كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 17 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 49 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 22 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 730 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-05-2021, 03:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس












بين يدي الموضوع





هذه المادة في الأصل جزء من حقيبة تدريبية بعنوان (المربي وبناء القيم)، وقد استغرق جمعُها وإعدادها –بفضل الله– سنوات، واستفدت في محتواها من مضمون التغذية الراجعة في برامج تدريبية كثيرة، إذ نُفِّذَ هذا البرنامج في أماكن مختلفة ولفئات متنوعة، وبأساليب عديدة، وكنت أجني بعد كل برنامج فوائدَ جميلة ودررًا مضيئة من متدربين أو متدربات، فينعكس ذلك على مستوى هذه المادة التي جاءت نتاج تلاقح الأفكار، وجلسات الحوار، وورش العمل، مع الاهتمام الشديد بتأصيل ما يُكتَب تأصيلاً شرعياً.



وكنت قد قسمتها إلى قسمين:


الأول: نظرية (المربي وبناء القيم) واحتوى هذا الفصل على التأصيل للموضوع والتمهيد للفصل الآخر، فكان الحديث فيه عن مكونات شخصية الإنسان والتداخل بين مكوناتها، والتأثير المتبادل بين ظاهر الإنسان وباطنه، مستفيداً من أطروحة (الجبل الجليدي)، وتعريف التربية على ضوء ذلك، ثم الحديث عن الواعي وغير الواعي وأثر ذلك في التربية سلباً أو إيجاباً. وقد ختمت الفصل ببعض الضوابط في استخدام السلطة مع المتربي وبعض التنبيهات المهمة.


الثاني: التطبيق العملي لما سبق تنظيره؛ بحثت فيه أهم القيم الغائبة في مجتمعاتنا، ثم تحدثت عن الوسائل العملية لغرس هذه القيم إجمالا، وختمته بذكر ضوابط في غرس القيم.



ولما شرّفني إخواني في موقع (الألوكة) الإلكتروني بالانضمام إلى مجتمعهم المميز، رأيت أن أعيد صياغة هذه الأوراق لتناسب النشر في الموقع، علّ من يطلع عليها من إخواني وأخواتي يزودني بملاحظاته ونقده هنا، أو على بريدي الإلكتروني [email protected]، فالموضوع يحتاج إلى مزيد تأمل ومراجعة، والله من وراء القصد.






مقدمة.. لا بد منها



أزمتنا.. أزمة تربوية:


جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى العرب، وقد كانوا يعيشون ظلاماً دامساً، وجهلاً مطبقاً، وتخلفاً شاملاً كل ميادين الحياة، فلم تكن الأمم تأبه بهم، ولم يكن لهم شوكة يأوون إليها، وصَفَهم المغيرة بن شعبة رضي الله عنه لـ(يزدجرد) فقال: فما كان أسوأ حالا منا، وأمّا جوعنا فلم يكن يشبه الجوع، كنا نأكل الخنافس والجعلان والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا، وأما المنازل فإنما هي ظهر الأرض، ولا نلبس إلا ما غزلنا من أوبار الإبل وأشعار الغنم. ديننا أن يقتل بعضنا بعضا، وأن يبغي بعضنا على بعض، وإن كان أحدنا ليدفن ابنته وهي حية كراهية أن تأكل من طعامه [البداية والنهاية - (ج 7 / ص 49)].

هكذا كان حالهم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.


وبعد أن نهل العرب من معين النبوة، وتربّوا على منهاجها تغيّرَ حالهم، وانقلبت الموازين، فالأميَّة تحولت إلى مدرسة أضاءت مشارق الأرض ومغاربها في شتى العلوم، والهمجيّة اختفت في سِيَر النبل والكرم والأخلاق السامقة، وانقلب فقرهم غنى، وخوفهم أمناً، وذُلّهم عزاً، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وأضحى العربُ سادةَ الأمم دهراً من الزمن.. حتى إذا اندرس العلم، وضعف أمر الدين في نفوس الناس، غلب على المسلمين الوَهن فكانوا غثاءً كغثاء السيل..


عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُم الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا)) قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: ((أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ؛ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ)) قَالَ: قُلْنَا: وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: ((حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)) [مسند أحمد - (ج 45 / ص 378)].


إن (الغثائية) التي تعيشها الأمة الآن هي تعبير عن أزمةٍ تربويةٍ لمسلمين لم يمتثلوا الإسلام في واقع حياتهم، فأذلّهم الله بعد عزّة، وأبدلَ قوّتهم ضعفاً، وتقدُّمهم تخلُّفاً.. ولن يصلُح حال آخر الأمة إلا بما صلح به أوّلها. ومن هنا نَعلم أن سبيل الخلاص من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية والصحية.. التي تعيشها الأمة لا يكون إلا بتربيتها على المنهج الرباني، وعودتها للمعين الصافي، تَعلُّماً وتطبيقاً.. وليس كما تزعم النخبة العصرانية التي قادت الأمة عقوداً من الزمن زاعمةً أنّ في اللهث وراء الغرب واتِّباع آثارهم عزاً وتمكينا، فماذا جنت الأمة من هذا السعي إلا فساداً بعد ضياع، وخوراً بعد ضعف؟. وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَيَحْمِلَنَّ شِرَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى سَنَنِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلِ الْكِتَابِ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ)) [مسند أحمد - (ج 34 / ص 499)].



ملامح المنهج التربوي الإسلامي:


تتنوع المناهج التربوية الأرضية بين الإفراط في المثالية، والإغراق في المادية. والمنهج التربوي الإسلامي وسط بين هذا وذاك، فالإسلام يرسم للمسلمين صورةً تربوية مثالية نظرية (في الوحيين) ويُقَدِّم لهم نماذج تطبيقية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين من بعده، ويُعامل الناس بعد ذلك وقبله على قدر استطاعتهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [صحيح البخاري - (ج 22 / ص 255)]، ولذا يكون الجزاء يوم القيامة بالموازنة بين الحسنات والسيئات، لا بعددها فحسب!..


وبناء على ذلك فواجب المربِّين أن يُذَكِّرُوا الناس بما يجب عليهم فعله، وأن لا يكلِّفوهم فوق طاقتهم.. فيُذكّروهم بذلك الجيل الفريد والمجتمع المثالي الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ..)) [صحيح البخاري - (ج 9 / ص 133)] ويراعوا فيهم واقعَهم المُر وزمنهم الصعب الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ((يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ)) [سنن الترمذي - (ج 8 / ص 215)] وفي المعجم الكبير للطبراني - (ج 16 / ص 92) ((فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ، الصَّابِرُ فِيهِن مِثْلُ الْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلْعَامِلِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلا)) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلا مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: ((لا بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلا مِنْكُمْ)).



إن المنهج التربوي الإسلامي يراعي في المسلم طبيعته البشرية التي خلقه الله عليها، فالإنسان له طبيعة طينية تجذبه للأرض وشهواتها، وطبيعة روحية تجذبه للسماء وعلوها، وهو مخلوق ضعيف تغلبه شهوته حينا وينتصر عليها حينا آخر، وهو مطالب بضبط دوافعه الفطرية لا بكبتها.. وعلى ضوء هذه المسلّمات نستطيع أن نتعامل مع المتربين برؤية واقعية تُقّدِّر ضعف الإنسان، وترفعُه عن الإخلاد إلى الأرض.



مصطلحات مهمة:


يعيش المجتمع في هذا العصر -الذي سيطرت فيه الثقافة الغربية- خللا في المصطلحات، وهذا الخلل سمة بارزة من سمات المنهج الغربي حتى قال روبنسون: يستطيع الناس أن يوجدوا ماركسيات بقدر عددهم! [الثقافة الإسلامية للزنيدي – محاضرات غير مطبوعة ص29] لذا كان لزاماً علينا أن نقف مع المصطلحات التي سنتطرق إليها في هذا الموضوع ونتفق على تعريف واضح لها دون الدخول في تفاصيل أكاديمية دقيقة لا تحقق الهدف، وسنغض الطرف عن أي خلاف يتعلّق بمفهوم مصطلح يخالف ما أردناه.


