أحكام الحجر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 390862 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856264 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-02-2023, 02:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي أحكام الحجر

أحكام الحجر
د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني


إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، أما بعدُ:
فحَدِيثُنَا معَ حضراتِكم في هذه الدقائقِ المعدوداتِ عنْ موضوع بعنوان: «أَحْكَامُ الحَجْرِ».

واللهَ أسألُ أن يجعلنا مِمَّنْ يستمعونَ القولَ، فَيتبعونَ أَحسنَهُ، أُولئك الذينَ هداهمُ اللهُ، وأولئك هم أُولو الألبابِ.

اعلموا أيها الإخوةُ المؤمنونَ أنَّ اللهَ عز وجل أمرنَا بالمحافظةِ على أموالنَا من إنفاقِها في غيرِ ما لا ينفعُ.


قال الله تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا [الإسراء: 26].


ورَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا: قِيلَ وَقَالَ[1]، وَإِضَاعَةَ المَالِ[2]، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ[3]»[4].

لذلك شرعَ اللهُ عز وجل الحَجْرَ على الإنسانِ حتى لا يضيعَ المالُ في غيرِ فائدَةٍ.
والحَجْرُ: هُوَ مَنْعُ الإِنْسَانِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِبَيعٍ، أو شراءٍ[5].


قَالَ اللهُ تَعَالى: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء: 5].
والسُّفَهاءُ: هم مَن لا يُحسنُونَ التصرُّفَ في المالِ.

وقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء: 6].


ويُحْجَرُ عَلَى الإِنْسَانِ لِضَمَانِ حَقِّ أَصْحَابِ الدُّيونِ إِذَا طَلبُوا أَموَالَهُمْ، وَكَانَ مَالُهُ لَا يفي سدَادَ الدُّيونِ، وذلك لأجل ضمان أمواهم من الضياع.


ويُحْجَرُ عَلَى الإِنْسَانِ لِحَقِّ نَفْسِهِ إِذَا كَانَ صَغِيرًا، أَوْ مَجنُونًا، أَوْ سَفِيهًا لا يُحسِنُ التَّصَرُّفَ في المَالِ.


قالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء: 6].

فهذه الآية تدلُّ على أن أموال اليتامى لَا تُسَلَّمُ إِلَيْهِمْ قَبْلَ الرُّشْدِ.

وَقَال تَعَالى: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء: 5].


والذِي لهُ الحَقُّ فِي تَوَلِّي مَالِ الصَّبِيِّ وَالمَجْنُونِ هُوَ الأَبُ، وَيُنْفِقُ الأبُ عَلى الصبيِّ، والمجنونِ نَفَقَةَ مِثْلِهمَا بِالمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ، وَلَا إِقْتَارٍ.

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان: 67].


وَيَنْفَكُّ الحَجْرُ عَنِ الصَّبِيِّ وَالمَجْنُونِ إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ، وَعَقَلَ المَجْنُونُ، وَرَشَدَا، وَلَا يَنْفَكُّ قَبْلَ ذَلِكَ.


قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء: 6].


وَالمَجْنُونُ مِثْلُ الصَّبِيِّ[6].
وَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مِنَ الحَاكِمِ حَبْسَ المَدِينِ لزمهُ حَبْسُهُ.


رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عنْ الشَّرِيدِ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيُّ الوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ»[7].


قَالَ العُلَمَاءُ: معْنَى «عِرْضَهُ»: شَكْوَاهُ، ومَعْنَى «عُقُوبتَهُ»: حَبْسُهُ[8].


وَلَا يَجِبُ حَبْسُهُ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ بَلِ المَقْصُودُ مَنْعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ حَتَّى يُؤَدِّي الحَقَّ، فَيُحْبَسُ وَلَوْ فِي دَارِ نَفْسِهِ بِحَيْثُ لَا يُمَكَّنُ مِنَ الخُرُوجِ[9].


وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ إِخْرَاجُ المَدِينِ مِنَ الحَبْسِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَحَدُ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ:
الأول: إِنْ وَفَى المَدِينُ بِالدَّيْنِ وَجَبَ إِخْرَاجُهُ، لِسُقُوطِ الحَقِّ عَنْهُ.

الثاني: إِنْ تَنَازَلَ الدَّائِنُ عَنِ الدَّيْنِ وَجَبَ إِخْرَاجُهُ؛ لِسُقُوطِ الحَقِّ عَنْهُ.

الثالث: إِنْ سَأَلَ صَاحِبُ المالِ القَاضي إِخْرَاجَ المَدِينِ وَجَبَ إِخْرَاجُهُ.

