|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الاول الحلقة (4) صــ 43إلى صــ 67 39 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت عبيد الله بن عمر ، عن سيار أبي الحكم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ذكر أن رجلين اختصما في آية من القرآن ، وكل يزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه ، فتقارآ إلىأبي ، فخالفهما أبي ، فتقارءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا نبي الله ، اختلفنا في آية من القرآن ، وكلنا يزعم أنك أقرأته . فقال لأحدهما : اقرأ . قال : فقرأ ، فقال : أصبت . وقال للآخر : اقرأ . فقرأ خلاف ما قرأ صاحبه ، فقال : أصبت . وقال لأبي : اقرأ . فقرأ فخالفهما ، فقال : أصبت . قال أبي : فدخلني من الشك في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دخل في من أمر الجاهلية ، قال : فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي في وجهي ، فرفع يده فضرب صدري ، وقال : استعذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال : ففضت عرقا ، وكأني أنظر إلى الله فرقا . وقال : إنه أتاني آت من ربي فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : ثم جاء فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : ثم جاء الثالثة فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد . فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : ثم جاءني الرابعة فقال : إن ربك يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة مسألة . قال : قلت : رب اغفر لأمتي ، رب اغفر لأمتي ، واختبأت الثالثة شفاعة [ ص: 43 ] لأمتي ، حتى إن إبراهيم خليل الرحمن ليرغب فيها .
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الاول الحلقة (5) صــ 68إلى صــ 79 66 - وحدثني بعض أصحابنا ، قال : حدثنا صالح بن نصر ، قال : حدثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي الأسود الدؤلي ، قال : نزل القرآن بلسان الكعبين : كعب بن عمرو وكعب بن لؤي . فقال خالد بن سلمة لسعد بن إبراهيم : ألا تعجب من هذا الأعمى! يزعم أن القرآن نزل بلسان الكعبين; وإنما أنزل بلسان قريش! [ ص: 67 ] قال أبو جعفر : والعجز من هوازن : سعد بن بكر ، وجشم بن بكر ، ونصر بن معاوية ، وثقيف . وأما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ ذكر نزول القرآن على سبعة أحرف : إن كلها شاف كاف - فإنه كما قال جل ثناؤه في صفة القرآن : ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) [ سورة يونس : 57 ، جعله الله للمؤمنين شفاء ، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وساوس الشيطان وخطراته ، فيكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته . القول في البيان عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنزل القرآن من سبعة أبواب الجنة " ، وذكر الأخبار الواردة بذلك قال أبو جعفر : اختلفت النقلة في ألفاظ الخبر بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : 67 - فروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : كان الكتاب الأول نزل من باب واحد وعلى حرف واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب وعلى سبعة أحرف : زاجر وآمر وحلال وحرام ، ومحكم ومتشابه ، وأمثال ، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه ، وافعلوا ما أمرتم به ، وانتهوا عما نهيتم عنه ، واعتبروا بأمثاله ، واعملوا بمحكمه ، وآمنوا بمتشابهه ، وقولوا : آمنا به كل من عند ربنا . حدثني بذلك يونس بن عبد الأعلى ، قال : أنبأنا ابن وهب ، قال : أخبرني حيوة بن شريح ، عن عقيل بن خالد ، عن سلمة بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . [ ص: 69 ] وروي عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا غير ذلك : 68 - حدثنا محمد بن بشار ، قال حدثنا عباد بن زكريا ، عن عوف ، عن أبي قلابة ، قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أنزل القرآن على سبعة أحرف ، أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل وقصص ومثل . 69 - وروي عن أبي ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ما حدثني به أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن فضيل ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي بن كعب ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله أمرني أن أقرأ القرآن على حرف واحد ، فقلت : رب خفف عن أمتي . قال : اقرأه على حرفين . فقلت : رب خفف عن أمتي . فأمرني أن أقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب من الجنة ، كلها شاف كاف . وروي عن ابن مسعود من قيله خلاف ذلك كله . 70 - وهو ما حدثنا به أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربي ، عن الأحوص بن حكيم ، عن ضمرة بن حبيب ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : إن الله أنزل القرآن على خمسة أحرف : حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال . فأحل الحلال ، وحرم الحرام ، واعمل بالمحكم ، وآمن بالمتشابه ، واعتبر بالأمثال . [ ص: 70 ] وكل هذه الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، متقاربة المعاني ، لأن قول القائل : فلان مقيم على باب من أبواب هذا الأمر ، وفلان مقيم على وجه من وجوه هذا الأمر ، وفلان مقيم على حرف من هذا الأمر - سواء . ألا ترى أن الله جل ثناؤه وصف قوما عبدوه على وجه من وجوه العبادات ، فأخبر عنهم أنهم عبدوه على حرف فقال : ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) [ سورة الحج : 11 ] ، يعني أنهم عبدوه على وجه الشك ، لا على اليقين والتسليم لأمره . فكذلك رواية من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نزل القرآن من سبعة أبواب " و " نزل على سبعة أحرف " سواء ، معناهما مؤتلف ، وتأويلهما غير مختلف في هذا الوجه . ومعنى ذلك كله ، الخبر منه صلى الله عليه وسلم عما خصه الله به وأمته ، من الفضيلة والكرامة التي لم يؤتها أحدا في تنزيله . وذلك أن كل كتاب تقدم كتابنا نزوله على نبي من أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم ، فإنما نزل بلسان واحد ، متى حول إلى غير اللسان الذي نزل به ، كان ذلك له ترجمة وتفسيرا لا تلاوة له على ما أنزله الله . وأنزل كتابنا بألسن سبعة ، بأي تلك الألسن السبعة تلاه التالي ، كان له تاليا على ما أنزله الله لا مترجما ولا مفسرا ، حتى يحوله عن تلك الألسن السبعة إلى غيرها ، فيصير فاعل ذلك حينئذ - إذا أصاب معناه - مترجما له . كما كان التالي [ ص: 71 ] لبعض الكتب التي أنزلها الله بلسان واحد - إذا تلاه بغير اللسان الذي نزل به - له مترجما ، لا تاليا على ما أنزله الله به . فذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : كان الكتاب الأول ، نزل على حرف واحد ، ونزل القرآن على سبعة أحرف . وأما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الكتاب الأول نزل من باب واحد ، ونزل القرآن من سبعة أبواب " ، فإنه صلى الله عليه وسلم عنى بقوله : " نزل الكتاب الأول من باب واحد " ، والله أعلم ، ما نزل من كتب الله على من أنزله من أنبيائه ، خاليا من الحدود والأحكام والحلال والحرام ، كزبور داود ، الذي إنما هو تذكير ومواعظ ، وإنجيل عيسى ، الذي هو تمجيد ومحامد وحض على الصفح والإعراض - دون غيرها من الأحكام والشرائع - وما أشبه ذلك من الكتب التي نزلت ببعض المعاني السبعة التي يحوي جميعها كتابنا ، الذي خص الله به نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته . فلم يكن المتعبدون بإقامته يجدون لرضى الله تعالى ذكره مطلبا ينالون به الجنة ، ويستوجبون به منه القربة ، إلا من الوجه الواحد الذي أنزل به كتابهم ، وذلك هو الباب الواحد من أبواب الجنة الذي نزل منه ذلك الكتاب . وخص الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته ، بأن أنزل عليهم كتابه على أوجه سبعة من الوجوه التي ينالون بها رضوان الله ، ويدركون بها الفوز بالجنة ، إذا أقاموها فكل وجه من أوجهه السبعة باب من أبواب الجنة التي نزل منها القرآن . لأن العامل بكل وجه من أوجهه السبعة ، عامل في باب من أبواب الجنة ، وطالب من قبله الفوز بها . والعمل بما أمر الله جل ذكره في كتابه ، باب من أبواب الجنة ، وترك ما نهى الله عنه فيه; باب آخر ثان من أبوابها; وتحليل ما أحل الله فيه ، باب ثالث من أبوابها; وتحريم ما حرم الله فيه ، باب رابع من أبوابها; [ ص: 72 ] والإيمان بمحكمه المبين ، باب خامس من أبوابها; والتسليم لمتشابهه الذي استأثر الله بعلمه وحجب علمه عن خلقه والإقرار بأن كل ذلك من عند ربه ، باب سادس من أبوابها; والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بعظاته ، باب سابع من أبوابها . فجميع ما في القرآن - من حروفه السبعة ، وأبوابه السبعة التي نزل منها - جعله الله لعباده إلى رضوانه هاديا ، ولهم إلى الجنة قائدا . فذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " نزل القرآن من سبعة أبواب الجنة " . وأما قوله صلى الله عليه وسلم في القرآن : " إن لكل حرف منه حدا " ، يعني لكل وجه من أوجهه السبعة حد حده الله جل ثناؤه ، لا يجوز لأحد أن يتجاوزه . وقوله صلى الله عليه وسلم : " وإن لكل حرف منها ظهرا وبطنا " ، فظهره : الظاهر في التلاوة ، وبطنه : ما بطن من تأويله . وقوله : " وإن لكل حد من ذلك مطلعا " ، فإنه يعني أن لكل حد من حدود الله التي حدها فيه - من حلال وحرام ، وسائر شرائعه - مقدارا من ثواب الله وعقابه ، يعاينه في الآخرة ، ويطلع عليه ويلاقيه في القيامة . كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لو أن لي ما في الأرض من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع " ، يعني بذلك ما يطلع عليه ويهجم عليه من أمر الله بعد وفاته . [ ص: 73 ] ( القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن ) قال أبو جعفر : قد قلنا في الدلالة على أن القرآن كله عربي ، وأنه نزل بألسن بعض العرب دون ألسن جميعها ، وأن قراءة المسلمين اليوم - ومصاحفهم التي هي بين أظهرهم - ببعض الألسن التي نزل بها القرآن دون جميعها . وقلنا - في البيان عما يحويه القرآن من النور والبرهان ، والحكمة والتبيان التي أودعها الله إياه : من أمره ونهيه ، وحلاله وحرامه ، ووعده ووعيده ، ومحكمه ومتشابهه ، ولطائف حكمه - ما فيه الكفاية لمن وفق لفهمه . ونحن قائلون في البيان عن وجوه مطالب تأويله : قال الله جل ذكره وتقدست أسماؤه ، لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) [ سورة النحل : 44 ] ، وقال أيضا جل ذكره : ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ) [ سورة النحل : 64 ، ] وقال : ( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب ) [ سورة آل عمران : 7 ] . فقد تبين ببيان الله جل ذكره : [ ص: 74 ] أن مما أنزل الله من القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم ، ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم . وذلك تأويل جميع ما فيه : من وجوه أمره - واجبه وندبه وإرشاده - ، وصنوف نهيه ، ووظائف حقوقه وحدوده ، ومبالغ فرائضه ، ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض ، وما أشبه ذلك من أحكام آيه ، التي لم يدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته . وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه ، إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم له تأويله بنص منه عليه ، أو بدلالة قد نصبها ، دالة أمته على تأويله . وأن منه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار . وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة ، وأوقات آتية ، كوقت قيام الساعة ، والنفخ في الصور ، ونزول عيسى ابن مريم ، وما أشبه ذلك : فإن تلك أوقات لا يعلم أحد حدودها ، ولا يعرف أحد من تأويلها إلا الخبر بأشراطها ، لاستئثار الله بعلم ذلك على خلقه . وبذلك أنزل ربنا محكم كتابه فقال : ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) [ سورة الأعراف : 187 . وكان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شيئا من ذلك ، لم يدل عليه إلا بأشراطه دون تحديده بوقته كالذي روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه ، إذ ذكر الدجال : إن يخرج وأنا فيكم ، فأنا حجيجه ، وإن يخرج بعدي ، فالله خليفتي عليكم " وما أشبه [ ص: 75 ] ذلك من الأخبار - التي يطول باستيعابها الكتاب - الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده علم أوقات شيء منه بمقادير السنين والأيام ، وأن الله جل ثناؤه إنما كان عرفه مجيئه بأشراطه ، ووقته بأدلته . وأن منه ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان الذي نزل به القرآن . وذلك : إقامة إعرابه ، ومعرفة المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها ، والموصوفات بصفاتها الخاصة دون ما سواها ، فإن ذلك لا يجهله أحد منهم . وذلك كسامع منهم لو سمع تاليا يتلو : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) [ سورة البقرة : 11 ، 12 ، لم يجهل أن معنى الإفساد هو ما ينبغي تركه مما هو مضرة ، وأن الإصلاح هو ما ينبغي فعله مما فعله منفعة ، وإن جهل المعاني التي جعلها الله إفسادا ، والمعاني التي جعلها الله إصلاحا . فالذي يعلمه ذو اللسان - الذي بلسانه نزل القرآن - من تأويل القرآن ، هو ما وصفت : من معرفة أعيان المسميات بأسمائها اللازمة غير المشترك فيها ، والموصوفات بصفاتها الخاصة ، دون الواجب من أحكامها وصفاتها وهيآتها التي خص الله بعلمها نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلا يدرك علمه إلا ببيانه ، دون ما استأثر الله بعلمه دون خلقه . وبمثل ما قلنا من ذلك روي الخبر عن ابن عباس : 71 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، قال : قال ابن عباس : التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ذكره . قال أبو جعفر : وهذا الوجه الرابع الذي ذكره ابن عباس : من أن أحدا [ ص: 76 ] لا يعذر بجهالته ، معنى غير الإبانة عن وجوه مطالب تأويله . وإنما هو خبر عن أن من تأويله ما لا يجوز لأحد الجهل به . وقد روي بنحو ما قلنا في ذلك أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر في إسناده نظر . 72 - حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت عمرو بن الحارث يحدث ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، مولى أم هانئ ، عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أنزل القرآن على أربعة أحرف : حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به ، وتفسير تفسره العرب ، وتفسير تفسره العلماء ، ومتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى ذكره ، ومن ادعى علمه سوى الله تعالى ذكره فهو كاذب . [ ص: 77 ] ذكر بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول في تأويل القرآن بالرأي 73 - حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا شريك ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن النبي [ ص: 78 ] صلى الله عليه وسلم قال : من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار . 74 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عبد الأعلى - هو ابن عامر الثعلبي - ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : من قال في القرآن برأيه - أو بما لا يعلم - فليتبوأ مقعده من النار . 75 - وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا محمد بن بشر ، وقبيصة ، عن سفيان ، عن عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار . 76 - حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا الحكم بن بشير ، قال : حدثنا عمرو بن قيس الملائي ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار . 77 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن بكر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : من تكلم في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار . 78 - وحدثني أبو السائب سلم بن جنادة السوائي ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر ، قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : أي أرض تقلني ، وأي سماء تظلني ، إذا قلت في القرآن ما لا أعلم ! 79 - حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن عبد الله بن مرة ، عن أبي معمر ، قال : قال أبو بكر الصديق : أي أرض تقلني ، وأي سماء تظلني ، إذا قلت في القرآن برأيي - أو : بما لا أعلم . قال أبو جعفر : وهذه الأخبار شاهدة لنا على صحة ما قلنا : من أن ما كان من تأويل آي القرآن الذي لا يدرك علمه إلا بنص بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو بنصبه الدلالة عليه - فغير جائز لأحد القيل فيه برأيه . بل القائل في ذلك برأيه - وإن أصاب الحق فيه - فمخطئ فيما كان من فعله ، بقيله فيه برأيه ، لأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق ، وإنما هو إصابة خارص وظان . والقائل [ ص: 79 ] في دين الله بالظن ، قائل على الله ما لم يعلم . وقد حرم الله جل ثناؤه ذلك في كتابه على عباده ، فقال : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) [ سورة الأعراف : 33 . ] فالقائل في تأويل كتاب الله ، الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي جعل الله إليه بيانه - قائل بما لا يعلم وإن وافق قيله ذلك في تأويله ، ما أراد الله به من معناه . لأن القائل فيه بغير علم ، قائل على الله ما لا علم له به . وهذا هو معنى الخبر الذي : - 80 - حدثنا به العباس بن عبد العظيم العبري ، قال : حدثنا حبان بن هلال ، قال : حدثنا سهيل أخو حزم ، قال : حدثنا أبو عمران الجوني عن جندب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال في القرآن برأيه فأصاب ، فقد أخطأ . يعني صلى الله عليه وسلم أنه أخطأ في فعله ، بقيله فيه برأيه ، وإن وافق قيله ذلك عين الصواب عند الله . لأن قيله فيه برأيه ، ليس بقيل عالم أن الذي قال فيه من قول حق وصواب . فهو قائل على الله ما لا يعلم ، آثم بفعله ما قد نهي عنه وحظر عليه .
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الاول الحلقة (6) صــ 80إلى صــ 94 ذكر الأخبار التي رويت في الحض على العلم بتفسير القرآن ، ومن كان يفسره من الصحابة 81 - حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي ، قال سمعت أبي يقول : حدثنا الحسين بن واقد ، قال : حدثنا الأعمش ، عن شقيق ، عن ابن مسعود ، قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن ، والعمل بهن . 82 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا : أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل ، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا . 83 - وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا جابر بن نوح ، قال : حدثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : قال عبد الله : والذي لا إله غيره ، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت ؟ وأين أنزلت ؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته . [ ص: 81 ] 84 - وحدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : كان عبد الله يقرأ علينا السورة ، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار . 85 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قال : استعمل علي ابن عباس على الحج ، قال : فخطب الناس خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا ، ثم قرأ عليهم سورة النور ، فجعل يفسرها . 86 - وحدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، قال : قرأ ابن عباس سورة البقرة ، فجعل يفسرها ، فقال رجل : لو سمعت هذا الديلم لأسلمت . 87 - وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو يمان : عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر ، عن ابن جبير ، قال : من قرأ القرآن ثم لم يفسره ، كان كالأعمى أو كالأعرابي . [ ص: 82 ] 88 - وحدثنا أبو كريب ، قال : ذكر أبو بكر بن عياش عن : الأعمش ، قال : قال أبو وائل : ولي ابن عباس الموسم; فخطبهم ، فقرأ على المنبر سورة النور ، والله لو سمعها الترك لأسلموا . فقيل له : حدثنا به عن عاصم ؟ فسكت . 89 - وحدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : سمعت الأعمش ، عن شقيق ، قال : شهدت ابن عباس وولي الموسم ، فقرأ سورة النور على المنبر ، وفسرها ، لو سمعت الروم لأسلمت ! قال أبو جعفر : وفي حث الله عز وجل عباده على الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات - بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ) [ سورة ص : 29 ] وقوله : ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ) [ سورة الزمر : 27 28 ، ] وما أشبه ذلك من آي القرآن ، التي أمر الله عباده وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن ، والاتعاظ بمواعظه - ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آيه . لأنه محال أن يقال لمن لا يفهم ما يقال له ولا يعقل تأويله : "اعتبر بما لا فهم لك به ولا معرفة من القيل والبيان والكلام " - إلا على معنى الأمر بأن يفهمه ويفقهه ، ثم يتدبره ويعتبر به . فأما قبل ذلك ، فمستحيل أمره بتدبره وهو بمعناه جاهل . كما محال أن يقال لبعض أصناف الأمم الذين لا يعقلون كلام العرب ولا يفهمونه ، [ ص: 83 ] لو أنشد قصيدة شعر من أشعار بعض العرب ذات أمثال ومواعظ وحكم : "اعتبر بما فيها من الأمثال ، وادكر بما فيها من المواعظ " - إلا بمعنى الأمر لها بفهم كلام العرب ومعرفته ، ثم الاعتبار بما نبهها عليه ما فيها من الحكم . فأما وهي جاهلة بمعاني ما فيها من الكلام والمنطق ، فمحال أمرها بما دلت عليه معاني ما حوته من الأمثال والعبر . بل سواء أمرها بذلك وأمر بعض البهائم به ، إلا بعد العلم بمعاني المنطق والبيان الذي فيها . فكذلك ما في آي كتاب الله من العبر والحكم والأمثال والمواعظ ، لا يجوز أن يقال : "اعتبر بها " إلا لمن كان بمعاني بيانه عالما ، وبكلام العرب عارفا; وإلا بمعنى الأمر - لمن كان بذلك منه جاهلا - أن يعلم معاني كلام العرب ، ثم يتدبره بعد ، ويتعظ بحكمه وصنوف عبره . فإذ كان ذلك كذلك - وكان الله جل ثناؤه قد أمر عباده بتدبره وحثهم على الاعتبار بأمثاله - كان معلوما أنه لم يأمر بذلك من كان بما يدل عليه آيه جاهلا . وإذ لم يجز أن يأمرهم بذلك إلا وهم بما يدلهم عليه عالمون ، صح أنهم - بتأويل ما لم يحجب عنهم علمه من آيه الذي استأثر الله بعلمه منه دون خلقه ، الذي قد قدمنا صفته آنفا - عارفون . وإذ صح ذلك فسد قول من أنكر تفسير المفسرين - من كتاب الله وتنزيله - ما لم يحجب عن خلقه تأويله . [ ص: 84 ] ذكر الأخبار التي غلط في تأويلها منكرو القول في تأويل القرآن فإن قال لنا قائل : فما أنت قائل فيما : - 90 - حدثكم به العباس بن عبد العظيم ، قال : حدثنا محمد بن خالد بن عثمة ، قال : حدثني جعفر بن محمد الزبيري ، قال : حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعدد ، علمهن إياه جبريل . 91 - حدثنا أبو بكر محمد بن يزيد الطرسوسي ، قال : أخبرنا معن ، عن جعفر بن خالد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن ، إلا آيا بعدد ، علمهن إياه جبريل عليه السلام . [ ص: 85 ] 92 - وحدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، قال : لقد أدركت فقهاء المدينة ، وإنهم ليغلظون القول في التفسير منهم : سالم بن عبد الله ، والقاسم بن محمد ، وسعيد بن المسيب ، ونافع . 93 - وحدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا بشر بن عمر ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت رجلا يسأل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن ، فقال : لا أقول في القرآن شيئا . 94 - حدثنا يونس ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب : أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن ، قال : أنا لا أقول في القرآن شيئا . [ ص: 86 ] 95 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت الليث يحدث ، عن يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيب : أنه كان لا يتكلم إلا في المعلوم من القرآن . 96 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، قال : حدثنا سفيان ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، قال : سألت عبيدة السلماني عن آية ، قال : عليك بالسداد ، فقد ذهب الذين علموا فيم أنزل القرآن . 97 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب وابن عون ، عن محمد ، قال : سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال : ذهب الذين كانوا يعلمون فيم أنزل القرآن ، اتق الله وعليك بالسداد . 98 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة : أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها ، فأبى أن يقول فيها . 99 - حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن مهدي بن ميمون ، عن الوليد بن مسلم ، قال : جاء طلق بن حبيب إلى جندب بن عبد الله ، فسأله عن آية من القرآن ، فقال له : أحرج عليك إن كنت مسلما ، لما قمت عني - أو قال : أن تجالسني . 100 - حدثني عباس بن الوليد ، قال : أخبرني أبي ، قال : حدثنا عبد الله بن شوذب ، قال : حدثني يزيد بن أبي يزيد ، قال : كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام ، وكان أعلم الناس ، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت كأن لم يسمع . 101 - وحدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : أخبرنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال : سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية من القرآن ، [ ص: 87 ] فقال : لا تسألني عن القرآن ، وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه شيء منه - يعني عكرمة . 102 - وحدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا سعيد بن عامر ، عن شعبة ، عن عبد الله بن أبي السفر ، قال : قال الشعبي : والله ما من آية إلا قد سألت عنها ، ولكنها الرواية عن الله . 103 - حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن صالح - يعني ابن مسلم - قال : حدثني رجل ، عن الشعبي ، قال : ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت : القرآن ، والروح ، والرأي . وما أشبه ذلك من الأخبار ؟ قيل له : أما الخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد ، فإن ذلك مصحح ما قلنا من القول في الباب الماضي قبل ، وهو : أن من تأويل القرآن ما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم . وذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه ، وحدوده وفرائضه ، وسائر معاني شرائع دينه ، الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل ، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة - لا يدرك علم تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما أشبه ذلك مما تحويه آي القرآن ، من سائر حكمه الذي جعل الله بيانه لخلقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلا يعلم أحد من خلق الله تأويل ذلك إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يعلمه رسول الله [ ص: 88 ] صلى الله عليه وسلم إلا بتعليم الله إياه ذلك بوحيه إليه ، إما مع جبريل ، أو مع من شاء من رسله إليه . فذلك هو الآي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسرها لأصحابه بتعليم جبريل إياه ، وهن لا شك آي ذوات عدد . ومن آي القرآن ما قد ذكرنا أن الله جل ثناؤه استأثر بعلم تأويله ، فلم يطلع على علمه ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ولكنهم يؤمنون بأنه من عنده ، وأنه لا يعلم تأويله إلا الله . فأما ما لا بد للعباد من علم تأويله ، فقد بين لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ببيان الله ذلك له بوحيه مع جبريل . وذلك هو المعنى الذي أمره الله ببيانه لهم فقال له جل ذكره : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) [ سورة النحل : 44 ] . ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا [ ص: 89 ] يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد - هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغباء ، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه ، كان إنما أنزل إليه صلى الله عليه وسلم الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم ، لا ليبين لهم ما أنزل إليهم . وفي أمر الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم ببلاغ ما أنزل إليه ، وإعلامه إياه أنه إنما نزل إليه ما أنزل ليبين للناس ما نزل إليهم ، وقيام الحجة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ وأدى ما أمره الله ببلاغه وأدائه على ما أمره به ، وصحة الخبر عن عبد الله بن مسعود بقيله : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن - ما ينبئ عن جهل من ظن أو توهم أن معنى الخبر الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد ، هو أنه لم يكن يبين لأمته من تأويله إلا اليسير القليل منه . هذا مع ما في الخبر الذي روي عن عائشة من العلة التي في إسناده ، التي لا يجوز معها الاحتجاج به لأحد ممن علم صحيح سند الآثار وفاسدها في الدين . لأن راويه ممن لا يعرف في أهل الآثار ، وهو : جعفر بن محمد الزبيري . وأما الأخبار التي ذكرناها عمن ذكرناها عنه من التابعين ، بإحجامه عن التأويل ، فإن فعل من فعل ذلك منهم ، كفعل من أحجم منهم عن الفتيا في النوازل والحوادث ، مع إقراره بأن الله جل ثناؤه لم يقبض نبيه إليه ، إلا بعد إكمال الدين به لعباده ، وعلمه بأن لله في كل نازلة وحادثة حكما موجودا بنص أو دلالة . فلم يكن إحجامه عن القول في ذلك إحجام جاحد أن يكون لله فيه حكم موجود بين أظهر عباده ، ولكن إحجام خائف أن لا يبلغ في اجتهاده ما كلف الله العلماء من عباده فيه . فكذلك معنى إحجام من أحجم عن القيل في تأويل القرآن وتفسيره من العلماء السلف ، إنما كان إحجامه عنه حذارا أن لا يبلغ أداء ما كلف من إصابة صواب القول فيه ، لا على أن تأويل ذلك محجوب عن علماء الأمة ، غير موجود بين أظهرهم . [ ص: 90 ] ( ذكر الأخبار ) ( عن بعض السلف فيمن كان من قدماء المفسرين محمودا علمه بالتفسير ) ( ومن كان منهم مذموما علمه به ) 104 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا سفيان ، عن سليمان ، عن مسلم ، قال : قال عبد الله : نعم ترجمان القرآن ابن عباس . 105 - حدثني يحيى بن داود الواسطي ، قال : حدثنا إسحاق الأزرق ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : نعم ترجمان القرآن ابن عباس . 106 - وحدثني محمد بن بشار ، قال : حدثنا جعفر بن عون ، قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق عن عبد الله ، بنحوه . 107 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا طلق بن غنام ، عن عثمان المكي ، عن ابن أبي مليكة قال : رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن ، ومعه ألواحه ، فيقول له ابن عباس : "اكتب " ، قال : حتى سأله عن التفسير كله . 108 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربي ، ويونس بن بكير قالا حدثنا محمد بن إسحاق ، عن أبان بن صالح ، عن مجاهد ، قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات ، من فاتحته إلى خاتمته ، أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها . [ ص: 91 ] 109 - وحدثني عبيد الله بن يوسف الجبيري ، عن أبي بكر الحنفي ، قال : سمعت سفيان الثوري يقول : إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به . 110 - وحدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا سليمان أبو داود ، عن شعبة ، عن عبد الملك بن ميسرة ، قال : لم يلق الضحاك ابن عباس ، وإنما لقي سعيد بن جبير بالري ، وأخذ عنه التفسير 111 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو داود ، عن شعبة ، عن مشاش ، قال : قلت للضحاك : سمعت من ابن عباس شيئا ؟ قال : لا 112 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال حدثنا زكريا ، قال : كان الشعبي يمر بأبي صالح باذان ، فيأخذ بأذنه فيعركها ويقول : تفسر القرآن وأنت لا تقرأ القرآن! 113 - حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال : حدثنا علي بن الحسين بن واقد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الأعمش ، قال : حدثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( والله يقضي بالحق ) [ سورة غافر : 20 ] قال : قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة ( إن الله هو السميع البصير ) [ سورة غافر : 20 ] ، قال الحسين : فقلت للأعمش : حدثني به الكلبي ، إلا أنه قال : إن الله قادر أن يجزي بالسيئة السيئة وبالحسنة عشرا ، فقال الأعمش : لو أن الذي عند الكلبي عندي ما خرج مني إلا بخفير . [ ص: 92 ] 114 - حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا علي بن حكيم الأودي ، قال : حدثنا عبد الله بن بكير ، عن صالح بن مسلم ، قال : مر الشعبي على السدي وهو يفسر ، فقال : لأن يضرب على استك بالطبل ، خير لك من مجلسك هذا . 115 - حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثني علي بن حكيم ، قال : حدثنا شريك ، عن مسلم بن عبد الرحمن النخعي ، قال : كنت مع إبراهيم ، فرأى السدي ، فقال : أما إنه يفسر تفسير القوم . 116 - حدثنا ابن البرقي ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سمعت سعيد بن بشير ، يقول عن قتادة ، قال : ما أرى أحدا يجري مع الكلبي في التفسير في عنان . قال أبو جعفر : قد قلنا فيما مضى من كتابنا هذا في وجوه تأويل القرآن ، وأن تأويل جميع القرآن على أوجه ثلاثة : أحدها لا سبيل إلى الوصول إليه ، وهو الذي استأثر الله بعلمه ، وحجب علمه عن جميع خلقه ، وهو أوقات ما كان من آجال الأمور الحادثة ، التي أخبر الله في كتابه أنها كائنة ، مثل : وقت قيام الساعة ، ووقت نزول عيسى ابن مريم ، ووقت طلوع الشمس من مغربها ، والنفخ في الصور ، وما أشبه ذلك . والوجه الثاني : ما خص الله بعلم تأويله نبيه صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته ، وهو ما فيه مما بعباده إلى [ ص: 93 ] علم تأويله الحاجة ، فلا سبيل لهم إلى علم ذلك إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم لهم تأويله . والثالث منها : ما كان علمه عند أهل اللسان الذي نزل به القرآن ، وذلك علم تأويل عربيته وإعرابه ، لا يوصل إلى علم ذلك إلا من قبلهم . فإذ كان ذلك كذلك ، فأحق المفسرين بإصابة الحق - في تأويل القرآن الذي إلى علم تأويله للعباد السبيل - أوضحهم حجة فيما تأول وفسر ، مما كان تأويله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم دون سائر أمته من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه : إما من جهة النقل المستفيض ، فيما وجد فيه من ذلك عنه النقل المستفيض ، وإما من جهة نقل العدول الأثبات ، فيما لم يكن فيه عنه النقل المستفيض ، أو من جهة الدلالة المنصوبة على صحته; وأصحهم برهانا - فيما ترجم وبين من ذلك - مما كان مدركا علمه من جهة اللسان : إما بالشواهد من أشعارهم السائرة ، وإما من منطقهم ولغاتهم المستفيضة المعروفة ، كائنا من كان ذلك المتأول والمفسر ، بعد أن لا يكون خارجا تأويله وتفسيره ما تأول وفسر من ذلك ، عن أقوال السلف من الصحابة والأئمة ، والخلف من التابعين وعلماء الأمة .
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |