راودها عن نفسها.. فاستعصمت - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4422 - عددالزوار : 859916 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3954 - عددالزوار : 394270 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216306 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7844 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 67 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2022, 10:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي راودها عن نفسها.. فاستعصمت

راودها عن نفسها.. فاستعصمت


أم وفاء خناثة قوادري




(قصة حقيقية)


لستُ أدري كيف أصبحنا وحدنا هاهنا؟! أتراها الأرضُ انشقَّت وابتلعت كلَّ الناس؟!
وما هذه الخربة البائسةُ؟! أهي وَكْر للغدر والخَنا، أَلِفتْه بعض شياطين الإنس، فهي تزوره بين الحين والحين؟!

وما لي ولدمنة جرداءَ مُقْفرة إلا من نظراتك الوقِحة، المصوَّبة نحوي، كأنها خناجرُ تطعن في كرامتي، وما للصمت والسكون يخيِّمان على المكان إلا من صراخي وصيحاتي، التي تزداد حدة كلما حاولت الاقتراب مني!

أوَّاه! لست أنا من تستبدل الجواهر بالتراب، وتقايض العفَّة بالسقوط، لست أنا!
مفاصل جسدي ترتعشُ فَزِعة، وقلبي يرجف كطائرٍ يحلِّق في الجو ذعرًا!

ما عدت أشعر بذراعي، لكأنما بترت إثرَ سحبِك لي، وانتزاعك إيايَ من داخل سيارتك، ألقيت بي أرضًا، لم تُعِرْ اهتمامًا لتوسُّلاتي، وقد مرغَّت وجهي على قدميك علَّك تفلتني وترحم ضعفي.
إلى أن أعلنت الكرامة فيَّ أن تثور ولا تستسلم.

دافعتُ عن عرضي ببسالةٍ واستماتة ليس لهما نظير، عضلاتُك المفتولة كانت تسحقُني بين الحين والآخر، قاومتُ بشراسةٍ، فأخذت من اللَّكم والصفع والدهس ما أوجعني، لكن صورةُ الطهر كانت تتملَّكني، فيتصاغر الألم، ويتضاءل الأنين.
♦ ♦ ♦

نبهتْه أن يتوقَّف، لكنه وبسرعة البرق، اجتاز الحيَّ الجامعي، كرَّرتْ تنبيهه، ولم تسمع منه ردًّا!
أبِهِ صمَمٌ؟!
واصل السير بسرعة أربكتْها، ابتعد خارج المدينة، ثم ابتعد وابتعد، واستدار مع طريق متعرج لا قِبَل لها به.
يا لحيرتها وانقطاعها!


هذه الأرض المقفرة الجرداء كانت مسرحًا لمعركة حقيقية، بين العفَّة والمُجون، بين الطُّهْر والفجور.
قاومته بشراسة، ودافعتْ عن كنوزها، وكلما فرَّت منه لَحِقها وجذبها بقوة، لتسقطَ أرضًا.. تناوشه.. تعاركه.. تعاود الفرار بعد النهوض.

الآن بلغ به التعبُ مبلغَه، وقف خائرَ القوى، هي فرصتُها لتعيد إحكامَ جدائل شعرها المنثور على كتفيها، بعد أن نزع - بوحشية - عنها الخمار.

صوتها المبحوح يرعبُه، يرعد فرائسَه، كلما تردَّد على مسامعه:
إنه العرضُ يا هذا! والله لن يطولك مني شيء! ولن تصل إلى مبتغاك إلا على جثَّتي؛ فأنا بنت الأنفة، أنا "بنت ارجال"[1].
تقدم منها، عاود لطمَها، وجرَّها على الأرض، ركلها برجليه من غير رحمة.

لقد فقد منها الأمل! أجَلْ تمامًا!
توجَّه ناحية الباب الخلفي لسيارته، فتحه وأخرج منه عصًا حديدية غليظة، وانهال عليها ضربًا، بصق عليها، رمى لها بحقيبتِها على الأرض، ركب سيارته وانصرف.

بقيت شبهَ جثة ملقاة بالعراء، تستمطرُ رحمات ربِّ السماء، أن يقيَها شرَّ هوامِّ الأرض، والكلاب الضالة، ويصرف عنها الرعاع من ذوي الغلظة والجفاء، المارِّين بين الحين والآخر عبر المكان.
لبثَتْ زمنًا ترمق متوجِّسة ما حولها، تبكي وحيدة، تئنُّ من ضعف ومن ألم.

قامت وأصلحَتْ قليلًا من شأنها، ثم تحرَّكت متهالكة تجرُّ حقيبتها في غير هدًى، تقتصُّ بعض الأثر علَّها تهتدي السبيل، إلى أن لاح لها - عن بُعد - الطريق السيَّار، غطَّت وجهها خشية الفضيحة؛ لتركب أول حافلةٍ تتوقف لها، وتقلُّها عائدة نحو المدينة.


كانت قد غادرت قريتها، مع بزوغ الفجر الصادقِ، تركتها تغطُّ في سكونها الجميل.
هي تزاول الدراسة بالجامعة، وتقيم بالحي الجامعي للبنات، لا شيءَ يشغلُها ويسيطر على مساحة تفكيرها سوى أن تصل في الوقت المناسب لإجراء الامتحان، مرَّ من الزمن ما يقارب الساعة، وها هي ضوضاءُ المدينة ترحِّب - على طريقتها - بالوافدين.

نزل كلُّ الركاب، وآثرت ألا تنزلَ، فالسائق هو ابنُ أحد الجيران، وقد تعوَّدت السفر معه، لكن بصحبة أحد محارمها، أو مع رفقة آمنة.
طلبت منه توصيلَها، فذلك أضمنُ لعدم ضياعِ الوقت في الانتظار.


لا لا! ماكان ينبغي أن تسافري وحدك من غير محرم يحميك، ويذودُ عن عِرضك؛ فهذا السائق هو رجل غريب عنك، لا تقولي: هو ابن حيِّنا، ومن نعرفُه خيرٌ ممن لا نعرفه، فلا الشرعُ ولا العرف قالا بذاك.
ثم ألم يكن من الأكيسِ ألا توجَدي مع غريب في سيارته وحدكما؟!

وقبل أن نلقيَ عليه اللوم كلَّه، صارحينا؛ لعلك تعطَّرت فأثرت الرغبة الكامنة، أو تبرجت فأيقظتِ الفتنة النائمة، أو لعل في خضوعك بالقول ما أجاشَ بواعث الميل للغَواية؟


رُبَّ نزوة ساعة تكون جوازَ عبور إلى الضفة الأخرى؟!
إلى حياة الشوارع..
حيث تفترشين الأرض..
وتلتحفين السماء..
لا حِضنَ ولا دفء ولا كرامة
في غابة موحشة تسكنها الذئاب؟!


[1] بنت ارجال: تلفظ هكذا، وأصلها: "بنت الرجال"، ويقصد بها عندنا: المرأة الحسيبة العزيزة ذات الأنفة والكرامة، وتقابلها في العربية "الحرة".

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.56 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (3.35%)]