بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد - الصفحة 4 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 183 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28422 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60027 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 812 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 24-01-2022, 12:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(31)
من صـــ 273 الى صـــ 278

مقصود السورة إجمالا: بيان حقيقة القرآن، وحفظ الحق وبرهان النبوة وحفظ الحق كتابه العزيز من التغيير والتبديل، وتزيين السماوات بمواكب الكواكب وحفظهما برجوم النجوم من استراق الشياطين السمع، وتقديره تعالى الماء والسحاب من خزائن بره، ولطفه، وعلمه تعالى بأحوال المتقدمين فى الطاعة والمتأخرين عنها، وبيان الحكمة فى تخليق آدم، وأمر الملائكة المقربين بسجوده، وتعيير إبليس، وملامته على تأبيه واستكباره وجحوده، واستحقاقه اللعنة من الله بعصيانه وطغيانه، وجراءته بالمناظرة لخالقه ومعبوده، وبيان قسم الدركات (على أهل اللذات) والضلالات، وذكر المستوجبى الجنة من المؤمنين، وإخبار الله تعالى عباده بالرحمة والغفران، وتهديدهم بالعذاب والعقاب، والإشارة إلى ذكر أضياف الخليل عليه السلام، والنهى عن القنوط من الرحمة، وذكر آل لوط، وسكرتهم فى طريق العماية والضلالة، وتسلية النبى صلى الله عليه وسلم عن جفاء الكفار، وبذىء أقوالهم، والمن عليه صلى الله عليه وسلم بنزول السبع المثانى، ومشون القرآن العظيم، والشكوى عن الطاعنين فى القرآن، وذكر القسم بوقوع السؤال فى القيامة، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإظهار الدعوة، والمن عليه بإهلاك أعداء دينه، ووصيته بالعبادة إلى يوم الحق واليقين فى قوله: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ أربع آيات {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} م آية السيف ن {وأعرض عن المشركين} م آية السيف ن {فاصفح الصفح الجميل} م
آية السيف ن {لا تمدن عينيك} آية السيف ن.
المتشابهات
قوله: {لو ما تأتينا} وفى غيرها: (لولا) ؛ لأن (لولا) يأتى على وجهين: أحدهما امتناع الشىء لوجود غيره؛ وهو الأكثر. والثانى بمعنى (هلا) وهو التحضيض. ويختص بالفعل، و (لوما) بمعناه. وخصت هذه السورة بلوما؛ موافقة لقوله: (ربما) فإنها أيضا مما خصت به هذه السورة.
قوله: {وإذ قال ربك للملآئكة إني خالق بشرا} ، وفى البقرة: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل} ولا ثالث لهما؛ لأن (جعل) إذا كان بمعنى (خلق) يستعمل فى الشىء يتجدد ويتكرر؛ كقوله: {خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور} ، لأنهما يتجددان زمانا بعد زمان. وكذلك الخليفة يدل لفظه على أن بعضهم يخلف بعضا إلى يوم القيامة. وخصت هذه السورة بقوله: {إني خالق بشرا من صلصال} إذ ليس فى لفظ البشر ما يدل على التجدد والتكرار، فجاء فى كل واحدة من السورتين ما اقتضاه ما بعدهما من الألفاظ.
قوله: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} فى هذه السورة، وفى ص؛ لأنه لما بالغ فى السورتين فى الأمر بالسجود وهو قوله: {فقعوا له ساجدين} فى السورتين بالغ فى الامتثال فيهما فقال: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} ليقع الموافقة بين أولاها وأخراها. وتمام قصة آدم وإبليس سبق.
قوله هنا لإبليس: {اللعنة} وقال فى ص {لعنتي} لأن الكلام فى هذه السورة جرى على الجنس فى أول القصة فى قوله: {ولقد خلقنا الإنسان} {والجآن خلقناه} {فسجد الملائكة كلهم} لذلك قال: {اللعنة} وفى ص تقدم {لما خلقت بيدي} فختم بقوله {لعنتي} .
قوله: {ونزعنا ما في صدورهم من غل} وزاد فى هذه السورة {إخوانا} لأنها نزلت فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما سواها عام فى المؤمنين.
قوله فى قصة إبراهيم: {فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون} لأن هذه السورة متأخرة، فاكتفى بما فى هود؛ لأن التقدير: فقالوا: سلاما، قال: سلام، فما لبث أن جاء بعجل حنيذ، فلما رأى أيديهم لاتصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة، قال: إنا منكم وجلون. فحذف للدلالة عليه.
قوله: {وأمطرنا عليهم} وفى غيرها {وأمطرنا عليها} قال بعض المفسرين: (عليهم) أى على أهلها، وقال بعضهم: على من شذ من القرية منهم. وقال تاج القراء: ليس فى القولين ما يوجب تخصيص هذه السورة بقوله: (عليهم) بل هو يعود إلى أول القصة، وهو {إنآ أرسلنآ إلى قوم مجرمين} ثم قال: {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: وهذه لطيفة فاحفظها.
قوله: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} بالجمع وبعدها {لآية للمؤمنين} على التوحيد. قال الإمام: الأولى إشارة إلى ما تقدم من قصة لوط [وضيف إبراهيم، وتعرض قوم لوط لهم] طمعا فيهم، وقلب القرية على من فيها، وإمطار الحجارة عليها، وعلى من غاب منهم. فختم بقوله: {لآيات للمتوسمين} أى لمن يتدبر السمة، وهى ما وسم الله به قوم لوط وغيرهم، قال: والثانية تعود إلى القرية: {وإنها لبسبيل مقيم} وهى واحدة، فوحد الآية. وقيل: ما جاء فى القرآن من الآيات فلجمع الدلائل، وما جاء من الآية فلوحدانية المدلول عليه. فلما ذكر عقبه المؤمنين، وهم مقرون بوحدانية الله تعالى، وحد الآية. وليس لها نظير إلا فى العنكبوت، وهو قوله تعالى {خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين} فوحد بعد ذكر الجمع لما ذكرت والله أعلم.
فضل السورة:
ذكروا أحاديث واهية. منها: من قرأ سورة الحجر كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المهاجرين، والأنصار، والمستهزئين، بمحمد صلى الله عليه وسلم. وعن جعفر أنه قال: من قرأ سورة الحجر لا يصيبه عطش يوم القيامة. ومن قرأها فى ركعتى كل جمعة لم يصبه فقر أبدا، ولا جنون، ولا بلوى. وحديث على: يا على من قرأ سورة الحجر لا ينصب له ميزان، ولا ينشر له ديوان، وقيل له: ادخل الجنة بغير حساب. وله بكل آية قرأها مثل ثواب أصحاب البلاء.
بصيرة فى.. أتى أمر الله
هذه السورة مكية، إلا قوله: {وإن عاقبتم فعاقبوا} إلى آخر السورة. وقيل: أربعون آية منها مكية، والباقى مدنى. والأول أولى. عدد آياتها مائة وثمانية وعشرون. وكلماتها ألفان وثمانمائة وأربعون. وحروفها سبعة آلاف وسبعمائة وسبعة أحرف.
ومجموع فواصل آياتها (نمر) منها اثنتان على الراء آخراهما {قدير} وسميت سورة النحل لما فيها من عجائب ذكر النحل.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 24-01-2022, 12:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(32)
من صـــ 279 الى صـــ 285

معظم ما اشتملت عليه السورة: تخويف العباد بمجئ القيامة، وإقامة حجة الوحدانية، وذكر ما فى الأنعام من المنافع والنعم، وما فى المراكب من التجمل والزينة، وذكر المسيم والنبات والشجر، وتسخير الشمس والقمر، وتثبيت الأرض والجبال والحجر، وهداية الكواكب فى السفر والحضر، والنعم الزائدة عن (العد والإحصاء) ، والإنكار على أهل الإنكار، وجزاء مكر المكار، ولعنة الملائكة على الأشرار، عند الاحتضار، وسلامهم فى ذلك الوقت على الأبرار والأخيار، وبيان أحوال الأنبياء والمرسلين مع الأمم الماضين، وذكر الهجرة والمهاجرين، وذكر التوحيد، وتعريف المنعم، ونعمه السابغات، ومذمة المشركات بوأد البنات، وبيان الأسماء والصفات، والمنة على الخلائق بإنزال الرحمات، وعدها من الإنعام فى باب الأنعام والحيوانات، وبيان فوائد النحل، وذكر ما اشتمل عليه:
من عجيب الحالات، وتفضيل الخلق فى باب الأرزاق والأقوات، وبيان حال المؤمن والكافر، وتسخير الطيور فى الجو صافات، والمنة بالمساكن والصحارى والبريات، وشكاية المتكبرين، وذكر ما أعد لهم من العقوبات، والأمر بالعدل والإحسان، والنهى عن نقض العهد والخيانات، وأن الحياة الطيبة فى ضمن الطاعات، وتعلم الاستعاذة بالله فى حال تلاوة الآيات المحكمات، ورد سلطان الشيطان من المؤمنين والمؤمنات، وتبديل الآيات بالآيات، لمصالح المسلمين والمسلمات، والرخصة بالتكلم بكلمة الكفر عند الإكراه والضرورات، وبيان التحريم والتحليل فى بعض الحالات، وذكر إبراهيم الخليل وما منح من الدرجات، وذكر السبت والدعاء إلى سبيل الله بالحكمة والعظات الحسنات، والأمر بالتسوية فى المكافآت بالعقوبات، والأمر بالصبر على البليات، ووعد المتقين والمحسنين بأعظم المثوبات، بقوله: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} .
الناسخ والمنسوخ فى هذه السورة ثلاث آيات منسوخة م {تتخذون منه سكرا} م {إنما حرم ربي الفواحش} ن {فإنما عليك البلاغ} م آية السيف ن {وجادلهم بالتي هي أحسن} م آية السيف ن.
المتشابهات:
فيها فى موضعين {إن في ذلك لآيات} بالجمع. وفى خمسة مواضع: {إن في ذلك لآية} على الوحدة. أما الجمع فلموافقة قوله: {مسخرات} فى الآيتين؛ لتقع المطابقة فى اللفظ والمعنى. وأما التوحيد فلتوحيد المدلول عليه.
من الخمس قوله: {إن في ذلك لآية لقوم يذكرون} وليس له نظير. وخص بالذكر لاتصاله بقوله: {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه} ؛ فإن اختلاف ألوان الشىء وتغير أحواله يدل على صانع حكيم لا يشبهها ولا تشبهه، فمن تأمل فيها اذكر.
ومن الخمس: {إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون} فى موضعين، وليس لهما نظير. وخصتا بالفكر؛ لأن الأولى متصلة بقوله: {ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات} وأكثرها للأكل، وبه قوام البدن، فيستدعى تفكيرا وتأملا، ليعرف به المنعم عليه فيشكره. والثانية متصلة بذكر النحل، وفيها أعجوبة: من انقيادها لأميرها، واتخاذها البيوت على أشكال يعجز عنها الحاذق منا، ثم تتبعها الزهر والطلى من الأشجار، ثم خروج ذلك من بطونها لعابا أو ونيما، فاقتضى ذلك فكرا بليغا، فختم فى الآيتين بالتفكر.
قوله: {وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله} ، وفى الملائكة: {وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا} ، ما فى هذه السورة جاء على القياس؛ فإن (الفلك) المفعول الأول لترى، و (مواخر) المفعول الثانى، و (فيه) ظرف، وحقه التأخر. والواو فى (ولتبتغوا) للعطف على لام العلة فى قوله: {لتأكلوا منه} . وأما فى الملائكة فقدم (فيه) موافقة لما قبله، وهو قوله: {لتأكلوا منه لحما طريا} فقدم الجار والمجرور، على الفعل والفاعل، ولم يزد الواو على (لتبتغوا) لأن اللام فى (لتبتغوا) هنا لام العلة، وليس يعطف على شىء قبله. ثم إن قوله: {وترى الفلك مواخر فيه} و {فيه مواخر} اعتراض فى السورتين يجرى مجرى المثل، ولهذا وحد الخطاب،وهو قوله: (وترى) وقبله وبعده جمع، وهو قوله: (لتأكلوا) و (تستخرجوا) و (لتبتغوا) . وفى الملائكة: (تأكلون) و (تستخرجون) ، (لتبتغوا) ومثله فى القرآن كثير، منه {كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا} وكذلك {تراهم ركعا سجدا} ، {وترى الملائكة حآفين من حول العرش} وأمثاله. أى لو حضرت أيها المخاطب لرأيته فى هذه الصفة؛ كما تقول: أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، فتأمل فإن فيه دقيقة.
قوله: {وإذا قيل لهم ماذآ أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين} وبعده: {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا} إنما رفع الأول؛ لأنهم أنكروا إنزال القرآن، فعدلوا عن الجواب، فقالوا: أساطير الأولين. والثانى من كلام المتقين، وهم مقرون بالوحى والإنزال، فقالوا: خيرا، أى أنزل خيرا، فيكون الجواب مطابقا، و (خيرا) نصب بأنزل. وإن شئت جعلت (خيرا) مفعول القول، أى: قالوا خيرا ولم يقولوا شرا كما قالت الكفار. وإن شئت جعلت (خيرا) صفة مصدر محذوف، أى قالوا قولا خيرا. وقد ذكرت مسألة (ماذا) فى مواضعه.
قوله: {فلبئس مثوى المتكبرين} ليس فى القرآن نظيره للعطف بالفاء على التعقيب فى قوله: {فادخلوا أبواب جهنم} واللام للتأكيد تجرى مجرى القسم موافقة لقوله: {ولنعم دار المتقين} وليس له نظير، وبينهما: {ولدار الآخرة خير} .
قوله: {فأصابهم سيئات ما عملوا} هنا وفى الجاثية، وفى غيرهما {ما كسبوا} ؛ لأن العمل أعم من الكسب، ولهذا قال: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} وخصت هذه السورة (بالعمل) لموافقة ما قبله: {ما كنا نعمل من سواء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون} ولموافقة ما بعده وهو قوله: {وتوفى كل نفس ما عملت} ومثله: {ووفيت كل نفس ما عملت} فى الزمر. وليس لها نظير.
قوله: {لو شآء الله ما عبدنا من دونه من شيء} قد سبق.
قوله: {ولله يسجد ما في السماوات} قد سبق.

