موعظة وذكرى - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 3351 )           »          مكافحة الفحش.. أسباب وحلول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أي الفريقين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 6 )           »          نكبتنا في سرقة كتبنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كيف نجيد فن التعامل مع المراهق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الطفل والأدب.. تنمــية الذائقة الجمالية الأدبية وتربيتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ترجمة موجزة عن فضيلة العلامة الشيخ: محمد أمان بن علي الجامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          يجب احترام ولاة الأمر وتوقيرهــم وتحرم غيبتهم أو السخرية منهم أو تنــقّصهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 1176 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-01-2022, 05:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي موعظة وذكرى

موعظة وذكرى
الشيخ عبدالله محمد الطوالة



الحمدُ للهِ الملكِ العظيمِ الجليلِ، الخالقِ الرازقِ الجميلِ، أنزلَ التنزيلَ، وأنارَ السبيلَ، وأقام الدليلَ، ﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [يونس: 108]، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك له، أفاضَ على عباده النِّعْمةَ، وكتبَ على نفسهِ الرَّحمةَ، وجعلَ أُمَّةَ الإسلامِ خيرَ أُمَّةٍ، ﴿ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ [البقرة: 108]، وأشهدُ أن محمدًا عبدُاللهِ ورسولهُ، ومصطفاه وخليله، أرســلهُ اللهُ رحـمـةً للعـالمينَ، وإمامـًا للمتقينَ، وقـدوةً للعـامِلينَ، فصلَّى الله وسلِّم وبارك عليهِ وعلى آلهِ الطيبينَ، وصحابتهِ الغُرِّ الميامينَ، والتابعينَ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنها خيرُ الوصايا وأعظمها، وأتمُّها وأشملُها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197].

معاشر المؤمنين الكرام، كُلُّ حيٍّ سيفنى، وكل جديدٍ سيبلى، و﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 88]، تأمَّلْ في الوجودِ بعينِ فِكرٍ = ترَ الدنيا الدنيَّةَ كالخيالِ، ومنْ فيها جميعًا سوفَ يفْنى = ويبقى وجهُ رَبِّكَ ذي الجلالِ.

