|
استراحة الشفاء , وملتقى الإخاء والترحيب والمناسبات هنا نلتقي بالأعضاء الجدد ونرحب بهم , وهنا يتواصل الأعضاء مع بعضهم لمعرفة أخبارهم وتقديم التهاني أو المواساة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الواسطة في تولي المنصب
الواسطة في تولي المنصب الحمدلله الخالق الحق العدل الذي قدر الأرزاق وقسمها بين عباده، بما قسم عليهم من زيادة ظاهرة أو نقصان، ليبتلي من أراد بميسورها ومعسورها، ويختبر صبر المؤمن بالانقياد والطاعة، فالمؤمن الحق من رضي بحكم الله تعالى وقضائه ولم يحزن على ما فاته من نعم الدنيا التي هي ليست بدار تنعم وإنما هي دار الابتلاء والعمل. ولقد ظهر أن عامة أهل زماننا عبدوا زينة الحياة الدنيا وآثروها أي إيثار، حتى عظم حبها في أنفسهم وملأت شهواتها العاجلة أركان قلوبهم، وقد نبههم الله عز وجل إلى مكيدة الدنيا في قوله: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}(الكهف: 7)، والله تعالى في هذه الآية يخبر عباده أنه خلق زينة الحياة الدنيا لينظر من الذي يحسن العمل فيها، وإن من أحسن العمل الزهد في الدنيا وقهر هوى النفس التي هي عدو الإنسان المبين.ولكنه عندما تستروح النفس إلى نسيم الدنيا وملذاتها، وترى الناس منبسطين في وظائفها المشروعة، فهنالك ينشغل القلب بزينة الدنيا وفتنتها، فإن لم يصاحب رؤية النفس لزينة الحياة الدنيا الاستقامة أو يرافقها التقوى، فلا بد من أن تنشأ النفس على حب الدنيا دون استشعار لرقيب، بل الغفلة عن الآخرة ومحاسبة النفس لله عز وجل، وحب الدنيا معدن كل سوء والدعاية إلى كل بلية، وهو من أعظم الأسباب التي تدخل الضرار على النفس الإنسانية وتؤثر فيها. فإذا آل الأمر إلى وظائف الناس ومعاشهم التي قسمها الله لهم بواسع علمه وحكمته، فإن أول البلية في حب الدنيا هو الوقوع في ميدان الغيرة والحسد، وما تدعو إليه النفس من طمع مما في أيدي الناس ممن هم فوقهم منزلة وظيفية عليا ذات مقام رفيع، فيكون في القلب قوة تهيج صاحبها في طلب هذه الوظائف موضوع الإعجاب، والسعي إلى تقليد تلك المناصب للاستعلاء بالرئاسة التي يحصل منها كثيرا من المزايا والثناء، فإن خشي إدراك هذا المنصب الدنيوي بطول الزمان، أو تحصيله خلاف ما ينافي دستور التدرج في الوظيفة، فلن يملك العبد للوصول إلى مبتغاه وغايته إلا بعنان الحيلة وخرم قواعد الدستور، فالنفس الأمارة بالسوء تشارك الروح الأمارة بالخير في الاستعمال، وتخلط الخير بالشر خلط الخمر بالماء الزلال. وقد أوردت هذه القضية بعد أن كثر في زمان الرخاء، ما وقع الاختلال في بطر الناس والتعدي على حقوق الآخرين، وسلب مزاياهم الوظيفية التي اكتسبوها طوعا، بما استشرى في نفوس البعض في اتباع سياسة إقصاء الموظفين أو تنحيتهم عن مناصبهم التي كانوا يشغلونها، فيجار عليهم ظلما وعدوانا، لكي يصلوا إلى مرامهم المنشود ألا وهو المنصب أو الرئاسة بعد خلوه من شاغله، أو حتى تخصيصه لأحد المقربين اختيارا والذي قد لا يكون له الحق في توليه، وما ذلك في حقيقة الأمر إلا عودة إلى تعصب الجاهلية التي حاربها الإسلام، وكذلك لتخرج خيالات النفس الفاسدة وتصوراتها عن نقصان الحال، إلى ذروة الكمال الذي كانت تتمنى الوصول إليه، والمقصود بالكمال هو أن يكثر المال ويعظم الشأن بالتبجيل والتكريم والتشريف بالمنصب. فالله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء من هذا التحايل من عباده المتكبرين على عباده المستضعفين، في منازعتهم أرزاقهم الدنيوية المكتسبة لغرض الحصول على منفعة دنيوية يراؤون الناس بها، فبئس الزاد إلى المعاد، والعدوان على العباد، أو ما علموا أن اقتناص المناسب من الغير، والتطاول إليها بواسطة الوسطاء، أو بدعم من المقربين لاستباق الترشيح إليه، إنما هو إثم وظلم، وتضييع لأمانة السماء، وهجر لسبيل الرشاد؟ كما أن هذا التعصب للمنصب فيه من الغفلة عن يوم الحساب الذي يتغافل عنه كل معتد أثيم لا يهمه إلا حياته الدنيا ظاهرا فيها ولو بالباطل، ويصور القرآن الكريم أمثالهم بقوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}(الروم: 7). ونتيجة لهذا الأمر ظهرت في المجتمع أمراض كثيرة منها العصبية والتعصب للقريب الذي سيوغل في صدور الآخرين الأحقاد، فتكثر المخاصمات والمنازعات القضائية، ولا يسلم المجتمع من تمزق بنيانه بسبب تفاضل الناس، واسوداد العرق فيه. والعبد العاقل المنتبه بتوفيق الله لدقائق الأمور، يعلم من أن صفات الله الحق العدل، وأن ما ناله من منفعة دنيوية في وظيفته بغير وجه حق ليحظى بالمكانة الاجتماعية المحمودة في نفسه، وإن رافقها ظلم للعباد، سيكون حذرا من أن عمله سيحبط وسيخسر من حسناته التي كان يتقرب بها إلى ربه عز وجل، وأن الله الحكم الفصل يوم الحساب سيقتص منه في ذلك اليوم، وما يدريك لعل الله يؤخره من دخول الجنة فتتراءى له من بعيد فيتحسر، بينما الذي نحي عن منصبه في الدنيا سيدخل قبله الجنة ويتمتع فيها جزاء وفاقا. واعلم أخي القارئ الكريم، أن الله عز وجل مطلع على الأفعال ونوايا العباد، ويرى هممهم فيما يحبون من حرث الدنيا ومتاعها، فألزم قلبك ما يحب الله تبارك وتعالى، عند نظرك إلى ما كتبه لك في سياسة تولي المناصب، فإن عرضت عليك وظيفة مرموقة فيها ظلم للعامة، أو سلب لحقوق الغير أو هدم لمبدأ التكافل الاجتماعي الذي يتجلى في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(الحجرات: 10)، فالأجدر بك تركها تنزها عنها مروءة، وعليك الرضى بالقليل عن الكثير، فإن تركها كسر لشهوة النفس، ودلالة من الخوف من مقام الخالق عز وجل، ومجاهدة النفس من خوف السقوط بارتكاب المظالم والآثام، بل لعل أروع حث على مبدأ الأخوة ما جاء في الحديث الشريف: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، والله الموفق. وقال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}(الأنعام: 82)، والظلم عام في ظلم الناس بانتقاص حقوقهم وظلم النفس بسوء الأعمال. اعداد: خالد ياسين الرديني
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |