دور البيئة التعليمية في تنمية حب النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس الطلاب والطالبات - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213623 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-01-2022, 12:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي دور البيئة التعليمية في تنمية حب النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس الطلاب والطالبات

دور البيئة التعليمية في تنمية حب النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس الطلاب والطالبات
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري





أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن من الآثار الإيمانية لحُبِّ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ: نصرُ سُنتَّه والذبُّ عن شريعته ببذلِ النفسِ والمالِ للغايةِ التي بذَلَ لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم نفسَهُ ومالَه وحياتَه في إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبودية العباد إلى عبادة ربِّ العباد، وقد كان الصحابةُ رضي الله عنهم أشدَّ الناس حرصاً على ذلك، لصدق محبتهم له صلَّى الله عليه وسلَّمَ، ومن أروع الأمثلة في ذلك: ما حصل في غزوة أحد، فعن القاسم بن رافع قال: (انتَهَى أنَسُ بنُ النَّضْرِ - وهو عَمُّ أنسِ بنِ مالكٍ، وبه سُمِّيَ أنَسٌ أنساً - إلى.. رِجالٍ مِن المهاجرينَ والأنصارِ، وقد أَلْقَوْا بأيدِيهِم، فقال: ما يُجلِسُكُم؟ قالُوا: قُتِلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قالَ: فماذا تَصنَعُون بالحَياةِ بعدَهُ؟ قُومُوا فمُوتُوا على ما ماتَ عليهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثُمَّ استَقْبَلَ القَوْمَ، فقاتلَ حتى قُتِلَ) رواه ابن إسحاق.


وعن أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قال: (غابَ عَمِّي أنَسُ بنُ النَّضْرِ عنْ قِتالِ بَدْرٍ، فقالَ: «يا رسولَ اللهِ غِبْتُ عَن أَوَّلِ قِتالٍ قاتلتَ المشركينَ، لَئِنِ اللهُ أشْهَدَني قِتالَ المشركينَ لَيَرَيَنَّ اللهُ ما أصْنَعُ»، فلمَّا كان يومُ أُحُدٍ، وانكَشَفَ المسلمونَ، قال: «اللهُمَّ إني أَعتَذِرُ إليكَ ممَّا صَنَعَ هؤلاءِ - يَعني أصحابَهُ - وأبرَأُ إليكَ ممَّا صَنَعَ هؤلاءِ، - يَعني المشركينَ -» ثُمَّ تقدَّمَ، فاستَقْبَلَهُ سعدُ بنُ مُعاذٍ، فقال: «يا سعدُ بنَ مُعاذٍ، الجنَّةَ ورَبِّ النَّضْرِ، إني أجِدُ رِيحَها مِن دُونِ أُحُدٍ»، قال سعدٌ: فمَا استَطَعْتُ يا رسولَ اللهِ ما صنَعَ، قال أنسٌ: فوَجَدنا بهِ بِضْعاً وثمانينَ ضَربَةً بالسيفِ أو طَعنَةً برُمحٍ، أو رَمْيَةً بسَهْمٍ، ووَجَدناهُ قد قُتِلَ وقد مَثَّلَ بهِ المشركونَ، فمَا عَرَفَهُ أحَدٌ إلاَّ أُخْتُهُ ببَنانهِ – أي بأصابعه أو أطرافِ أصابعهِ - قال أنسٌ: كُنَّا نُرَى أو نَظُنُّ أنَّ هذهِ الآيةَ نزَلَت فيهِ وفي أشباهِهِ: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)إلى آخِرِ الآيةِ) رواه البخاري.


قال ابنُ حجر: (وفيهِ فضيلةٌ ظاهرةٌ لأنسِ بنِ النَّضْرِ، وما كان عليهِ مِن صِحَّةِ الإيمانِ وكثرَةِ التوَقِّي والتَّوَرُّعِ وقُوَّةِ اليقينِ) انتهى.


ومنها: سُرورُهم عند تبليغ رسالة ربِّهم ولو بفقدِ أنفسهم: فعن أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قال: (بعَثَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أقواماً من بَنِي سُلَيْمٍ إلى بني عامرٍ في سبعينَ، فلمَّا قَدِمُوا قال لهُم خالي: أتقَدَّمُكُم فإنْ أمَّنُوني حتى أُبلِّغَهُم عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وإلا كُنتُم منِّي قريباً، فتقَدَّمَ فأمَّنُوهُ، فبَيْنَما يُحدِّثُهُم عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذْ أوْمَئُوا إلى رجُلٍ منهُم فطَعَنَهُ، فأَنْفَذَهُ، فقالَ -بالدَّمِ هكذا فنَضَحَهُ على وَجهِهِ ورأسِهِ، ثمَّ قال-: اللهُ أكبرُ، فُزتُ وربِّ الكعبةِ، ثم مالُوا على بقِيَّةِ أصحابهِ، فقَتَلُوهُم إلا رجُلاً أعْرَجَ صَعِدَ الجبَلَ، قال همَّامٌ: فأُراهُ آخَرَ مَعَهُ، «فأخبَرَ جبرِيلُ عليهِ السلامُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أنهُم قدْ لَقُوا ربَّهُم، فرَضيَ عنهُم وأرضَاهُم»، فكُنَّا نَقرَأُ: أنْ بَلِّغُوا قوْمَنا أنْ قدْ لَقِينا ربَّنا فرَضيَ عنَّا وأَرضَانا، ثم نُسِخَ بعْدُ، فدَعا عليهِم صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أربعينَ صَبَاحاً على رِعْلٍ وذكْوَانَ وبَنِي لَحْيانَ وبني عُصيَّةَ الذينَ عَصَوُا اللهَ ورسولَهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) رواه البخاري.


ومنها: حِفظُ اللهِ الإسلامَ بأبي بكرٍ الصدِّيق رضي الله عنه بعدَ موتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، حيثُ ارتدت كثيرٌ من قبائل العرب، وأرادوا غزوَ المدينة النبوية، وصارَ الصحابةُ كَنَعَمٍ بلا راعٍ، وصارت المدينة أضيقَ على أهلها من الخاتم، فأرادَ رضي الله عنه بعثَ جيش أُسامة الذي توقَّف بموتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فعن عاصمِ بنِ عَدِيٍّ قال: (نادَى مُنادِي أبي بكْرٍ، مِن بعدِ الْغَدِ مِن مُتوفَّى رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لِيُتَمَّ بَعْثُ أُسامةَ، أَلا لا يَبْقَيَنَّ بالمدينةِ أَحَدٌ من جُنْدِ أُسامةَ إلاَّ خَرَجَ إلى عَسْكَرِهِ بالجُرْفِ) رواه الطبريُّ في تأريخه.


ولَمَّا (كَلَّمَهُ رِجَالٌ من المهاجرين والأنصار، وقالوا: أَمْسِكْ أُسامةَ وبَعْثَهُ؛ فإنا نَخشى أنْ تَمِيلَ علينا العرَبُ إذا سمعوا بوفاة رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ! فقال: أنَا أَحْبِسُ جَيْشاً بَعَثَهُم رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟! لقدِ اجْتَرَأْتَ على أَمْرٍ عظيمٍ! والذي نفسي بيدِهِ، لأَنْ تَمِيلَ عليَّ العَرَبُ أحَبَّ إليَّ من أنْ أحبسَ جيشاً بعَثَهُم رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ! امْضِ يا أسامةُ في جَيْشِكَ لِلْوَجْهِ الذي أُمِرْتَ بهِ، ثم اغْزُ حيثُ أمَرَكَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِن ناحيَةِ فلسطينَ، وعلَى أهلِ مُؤْتة؛ فإن الله تعالى سَيَكْفِي ما تَرَكْتَ، ولَكِنْ إنْ رَأَيْتَ أنْ تَأذَنَ لعُمَرَ فأَسْتَشِيرُهُ وأستَعِينَ بهِ فافعَلْ، ففَعَلَ أُسامةُ) ذكَرَهُ الذهبيُّ في تأريخ الإسلام.


ولَما أرادَ الصحابةُ من أبي بكرٍ تأخيرَ أو تركَ قتالِ مانعي الزكاة، (قال أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُ: «واللهِ لوْ مَنَعُوني عَنَاقاً كانُوا يُؤدُّونَها إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لَقَاتَلْتُهُم على مَنْعِها» قال عُمَرُ رضيَ اللهُ عنه: «فمَا هُوَ إلا أَنْ رأَيْتُ أنَّ اللهَ شرَحَ صَدْرَ أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُ بالقِتالِ، فعَرَفتُ أنهُ الحَقُّ) رواه البخاري ومسلم، قال النوويُّ: (ومَعنَى قولِهِ: عَرَفتُ أنهُ الحقُّ: أيْ بما أظْهَرَ من الدليلِ وأقَامَهُ من الحُجَّةِ، فعَرَفتُ بذلكَ أنَّ ما ذهَبَ إليهِ هُوَ الحَقُّ) انتهى.


ومنها: أنه لَما انكَشَفَ الناسُ عَن رِحالِهِم في معركة اليمامةِ: قال الطبريُّ: (وثَبَ البراءُ بنُ مالكٍ فقال: أينَ يا مَعْشَرَ المسلمينَ! أنا البَراءُ بنُ مالكٍ، هَلُمَّ إليَّ! وفاءَتْ فِئَةٌ من الناسِ، فقاتَلُوا القومَ حتى قتَلَهَمُ اللهُ.. ثم زحَفَ المسلمونَ حتى ألجَئُوهُم إلى الحديقةِ، حدِيقةِ الموتِ، وفيها عدُوُّ اللهِ مُسيلِمَةُ الكذَّابُ، فقال البَراءُ: يا مَعْشَرَ المسلمِينَ، ألْقُوني عليهِم في الحدِيقةِ، فقالَ الناسُ: لا تَفعَلْ يا برَاءُ، فقالَ: واللهِ لَتَطْرِحُنِّي عليهِم فيها، فاحْتَمَلَ حتى إذا أَشْرَفَ على الحديقةِ من الجِدَارِ، اقتَحَمَ فقاتَلَهُم عن بابِ الحديقةِ، حتى فتَحَها المسلمون، ودَخَلَ المسلمونَ عليهِم فيها، فاقْتَتَلُوا حتى قتَلَ اللهُ مُسيلِمَةَ عدُوَّ اللهِ) انتهى.


ومنها: مَبايعةُ أربعمائة رجلٍ على الموتِ في معركةِ اليرموك، قال ابنُ كثيرٍ: (ثمَّ نادَى – أي عكرمةُ ابنُ أبي جهلٍ-: مَن يُبايعُ على الموتِ؟ فبَايَعَهُ عَمُّهُ الحارِثُ بنُ هِشامٍ، وضِرَارُ بنُ الأَزْوَرِ في أربعمِائةٍ مِن وُجُوهِ المسلمينَ وفُرْسانِهِم، فقاتَلُوا قُدَّامَ فُسْطاطِ خالدٍ حتى أُثْبتُوا جميعاً جِراحاً، وقُتِلَ مِنهُم خَلْقٌ، مِنهُم ضِرَارُ بنُ الأزوَرِ، رضى اللهِ عنهُم، وقد ذكَرَ الواقدِيُّ وغيرُه، أنهُم لَمَّا صُرِعُوا منَ الجِرَاحِ اسْتَسْقَوْا ماءً، فجِيءَ إليهِم بشَرْبَةِ ماءٍ، فلَمَّا قُرِّبَت إلى أحَدِهِم نَظَرَ إليهِ الآخَرُ، فقالَ: ادْفَعْهَا إليهِ، فلَمَّا دُفِعَت إليهِ نظَرَ إليهِ الآخَرُ، فقال: ادفَعْها إليهِ، فتَدَافَعُوها بينَهُم، من واحِدٍ إلى واحِدٍ حتى ماتُوا جميعاً، ولَم يَشْرَبْها أحَدٌ منهُم، رضيَ اللهُ عنهُم أجمعينَ.


ويُقالُ: إنَّ أوَّلَ مَن قُتِلَ من المسلمينَ يومئِذٍ شهيداً رَجُلٌ جاءَ إلى أبي عُبيدَةَ فقالَ: إني قد تهَيَّأْتُ لأَمْرِي، فهلْ لكَ مِن حاجةٍ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ قال: نعَم، تُقرِأُهُ عني السلامَ وتقولُ: يا رسولَ اللهِ، إنا قد وَجَدنا ما وعَدَنا ربُّنا حقَّاً، قالَ: فتَقَدَّمَ هذا الرَّجُلُ فقاتلَ حتى قُتِلَ رحمهُ اللهُ) انتهى.
♦ ♦ ♦ ♦

إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.

أمَّا بعدُ:
اعلَم عبدَ الله: (أنَّ مَن أحَبَّ شيئاً آثَرَهُ وآثَرَ مُوافقتَهُ وإلا لَم يَكُن صادقاً في حُبِّهِ وكانَ مُدَّعِياً، فالصادقُ في حُبِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مَن تَظْهَرُ علامةُ ذلكَ عليهِ، وأوَّلُها: الاقتداءُ بهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ واستعمَالُ سُنَّتِهِ، واتِّباعُ أقوالِهِ وأفعالِهِ، وامتِثالُ أوامِرِهِ واجتنابُ نواهِيهِ، والتأدُّبُ بآدابهِ في عُسْرِهِ ويُسْرِهِ ومَنْشَطِهِ ومَكْرَهِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وشاهِدُ هذا قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) ) انتهى من الشفا للقاضي عياض.


ومن محبَّته صلى الله عليه وسلم: تعزيرُه وتوقيرُه، قال الإمام ابنُ تيمية: (إن الله أمَرَ بتعزيرهِ فقال:﴿ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾ [الفتح: 9]، والتعزيرُ: اسمٌ جامعٌ لنصرهِ و تأييدهِ ومَنعهِ من كلِّ ما يُؤذيه، والتوقيرُ: اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما فيه سكينةٌ وطمأنينةٌ من الإجلالِ و الإكرامِ، وأنْ يُعاملَ من التشريفِ والتكريمِ والتعظيمِ بما يَصُونه عن كلِّ ما يُخرِجُه عن حدِّ الوَّقَار) انتهى.


وقال أيضاً: (فقيامُ الْمِدْحَةِ والثناءِ عليه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والتعظيم والتوقير له قيامُ الدِّينِ كُلِّه، وسقوط ذلك سقوطُ الدِّينِ كُلِّه، وإذا كان كذلك وَجَبَ علينا أن ننتصرَ له) انتهى.


ومن مظاهر نصره وتأييده وإجلاله بعد مماته صلى الله عليه وسلم: الانتصار لسنته، والذود عنها، وخدمتها، ونشرها، وعدم تقديم شيء من الآراء عليها، قال ابنُ حجر: (إنَّ مَنِ استَكْمَلَ الإيمانَ عَلِمَ أنَّ حقَّ اللهِ ورسولِهِ آكَدُ عليهِ من حقِّ أبيهِ وأُمِّهِ ووَلَدِهِ وزَوْجِهِ وجميعِ الناسِ، لأنَّ الهُدَى من الضلالِ والخَلاصَ مِن النارِ إنما كانَ باللهِ على لسانِ رسولهِ، ومن علاماتِ محَبَّتِهِ: نَصْرُ دِينِهِ بالقَوْلِ والفِعلِ والذَّبُّ عن شرِيعَتهِ والتخلُّقِ بأخلاقهِ) انتهى.


أيها المسلمون:
إننا بحاجة ماسَّة إلى الاعتناء بتنمية محبة النبيِّ صلى الله عليه وسلم في نفوس أبنائنا وبناتنا، فإننا معشر الآباء حين نغرسُ محبة النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أبنائنا وبناتنا فإنهم سيسعون للتعرُّف على سيرته وأخباره، ويسعون إلى التعرُّف على أخلاقه وشمائله فيتأسون به، وإلى التعرُّف على سنته فيلتزمون بها، كما يقودهم ذلك إلى الدعوة إلى سبيله صلى الله عليه وسلم، وإلى نُصرته والذبِّ عنه صلى الله عليه وسلم، ويقودهم ذلك إلى أن يكون صلى الله عليه وسلم أحبَّ إليهم من أنفسهم ووالديهم والدنيا وما فيها.


ومن أسباب ذلك: توفيرُ البيئة الصالحة لأبنائنا وبناتنا، البيئة التعليمية، والجيران الصالحين، والرِّفقة الصالحة، ومنها: العناية بالقرآن الكريم مع الأولاد قراءة وحفظاً وتعلُّماً وتفسيراً، ومنها: دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم مع الأولاد واختيار كتاب يُناسب أعمارهم، ولو مرة في الأسبوع، فيوجد من شباب المسلمين من لا يعرف اسم والدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومنها: اهتمام الأنشطة المدرسية في مدارس البنين والبنات ووسائل الإعلام في كل مستوياتها في ترسيخ أساسات حُبِّ النبي صلى الله عليه وسلم، مع كثرة ذكره صلى الله عليه وسلم، فالأنشطة المدرسية ووسائل الإعلام مجالٌ واسعٌ لتنمية كثيرٍ من السنن النبوية لدى الطلاب والطالبات، والاهتمام بتكوين عادات وسلوكيات نابعة من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم: (والمثل المشهُور: مَن أحَبَّ شيئاً أكثرَ من ذكره... فهذا قلبُ المؤمن توحيد الله وذكر رسوله مكتوبان فيهِ لا يتَطَرَّق إليهِما محوٌ ولا إزالَة) انتهى.


فهذا التابعيُّ خالدُ بنُ مَعْدَانَ، تقولُ ابنته عبدة: (قَلَّ ما كانَ خالدٌ يَأوِي إلى فِراشِ مَقِيلِهِ إلاَّ وهوَ يَذْكُرُ فيهِ شَوْقَهُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وإلى أصحابهِ من المهاجرينَ والأنصارِ، ثُمَّ يُسمِّيهِم ويَقُولُ: هُم أَصْلِي وفَصْلِي، وإليهِم يَحِنُّ قلبي، طالَ شَوْقي إليهِم، فَعجِّلْ ربِّي قَبْضِي إليكَ، حتى يَغْلِبَهُ النومُ وهُوَ في بعضِ ذلكَ) رواه أبو نُعيم في الحلية.


بل تفكَّرُوا في بكاء شجرةٍ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: فعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُمَا: (أنَّ امرأَةً منَ الأنصارِ قالت لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: يا رسولَ اللهِ ألاَ أَجْعَلُ لكَ شيئاً تَقْعُدُ عليهِ، فإنَّ لي غُلاماً نَجَّاراً؟ قالَ: «إنْ شِئْتِ»، قالَ: فعَمِلَتْ لهُ المِنبَرَ، فلمَّا كانَ يومُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على المِنبَرِ الذي صُنِعَ، فصاحَتِ النَّخْلَةُ التي كانَ يَخطُبُ عنْدَها، حتى كادتْ تَنْشَقُّ، فنَزَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حتى أخَذَها فضَمَّها إليهِ، فجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصبِيِّ الذي يُسكَّتُ، حتى استَقَرَّت، قالَ: «بَكَتْ على ما كانتْ تَسْمَعُ منَ الذِّكْرِ») رواه البخاري، (وكانَ الحَسَنُ إذا حدَّثَ بهذا الحديثِ بكَى، ثم قال: يا عبادَ اللهِ، الخشَبَةُ تَحِنُّ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شَوْقاً إليهِ، فأنتُم أحَقُّ أنْ تَشتاقُوا إلى لِقائِهِ) انتهى.



قال ابنُ القيِّم: (فكُلُّ مُسلمٍ في قَلْبِهِ محبَّةٌ للهِ ورسولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم، لا يَدخُلُ الإسلامَ إلا بها، والناسُ مُتفاوِتُونَ في دَرَجَاتِ هذهِ المحبَّةِ تفَاوُتاً لا يُحصِيهِ إلا اللهُ) انتهى. والله والموفِّق.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.93 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]