قوله: {ليكفروا بمآ آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون} ومثله فى الروم و (فى) العنكبوت: {وليتمتعوا فسوف يعلمون} باللام والياء. أما التاء فى السورتين فبإضمار القول أى قل لهم: تمتعوا، كما فى قوله: {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} وكذلك: {قل تمتع بكفرك} .
وخصصت هذه السورة بالخطاب لقوله: {إذا فريق منكم} وألحق ما فى الروم به. وأما [ما] فى العنكبوت فعلى القياس، عطف على اللام قبله، وهى للغائب.
قوله: {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دآبة} وفى الملائكة: {بما كسبوا ما ترك على ظهرها} الهاء فى هذه السورة كناية عن الأرض، ولم يتقدم ذكرها. والعرب تجوز ذلك فى كلمات منها الأرض، تقول: فلان أفضل من عليها، ومنها السماء، تقول: فلان أكرم من تحتها، ومنها الغداة (تقول) : إنها اليوم لباردة. ومنها الأصابع تقول: والذى شقهن خمسا من واحدة، يعنى الأصابع من اليد. وإنما جوزوا ذلك لحصولها بين يدى متكلم وسامع. ولما كان كناية عن غير مذكور لم يزد معه الظهر لئلا يلتبس بالدابة؛ لأن الظهر أكثر ما يستعمل فى الدابة؛ قال صلى الله عليه وسلم: "المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" وأما فى الملائكة فقد تقدم ذكر الأرض فى قوله:
{أولم يسيروا في الأرض} وبعدها: {ولا في الأرض} فكان كناية عن مذكور سابق، فذكر الظهر حيث لا يلتبس. قال الخطيب: إنما قال فى النحل: {بظلمهم} ولم يقل (على ظهرها) احترازا عن الجمع بين الظاءين؛ لأنها تثقل فى الكلام، وليست لأمة من الأمم سوى العرب. قال: ولم يجئ فى هذه السورة إلا فى سبعة أحرف؛ نحو الظلم والنظر والظل وظل وجهه والظفر والعظم والوعظ، فلم يجمع بينهما فى جملتين معقودتين عقد كلام واحد، وهو لو وجوابه.
قوله: {فأحيا به الأرض بعد موتهآ} وفى العنكبوت: {من بعد موتهآ} وكذلك حذف (من) من قوله: {لكي لا يعلم بعد علم شيئا} وفى الحج {من بعد علم شيئا} فحذف (من) فى قوله: {بعد موتهآ} موافقة لقوله: {بعد علم شيئا} وحذف (من) فى قوله: {بعد علم شيئا} لأنه أجمل الكلام فى هذه السورة، فقال: {والله خلقكم ثم يتوفاكم} وفصله فى الحج فقال: {فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة} إلى قوله: {ومنكم من يتوفى} فاقتضى الإجمال الحذف، والتفصيل الإثبات. فجاء فى كل سورة ما اقتضاه الحال.
قوله: {نسقيكم مما في بطونه} وفى المؤمنين {في بطونها} لأن فى هذه السورة يعود إلى البعض وهو الإناث لأن اللبن لا يكون للكل. فصار تقدير الآية: وإن لكم فى بعض الأنعام، بخلاف ما فى المؤمنين، فإنه لما عطف ما يعود على الكل ولا يقتصر على البعض - وهو قوله: {ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها} لم يحتمل أن يكون المراد البعض، فأنث حملا على الأنعام، وما قيل: إن (الأنعام) هاهنا بمعنى النعم لأن الألف واللام يلحق الآحاد بالجمع والجمع بالآحاد حسن؛ إلا أن الكلام وقع فى التخصيص. والوجه ما ذكرت. والله أعلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 05-02-2022, 07:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(33)
من صـــ 286 الى صـــ 292