الرابع: إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ المَدينَ ذُو عُسْرَةٍ، وَجَبَ إِخْرَاجُهُ، وَحَرُمَتْ مُطَالَبَتُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة: 280].


وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبي سَعيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأصحابِ الدُّيونِ: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ»[10][11].


وَمَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ بِحَالِهَا لَمْ تتَغَيَّرْ بَعْدَ الحَجْرِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ يَقْبِضْ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا، وَكَانَ المفْلِسُ حَيًّا.


رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ، أَوْ إِنْسَانٍ قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ»[12].


وَإِنْ وَجَدَعَيْنَ مَالِهِ قَدْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ، أَوْ تَحَوَّلَتْ إِلَى شَيْءٍ آخَرَ، كَأَنْ تَكُونَ قَمْحًا فَصَارَ دَقِيقًا، أَوْ سِمْسِمًا فَصَارَ زَيْتًا فَلَيسَ لَهُ الرُّجُوعُ[13].


وَإِنْ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيئًا، فَلَيسَ لَهُ الرُّجُوعُ أيضًا.


رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِّي صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا، فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ[14]، وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ المشْتَرِي، فَصَاحِبُ المَتَاعِ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ[15]»[16].


وَفِي لَفْظٍ: «وَإِنْ كَانَ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا، فَهُوَ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ»[17].


وَإِنْ مَاتَ المَحْجُورُ عَلَيْهِ، فَالبَائِعُ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ.


رَوَى أَبُو دَاودَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ مَاتَ المشْتَرِي فَصَاحِبُ المتَاعِ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ»[18].


وَفِي لَفْظٍ: «أَيُّمَا امْرِئٍ مَاتَ وَعِنْدَهُ مَالُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا، أَوْ لَمْ يَقْتَضِ، فَهُوَ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ»[19].


وَيَجِبُ عَلَى القاضي قَسْمُ مَالِ المَحْجُورِ عَلَيه عَلَى أَصْحَابِ الدُّيُونِ بِقَدْرِ دُيُونِهِمْ.


وَذَلِكَ بِأَنْ تُجْمَعَ الدُّيُونُ، وَيُنْسَبَ إِلَيْهَا مَالُ المَحجُورِ عليهِ، وَيُعْطَى كُلُّ صَاحبِ دَينٍ مِنْ دَينِهِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، فَلَوْ كَانَ مَالُ المُفْلِسِ أَلْفًا، وَعَلَيْهِ لِزَيْدٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، وَلِعَمْرٍو سِتُّمَائَةِ، فَمَجْمُوعُ الدَّيْنِ أَلْفَانِ، وَنِسْبَةُ مَالِ المُفْلِسِ إِلَيْهَا نِصْفٌ، فَلِزَيْدٍ نِصْفُ دَيْنِهِ سَبْعُمِائَةٍ، وَلِعَمْرٍو نِصْفُ دَيْنِهِ ثَلَاثُمَائَةٍ[20].


وَلَا يَجُوُزُ لِأَصْحَابِ الدُّيُونِ مُطَالَبَةُ المَدِينِ بَعْدَ أَخْذِهِمْ مَا وَجَدُوهُ.


رَوَى مُسْلِمٌ عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثِمَارٍ اشْتَرَاهَا، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ»، فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِغُرَمَائِهِ: «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ»[21].


أقولُ قولي هذا، وأَستغفرُ اللهَ لي، ولكُم.



الخطبة الثانية
الحمدُ لله وكفى، وصلاةً وَسَلامًا على عبدِه الذي اصطفى، وآلهِ المستكملين الشُّرفا، وبعد..

فَمَنْ أَعْطَى مَالَهُ إلى صَغِيرٍ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ سَفِيهٍ، فأَتْلَفَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، لَمْ يَضْمَنْهُ المَدْفُوعُ إِلَيْهِ، بَلْ يَضِيعُ عَلَى الدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ حِينَمَا أَعطَى مَالَهُ لمنْ لا يُحسِنُ التَّصَرُّفَ[22].


وَيُعرَفُ بُلُوغُ الرَّجلِ، والمَرأةِ بإحْدَى ثَلَاثِ عَلَاماتٍ:
الأُولَى: نزولُ المَنِيِّ مِنَ الرَّجُلِ أَوِ المَرْأَةِ.
قالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور: 59].


وَرَوَى أَبُو دَاودَ بسند صحيح عَنْ عَلِيٍّ، وَعَائِشَةَ رضي الله عنها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ»[23].


الثَّانيةُ: نَبَاتُ شَعْرٍ خَشِنٍ حَوْلَ ذَكَرِ الرَّجُلِ، وفَرْجِ المَرْأَةِ.
رَوَى أَبُو دَاودَ عَنْ عَطِيَّةَ القُرَظِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كُنْتُ مِنْ سَبْي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَكَانُوا يَنْظُرُونَ، فَمَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ، لَمْ يُقْتَلْ، فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ»[24].


الثَّالثَةُ: تَمَامُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
رَوَى البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ عنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «عَرَضَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فِي القِتَالِ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَنِي»[25].


فدلَّ هذا الحديث على أن سنَّ البلوغ خمسَ عشرة سنةً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُجز ابن عمر بالقتال قبلها، ولا يجب القتال إلا على الرجال البالغين.


وَيُعْرَفُ بُلُوغُ الأُنْثَى أَيضًا بِالحَيْضِ، والحَمْلِ، فَإِذَا حَاضَتِ المَرْأَةُ، أَوْ حَمَلَتْ حُكِم بِبُلُوغِهَا[26].


اعلموا أيها الإخوة المؤمنون أنهُ إِذَا وَكَّلَ إنْسَانٌ غَيرَهُ في بيعٍ، أو شراءٍ، فإِنَّ الوَكِيلَ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِيَدِهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا إِذَا كَانَ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَا تَعَدٍّ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ المَالِكِ.


أَمَّا إِنْ فَرَّطَ، أَوْ تَعَدَّى أَوْ طُلِبَ مِنْهُ المَالُ، فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ ضَمِنَ[27].


الدعـاء...
ربنا آتنا من لدُنك رحمةً، وهيئ لنا من أمرنا رشدًا.
ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الراحمين.
ربنا اصرِف عنا عذابَ جهنَّم إن عذابها كان غرامًا.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرةَ أعينٍ، واجعلنا للمتقين إمامًا.
ربنا وَسِعتَ كل شيء رحمة وعلمًا، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقِهم عذاب الجحيم.
ربنا أتمِم لنا نورنا، واغفر لنا إنك على كل شيء قدير.
ربنا هبْ لنا من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء.

أقول قولي هذا، وأقم الصلاة.

[1]قيل وقال: أي الاشتغال بما لا يعني من أقاويل الناس.

[2] إضاعة المال: أي بإنفاقه في المعاصي، أو الإسراف فيه في المباحات.

[3] السؤال: أي طلب أموال الناس أو السؤال في العلم عما في دنيا، أو آخرة.

[4] متفق عليه: رواه البخاري (1477)، ومسلم (593).

[5] انظر: «المطلع» صـ (254).

[6] انظر: «الكافي» (3/ 251، 255 -256).

[7] حسن: رواه أبو داود (3630)، والنسائي (4689)، وابن ماجه (2427)، وحسنه الألباني.

[8] انظر: «مسند أحمد» (4/ 222).

[9] انظر: «كشاف القناع» (8/ 330-331).

[10]صحيح:رواه مسلم (1556).

[11] انظر: «كشاف القناع» (8/ 331-334).

[12] متفق عليه: رواه البخاري (2402)، ومسلم (1559).

[13] انظر: «الكافي» (3/ 235-238).

[14] ابتاعه: أي اشتراه.

[15]أسوة الغرماء: أي يكون مثلهم.

[16] صحيح: رواه أبو داود (3522)، وابن ماجه (2359)، وصححه الألباني.

[17] صحيح: رواه ابن ماجه (2359)، وصححه الألباني.

[18] صحيح: رواه أبو داود (3522)، وابن ماجه (2359)، وصححه الألباني.

[19] صحيح: رواه ابن ماجه (2361)، وصححه الألباني.

[20] انظر: «دليل الطالب» صـ (192)، و«كشاف القناع» (8/ 355-356)، و«فتح الوهاب» (2/ 198).

[21] صحيح: رواه مسلم (1556).

[22] انظر: «شرح المنتهى» (3/ 475)، و«فتح الوهاب» (2/ 20).

[23] صحيح: رواه أبو داود (4405)، والترمذي (1423)، وابن ماجه (2041)، وصححه الألباني.

[24] صحيح: رواه أبوداود (4406)، والترمذي (1584)، وقال: حسن صحيح، والنسائي (4981)، وابن ماجه (2541)، وصححه الألباني.

[25] متفق عليه: رواه البخاري (2664)، ومسلم (1868)، إلا لفظ: «وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ» رواه الدارقطني (5/ 203)، وابن حبان (11/ 30)، وصححه الألباني في «التعليقات الحسان» (7/ 115).

[26] انظر: «الكافي» (3/ 258).

[27] انظر: «الكافي» (3/ 324)، و«كشاف القناع» (8/ 453).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.50 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.55%)]