقد مر ذكر الأحاديث حديث ابن عمر من طرق متعددة، وفيه أو في كل الطرق السابقة ذكر تحريم كل مسكر وإطلاق الخمر على كل مسكر، إلا في موضع واحد فإنه جاء أو إطلاق الخمر على كل مسكر، ثم أتى بهذه الترجمة إثبات ما دلت عليه الطرق السابقة؛ وهو أن كل ما يسكر يكون حكمه التحريم، يعني: لا يجوز شربه ولا يجوز تعاطيه، وقد أورد حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( كل مسكر حرام )، يعني: أن كل ما وجد فيه الإسكار فإنه يكون حراماً، قاعدة عامة شاملة لا يخرج عنها أي مسكر، بل يدخل فيها كل مسكر من أي نوع كان، سواء كان مطعوماً أو مشروباً أو غليظاً أو جامداً أو سائلاً، مادام وجد الإسكار فإنه يحصل التحريم. نعم.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (كل مسكر حرام) من طريق سادسة

قوله:[ أخبرنا محمد بن المثنى] .هو أبو موسى العنزي، الملقب الزمن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يحيى بن سعيد ].
هو القطان البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عمرو ].
هو ابن علقمة بن وقاص الليثي ، وهو صدوق له أوهام أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن المدينة اشتهر فيها في عصر التابعين سبعة أشخاص محدثون فقهاء، اشتهروا بلقب الفقهاء السبعة، ولهذا يأتي في بعض المسائل، إذا كان هؤلاء الفقهاء متفقين على حكمها يقولون: وقال بها الفقهاء السبعة، مثل مسألة وجوب الزكاة في عروض التجارة، يقولون فيها: وقال بها الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة، يعني: قال بها الأئمة الأربعة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد ، وقال بها الفقهاء السبعة، الذين هم فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهؤلاء السبعة ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع اختلف فيه على ثلاثة أقوال، فالستة هم -أي المتفق على عدهم-: هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسعيد بن المسيب ، هؤلاء ستة معدودون في الفقهاء السبعة باتفاق، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف هذا الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب .
[ عن ابن عمر ].
وقد مر ذكره.
حديث أبي هريرة: (كل مسكر حرام) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( كل مسكر حرام ) ].أورد النسائي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، يعني: أن هذا الحديث بهذا الإسناد جاء عن ابن عمر كما في الإسناد السابق، وجاء عن أبي هريرة رضي الله عنه كما في هذا الإسناد، وكل منهما صحيح، وهو مثل لفظ حديث ابن عمر المتقدم: كل مسكر حرام، أي: أن هذا المتن أو هذا اللفظ جاء عن ابن عمر وعن أبي هريرة بإسناد واحد.
قوله:[ أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ].
وقد مر ذكر هؤلاء ما عدى الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه، وهو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث أبي هريرة: (أن رسول الله نهى أن ينبذ في الدباء ... وكل مسكر حرام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن حجر عن إسماعيل عن محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت والنقير والحنتم، وكل مسكر حرام ) ].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت والنقير والحنتم، وكل مسكر حرام)، فالمقصود من إيراد الحديث قوله: وكل مسكر حرام، يعني: إثبات التحريم لكل مسكر، أو بيان أن التحريم يشمل كل ما كان مسكراً فإنه يكون حراماً، وأما الدباء والنقير والمزفت والحنتم فقد مر ذكرها قريباً، والدباء هي المقصود الانتباذ بها؛ وذلك بأن يؤخذ الدباء فيستخرج لبها، ويبقى غلافها وقشرها حتى ييبس فيكون وعاء يوضع فيه الحليب وينتبذ فيه، فهذا هو المقصود بالدباء، أي: اتخاذ الوعاء من الدباء بحيث يستخرج لبها ويبقى غلافها وقشرها حتى ييبس ويكون وعاءً توضع به الأشياء.
ثم بعد ذلك المزفت، وهو الذي طلي بالزفت، والنقير هو جذوع النخل الذي ينقر وسطها ثم ينتبذ فيها فتكون وعاء، يعني: جذع النخل أو ساق النخل ينقر فيه بحيث يستخرج منه وتبقى الجوانب والغلاف على ما هو عليه، ولكن ينبذ به، والحنتم هي جرار خضر كانوا ينتبذون بها.
وكل مسكر حرام، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث تحت الترجمة.
تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (أن رسول الله نهى أن ينبذ في الدباء ... وكل مسكر حرام)

قوله: [أخبرنا علي بن حجر ].هو علي بن حجر بن إياس المروزي السعدي ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
[ عن إسماعيل] .
هو ابن جعفر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد عن أبي سلمة ].
محمد هو: ابن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة وقد مر ذكرهم.
شرح حديث عائشة: (لا تنبذوا في الدباء ... وكل مسكر حرام)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو داود حدثنا محمد بن سليمان حدثنا ابن زبر عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( لا تنبذوا في الدباء ولا المزفت ولا النقير، وكل مسكر حرام ) ].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من هذه الطريق، وهو مثل حديث أبي هريرة الذي قبل هذا، إلا أنه ليس فيه ذكر الحنتم، وإنما فيه ذكر النهي عن الانتباذ في الدباء والنقير والمزفت، وكل مسكر حرام، ومن المعلوم أن هذه الأشياء كان منع منها في أول الأمر كما جاء ذلك في حديث وفد عبد القيس، وكانوا جاءوا في أول الإسلام في أول الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكانوا من البحرين، وقالوا: إنا لا نصل إليك إلا بشهر حرام، فمرنا بأمر نأخذ به ونبلغه من وراءنا، فأمرهم بأشياء ونهاهم عن أشياء، وكان مما نهاهم به الانتباذ في أوعية، ولكن ذلك نسخ كما جاء في حديث بريدة بن الحصيب الذي رواه مسلم في صحيحه: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها، وكنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ألا فادخروا، وكنت نهيتكم عن الانتباذ في أوعية فانتبذوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً ).
وإنما نهي عن تلك في أول الأمر لأنها أوعية غليظة سميكة قد يحصل الإسكار فيها ولا يتبين على غلافها، بخلاف الأسقية مثل الجلود فإنه إذا وجد التغير في الداخل يظهر أثره على الظاهر، بخلاف الغليظ السميك فإنه يتغير داخله ولا يظهر على غلافه من الخارج شيء.
الحاصل: أن الانتباذ في الأوعية كان منهياً عنه في أول الأمر، ولكنه بعد ذلك أبيح، لكن بشرط أن لا يشرب الناس مسكراً.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 385.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 379.75 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (1.57%)]