التربية والمربّي: نعني بالتربية كلَّ جهد يهدُف إلى الرقي بالإنسان في مراتب الكمال، ولكلّ إنسانٍ كمالٌ يطلبه وينبغي أن يسعى إليه، والمربّي هو مَن يُعنى من الناس بتربية نفسه وتربية غيره.



القِيَم: مصطلح (القيم) لم يكن شائعاً عند أسلافنا، ولا مستخدَماً، وأول من ذكره الفلاسفة اليونان، ثم انتقل للمسلمين وللغرب عن طريقهم.. وحيث إنَّ هذا المصطلح فرضَ نفسه في الساحة التربوية والاجتماعية لم يكن بدٌّ من مخاطبة الناس بما يعرفون، فاستخدمناه هنا بالمفهوم الذي نرتضيه وهو أن القِيَم تعني: المبادئ والمعايير التي تحكم حياة الإنسان، وعامة أفراد المجتمع، والقيم عند المسلمين مستمدة من منهجهم الإسلامي الرباني وهي بهذا ثابتة لا تتغير، أما القيم عند الغرب فهي تابعة لأهوائهم وأهدافهم، ولا تتسم بالثبات، فما رآه المجتمع قيمة فهو كذلك! لذا يعيش المجتمع الغربي الآن أزمة مزدوجة في القيم (معرفةً وتطبيقاً).



ويمكننا أن نصنّف القيم بطرقٍ شتى لعل من أجملها تصنيفها حسب تأثيرها على مكونات شخصية الإنسان، فالقيم على أنواع:


1- قيم الحق: هي المعايير التي تحكم حياة الإنسان الفكرية، وأهمها المعتقدات.

2- قيم الخير: هي المعايير التي تحكم حياة الإنسان السلوكية، مثل الحلم والصدق.

3- قيم الجمال: هي المعايير التي تحكم حياة الإنسان العاطفية، مثل الاستحسان، والجمال.


القناعات: القناعة مبدأ أو رأي أو اتجاه أو ميل يؤثر في حياة الإنسان واستجابته للمؤثرات الخارجية، يأتي غالباً بعد مرور الإنسان بتجارب معينة أو تأملات فكرية مستمرة. والقناعة أقل درجة من القيمة من جهتين: من جهة ثباتها، ومن جهة الاتفاق عليها بين أفراد المجتمع، وكثير من القناعات هي ترجمة عملية للقيم. فإكرام الضيف –مثلاً- قيمة، وطريقة إكرامة قناعة تختلف من رجل لآخر، وكثير من القناعات تتكون تحت تأثير البيئة المحيطة بالإنسان بغض النظر عن جودتها من عدمه.










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-05-2021, 04:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {2}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس






شخصية الإنسان بين الظاهر والباطن











الإنسان له ظاهر وباطن، فظاهره السلوك، وباطنه ما يكنه في نفسه من أفكار وقناعات وقيم. والمشاعر هي الحد الفاصل بين الظاهر والباطن، فهي برزخ بينهما؛ بمعنى أن المشاعر بين الظهور والكتمان*..





ويمكن تعريف هذه المكونات كما يلي:




- السلوك: هو ما يظهر من الإنسان ونلاحظه عليه مشاهدةً أو استماعاً أو حساً (كلام، كتابة، نشاط، صمت..).



- المشاعر: هي العواطف والرغبات التي يشعر بها الإنسان.



- الأفكار: هي ثمرة الأعمال العقلية التي تدور في ذهن الإنسان ابتداءً، أو نتيجةً لتعرضه لمثير ما.



- القناعات: هي النتائج التي يصل إليها الإنسان بعد عمليات التفكير المستمرة، أو بعد مروره بالتجارب والخبرات المختلفة، لكنها لا تصل إلى درجة القيم.




• القيم: هي المبادئ والمعايير التي تحكم حياة الإنسان، وعامة أفراد المجتمع.




الإنسان مطالب شرعاً أن يضبط ظاهرَه وباطنَه وَفق شرع الله، وأن يزن كل هذه المكونات السابقة بميزان الشرع قال تعالى: {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ} [الأنعام: 120]، أما في تعامل الناس، فالمسلمون يعاملون الناس على ظواهرهم ولا يفتشون نياتهم؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [النساء: 94]، وعندما قَتَل أسامةُ الرجل الذي تشهد معتقدًا أنه فعل ذلك خوفاً من الموت قال له صلى الله عليه وسلم: ((يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)) قَالَ:قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. [صحيح البخاري - (ج13/ص164)].




أثر الباطن في صياغة الشخصية الظاهرة:




باطن الإنسان هو المحرك الحقيقي لظاهره، وبناء على ما يُكِنّه الإنسان في باطنه تجاه المثيرات المختلفة تتكون استجابات مناسبة لها بحسب ما يوجد في باطنه من أفكار وخبرات وقناعات وقيم، بمعنى أن الباطن يؤثر في الظاهر من ثلاث جهات:



الأولى: قبوله أو رفضه للمثيرات. (استجابة داخلية).



والثانية: التعبير عن القبول أو الرفض. (استجابة خارجية).



والثالثة: طريقة تعبيره عن القبول أو الرفض. (طريقة الاستجابة الخارجية).




ولذا جاءت نظريات التربية لتعلي من شأن القيم وأثرها في التربية.. والنصوص الشرعية تتضافر لتوضيح هذا المعنى، فمنها التأكيد على غرس العقيدة الصحيحة ثلاث عشرة سنة في مكة لتربية قاعدة النهوض قبل الهجرة، ومنها فضح المنافقين الذين تخلفوا عن الجهاد والطاعة بسبب بواطنهم التي يخفون فيها الكفر.. ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) [صحيح البخاري - (ج 1 / ص 90)].





نظرية الجبل الجليدي:




ما سبق ذكره عن مكونات شخصية الإنسان موافق لنظرية الجبل الجليدي iceberg وهي نظرية جيولوجية ثابتة علمياً خلاصتها أن رأس الجبل الجليدي (الظاهر) على سطح البحر لا يمثل إلا 10% من كامل هذا الكيان، في حين يختبئ في (الباطن) تحت سطح البحر 90% منه، وتكون هذه النسبة أساس الثبات لهذا الجبل.




















توظيف النظرية في دراسة شخصية الإنسان:




علماء النفس قاسوا هذه الظاهرة على الإنسان وقالوا: إن الإنسان مثله مثل الجبل الجليدي لا يمثل سلوكه الظاهر إلا 10% فقط من شخصيته، أما المحرك الحقيقي له فهو الباطن.. ومع أننا لا نستطيع الجزم بمثل هذه النسب إلا أننا نرى أن السلوك الظاهر لا يمثل من شخصية الإنسان إلا نسبة قليلة. ويمكن أن نوضح شخصية الإنسان من خلال الشكل التالي:




















وللحديث صلة..





ــــــــــــــــــــــــــــ



* الأصل في المشاعر أنها في باطن الإنسان، لكنها قريبة جداً من الظاهر إلى درجة قدرة الفطِن على معرفتها من أول نظرة.. وفي قصة إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير قول سعد: "أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذى ذهب به من عندكم" [السيرة النبوية لابن كثير - (ج 2 / ص 183)] والبرزخية سنة كونية جعلها الله حداً فاصلاً بين كل متجاورين مكاناً أو زماناً أو موضوعاً مختلفين في الصفات، وأمثلتها كثيرة: فاليوم الآخر برزخ بين الدنيا والآخرة، ومابعد الغروب وقبل الإشراق برزخ بين الليل والنهار، والوَسَن برزخ بين النوم واليقظة، وحالة غليان السائل برزخ بين السائل والغاز، والمشتبهات برزخ بين الحلال والحرام.. فهذا الحد الفاصل فيه من صفات المتجاورين، وربما كان في بعض حالاته إلى أحدهما أقرب.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 31-05-2021, 03:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {3}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس






تكلمت في المقال السابق عن شخصية الإنسان، وأنها تتكون من الظاهر والباطن والبرزخ، ثم تكلمت عن أثر الباطن في صياغة شخصية الإنسان، وفي هذا المقال سيتضح التأثير المتبادل بين أجزاء شخصية الإنسان..



تأثير الظاهر في الباطن:

السلوك (الظاهر) يؤثر في الباطن سلبا أو إيجاباً، وإذا تكرر فعل الإنسان لسلوك ما فإن أثر ذلك على الباطن يكون قوياً.. لذا أُمرنا مثلاً بالإكثار من ذكر الله في آيات وأحاديث كثيرة لما لذلك من أثر على الباطن (خشية الله ومحبته ولزوم الطاعة والقوة في مجابهة الشيطان والشر..)، ونهينا عن الإسبال لما له من أثر في الباطن فهو يورث الكبر والخيلاء، ونهينا عن التشبه بالكفار لما للتشبه بهم من أثر في الباطن. قال ابن تيمية في تعليقه على أحاديث النهي عن التشبه بالكفار: (قال حذيفة بن اليمان: من تشبه بقوم فهو منهم؛ وما ذاك إلا لأن المشابهة في بعض الهدي الظاهر يوجب المقاربة ونوعا من المناسبة يفضي إلى المشاركة في خصائصهم التي انفردوا بها عن المسلمين والعرب)[1]. وقال ابن القيم: (ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع كثيرة لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة، فإنه إذا أشبه الهدي الهدي أشبه القلب القلب)[2].

مفهوم التربية المتكاملة:

التربية من هذا المنطلق هي: تعديلٌ للسلوك، وضبط للمشاعر، وتصحيح للأفكار، وتوجيه للقناعات، وبناء للقيم، وليست تعديلا للسلوك فقط! ولو كان الأمر كذلك لكانت التربية أمرًا سهلا، فبمجرد استخدام المربي للسلطة يستطيع أن يفرض على المتربي سلوكيات محددة وينتهي الأمر. ولهذا نستطيع أن نقول إن قدرتنا على التأثير في مكونات الشخصية تأتي سهولتها بالترتيب نفسه (السلوك، المشاعر، الأفكار، القناعات، القيم) وعلى سبيل المثال نستطيع أن نجعل المتربي يحافظ على الصلاة (وقتاً وأداءً) بالمتابعة والتحفيز ونحو ذلك.. لكننا نحتاج إلى جهود متضافرة ووقت طويل لغرس قيمة (تعظيم الصلاة) في نفسه. ويمكن توضيح ذلك من خلال الشكل التالي:




شكل (3) : يوضح عملية التربية المتكاملة ودرجة سهولة كل خطوة

مثال على التأثير المتبادل بين الظاهر والباطن:

سأكتفي بقصة واحدة من السيرة النبوية تدل على ما سبق تقريره، والقصة أوردها ابن كثير في البداية والنهاية: (قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد وعفان قالا: حدثنا حماد هو ابن سلمة: أخبرنا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد فقال: ((من يأخذ هذا السيف؟)) فأخذ قوم فجعلوا ينظرون إليه فقال: ((من يأخذه بحقه؟)) فأحجم القوم، فقال أبو دجانة: أنا آخذه بحقه، فأخذه ففلق به هام المشركين. ورواه مسلم عن أبي بكر عن عفان به. قال ابن إسحاق: وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب، وكان له عصابة حمراء يعلم بها عند الحرب يعتصب بها فيعلم أنه سيقاتل، قال: فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فاعتصب بها ثم جعل يتبختر بين الصفين، قال: فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دجانة يتبختر: ((إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن))[3].

إن هذا السلوك الذي فعله أبو دجانة (أخذ السيف) لم يصدر منه لولا وجود عددٍ من القيم لديه ومنها: حب الجنة، وحب الشهادة، وبغض الكافرين، والشجاعة، والمبادرة.. ثم إن أخذه للسيف ولّد لديه مشاعرَ، منها: إحساسه بأهمية الوفاء بحقه.. ولا شك أن هذه المشاعر ولّدت عنده مجموعة من الأفكار كان منها: إخراجه العصابة الحمراء!.. ولم يهتد فكره لذلك لو لم تكن له عادة (الاختيال في الحرب)!.. إن الخبرة المشهورة لدى المقاتلين مفادها: أنَّ أبا دجانة إذا أخرج العصابة الحمراء فهذا يعني ساعة الصفر بالنسبة له، مما يحمل المقاتلين على اجتنابه والخوف منه! وهذه أخرى: فلبس العصابة الحمراء (سلوك) يولد شعوراً لدى أبي دجانة بالشجاعة أولاً وبالخيلاء ثانياً، ولهذين الشعورين تأثير في السلوك: قوة القتال والتبختر بين الصفوف.. وفي ساحة المعركة يسمح الإسلام بتجاوز بعض الأمور لما فيها من مصلحة عسكرية وتأثير نفسي على الأعداء كما حدث من أبي دجانة وكبعض ألفاظٍ ينطق بها الصحابة في مثل تلك المواطن وهم لا ينطقون بها في العادة.. لكن الإسلام لا يرضى أن يستمر تكرار هذا السلوك بعد المعركة لأنه إن استمر وتكرر فسيؤثر في الباطن (القيم) ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن).





وللحديث صلة..


ــــــــــــــــــــــــــ
[1] ابن تيمية (1386هـ) الفتاوى الكبرى، تحقيق : حسنين محمد مخلوف، بيروت: دار المعرفة 6/172.
[2] ابن القيم (1395) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، تحقيق : محمد حامد الفقي، بيروت: دار المعرفة 1/364.
[3] ابن كثير، البداية والنهاية، بيروت: مكتبة المعارف 4/15.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-06-2021, 04:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {4}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس









في المقالين السابقين تحدثنا عن مكونات شخصية الإنسان، وفي هذه المقالات سيكون الحديث عن الوعي و(اللاوعي)، وهي مسألة يكثر فيها اللبس، خاصة عند مَن تأثروا بطرح فرويد أو النظريات المستنبطة من أدبياته.












الوعي و(اللاوعي):




الوعي واللاوعي هو تعبير عن حالة الإنسان عند تنفيذ المكونات السابقة: الظاهر (السلوك)، والباطن (القيم والقناعات والأفكار)، والبرزخ (المشاعر).. فالأصل أن الإنسان يمارس السلوك بوعي، كما أنه لا يعي كل القيم والمعتقدات والأفكار التي يُكِنُّها في نفسه، أما المشاعر فهي بين الوعي واللاوعي، وهي جدار فاصل للتبادل الواعي وغير الواعي بين الظاهر والباطن كما سأوضحه لاحقاً..




هذا هو الأصل، ولكن أحياناً يمارس الإنسان السلوك بلا وعي، وهو غير محاسب في الآخرة إذا مارس سلوكاً خاطئاً بغير وعي! كمن يشرب ناسيا في نهار رمضان.. أما في الدنيا فلا يحاسب إلا إذا تعلق سلوكه الخاطئ بحق الآدمي.. كما أنه يعي قيمة ما أو مجموعة من القيم عند تعرضه لمثير يخالفها أو يوقظها.





وعي المشاعر:




حالة وعي المشاعر تعد حاجزَ صد للتبادل غير المقصود بين الظاهر والباطن، بمعنى أن المؤثرات الخارجية إذا كانت تخالف قيم المستقبل أو قناعاته أو أفكاره فإنه سيرفضها، وغاية ما يمكن أن تفعله هذه المؤثرات هو التأثير في المشاعر فحسب، وفي المقابل فإن الإنسان إذا كانت مشاعره واعية فإنه يستطيع أن يكتم القيم التي في داخله إن أراد ذلك، كما أن بإمكانه أن لا يبوح لأحد بقناعاته حول موضوع ما أو بما يفكر فيه إذا رأى أن المصلحة تقتضي ذلك، وربما سيحاول –إن استطاع– كتم مشاعره. ويمكننا أن نوضح هذا بالشكل التالي:












شكل(4) : يوضح أثر جدار وعي المشاعر في صد التبادل غير المقصود بين الظاهر والباطن




الاستجابة الواعية للمؤثرات الخارجية:




الإنسان يستقبل الرسالة من خلال آليات الاتصال (السمع، البصر، الشم، الحس). ويختلف فهم الرسالة حسب جودة أداء الوسيط (آلة الاتصال).. وتُفهَم الرسالة بناء على ما لدى الإنسان من قيم وقناعات وخبرات تتعلق بهذه الرسالة.




إذا كانت مشاعر الإنسان في حالة الوعي وجاءته رسالة تخالف قيمه فماذا يحدث؟




الناس يختلفون في تقدير الرسالة المقابلة، فالناضجون والعقلاء يحكِّمون الرسالة أوَّلاً بناء على ما يحملونه من قيم، ثم يعرضونها على قناعاتهم، ويقرنون ذلك بما لديهم من خبرات سابقة وأفكار ومشاعر، وهم يفرقون بين مخالفة الرسالة لقيمة أو مخالفتها لقناعة، وتختلف درجة رفضهم للرسالة التي تخالف القيم عن درجة رفضهم للرسالة التي تخالف القناعات، وكذا فإن الرسالة التي تخالف القناعات ترفض بشكل أكبر من الرسالة التي تخالف الأفكار.. هذا هو الأصل، وهناك من يختل لديه هذا الميزان فلا يفرق بين قيمة أو قناعة أو مجرد أفكار وخواطر.. وهناك من تسيطر عليه عواطفه في تقديره للمؤثرات الخارجية.




إذن فالإنسان السوي إذا جاءته رسالة تخالف قِيَمَهُ يتولد لديه مباشرةً تفكيرٌ رافضٌ للرسالة، يتبعه رغبة في التعبير عن الرفض، ونتيجة هذه الرغبة سلوكٌ رافض للرسالة.. والتعبير عن الرفض يرجع إلى ما يكنه الإنسان من قيم وقناعات وأفكار ومشاعر..





مثال مخالفة الرسالة لقِيَمِ المستقبِل:




الشاب الذي نشأ على طاعة الله والخوف منه سبحانه (وهذه قِيَم) إذا شاهد صورة لامرأة عارية؛ تتكون لديه رغبة داخلية قوية برفض مشاهدتها، وسيعبر عن رفضه لها حسب ما غُرِس فيه من قِيَم (الجرأة والشجاعة، ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..) وطريقة الرفض راجعة لما لدى الإنسان من قيم (ضوابط إنكار المنكر) وما لديه من خبرات وقناعات (حول الرسالة ومصدرها والاستجابة المناسبة لها)، وراجعة أيضاً لمشاعر الشخص.. بخلاف الشاب الذي استمرأ مشاهدة هذه الصور ونسي اطلاع الله عليه أو لم يؤمن بذلك، فإنه إذا شاهد هذه الصورة لن يتولد لديه شعورٌ رافضٌ إلا بقدْر ما يوجد فيه من آثار قيم الإيمان..







وللحديث صلة..


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-06-2021, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {5}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس







تحدثت في المقال السابق عن الوعي و(اللاوعي) عموما، ثم بدأت الحديث عن حالة وعي المشاعر، وفي هذا المقال والذي يليه أفصِّل الحديث عن حالة (لاوعي المشاعر) وهي مفصل خطير في موضوع بناء القيم.









حالة (لاوعي المشاعر)

الإخراج غير الواعي:
إذا كانت مشاعر الإنسان في (اللاواعي) فقد يخرج أشياء من باطنه لم يكن يُرِيد إخراجها، ومن أمثلتها ما يلي:

1) الصدمة الشعورية:

من يتعرض لصدمة شعورية تجعله يقول ما لا يعي، ويمكن أن نضرب مثالاً لهذا بما صدر من عمر بن الخطاب رضي الله عنه –وهو مُحدَّث الأمة- بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عندما خطب الناس وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموتُ حتى يُفنِي اللهُ عزَّ وجل المنافقين! فتكلّم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله عز وجل يقول: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] حتى فرغ من الآية {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] حتى فرغ من الآية، فمن كان يعبد الله عز وجل فإن الله حي ومن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، فقال عمر: وإنها لفي كتاب الله، ما شعرت أنها في كتاب الله، ثم قال عمر: يا أيها الناس هذا أبو بكر وهو ذو شيبة المسلمين فبايِعوه، فبايَعوه. [المسند 25883].

2) الغضب الشديد:

مَن يكون في حالة الغضب الشديد قد يقول أحياناً ما لايعي، ومن أمثلته موقف الرجل من توجيه النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه سليمان بن صرد رضي الله عنه فقال: اسْتَبَّ رَجُلَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ((إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))، فَقَامَ إِلَى الرَّجُلِ رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آنِفًا؟ قَالَ: ((إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَمَجْنُونًا تَرَانِي! [صحيح مسلم - (ج 13 / ص 22)].

فلولا أن الرجل كان في حالة غضب شديدة لما أجاب بهذا الجواب. ولذا ذكر الفقهاء أن طلاق من أُغلق عليه من الغضب لا يقع. [إعلام الموقعين-(ج3/ص 299)].


3) الفرح الشديد:

أحيانًا الفرح الشديد يجعل الإنسان يقول ما لا يعي، كقصة الذي لقي راحلته بعد أن فقد الأمل وأيقن بالموت، فإنه أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ [صحيح مسلم - (ج 13 / ص 296)] قَالَ عِيَاض: فِيهِ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِنْسَان مِنْ مِثْل هَذَا فِي حَال دَهْشَته وَذُهُوله لَا يُؤَاخَذ بِهِ. [فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 65)].

4) إخراج المكنون في أثناء الاسترسال في الحديث:

من يرتاح لمحدِّثه ويسترسل معه في الحديث يخرج من فلتات لسانه ما ينبئ عن باطنه كما قال زهير:
ومهما تَكُنْ عند امرئٍ مِن خَلِيقةٍ وإن خالَها تخفى على الناس تُعْلَمِ


قال ابن القيم في تعليقه على ذكر هدهد سليمان لصفة إخراج الله عز وجل للماء من باطن الأرض وما يُذكر من اختصاص الهدهد برؤية الماء تحت الأرض: (ولا يكاد يخفى على ذي الفراسة الناظر بنور الله مخايل كل شخص بصناعة أو فن من العلم في روائه ومنطقه وشمائله فما عمل آدمي عملا إلا ألقى الله عليه رداء عمله)[1]. ومعلوم أن مثل هذه الأشياء تَخرُج من الإنسان دون قصد، وفي هذا رسالة للمربين بل للناس جميعاً أن يُصلحوا بواطنهم كما أصلحوا ظواهرهم.

الاستجابة غير الواعية للمثيرات:

الموضوع الذي ينبغي أن يعيه المربون أنَّ الإنسان إذا كانت مشاعره في (اللاواعي) فقد تدخل أشياء إلى باطنه دون أن يشعر بها! وهي قضية أثبتتها التجارب.. ولها تطبيقات كثيرة في أرض الواقع، من ذلك:

1) سحر الألفة:

هي سلسلة من الأعمال التي توجه للطرف الآخر بغير وعيه، لإيجاد رابطة إيجابية قوية بين شخصين، وتهدف إلى تأثير أحدهما في الآخر. ويتلخص (سحر الألفة) في ثلاث خطوات أساسية:

الأولى: الاتصال: من خلال المحاكاة لشخصية الشخص المقابل (نبرة الصوت، الجِلسة، شكل اللباس، طريقة التفكير، توحيد الاهتمام، حركات الجسد، نظامه التمثيلي"بصري، سمعي، حسي"..).