قوله: {وبنعمت الله هم يكفرون} وفى العنكبوت {يكفرون} بغير (هم) لأن فى هذه السورة اتصل (الخطاب) {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات} ثم عاد إلى الغيبة فقال:
{أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون} فلا بد من تقييده بهم لئلا يلتبس الغيبة بالخطاب والتاء بالباء. وما فى العنكبوت اتصل بآيات استمرت على الغيبة فلم يحتج إلى تقييده بالضمير.
قوله: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} كرر إن، وكذلك فى الآية الأخرى {ثم إن ربك} لأن الكلام لما طال بصلته أعاد إن واسمها وثم، وذكر الخبر.
ومثله {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون} أعاد (أن) لما طال الكلام.
قوله: {ولا تك في ضيق مما} وفى النمل: {ولا تكن} بإثبات النون. هذه الكلمة كثر دورها فى الكلام فحذف النون فيها تخفيفا من غير قياس بل تشبها بحروف العلة. ويأتى ذلك فى القرآن فى بضعة عشر موضعا تسعة منها بالتاء، وثمانية بالياء، وموضعان بالنون، وموضع بالهمزة.
وخصت هذه السورة بالحذف دون النمل موافقة لما قبلها وهو قوله: {ولم يك من المشركين} والثانى أن هذه الآية نزلت تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم حين قتل حمزة ومثل به فقال عليه السلام: لأفعلن بهم ولأصنعن، فأنزل الله تعالى: {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون} فبالغ فى الحذف ليكون ذلك مبالغة فى التسلى، وجاء فى النمل على القياس، ولأن الحزن هنا دون الحزن هناك.
فضل السورة
روى المفسرون فى فضل السورة أحاديث ساقطة. منها حديث أبى الواهى: من قرأ سورة النحل لم يحاسبه الله بالنعم التى أنعم عليه فى دار الدنيا، وأعطى من الأجر كالذى مات فأحسن الوصية. وعن جعفر أن من قرأ هذه السورة فى كل شهر كفى عنه سبعون نوعا من البلاء، أهونها الجذام والبرص، وكان مسكنه فى جنة عدن وسط الجنان، وحديث على: يا على من قرأ سورة النحل فكأنما نصر موسى وهارون على فرعون، وله بكل آية قرأها مثل ثواب أم موسى.
بصيرة فى.. سبحان الذى أسرى بعبده
السورة مكية بالاتفاق. وآياتها مائة وخمس عشرة آية عند الكوفيين وعشر عند الباقين. وكلماتها ألف وخمسمائة وثلاث وستون. وحروفها ستة آلاف وأربعمائة وستون. والمختلف فيها آية واحدة {للأذقان سجدا} .
فواصل آياتها ألف إلا الآية الأولى، فإنها راء. ولهذه السورة اسمان: سورة سبحان، لافتتحاها بها، وسورة بنى إسرائيل لقوله: فيها {وقضينآ إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين} .
مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: تنزيه الحق تعالى، ومعراج النبى صلى الله عليه وسلم، والإسراء إلى المسجد الأقصى، وشكر نوح عليه السلام، وفساد حال بنى إسرائيل، ومكافأة الإحسان والإساءة، وتقويم القرآن الخلائق، وتخليق الليل والنهار، وبيان الحكمة فى سير الشمس والقمر ودورهما، وملازمة البخت المرء، وقراءة الكتب فى القيامة،وبيان الحكمة فى إرسال الرسل، والشكوى من القرون الماضية، وذكر طلب الدنيا والآخرة، وتفضيل بعض الخلق على بعض، وجعل بر الوالدين والتوحيد فى قرن واحد، والإحسان إلى الأقارب، والأمر بترك الإسراف، وذم البخل، والنهى عن قتل الأولاد، وعن الزناء، وقتل النفس ظلما، وأكل مال اليتيم، وعن التكبر، وكراهية جميع ذلك، والسؤال عن المقول والمسموع، والرد على المشركين، وتسبيح الموجودات، وتعيير الكفار بطعنهم فى القرآن، ودعوة الحق الخلق، وإجابتهم له تعالى، وتفضيل بعض الأنبياء على بعض، وتقرب المقربين إلى حضرة الجلال،
وإهلاك القرى قبيل القيامة، وفتنة الناس برؤيا النبى صلى الله عليه وسلم، وإباء إبليس من السجدة لآدم، وتسليط الله إياه على الخلق، وتعديد النعم على العباد، وإكرام بنى آدم، وبيان أن كل أحد يدعى فى القيامة بكتابه، ودينه، وإمامه، وقصد المشركين إلى ضلال الرسول صلى الله عليه وسلم وإذلاله، والأمر بإقامة الصلوات الخمس فى أوقاتها، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، ووعده بالمقام المحمود، وتخصيصه بمدخل صدق، ومخرج صدق، ونزول القرآن بالشفاء، والرحمة، والشكاية من إعراض العبيد، وبيان أن كل أحد يصدر منه ما يليق به،
والإشارة إلى جواب مسألة الروح، وعجز الخلق عن الإتيان بمثل القرآن، واقتراحات المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفصيل حالهم فى عقوبات الآخرة، وبيان معجزات موسى، ومناظرة فرعون إياه، وبيان الحكمة فى تفرقة القرآن، وآداب نزوله، وآداب الدعاء وقراءة القرآن، وتنزيه الحق تعالى عن الشريك والولد فى {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} إلى قوله: {وكبره تكبيرا} .
الناسخ والمنسوخ:
فى هذه السورة آيتان منسوختان {وقضى ربك} إلى قوله: {ربياني صغيرا} الدعاء للميت م فى حق المشركين {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} ن {ربكم أعلم بكم} إلى قوله: {ومآ أرسلناك عليهم وكيلا} م آية السيف ن.
المتشابهات:
قوله: {ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} وخصت سورة الكهف {أجرا حسنا} ؛ لأن الأجر فى السورتين الجنة، والكبير والحسن من أوصافها؛ لكن خصت هذه السورة بالكبير بفواصل الآى قبلها وبعدها، وهى (حصيرا) و (أليما) و (عجولا) وجلها وقع قبل آخرها مدة. وكذلك فى سورة الكهف جاء على ما يقتضيه الآيات قبلها، وبعدها وهى (عوجا) وكذا (أبدا) وجلها ما قبل آخرها متحرك. وأما رفع (يبشر) فى سبحان ونصبها فى الكهف فليس من المتشابه.
قوله: {لا تجعل مع الله إلاها آخر فتقعد مذموما مخذولا} وقوله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} وقوله: {ولا تجعل مع الله إلاها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا} فيها بعض التشابه، ويشبه التكرار وليس بتكرار؛ لأن الأولى فى الدنيا، والثانية فى العقبى، والخطاب فيهما للنبى صلى الله عليه وسلم، والمراد به غيره، كما فى قوله: {إما يبلغن عندك الكبر} وقيل: القول مضمر، أى قل لكل واحد منهم: لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا فى الدنيا وتلقى فى جهنم ملوما مدحورا فى الأخرى. وأما الثانية فخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم وهو المراد به. وذلك أن امرأة بعثت صبيا لها إليه مرة بعد أخرى، سألته قميصا، ولم يكن عليه ولا له صلى الله عليه وسلم قميص غيره، فنزعه ودفعه إليه، فدخل وقت الصلاة،
فلم يخرج حياء، فدخل عليه أصحابه فرأوه على تلك الصفة، فلاموه على ذلك، فأنزل الله تعالى {فتقعد ملوما} يلومك الناس {محسورا} مكشوفا. هذا هو الأظهر من تفسيره والله أعلم.
قوله: {ولقد صرفنا في هاذا القرآن "ليذكروا} ، وفى آخر السورة {ولقد صرفنا للناس في هاذا القرآن" من كل مثل} فزاد، (للناس) وقدمه على القرآن، وقال: فى الكهف {ولقد صرفنا في هاذا القرآن للناس} إنما لم يذكر فى أول سبحان (للناس) لتقدم ذكرهم فى السورة، وذكرهم فى (الكهف) إذ لم يجر ذكرهم، وذكر الناس فى آخر سبحان، وإن جرى ذكرهم؛ لأن ذكر الإنس والجن جرى معا، فذكر (للناس) كراهة الالتباس، وقدمه على {في هاذا القرآن} كما قدمه فى قوله: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هاذا القرآن لا يأتون بمثله} ثم قال: {ولقد صرفنا للناس في هاذا القرآن} وأما فى الكهف فقدم {في هاذا القرآن} لأن ذكره أجل الغرض.
وذلك أن اليهود سألته عن قصة أصحاب الكهف، وقصة ذى القرنين، فأوحى الله إليه فى القرآن؛ وكان تقديمه فى هذا الموضع أجدر، والعناية بذكره أحرى وأخلق.

قوله: {وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا} ثم أعادها فى آخر السورة بعينها، من غير زيادة ولا نقصان؛ لأن هذا ليس بتكرار؛ فإن الأول من كلامهم فى الدنيا، حين جادلوا الرسول،وأنكروا البعث، والثانى من كلام الله حين جازاهم على كفرهم، وقولهم ذلك وإنكارهم البعث، فقال {مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ذلك جزآؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا} .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 05-02-2022, 07:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(34)
من صـــ 293 الى صـــ 299

قوله {ذلك جزآؤهم بأنهم كفروا} وفى الكهف {ذلك جزآؤهم جهنم بما كفروا} اقتصر هنا على الإشارة؛ لتقدم ذكر جهنم (ولم يقتصر عليها [فى الكهف] وإن تقدم ذكر جهنم) بل جمع بين الإشارة والعبارة؛ لما اقترن بقوله: (جنات) فقال:
{ذلك جزآؤهم جهنم بما كفروا} الآية ثم قال: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس} ليكون الوعد والوعيد كلاهما ظاهرين.
قوله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} وفى سبأ {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله} لأنه يعود إلى الرب، وقد تقدم ذكره فى الآية الأولى، وهو قوله: {وربك أعلم} وفى سبأ لو ذكر بالكناية لكان يعود إلى الله، كما صرح، فعاد إليه، وبينه وبين ذكره سبحانه صريحا أربع عشرة آية، فلما طال الفصل صرح.
قوله: {أرأيتك هاذا الذي} وفى غيرها {أرأيت} لأن ترادف الخطاب يدل على أن المخاطب به أمر عظيم. وهكذا هو فى السورة؛ لأنه - لعنه الله - ضمن احتناك ذرية آدم عن آخرهم إلا قليلا. ومثل هذا {أرءيتكم} فى الأنعام فى موضعين وقد سبق.
قوله: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جآءهم الهدى} وفى الكهف زيادة {ويستغفروا ربهم} ؛ لأن ما فى هذا السورة معناه: [ما منعهم] عن الإيمان بمحمد إلا قولهم: أبعث الله بشرا رسولا، هلا بعث ملكا. وجهلوا أن التجانس يورث التوانس، والتغاير يورث التنافر. وما فى الكهف معناه: ما منعهم عن الإيمان والاستغفار إلا إتيان سنة الأولين. قال الزجاج: إلا طلب سنة الأولين (وهو قولهم: {إن كان هاذا هو الحق} فزاد: ويستغفروا ربهم، لاتصاله بقوله: سنة الأولين) وهم قوم نوح، وصالح، وشعيب، كلهم أمروا بالاستغفار.
فنوح بقوله: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا} وهود يقول: {وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} وصالح يقول: {فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} وشعيب يقول: {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود} فلما خوفهم سنة الأولين أجرى المخاطبين مجراهم.
قوله: {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم} [وكذا جاء فى الرعد] وفى العنكبوت: {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا} كما فى الفتح {وكفى بالله شهيدا} {وكفى بالله نصيرا} {وكفى بالله حسيبا} فجاء فى الرعد وفى سبحان على الأصل. وفى العنكبوت أخر {شهيدا} لما وصفه بقوله تعالى: {يعلم ما في السماوات والأرض} فطال.
قوله: {أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر} وفى الأحقاف {بقادر} وفى (يس) {بقادر} ؛ لأن ما فى هذه السورة خبر أن، وما فى يس خبر ليس، فدخل الباء الخبر، وكان القياس ألا يدخل فى حم؛ لكنه شابه (ليس) بترادف النفى، وهو قوله: {أولم يروا} {ولم يعي} وفى هذه السورة نفى واحد. وأكثر أحكام المتشابه ثبت من وجهين؛ قياسا على باب مالا ينصرف وغيره.
قوله: {إني لأظنك ياموسى مسحورا} قابل موسى كل كلمة من فرعون بكلمة من نفسه، فقال: {وإني لأظنك يافرعون مثبورا} .
فضل السورة
لم يرد فيه سوى أحاديث ظاهرة الضعف، منها: من قرأ هذه السورة كان له قنطار ومائتا أوقية، كل أوقية أثقل من السماوات والأرض، وله بوزن ذلك درجة فى الجنة، وكان له كأجر من آمن بالله، وزاحم يعقوب فى فتنه، وحشر يوم القيامة مع الساجدين، ويمر على جسر جهنم كالبرق الخاطف. وعن جعفر: إن من قرأ هذه السورة كل ليلة جمعة لا يموت حتى يدرك درجة الأبدال. وقال على: من قرأ سبحان لم يخرج من الدنيا حتى يأكل من ثمار الجنة، ويشرب من أنهارها، ويغرس له بكل آية نخلة فى الجنة.
بصيرة فى.. الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب
السورة مكية بالاتفاق. وعدد آياتها مائة وعشر عند الكوفيين، وست عند الشاميين، وخمس عند الحجازيين، وإحدى عشرة عند البصريين. وكلماتها ألف وخمسمائة وتسع وسبعون. وحروفها ستة آلاف وثلثمائة وست.
المختلف فيها إحدى عشرة آية {وزدناهم هدى} {إلا قليل} {ذلك غدا} {زرعا} {من كل شيء سببا} {هاذه أبدا} {عندها قوما} {فأتبع سببا} ذريته (فى) موضع {الأخسرين أعمالا} .
فواصل آياتها على الألف. وسميت سورة الكهف؛ لاشتمالها على قصة أصحاب أهل الكهف بتفصيلها.
مقصود السورة مجملا: بيان نزول القرآن على سنن السداد، وتسلية النبى صلى الله عليه وسلم فى تأخر الكفار عن الإيمان، وبيان عجائب حديث الكهف، وأمر النبى صلى الله عليه وسلم بالصبر على الفقراء، وتهديد الكفار بالعذاب، والبلاء، ووعد المؤمنين بحسن الثواب، وتمثيل حال المؤمن والكافر بحال الأخوين الإسرائيليين، وتمثيل الدنيا بماء السماء ونبات الأرض، وبيان أن الباقى من الدنيا طاعة الله فقط، وذكر أحوال القيامة، وقراءة الكتب، وعرض الخلق على الحق، وإباء إبليس من السجود، وذل الكافر ساعة دخولهم النار، وجدال أهل الباطل مع المحقين الأبرار، والتخويف بإهلاك الأمم الماضية وإذلالهم، وحديث موسى ويوشع وخضر، وعجائب أحوالهم، وقصة ذى القرنين، وإتيانه إلى المشرقين والمغربين، وبنيانه لسد يأجوج ومأجوج، وما يتفق لهم آخر الزمان من الخروج، وذكر رحمة أهل القيامة، وضياع عمل الكفر، وثمرات مساعى المؤمنين الأبرار، وبيان أن كلمات القرآن بحور علم: لا نهاية لها، ولا غاية لأمدها، والأمر بالإخلاص فى العمل الصالح أبدا، فى قوله: {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} .
الناسخ والمنسوخ:
أكثر المفسرين على أن السورة خالية من الناسخ والمنسوخ. وقال قتادة:فيه آية م {فمن شآء فليؤمن ومن شآء فليكفر} ن {وما تشآءون إلا أن يشآء الله} .
المتشابهات:
قوله: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم} بغير واو {ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} بزيادة واو. وفى هذا الواو أقوال أحدها أن الأول والثانى وصفان لما قبلهما، أى هم ثلاثة رابعهم كلبهم. وكذلك الثانى أى هم خمسة سادسهم كلبهم. والثالث عطف على ما قبله، أى هم سبعة، ثم عطف عليهم {وثامنهم كلبهم} . وقيل: كل واحد من الثلاثة جملة، وقعت بعدها جملة فيها عائد يعود منها إليها. فأنت فى إلحاق واو العطف وحذفها بالخيار. وليس فى هذين القولين ما يوجب تخصيص الثالث بالواو. وقال بعض النحويين: السبعة نهاية العدد، ولهذا كثر ذكرها فى القرآن والأخبار، والثمانية تجرى مجرى استئناف كلام. ومن هاهنا لقبه جماعة من المفسرين بواو الثمانية. واستدلوا بقوله سبحانه: {التائبون} الآية وبقوله: {مسلمات}الآية وبقوله: {وفتحت أبوابها} ولكل واحدة من هذه الآيات وجوه ذكرت فى مباسيط التفسير.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 05-02-2022, 07:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(35)
من صـــ 300 الى صـــ 306

وقيل: إن الله تعالى حكى القولين الأولين، ولم يرتضهما، وحكى القول الثالث فارتضاه. وهو قوله: {ويقولون سبعة} ثم استأنف فقال: {وثامنهم كلبهم} . ولهذا قال: عقيب الأول والثانى {رجما بالغيب} ولم يقل فى الثالث.
فإن قيل: وقد قال فى الثالث: {قل ربي أعلم بعدتهم} فالجواب تقديره: قل ربى أعلم بعدتهم وقد أخبركم أنهم سبعة وثامنهم كلبهم؛ بدليل قوله تعالى: {ما يعلمهم إلا قليل} . ولهذا قال ابن عباس: أنا من ذلك القليل. فعد أسماءهم. وقال بعضهم الواو فى قوله: {ويقولون سبعة} يعود الى الله تعالى، فذكر بلفظ الجمع؛ كقوله إنا وأمثاله. هذا على سبيل الاختصار.
قوله: {ولئن رددت إلى ربي} وفى حم: {ولئن رجعت إلى ربي} لأن الرد عن شىء يتضمن كراهة المردود، ولما كان [ما فى الكهف تقديره: ولئن رددت عن جنتى التى أظن أنها لا تبيد أبدا إلى ربى، كان لفظ الرد الذى يتضمن الكراهة أولى، وليس فى حم ما يدل على كراهة، فذكر بلفظ الرجع ليأتى لكل مكان ما يليق به.
قوله: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها} [وفى السجدة {ثم أعرض عنها} ] لأن الفاء للتعقيب وثم للتراخى. وما فى هذه السورة فى الأحياء من الكفار، أى ذكروا فأعرضوا عقيب ما ذكروا، ونسوا ذنوبهم، و [هم] بعد متوقع منهم أن يؤمنوا. وما فى السجدة فى الأموات من الكفار؛ بدليل قوله: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم} أى ذكروا مرة بعد أخرى، وزمانا بعد زمان [بآيات ربهم] ثم أعرضوا عنها بالموت، فلم يؤمنوا، وانقطع رجاء إيمانهم.
قوله: {نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر} والآية الثالثة {واتخذ سبيله في البحر} لأن الفاء للتعقيب والعطف، فكان اتخاذ الحوت السبيل عقيب النسيان، فذكر بالفاء [و] فى الآية الأخرى لما حيل بينهما بقوله: {ومآ أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} زال معنى التعقيب وبقى العطف المجرد، وحرفه الواو.
قوله: {لقد جئت شيئا إمرا} وبعده {لقد جئت شيئا نكرا} لأن الإمر: العجب، والعجب يستعمل فى الخير والشر، بخلاف النكر؛ لأن النكر ما ينكره العقل، فهو شر، وخرق السفينة لم يكن معه غرق، فكان أسهل من قتل الغلام وإهلاكه، فصار لكل واحد معنى يخصه.
قوله: {ألم أقل إنك} وبعده {ألم أقل لك إنك} لأن الإنكار فى الثانية أكثر. وقيل: أكد التقرير الثانى بقوله (لك) كما تقول لمن توبخه:لك أقول، وإياك أعنى: وقيل: بين فى الثانى المقول له، لما لم يبين فى الأول.
قوله فى الأول: {فأردت} ، وفى الثانى: {فأردنا} وفى الثالث: {فأراد ربك} ؛ لأن الأول فى الظاهر إفساد، فأسنده إلى نفسه، والثالث إنعام محض، فأسنده إلى الله عز وجل. وقيل: لأن القتل كان منه، وإزهاق الروح كان من الله عز وجل.
قوله: {ما لم تستطع} جاء فى الأول على الأصل، وفى الثانى {تسطع} على التخفيف؛ لأنه الفرع.
قوله: {فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا} اختار التخفيف فى الأول؛ لأن مفعوله حرف وفعل وفاعل ومفعول، فاختير فيه الحذف. والثانى مفعوله اسم واحد، وهو قوله (نقبا) وقرأ حمزة بالتشديد، وأدغم التاء فى الطاء. وقرئ فى الشواذ: فما أسطاعوا بفتح الهمزة.
ووزنه أسفعلوا ومثله أهراق ووزنه أهفعل، ومثلها استخذ فلان أرضا، أى أخذ، ووزنه اسفعل وقيل: استعل، من وجهين. وقيل: السين بدل من التاء، ووزنه افتعل.
فضل السورة
لم يذكر فيها سوى أحاديث واهية، وحديث صحيح. أما الحديث الصحيح فقوله صلى الله عليه وسلم "من حفظ عشر آيات من أول الكهف عصم من الدجال" وفى لفظ: من قرأ عشر آيات من سورة الكهف حفظا لم يضره فتنة الدجال، ومن قرأها كلها دخل الجنة. والأحاديث الواهية، منها: ألا أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف ملكم حتى نزلت، ملأ عظمها بين السماء والأرض. قالوا: بلى يا رسول الله قال: هى سورة أصحاب الكهف. من قرأها يوم الجمعة غفر له إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، ولياليها مثل ذلك، وأعطى نورا يبلغ السماء، ووقى فتنة الدجال. وعن جعفر: من قرأ هذه السورة فى كل ليلة جمعة لم يمت إلا شهيدا وبعث مع الشهداء، ووقف يوم القيامة معهم، ولا يصيبه آفة الدجال. وروى أن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أشركه الله فى ثواب أصحاب الكهف؛ لأنهم وجدوا الولاية يوم الجمعة، وأحياهم يوم الجمعة، واستجاب دعاءهم يوم الجمعة، والساعة تقوم يوم الجمعة، وقال: يا على من قرأ سورة الكهف فكأنما عبد الله عشرة آلاف سنة، وكأنما تصدق بكل آية قرأها بألف دينار.
بصيرة فى.. كهيعص
السورة مكية إجماعا. وعدد آياتها تسع وتسعون. وكلماتها ألف ومائة واثتنان وتسعون. وحروفها ثلاثة آلاف وثمانمائة واثنان.
والآيات المختلف فيها ستة: (ع ص) {في الكتاب إبراهيم} {الرحمان مدا} .
مجموع فواصل آياتها (مدن) الآية الأولى على الدال (صاد) . وما قبل ألف كل آية آخرها على الألف حروف زيد.
ولهذه السورة اسمان: سورة كهيعص؛ لافتتاحها بها، وسورة مريم، لاشتمالها على قصتها مفصلة.
مقصود السورة ومعظم المراد منها على سبيل الإجمال: وعد الله العباد بالكفاية والهداية، وإجابة دعاء زكريا، والمنة عليه بولد: يحيى، وإعطائه علم الكتاب، وذكر عجائب ولادة عيسى وأمه والخبر عن أحوال القيامة، ونصيحة إبراهيم لآزر (ومناظرة آزر له) والإشارة إلى قربة موسى، وذكر صدق وعد إسماعيل، وبيان رفعة درجة إدريس، والشكوى من الولد الخلف، وحكاية أهل الجنة، وذل الكفار فى القيامة، ومرور الخلق على عقبة الصراط، وابتلاء بعضهم بالعذاب، والرد على الكفار فى افتخارهم بالمال، وذل الأصنام، وعبادها فى القيامة، وبيان حال أهل الجنة والنار، وصعوبة قول الكفار فى جرأتهم على إثبات الولد والشريك للواحد القهار، والمنة على الرسول بتيسير القرآن على لسانه، وتهديد الكفار بعقوبة القرون الماضية، فى قوله: {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} .
الناسخ والمنسوخ:
أربع آيات منها منسوخة: م {فليمدد له الرحمان مدا} ن آية السيف م {فلا تعجل عليهم} ن آية السيف، م {وأنذرهم يوم الحسرة} ن آية السيف، م {فخلف من بعدهم خلف} ، والاستثناء فى قوله: {إلا من تاب} ن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 05-02-2022, 07:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(36)
من صـــ 307 الى صـــ 313

المتشابهات:
قوله: {ولم يكن جبارا عصيا} وبعده {ولم يجعلني جبارا شقيا}لأن الأول فى حق يحيى. وجاء فى الحديث: ما من أحد من بنى آدم إلا أذنب أوهم بذنب إلا يحيى بن زكريا عليهما السلام، فنفى عنه العصيان؛ والثانى فى حق عيسى عليه السلام فنفى عنه الشقاوة، وأثبت له السعادة، والأنبياء عندنا معصومون عن الكبائر دون الصغائر.
قوله: {وسلام عليه يوم ولد} فى قصة يحيى {والسلام علي} فى قصة عيسى، فنكر فى الأول، وعرف فى الثانى؛ لأن الأول من الله تعالى، والقليل منه كثير كقول القائل:
قليل منك يكفينى ولكن ... قليلك لا يقال له قليل
ولهذا قرأ الحسن {اهدنا صراطا مستقيما} أى نحن راضون منك بالقليل، ومثل هذا فى الشعر كثير، قال:
وإنى لأرضى منك يا هند بالذى ... لو أبصره الواشى لقرت بلابله
بلا، وبأن لا أستطيع، وبالمنى، ... وبالوعد حتى يسأم الوعد آمله
والثانى من عيسى، والألف واللام لاستغراق الجنس، ولو أدخل عليه السبعة والعشرين والفروع المستحسنة والمستقبحة، لم يبلغ عشر معشار سلام الله. ويجوز أن يكون ذلك بوحى من الله عز وجل، فيقرب من سلام يحيى. وقيل: إنما أدخل الألف واللام لأن النكرة إذا تكررت تعرفت. وقيل: نكرة الجنس ومعرفته سواء: تقول: لا أشرب ماء، ولا أشرب الماء، فهما سواء.
قوله {فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا} وفى حم {للذين ظلموا} ؛ لأن الكفر أبلغ من الظلم، وقصة عيسى فى هذه السورة مشروحة، وفيها ذكر نسبتهم إياه إلى الله تعالى، حين قال: {ما كان لله أن يتخذ من ولد} ، فذكر بلفظ الكفر، وقصة فى الزخرف مجملة، فوصفهم بلفظ دونه وهو الظلم.
قوله: {وعمل صالحا} وفى الفرقان: {وعمل عملا صالحا} لأن ما فى هذه السورة أوجز فى ذكر المعاصى، فأوجز فى التوبة، وأطال (هناك فأطال) والله أعلم.

فضل السورة
فيه أحاديث ضعيفة، منها: من قرأ سورة مريم أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد من صدق بزكريا، ويحيى، ومريم، وموسى، وعيسى وهارون، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وإسماعيل، عشر حسنات، وبعدد من دعا لله ولدا، وبعدد من لم يدع له ولدا، ويعطى بعددهم حسنات ودرجات، كل درجة منها كما بين السماء والأرض ألف ألف مرة ويزوج بعددها فى الفردوس، وحشر يوم القيامة مع المتقين فى أول زمرة السابقين.
وعن جعفر أن من قرأ هذه السورة لا يموت ولا يخرج من الدنيا حتى [لا] يصيب الفتنة فى نفسه، وماله، وولده، وكان فى الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم، وأعطى من الأجر كملك سليمان بن داود. وقال: يا على من قرأ كاف ها يا ع ص أعطاه الله من الثواب مثل ثواب أيوب ومريم، وله بكل آية قرأها ثواب شهيد من شهداء بدر.
بصيرة فى.. طه
السورة مكية إجماعا. وعدد آياتها مائة وأربعون عند الشاميين، وخمس وثلاثون، عند الكوفيين، وأربع عند الحجازيين، وثنتان عند البصريين. وكلماتها ألف وثلاثمائة وإحدى وأربعون. وحروفها خمسة آلاف ومائتان واثنان وأربعون حرفا.
والآيات المختلف فيها إحدى وعشرون آية: طه {ما غشيهم} {رأيتهم ضلوا} درثه موضع {نسبحك كثيرا} {ونذكرك كثيرا} {محبة مني} فتونا، لنفسى {ولا تحزن} {أهل مدين} {معنا بني إسرائيل} ولقد {أوحينآ إلى موسى} أسفا {إلاه موسى} {وعدا حسنا} {إليهم قولا} {السامري} فنسى، صفصفا {مني هدى} {زهرة الحياة الدنيا} .
فواصل آياتها (يوما) وعلى الميم {ما غشيهم} وعلى الواو {ضلوا} .
وللسورة اسمان: طه لافتتاح السورة، وسورة موسى؛ لاشتمالها على قصته مفصلة.
مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: تيسير الأمر على الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر الاستواء، وعلم الله تعالى بالقريب والبعيد، وذكر حضور موسى عليه السلام بالوادى المقدس، وإظهار عجائب عصاه واليد البيضاء، وسؤال شرح الصدر وتيسير الأمر، وإلقاء التابوت فى البحر، وإثبات محبة موسى فى القلوب، واصطفاء الله تعالى موسى، واختصاصه بالرسالة إلى فرعون، وما جرى بينهما من المكالمة، والموعد يوم الزينة، وحيل فرعون وسحرته بالحبال والعصى، (وإيمان السحرة) وتعذيب فرعون لهم، والمنة على بنى إسرائيل بنجاتهم من الغرق، وتعجيل موسى، والمجىء إلى الطور، ومكر السامرى فى صنعة العجل، وإضلال القوم، وتعيير موسى على هارون بسبب ضلالتهم، وحديث القيامة، وحال الكفار فى عقوبتهم، ونسف الجبال، وانقياد المتكبرين فى ربقة طاعة الله الحى القيوم، وآداب قراءة القرآن.
وسؤال زيادة العلم والبيان، وتعيير آدم بسبب النسيان، وتنبيهه على الوسوسة ومكر الشيطان، وبيان عقوبة نسيان القرآن، ونهى النبى عن النظر إلى أحوال الكفار، وأهل الطغيان، والالتفات إلى ما خولوا: من الأموال، والولدان، وإلزام الحجة على المنكرين بإرسال الرسل بالبرهان، وتنبيهه الكفار على انتظار أمر الله فى قوله {قل كل متربص} إلى آخر السورة.
الناسخ والمنسوخ:
المنسوخ فيها ثلاث آيات م {ولا تعجل بالقرآن} ن {سنقرئك فلا تنسى} م {فاصبر على ما يقولون} ن آية السيف م {قل كل متربص} ن آية السيف.
المتشابهات:
قوله: {وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى} ، وفى النمل: {إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون} وفى القصص {فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون} هذه الآيات تشتمل على ذكر رؤية موسى النار، وأمره أهله بالمكث، وإخباره إياهم أنه آنس نارا، وإطماعهم أن يأتيهم بنار يصطلون بها، أو خبر يهتدون به إلى الطريق التى ضلوا عنها، لكنه نقص فى النمل ذكر رؤية النار، وأمره بالمكث؛ اكتفاء بما تقدم. وزاد فى القصص قضاء موسى الأجل المضروب، وسيره بأهله إلى مصر؛ لأن الشىء قد يجمل ثم يفصل، وقد يفصل ثم يجمل.
وفى طه فصل، وأجمل فى النمل، ثم فصل فى القصص، وبالغ فيه. وقوله فى طه: {أو أجد على النار هدى} أى من يخبرنى بالطريق فيهدينى إليها. وإنما أخر ذكر الخبر فيها (وقدمه فيهما) مراعاة لفواصل الآى فى السور جميعا. وكرر (لعلى) فى القصص لفظا، وفيهما معنى؛ لأن (أو) فى قوله {أو أجد على النار هدى} نائب عن (لعلى) و (سئاتيكم) يتضمن معنى (لعلى) وفى القصص {أو جذوة من النار} وفى النمل {بشهاب قبس} وفى طه {بقبس} ؛ لأن الجذوة من النار [خشبة] فى رأسها قبس به شهاب، فهى فى السور الثلاث عبارة عن معنى واحد.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 05-02-2022, 07:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(37)
من صـــ 314 الى صـــ 320