أُخيَّ المبارك، الأعمارُ مهما طالَتْ فهي قصيرةٌ، والدنيا مهما طابتْ فهي يسيرةٌ، واليومَ عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل، والكيِّسُ من دانَ نفسَهُ، وعمِلَ لما بعدَ الموتِ، والعاجِزُ من أتبعَ نفسَهُ هواها، وتمنَّى على الله الأماني، ولو أنا إِذا مِتْنا تُرِكنا = لكانَ الموتُ راحةَ كُلِّ حيّ، ولكنا إِذا مِتْنا بُعِثْنا = ونُسألُ بعد ذا عن كُلِّ شيء، تفكروا يا عباد الله في الدُّنيا وتغيُّرِ أحوالها، وتقلُّبِ أوضاعِها، فما بعدَ الصحةِ إلَّا السقمْ، وما بعدَ الشبابِ إلَّا الهرمْ، وما بعدَ الحياةِ إلَّا الموتْ، وما بعد الموتِ إلا الحسابْ، فرحمَ اللهُ امْرأً أنصفَ نفسهُ من نفسه، وأخذَ لغدِهَ من أمْسِهَ، ويا ابن آدمَ، بعْ دُنياكَ بآخرتِكَ تربحهُمَا جميعًا، ولا تبع آخرتكَ بدنياكَ فتخسرهُـمَا جميعًا، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]، ويا عبدالله، ارضَ بما قسمَ اللهُ تكنْ أغنى النَّاسِ، واجتنبْ محارمَ اللهِ تكنْ أورعَ النَّاسِ، وأدِّ ما افترضَ اللهُ تكنْ أعبدَ النَّاسِ، ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴾ [النساء: 124]، من أبصر عيوبَ نفسهِ سلم، ومن ظنَّ بمسلمٍ فتنةً فهو الذي فُتن، وإذا كان العلم خيرُ موروث، فإن حُسن الخلق خير مكتسب، من عرف الدنيا هانت عليه مصائبها، وأشدُّ الذنوب قبحًا ما استخفَّ بها صاحبها، فرحِمَ الله عبدًا إذا نظرَ اعتبَر، وإذا سكَتَ تفكَّر، وإذا علِمَ تواضَع، وإذا أخطأ تراجع، يعملُ بالدليل، ويحذَرُ التسويفَ والتعليل، ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [التغابن: 16]، مَن نظرَ في عيبِ نفسِهِ شُغِل عن عَيبِ غيرهِ، ومن سَلَّ سيفَ البغي قُتِلَ به، ومن حَفَرَ لأخيه حفرةً وقعَ فيها، ومن استقل زَلـلَهُ استَكثر زَلَلَ غَيرِهِ، وكَفاكَ أدبًا لِنَفسِكَ ما تكرَهُهُ من غيركَ، الجنةُ لا يدخلها إلا من يرجوها، والنار لا يسلمُ منها إلا من يتَّقيها؛ وفي محكم التنزيل: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72]، السعيدُ من تدبَّر أمره، وأخذ حِذره، واستعدَّ لقبره ونشرهِ وحشرهِ، والمُسلمُ من سلِمَ المُسلمون من لسانه ويدِه، والمُهاجِرُ من هجرَ ما حرَّم الله، والمُجاهِدُ من جاهدَ نفسَه وهواه، وأهل النجاة والخلاص هم أهلُ التقوى والصبرِ والإخلاص: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]، بجميل الكلامِ تدومُ المودَّة، وبحُسن الخُلُق يَطيبُ العيشُ، وبلين الجانبِ تستقيمُ الأمور: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]، وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظرَ أيمنَ منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة))؛ تأمل: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ * فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 101 - 103]، وفي صحيح البخاري: قال عليه الصلاة والسلام: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلل منه اليوم، قبل ألَّا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالحٌ، أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسناتٌ، أُخذَ من سيئات صاحبهِ فحُمل عليه))، وفي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار))، وفي حديثٍ صحيحٍ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدمَا ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمسٍ: عن عُمُره فيمَ أفناه؟ وعن شبابه فيمَ أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟ وماذا عمِلَ فيما علِم؟))، فيا راكضًا في ميادين الهوى مَرِحًا = ورافلًا في ثِيَاِب الغَيِّ نشوانَا، مَضَى الزَّمَانُ وَوَلَّى العُمْرُ فِي لَعِبٍ = يَكْفِيكَ مَا قَدْ مَضَى يكفيك مَا كَانَا، ألا فلا تغرَّنَّكم الآمال، فتنسيكم قرب الارتحال ودنو الآجال، فكم من مؤمِّلٍ أملًا لا يدركه، وكم من مدركٍ يومًا لا يستكمله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].


فاستبقوا الخيرات قبل فواتها، وحاسبوا أنفسكم على زلاتها، وكفُّوها عن الاستغراقِ في شهواتها، من نظرَ في العواقب نجا، ومن أطاع هواهُ هوى، و ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء: 80].

بارك الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا كثيرًا، والصلاة والسلام على المبعوث بالحق بشيرًا ونذيرًا؛ أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، وكونوا مع الصادقين، وكونوا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب.

معاشر المؤمنين الكرام، جاء في صحيح البخاري: قال عليه الصلاة والسلام: ((ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، ومَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ))، اصبرْ على حُلو القضاء ومرِّهِ = واعلم بأنَّ اللهَ بالغُ أمرهِ = وتجنبِ الفحشاءَ لا تنطِق بها، من قالَ شيئًا قِيلَ فيهِ بمثلهِ = في مُحكم التنزيل بيَّن ربُّنا، من يعمل المعروفَ يُجزَ بمثله؛ وفي الحديث الصحيح: ((يا عُقبة بن عامر، صِل من قطعك، وأعطِ من حرمكَ، واعفُ عمَّن ظلمكَ))، وجاء في الأثر: ارحم تُرْحم، وأحسِن يُحْسَن إليك، وتصدق ولو بكلمةٍ طيبة، فالكلمةُ الطيبةُ صدقة، وازرع جميلًا ولو في غير موضعهِ = فلن يضيعَ جميلٌ أينما وضعا، إن الجميلَ وإن طالَ الزمانُ به = فليسَ يحصدهُ إلا الذي زرعا، ورحمَ اللهُ عبدًا أُعطيَ قوةً، فعملَ بها في طاعة اللهِ، أو قَصُرَ به ضعفٌ فكفَّهُ عن محارم اللهِ، واحفظ لسانك، ففي طول اللسان هلاك الإنسان: ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 40]، من زرع خيرًا حصد أجرًا، ومن أيقن بالمعاد استكثر من الزاد، ومن أحسن عمله بلغ أمله، ومن قنع باليسير، هان عليه العسير، ومن طال أمله، ساء عمله، وإِذا بحثْتَ عــنْ التَّقيِّ وجدتـهُ = رجلًا يصدِّقُ قولهُ بفعالِ، وعلى التقيِّ إِذا ترسَّخْ في التُّقى = تاجانِ تاجُ سَكينةٍ وجلالِ: ﴿ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39]، فأصلِحوا الماضي بالتوبة والنَّدم، وأصلِحوا الحاضر بحُسن العملِ، وأصلِحوا المستقبل بصادقِ الرَّجاء وعظيم الأمل، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]، العاقلُ لا يرى لنفسه ثمنًا دونَ الجنةِ، والمرءُ حيثُ يجعلُ نفسهُ، فإنْ رفعها ارتفعتْ وسمت، وإنْ وضعها اتَّضَعتْ وسفلت، فمن عجز عنْ نصرةِ المظلومِ، فلا يقفن معَ الظالمِ، ومن سكت عن الحقِّ، فلا ينطقن بالباطل، ومن فاته الخير، فلا يذهبن مع الشر، وتعاهدْ نيَّتك وإخلاصك، فإنَّـما الأعمالُ بالنيات، ورُب عملٍ صغيرٍ تُعظِّمُه النية، ورُب عملٍ كبيرٍ تُحبِطهُ النيةُ؛ في الحديث الحسن: ((إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العملِ إلَّا ما كان خالصًا وابتُغي به وجهُه))، جاء رجلٌ إلى الحسن البصري رحمه اللهُ فقالَ: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوةَ قلبي، قالَ: "أدِّبه بالذكر"، وقالت أمنا عائشة رضي الله عنها: "تخففوا مِن الذنوب فإنَّكم لنْ تلقوا اللهَ بشيءٍ أفضلَ مِنْ قِلةِ الذنوبِ"، ومن أقوالها الجميلة أيضًا: "ما تمتعَ الأشرارُ بشيءٍ إلا تمتعَ الأخيارُ بمثله، وزادوا عليهِ رضا الله"، وقال الإمام ابن الجوزي: "العاقلُ منْ أعطى كلَّ لحظةٍ منْ لحظاتِ حياتهِ حقَّهَا، فإنْ بغتهُ الموتُ وجدهُ مستعِدًّا، وإنْ مُدَّ لهُ في الأجل ازدادَ خيرًا"، وقال الإمام الألباني: "الطريقُ إلى الله طويلٌ، وليسَ المهم بأنْ تصلَ إلى آخره، المهم أنْ تموتَ على هذا الطريقِ".

أخيرًا، تذكر أيها المبارك أنك لن تأخذَ معك سوى عملِك، ولن يبقى منك إلا سمعتُك وذكرُك، فاجتهد في إصلاح عملِك، وتحسينِ خُلقِك، واشتغل بذِكْر الله؛ فإنَّه أحسنُ الذِّكْر، والْزَم الصِّدْقَ، فإنَّ الله مع الصادقين، واحذر الكَذِبَ فالمؤمن لا يكذب، وصِل رحمك، وأحسِن إلى جيرانك، تكن مِن المحسنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

ويا ابن آدم، عِشْ ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

اللهم صلِّ وسلم على البشير النذير.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.21 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]