#1
|
||||
|
||||
موقف ابن جني من كلام العرب والسماع
موقف ابن جني من كلام العرب والسماع أ. د. عبدالله أحمد جاد الكريم حسن كان ابن جني في معظم تعامله مع كلام العرب موافقًا لهم ومتابعاً، كما كان يحاول التعليل لكلامهم، ووصف تصرفهم معه، ومن أمثلة ذلك قوله: "العرب إذا شبهت شيئًا بشيء مكنت ذلك الشبه لهما، وعمرت به الحال بينهما"[1]. ومنه قوله: "العرب إذا غيرت كلمة عن صورة إلى أخرى اختارت أن تكون الثانية مشابهة لأصول كلامهم ومعتاد أمثلتهم"[2]. ومنه قوله:" العرب إذا أرادت المعنى مكنته، واحتاطت له".[3] ويقول أيضًا: "العرب إذا حذفت من الكلمة حرفاً إما ضرورة أو إيثارًا؛ فإنها تصور تلك الكلمة بعد الحذف منها، تصويرًا تقبله أمثلة كلامها، ولا تعافه وتمجه؛ لخروجه عنها سواء، كان ذلك الحرف المحذوف أصلاً أم زائدًا". [4] اعتماد ابن جني على الكلام المسموع (السماع): من المعروف أن المنهج الوصفي لا يهتم بالكلام المكتوب، بل بالمسموع، ولقد كان ابن جني يعتمد على الكلام المنطوق أو المسموع؛ لأن الكلام المنطوق أسبق [5]، والشواهد على عناية ابن جني بالسماع، والاحتفاء به كثيرة، ومن أمثلة ذلك قوله: " فمتى سمعت اللفظة من هذا عرف معنيها "[6]، وقوله: " واعلم أنك إذا أداك القياس إلى شيء ما، ثم سمعت العرب قد نطقت فيه بشيء آخر، على قياس غيره، فدع ما كنت عليه إلى ما هم عليه"[7]، ومنه أيضًا قوله: " فإن كان الرجل الذي سمعت منه تلك اللغة المخالفة للغات الجماعة مضعوفًا في قوله، مألوفًا منه لحنه وفساد كلامه، حكم عليه ولم يسمع ذلك منه. هذا هو الوجه، وعليه ينبغي أن يكون العمل".[8] ومنه قوله: "إذا تعارضاً نطقت بالمسموع على ما جاء عليه ولم تقسه في غيره" [9]، ومنه "باب في الامتناع من تركيب ما يخرج عن السماع "[10]. ومنه قوله:" واعلم أن الشيء إذا اطرد في الاستعمال وشذ عن القياس، فلا بد من اتباع السمع الوارد به فيه نفسه، لكنه لا يتخذ أصلاً يقاس عليه غيره "[11]. ولقد كان ابن جني سباقًا إلى ذلك في تعريفه للغة، حيث يقول: حد اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، وهذا التعريف تعريف دقيق، يتفق في جوهره مع تعريف المحدَثين للغة، فهو يؤكد الجانب الصوتي للرموز اللغوية، ويوضح وظيفتها الاجتماعية في نقل الأفكار، والتعبير في إطار البيئة اللغوية، واختلاف لغات البشر، فلكل قوم لغتهم التي يعبرون بها عن أغراضهم، ومما يؤكد ذلك أيضًا رأيه؛ أن اللغة نشأت عن محاكاة الإنسان للأصوات الطبيعية التي حوله 0 يقول ابن جني:" وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعات؛ كدوي الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس، ونزيب الظبي، ونحو ذلك، ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بع-د. وهذا عندي وجه صالح ومذهب متقبل"[12]. [1] الخصائص (1 /304). [2] المرجع السابق (2 /66). [3] المرجع السابق (3 /101). [4] المرجع السابق (3 /112). [5] ينظر: عبد الفتاح المصري، الصوتيات عند ابن جني في ضوء الدراسات اللغوية العربية والمعاصرة، دمشق، مجلة التراث العربي، العددان (15، 16)، السنة الرابعة، رجب وشوال 104هـ/ أبريل ويوليو 1984م. [6] الخصائص (1 / 44). [7] المرجع السابق (1 / 125). [8] المرجع السابق (1 / 390). [9] المرجع السابق (1 / 117). [10] المرجع السابق (2 / 17). [11] المرجع السابق (1 / 99). [12] المرجع السابق (1 /46 - 47).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |