|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#91
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 15: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي (ت:68هـ) ابن عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأبو الخلفاء العباسيين. ولد في شعب بني هاشم، وهم محصورون فيه قبل الهجرة بثلاث سنين. هاجر مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة؛ فلقيه بالجحفة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قادم إلى مكة بجيش الفتح؛ على ما ذكره غير واحد من أهل السير. ثم لزم رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، وكان غلاماً ذكيّا فطناً حافظاً؛ حريصاً على العلم والتفقّه في الدين؛ وكان من حرصه على العلم أن سأل خالته ميمونة بنت الحارث أمّ المؤمنين أن يبيت عندها ليلة من الليالي التي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها ليرى عمله في الليل؛ فأذنت له، والقصّة مروّية في صحيح مسلم. وهذا يدلّ على أنّه كان يتتبّع هدي النبي صلى الله عليه وسلم جُهده. وحفظ المفصَّل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة والفقه في الدين والعلم بالتأويل. - قال هُشيم: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، «جمعت المحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقلت له: وما المحكم؟ قال: «المفصل» رواه البخاري. - قال هاشم بن القاسم: حدثنا ورقاء، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء، فوضعتُ له وضوءا قال: «من وضع هذا؟» فأخبر فقال: «اللهم فقهه في الدين» - وعن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كنت في بيت ميمونة بنت الحارث؛ فوضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طهورا فقال: "من وضع هذا"؟ قالت ميمونة: عبد الله. فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل). رواه أحمد وابن حبان. - عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «اللهم علمه الكتاب» رواه البخاري، وفي رواية في الصحيح أيضاً: «اللهم علمه الحكمة» - عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، قال: سُئل ابن عباس: مثل من أنت حين قبض النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «أنا يومئذ مختون» قال: وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك). رواه البخاري. يدرك: يبلغ سنّ الاحتلام. وفي رواية أنه كان ابن عشر سنين، وقد أعلّها أبو حاتم، والأقرب ما تقدّم. ومن دلائل حرصه على طلب العلم أنّه لمّا رأى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد توفّي اجتهد في طلب العلم عند كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. - قال يعلى بن حكيم، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت لرجل من الأنصار: يا فلان هلم فلنسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير». فقال: واعجبا لك يا ابن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك، وفي الناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من ترى؟!! فتركَ ذلك، وأقبلتُ على المسألة، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل؛ فأتوسد ردائي على بابه؛ فتسفي الريح على وجهي التراب، فيخرج، فيراني، فيقول: يا ابن عم رسول الله ما جاء بك؟ ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك. فأسأله عن الحديث. قال: فبقي الرجل حتى رآني، وقد اجتمع الناس علي؛ فقال: «كان هذا الفتى أعقل مني» رواه الدارمي. - وقال سليمان الأحول، عن طاووس بن كيسان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم». رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه، وابن عساكر في تاريخ دمشق. - قال جرير بن عبد الحميد الضبي، عن المغيرة بن مقسم الضبي، قال: قيل لابن عباس كيف أصبت هذا العلم؟ قال: «بلسان سؤول، وقلب عقول». رواه عبد الله بن الإمام أحمد في فضائل الصحابة لأبيه، والبيهقي في المدخل، وفيه انقطاع، ورواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح من طريق الأصمعي، عن عبد الحميد بن الحسن الهلالي، عن مغيرة، عن الشعبي، عن ابن عباس. - وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري قال: قال المهاجرون لعمر ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: «ذاك فتى الكهول! إنَّ له لساناً سؤولاً، وقلباً عقولاً». رواه عبد الرزاق في مصنفه، وأحمد في فضائل الصحابة، وابن أبي شيبة في مصنفه، وغيرهم. وكان الصحابة يعرفون له حرصه على طلب العلم وفطنته وذكاءه؛ وكان حسن الخلق متواضعاً لا يؤذي أحداً، ولا يعسّر على أحد، يأتي العالم في محلّه، ويجلّه ويبجّله، ويتفطّن لما يعنيه في طلب العلم؛ فكان علماء الصحابة يحبّونه ويقرّبونه؛ حتى حصّل علماً كثيراً مباركاً. - عن أبي بشر اليشكري عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: (كان عمر يأذن لي مع أهل بدر). - وروى يحيى بن اليمان عن عبد الملك بن سليمان عن سعيد بن جبير قال: قال عمر لابن عباس: (لقد علمت علما ما علمناه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام وقال: سنده صحيح. - قال الشعبي: قال ابن عباس: قال لي أبي: يا بني، إن عمر يدنيك، فاحفظ عني ثلاثا: (لا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا يجربن عليك كذبا). - عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت أبي يقول: (ما رأيت أحدا أحضر فهما ولا ألبَّ لبا، ولا أكثر علما، ولا أوسع حلما من ابن عباس! ولقد رأيت عمر بن الخطاب يدعوه للمعضلات ثم يقول: عندك قد جاءتك معضلة. ثم لا نجاوز قوله وإن حوله لأهل بدر من المهاجرين والأنصار). رواه ابن سعد في الطبقات عن شيخه الواقدي، والواقدي متكلّم فيه. - عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق قال: قال عبد الله، «نعم ترجمان القرآن ابن عباس، لو أدرك أسناننا ما عشره منا رجل» رواه أحمد فضائل الصحابة. قال إبراهيم الحربي: (يقول: (لو أدرك أسناننا): لو كان في السن مثلنا ما بلغ أحدٌ منا عُشْرَه في العلم). قال ابن كثير: (وقد مات ابن مسعود رضي الله عنه في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، وعمر بعده ابن عباس ستا وثلاثين سنة؛ فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود رضي الله عنه؟!!). - قال أبو نعيم: حدثنا صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، قال: صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة، وكان يصلي [الفريضة] ركعتين؛ فإذا نزل قام شطر الليل، ويرتّل القرآن يقرأ حرفا حرفا، ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب). رواه أحمد في فضائل الصحابة وابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في شعب الإيمان. - وقال حماد بن زيد: حدثنا أيوب، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس قال: (ما رأيت أحدا أشدَّ تعظيما لمحارم الله من ابن عباس. ولو أشاء أن أبكي إذا ذكرته لبكيت). رواه ابن سعد. وكانت له كتب وصحف بقيت بعد وفاته عند مولاه كريب. - قال موسى بن عقبة: وضع عندنا كُريب حمل بعير، أو عدل بعير - من كتب ابن عباس؛ فكان علي بن عبد الله بن العباس إذا أراد الكتاب كتب إليه: (ابعث إليَّ بصحيفة كذا وكذا؛ فينسخها ويبعث إليه بإحداهما). رواه ابن أبي خيثمة. كُف بصره في آخر عمره، وسكن الطائف، وبها توفّي سنة 68 هـ ، وقد جاوز السبعين. روي من طرق متعددة أنه لما مات ابن عباس جاء طائر أبيض، فدخل في أكفانه. مما روي عنه في التفسير: أ: عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس} قال: «هي رؤيا عين، أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس»، قال: {والشجرة الملعونة في القرآن} قال: «هي شجرة الزقوم» رواه البخاري. ب: منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، {فيما عرضتم به من خطبة النساء} يقول: «إني أريد التزويج، ولوددت أنه تيسر لي امرأة صالحة» رواه البخاري. ج: عن عمرو بن دينار، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كانت في بني إسرائيل قصاص ولم تكن فيهم الدية، فقال الله لهذه الأمة: {كتب عليكم القصاص في القتلى} - إلى هذه الآية - {فمن عفي له من أخيه شيء} قال ابن عباس: «فالعفو أن يقبل الدية في العمد» قال: {فاتباع بالمعروف} :«أن يطلب بمعروف ويؤدي بإحسان» رواه البخاري. روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن الخلفاء الراشدين وعن عائشة وميمونة وأبيّ بن كعب وابن مسعود وزيد بن ثابت، وأبي طلحة، وأبي ذر، وأسامة بن زيد، وأبي هريرة، وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وروى عنه في التفسير خلق كثير؛ منهم: مجاهد بن جبر، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس بن كيسان، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأربدة التميمي، ومقسم بن بَجَرة، ويوسف بن مهران، وعطاء بن يسار، وأبو الجوزاء، وزر بن حبيش، ومحمد بن كعب القرظي، والحكم بن عتيبة، وأبو عثمان النهدي، وأبو العالية الرياحي، وأبو صالح مولى أم هانئ، وعمرو بن دينار، وأبو الضحى. وأرسل عنه: الزهري، والضحاك بن مزاحم، وعلي بن أبي طلحة، والحسن البصري، وابن سيرين، وقتادة، وأيوب السختياني، ومكحول، وعطاء الخراساني، وابن جريج، ومحمد بن السائب الكلبي، وأبو نصر الأسدي، والحسن بن عبد الله العرني. ![]()
__________________
|
#92
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي(ت:73هـ) ) رضي الله عنه 16: عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي القرشي (ت:73هـ) هو أوّل مولود ولد للمسلمين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فرح المسلمون بودلاته، وحنّكه النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة، وسمّاه عبد الله، وأمّه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وكان أبوه الزبير يشبّهه بأبي بكر. كان من أهل العلم والجهاد، اختاره عثمان في كَتَبة المصاحف العثمانية، وشغل بالجهاد في مواطن كثيرة حتى غزا أفريقية وغيرها، ثم عاد إلى المدينة، وكان مع عثمان يوم الدار، واستخلفه على الصلاة بأهل الدار لما حُصر، وقاتلَ ذلك اليوم دفاعاً عن عثمان وجرح بضعة عشر رجلاً، وشهد وقعة الجمل مع أبيه، ثمّ عاد إلى المدينة، ولم يزل مقيماً بها حتى توفي معاوية بن أبي سفيان سنة 60هـ، ثم دُعي إلى بيعة يزيد بن معاوية فخرج إلى مكة، وأقام بها مدة حتى جرت بينه وبين يزيد بن معاوية فتنة انتهت بأن دعا إلى نفسه بعد موت يزيد سنة 64هـ؛ فبويع بالخلافة وغلب على الحجاز واليمن والعراق ومصر، وبقي في مكة معلماً ومقرئاً وحاكماً إلى أن قتله الحجاج سنة 73هـ في أيام عبد الملك بن مروان، وذلك نحو تسع سنين. وكان قارئاً عابداً فقيهاً عالماً بالقرآن والسنن، حَسَن الصلاة والقراءة، وقد شُغل بالجهاد في الفتوح ثم حروب الفتن عن كثير من العلم، وكان على ذلك يُعلّم ويُفتي ويقرئ، وقد رويت عنه حروف في القراءة، وله أقوال في التفسير مروية في كتب التفسير المسندة. ولما استقرّ له الأمر في مكة كان إمامَهم وخطيبَهم، وأقرّ عبدَ الله بن السائب على إمامة الناس في قيام رمضان. - قال محمد بن المرتفع العبدري: سمعت ابن الزبير يقول: (يا معشر الحاج سلوني؛ فعلينا كان التنزيل، ونحن حضرنا التأويل). رواه ابن سعد. - وقال أحمد بن يونس: حدثنا الزنجي بن خالد، عن عمرو بن دينار، قال: (ما رأيت مصلّيا أحسن صلاة من ابن الزّبير). رواه ابن أبي خيثمة. - وقال سلمة بن شبيب: سمعت عبد الرزاق يقول: (أخذ أهل مكةَ الصلاةَ عن ابن جريج، وأخذها ابن جريج عن عطاء، وأخذها عطاء عن ابن الزبير، وأخذها ابن الزبير من أبي بكر الصديق، وأخذ أبو بكر الصديق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذها النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عليه السلام). قال عبد الرزاق: (وما رأيت أحدا أحسن صلاةً من ابن جريج، كان يصلي ونحن خارجين فنرى كأنه اسطوانة وما التفت يمينا ولا شمالا). رواه ابن عساكر. - قال ابن وهب: أخبرني مالك قال: كان عبد الله بن الزبير يؤم الناس بمكة، فكان يقرأ قراءة؛ فعاب عليه بعض الناس قراءته، وقالوا له: إن الناس يقرأون غير هذه القراءة؛ فقال: (وددت أني أقرأ قراءتكم، ولكن جرى لساني على هذه القراءة). روى ابن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه الزبير، والخلفاء الراشدين، وخالته عائشة وغيرهم. ممن روى عنه حروفاً في القراءات: مجاهد، وعمرو بن دينار، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وعبيد الله بن أبي يزيد. وروى عنه في التفسير: أخوه عروة بن الزبير، وأبناؤه عامر وعباد، وأبناء عروة هشام ومحمد، وابن أبي مليكة، ومحمد بن المرتفع العبدري، وعمرو بن دينار، وعطاء بن أبي رباح، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، ووهب بن كيسان، ومصعب بن شيبة، وإسحاق بن سويد، وأبو الزبير المكي، ومعقل بن داوود، وسليط بن عبد الله بن يسار، وابن شهاب الزهري، وغيرهم. وابن إسحاق له نسخة في التفسير يرويها عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدّه. وأرسل عنه: ابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير، وسفيان الثوري، ومالك بن أنس. ![]()
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 03-12-2024 الساعة 05:36 AM. |
#93
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل 17: أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري (ت:74هـ) سيرة أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري (ت:74هـ) رضي الله عنه من أسنان عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وسمرة بن جندب. روى عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه أنه قال: عُرضت يوم أحد علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاث عشرة؛ فجعل أبي يأخذ بيدي فيقول: يا رسول الله إنه عَبْل العظام، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصعّد فيَّ النظر ويصوبّه، ثم قال: (( ردَّه )) فردَّني. واستشهد أبوه يوم أحد. شهد الخندق وما بعدها من الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. - عن حنظلة بن أبي سفيان، عن أشياخه، قالوا: «لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفقه من أبي سعيد الخدري» رواه ابن سعد. - عن قتادة، عن هلال بن حصن، عن أبي سعيد الخدري، قال: أعوزنا مرة فقيل لي: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته! فانطلقت إليه مُعْنِقا، فكان أول ما واجهني به:"من استعفَّ أعفَّه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن سألنا لم ندخر عنه شيئا نجده". قال: فرجعت إلى نفسي، فقلت: ألا أستعف فيعفني الله! فرجعت، فما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد ذلك من أمر حاجة، حتى مالت علينا الدنيا فغرقتنا، إلا من عصم الله). رواه ابن جرير، وأصله في الصحيحين من غير قصّة الحديث، وأنه وافق النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بهذا الحديث على المنبر. من مروياته في التفسير: أ: الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وهم في غفلة} قال: " في الدنيا) رواه الإمام أحمد. ب: عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، عن أبي سعيد الخدري، أنه نازع الأنصار في الماء من الماء، فقال لهم: " أرأيتم لو أني علمت أن ما تقولون كما تقولون، وأغتسل أنا، فقالوا له: لا والله حتى لا يكون في صدرك حرج مما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} ). رواه ابن المنذر. ج: عن أبي حازم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: {فإن له معيشة ضنكا} قال: «يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه» رواه عبد الرزاق. روى عنه في التفسير: ابن عباس، وابنه عبد الرحمن بن أبي سعيد، وأبو نضرة المنذر بن مالك العبدي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو صالح السمان، وعطاء بن يسار، وأبو المتوكل الناجي علي بن داوود، وعطية بن سعيد العوفي، وأبو الهيثم المصري سليمان بن عمرو الليثي، وعبد الرحمن بن أبي نعم البجلي، وزيد بن أسلم العدوي، وعبيد بن حنين، وهلال بن حصن. وروى عنه من الضعفاء: أبو هارون عمارة بن جوين العبدي. وأرسل عنه: وأبو البختري الطائي، ومسلم بن يسار، والقاسم بن مخيمرة، والحسن البصري، وقتادة، وأبو حازم سلمة بن دينار، وأبو النضر سالم بن أبي أمية. ![]()
__________________
|
#94
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي (ت:74هـ) رضي الله عنهما 18 سيرة أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي (ت:74هـ) اسمه ونسبه: هو عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، القرشيّ المضري. يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤيّ. وهو شقيق أمّ المؤمنين حفصة بنت عمر، أمّهما زينب بنت مظعون بن حبيب الجُمَحِية القرشية، وكانت من المهاجرات. مولده ونشأته وإسلامه: ولد بمكّة قبل الهجرة بعشر سنين، وأسلم بمكة وهو غلام صغير، وشهد إسلام أبيه عمر بن الخطاب، ثمّ هاجر معه إلى المدينة. - قال سفيان بن عيينة: قال عمرو بن دينار: قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره، وقالوا: صبا عمر، وأنا غلام فوق ظهر بيتي، فجاء رجل عليه قباء من ديباج، فقال: قد صبا عمر فما ذاك، فأنا له جار. قال: (فرأيت الناس تصدعوا عنه؛ فقلت: من هذا؟ قالوا: العاص بن وائل). رواه البخاري. - وقال عبد الله بن وهب: حدثني عمر بن محمد قال: أخبرني جدي زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: بينما هو في الدار خائفاً، إذ جاءه العاص بن وائل السهمي أبو عمرو، عليه حلَّة حَبِرة وقميص مكفوف بحرير، وهو من بني سهم، وهم حلفاؤنا في الجاهلية. فقال له: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلوني إن أسلمت. قال: لا سبيل إليك. بعد أن قالها أمنتُ؛ فخرج العاص فلقيَ الناسَ قد سال بهم الوادي؛ فقال: أين تريدون؟ فقالوا: نريد هذا ابن الخطاب الذي صبا، قال: لا سبيل إليه؛ فكرَّ الناس). رواه البخاري. مناقبه وفضائله: لابن عمر رضي الله عنهما مناقب كثيرة؛ منها هجرته مع أبيه، وشهوده الخندق وما بعدها من المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وشهوده بيعة الرضوان، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم عنه أنه رجل صالح. - قال عبد الرزاق، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصَّها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وكنت غلاما شاباً عزباً، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار. قال: فلقيهما مَلَك؛ فقال لي: لم تُرَع. فقصصتها على حفصة، فقصّتها حفصة، على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل». قال سالم: (فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا). متفق عليه. وفي رواية في صحيح البخاري من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن أخته حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لها: «إنَّ عبد الله رجلٌ صالح». - وقال عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم، حدثوني ما هي؟» فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة. قال عبد الله: فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله، أخبرنا بها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي النخلة» قال عبد الله: فحدثت أبي بما وقع في نفسي، فقال: «لأن تكون قلتَها أحبّ إليّ من أن يكون لي كذا وكذا» رواه البخاري ومسلم. بعض أخباره زمن النبي صلى الله عليه وسلم: كان ابن عمر وهو شابّ أعزب ينام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ليكون أقرب إليه، وكان المسجد مجمع عامّة المسلمين وكبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأصاب علماً كثيراً على حداثة سنّه؛ نشأ في عبادة الله مع أكرم صحبة، وفي أحسن منبت بعد بيت النبوة، وكان حريصاً على ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم واتّباع هديه؛ فكان يحضر مجالس النبي صلى الله عليه وسلم، ويصحبه في بعض شؤونه، ويخدمه. - قال عبيد الله بن عمر العمري: حدثني نافع، قال: أخبرني عبد الله بن عمر «أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهل له في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم» رواه البخاري. جهاده ومشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم: عُرض على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر فردّه لصغر سنّه؛ ثمّ عرض عليه في أحد فردّه؛ ثم عرض عليه في غزوة الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه؛ ثمّ لم يُعلم أنّه تخلّف عن غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فشهد بعد الخندق غزوةَ بني المصطلق، وبيعة الرضوان، وغزوة خيبر، وفتح مكة، وغزوة حنين، وحصار الطائف، وغزوة تبوك، وغيرها. وغزا في سرايا بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم منها غزوة مؤتة، وغزوة إلى نجد، وغيرهما. ولما دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في يوم الفتح ومعه بلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة، وأغلق الباب ثم صلى في جوف الكعبة، ثم خرج؛ وابتدر الناس إلى الكعبة كان أوّل من دخل بعدهم عبد الله بن عمر؛ فوجد بلالاً وراء الباب قائماً؛ فسأله: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأشار له إلى المكان الذي صلى فيه، والخبر في صحيح البخاري. وحجّ مع النبي صلى الله عليه وسلم حجّة الوداع، واعتمر مع النبي صلى الله عليه وسلم عُمَرَه كلَّها. قالت عائشة رضي الله عنها: (ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم عمرة إلا وهو شاهده) رواه البخاري ومسلم. فكان من أعلم الصحابة بمناسك الحجّ والعمرة؛ لشدّة حرصه على معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم واتّباعه. ثم جاهد في زمان الخلفاء الراشدين وبعده، فقاتل المرتدّين في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وشهد يوم اليمامة. ثم شهد القادسية، واليرموك، وفتح بيت المقدس، وفتح مصر، وبارز في عهد عمر دهقاناً من دهاقنة الفرس فقتله. ثم غزا في بلاد فارس مراراً، حتى بلغ أذربيجان. وقد روي في كلّ ما تقدّم أحاديث وآثار يطول المقام بتقصّيها. - قال عبيد الله العمري: أخبرني نافع عن ابن عمر قال: (عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يُجِزْني، وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني). رواه البخاري ومسلم. - وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، أن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «أول يوم شهدته يوم الخندق»رواه البخاري. - وقال مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال حين خرج إلى مكة معتمرا في الفتنة: «إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهل بعمرة من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أهل بعمرة عام الحديبية» رواه البخاري ومسلم. - وقال عبد الله بن عون: كتبت إلى نافع؛ فكتب إلي: «إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارّون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرية» حدثني به عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش). رواه البخاري ومسلم. - وقال عبد الله بن سعيد [بن أبي هند]، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيدَ بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة». قال عبد الله: (كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين، من طعنة ورمية). رواه البخاري. - وقال جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: (أصبنا يوم اليرموك طعاماً وعلفاً فلم يُقسم). رواه ابن عساكر. - وقال أبو سعيد بن يونس: (شهد الفتح بمصر واختط بمصر، وروى عنه أكثر من أربعين رجلاً من أهل مصر). - وقال الخطيب البغدادي: (خرج إلى العراق فشهد يوم القادسية ويوم جلولاء وما بينهما من وقائع الفرس وورد المدائن). - وقال عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر (أنه أقام بأذربيجان ستة أشهر حبسه بها الثلج؛ فكان يقصر الصلاة). رواه عبد الرزاق وابن سعد. - وقال أبو إسحاق الفزاري، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: (أريح علينا الثلج ونحن بأذربيجان ستة أشهر في غزاة). قال ابن عمر: (وكنا نصلي ركعتين). رواه البيهقي في السنن الكبرى. وغزوة أذربيجان اجتمع عليها جند العراق وجند الشام، وكانت في آخر خلافة عمر وأوّل خلافة عثمان. أخباره في خلافة عثمان بن عفان: كان ابن عمر مع صلاحه وورعه عاقلاً رشيداً حسن الرأي، أوصى عمر أن يشهد مشورة الستة الذين أوصى أن يختاروا من بينهم رجلاً للخلافة من بعده؛ فاجتمع رأيهم على عثمان. واجتهد عثمان في توليته القضاء فأبى أشدّ الإباء، حتى قال لعثمان: أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ؟)) فقال عثمان: (بلى). فقال: (فإني أعوذ بالله أن تستعملني فأعفاه). والقصة في مسند الإمام أحمد ومعجم الطبراني. وبقي مشتغلاً في زمن عثمان بالجهاد في سبيل الله والعبادة. - ولمّا حوصر عثمان تقلّد سيفه ليقاتل دونه؛ ولكن عثمان عزم على الصحابة أن لا يراق بسببه دم. علمه وفقهه: كان ابن عمر من علماء الصحابة ومن أهل الفتوى فيهم، وقد حدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أكابر أصحابه فأكثر وأطاب، حتى عُدَّ من القلّة المكثرين من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وأفتى ونصح وجاهد، واجتهد في فعل الخيرات، والتعبد بأنواع العبادات، وعمّر حتى انتفع خلق كثير بعلمه وهديه. - قال زيد بن أبي أنيسة، عن القاسم بن عوف الشيباني، قال: سمعت ابن عمر، يقول: «لقد عشنا برهة من دهرنا وإنَّ أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلَّم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده فيها كما تعلَّمون أنتم القرآن، ثم لقد رأيت رجالاً يُؤتَى أحدهم القرآن فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، ينثره نثر الدقل». رواه الطحاوي والحاكم والبيهقي. - وقال أبو المليح، عن ميمون بن مهران (أن ابن عمر تعلم سورة البقرة في أربع سنين). رواه ابن سعد. - وقال عبد الله بن وهب عن الإمام مالك بن أنس قال: (أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة يفتي الناس في الموسم وغير ذلك). وقال: (وكان ابن عمر من أئمة الدين). رواه الخطيب البغدادي. توقّيه في الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان ابن عمر على سعة علمه وكثرة حديثه واجتهاده في اتّباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على التثبت في الفتيا وأداء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سمعه بلفظه، ولا يجد غضاضة إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم. - قال مصعب بن سلام: حدثنا محمد بن سوقة: سمعت أبا جعفر [محمد بن علي] يقول: كان عبد الله بن عمر إذا سمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم شيئاً أو شهد معه مشهداً، لم يقصر دونه أو يعدوه، قال: فبينما هو جالس وعبيد بن عمير يقص على أهل مكة، إذ قال عبيد بن عمير: مثل المنافق كمثل الشاة بين الغنمين، إن أقبلت إلى هذه الغنم نطحتها، وإن أقبلت إلى هذه نطحتها، فقال عبد الله بن عمر: ليس هكذا، فغضب عبيد بن عمير، وفي المجلس عبد الله بن صفوان، فقال: يا أبا عبد الرحمن، كيف قال رحمك الله؟ فقال: قال: ((مثل المنافق مثل الشاة بين الربيضين، إن أقبلت إلى ذا الربيض نطحتها، وإن أقبلت إلى ذا الربيض نطحتها)). فقال له: رحمك الله هما واحد. قال: كذا سمعت، كذا سمعت). رواه أحمد. - وقال سفيان بن عيينة: حدثنا محمد بن سوقة، عن محمد بن علي أنه سمعه، يقول: (كان ابن عمر إذا سمع شيئاً لم يزد فيه، ولم ينقص منه، ولم يجاوزه إلى غيره، ولم يقصر عنه). رواه الحميدي. - وقال زهير بن معاوية: سمعت محمد بن سوقة يذكر عن أبي جعفر محمد بن علي قال: (لم يكن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أحذر إذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ألا يزيد فيه، ولا ينقص منه، ولا، ولا، من عبد الله بن عمر). رواه ابن سعد. - وقال يزيد بن هارون: أخبرنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، قال: (جالست ابن عمر سنة؛ فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً). رواه ابن سعد. - وقال سفيان بن عيينة: قال لي ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجمّار، فقال: «إن من الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم» فأردت أن أقول: هي النخلة، فإذا أنا أصغر القوم فسكتّ. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «هي النخلة» رواه البخاري ومسلم. - وقال عمران بن حدير، عن أبي مجلز، عن ابن عمر، قال: (أيها الناس إليكم عني؛ فإنّي قد كنتُ مع من هو أعلم مني، ولو علمتُ أني أبقى فيكم حتى تفضوا إليَّ لتعلَّمتُ لكم). رواه ابن سعد. - وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أخبرني نافع أن رجلا سأل ابن عمر عن مسألة فطأطأ ابن عمر رأسه ولم يجبه حتى ظنَّ الناس أنه لم يسمع مسألته. قال: فقال له: يرحمك الله أما سمعت مسألتي؟ قال: (بلى ولكنكم كأنكم ترون أن الله ليس بسائلنا عما تسألوننا عنه!! اتركنا يرحمك الله حتى نتفهَّم في مسألتك؛ فإن كان لها جواب عندنا، وإلا أعلمناك أنه لا علم لنا به). رواه ابن سعد. - وقال هشام بن عروة عن أبيه قال: سئل ابن عمر عن شيء فقال: (لا علم لي به) فلما أدبر الرجل قال لنفسه: (سُئل ابن عمر عما لا علم له به؛ فقال لا علم لي به). رواه ابن سعد، وروى نحوه ابن عساكر من طريق الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر. - وقال أحمد بن محمد الأزرقي: حدثنا عمرو بن يحيى عن جده قال: سئل ابن عمر عن شيء فقال: لا أدري؛ فلما ولى الرجل أفتى نفسه؛ فقال: (أحسن ابن عمر، سئل عما لا يعلم فقال لا أعلم). رواه ابن سعد. مذهبه في كتابة العلم: كان ابن عمر رحمه الله لا يُحبّ أن يُكتب عنه شيء، ولا أن ينقل قوله، ويغضب من ذلك، وروي أنه كانت له صحفاً ينظر فيها لخاصة نفسه. - قال عفّان: حدّثنا شعبة عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: كنت أسأل ابن عمر في صحيفة، ولو علم بها كانت الفيصل بيني وبينه، قال: فسألته عن الإيلاء؛ فقال: (أتريد أن تقول: قال ابن عمر، وقال ابن عمر؟!). قال: قلت: نعم، ونرضى بقولك ونقنع. قال: (يقول في ذلك الأمراء). رواه ابن سعد. - وقال أبو حمزة السكري، عن إبراهيم الصائغ، عن نافع (أن ابن عمر كان لا يخرج من بيته غدوة حتى ينظر في كتبه). رواه البخاري في التاريخ الكبير، والبيهقي في المدخل إلى السنن، وهذا إسناد جيد. حرصه على اتّباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم: مما اشتهر عن ابن عمر وعرف به حبّه الشديد للنبي صلى الله عليه وسلم، وحرصه على اتباع هديه، في كبير أموره وصغيرها، حتى كان في سفره للحجّ والعمرة يحرص على تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم، والصلاة في المواضع التي صلى فيها، ويتوخّى ذلك أشدّ التوخّي. - قال سفيان بن عيينة، عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: (ما سمعت ابن عمر يذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بكى). رواه الفسوي في المعرفة، والدارمي في سننه. - وقال إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس المدني قال: حدثني أبي، عن عاصم بن محمد، عن أبيه قال: (ما سمعت ابن عمر ذاكرا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ابتدرت عيناه تبكيان). رواه ابن سعد. - وقال وكيع بن الجراح، عن أبي مودود، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان في طريق مكة يقول برأس راحلته يثنيها ويقول: « لعلَّ خفاً يقع على خف» يعني خف راحلة النبي صلى الله عليه وسلم، رواه ابن أبي شيبة. أبو مودود المدني اسمه عبد العزيز بن أبي سليمان وثّقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين. وقال عبد العزيز بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت، ماشيا وراكبا». قال عبد الله بن دينار: وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «يفعله» رواه البخاري. - وقال أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء». قال نافع: (فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات). رواه أبو داوود وابن سعد والطبراني في الأوسط. عبادته وهديه: نشأ ابن عمر في عبادة الله تعالى، وحفظ وصايا النبي صلى الله عليه وسلم له، وما بلغه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزل يتعبّد ويتهجّد، ويجاهد ويتصدّق، ويفتي من يستفتيه، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويفعل الخيرات، ويجتهد في ذلك اجتهاداً بالغاً، حتى كان من أكثر الصحابة صلاة وصياماً وتلاوة للقرآن، وأشدّهم لزوماً لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأكابر أصحابه، حتى كان يغدو كلَّ سبتٍ إلى قباء ماشياً فيصلي فيه اتّساء بالنبي صلى الله عليه وسلم. وكان لا يداهن في دينه، ولا يهاب أحداً في كلمة الحق، إلا أن يدفع فساداً أعظم. - قال سليمان الأعمش: حدثني مجاهد، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: «كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل» وكان ابن عمر، يقول: (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك). رواه البخاري - وقال سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، أن ابن عمر، قال: «ما وضعت لبنة ولا غرست نخلة منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه ابن أبي شيبة. - وقال نافع مولى ابن عمر: سمعت ابن عمر يقول: أتى رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال: يا رسول الله حدِّثني بحديث واجعله موجزًا؛ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((صلِّ صلاةَ مودِّع؛ فإنَّك إن كنت لا تراه فإنه يراك، وأيّس مما في أيدي الناس تكن غنيًّا، وإياك وما يُعتذر منه)). رواه الطبراني والبيهقي في الزهد والخطيب البغدادي والضياء المقدسي وحسَّنه الألباني. - إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: (لقد رأيتنا ونحن متوافرون، وما فينا شاب هو أملك لنفسه من عبد الله بن عمر). رواه ابن سعد. - قال عمر بن حمزة: أخبرني الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب ، قال : قالت عائشة : (ما أعلم رجلا سلَّمه الله من أمور الناس، واستقام على طريقة مَن كان قبله استقامةَ عبد الله بن عمر). رواه ابن أبي شيبة. - وقال عبد الله بن عمر العمري، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «ما رأيت ألزمَ للأمر الأول من عبد الله بن عمر» رواه الحاكم في المستدرك. - وقال شعبة: حدثنا حصين بن عبد الرحمن، عن سالم بن أبي الجعد قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: (ما منّا من أحدٍ أدرك الدنيا إلا قد مالت به إلا عبد الله بن عمر). رواه ابن عساكر. - وقال إسماعيل ابن إبراهيم: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أدركتِ الفتنةُ أحداً منا إلا لو شئتُ أن أقولَ فيه لقلت فيه إلا عبد الله بن عمر» رواه ابن أبي شيبة بهذا اللفظ، ورواه سعيد منصور، ولم يذكر "من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" - وقال إسماعيل ابن إبراهيم: حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين قال: نُبئت أن ابن عمر كان يقول: (إني لقيت أصحابي على أمرٍ؛ فإن خالفتهم خشيت أن لا ألحق بهم). رواه سعيد بن منصور، وابن سعد. - وقال إسماعيل ابن إبراهيم: حدثنا أيوب، عن محمد بن سيرين قال: قال رجل: (اللهم أبقِ عبد الله بن عمر ما أبقيتني، أقتدي به، فإني لا أعلم أحدا على الأمر الأول غيره). رواه سعيد بن منصور وابن سعد. - وقال سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن طاووس قال: (ما رأيت رجلاً أورعَ من ابن عمر، ولا رأيت رجلاً أعلمَ من ابنِ عباس رضي الله عنهما). رواه أحمد بن منيع كما في المطالب العالية، وأبو يوسف الفسوي في المعرفة والتاريخ، والبيهقي في المدخل إلى السنن. - وقال حماد بن سلمة: أخبرنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يجلس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يرتفع الضحى ولا يصلي، ثم ينطلق إلى السوق فيقضي حوائجه، ثم يجيء إلى أهله فيبدأ بالمسجد فيصلي ركعتين، ثم يدخل بيته. رواه ابن سعد. - وقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: حدثني سليمان بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر: «أنه كان يحيي الليل صلاة» ، ثم يقول: «يا نافع أسحرنا؟» فيقول: لا، «فيعاود الصلاة» ثم يقول: «يا نافع أسحرنا؟» فأقول: نعم «فيقعد فيستغفر ويدعو حتى يصبح» رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم في تفاسيرهم. - وقال أبو أسامة، عن ابن عون، عن نافع: أن ابن عمر، كان إذا قرأ القرآن كره أن يتكلم أو لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد، أو لم يتكلم حتى يفرغ إلا يوماً كنت قد أخذت عليه المصحف وهو يقرأ فأتى على الآية فقال: «أتدري فيما أنزلت» رواه ابن أبي شيبة. - وقال وكيع بن الجراح: حدثنا هشام بن سعد، عن نافع، قال: كان ابن عمر «يعمل في خاصة نفسه بالشيء لا يعمل به في الناس» رواه ابن أبي شيبة. - وقال حبيب بن الشهيد: قيل لنافع: ما كان يصنع ابن عمر في منزله؟ قال: (لا تطيقونه! الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما). رواه ابن سعد. - وقال يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين قال: «كان ابن عمر كلما استيقظ من الليل صلى» رواه ابن أبي شيبة. - وقال زائدة عن منصور بن المعتمر قال: قال عبد الله بن عمر: « لو بات رجلٌ ينفق ديناراً ديناراً، ودرهماً درهماً، ويحمل على الجياد في سبيل الله، وبات رجل يتلو كتاب الله حتى يصبح متقبلا منه، وبتّ أتلو كتاب الله حتى أصبح متقبلاً مني، لم أحبّ أنَّ لي عمله بعملي » رواه ابن أبي شيبة. - وقال محارب بن دثارٍ رحمه الله قال: دخلت على ابن عمر رضي الله عنه بيته وهو يصلي، فإذا هو يبكي في صلاته، فلما انصرف أقبل عليَّ وعلم أني قد رأيته وهو يبكي، فقال: (إن هذه الشمس لتبكي من خشية الله، ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا). - وقال عبد الله بن عمر أيضا: ((لأن أدمع دمعة من خشية الله أحب إلي من أن أتصدق بألف دينار)) ذكرهما محمد بن نصر المروزي في قيام الليل. - وقال البراء بن سليم، عن نافع، عن ابن عمر قال: ما تلا هذه الآية قط إلا بكى {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}). رواه ابن أبي شيبة. - وقال الحافظ أبو أسامة الكوفي، عن عثمان بن واقد، عن نافع قال: (وكان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله}بكى حتى يغلبه البكاء). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأبو نعيم في الحلية، وابن عساكر في تاريخ دمشق. يتبع ![]()
__________________
|
#95
|
||||
|
||||
![]() - وقال شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن ابن عمر قال: (خذوا بحظكم من العزلة). رواه ابن سعد. - وقال أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك قال: (انطلقت مع ابن عمر إلى عبيد بن عمير وهو يقصّ على أصحابه، فنظرتُ إلى ابن عمر؛ فإذا عيناه تهراقان). رواه ابن سعد. - وقال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: حدثنا عكرمة بن عمار، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه أنه قرأ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} حتى ختم الآية، فجعل ابن عمر يبكي حتى لَثِقَت لحيته وجيبه من دموعه). رواه ابن سعد. - وقال سليمان بن بلال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: (رأيت ابن عمر عند القاصّ رافعاً يديه يدعو حتى تحاذيا منكبيه). رواه ابن سعد. - وقال حفص بن غياث، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: دخل ابن عمر في أناس من أصحابه على عبد الله بن عامر بن كريز وهو مريض يزورونه، فقالوا له: أبشر فإنك قد حفرت الحياض بعرفات يشرع فيها حاج بيت الله، وحفرت الآبار بالفلوات، قال: وذكروا خصالا من خصال الخير. قال: فقالوا: إنا لنرجو لك خيرا إن شاء الله، وابن عمر جالس لا يتكلم، فلما أبطأ عليه الكلام قال: يا أبا عبد الرحمن، ما تقول؟ فقال: «إذا طابت المكسبة زكت النفقة، وسترد فتعلم» رواه ابن أبي شيبة. كان عبد الله بن عامر بن كريز أمير البصرة في خلافة عثمان بعد أبي موسى الأشعري. - وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان، عن أبي الوازع قال: قلت لابن عمر: لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم. قال: فغضب، وقال: (إني لأحسبك عراقيا، وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه). رواه ابن سعد. - وقال عبد الله بن جعفر الرقي: حدثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران قال: (دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته من فراش أو لحاف أو بساط وكل شيء عليه؛ فما وجدته يساوي مائة درهم). رواه ابن سعد. - وقال أبو كعب يزيد بن عبد ربه، عن أنس بن سيرين، قال: أتى رجل ابنَ عمر بصرَّة؛ فقال: ما هذه؟ قال: هذا شيء إذا أكلت طعامَك فكربَك أكلتَ من هذا شيئاً فهضمه عنك. قال: فقال ابن عمر: (ما ملأت بطني من طعام منذ أربعة أشهر). رواه ابن سعد. - وقال معاوية بن قرة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن أباه، قال: (ما كنت بشيء بعد الإسلام أشد فرحا من أن قلبي لم يشربه شيء من هذه الأهواء المختلفة). رواه ابن سعد. - وقال عبيد الله بن عمر، عن نافع، (أن ابن عمر كان يسمع بعض ولده يلحن فيضربه). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة. - وقال محمد بن عبيد الطنافسي: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر (أنه وجد مع بعض أهله الأربع عشرة؛ فضرب بها رأسه). رواه ابن سعد. قلت: الأربع عشرة لعبةٌ كان يُتلهّى بها؛ إما تخطّ خططاً على الأرض وإما على لوح من الخشب. - وقال محمد بن مصعب القرقساني، عن عبد الله بن عمر، عن نافع قال: (كان ابن عمر يكسر النرد والأربعة عشر). رواه ابن سعد. - وقال قرة بن خالد: قلت لمحمد بن سيرين: هل كانوا يتمازحون؟ فقال: ما كانوا إلا كالناس كان ابن عمر يمزح وينشد الشعر ويقول: يحب الخمر من كيس الندامى ... ويكره أن تفارقه الفلوس). رواه أبو نعيم. - وقال عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع (أنَّ ابنَ عمر كان إذا فاتته صلاة العشاء في جماعة أحيا بقية ليلته). رواه ابن عساكر. - وقال ابن أبي أويس: سمعت مالك بن أنس يقول سمعت نافعا يقول: (كان ابن عمر إذا فاتته صلاة في جماعة صلى إلى الصلاة الأخرى؛ فإذا فاتته العصر سبَّحَ إلى المغربِ، ولقد فاتته صلاة عشاء الأخيرة في جماعة فصلى حتى طلع الفجر). رواه ابن عساكر. - وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن القاسم بن محمد قال: (كان ابن عمر قد أتعب أصحابَه فكيف من بعدهم). رواه ابن عساكر. مذهبه في الأعطيات والصلات: - قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: سمعت عمر، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: «خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا؛ فلا تتبعه نفسك» رواه البخاري من حديث الزهري عن سالم عن أبيه. - وقال محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى عبد الله بن عمر أن ارفع إليَّ حاجتك. قال: فكتب إليه عبد الله: (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى)) وإني لأحسب اليد العليا المعطية، والسفلى السائلة، وإني غير سائلك شيئاً، ولا رادّ رزقاً ساقه الله إليَّ منك). رواه أحمد وابن سعد وأبو يعلى، وأصله في الصحيحين. - وقال سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن نافع، قال: كان يرسل إلى عبد الله بن عمر بالمال؛ فيقبله، ويقول: (لا أسأل أحداً شيئاً، ولا أردّ ما رزقني الله). رواه ابن سعد. - وقال جعفر بن محمد، عن نافع، قال: كان المختار يبعث بالمال إلى ابن عمر فيقبله ويقول: (لا أسأل أحدا شيئا، ولا أرد ما رزقني الله). رواه ابن سعد والبيهقي في شعب الإيمان. - وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، قال: (ما رد ابن عمر على أحد وصية ولا رد على أحد هدية إلا على المختار). رواه ابن سعد. قلت: كان المختار بن أبي عبيد الثقفي أخو صفية زوجة عبد الله بن عمر؛ فلعلّ ابن عمر كان يقبل منه قبل أن يحدث المختار ما أحدث من مذهب السوء وسفك الدماء ثم كان يردّ هداياه بعد ذلك. صفاته وشمائله: كان ابن عمر رضي الله عنهما فيما يُذكر عنه قويّ الجسم طويلاً آدم، كريم المعشر، سخيّاً متواضعاً، عفيف اللسان. وكان يشترط على من يصحبه في السفر ألا يصوم إلا بإذنه، وألا ينازعه الأذان؛ وكان يُكرِم من يصحبه ويخدمه. وكان محبوباً في الناس، مشهوداً له بذلك، ورأى من دلائل ذلك ما كان يتعجّب منه. وكان حريصاً على الألفة بين المسلمين، وإفشاء السلام، حتى روي عنه أنه قال: إني لأخرج وما لي حاجة إلا لأسلم على الناس ويسلمون علي. - قال معن بن عيسى: حدثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: (كان أشبه ولد عمر بعمر عبد الله، وأشبه ولد عبد الله بعبد الله سالم). رواه ابن سعد. قلت: لعلّه أراد الشبه في السجايا والخصال، والعمل والفضل؛ فكان عبد الله أفضل أولاد أبيه وأقربهم إلى الاتّساء به وإن لم يكن مثله، وكان سالم أفضل أولاد عبد الله وأقربهم إلى الاتّساء به، وإن لم يكن مثله. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا أبو معشر، عن سعيد المقبري، قال: قال ابن عمر: (إني لأخرج إلى السوق ما لي حاجة إلا أن أسلّم ويسلم علي). رواه ابن سعد. - وقال شعبة بن الحجاج، عن عبيد الله بن عمران، أنه قال: سمعت مجاهدا، يقول: «صحبت ابن عمر لأخدمه، فكان هو يخدمني». رواه أبو بكر الخلال في السنة. - وقال حماد بن زيد، عن خالد الحذاء، قال:( كان ابن عمر يشترط على من صحبه ألا تصحبنا ببعير جلال، ولا تنازعنا الأذان، ولا تصوم إلا بإذننا). رواه ابن سعد. - وقال حماد بن سلمة، عن أبي ريحانة، قال: (كان ابن عمر يشترط على من صحبه في السفر الفطر والأذان والذبيحة) يعني الجزرة يشتريها للقوم. رواه ابن سعد. - وقال جويرية بن أسماء، عن نافع، أنّ عبد الله بن عمر لم يكن يصوم في السفر، وكان معه صاحب له من بني ليث يصوم، فلم يكن عبد الله ينهاه، وكان يأمره أن يتعاهد سحوره. رواه ابن سعد. - وقال مالك بن أنس عن حميد بن قيس عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر فجعل الناس يسلمون عليه حتى انتهى إلى دابته؛ فقال لي ابن عمر: (يا مجاهد! إنَّ الناسَ يحبونني حباً لو كنتُ أعطيهم الذهبَ والوَرِق ما زدت). رواه ابن سعد. جوده وبذله في سبيل الله: مما اشتهر عن ابن عمر كثرة صدقاته وعتقه وإنفاقه في سبيل الله، حتى ربما ذهل عن حاجة نفسه، وروي أنه أعتق أنفساً كثيرة، وأنه إذا أعجبه شيء من ماله قرّبه لله. - قال يزيد بن هارون: أخبرنا محمد بن عمرو بن حماس، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: (خطرت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فما وجدت شيئا أحب إليَّ من جاريتي رميثة، فعتقتها، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحتها نافعا؛ فهي أم ولده). رواه ابن سعد. - وقال عاصم بن محمد العمري، عن أبيه قال: أُعطي ابنُ عمر بنافع عشرة آلاف - أو ألف دينار - فقلت: يا أبا عبد الرحمن فما تنتظر أن تبيع؟ قال: (فهلا ما هو خير من ذلك؟ هو حرّ لوجه الله تعالى). رواه أبو نعيم في الحلية. - وقال عبد العزيز بن أبي رواد: حدثني نافع أن عبد الله بن عمر، كان إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، قال: فلقد رأيتنا ذات عشية، وكنا حجاجاً وراحَ على نجيبٍ له قد أخذه بمال؛ أعجبته روحته وسرَّه إناخته، ثم نزل عنه، ثم قال: (يا نافع! انزعوا زمامه ورحله، وجلّلوه وأشعِروه وأدخلوه في البُدْن). رواه ابن سعد. - وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أخبرني نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا رأى من رقيقه أمراً يعجبه أعتقه، فكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه. قال نافع: فلقد رأيت بعض غلمانه ربما شمر ولزم المسجد؛ فإذا رآه على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: والله يا أبا عبد الرحمن ما هم إلا يخدعونك! قال: فيقول عبد الله: (من خدعنا بالله انخدعنا له). رواه ابن سعد. - وقال جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران، عن نافع، قال: (أُتِي ابن عمر ببضعة وعشرين ألفاً؛ فما قام من مجلسه حتى أعطاها وزاد عليها). قال: (لم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من كان يعطيه؛ فاستقرض من بعض من كان أعطاه فأعطاه). رواه ابن سعد. - وقال هشام بن سعد، عن أبي جعفر القارئ، قال: (خرجت مع ابن عمر من مكة إلى المدينة، وكان له جفنة من ثريد يجتمع عليها بنوه وأصحابه وكل من جاء حتى يأكل بعضهم قائما، ومعه بعير له عليه مزادتان فيهما نبيذ وماء مملوءتان؛ فكان لكل رجل قدح من سويق بذلك النبيذ حتى يتضلع منه شبعاً). رواه ابن سعد. - وقال ابن علية عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر إلا أن يمرض أو أيامَ يقدم، فإنَّه كان رجلاً كريماً يحبُّ أن يؤكلَ عنده. قال: وكان يقول: (ولأن أفطر في السفر فآخذ برخصة الله أحبّ إليَّ من أن أصوم). رواه ابن سعد وابن عساكر. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا مسعر، عن معن، قال: كان ابن عمر إذا صنع طعاماً؛ فمرَّ به رجلٌ له هيئة لم يدْعُه ودعاه بنوه أو بنو أخيه، وإذا مرَّ إنسانٌ مسكين دعاه ولم يدعوه. وقال: (يَدْعون من لا يشتهيه، ويَدَعون من يشتهيه). رواه ابن سعد. - وقال يحيى بن حمزة: حدثنا برد بن سنان، أنه سمع نافعاً يحدّث قال: (إن كان ابن عمر ليقسم في المجلس الواحد ثلاثين ألف درهم، ثم يأتي عليه الشهر ما يأكل مزعة من لحم). رواه أبو داوود في الزهد. - وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، (أن ابن عمر، كان لا يكاد يتعشى وحده). رواه ابن سعد. - وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر، قال: (إني أشتهي حوتاً). قال: فشووها ووضعوها بين يديه؛ فجاء سائل. قال: (فأمر بها فدُفعت إليه). رواه ابن سعد. - وقال جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران أن امرأة ابن عمر عوتبت فيه؛ فقيل لها: ما تلطفين بهذا الشيخ؟! قالت: وما أصنع به لا يصنع له طعام إلا دعا عليه من يأكله، فأرسلت إلى قوم من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد؛ فأطعمتهم، وقالت: لا تجلسوا بطريقه، ثم جاء إلى بيته. فقال: أرسلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام، وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: (أردتم ألا أتعشّى الليلة) فلم يتعشَّ تلك الليلة. رواه ابن سعد وابن عساكر. موقفه من الفتن: كان ابن عمر رضي الله عنهما شديد التوقّي من الفتن، شديد الاحتياط لدينه، ملازماً لما كان عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، بصيراً بالفتن وعواقبها، ولقد رُغّب ورُهّب فما ازداد إلا ثباتاً وتمسّكاً بما هو عليه من الاستقامة والاحتياط لدينه. وقد أثنى عليه الصحابة والتابعون بحسن استقامته وسلامته من الفتن. فكان يسير ما استبان له الأمر؛ فإذا وجد اشتباهاً توقّف واحتاط لدينه. فلما حوصر عثمان لبس درعه ليقاتل دونه؛ لكنّ عثمان نهى عن القتال وعزم على كلّ من أراد أن يقاتل دونه أن يلقي سلاحه. ولمّا حدثت الفتنة بعد مقتل عثمان اعتزلها؛ فلم يقاتل مع أي طائفة، ولزم ما كان عليه من