قوله: {فلما أتاها} هنا، وفى النمل: {فلما جاءها} ، وفى القصص {أتاها} لأن أتى وجاء بمعنى واحد، لكن لكثرة دور الإتيان هنا نحو (فأتياه) ، (فلنأتينك) (ثم أتى) (ثم ائتوا) (حيث أتى) [جاء (أتاها) ] ، ولفظ (جاء) فى النمل أكثر؛ نحو {فلما جآءهم} {وجئتك من سبأ} {فلما جآء سليمان} وألحق القصص بطه، لقرب ما بينهما.
قوله: {فرجعناك إلى أمك} وفى القصص {فرددناه} لأن الرجع إلى الشىء والرد إليه بمعنى، والرد عن الشىء يقتضى كراهة المردود، وكان لفظ الرجع ألطف، فخص طه به، وخص القصص بقوله: {فرددناه} ؛ تصديقا لقوله: {إنا رادوه إليك} .
قوله: {وسلك لكم فيها سبلا} ، وفى الزخرف: {وجعل} لأن لفظ السلوك مع السبيل أكثر استعمالا، فخص به طه، وخص الزخرف بجعل ازدواجا للكلام، وموافقة لما قبلها وما بعدها.
قوله: {إلى فرعون} وفى الشعراء: {أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا} ، وفى القصص: {فذانك برهانان من ربك إلى فرعون} ؛ لأن طه هى السابقة، وفرعون هو الأصل، والمبعوث إليه، وقومه تبع له، وهم كالمذكورين معه، وفى الشعراء {قوم فرعون} أى قوم فرعون وفرعون، فاكتفى بذكره فى الإضافة عن ذكره مفردا. ومثله {أغرقنا آل فرعون} أى آل فرعون وفرعون، وفى القصص {إلى فرعون وملإيه} فجمع بين الاثنين، فصار كذكر الجملة بعد التفصيل.
قوله: {واحلل عقدة من لساني} صرح بالعقدة هنا؛ لأنها السابقة، وفى الشعراء: {ولا ينطلق لساني} فكنى عن العقدة بما يقرب من الصريح، وفى القصص {وأخي هارون هو أفصح مني لسانا} فكنى عن العقدة كناية مبهمة؛ لأن الأول يدل على ذلك.
قوله فى الشعراء: {ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون} وليس له فى طه ذكر؛ لأن قوله: {ويسر لي أمري} مشتمل على ذلك وغيره؛ لأن الله عز وجل إذا يسر له أمره لم يخف القتل.
قوله: {واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي} صرح بالوزير؛ لأنه الأول فى الذكر، وكنى عنه فى الشعراء حيث قال: {فأرسل إلى هارون} أى ليأتينى، فيكون لى وزيرا. وفى القصص: {أرسله معي ردءا} أى اجعله لى وزيرا، فكنى عنه بقوله {ردءا} لبيان الأول.
قوله: {فقولا إنا رسولا ربك} وبعده {إنا رسول رب العالمين} ؛لأن الرسول سمى به، فحيث وحده حمل على المصدر، وحيث ثنى حمل على الاسم. ويجوز أن يقال: حيث وحد حمل على الرسالة؛ لأنهما أرسلا لشىء واحد، وحيث ثنى حمل على الشخصين. وأكثر ما فيه من المتشابه سبق.
قوله: {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون} بالفاء من غير (من) ، وفى السجدة بالواو، وبعده (من) ؛ لأن الفاء للتعقيب والاتصال بالأول، فطال الكلام، فحسن حذف (من) ، والواو يدل على الاستئناف وإتيان (من) غير مستثقل وقد سبق الفرق بين إثباته وحذفه.
فضل السورة
روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقرأ أهل الجنة من القرآن إلا طه ويس. وقال: من قرأ سورة طه أعطى يوم القيامة ثواب المهاجرين. وفى حديث على: يا على من قرأ سورة طه أعطاه الله من الثواب مثل ثواب موسى وهارون، وله بكل آية قرأها فرحة يوم يخرج من قبره.
بصيرة فى.. اقترب للناس حسابهم
السورة مكية بالاتفاق. وآياتها مائة واثنتا عشرة عند الكوفيين، وإحدى عشرة عند الباقين. وكلماتها ألف ومائة وثمانية وستون. وحروفها أربعة آلاف وثمانمائة وسبعون، المختلف فيها آية واحدة: {ولا يضركم} .
مجموع فواصل آياتها (م ن) وسميت سورة الأنبياء لاشتمالها على قصصهم على إبراهيم، واسحاق، ويعقوب، ولوط، ونوح، وسليمان، وداود وأيوب، وإسماعيل، وصالح، ويونس، وزكريا، ويحيى، وعيسى.
مقصود السورة:
ما اشتملت عليه مجملا: من التنبيه على الحساب فى القيامة، وقرب زمانها، ووصف الكفار بالغفلة، وإثبات النبوة، واستيلاء أهل الحق على أهل الضلالة، وحجة الوحدانية، والإخبار عن الملائكة وطاعتهم، وتخليق الله السماوات والأرض بكمال قدرته، وسير الكواكب ودور الفلك، والإخبار عن موت الخلائق وفنائهم، وكلاء الله تعالى وحفظه العبد من الآفات، وذكر ميزان العدل فى القيامة، وذكر إبراهيم بالرشد والهداية، وإنكاره على الأصنام وعبادها، وسلامة إبراهيم من نار نمرود وإيقادها،
ونجاة لوط من قومه أولى العدوان، ونجاة نوح ومتابعته من الطوفان، وحكم داود، وفهم سليمان، وذكر تسخير الشيطان، وتضرع أيوب، ودعاء يونس، وسؤال زكريا، وصلاح مريم، وهلاك قرى أفرطوا فى الطغيان، وفتح سد يأجوج ومأجوج فى آخر الزمان وذل الكفار والأوثان، فى دخول النيران، وعز أهل الطاعة والإيمان، من الأزل إلى الأبد فى جميع الأزمان، على علالى الجنان، وطى السماوات فى ساعة القيامة، وذكر الأمم الماضية، والمنزلة من الكتب فى سالف الأزمان، وإرسال المصطفى صلى الله عليه وسلم بالرأفة والرحمة والإحسان، وتبليغ الرسالة على حكم السوية من غير نقصان ورجحان، وطلب حكم الله تعالى على وفق الحق، والحكمة فى قوله {رب احكم بالحق وربنا الرحمان} .
الناسخ والمنسوخ:
فى هذه السورة آيتان م {إنكم وما تعبدون من دون الله} إلى تمام الآيتين ن {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} .
المتشابهات:
قوله: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} وفى الشعراء {من ذكر من الرحمان محدث} خصت هذه السورة بقوله {من ربهم} بالإضافة، لأن (الرحمن) لم يأت مضافا، ولموافقة ما بعده، وهو قوله: {قل ربي يعلم} وخصت الشعراء بقوله {من الرحمان} ليكون كل سورة مخصوصة بوصف من أوصافه، وليس فى أوصاف الله تعالى اسم أشبه باسم الله من الرحمن؛ لأنهما اسمان ممنوعان أن يسمى بهما غير الله عز وجل، ولموافقة ما بعده، وهو قوله: {العزيز الرحيم} ؛ لأن الرحمن والرحيم من مصدر واحد.
قوله: {ومآ أرسلنا قبلك إلا رجالا} وبعده {ومآ أرسلنا من قبلك من رسول} ، (قبلك) و (من قبلك) كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدم، إلا أن (من) إذا دخل دل على الحصر بين الحدين، وضبطه بذكر الطرفين. ولم يأت {ومآ أرسلنا قبلك} إلا هذه - وخصت بالحذف؛ لأن قبلها {مآ آمنت قبلهم من قرية} فبناه عليه لأنه هو؛ وآخر فى الفرقان {ومآ أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم} وزاد فى الثانى {من قبلك من رسول} على الأصل للحصر.
قوله: {كل نفس ذآئقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} وفى العنكبوت: {ثم إلينا ترجعون} ؛ لأن ثم للتراخى، والرجوع هو الرجوع إلى الجنة أو النار، وذلك فى القيامة، فخصت سورة العنكبوت به. وخصت هذه السورة بالواو لما حيل بين الكلامين بقوله: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا} وإنما ذكرا لتقدم ذكرهما، فقام مقام التراخى، وناب الواو منابه، والله أعلم.
قوله: {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا} وفى الفرقان {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا} لأنه ليس فى الآية التى تقدمتها ذكر الكفار؛ فصرح باسمهم، وفى الفرقان قد سبق ذكر الكفار، فخص الإظهار بهذه السورة، والكناية بتلك.
قوله: {ما هاذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنآ} وفى الشعراء {قالوا بل وجدنآ} ؛ لأن قوله: {وجدنآ آبآءنا} جواب لقوله: {ما هاذه التماثيل} وفى الشعراء أجابوا عن قوله {ما تعبدون} بقولهم {قالوا نعبد أصناما} ثم قال لهم {هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون} فأتى بصورة الاستفهام ومعناه النفى {قالوا بل وجدنآ} (أى قالوا لا بل وجدنا) عليه آباءنا، لأن السؤال فى الآية يقتضى فى جوابهم أن ينفوا ما نفاه السائل، فأضربوا عنه إضراب من ينفى الأول، ويثبت الثانى، فقالوا: بل وجدنا. فخصت السورة به.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 18-02-2022, 01:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(38)
من صـــ 321 الى صـــ 327

قوله: {وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين} ، وفى الصافات {الأسفلين} ؛ لأن فى هذه السورة كادهم إبراهيم؛ لقوله: {لأكيدن أصنامكم} وهم كادوا ابراهيم لقوله: {وأرادوا به كيدا} فجرت بينهم مكايدة، فغلبهم إبراهيم؛ لأنه كسر أصنامهم، ولم يغلبوه؛ لأنهم (لم يبلغوا من إحراقه مرادهم) فكانوا هم الأخسرين. وفى الصافات {قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم} ، فأججوا نارا عظيمة، وبنوا بنيانا عاليا، ورفعوه إليه، ورموه [منه] إلى أسفل، فرفعه الله، وجعلهم فى الدنيا سافلين، وردهم فى العقبى أسفل سافلين. فخصت الصافات بالأسفلين.

قوله: {فنجيناه} بالفاء سبق فى يونس. ومثله فى الشعراء {فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين} .

قوله: {وأيوب إذ نادى ربه} ختم القصة بقوله {رحمة من عندنا} وقال فى ص {رحمة منا} لأنه بالغ (فى التضرع) بقوله {وأنت أرحم الراحمين} فبالغ سبحانه فى الإجابة، وقال {رحمة من عندنا} لأن (عند) حيث جاء دل على أن الله سبحانه تولى ذلك من غير واسطة. وفى ص لما بدأ القصة بقوله {واذكر عبدنا} ختم بقوله (منا) ليكون آخر الآية ملتئما بالأول.
قوله: {فاعبدون وتقطعوا} وفى المؤمنين {فاتقون فتقطعوا} لأن الخطاب فى هذه السورة للكفار، فأمرهم بالعبادة التى هى التوحيد، ثم قال: {وتقطعوا} بالواو؛ لأن التقطع قد كان منهم قبل هذا القول لهم. ومن جعله خطابا للمؤمنين، فمعناه: دوموا على الطاعة. وفى المؤمنين الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بدليل قوله قبله {ياأيها الرسل كلوا من الطيبات} والأنبياء والمؤمنون مأمورون بالتقوى، ثم قال {فتقطعوا أمرهم} أى ظهر منهم التقطع بعد هذا القول، والمراد أمتهم.
قوله: {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها} وفى التحريم (فيه) ؛ لأن المقصود هنا ذكرها وما آل إليه أمرها، حتى ظهر فيها ابنها، وصارت هى وابنها آية. وذلك لا يكون إلا بالنفخ فى جملتها، وبحملها، والاستمرار على ذلك إلى يوم ولادتها. فلهذا خصت بالتأنيث. وما فى التحريم مقصور على ذكر إحصانها، وتصديقها بكلمات ربها، وكان النفخ أصاب فرجها، وهو مذكر، والمراد به فرج الجيب أو غيره، فخصت بالتذكير.
فضل السورة
روى فيه أحاديث ساقطة ضعيفة. منها: من قرأ سورة اقترب للناس حسابهم حاسبه الله حسابا يسيرا، وصافحه، وسلم عليه كل نبى ذكر اسمه فى القرآن. وفى حديث على: يا على من قرأ هذه السورة فكأنما عبد الله على رضاه.
بصيرة فى.. يأيها الناس اتقوا ربكم
السورة مكية بالاتفاق، سوى ست آيات منها، فهى مدنية: {هاذان خصمان} إلى قوله: {صراط الحميد} . وعدد آياتها ثمان وسبعون فى عد الكوفيين، وسبع للمدنيين، وخمس للبصريين، وأربع للشاميين. وكلماتها ألفان ومائتان وإحدى وتسعون كلمة. وحروفها خمسة آلاف وخمسة وسبعون.
والآيات المختلف فيها خمس: الحميم، الجلود، وعاد وثمود، {وقوم لوط} ، {سماكم المسلمين} . مجموع فواصل آياتها (انتظم زبرجد قط) على الهمزة منها {إن الله يفعل ما يشآء} .
سميت: سورة الحج؛ لاشتمالها على مناسك الحج، وتعظيم الشعائر، وتأذين إبراهيم للناس بالحج.
مقصود السورة على طريق الإجمال: الوصية بالتقوى، والطاعة، وبيان هول الساعة، وزلزلة القيامة، (والحجة) على إثبات الحشر والنشر،وجدال أهل الباطل مع أهل الحق، والشكاية من أهل النفاق بعد الثبات، وعيب الأوثان وعبادتها، وذكر نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإقامة البرهان والحجة، وخصومة المؤمن والكافر فى دين التوحيد، وتأذين إبراهيم على المسلم بالحج، وتعظيم الحرمات والشعائر، وتفضيل القرآن فى الموسم، والمنة على العباد بدفع فساد أهل الفساد، وحديث البئر المعطلة، وذكر نسيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسهوه حال تلاوة القرآن، وأنواع الحجة على إثبات القيامة، وعجز الأصنام وعبادها، واختيار الرسول من الملائكة والإنس، وأمر المؤمنين بأنواع العبادة والإحسان، والمنة عليهم باسم المسلمين، والاعتصام بحفظ الله وحياطته فى قوله {واعتصموا بالله هو مولاكم} إلى قوله {ونعم النصير} .
الناسخ والمنسوخ:
المنسوخ فيها آيتان: {إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} م {سنقرئك فلا تنسى} ن {الله يحكم بينكم} م آية السيف ن. والناسخ فى هذه السورة {أذن للذين يقاتلون} .
المتشابهات:
قوله: {يوم ترونها} وبعده {وترى الناس سكارى} محمول على: أيها المخاطب كما سبق فى قوله {وترى الفلك} .
قوله: {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} [فى هذه السورة، وفى لقمان: {ولا كتاب منير} ] لأن ما فى هذه السورة وافق ما قبلها [من الآيات، وهى: نذير، القبور، وكذلك فى لقمان وافق ما قبلها] وما بعدها وهى الحمير والسعير والأمور.
قوله: {من بعد علم} بزيادة (من) لقوله {من تراب ثم من نطفة} الآيه وقد سبق فى النحل.
قوله: {ذلك بما قدمت يداك} وفى غيرها {أيديكم} لأن هذه الآية نزلت فى نضر بن الحارث وقيل [فى] أبى جهل [فوحده، وفى غيرها] نزلت فى الجماعة الذين تقدم ذكرهم.
قوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا "والصابئين والنصارى"} (قدم الصابئين لتقدم زمانهم. وقد سبق فى البقرة.
قوله: {يسجد له من في السماوات} سبق فى الرعد.
قوله: {كلمآ أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} وفى السجدة {منهآ أعيدوا فيها} لأن المراد بالغم [الكرب] والأخذ بالنفس حتى لا يجد صاحبه متنفسا، وما قبله من الآيات يقتضى ذلك، وهو {قطعت لهم ثياب من نار} إلى قوله {من حديد} فمن كان فى ثياب من نار فوق رأسه جهنم يذوب من حره أحشاء بطنه، حتى يذوب ظاهر جلده، وعليه موكلون يضربونه بمقامع من حديد، كيف يجد سرورا ومتنفسا من تلك الكرب التى عليه وليس فى السجدة من هذا ذكر، وإنما قبلها {فمأواهم النار كلمآ أرادوا أن يخرجوا منهآ أعيدوا فيها} .
قوله: {وذوقوا} ، وفى السجدة: {وقيل لهم ذوقوا} القول ها هنا مضمر. وخص بالإضمار لطول الكلام بوصف العذاب. وخصت سورة السجدة بالإظهار، موافقة للقول قبله فى مواضع منها {أم يقولون افتراه} {وقالوا أءذا ضللنا} ، و {قل يتوفاكم} و {حق القول} وليس فى الحج منه شىء. قوله: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار} مكررة. وموجب التكرار قوله: {هاذان خصمان} ، لأنه لما ذكر أحد الخصمين وهو {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار} لم يكن بد من ذكر الخصم الآخر فقال: {إن الله يدخل الذين آمنوا} .

قوله: {وطهر بيتي للطآئفين والقآئمين} وفى البقرة {والعاكفين} وحقه أن يذكر هناك لأن ذكر العاكف هاهنا سبق فى قوله {سوآء العاكف فيه والباد} ومعنى {والقآئمين والركع السجود} المصلون. وقيلالقائمين) بمعنى المقيمين. وهم العاكفون [لكن] لما تقدم ذكرهم عبر عنهم بعبارة أخرى.

قوله: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} كرر؛ لأن الأول متصل بكلام إبراهيم وهو اعتراض ثم أعاده مع قوله {والبدن جعلناها لكم} .
قوله: {فكأين من قرية أهلكناها} وبعده {وكأين من قرية أمليت لها} خص الأول بذكر الإهلاك؛ لاتصاله بقوله: {فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم} أى أهلكتهم، والثانى بالإملاء؛ لأن قوله: {ويستعجلونك بالعذاب} دل على أنه لم يأتهم فى الوقت، فحسن ذكر الإملاء.
قوله: {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} هنا وفى لقمان {من دونه الباطل} لأن هنا وقع بين عشر آيات كل آية مؤكدة مرة أو مرتين، ولهذا أيضا زيد فى هذه السورة اللام فى قوله: {وإن الله لهو الغني الحميد} وفى لقمان: {إن الله هو الغني الحميد} إذ لم يكن سورة لقمان بهذه الصفة. وإن شئت قلت: لما تقدم فى هذه السورة ذكر الله سبحانه وتعالى وذكر الشيطان أكدهما؛ فإنه خبر [وقع] بين خبرين. ولم يتقدم فى لقمان ذكر الشيطان، فأكد ذكر الله، وأهمل ذكر الشيطان. وهذه دقيقة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 18-02-2022, 02:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(39)
من صـــ 328 الى صـــ 334

فضل السورة
ذكر المفسرون فيه أحاديث واهية. منها: من قرأ من سورة الحج أعطى من الأجر كحجة حجها، وعمرة اعتمرها، بعدد من حج واعتمر، من مضى منهم ومن بقى، ويكتب له بعدد كل واحد منهم حجة وعمرة وله بكل آية قرأها مثل ثواب من حج عن أبويه.
بصيرة فى.. قد أفلح المؤمنون
السورة مكية إجماعا. وعدد آياتها مائة وثمانية عشر عند الكوفيين، وتسعة عشر عند الباقين. وكلماتها ألف ومائتان وأربعون. وحروفها أربعة آلاف وثمانمائة وواحد. المختلف فيها {وأخاه هارون} .
مجموع فواصل آياتها (من) . وسميت سورة المؤمنين لافتتاحها بفلاح المؤمنين.
مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: الفتوى بفلاح المؤمنين، والدلالة على أخلاق أهل الإسلام، وذكر العجائب فى تخليق الأولاد فى الأرحام، والإشارة إلى الموت والبعث، ومنة الحق على الخلق بإنبات الأشجار، وإظهار الأنهار، وذكر المراكب، والإشارة إلى هلاك قوم نوح، ومذمة الكفار، وأهل الإنكار، وذكر عيسى ومريم، وإيوائهما إلى ربوة ذات قرار، وإمهال الكفار فى المعاصى، والمخالفات، وبيان حال المؤمنين فى العبادات، والطاعات، وبيان حجة التوحيد وبرهان النبوات، وذل الكفار بعد الممات، وعجزهم فى جهنم حال العقوبات، ومكافأتهم فى العقبى على حسب المعاملات، فى الدنيا فى جميع الحالات، وتهديد أهل اللهو،واللغو، والغفلات، وأمر الرسول بدعاء الأمة، وسؤال المغفرة لهم والرحمات، فى قوله: {رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين} .
الناسخ والمنسوخ:
المنسوخ فيها آيتان {فذرهم في غمرتهم} م آية السيف ن {ادفع بالتي هي أحسن} م آية السيف ن.
المتشابهات:
قوله: {لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون} (فواكه) بالجمع و (منها) بالواو، وفى الزخرف {فاكهة} على التوحيد {منها تأكلون} بغير واو. راعى فى السورتين لفظ الجنة. وكانت فى هذه (جنات) بالجمع فقال: (فواكه) بالجمع، وفى الزخرف: {وتلك الجنة} بلفظ التوحيد، وإن كانت هذه جنة الخلد لكن راعى اللفظ فقال {فيها فاكهة} وقال فى هذه السورة {ومنها تأكلون} بزيادة الواو؛ لأن تقدير الآية: منا تدخرون، ومنها تأكلون، ومنها تبيعون، وليست كذلك فاكهة الجنة، فإنها للأكل فقط. فذلك قال: {منها تأكلون} ووافق هذه السورة ما بعدها أيضا، وهو قوله: {ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون} فهذا للقرآن معجزة وبرهان.
قوله: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه} وبعده {وقال الملأ من قومه الذين كفروا} فقدم (من قومه) فى الآية الأخرى، وأخر فى الأولى؛ لأن صلة (الذين) فى الأولى اقتصرت على الفعل وضمير الفاعل، ثم ذكر بعده الجار والمجرور ثم ذكر المفعول وهو المقول، وليس كذلك فى الأخرى، فإن صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرة بعد أخرى، فقدم الجار والمجرور؛ لأن تأخيره يلتبس، وتوسيطه ركيك، فخص بالتقدم.
قوله: {ولو شآء الله لأنزل ملائكة} (وفى حم السجدة: ( {ولو شآء ربك لأنزل ملائكة} ) لأن فى هذه السورة تقدم ذكر الله، وليس فيه ذكر الرب، وفى السجدة تقدم ذكر (رب العالمين) سابقا على ذكر لفظ الله، فصرح فى هذه السورة بذكر الله، وهناك بذكر الرب؛ لإضافته إلى العالمين وهم من جملتهم، فقالوا إما اعتقادا وإما استهزاء: لو شاء ربنا لأنزل ملائكة، فأضافوا الرب إليهم.
قوله: {واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} ، وفى سبأ {إني بما تعملون بصير} كلاهما من وصف الله سبحانه. وخص كل سورة بما وافق فواصل الآى.
قوله: {فبعدا للقوم الظالمين} بالألف واللام، وبعده: {لقوم لا يؤمنون} ؛ لأن الأول لقوم صالح، فعرفهم بدليل قوله: {فأخذتهم الصيحة} ، والثانى نكرة، وقبله {قرونا آخرين} وكانوا منكرين، ولم يكن معهم قرينة عرفوا بها، فخصوا بالنكرة.
قوله: {لقد وعدنا نحن وآبآؤنا هاذا من قبل} ، وفى النمل {لقد وعدنا هاذا نحن وآبآؤنا من قبل} لأن ما فى [هذه] السورة على القياس؛ فإن الضمير المرفوع المتصل لا يجوز العطف عليه، حتى يؤكد بالضمير المنفصل، فأكد (وعدنا نحن) ثم عطف عليه (آباؤنا) ، ثم ذكر المفعول، وهو (هذا) وقدم فى النمل المفعول موافقة لقوله (ترابا) لأن القياس فيه أيضا: كنا نحن وآباؤنا ترابا (فقدم "ترابا") ليسد مسد نحن وكانا متوافقين.
قوله: {سيقولون لله} ، وبعده: {سيقولون لله} وبعده: {سيقولون لله} الأول جواب لقوله {قل لمن الأرض ومن فيهآ} جواب مطابق لفظا ومعنى لأنه قال فى السؤال: (قل لمن) فقال فى الجواب: (لله) وأما الثانى والثالث فالمطابقة فيهما فى المعنى؛ لأن القائل إذا قال لك: من مالك هذا الغلام؟ فلك أن تقول: زيد، فيكون مطابقا لفظا ومعنى. ولك أن تقول لزيد، فيكون مطابقا للمعنى. ولهذا قرأ أبو عمرو الثانى والثالث: (الله) (الله) ؛ مراعاة للمطابقة.
قوله {ألم تكن آياتي تتلى عليكم} وقبله: {قد كانت آياتي تتلى عليكم} ليس بتكرار؛ لأن الأول فى الدنيا عند نزول العذاب وهو الجدب عند بعضهم، ويوم بدر عند البعض، والثانى فى القيامة، وهم فى الجحيم؛ بدليل قوله: {ربنآ أخرجنا منها} .
فضل السورة
يذكر فيه من الأحاديث الواهية حديث أبى: من قرأ سورة المؤمنين بشرته الملائكة بالروح، والريحان، وما تقر به عينه عند نزول ملك الموت، ويروى: أن أول هذه السورة وآخرها من كنوز العرش من علم بثمان آيات من أولها، واتعظ بأربع آيات من آخرها؛ فقد نجا، وأفلح، وحديث على: يا على من قرأها تقبل الله منه صلاته، وصيامه، وأفلح؛ وحديث على: يا على من قرأها تقبل الله منه صلاته، وصيامه، وجعله فى الجنة رفيق إسماعيل، وله بكل آية قرأها مثل ثواب إسماعيل.
بصيرة فى.. سورة أنزلناها
السورة مدنية بالاتفاق. عدد آياتها أربع وستون فى العراقى والشامى، واثنتان فى الحجازى. كلماتها ألف وثلثمائة وستة عشر. وحروفها خمسة آلاف وستمائة وثمانون. المختلف فيها آيتان: {بالغدو والآصال} و {يذهب بالأبصار} .
مجموع فواصل آياتها (لم نرب) على اللام آية واحدة {بالغدو والآصال} وعلى الباء آيتان {بغير حساب} و {سريع الحساب} سميت سورة النور، لكثرة ذكر النور فيها (الله نور.. مثل نوره.. نور على نور يهدى الله لنوره.. ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #40  
قديم 18-02-2022, 02:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
المجلد الاول
(40)
من صـــ 335 الى صـــ 344

مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه:

بيان فرائض مختلفة، وآداب حد الزانى والزانية، والنهى عن قذف المحصنات، وحكم القذف، واللعان، وقصة إفك الصديقة، وشكاية المنافقين، وخوضهم فيه، وحكاية حال المخلصين فى حفظ اللسان، وبيان عظمة عقوبة البهتان، وذم إشاعة الفاحشة، والنهى عن متابعة الشيطان، والمنة بتزكية الأحوال على أهل الإيمان، والشفاعة لمسطح إلى الصديق، فى ابتداء الفضل والإحسان، ومدح عائشة بأنها حصان رزان، وبيان أن الطيبات للطيبين، ولعن الخائضين فى حديث الإفك، والنهى عن دخول البيوت بغير إذن وإيذان، والأمر بحفظ الفروج، وغض الأبصار، والأمر بالتوبة لجميع أهل الإيمان، وبيان النكاح وشرائطه، وكراهة الإكراه على الزنا، وتشبيه المعرفة بالسراج والقنديل، وشجرة الزيتون، وتمثيل أعمال الكفار، وأحوالهم، وذكر الطيور، وتسبيحهم، وأورادهم، وإظهار عجائب صنع الله فى إرسال المطر، وتفصيل أصناف الحيوان، وانقياد أمر الله تعالى بالتواضع والإذعان، وخلافة الصديق، وصلابة الإخوان، وبيان استئذان الصبيان، والعبدان، ورفع الحرج عن العميان، والزمنى، والعرجان، والأمر بحرمة سيد الإنس والجان، وتهديد المنافقين، وتحذيرهم من العصيان، وختم السورة بأن لله الملك والملكوت بقوله {ألا إن لله ما في السماوات والأرض} إلى قوله {عليم} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ ست آيات {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} م {إلا الذين تابوا} ن {والزانية لا ينكحهآ} م {وأنكحوا الأيامى} ن. وقيل: محكمة {والذين يرمون} م {والخامسة أن} ن {وقل للمؤمنات يغضضن} العموم فيه م {والقواعد من النسآء} ن الخصوص {عليه ما حمل} م آية السيف ن {ليستأذنكم} م {وإذا بلغ الأطفال} ن.
المتشابهات:
قوله تعالى {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم}محذوف الجواب، تقديره: لفضحكم. وهو متصل ببيان حكم الزانيين، وحكم القاذف وحكم اللعان. وجواب لولا محذوفا أحسن منه ملفوظا به. وهو المكان الذى يكون الإنسان فيه أفصح ما يكون (إذا سكت) .
وقوله بعده: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم} فحذف الجواب أيضا. وتقديره: لعجل لكم العذاب. وهو متصل بقصتها رضى الله عنها، وعن أبيها. وقيل دل عليه قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في مآ أفضتم فيه عذاب عظيم} وقيل: دل عليه قوله: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا} وفى خلال هذه الآيات {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون} {لولا جآءوا عليه بأربعة شهدآء} {ولولا إذ سمعتموه قلتم} وليس هو الدال على امتناع الشىء لوجود غيره، بل هو للتحضيض؛ قال الشاعر:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بنى ضوطرى لولا الكمى المقنعا
وهو فى البيت للتحضيض. والتحضيض يختص بالفعل، والفعل فى البيت مقدر، تقديره: هلا تعدون الكمى، أو هلا تعقرون الكمى.
قوله: {ولقد أنزلنآ إليكم آيات} ، وبعده: {لقد أنزلنآ آيات} ؛لأن اتصال الأول بما قبله أشد: فإن قوله: (وموعظة) محمول ومصروف إلى قوله: {وليستعفف} ، وإلى قوله: {فكاتبوهم} ، {ولا تكرهوا} فاقتضى الواو؛ ليعلم أنه عطف على الأول، واقتضى بيانه بقوله: (إليكم) ليعلم أن المخاطبين بالآية الثانية هم المخاطبون بالآية الأولى. وأما الثانية فاستئناف كلام، فخص بالحذف.
قوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم} إنما زاد (منكم) ؛ لأنهم المهاجرون. وقيل: عام، و (من) للتبيين.
قوله: {وإذا بلغ الأطفال} ختم [الآية] بقوله: {كذلك يبين الله لكم آياته} وقبلها وبعدها {لكم الآيات} ؛ لأن الذى قبلها والذى بعدها يشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها.
وهى فى الأولى {ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشآء} وفى الأخرى {من بيوتكم أو بيوت آبآئكم أو بيوت أمهاتكم} الآية فعد فيها آيات كلها معلومة، فختم الآيتين بقوله {لكم الآيات} . ومثله {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات} يعنى حد الزانين وحد القاذفين، فختم بالآيات. وأما بلوغ الأطفال فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها، بل تفرد سبحانه بعلم ذلك، فخصها بالإضافة إلى نفسه، وختم كل آية بما اقتضاها أولها.
فضل السورة
فيه حديث أبى المستضعف "من قرأ سورة النور أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل مؤمن فيما مضى، وفيما بقى" وحديث: "لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن الغزل وسورة النور" وحديث على: "يا على من قرأ سورة النور نور الله قلبه، وقبره، وبيض وجهه، وأعطاه كتابه بيمينه وله بكل آية قرأها مثل ثواب من مات مبطونا".
بصيرة فى.. تبارك الذى نزل الفرقان
السورة مكية بالاتفاق. وعدد آياتها سبع وسبعون. وكلماتها ثمانمائة واثنتان وسبعون. وحروفها ثلاثة آلاف وسبعمائة وثلاث وثلاثون. مجموع فواصل آياتها (لا) على اللام منها آية واحدة: {ضلوا السبيل} سميت سورة الفرقان لأن فى فاتحتها ذكر الفرقان فى قوله {نزل الفرقان على عبده} .
مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: المنة بإنزال القرآن، ومنشور رسالة سيد ولد عدنان، وتنزيه الحق تعالى من الولد، والشريك، وذم الأوثان، والشكاية من المشركين بطعنهم فى المرسلين، بأكل الطعام فى أخس مكان، واستدعائهم محالات المعجزات من الأنبياء كل أوان، وذل المشركين فى العذاب والهوان، وعز المؤمنين فى ثوابهم بفراديس الجنان، وخطاب الحق مع الملائكة فى القيامة تهديدا لأهل الكفر والطغيان، وبشارة الملائكة للمجرمين بالعقوبة فى النيران، وبطلان أعمال الكفار يوم ينصب الميزان، والإخبار بمقر المؤمنين فى درجات الجنان، وانشقاق السماوات بحكم الهول وسياسة العبدان، والإخبار عن ندامة الظالمين يوم الهيبة ونطق الأركان، وذكر الترتيب والترتيل فى نزول القرآن، وحكاية حال القرون الماضية، وتمثيل الكفار بالأنعام، أخس الحيوان، وتفضيل الأنعام عليهم فى كل شان، وعجائب صنع الله فى ضمن الظل والشمس وتخليق الليل، والنهار، والآفات، والأزمان، والمنة بإنزال الأمطار، وإنبات الأشجار فى كل مكان، وذكر الحجة فى المياه المختلفة فى البحار، وذكر النسب، والصهر، فى نوع الإنسان، وعجائب الكواكب، والبروج، ودور الفلك، وسير الشمس، والقمر، وتفصيل صفات العباد، وخواصهم بالتواضع، وحكم قيام الليل، والاستعاذة من النيران، وذكر الإقتار، والاقتصاد فى النفقة، والاحتراز من الشرك والزنى وقتل النفس بالظلم والعدوان، والإقبال على التوبة، والإعراض عن اللغو، والزور، والوعد بالغرف للصابرين على عبادة الرحمن، وبيان أن الحكمة فى تخليق الخلق التضرع والدعاء والابتهال إلى الله الكريم المنان، بقوله: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعآؤكم} الآية.
المتشابهات:
قوله: (تبارك) هذه لفظة لا تستعمل إلا لله تعالى. ولا تستعمل إلا بلفظ الماضى. وجاء فى هذه السورة فى ثلاثة مواضع {تبارك الذي نزل الفرقان} {تبارك الذي إن شآء جعل لك} {تبارك الذي جعل في السمآء بروجا} ؛ تعظيما لذكر الله. وخصت هذه المواضع بالذكر؛ لأن ما بعدها عظائم: الأول ذكر الفرقان، وهو القرآن المشتمل على معانى جميع كتاب أنزله الله، والثانى ذكر النبى الذى خاطبه الله بقوله: (لولاك يا محمد ما خلقت الكائنات) . والثالث ذكر البروج والسيارات، والشمس والقمر، والليل والنهار، ولولاها ما وجد فى الأرض حيوان، ولا نبات. ومثلها {فتبارك الله رب العالمين} {فتبارك الله أحسن الخالقين} {تبارك الذي بيده الملك} .
قوله: {من دونه} هنا، وفى مريم، ويس: {من دون الله} ؛ لأن فى هذه السورة وافق ما قبله، وفى السورتين لوجاء (من دونه) لخالف ما قبله؛ لأن ما قبله فى السورتين بلفظ الجمع؛ تعظيما. فصرح.
قوله: {ضرا ولا نفعا} قدم الضر؛ موافقة لما قبله وما بعده. فما قبله نفى وإثبات، وما بعده موت وحياة. وقد سبق.
قوله: {ما لا ينفعهم ولا يضرهم} قدم النفع؛ موافقة لقوله تعالى: {هاذا عذب فرات وهاذا ملح أجاج} .
قوله: {الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمان} ومثله فى السجدة يجوز أن يكون (الذى) فى السورتين مبتدأ (الرحمن) خبره فى الفرقان، و {وما لكم من دونه} خبره فى السجدة، وجاز غير ذلك.
فضل السورة
فيه الأحاديث الضعيفة التى منها حديث أبى: من قرأ سورة الفرقان بعث يوم القيامة وهو يؤمن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من فى القبور، ودخل الجنة بغير حساب. ومن قرأ هذه السورة يبعث يوم القيامة آمنا من هولها، ويدخل الجنة بغير نصب، وحديث على: يا على من قرأ {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} . فكأنما قرأ كل كتاب نزل من السماء، وكأنما عبد الله بكل آية قرأها سنة.
بصيرة فى.. طسم. تلك الشعراء
السورة مكية، إلا آية واحدة: {والشعرآء يتبعهم الغاوون} إلى آخره. عدد آياتها مائتان وسبع وعشرون فى عد الكوفى والشامى. وست فى عد الباقين. كلماتها ألف ومائتان وسبع وسبعون. وحروفها خمسة آلاف وخمسمائة وثنتان وأربعون: الآيات المختلف فيها أربع طسم {فلسوف تعلمون} {أين ما كنتم تعبدون} {وما تنزلت به الشياطين} .
مجموع فواصل آياتها (ملن) على اللام أربع، آخرهن إسرائيل وسميت سورة الشعراء لاختتامها بذكر هم فى قوله: {والشعرآء يتبعهم الغاوون} .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 209.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 203.09 كيلو بايت... تم توفير 6.10 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]