مواقف إنسانية في شعر الجهاد - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         كيف نجيد فن التعامل مع المراهق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الطفل والأدب.. تنمــية الذائقة الجمالية الأدبية وتربيتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ترجمة موجزة عن فضيلة العلامة الشيخ: محمد أمان بن علي الجامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          يجب احترام ولاة الأمر وتوقيرهــم وتحرم غيبتهم أو السخرية منهم أو تنــقّصهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 1176 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أساس الأسرة زوجان متحابان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أين أنت من القرآن الكريم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          من شبهات وأباطيل اليهود-أن اليهود حولوا القدس وفلسطين من صحراء إلى جنان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-04-2021, 04:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,009
الدولة : Egypt
افتراضي مواقف إنسانية في شعر الجهاد

مواقف إنسانية في شعر الجهاد


د. وليد قصاب







ازْدَهَر أَدَب الحَرْب - "الذي صار أدبَ جهادٍ بِمَجيء الإسلام" - ازْدِهارًا شَدِيدًا، وصَارَتْ لهذا الأدب طَوَابعه وَسِماته المميّزة، وكان ازدهاره بسببِ خُرُوج المسلمين؛ لِنَشْر دينهِم، والجهاد في سبيل الله؛ لإعْلاءِ كلمة الله، وقد رَافَقَ الأَدَبُ الفُتُوحات، ومضى الشعر خاصَّة يسجل كلَّ صغيرةٍ وكبيرةٍ من شُؤُون المقاتلينَ، وَيَتَجَنَّد لِخِدمة معركة الإسلام، وما رافَقَها من بُطُولات، وأمجادٍ، وأحداثٍ.

ولكن شعر الجهاد في تُراثنا الأدبي الإسلامي، لَمْ يَتَوَقَّف عند وصف المعارك، أو حث الجُنْد على القتال، أو تَعْبِئة الرُّوح المَعْنَويَّة في نفوسهم، أو تَخْليد أبطال المَعَارِك وقادتها، أو هِجاء الخُصُوم والتَّحذير مِن مَكْرِهم وموالاتهم، أو رِثاء الشُّهداء، الذين كانوا يَتَساقطونَ دفاعًا عن دين الله، وشَرَف الأمَّة؛ بل جَمَع إلى هذه المعاني الجهاديَّة النَّبيلة ألوانًا منَ المَوَاقِف العَسْكَرِيَّة الإنسانيَّة، التي تمسُّ شغاف القُلُوب، وتصدر عن إيمان حارٍّ، ويقينٍ صادقٍ.

وقد تَمَثَّلَت هذه المعاني الإنسانيَّة في مجموعة منَ المَوَاقف العظيمة، نشير إلى بعضٍ منها في هذه العُجَالة:

- فهذا أبٌ - هو أمية بن حرثان - تطول غيبة ابنه كلاب في الجهاد، وهو شَيْخ كبير، فيحِنُّ إليه، فيأتي عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - فيشكو غَيْبَته، ويذكر وَطْأة فراقِه، قائلاً للفاروق في أبيات كثيرةٍ منها:













سَأَسْتَعْدِي عَلَى الفَارُوقِ رَبًّا لَهُ عَمَدَ الحَجِيجُ إِلَى بُسَاقِ
إِنِ الفَارُوقُ لَمْ يَرْدُدْ كِلابًا عَلَى شَيْخَيْنِ هَامُهُمَا زَوَاقِ







فأَشْفَق عليه عُمر، فكتَبَ إلى أبي موسى الأشعري - عامله على البصرة - يأمره بإشخاص كلاب، فما شعر أميَّة إلاَّ به يقرع الباب.

- وهذا أبٌ، جزع على ابنه، مُشْفِق مِن فراقه، يحاول أن يثنيه، أو يثبط مِن عزيمتِه، ولكنَّ الابن لا يستجيبُ إلاَّ لِدَاعي الله، من ذلك ما رُويَ من أنَّ شيبان بن المخبل السَّعدي، خَرَجَ مع سعد بن أبي وقاص إلى غَزْو الفُرس، وكان أبوه قد أسنَّ وضعف، فراحَ يُنَاديه، وَيَتَحَسّر على وَحْدته، ويقول هذا الشِّعر المؤثر:






أَيُهْلِكُنِي شَيْبَانُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِقَلْبِيَ مِنْ خَوْفِ الفِرَاقِ وَجِيبُ
وَيُخْبِرُنِي شَيْبَانُ أَنْ لَمْ يَعُقَّنِي تَعُقُّ إِذَا فَارَقْتَنِي وَتَحُوبُ
فَإِنْ يَكُ غُصْنِي أَصْبَحَ الْيَوْمَ بَالِيًا وَغُصْنُكَ مِنْ مَاءِ الشَّبَابِ رَطِيبُ
فَإِنِّي حَنَتْ ظَهْرِي هُمُومٌ تَتَابَعَتْ فَمَشْيِي ضَعِيفٌ فِي الرِّجَالِ دَبِيبُ







ولقد تَكَرَّرَتْ هذه المواقف الإنسانيَّة التي تَتَوَزَّع فيها الابنَ المُنْطَلِقَ إلى الجهاد عاطِفَتَا الواجب تجاه دِينِه، والإشفاق على والدَيْه العَجُوزينِ الخائفَيْنِ من فراقِه، وكم آثر الأبناء الآخرة، فلمْ يَثْنِهم عنِ الانْطلاق إلى واجبهم المُقَدّس شيءٌ، تغلب فيهم الإيمان، وَتَقَهْقَرَتْ عاطِفة الخَوَر والإحْبَاط، وقد عَبَّر عن هذا أورع تعبير الشاعر الحَتَّات، مُجِيبًا أباه ذُرَيْحًا، لَمَّا جزع عليه وبكاه، واسْتَعْطَفَه ليَرْجع:





أَلاَ مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي ذُرَيْحًا فَإِنَّ اللَّهَ بَعْدَكَ قَدْ دَعَانِي
فَإِنْ تَسْأَلْ فَإِنِّي مُسْتَقِيدٌ وَإِنَّ الخَيْلَ قَدْ عَرَفَتْ مَكَانِي







وهكذا كان الأبناء يتسابقونَ إلى الجهاد، لا يَعبؤُون بأهليهم، الذين يناشدونهم عجزَهم وضعفَهم، وتأبَى عزائمُهم أن تلين أمام دعوة الواجب الإيماني.

- ومن هذه المواقف الإنسانية، التي يعكسها شعرُ الجهاد، ما كان يمازج الجندَ المغتربين من حَنِينٍ إلى ديارهم وأهليهم، بعد أن طالت غيبتُهم، وشطَّ بهم المزارُ، فراحوا يترجمون هذا الحنينَ إلى شعر يمزج بين المعركة والديار، والقتال والذكريات، ولَمْع السيوف والشوق، وهو حنين تتنازعه كذلك عاطفتا الواجب والشوق العارم.

- ومن هذه المواقف تلك الوصايا، التي كان يوصي بها بعضُ المجاهدين أبناءهم أو أهليهم، قبل أن يمضي إلى ساحة القتال، ولقد حفظ لنا التاريخ من ذلك قصيدةً رائعة للشاعر عبدة بن الطبيب، وهي قصيدة تنضح بالمعاني الإسلامية، ويترقرق فيها نَفَسُ إيمانٍ حارٌّ، إذ نجد الشاعر يوصي ابنه، قائلاً له:






وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ قَصْرِيَ حُفْرَةٌ غَبْرَاءُ يَحْمِلُنِي إِلَيْهَا شَرْجَعُ
فَبَكَى بَنَاتِي شَجْوَهُنَّ وَزَوْجَتِي وَالأَقْرَبُونَ إِلَيَّ ثُمَّ تَصَدَّعُوا
فَإِذَا مَضَيْتُ إِلَى سَبِيلِي فَابْعَثُوا رَجُلاً لَهُ قَلْبٌ حَدِيدٌ أَصْمَعُ
إِنَّ الحَوَادِثَ يَخْتَرِمْنَ وَإِنَّمَا عُمْرُ الفَتَى فِي أَهْلِهِ مُسْتَوْدَعُ







ثُمَّ يُوصيه في نهايتها بِتَقْوى الله، وَبِرِّ الوالِدَيْن، فيقول لهما:





أُوصِيكُمُ بِتُقَى الإِلَهِ فَإِنَّهُ يُعْطِي الرَّغَائِبَ مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ
وَبِبِرِّ وَالِدِكُمْ وَطَاعَةِ أَمْرِهِ إِنَّ الأَبَرَّ مِنَ الْبَنِينَ الأَطْوَعُ










- ومن هذه المواقف الإيمانية الإنسانية، يحدثنا التاريخ عن جراحات يتعرض لها المجاهد؛ كأنْ تقطعَ يده، أو إصبعه، أو غيرهما، فيخاطبها مبينًا لها أنها لن تحُولَ دونه ودون إكمال غايته، وأنها شيء هيِّن، رخيص في مرضاة الله، ونيل الأجر والثواب.

قطعت إصبع عبدالله بن رواحة يوم مؤتة، واستشهد أمامه صاحباه؛ زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، فارتجز قائلاً:







هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ
يَا نَفْسُ إِلاَّ تُقْتَلِي تَمُوتِي هَذَا حِمَامُ المَوْتِ قَدْ صَلِيتِ
إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَدْ شَقِيتِ









- وفي هذا التيار العسكري الإنساني، يحدِّثنا الأدب كذلك عن فرسان جُرحوا جراحات بليغة في المعركة، وأحسُّوا بدنوِّ آجالهم وهم في بلاد الغربة، فسارعوا إلى رثاء أنفسهم رثاء حارًّا مؤثِّرًا، وما يزال التاريخ الأدبي يحفظ لنا في هذا المجال رائعةَ مالك بن الرَّيْب المشهورة:






وَأَشْقَرَ مَحْبُوكٍ يَجُرُّ عِنَانَهُ إِلَى المَاءِ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ المَوْتُ سَاقِيَا
فَيَا صَاحِبَيْ رَحْلِي دَنَا المَوْتُ فَانْزِلاَ بِرَابِيَةٍ إِنِّي مُقِيمٌ لَيَالِيَا
أَقِيمَا عَليَّ الْيَوْمَ أَوْ بَعْضَ لَيْلَةٍ وَلاَ تُعْجِلاَنِي قَدْ تَبَيَّنَ شَانِيَا
وَقُومَا إِذَا مَا اسْتُلَّ رُوحِي فَهَيِّئَا لِيَ السِّدْرَ وَالأَكْفَانَ ثُمَّ ابْكِيَا لِيَا
وَخُطَّا بِأَطْرَافِ الأَسِنَّةِ مَضْجَعِي وَرُدَّا عَلَى عَيْنَيَّ فَضْلَ رِدَائِيَا
أَلَمْ تَرَنِي بِعْتُ الضَّلاَلَةَ بِالهُدَى وَأَصْبَحْتُ فِي جَيْشِ ابْنِ عَفَّانَ غَازِيَا










- ومن أطرف ما حفظ لنا شعرُ المعركة، أن يرثي الشاعر عضوًا من أعضاء جسمه، فقَدَه في أثناء القتال، كما حدث للشاعر الفارس عبدالله بن سبرة، الذي فقَدَ يدَه بضربة من (الأرطبون) قائد الروم، عندما كان عبدالله ينقضُّ عليه ليصرعه، وقد نصر الله الفارس المسلم، وأمكنه من عدوِّه، ولكنه فقد يده، فقدها شهيدة، وراح يرثيها بهذا القول الطريف المؤثِّر:






يُمْنَى يَدَيَّ غَدَتْ مِنِّي مُفَارِقَةً لَمْ أَسْتَطِعْ يَوْمَ فِلْطَاسٍ لَهَا تَبَعَا
وَمَا ضَنَنْتُ عَلَيْهَا أَنْ أُصَاحِبَهَا لَقَدْ حَرَصْتُ عَلَى أَنْ نَسْتَرِيحَ مَعَا
وَقَائِلٍ غَابَ عَنْ شَأْنِي وَقَائِلَةٍ هَلاَّ اجْتَنَبْتَ عَدُوَّ اللَّهِ إِذْ صُرِعَا
فَإِنْ يَكُنْ أَرْطَبُونُ الرُّومِ قَطَّعَهَا فَقْدْ تَرَكْتُ بِهَا أَوْصَالَهُ قِطَعَا
وَإِنْ يَكُنْ أَرْطَبُونُ الرُّومِ قَطَّعَهَا فَإِنَّ فِيهَا بِحَمْدِ اللَّهِ مُنْتَفَعَا










وهكذا نجد أدب المعركة قد نما وزهى في الإسلام، فاتَّسعت آفاقُه، وانفسحت رحابه، ومضى يغترف من مَعِين الإسلام الثَّرِّ الغزير قيمًا نبيلة، وأهدافًا خيِّرة سامية، وراح هذا الأدب يرسخ في نفوس الناس أن الجهاد واجب مقدس، والشهادة شرف لا يؤتاه إلا الصفوة الأخيار، وحدد هذا الأدب - من وحي الإسلام - هدفَ المعركة، وغايتَها، ودورَها في حياة المسلمين، وبذلك امتزجت في أدب المعركة الإسلامي الروحُ الدينية بروح الفروسية، بعد أن كان في الجاهلية يتلبس روح العصبية، والثأر، والاستعلاء الأحمق، فازداد أثرُه في النفوس، وعظم دوره في حشد الروح المعنوية في نفوس المقاتلين والجنود، وحفزهم على القتال، وتحبيب الموت إلى نفوسهم.

إنَّ تُراثنا الإسلامي العربي حافلٌ بأدبِ المعركة والجهاد، ولا تَكَاد تكون هنالكَ معركة مِن معارك العَرَب والإسلام، إلا كان الأدب يتقدمها بالتحريض والإغراء والتشجيع، ثم يأتي بعدها للتَّهنئة أو التَّعزية، وقد خلَّد الأدب هذه المعاركَ، وأبطالَها، وشهداءها أكثرَ مما فعل التاريخ، فنحن ما زلنا نعرف عن معارك المعتصم، وعن فتح عمورية من شعر أبي تمام، أكثر مما نعرف منَ التاريخ، وما نزال نذكر سيف الدولة ومعركة "الحدث" وغيرها، مِن خلال شعر أبي الطَّيب المتنبي، وما نزال نستنطق أشعار البهاء زهير بالكثيرِ عن جهاد صلاح الدين الأيوبي ومعاركه وفتوحاته، فأدبنا القديم وثيقة حيَّة نابِضة لأدبِ المعركة والجهاد.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.72 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]