العمل، وكان على بصيرة مما كان يفعله في زمان الفتنة، لا يتردد في اجتنابها، ولا يلتفت في ذلك إلى ترغيب ولا ترهيب. ولقد عُرضت عليه الخلافة يوم التحكيم فأبى أن يقبلها إلا باتفاق من المسلمين، وقال: لو خالفني أهل فدك ما قبلتها. ثمّ طُلب منه أن ينصّب نفسه خليفة في زمن الفتنة الثانية بعد يزيد بن معاوية؛ فقال: (ما يسرّني أن لي الدنيا وما فيها وأن يُقتل بسببي رجل واحد) أو كلاماً هذا معناه. وأخباره في توقّي الفتن كثيرة. - قال عبد الله بن عون، عن نافع أن ابن عمر لبس الدرع يوم الدار مرتين. رواه ابن سعد وابن عساكر. - وقال الحافظ ابن أبي عمر: حدثنا سفيان [بن عيينة] عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: بعث إليَّ علي بن أبي طالب؛ فأتيته؛ فقال: (يا أبا عبد الرحمن إنك رجل مطاع في أهل الشام، فسِرْ، فقد أمّرتك عليهم). فقلت: أذكّرك اللهَ وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إيّاه إلا ما أعفيتني، فأبى عليَّ، فاستعنتُ عليه بحفصةَ فأبى، فخرجتُ ليلاً إلى مكة. فقيل له: إنه قد خرج إلى الشام؛ فبعث في أثري، فجعل الرجلُ يأتي المربدَ فيخطم بعيره بعمامته ليدركني؛ فأرسلت حفصة أنه لم يخرج إلى الشام إنما خرج إلى مكة). رواه ابن عساكر. - وقال عبد الله بن إدريس عن ليث، عن نافع قال: (لما قتل عثمان جاء علي بن أبي طالب إلى ابن عمر فقال: إنك محبوب إلى الناس، فسر إلى الشام. فقال ابن عمر: "بقرابتي وصحبتي النبي صلى الله عليه وسلم والرّحِم التي بيننا". فلم يعاودْه). رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن عساكر في تاريخ دمشق. - وقال سالم بن عبد الله وعكرمة بن خالد كلاهما عن ابن عمر، قال: دخلتُ على حفصة ونَسَواتها تنطُف. قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء. فقالت: الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: (من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر؛ فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه). قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: (فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع، وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان). قال حبيب: (حفظت وعصمت). رواه البخاري. قوله: (ونسواتها تنطف) وفي رواية معلّقة في الصحيح: (ونوساتها) هي غدائر شعرها، تقطر ماءً، سمّيت بذلك لأنها تنوس أي تتحرك، كناية عن أنها حديثة عهد بغسل. - وقال مرحوم بن عبد العزيز: سمعت أبي يقول: (لما كانت فتنة يزيد بن المهلب انطلقت أنا ورجل إلى ابن سيرين فقلنا: ما ترى؟ فقال: «انظروا إلى أسعد الناس حين قُتِلَ عثمان فاقتدوا به» قلنا: هذا ابن عمر، كفَّ يدَه) رواه أبو نعيم. - وقال عبد الله بن عبيد بن عمير: قال ابن عمر: (إنما كان مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم كانوا يسيرون على جادّة يعرفونها؛ فبينا هم كذلك إذ غشيتهم سحابة وظلمة؛ فأخذ بعضنا يمينا، وبعضنا شمالا، وأخطأنا الطريق وأقمنا حيث أدركنا ذلك حتى تجلى عنا ذلك؛ حتى أبصرنا الطريق الأول فعرفناه فأخذنا فيه). رواه ابن سعد. - وقال حميد بن مهران الكندي: أخبرنا سيف المازني قال: كان ابن عمر يقول: (لا أقاتل في الفتنة، وأصلّي وراء من غلب). رواه ابن سعد، وأبو يوسف الفسوي في مشيخته. - وقال محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، (أنَّ ابن عمر، كان في زمان الفتنةِ لا يأتي أميرٌ إلا صلّى خلفه وأدّى إليه زكاة ماله). رواه ابن سعد. - وقال علي بن الأقمر: قال مروان بن الحكم لابن عمر: ألا تخرج إلى الشام فيبايعوك؟ قال: فكيف أصنع بأهل العراق؟ قال: تقاتلهم بأهل الشام. قال: (والله ما يسرني أن يبايعني الناس كلهم إلا أهل فدك، وأني قاتلتهم فقتل منهم رجل واحد). رواه ابن سعد. - وقال وهيب بن خالد: حدثنا أيوب، عن أبي العالية البرّاء، قال: (كنت أمشي خلف ابن عمر وهو لا يشعر، وهو يقول: (واضعين سيوفهم على عواتقهم يقتل بعضهم بعضاً، يقولون: يا عبد الله بن عمر أعط بيدك). رواه ابن سعد. وأبو العالية البرّاء بتشديد الراء نسبة إلى بري النبال، مولى لقريش، من أهل البصرة، وكان ثقة من رجال الصحيحين، اختلف في اسمه فقيل: أذينة، وقيل: كلثوم، وقيل: زياد بن فيروز، وقيل: زياد بن أذينة. - وقال الأسود بن شيبان: حدثنا خالد بن سمير، عن موسى بن طلحة [بن عبيد الله] قال: (يرحم الله عبد الله بن عمر - إما سماه وإما كناه - والله إني لأحسبه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عهده إليه لم يفتن بعده، ولم يتغير والله ما استغرّته قريش في فتنتها الأولى). رواه ابن سعد. - وقال أسود بن شيبان، عن خالد بن سمير، قال: لما قدم الكذاب الكوفة يعني المختار هرب ناس من وجوه أهل الكوفة؛ فقدموا علينا البصرة منهم موسى بن طلحة؛ فغشيته؛ فقال: (يرحم الله أبا عبد الرحمن - أو عبد الله بن عمر - والله إني لأحسبه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذي عهد له). رواه ابن عساكر، وأصله في طبقات ابن سعد، وزاد قال موسى: (لم يفتن بعده، ولم يتغيَّر، والله ما استغرَّته قريش في فتنتها الأولى). - وقال أبو المليح، عن ميمون بن مهران، قال: كتب ابن عمر إلى عبد الملك بن مروان فبدأ باسمه، فكتب إليه: أما بعد فـ {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} إلى آخر الآية، وقد بلغني أنَّ المسلمين اجتمعوا على البيعة لك، وقد دخلتُ فيما دخلَ فيه المسلمون والسلام). رواه ابن سعد. - وقال مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أنه قيل له: كيف ترى عبد الله بن عمر لو ولي من أمر الناس شيئا؟ فقال أسلم: (ما رجل قاصد لباب المسجد داخل أو خارج بأقصدَ من عبد الله لعمل أبيه). رواه ابن سعد. وفاته: عُمّر ابن عمر حتى أدرك مقتل ابن الزبير، وحجّ في تلك السنة، وكان الحجاج قد غلب على مكّة، ونشر عسكره في المشاعر بأسلحتهم، وحجّ ابن عمر في تلك السنة؛ فأصابه رمح في رجله وهو يرمي الجمرات من الزحام؛ فكان ذلك سبب موته. - قال سعيد بن جبير: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت، فنزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجعل يعوده، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: «أنت أصبتني» قال: وكيف؟ قال: «حملت السلاح في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم» رواه البخاري. - وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص: دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده، فقال: كيف هو؟ فقال: صالح. فقال: من أصابك؟ قال: «أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله» يعني الحجاج). رواه البخاري. مات بعد أن قضى نسكه، وأوصى أن يدفن خارج الحرم، فلم يقدروا على ذلك بسبب الحَجاج وجنده، وكانت الفتنة شديدة. - قال ابنه سالم: (فدفناه بفخ في مقبرة المهاجرين نحو ذي طوى). - قال نافع بن سرجس: (وإنما سميت مقبرة المهاجرين لأنه دفن فيها من مات ممن كان أتى المدينة، ثم حج وجاور فمات بمكة؛ فكان يدفن في هذه المقبرة، منهم أبو واقد الليثي، وعبد الله بن عمر وغيرهما). رواه الحاكم في مستدركه. وكان موته رضي الله عنه سنة 74هـ على الصحيح، وله أربعة وثمانون عاماً. - وقال عبد العزيز [بن أبي أويس] عن مالك بن أنس: (بلغ ابن عمر سبعا وثمانين سنة). ذكره البخاري في التاريخ الكبير. - قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، قال: قال سعيد بن المسيب: (لو كنت شاهداً لأحد حيّ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر). رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة، وأبو بكر الخلال في السنة. - وقال أبو هلال [الراسبي]: حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب قال: (لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، والخطيب البغدادي في تاريخه. - وقال شعبة: سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب قال: (مات ابن عمر يوم مات، وما في الأرض أحد أحبّ إليَّ من أن ألقى الله بمثل عمله). رواه ابن عساكر. مما روي عنه في التفسير: أ: الزهري عن خالد بن أسلم، قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله: {والذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله} قال ابن عمر: «من كنزها، فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة؛ فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال» رواه البخاري. ب: أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: (كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلما سمعناها كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله). رواه ابن أبي حاتم. ج: هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر في قوله: {خذ العفو} قال: (أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس). رواه ابن أبي حاتم. رواياته: أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، ثم أخذ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحفصة وعائشة وابن مسعود وزيد بن ثابت وبلال بن رباح وصهيب الرومي وجماعة من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواة التفسير عنه: روى عنه في التفسير: ابنه سالم، ومولاه نافع، وعبد الله بن دينار، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وزيد بن أسلم العدوي مولى عمر، وأخوه خالد بن أسلم، وأبو عمرو الشيباني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعامر الشعبي، وخالد بن معدان، ومحارب بن دثار الباهلي، وصدقة بن يسار، وأبو الزبير المكي، وبكر بن عبد الله المزني، وثوير بن أبي فاختة. وأكثر من روى عنه في التفسير: مولاه نافع ثم عبد الله بن دينار، ثم سالم بن عبد الله. وأرسل عنه: الزهري، ومحمد بن عون، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، وأبو قلابة الجرمي، وأبو حازم سلمة بن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو الزناد، ومكحول، وعروة بن رويم، وعمرو بن مرة، والضحاك، وزيد العميّ. ![]()
__________________
|
#96
|
||||
|
||||
![]() ![]() سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين عبد العزيز الداخل سيرة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري(ت:78هـ) رضي الله عنهما 19: سيرة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري (ت:78هـ) من علماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقهائهم، ولد قبل الهجرة ببضع عشرة سنة، وله مناقب كثيرة: - منها شهوده بيعة العقبة الثانية وهو شابّ مع أبيه وخاليه. - وشهوده تسع عشرة غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتخلّف عن بدر وأحد إلا لمنع والده إياه ليخلّفه على بناته. - وشهوده بيعة الرضوان، وهو من رواة أحاديثها. - واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له خاصة في ليلة واحدة خمساً وعشرين مرّة. - وعناية النبي صلى الله عليه وسلم به، وتلطّفه له، وتعزيته له في والده، وإعانته على قضاء دينه بأمر يعدّ من دلائل النبوة. - ومنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خصّه بشهود بعض دلائل النبوة. - ومنها حرصه على طلب العلم وحفظه حتى رحل مسيرة شهر في طلب حديث واحد. - ومنها أنه من المكثرين من رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. - ومنها تصدّره للفتيا والتعليم سنين طويلة بالمدينة ، وجاور بمكة نحو سنة فانتفع به أهل العلم فيها. مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم: شهد بيعة العقبة الثانية مع أبيه وخاليه وهو صغير، ثم منعه أبوه من القتال ببدر وأحدٍ ليخلِفَه في أهله، واستشهد أبوه يوم أحد، وهو الذي كلّمه الله كفاحاً بعد موته. ولم يتخلّف جابر بن عبد الله عن غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد، فكانت أول غزوة غزاها غزوة حمراء الأسد، وشهد بيعة الرضوان. - قال ابن جريج: قال عطاء: قال جابر: «أنا وأبي وخالي من أصحاب العقبة» رواه البخاري في صحيحه. - ,قال سفيان بن عيينة: كان عمرو [بن دينار] يقول: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: «شهد بي خالاي العقبة» ، رواه البخاري في صحيحه وقال: قال ابن عيينة: (أحدهما البراء بن معرور). - وقال زكريا بن إسحاق المكي: أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة» قال جابر: «لم أشهد بدرا، ولا أحداً منعني أبي، فلما قتل عبد الله يوم أحد، لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قط» رواه أحمد ومسلم. - وقال عمرو بن دينار: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: «أنتم خير أهل الأرض» وكنا ألفا وأربع مائة، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة). رواه البخاري ومسلم. - قال الذهبي: قال ابن سعد: (شهد العقبة مع السبعين، وكان أصغرهم، وأراد شهود بدر، فخلفه أبوه على أخواته، وكن تسعا، وخلفه يوم أحد فاستشهد يومئذ، وكان أبوه عقبيا بدريا من النقباء). - وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: (كنت أمتح لأصحابي الماء يوم بدر). قال الواقدي: هذا وهم من أهل العراق. - قال الذهبي: (صدق، فإن زكريا بن إسحاق روى عن أبي الزبير، عن جابر، قال: "لم أشهد بدرا ولا أحدا، منعني أبي فلما قتل لم أتخلف عن غزوة" أخرجه مسلم). استغفار النبي صلى الله عليه وسلم له: - قال حماد بن سلمة: أنبأنا أبو الزبير عن جابر قال: (استغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين مرة ليلة البعير). رواه الترمذي في سننه والنسائي في فضائل الصحابة. - قال أبو عيسى الترمذي: (ومعنى قوله: ليلة البعير ما روي عن جابر من غير وجه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فباع بعيره من النبي صلى الله عليه وسلم واشترط ظهره إلى المدينة، يقول جابر ليلة بعت من النبي صلى الله عليه وسلم البعير استغفر لي خمسا وعشرين مرة، وكان جابر قد قتل أبوه عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد وترك بنات، فكان جابر يعولهن وينفق عليهن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبر جابرا ويرحمه لسبب ذلك). تعزية النبي صلى الله عليه وسلم له في وفاة أبيه: - قال موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري: سمعت طلحة بن خراش يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال لي: يا جابر ما لي أراك منكسرا؟ قلت: يا رسول الله استشهد أبي، وترك عيالا ودينا. قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا. فقال: يا عبدي تمن علي أعطك. قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية. قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال: يا رب فأبلغ من ورائي. فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا...} الآية كلها ). رواه الترمذي وابن ماجة وابن خزيمة في التوحيد وابن أبي عاصم في السنة وابن حبان وغيرهم من طرق عن موسى بن إبراهيم به. عيادة النبي صلى الله عليه وسلم له: - قال سفيان بن عيينة: سمعت ابن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: مرضت فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر، وهما ماشيان؛ فأتاني وقد أغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صبَّ وضوءَه عليَّ؛ فأفقت، فقلت: يا رسول الله كيف أقضي في مالي؟ كيف أصنع في مالي؟ قال: (فما أجابني بشيء حتى نزلت آية الميراث) متفق عليه. حرصه على حفظ الحديث ورحلته في طلبه: - قال القاسم بن عبد الواحد المكي: حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل، أن جابر بن عبد الله قال: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرا، حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني، واعتنقته، فقلت: حديثا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص، فخشيت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه ...) فذكر الحديث، وهو في مسند الإمام أحمد والأدب المفرد للبخاري، ومعجم الصحابة لابن قانع، والمعجم الكبير للطبراني. - قال البخاري في صحيحه في كتاب العلم: (باب الخروج في طلب العلم، ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد). شيء من أخباره وما شهد من دلائل النبوة: - قال حجاج بن أبي زينب: حدثني أبو سفيان طلحة بن نافع، قال: سمعت جابر بن عبد الله، قال: كنت جالسا في داري، فمرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إلي، فقمت إليه، فأخذ بيدي، فانطلقنا حتى أتى بعض حجر نسائه، فدخل ثم أذن لي، فدخلت الحجاب عليها، فقال: «هل من غداء؟» فقالوا: نعم، فأتي بثلاثة أقرصة، فوضعن على نبي، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرصا، فوضعه بين يديه، وأخذ قرصا آخر، فوضعه بين يدي، ثم أخذ الثالث، فكسره باثنين، فجعل نصفه بين يديه، ونصفه بين يدي، ثم قال: «هل من أدم؟» قالوا: لا إلا شيء من خل، قال: «هاتوه، فنعم الأدم هو» رواه مسلم في صحيحه، والدارمي وزاد: قال جابر: «فما زلت أحب الخل منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقال أبو سفيان: «فما زلت أحبه منذ سمعته من جابر» - وقال حنظلة بن أبي سفيان: أخبرنا سعيد بن ميناء، قال: سمعت جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما قال: لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فأخرجت إليَّ جراباً فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتُها، وطحَنَتِ الشعير، ففرَغَتْ إلى فراغي، وقطعتُها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أهل الخندق، إن جابرا قد صنع سورا، فحي هلا بكم» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء». فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت: قد فعلتُ الذي قلتِ، فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: «ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها» وهم ألفٌ، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغطّ كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو). رواه البخاري ومسلم. - وقال شعبة، عن محارب بن دثار قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: بعتُ من النبي صلى الله عليه وسلم بعيراً في سفر، فلما أتينا المدينة قال: «ائت المسجد فصل ركعتين» فوزن - قال شعبة: أراه فوزن لي - فأرجح، فما زال معي منها شيء حتى أصابها أهل الشأم يوم الحرة). رواه أحمد والبخاري، ورواه أحمد أيضاً ومسلم من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، قال: أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتل جملي، وساق الحديث بقصته، وفيه ثم قال لي: «بعني جملك هذا»، قال: قلت: لا، بل هو لك، قال: «لا، بل بعنيه» قال: قلت: لا، بل هو لك يا رسول الله، قال: «لا، بل بعنيه»، قال: قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب، فهو لك بها، قال: «قد أخذته، فتبلغ عليه إلى المدينة»، قال: فلما قدمت المدينة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: «أعطه أوقية من ذهب وزده»، قال: فأعطاني أوقية من ذهب، وزادني قيراطا، قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: (فكان في كيس لي فأخذه أهل الشام يوم الحرة). - وقال سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: أصابنا عطش بالحديبية فجهشنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين يديه تور فيه ماء، فقال: بأصابعه هكذا فيها، وقال: (( خذوا بسم الله "، قال: فجعل الماء يتخلل من بين أصابعه كأنها عيون، فوسعنا، وكفانا)). رواه أحمد والدارمي والنسائي في الكبرى. - وقال أبو إسماعيل حاتم بن إسماعيل العبدري، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها؛ فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كالبعير المخشوش، الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما - يعني جمعهما - فقال: «التئما علي بإذن الله» فالتأمتا. قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد؛ فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف وقفة، فقال برأسه هكذا - وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا - ثم أقبل، فلما انتهى إلي قال: «يا جابر هل رأيت مقامي؟» قلت: نعم، يا رسول الله. قال: «فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا، فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك» قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته، فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته، فقلت: قد فعلت، يا رسول الله فعم ذاك؟ قال: «إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت، بشفاعتي، أن يرفه عنهما، ما دام الغصنان رطبين». قال: فأتينا العسكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جابر ناد بوضوء» فقلت: ألا وضوء؟ ألا وضوء؟ ألا وضوء؟ قال: قلت: يا رسول الله ما وجدت في الركب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يُبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء في أشجاب له، على حمارة من جريد، قال: فقال لي: «انطلق إلى فلان ابن فلان الأنصاري، فانظر هل في أشجابه من شيء؟» قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إني لم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه، قال: «اذهب فأتني به» فأتيته به، فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو، ويغمزه بيديه، ثم أعطانيه، فقال: «يا جابر ناد بجفنة» فقلت: يا جفنة الركب فأتيت بها تحمل، فوضعتها بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيده في الجفنة هكذا، فبسطها وفرق بين أصابعه، ثم وضعها في قعر الجفنة، وقال: «خذ يا جابر فصب علي، وقل باسم الله» فصببت عليه وقلت: باسم الله، فرأيت الماء يتفور من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فقال: «يا جابر ناد من كان له حاجة بماء» قال فأتى الناس فاستقوا حتى رووا، قال: فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى). رواه مسلم في صحيحه، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في دلائل النبوة، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف والدارمي في سننه من طريق إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر بسياق مختلف. - وقال زكريا بن أبي زائدة: حدثني عامر الشعبي قال: حدثني جابر بن عبد الله أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فأراد أن يسيّبه، قال: فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي، وضربه، فسار سيرا لم يسر مثله، قال: «بعنيه بوقية»، قلت: لا، ثم قال: «بعنيه»، فبعته بوقية، واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت، فأرسل في أثري، فقال: «أتراني ماكستك لآخذ جملك، خذ جملك، ودراهمك فهو لك». رواه أحمد في مسنده، ومسلم في صحيحه، والنسائي في السنن الكبرى وابن حبان في صحيحه. - وقال حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن جابر بن عبد الله، قال: كان ليهوديّ على أبي تمر، فقتل يوم أحد، وترك حديقتين، وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « هل لك أن تأخذ العام بعضه وتؤخر بعضه؟» فأبى اليهودي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « يا جابر إذا حضر الجداد، فآذني فآذنته، فجاء هو وأبو بكر، فجعل يجدّ ويكال من أسفل النخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بالبركة، حتى وفينا جميع حقه من أصغر الحديقتين - فيما يحسب عمار- ثم أتيتهم برطب وماء، فأكلوا وشربوا، ثم قال: «هذا من النعيم الذي تسألون عنه» رواه النسائي وأبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان. - وقال زكريا بن أبي زائدة: حدثني عامر الشعبي قال: حدثني جابر بن عبد الله أن أباه توفي وعليه دين. قال فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن أبي ترك عليه دينا وليس عندنا إلا ما يخرج نخله فلا يبلغ ما يخرج نخله سنتين ما عليه فانطلق معي لكيلا يفحش علي الغرماء. قال فمشى حول بيدر من بيادر التمر ودعا ثم جلس عليه وقال: أين غرماؤه؟ فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم). رواه ابن سعد. تصدّره لتعليم العلم: - قال وكيع عن هشام بن عروة قال: رأيت لجابر بن عبد الله حلقة في المسجد , يؤخذ عنه). رواه البيهقي في المدخل إلى السنن، وذكر ابن حجر في الإصابة أنّه في مصنف وكيع. - وقال عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: خرجت أنا وأبي نطلبُ العلمَ في هذا الحيِّ من الأنصار قبل أن يهلكوا؛ فكان أول من لَقِيَنا أبو اليسَر فذكر الحديث.. ثم قال: ثم مضينا حتى أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في مسجده وهو يصلي..) فذكر الحديث. رواه مسلم في صحيحه، والبخاري في الأدب المفرد، وابن شبة في تاريخ المدينة، وابن حبان في صحيحه، وغيرهم. - وقال محمد بن عمرو بن علقمة: حدثنا أبو سلمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وجدت عامة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل عند باب أحدهم ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن، ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه"). رواه ابن أبي خيثمة في كتاب العلم، والبيهقي في المدخل إلى السنن، والخطيب البغدادي في الجامع. - قال أبو بكر البيهقي رحمه الله: (جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام وأبوه من أكابر الصحابة، شهد العقبة في السبعين من الأنصار , الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، استشهد أبوه يوم أحد، وبقي جابر بعد النبي صلى الله عليه وسلم مدة مديدة حتى احتاجوا إلى علمه). من وصاياه: - قال الهيثم بن محمد الخشاب: أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله، قال: (ينبغي للعالم أن يغسل قلبه كما يغسل الرجل ثوبه من النجس). - وبإسناده، عن جابر، قال: (تعلموا الصمت، ثم تعلموا الحلم، ثم تعلموا العمل بالعلم، ثم انشروا). رواهما البيهقي في شعب الإيمان. وفاته: كُفَّ بصره في آخر عمره، وتوفي بالمدينة، واختلف في سنة وفاته - فقال خارجة بن الحارث، وابن نمير، والهيثم بن عدي، والمدائني، والواقدي، وأبو حفص الفلاس، وابن زبر الربعي، وابن حبان: سنة 78هـ ، واختاره الذهبي. - وفي رواية أخرى عن الهيثم بن عديّ: سنة 68هـ. وهو خطأ. - وفي رواية أخرى عن ابن نمير ذكرها ابن زبر: سنة 72هـ.، وهو خطأ أيضاً. - وقال ابن سعد: سنة 73هـ، وهذه سنة وفاة جابر بن سمرة. - وقال ابن عبد البر: سنة 74هـ، ولا أعلم له مستنداً. - وعن أبي نعيم الفضل بن دكين روايتان، إحداهما: سنة 77ه، والأخرى: سنة 79هـ، ولعلهما على التقريب، والصواب بينهما. وأرجح الأقوال قول الجمهور، وهو أنه توفي سنة 78هـ، وقد ذكر أنه مات هو وعبد الرحمن بن غنم الأشعري في وقت واحد، وعبد الرحمن توفي سنة 78هـ. - قال محمد بن عمر الواقدي: (مات جابر بن عبد الله سنة ثمان وسبعين، وحدثني خارجة بن الحارث، قال: «رأيت على سريره بردا، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو والي المدينة، ومات جابر بن عبد الله وهو ابن أربع وتسعين، وكان يكنى أبا عبد الله، وكان قد ذهب بصره» رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة. - وقال عاصم بن سويد: سمعت جَدّي معاوية بن معبد قال: (أدركت جابر بن عبد الله في بني حرام، يجلس في الشمس يستدبرها بظهره فاسودّ ظهره؛ فلما مات أخذ حسن بن حسن بن علي بين عمودي سرير جابر). رواه البخاري في التاريخ الكبير. - وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: (ويقال أنه مات وهو ابن أربع وتسعين وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة وكان آخر من مات من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة). رواه ابن عساكر. - قال أبو مسهر: (عبد الرحمن بن غنم هو رأس التابعين كان بفلسطين وقيل: تفقه به عامة التابعين بالشام, وكان صادقا فاضلا كبير القدر مات هو وجابر بن عبد الله في وقت). قال الهيثم بن عدي وشباب: توفي سنة ثمان وسبعين. - قال قتادة: كان آخر أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم موتا بالمدينة جابر). رواه البغوي في معجم الصحابة وابن أبي شيبة في المصنف قال أبو القاسم البغوي: (وهذا عندي وهم، وآخر من مات بالمدينة سهل بن سعد، أخبرت عن ابن نمير قال: مات جابر بن عبد الله في سنة ثمان وسبعين). - وقال ابن عيينة: حدثنا أبو حازم قال: (كان سهل بن سعد آخر من بقي بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي خيثمة. وسهل بن سعد توفي سنة إحدى وتسعين وقيل سنة ثمان وثمانين؛ فهو بعد جابر ببضع عشرة سنة، لكن كان يروى عن قتادة أن سهلاً توفّي بمصر. ورجّح الحافظ العراقي أنّ آخر الصحابة موتاً بالمدينة محمود بن الربيع توفي بها سنة تسع وتسعين للهجرة. رواة التفسير عن جابر: روى عن جابر بن عبد الله جماعة من كبار مفسري التابعين، منهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر، وعكرمة مولى ابن عباس، وزيد بن أسلم، وعامر بن شراحيل الشعبي، ووهب بن منبه، وقتادة بن دعامة السدوسي، ومحمد بن كعب القرظي، وعطية العوفي، وأرسل عنه عطاء الخراساني. ومن الرواة المكثرين من الرواية عنه: أبو الزبير المكي واسمه محمد بن مسلم بن تدرس، ومحمد بن المنكدر، وعمرو بن دينار، وأبو سفيان طلحة بن نافع. وممن له رواية عنه في كتب التفسير المسندة سوى من تقدّم: أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، ومحمد بن عمرو بن الحسن، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، وسعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، وسعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وعبد الرحمن بن سابط، وسالم بن أبي الجعد، وسعيد بن أبي هلال، ويزيد بن صهيب الفقير، وعبد الله بن عبيدة، وعمار بن أبي عمار المكي، سعيد بن أبي كرب الهداني، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وطلق بن حبيب العنزي، وأبو نضرة العبدي، وسعيد بن مينا المكي، وسليمان بن قيس اليشكري وله صحيفة عنه من مروياته في التفسير: - قال عمرو بن دينار: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: «أعوذ بوجهك»، {أو من تحت أرجلكم} قال: «أعوذ بوجهك»، فلما نزلت: {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: «هاتان أهون، - أو أيسر -» رواه أحمد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم. - وقال حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، قال: سمعت جابر بن عبد الله، يقول: «أتانا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما فأطعمناهم رطبا، وسقيناهم ماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» هذا من النعيم الذي تسألون عنه " رواه أبو داوود الطيالسي وأحمد والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن حبان والطبراني. - وقال عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: «{الصراط المستقيم} هو الإسلام، وهو أوسع مما بين السماء والأرض» رواه ابن جرير والحاكم وصححه. ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |