|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مسألة في حكم البيعتين في بيعه
مسألة في حكم البيعتين في بيعه محمد عبدالعاطي محمد عطية هذا البيع من البيوع التي استقلت السنة النبوية على صاحبها أزكي السلام بحرمتها وبيانها. اختلف الفقهاء في تعريف البيعتين في بيعة. وأحد هذه التعريفات أن يقول البائع: بعتك بكذا حالًّا، وبأعلى منه مؤجلًا، ويوافق المشتري ويتم العقد على الإبهام، ويفترقان على ذلك. ودليل النهي: عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ[1]. وعن أبي هريرة أيضًا قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نهى عن بيعتين ولِبستين: أن يحتبِي أحدكم في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء، وأن يَشتمِل في إِزاره إذا ما صلى، إِلَا أن يخالف بين طرفيه على عاتقه ونهى عن اللمس والنجش"[2]. وفي لفظ" قال: " نهى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن لبستين، وعن بيعتين، فأما اللبستان: فَأَنْ يتحلف بثوبه، ويخرج شقه، أو يحتبي بثوب واحد، فيفضي بِفرجهِ إلى السماء، وأما البيعتان: فالملامسة: ألق إليَّ، وألق إليك، وإلقاء الحجر"[3]. ووجه الدلالة: حرمة بيع البيعتين في بيعة واحدة. والعلة في تحريم بيعتين في بيعة: عدم استقرار الثمن في صورة بيع الشيء الواحد بثمنين، والتعليق بالشرط المستقبل في صورة بيع هذا على أن يبيع منه ذاك. يقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالي: أحسن ما قيل في ذلك أن بيعتين في بيعة، بيعة العينة صورة العينة، وبيع عقد في عقد، كونه يشترط عقدًا في عقد وبيع العينة، ولهذا في الحديث الصحيح: من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا. فهذا يفسر البيعتين بأنها العينة، وأن يبيع السلعة على إنسان مثلًا بمائة مؤجلة، ثم يشتريها منه بثمانين أو بسبعين معجلة، فهذه بيعتان في بيعة تحيَّلوا بها على الربا، يعطيها سبعين معجلة، ويأخذ منه مائة بعد أشهر أو بعد سنة، هذه بيعتان في بيعة فله الأوكس، له السبعون مثلًا التي سلمها ولا يأخذ الزيادة، يرد عليه ما قبض منه فقط، هذه يقال لها بيع العينة، يأخذ عينًا بدين يقول: هذه السلعة أبيعها عليك بألف ريال إلى رمضان الآتي، ثم هو يبيع عليها بثمن معجل بمائة ريال أو سبعمائة ريال ليتخرَّجها في حاجته، فالمعنى أنه أخذ سبعمائة أو ثمانمائة بألف مؤجل وهذا عين الربا، هذه الصورة. وقد اختلف أهل العلم المقصود بحديث النهي علي أقوال، فقيل: معناه أن يبيع الرجل السلعة فيقول: هي نقدًا بكذا، ونسيئةً بكذا، أي بثمن أكثر من الثمن الأول المتفق عليه، ويتم الافتراق على الإبهام بين الثمنين المذكورين، وبهذا فسره الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد وغيرهم. وقال مالك أيضًا: هو أن يشتري سلعة بدينار أو بشاة، أو يشتري بدينار شاة أو ثوبًا، قد وجب أحدهما للمشتري. وقال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن: هو أن يقول - أي البائع -: بعتك هذه السلعة بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك - أي بعد ذلك - بثمانين حالة، قال: وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم: فله أوكسهما أو الربا، فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي، أو الثمن الأول، فيكون هو أوكسهما. وقال الإمام الخطابي: هو أن يشتري منه بدينار صاع حنطة سلمًا إلى شهر، فلما حل الأجل وطالبه بالحنطة قال له: بعني الصاع الذي لك علي بصاعين إلى شهرين، قال الخطابي: فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول، فيردان إلى أوكسهما وهو الأول، ونقل هذا التفسير عن شرح سنن أبي داود لابن رسلان، ونقله ابن الأثير في النهاية، وواضح أن مثل هذا البيع باطل عند الجميع لكونه بيعًا ربويًّا بجنسه متفاضلًا ونسيئة. وقال الشافعي: إن "بيعتين في بيعة" له تأويلان: أولهما: أن يقول: بعتك بألفين نسيئة وبألف نقدًا، فأيهما شئت أخذت به (يعني يفترقا من دون أن يحددا على أي شيء استقرَّا)، وهنا توجد الجهالة بالثمن. والثاني: أن يقول: بعتك عبدي على أن تبيعني فرَسك. وعلى أي من التفسيرين فالبيعُ فاسد، وعلة النهي والفساد: على الأول: عدم استقرار الثمن، وجهالته، لما فيه من الإبهام والتعليق، فيكون فاسدًا عند الحنفية، وباطلًا عند الشافعية، والحنابلة، وأجازه المالكية، وجعلوه مثل الخيار. وعلى الثاني: لتعلُّقه بشرط مستقبلي يجوز وقوعه، وعدم وقوعه، فلم يستقر العقد. (المغني، عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي أبو محمد، ط1، دار الفكر، بيروت، 1405هـ، ج4، ص313). هذا؛ والله تعالى أعلى وأعلم، والحمد لله رب العالمين. [1] سنن الترمذي كتاب البيوع, باب: النهي عن بيعتين في بيعة (ج2 /513)، رقم (12319). [2] مسند أحمد كتاب مسند أبي هريرة (ج13 /547) رقم (8251). [3] مسند أحمد كتاب مسند أبي هريرة (ج14 /510) رقم (8949).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |