شرح كتاب الحج من صحيح مسلم - الصفحة 5 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصحيح فى قصةالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام ،توضيح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فَنُّ اختيار الوقت المناسب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          البشارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 1170 )           »          محبّطات الأعمال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الأقلية المسلمة في جامو وكشمير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          كيـــــــــف تتخلـــص مـــــــــن الغضــب? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          كيف تجعل دورك فعالاً بوصـفــــــك ولـي أمــر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أسباب السلوك السلبي عند طفلك وطريقة علاجه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مفهوم الجهاد في الإسلام وشروطه وضوابطه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 31-01-2025, 11:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 147,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم

شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: صِفة السّيْر في الدَّفعِ مِنْ عَرَفة




  • السُّنّة أنْ يكون السّيرُ في دَفْع الحُجّاج مِنْ عَرَفة إلى مُزدلفة ومِنْ مزدلفة إلى مِنَى، بغير إسْراعٍ وجَلَبة
عَنْ عُروة قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ وأَنَا شَاهِدٌ، أَوْ قَالَ سَأَلْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرْدَفَهُ مِنْ عَرَفَاتٍ، قُلْت:ُ كَيْفَ كَانَ يَسِيرُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَفَاضَ مِنْ عَرَفَةَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ. رواه مسلم في الحج (2/936) باب: الإفاضة منْ عَرفات إلى المُزدلفة، واسْتحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعاً بالمُزدلفة في هذه الليلة، وقد رواه الإمام البخاري في الحج (1666) وبوّب عليه: بَابُ السَّيْرِ إِذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ.
في هذا الحَديثِ يَروي التَّابِعيُّ عُروةُ بنُ الزُّبَيرِ أنَّه كان جالساً مع الصَّحابيِّ أُسامةَ بنِ زَيدٍ -رَضيَ اللهُ عنهما-، فسُئِلَ أُسامةُ عن سَيرِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوَداعِ، حين دَفَعَ - صلى الله عليه وسلم - وأفاضَ مِن عَرَفاتٍ إلى مُزدَلِفةَ، فأخبَرَهم أنَّه كان يَسيرُ العَنَقَ، أيْ: يَسيرُ سَيراً مُتوسِّطاً لا يُسرِعُ فيه، لِئلَّا يُضايِقَ النَّاسَ ويُؤذيَهم، ولِيَكونَ قُدوةً لِغيرِه في ذلك، فإذا وَجَدَ فَجْوةً بَينَ النَّاسِ وطَريقاً واسِعاً فَسيحاً نَصَّ، أيْ: أسرَعَ في سَيرِه في هذا المَكانِ الواسِعِ.
قال البخاري عقب روايته للحديث: قَالَ هِشَامٌ: والنَّصُّ فَوْقَ العَنَقِ. ثم قال البخاري: فَجْوَةٌ: مُتَّسَعٌ، والْجَمِيعُ فَجَوَاتٌ وفِجَاء. اهـ. وكذلك جاء في رواية مسلم أنه من تفسير هشام أيضا.
قال النووي: أَمَّا الْعَنَق فَبِفَتْحِ الْعَيْن وَالنُّون، وَالنَّصّ بِفَتْحِ النُّون وَتَشْدِيد الصَّاد الْمُهْمَلَة هُمَا نَوْعَانِ مِنْ إِسْرَاع السَّيْر، وَفِي الْعَنَق نَوْع مِنْ الرِّفْق. و«الْفَجْوَة» بِفَتْحِ الفَاء: المَكَان المُتَّسِع. اهـ.
قال ابن المنذر: وحديث أسامة يدلّ أنّ أمْره بالسّكينة، إنّما كان في الوقت الذي لمْ يَجد فَجْوة، وأنّه حين وَجَدَ فَجْوة، سَار سَيراً فوق ذلك، وإنّما أرادَ بالسّكينة في وقتِ الزّحام. نَقَله ابن بطّال.
فأسامة بن زيد - رضي الله عنه - كان رديفَ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - حينما دَفَع -صلى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفة، والدّفع ليس خاصّاً بالخُروج منْ عَرفة، فقد جاء في الحديث: «دفع مِنَ المُزدلفة قبل أنْ تطلع الشّمس». رواه النسائي.