الثانية: تكوين الألفة بين الشخصين، بحيث يتكون بين الاثنين اندماج شعوري ينتج عنه إرخاء وعي مشاعر الشخص المقابل.


الثالث: القيادة: وهي المرحلة التي يبدأ الشخص فيها قيادة الشخص الآخر، وعلامة الوصول لهذه المرحلة أن الشخص المقابل يحاكي حركات الشخص الأول بغير وعيٍ منه.. إذا وصل إلى هذه المرحلة يعلم أن مشاعره في حالة (اللاوعي) ويمكنه في أثناء ذلك إملاء بعض الأفكار أو القناعات أو القيم دون أن تجد رفضاً من هذا الشخص. و(سحر الألفة) برنامج مستقل يمكن التدرب عليه عملياً، ولسنا هنا بصدد تقييمه إلا أننا نعرضه كمثال عملي مُجرّب على أن المشاعر إذا كانت في حالة (اللاواعي) فإن المؤثرات الخارجية يمكنها الدخول إلى الباطن والتأثير فيه دون مقاومة من الإنسان.


2) الاحتواء العاطفي:

الاحتواءُ العاطفي من المربِّي للمتربي هو من هذا الباب، ومن المعلوم أن الإنسان إذا أحب إنساناً آخر تقبل منه توجيهاته، وفتح له قلبه، وإذا أبغضه يصعب عليه تقبل نصائحه.. ولذا كان من صفات المربين الأساسية أنهم محبوبون عند عامة الناس يُفرَح بلقياهم والجلوس معهم كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].




وللحديث صلة..


ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ابن القيم (1398) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، تحقيق : محمد بدر الدين الحلبي، بيروت: دار الفكر ص 71.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-06-2021, 02:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {6}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس




بدأنا الحديث في المقال السابق عن الاستجابة (اللاواعية) للمثيرات إذا كانت مشاعر الإنسان في اللاوعي، فذكرنا: سحر الألفة، والاحتواء العاطفي، ونكمل هنا ما تبقى من الموضوع.

3) تكرار المشهد:


مشاهدةُ الإنسان لشيءٍ ما مشاهدةً متكررة تجعل صورة هذا الشيء تدخل إلى وجدانه دون أن يشعر، ورجال الأعمال يدركون هذا جيداً، لهذا فهم ينفقون الأموال الطائلة على الإعلانات التجارية التي تتكرر على الناس يومياً، ولذا لا نستغرب إذا لاحظنا أن الناس أحياناً يطلقون أسماءَ الشركاتِ المنتجةِ لبعض السلع على المنتجات نفسها!..

ومن هذا الباب: عرض المرشحين لصورهم في أماكن كثيرة، فإن الناخب إذا تكررت لديه صورةُ مرشحٍ ما، ولم يكن لديه اختيار سابق، فإنه سيتوجه لاختيار من تكررت أمامَه صورتُه.

4) عرض الصورة في أثناء ارتخاء الوعي:

يروى أن مرشحاً فرنسياً اتفق مع شركة إعلامية لعرض صورته لثوان معدودة على شاشات السينما في أثناء مشاهدة الناس للفيلم، بهدف دخولها إلى باطن المشاهد الذي قد غاب وعيه أو (ارتخى) بسبب متابعته لأحداث الفيلم.

قريبٌ من هذا ما قامت به شركة مشروبات غازية مشهورة بدفع مبالغ كبيرة لمغنية كي تغني وترقص وفي خلفية المسرح شعار كبير لهذه الشركة.

ولذا كانت الأفلام والمجلات والألعاب الإلكترونية الوافدة إلينا من الغرب من أخطر ما يهدد قيمنا.. لأنها ترخي وعي المتابع في حين تتسلل القيم الغربية إلى باطنه دون أدنى مقاومة، وسيأتي إن شاء الله مزيد إيضاح لهذه المسألة.

ويمكن تصوير ما سبق في الشكلين التاليين:



شكل (5): توضيح الاستجابة الواعية للمؤثرات الخارجية (قبولاً أو رفضًا) في حالة الوعي



شكل (6): توضيح التبادل غير المقصود بين الظاهر والباطن في حالة (اللاوعي)


أثر بناء القيم في تكوين الشخصية المتزنة:
عندما نبني القيم بطريقة مناسبة لدى المتربي فإننا نساعد في تكوين شخصيات متزنة ومتكاملة بعد ذلك، ومثال ذلك: لو أن إنساناً جاءه رجل جاهل جاف الطبع فجبذ رداءه جبذة شديدة وقال له كلاماً غليظاً وطلب منه خدمةً بعد ذلك!، وهذا الإنسان يحمل من القيم (حب الخير للناس، والحلم، والأناة) ويتمثل قول الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] ويقدِّر أن بعض الناس إنما يسيئون التعامل لضعف تربيةٍ فيهم، لا لقصد الإساءة، وأنهم ربما كانوا يعيشون في بيئة صحراوية تؤثر في طباعهم، وأن هذا هو جهدهم وغاية ما وصلوا إليه من أدب! و(يفكر) في هداية هذا الرجل.. فنتيجة لذلك سيكتم غضبه، وسيلتفت إلى هذا الرجل ويتبسم في وجهه وينفذ له طلبه.. وهذا تماماً ما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة فأثرت حاشية بُرد النبي صلى الله عليه وسلم في صفحة عاتقه من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك! فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ثم أمر له بعطاء. (صحيح البخاري 5472).
إنَّ تخلُّف مثل هذه القيم يفسح المجال للانتقام للنفس ولنزعات الشيطان..

أهمية إجماع المربين على القيم:

إجماع المربين (في بيئة تربوية) على القيم والقناعات والأساليب التربوية مهم في التربية، كي لا يحس المتربي بشيء من التعارض في مصادر التلقي، وفي حالة وجود اختلاف بين المربين في بيئة واحدة (مثلاً: أب، وأم) فإن المتربي سيستقي قيمه ويتأثر أكثر بالمربي الذي يحتويه عاطفيًّا.

المرحلة الذهبية لغرس القيم:

أغلب القيم تتكون عند الإنسان في مرحلة الطفولة المبكرة، ويرجع ذلك لأمور منها: شدة ذكاء الإنسان في هذه المرحلة، وخلوه من المسبقات الفكرية، ومحدودية القدوات لديه. وأكثر الناس يهملون هذه المرحلة ولا يبذلون فيها جهداً يُذكَر.

وللحديث صلة..


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-06-2021, 03:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {7}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس



في المقالات السابقة تحدثنا عن مكونات شخصية الإنسان، وعن حالتي الوعي و(اللاوعي) التي تعتري المشاعر، وإتماما للموضوع نتحدث هنا عن ضوابط استخدام المربي للسلطة على ضوء ما سبق.

بين الشرطي والمربي:
الشرطي والمربي كلاهما يتعامل مع الناس بهدف تعديل السلوك، وبين الاثنين نقاط اتفاق كثيرة، كما أن بينهما فروقاً كثيرة، إلا أن الفرق الجوهري بينهما أن الشرطي يهتم بتصحيح السلوك (الظاهر فقط) أما المربي فيهتم بإصلاح الظاهر والباطن.. بمعنى أنه يهتم بتعديل السلوك، وضبط المشاعر، وتصحيح الأفكار، وتوجيه القناعات، وبناء القيم.

إن غاية ما يقدمه الشرطي للفرد عندما يرتكب مخالفة هو أن يوقِع العقوبة عليه، أما المربي فلا يهتم بالعقوبة كاهتمامه بضمان عدم تكرار ارتكاب المخالفة عن قناعة ورقابة ذاتية. هذا لا يعني أن المربي لا يعاقب المتربي، وإنما المقصود أن العقاب ليس هدفاً عند المربي، وإنما هو وسيلة تربوية لعملية التربية المتكاملة (التي تشمل الظاهر والباطن).

ضوابط استخدام السلطة:

بعض المربين في المؤسسات التربوية يمارسون عمل الشرطي! من خلال استخدامهم غير المنضبط للسلطة في أثناء تربيتهم، وهم يلجأون لذلك رغبة في الحصول على نتائج سريعة ومشاهدة لكنها في الحقيقة نتائج في السلوك الظاهر فقط، أما غرس القيم فلا يفيد فيه استخدام السلطة.. إن الابن عندما يعلم أن أباه سيعاقبه إذا تأخر عن صلاة الجماعة فإنه سيحافظ عليها بشكل منضبط، لكنه عندما يصل إلى سن يصعب على الأب معاقبته فيه، أو ينتقل إلى بيئة أخرى فإن هذا السلوك (وهو المحافظة على صلاة الجماعة) سيزول.

لذا كان لزاماً علينا أن نذكر بعض الضوابط التي ينبغي أن يعيها المربون عند استخدامهم للسلطة كي لا يتحولوا إلى شرطة:

- إن ما ينبغي أن يعيه المربون هو: أن استخدامهم للسلطة في تعديل سلوك المتربي ليس كافياً في تربيته؛ لأن استخدام السلطة لن يغرس القيم المطلوبة في نفس المتربي.

- لا مانع من استخدام السلطة بهدف التزام المتربي سلوكا محددًا باستمرار، ليساعد ذلك على غرس قيمةٍ ما، لكن المهم هو عدم الاكتفاء بهذا الأسلوب.

- وينبغي أن لا يُفْرِط المربي في استخدام السلطة؛ لأن ذلك من شأنه أن يزيد الفجوة بين المربي والمتربي، ومن ثم يفقد المربي قدرته على الدخول إلى قلب المتربي.. إن استخدام السلطة هو بمثابة الترياق الذي يتناوله المريض عند الحاجة.

- أحياناً يضطر المربي إلى استخدام السلطة ليمنع المتربي من سلوك معين؛ لأنه لم يستطع إقناعه بترك هذا السلوك، وقد تؤدي هذه الخطوة إلى وجود جفوة بين الاثنين، فعلى المربي أن يتفطن لذلك ويسعى لإزالة هذه الجفوة إما بهدية أو ببديل للسلوك الذي منع المتربي منه. ولا يشترط في هذا البديل أن يكون مساويا للممنوع وإنما يكون من جنسه، وهذا منهج شرعي، فإن الله لما حرم الربا أباح البيع والدَّين، ولما حرم الزنا أباح الزواج.. وهكذا.

- بعض المربين يستخدم سلطته في قضايا لا تصل إلى كونها قيمًا ومبادئَ، وغاية الأمر أنها قناعات للمربي يرى صوابها، وقد يتحول عنها في يوم من الأيام[1]. وهذه المسألة تحتاج إلى تأمل كبير، والمفضل فيها عدم استخدام السلطة، والتوجه نحو الأساليب التربوية الأخرى التي من شأنها توجيه القناعات.

- يفضل ألا تستخدم السلطة إلا في ظل قانون واضح؛ لأن المربي إذا أصدر قرارًا مفاجئاً فإن المتربي ربما لا يدرك أبعاده، وقد يشعر بالظلم ويعتقد أن هذا القرار قرارٌ مزاجي مزعج!. فلو أن الابن مثلاً لعب الكرة داخل المنزل ولم يَصدُر قرارٌ من الوالدين بمنع ذلك، أو يَعلَمُ الابن بمنع ذلك لكنه لا يعرِفُ تبعات مخالفة هذا القانون، ثم كسر آنية من أواني البيت الثمينة دون قصد، فشاهدته أمه وغضبتْ من ذلك فقامت بضربه. ففي هذه القصة نلاحظ أن الأم تدرك تماماً مسوغات ما قامت به من ضربٍ لابنها، لكن الوضع مختلف بالنسبة للابن! فهو لم يدرك قيمة تلك الآنية، ولم يتوقع أن ينال هذه العقوبة، ويشعر أن الأمر مبالغٌ فيه، والمفترض أن لا يعاقب على خطأ غير متعمد، وربما يعتقد أن أمه تكرهه لأنها تضربه من أجل آنية هو أغلى منها!

- إن القانون الذي يصدر بالاتفاق بين المربي والمتربي يكون أبلغ في التأثير، وأجدر بالتنفيذ والدوام، بخلاف القانون الذي يصدر من جهة المربي وحده، وقد لا يفهم المتربي أبعاده وأهدافه، وربما أحس أنه قانون جائر! وفرق بين أن يقول الأب لابنه: إن لم تصل الفجر مع الجماعة فسأحرمك من كذا.. وبين أن يبين لابنه محبته له وحرصه عليه وخوفه من أن يناله العقاب في الآخرة إن اعتاد ترك صلاة الفجر في المسجد، ثم يطلب من ابنه حلا لهذه المشكلة، مُذكِّراً إياه بالخطوات التي اتبعها معه لحل المشكلة دون جدوى، وبالوعود التي قطعها الابن على نفسه ولم يف بها.. حتى يصل هو وابنه إلى سَنِّ قانونٍ لحل المشكلة، على أن يراجَع هذا القانون أيضاً إن لم يُجْدِ في جلسةٍ قادمة.

- لا بد أن يتسم استخدام السلطة بالعدل من خلال سن قوانين مفهومة، وتطبيقها على الجميع دون استثناء، وإن كان ثمة حاجة إلى استثناء فلا بد من الإشارة إلى ذلك عند سن القانون. إن القانون الذي يُسمَح بخرقه من المربي أو المتربي هو قانون محكوم عليه بالإخفاق مسبقاً.

وللحديث صلة..




[1] إكرام الضيف قيمة، لكن طريقة إكرامه قناعة، أخذ الزينة عند المسجد قيمة، لكن نوع اللبس الذي نلبسه عند الصلاة قناعة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 14-06-2021, 03:52 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {8}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس




في المقالات السابقة تحدثنا عن الجانب النظري من موضوع (غرس القيم)، وابتداءً من هذا المقال سيكون الموضوع عمليا من خلال الإجابة عن سؤالين مهمين؛ الأول: ما القيم التي ينبغي للمربي العناية بها؟ والثاني: كيف أغرس القيم؟

أمثلة لقيم ينبغي العناية بها:


ما أهم القيم التي ينبغي أن يُعنَى بها المربون في هذا العصر؟
إجابة هذا السؤال محل بحث وتأمل، وتفاصيلها تختلف من بيئة إلى أخرى، وما سأقترحه هنا من قيمٍ جاءَ نتيجةَ مناقشة في عدد من البرامج التدريبية، وإحساس من الجميع بأهميتها، وهي بمثابة أمثلة لقيم غابت في هذا الزمان، وتظل القائمة طويلة بطول الأزمات التربوية التي نعيشها في زماننا..

التوحيد:

التوحيد هو القيمة العليا التي ينبغي أن يعنى بها المربون؛ لأنها سبب النجاح والتوفيق في الدارين، ويقصد بالتوحيد: توحيد الإثبات (إثبات ربوبيته وأسمائه وصفاته) وتوحيد العبادة (توحيد الألوهية) وهذا النوع هو محل البحث في زماننا المعاصر، وما ينبغي أن تبذل الجهود في ترسيخه وتأكيد مقتضياته.

لا شك أن نشأة الابن في بيئة موحِّدة يساعد على ترسيخ هذه العقيدة، إلا أن على الأبوين التيقن من غرس الكثير من معاني العقيدة في حياة ابنهم، ومن ذلك: التوكل، والإيمان بالقضاء والقدر، والإخلاص، والولاء والبراء..

إن العقيدة بمنزلة اللبن الذي يتناوله الطفل منذ نعومة أظفاره إلى أن يهرم.

تعظيم الوحي:

إن الإنسان إذا عظَّم الوحي وتَوجَّهَ له قراءةً وحفظاً وامتثالاً؛ فقد حاز الخيرية كما روى البخاري (4739) عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

والتوفيق كما في المستدرك على الصحيحين للحاكم (ج 1 / ص 307) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي))

وقد ذم الله الذين يصدون عن الوحي ولا يتحاكمون إليه فقال سبحانه: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 47-52].

ويصف ابن عباس حال الصحابة مع حديث رسول اللهصلى الله عليه وسلم فيقول: إِنَّا كُنَّا مَرَّةً إِذَا سَمِعْنَا رَجُلًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْتَدَرَتْهُ أَبْصَارُنَا وَأَصْغَيْنَا إِلَيْهِ بِآذَانِنَا، فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ لَمْ نَأْخُذْ مِنْ النَّاسِ إِلَّا مَا نَعْرِفُ. [صحيح مسلم - (ج 1 / ص 27)].

تعظيم الأمر والنهي:

وهذه القيمة تابعة لما قبلها، وإنما أفردتها لتأكيد تَمثُّل الوحيين في واقع الحياة.. إننا عندما نُدرِّس أبناءنا أن السنة (المستحب) هي ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها (وهذا حق) وأن المكروه ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله، ونتوقف عند هذا التعليم فإننا ننخر في هذه القيمة! فإذا قلت للمتربي: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، قال لك: أهو واجب؟! وإذا قلت: نهى صلى الله عليه وسلم عن كذا قال: هذا مكروه وليس بمحرم!

إننا ينبغي أن نغرس في قلوب أبنائنا العمل بالسنة وامتثال الأمر، وترك النهي والابتعاد عنه، وهذا هو معنى التقوى الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه النعمان بن بشير قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: -وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ– ((إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)) [صحيح مسلم - (ج 8 / ص 290)].

وقد كان السلف المتقون يعظمون الأمر ولا يتساءلون أكان للوجوب أم للاستحباب؟ ويعظمون النهي ولا يتساءلون أهو للتحريم أم للكراهة.. فإذا أُمِروا بأمر أتوه وإذا نهوا عن أمر تركوه امتثالاً لقول الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) (صحيح البخاري: 6858).. كان الواحد منهم إذا خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم اسودت الدنيا في وجهه.

والأمثلة على ذلك كثيرة لكني سأكتفي بمثال واحد يدل على تعظيم الصحابة للأمر والنهي:

لما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية كان لعمر رضي الله عنه وجهة نظر تجاه ما جرى عليه الصلح، يحدثنا عن ذلك فيقول: أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألست نبي الله حقا؟ قال: ((بلى)) قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: ((بلى))؛ قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟! قال: ((إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري). قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟! قال: ((بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟)). قال: قلت: لا! قال: ((فإنك آتيه ومطوِّفٌ به)). قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقا؟ قال: بلى! قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: بلى! قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه فوالله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام؟! قلت :لا! قال: فإنك آتيه ومطوف به!. قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً[صحيح البخاري 2581].

قال ابن حجر: (المراد به الأعمال الصالحة ليكفر عنه ما مضى من التوقف في الامتثال ابتداءً، وقد ورد عن عمر التصريح بمراده بقوله (أعمالا) ففي رواية ابن إسحاق: وكان عمر يقول: ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذٍ مخافة كلامي الذي تكلمت به. وعند الواقدي من حديث ابن عباس: قال عمر: لقد أعتقت بسبب ذلك رقابًا وصمت دهرًا) . (فتح الباري 5/346).

وللحديث صلة..





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 20-06-2021, 03:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {9}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس







تحدثنا في المقال السابق عن ثلاث من القيم المهمة، وهي: التوحيد، وتعظيم الوحي، وتعظيم الأمر والنهي، وفي هذا المقال نتحدث عن أربعة قيم أخرى.
















الصبر:



بالصبر يحصّل الإنسان معيةَ الله؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153]، ويتبوأ منزلة الريادة قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]، ويفوز بالجنة قال تعالى: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} [المؤمنون: 111] وقال تعالى: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً} [الفرقان: 75] وقال تعالى: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [القصص: 54] وقال تعالى: {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} [الإنسان: 12] وينجو من الخسران قال تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [سورة العصر] وجعل الله العاقبة للصابرين، وقد امتدح الله بني إسرائيل لما صبَروا وجزاهم على ذلك، قال تعالى: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ} [الأعراف: 137] وذمهم لما نفِد صبرُهم؛ قال تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} [البقرة: 61] وأمر عباده بالصبر في آيات كثيرة، أمراً مباشراً أو من خلال القصص القرآني، وحث عباده على العفو ومقابلة الإساءة بالإحسان وهي درجة مغبوط من يحصلها قال تعالى {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:34 - 35].

الصبر يعين الإنسان على التزام الطاعة وهجر المعصية، وتحمل الأقدار؛ قال ابن القيم: "وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مجاهد قال: قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: وجدنا خير عيشنا بالصبر. وقال أيضًا: أفضل عيش أدركناه بالصبر ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريما. وقال على بن أبى طالب رضي الله عنه: ألا إن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا قطع الرأس بار الجسم، ثم رفع صوته فقال: ألا إنه لا إيمان لمن لا صبر له، وقال: الصبر مطية لا تكبو. وقال الحسن: الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده. وقال عمر بن عبد العزيز: ما أنعم الله على عبد نعمة فانتزعها منه فعاضه مكانها الصبر إلا كان ما عوضه خيرًا مما انتزعه.. وقال سليمان بن القاسم: كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] قال: كالماء المنهمر" [1].

وتزداد الحاجة لهذه القيمة في زماننا هذا الذي كثرت فيه الفتن والمغريات، وأصبح الصابر فيه على دينه كالقابض على الجمر.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي على الناس زمانٌ الصابرُ فيهم على دينه كالقابض على الجمر))؛ [سنن الترمذي 2260].

وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن وراءكم أيام الصبر؛ المتمسك فيهن يومئذ بمثل ما أنتم عليه له كأجر خمسين منكم)، قالوا: يا نبي الله أو منهم؟! قال: (بل منكم)، قالوا: يا نبي الله أو منهم؟! قال: (بل منكم) ثلاث مرات أو أربع.

مراقبة الله:





قال ابن القيم: (المراقبة: دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه؛ فاستدامته لهذا العلم واليقين هي المراقبة، وهي ثمرة علمه بأن الله سبحانه رقيب عليه ناظر إليه سامع لقوله وهو مطلع على عمله كل وقت وكل لحظة وكل نفس وكل طرفة عين.. وقيل: من راقب الله في خواطره عصمه في حركات جوارحه.. وقال ذو النون: علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وتصغير ما صغر الله.. وأرباب الطريق مجمعون على أن مراقبة الله تعالى في الخواطر سبب لحفظها في حركات الظواهر؛ فمن راقب الله في سره حفظه الله في حركاته في سره وعلانيته، والمراقبة هي التعبد باسمه الرقيب الحفيظ العليم السميع البصير؛ فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها حصلت له المراقبة والله أعلم)[2].

وفي مثل هذا الزمان الذي انتشرت فيه وسائل الإفساد ينبغي للمربي - مع حرصه على المتربي ومتابعته له - أن يغرس فيه مراقبة الله في السر والعلن، والخوف منه ورجاء ثوابه.



تعظيم شأن الصلاة:


الصلاة هي عمود الدين كما يدل عليه حديث معاذ [المسند 22121]، وهي آخر عرى الإسلام نقضاً، كما جاء في الحديث: ((لتُنقضَنَّ عُرى الإسلام عُروة عُروة؛ فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها؛ فأولهن نقضاً الحُكم، وآخرهن الصلاة» [المسند 5/251]، والواقع يشهد بوجود أزمة كبيرة في غياب هذه القيمة.


تعظيم شأن الجهاد:


الممارسات الخاطئة لمن يتسمى بالجهاد، ووسائل الإعلام، وغياب أركان هذه الفريضة على أرض الواقع؛ كل ذلك أدى إلى غياب هذه القيمة، فلا تجد من يتحدث عنها من العلماء فضلاً عن غيرهم، بل وجدنا من أبناء المسلمين من يُنكر جهاد الطلب، والله المستعان.


والجهاد بالمال والنفس هو ذروة سنام الإسلام كما يدل عليه حديث معاذ [المسند 22121]، وهو أفضل الأعمال كما في حديثعبد الله بن عمرو قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذُكِرت الأعمال، فقال: (ما من أيام العمل فيهن أفضل من هذه العشر)، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد قال: فأكبره، قال: (ولا الجهاد إلا أن يخرج رجل بنفسه وماله في سبيل الله ثم تكون مهجة نفسه فيه) (المسند 6559). وهو التجارة الرابحة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10-13].

وللحديث صلة..





ــــــــــــــــــــ

[1] ابن القيم ، عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين ، بيروت: دار الكتب العلمية 1/77.




[2] ابن القيم (1393هـ) مدارج السالكين، بيروت: دار الكتاب العربي 2/65، 66 باختصار.










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 23-06-2021, 01:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,550
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية ---تابعونا

كيف أغرس في أولادي القيم الإسلامية {10}
إبراهيم بن عبدالعزيز الخميس





في المقالين السابقين تحدثنا عن سبع قيم، وفي هذا المقال نتحدث عن خمس قيم أخرى..



الحياء:

الحياء يفتح أبواب الخير للإنسان، ويصد عنه أبواب الشر، قال صلى الله عليه وسلم: ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) (صحيح البخاري 5766) وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَا شِئْتَ)) [صحيح البخاري - (ج 11 / ص 302)]، وهو زينة للإنسان في أقواله وأفعاله، قال صلى الله عليه وسلم: ((مَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ، وَمَا كَانَ الْحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ)) [سنن الترمذي - (ج 7 / ص 242)] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ)) [(سنن الترمذي - (ج 7 / ص 294)]. وأفضل الحياء هو الحياء من الخالق؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ)) قَال:َ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَ: (( لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ)) [سنن الترمذي - (ج 8 / ص 498)] وبيان هذا واضح؛ فإن الإنسان إذا عرَف نعمة الله عليه وشاهد فضله، استحيى أن يعصي الله فوق أرضه وبنعمته وهو يراه! ومقتضى ذلك أن يحفظ جوارحه عما حرم الله، وأن يعمل لما بعد الموت.

والحياء من المخلوق مطلوب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصف بشدة الحياء، اقرأوا إن شئتم قول الله تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ} [الأحزاب: 53]، قال أنس في قصة نزول هذه الآية: وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء. (صحيح البخاري 4515) ووصفه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه بقوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه.(صحيح البخاري 5751)، وليس الحياء الذي يمنع الإنسان من قول الحق أو التفقه في الدين، كما قالت عائشة رضي الله عنها: نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. (صحيح مسلم332).

هذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم وحال صحابته الكرام، وإنَّ نظرةً فاحصة إلى واقع الناس الآن لتؤكد غياب هذه القيمة، فقد هَجَرتِ العذراءُ خدرها، وخرجت للأسواق وأماكن العمل، تُحاوِر هذا وتماكس ذاك.. تحررت من الحياء وهو شعبة من شعب الإيمان، أما الشباب فجاهروا بالمنكرات، وربما تفاخروا بها.. ووسائل الإعلام تتحمل وزر هذا الفحش الذي شانها، كيف لا وقد صار أبطال الفحش في قنوات الفساد نجومًا يَقتدِي بهم أبناؤنا وبناتنا يخرجون على الهواء مباشرة ليعلنوا للناس أنهم لا يستحيون من الله حق الحياء ولذا سيفعلون ما يشاؤون.

الصدق:

الصدق قيمة ملازمة للمؤمن إذا انتفت عنه كان فيه خصلة من خصال المنافقين؛ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذَب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) (صحيح البخاري33)، والصدق يهدي الإنسان للبر والجنة؛ فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا). والصدق منجاة.. وكان صلى الله عليه وسلم لا يكذب مطلقًا حتى قبل البعثة كما وصفه بذلك أبو سفيان عند هرقل (صحيح البخاري 7)، فكان ذلك حاله في جده وهزله: لا يقول إلا الحق.

إن أبناءنا يعرفون أن الصدق فضيلة، لكنهم يكذبون إلا من رحم الله! وربما تعلم الطفل الصغير الكذب من والديه دون أن يشعرا بذلك.

إن المتربي الذي يجعل الصدق شعارَهُ، تكون كلُّ شائبةٍ فيه إلى زوال! لأن الصدق يهدي للبر.. لكنه إن كان يكذب فليس فيه حيلة كما قال الأول:

لي حيلةٌ فيمن يَنِمُّ وليس في الكذابِ حيلةْ
من كان يخلقُ ما يقو لُ فحيلتي فيه قَليلةْ


رجولة الابن وأنوثة البنت:
هذه القيمة من القيم الراسخة في ديننا، لذا جاء النهي الشديد عن تشبه الرجل بالمرأة وتشبه المرأة بالرجل، وفي مسند أحمد بسند صحيح (ج 7/ ص 17) ((لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)) وفيه أيضًا (ج 12 / ص 441) ((ثَلَاثٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ وَالدَّيُّوثُ، وَثَلَاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ وَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ الْخَمْرَ وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى)).

وقد بدأت في هذه الأزمنة مظاهر تنبئ عن انتكاس في الفطرة، فأصبحت ترى شبابا كالزبدة في الرقة والنعومة، وترى في المقابل فتيات يحاولن الاعتداء على ملابس الشباب وهيئاتهم وألعابهم.. ووسائل الإعلام تشجع على هذا السلوك وتدفع بالفتاة نحو الترجل، والله المستعان.

القراءة:

لك أن تتأمل في أول كلمة نزلت على النبي الأمي صلى الله عليه وسلم (اقرأ)، لتؤكد أن طريق الإصلاح وسبيل التربية في (اقرأ)! لقد حول النبي صلى الله عليه وسلم العرب الأميين إلى قادة للعالم ومنبر للعلم، وها هي ذي أمة (اقرأ) تعاني الأمية من جديد لتُتْبِعَ أميتها بالذل والتخلف.. إنَّ أمةً نصفُها يعيش أميةَ (الأبجدة) والنصف الآخر يعاني أمية (الحضارة)(*)؛ كيف ستنهض وهذه حالها؟!. لقد أثرت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في ثقافة عامة الناس، فهجروا القراءة وتركوها، فنفاهم التاريخ إلى أرشيفه وغدوا في ذيل القائمة.

إنها معادلة سهلة: الأمة التي تقرأ ستنهض، والأمة التي لا تقرأ ستظل في مكانها..

ترك الفضول:

لا يصيبُ الإنسانَ شر يشينُ إسلامه إلا بسبب الفضول، (فضول الطعام، وفضول الخلطة، وفضول النظر، وفضول الاستماع، وفضول المال..)، فمن أراد أن يكون إسلامه حسنًا فليترك الفضول؛ كما في الأثر (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).

لقد غدا الفضول سمة بارزة في كثير من الناس في هذا الزمان، والأبناء يتربون على الفضول باقتدائهم بأهلهم في ذلك.

وللحديث صلة..

-----------------------------------

(*) أمية الأبجدة: هي عدم القدرة على القراءة أو الكتابة، أما أمية الحضارة فهي في العجز عن ممارسة القراءة مع إجادتها! ونتيجة ذلك: العجز عن التعامل مع معطيات الحضارة الثقافية والاجتماعية والتقنية ونحوها.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 176.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 170.82 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]