صفة حجته -صلى الله عليه وسلم -
وفي حديث جابر في صفة حجته - صلى الله عليه وسلم -: «وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ، ودَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ، حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ، وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ، كُلَّمَا أَتَى حَبْلا مِنْ الحِبَالِ، أَرْخَى لَهَا قَلِيلا حَتَّى تَصْعَدَ، حَتَّى أَتَى المُزْدَلِفَةَ». رواه مسلم.
و«الحِبَال» هُنَا بِالحَاءِ المُهْمَلَة المَكْسُورَة جَمْع حَبْل، وهُوَ التَّلّ اللَّطِيف مِنْ الرَّمْل الضَّخْم.
وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: أَنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - ورَاءَهُ زَجْراً شَدِيداً وَضَرْباً، وصَوْتاً لِلإِبِلِ، فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهم، وقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ». رواه البخاري. وقال: أَوْضَعُوا: أَسْرَعُوا.
فوائد الحديث
  • السُّنّة أنْ يكون السّيرُ في دَفْع الحُجّاج مِنْ عَرَفة إلى مُزدلفة، ومِنْ مزدلفة إلى مِنَى، بغير إسْراعٍ وجَلَبة.
  • وسببُ عدم إسْراعه - صلى الله عليه وسلم -، ونَهْيه عن الإسْراع، هو مُنافاته للخُشُوع والسّكينة الواجِبة للعِبادة، قال عكرمة: سأل رجلٌ ابنَ عباس عن الإيجِاف. فقال: إنَّ حَل حَل، يُشغل عنْ ذِكْر الله، ويُوطِئ ويُؤذِي.
  • وقال المهلب: إنّما نَهاهم عن الإيِضَاع والجَري، إبْقَاء عليهم، ولئلا يُجْحِفوا بأنفسِهم بالتسابق مِنْ أجْل بُعْدِ المَسَافة؛ لأنّها كانت تبهرهم فيَفْشلوا، وتذهبَ ريحهم، فقد نهى عن البلوغ إلى مثل هذه الحال. نقله ابن بطال.
  • وفيه: شَفَقته -صلى الله عليه وسلم - بأمّته، وحِرْصه -صلى الله عليه وسلم - عليهم، فهو كما قال الله -عزَّوَجَلّ- في وصفِه -صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة: 128).
  • اسْتُثْنِي منْ ذلك: ما إذا مَرّ الحاجّ بِوادي مُحَسّر منْ مِنى.
  • قال ابن المنذر: فكان في معنى قوله: «عليكم بالسّكينة» إلا في بَطْن وادي مُحَسِّر، فقد روى جابر - رضي الله عنه -: «أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم - أوْضعَ في وادي مُحَسِّرٍ». رواه النسائي. وكان ابنُ مسعود، وابنُ عباس، وابنُ عمر، وابن الزبير يُوضِعُون في وادي مُحسّر، وتَبعهم على ذلك كثير من العلماء. نقله ابن بطال.
  • السّنَّة الرّفْق بالرُّفْقَة، ومُرَاعاة أحْوال الناس في السّير، وعدم تكلّف المشقَّة، قال النّووي: وفِيهِ، مِنْ الفِقْه: اِسْتِحْبَاب الرِّفْق فِي السَّيْر فِي حَال الزِّحَام.
إن الدين عند الله الإسلام
لما أهبط الله -عز وجل- آدم -عليه السلام- إلى الأرض أهبطه إليها مسلمًا موحدًا، ولما خاطب نوح -عليه السلام- قومه قال لهم: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (يونس: 72)، ويحكي القرآن عن إبراهيم -عليه السلام- وسرعة استجابته للإسلام فيقول: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (البقرة: 131)، ومرة أخرى: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (آل عمران: 67)، والإسلام هو وصية كل نبي لقومه ولأولاده من بعده: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (البقرة: 132)، ويعقوب -عليه السلام- بدوره يختبر أبناءه ليطمئن أنهم لن يغيروا أو يبدلوا: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: 133)، ووصية موسى -عليه السلام- لقومه: {يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} (يونس:84)، وهو ما علَّمه عيسى -عليه السلام-للحواريين ثم اختبرهم فيه: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 52)، وهكذا ما بُعِث نبي ولا أُرسِل رسول إلا بالإسلام. لذلك تجد القرآن الكريم يقرر في وضوح وجلاء قائلًا: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران: 19)، ولا عجب إذًا أن يقولها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «.. والأنبياء إخوة لعَلَّات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد»، «ومعنى الحديث: أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد، وإن اختلفت فروع الشرائع»، ولأن الدين عند الله -عزوجل- واحد؛ هو الإسلام لا سواه، فأنه لن يقبل من مخلوق يوم القيامة أي دين آخر سوى دين الإسلام: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85)؛ «يعني أن الدين المقبول عند الله هو دين الإسلام، وأن كل دين سواه غير مقبول عنده؛ لأن الدين الصحيح ما يأمر الله به ويرضى عن فاعله ويثيبه عليه، والسنة النبوية في هذا الصدد واضحة ظاهرة تقول في جلاء: «إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة»، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار».
اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #42  
قديم 10-02-2025, 09:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 147,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح كتاب الحج من صحيح مسلم

شرح كتاب الحج من صحيح مسلم – باب: في صلاة المغرب والعشاء بالمزدلفة


  • لا يُشْرع التنفل بين الصّلاتين المَجْمُوعتين ولا بعدهما وهو منْ بَابِ التيسير والتّخْفيف والاسْتعداد للمَناسك بِنَشاط
  • الأذان والإقامة مِنْ شَعَائر الإسْلام الظَّاهرة وهُما واجبان على المُقيمِين والمُسَافرين لأنّه لا يتمُّ العِلْم بالوَقتِ إلا بِهما غالبًا
عن عبداللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ المَغْرِبِ والْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَجْدَةٌ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَ عبداللَّهِ يُصَلِّي بِجَمْعٍ كَذَلِكَ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ -تعالى-. الحديث رواه مسلم في الحج (2/937) باب: الإفاضة منْ عَرَفات إلى المُزْدلفة، واسْتحباب صلاتي المغرب والعشاء جميعاً بالمُزدلفة في هذه الليلة.
قوله: «جَمَعَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المغرب والعشاء بجمع» قال الحافظ: أي: المزدلفة، وسُميت «جَمعًا»؛ لأنّ آدم اجْتمع فيها مع حوّاء، وازدلف إليها، أي: دَنَا منها، وروى عن قتادة أنّها سُمّيت جمعاً؛ لأنّها يُجْمع فيها بين الصّلاتين، وقيل: وُصِفت بفِعل أهلها؛ لأنّهم يَجتمعون بها ويزْدلفون إلى الله، أي: يَتقرّبون إليه بالوقُوف فيها، وسُمّيت المُزدلفة، إمّا لاجتماع الناس بها، أو لاقترابهم إلى مِنى، أو لازْدلاف الناس منها جميعاً، أو للنُّزول بها في كلّ زلفة مِنَ الليل، أو لأنّها منزلة وقُربة إلى الله، أو لازْدلاف آدم إلى حَواء بها.
قوله: «لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَجْدَةٌ»
وفي لفظ: «ولمْ يُسبِّح بَينهما» أي: لمْ يَتنفّل، وفي لفظ: «ولا على إثْر كلّ واحدةٍ منْهما» أي: عَقِبها، ويستفاد منه أنّه ترك التنفل عقب المغرب وعَقِب العشاء، ولمّا لمْ يكن بين المَغرب والعشاء مُهلة، صرّح بأنّه لمْ يتنفّل بينهما، بخِلاف العشاء، فإنّه يَحْتمل أنْ يكونَ المُراد أنّه لمْ يتنفّل عَقِبها، لكنّه تنفَّل بعد ذلك في أثناءَ الليل. ورواه البخاري في: باب: مَنْ أذَّن وأقامَ لكلّ واحدةٍ منْهما. عن عبدالرحمن بن يزيد يقول: حجّ عبدالله - رضي الله عنه -، فأتينا المُزْدلفة حين الأذان بالعَتَمة، أو قريباً منْ ذلك، فأمرَ رجلًا فأذّنَ وأقام، ثمّ صلّى المَغرب وصلّى بعدها ركعتين، ثمّ دَعا بعَشائه، فتعشَّى، ثمّ أمَرَ رجلًا فأذّن وأقام، وقال البخاري أيضاً: باب: الجَمْع بين الصّلاتين بالمزدلفة. وذكر حديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: دَفَعَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - منْ عَرَفة، فنَزَل الشِّعب، فبالَ ثمّ تَوضّأ، ولمْ يُسْبغ الوُضُوء، فقلت له: الصّلاة؟ فقال: «الصّلاةُ أمَامَك»، فجَاءَ للمُزْدَلفة فتوضَّأ فأسبَغ، ثمّ أُقِيمت الصّلاة، فصَلّى المَغْرب، ثمّ أناخَ كلُّ إنْسانٍ بعيره في مَنْزله، ثمّ أُقِيمت الصّلاة، فصلّى ولمْ يُصلّ بينهما. ولمسلم: «فأقامَ المَغْرب، ثمّ أنَاخَ النّاس، ولمْ يَحُلُّوا حتّى أقامَ العِشاء، فصَلُّوا ثمّ حلُّوا»، قال الحافظ: وكأنّهم صَنَعوا ذلك رِفْقاً بالدّواب، أو للأمْنِ مِنْ تَشوُّشهم بها، وفيه إشعارٌ بأنّه خفَّف القراءة في الصّلاتين. وفيه: أنّه لا بأسَ بالعَمل اليَسِير بين الصّلاتين اللتين يُجْمعُ بيْنَهما، ولا يَقْطعُ ذلك الجَمع. انتهى. أي: لمّا غَربت الشّمس مِنْ يوم عَرَفة، انْصرفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منْها إلى «مزدلفة»، فصلَّى بها المَغْرب والعِشاء جَمع تأخير، بإقامةٍ لكلّ صلاة، ولمْ يُصَلِّ نافلة بينهما، تحقيقاً لمعنى الجَمع، ولا بعدهما، ليأخذ حظّه مِنَ الرّاحة، اسْتعداداً لما بعدها من مناسك.
حكم الإمام إن كان مكيا
وقال ابنُ رشد في (بداية المُجْتهد): «واخْتلَفُوا إذا كان الإمام مَكيًّا، هل يقصر بمِنَى الصلاة يوم التروية، وبعَرفة يوم عَرفة، وبالمُزدلفة ليلة النّحر إنْ كان مِنْ أحد هذه المواضع؟ فقال مالك والأوزاعي وجماعة: سُنّة هذه المواضع: التّقصير، سواءً كان مِنْ أهلها، أم لمْ يكنْ، وقال الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وداود: لا يَجُوز أنْ يَقصُر مَنْ كان مِنْ أهْل تلك المواضع. وحُجّة مالك: أنّه لمْ يرو أن أحداً أتَمّ الصلاة معه - صلى الله عليه وسلم -، أعْنِي بعد سلامه منها، وحُجّة الفريق الثاني: البقاء على الأصْل المَعْرُوف: أنّ القَصْر لا يجوز إلا للمُسَافر، حتّى يَدلّ الدليلُ على التخصيص انتهى. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ويَجْمع ويَقصُر ومزدلفة وعرفة مطلقًا، وهو مذهب مالك وغيره من السلف، وقول طائفة من أصحاب الشافعي، واختاره أبو الخطاب في عبادات ولا يشترط للقصر والجمع نيّة، واختاره أبو بكر عبدالعزيز بن جعفر وغيره» انتهى. وقوله: «وصَلّى المَغْربَ ثلاثَ رَكَعات، وصَلّى العِشَاء رَكْعتين» فيه دَليلٌ على أنّ المغرب لا يُقْصَر، بل يُصَلّى ثلاثاً أبَداً، وكذلك أجمع عليه المسلمون، وفيه: أنّ القَصرَ في العِشَاء وغيرها مِنَ الرُّباعيات أفْضل.
من فوائد الحديث
  • مَشْرُوعية جمع التأخير بين المغرب والعشاء في «مُزدلفة» في ليلتها.
  • أنْ يُقام لكلّ صلاةٍ مِنَ المغرب والعشاء، إقامة واحدة.
  • لمْ يَذكر في هذا الحديث، الأذان لهما، وقد صحّ من حديث جابر - رضي الله عنه - أنه: «- صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ بينهما بأذانٍ وإقامتين». ومَنْ حَفِظ حُجّة على مَنْ لم يحفظ.
  • أنّه لا يُشْرع التنفل بين الصّلاتين المَجْمُوعتين ولا بعدهما، وهو منْ بَابِ التيسير والتّخْفيف، والاسْتعداد للمَناسك بِنَشاط، لأنّ هذه المَناسك، ليس لها وقتٌ تُشْرع فيه إلا هذا، فيَنْبغي التّفرّغ لها، والاعْتِناء بها قبل فواتها.
  • وفيه: يُسْر الشّريعة وسُهولتها، رحمةً مِنَ الشّارع، الذي عَلِمَ قُدْرة النّاس وطاقتهم وما يُلائمهم.
  • والتخفيف والتيسير على الحاجّ مطلوب، فهم في مَشَقّةٍ مِنَ التّنقّل، والقيام بمناسكهم.
باب: صلاةُ المَغْرب والعِشَاء بالمُزْدَلفةِ بإقَامةٍ واحِدة
عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قال: أَفَضْنَا مَعَ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- حَتَّى أَتَيْنَا جَمْعًا، فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: هَكَذَا صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْمَكَانِ. الحديث رواه مسلم (2/938) في الباب السابق نفسه.
وفي حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-، في وَصْف حَجّة الرّسُول - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثُمّ أذَّنَ ثُمّ أقامَ، فَصَلّى الظُّهرَ، ثُمّ أقامَ فَصَلّى العَصْر، ولمْ يُصلّ بينهما شيئا، قال: حتّى أتَى المُزْدلفة فَصَلّى بها المَغْربَ والعِشَاء، بأذانٍ وَاحدٍ وإقَامَتين». رواه مسلم (1218). قال ابنُ قدامة في «المغني»: «فإنْ جَمَعَ بينَ صَلاتين في وقتِ أُولاهُما، اسْتُحبّ أنْ يُؤذّنَ للأولى ويُقيم، ثُمّ يُقيم للثّانية، وإنْ جَمَع بينهما في وقتِ الثانية، فهُما كالفائتتين، لا يتأكّدُ الأذانُ لهما؛ لأنّ الأُولى منْهما تُصلّى في غَيرِ وَقْتها، والثانية مسبوقة بصَلاةٍ قبلها، وإنْ جَمَع بينهما بإقامةٍ واحِدة، فلا بأس. انتهى - يجوزُ الفَصْل بين الصّلاتين المَجْمُوعتين، بإقامةٍ ووُضُوء خَفيف، عند الجُمْهور. - وأمّا حُكْمُ الأذان والإقامة: فهُما فَرضُ كفاية، فيكفي عن الجَمَاعة أنْ يُؤذّن ويقيم أحدُهم، ولا يُطلب ذلك مِنْ كلّ واحدٍ مِنَ الجَماعة، فإذا كانوا في بلدٍ قد أَذّنَ فيه المؤذنُون في المساجد، كفَاهم ذلك، وأقَامُوا لكلّ صَلاة.
الدَّليل على فَرَضِيتهما
قال الشيخُ مُحمّد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: «والدَّليل على فَرَضِيتهما- أي: الأذان والإقامة-: أَمْرُ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بِهما في أحاديث عِدَّة، ومُلازمته لهما في الحَضَر والسَّفر، ولأنّه لا يتمُّ العِلْم بالوَقتِ إلا بِهما غالبًا، ولتعيُّن المَصْلحة بهما، لأنَّهما مِنْ شَعَائر الإسْلام الظَّاهرة، وهُما واجبان على المُقيمِين والمُسَافرين، ودليله: أنَّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لمالك بن الحويرث وصحبِه: «إذا حَضَرت الصَّلاةُ، فليُؤذِّن لكُم أحدُكُم»، متفق عليه. وهُم وَاِفدُون على الرَّسول - صلى الله عليه وسلم -، مُسَافرون إلى أهْليهم، فقد أمَر الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُؤذِّن لهم أحدُهم، ولأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لمْ يَدَعِ الأذان ولا الإقامة، حَضَراً ولا سَفَراً، فكان يُؤذِّن في أسْفاره، ويأمُر بلالاً أن يُؤذِّنَ.
اعداد: الشيخ: د. محمد الحمود النجدي

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.20 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]