سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191073 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2651 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 658 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 933 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1091 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 853 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 836 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 920 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 564 - عددالزوار : 92801 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 14-01-2022, 05:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سلسلة كيف نفهم القرآن؟ ____ متجدد إن شاء الله

سلسلة كيف نفهم القرآن؟*

رامي حنفي محمود




الربع الأخير من سورة سبأ




الآية 24، والآية 25: ﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول لمُشرِكي قومك: ﴿ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ ﴾ (بالمطر)، ﴿ وَالْأَرْضِ ﴾ (بالنباتوالمعادن والمياه)؟ ﴿ قُلِ اللَّهُ ﴾ هو الرزاق (وهم يعترفون بذلك)، ﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ ﴾ يعني: وقل لهم: (إنَّ أحد الفريقين منا ومنكم) ﴿ لَعَلَى هُدًى ﴾ متمكنمنه، ﴿ أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ منغمس فيه، (ومعلومٌ بالدليل والحُجَّة أن المُوَحِّدين هم الذين على الهدى، وأن المشركين في ضلالٍ واضح، وإنما شَكَّكهم تلطُّفًا بهم لَعَلَّهم يتفكرون فيَهتدوا)، و﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا ﴾ أي لا تُسألون عن ذنوبنا ﴿ وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (وهذا أيضًا تلطُّف بهم ليراجعوا أمْرهم، ولا يحملهم الكلام على العناد).

الآية 26: ﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ﴾ يوم القيامة، ﴿ ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ ﴾ أي يَقضي بيننا بالعدل، ﴿ وَهُوَ الْفَتَّاحُ ﴾ أي الحاكم بين خلقه، ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ بأحوال خلقه وبما يَنبغي أن يُقْضَى به، فلذلك لن يكون جزاءه إلا عادلًا.

الآية 27: ﴿ قُلْ ﴾ لهم أيها الرسول: ﴿ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ: يعني أروني بالحُجَّة والدليل استحقاق مَن ألحقتموهم بالله تعالى، وجعلتموهم شركاء له فيالعبادة، هل خَلقوا شيئًا؟! ﴿ كَلَّا ﴾ ﴿ بَلْ ﴾ الذي يَستحق العبادة ﴿ هُوَ اللَّهُ ﴾ ﴿ الْعَزِيزُ ﴾ في انتقامه ممن أشرك به، ﴿ الْحَكِيمُ ﴾ في أفعاله وتدبيرأمور خلقه.

الآية 28: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ ﴾ أيها الرسول ﴿ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ ﴾ يعني: أرسلناك للناس أجمعين، ﴿ بَشِيرًا ﴾ أي مُبَشِّرًا لهم بثواب الله إن أطاعوه ﴿ وَنَذِيرًا ﴾ لهم منعقابه إن عصوه ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (إذ جَهلهم بمَعرفة ربهم الحق هو الذي جَعَلهم يَعبدونَ ما يَصنعون) (عِلمًا بأنهم لا يُعذَرونَ بهذا الجهل، لأنهم يشهدونَ بفِطرتهم أنه سبحانه هو الخالق الرازق، إذًا فعليهم أن يتفكروا بعقولهم ليعلموا أنه سبحانه المستحق وحده للعبادة، لأنَّ غيره لم يَخلق شيئًا ولم يُنعِم بشيء).

الآية 29، والآية 30: ﴿ وَيَقُولُونَ ﴾ - مُستهزئين -: ﴿ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ ﴾ الذي تَعِدوننا أن يَجمعنا اللهفيه، ثم يقضي بيننا وبينكم بعذابنا ﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ أنت ومَن اتَّبعك؟ ﴿ قُلْ ﴾ لهم أيها الرسول: ﴿ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ ﴾ (آتيكم لا مَحالة)، وهو يوم القيامة الذي﴿ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً ﴾ للتوبة، ﴿ وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ ﴾ ساعةً قبله للعذاب، (فاحذروا ذلكاليوم، وأَعِدُّوا له عُدَّته).

الآية 31، والآية 32، والآية 33: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: يعني: لن نُصَدِّق بهذا القرآن ولا بالذي تَقَدَّمَه من التوراةوالإنجيل وغيرهما، ﴿ وَلَوْ تَرَى ﴾ - أيها الرسول - يوم القيامة لرأيتَ أمرًا عظيمًا ﴿ إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ﴾ للحساب، ﴿ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ: أي: يتراجعون الكلام فيما بينهم (كلٌّ يُلْقيباللوم على الآخر)، فـ ﴿ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ﴾ وهم الأتْباع الضعفاء ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ﴾ - وهمالقادة والرؤساء المُضِلُّون -: ﴿ لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴾ يعني: لولا أنكم أضللتمونا عن الهدى، لكُنَّا مؤمنينبالله ورسوله، فـ ﴿ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا ﴾: ﴿ أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ ﴾ أي: منعناكم ﴿ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ ﴾؟! ﴿ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ﴾ إذ دخلتم في الكفر بإرادتكم واختياركم، ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ﴾: ﴿ بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾ يعني: بل تدبيركم الشرَّ لنا في الليل والنهار، وخِداعكم لناهو الذي أوقعنا في الهلاك ﴿ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا ﴾ أي: نجعل له شركاءفي العبادة، ﴿ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ ﴾ يعني: أخفى كُلٌّ من الفريقين الحسرة ﴿ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ﴾ الذي أُعدَّلهم (إذ علموا ساعتها أنَّ حوارهم لبعضهم لا ينفعهم)، ﴿ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ ﴾ - وهي سلاسل من نار - تُوضَعُ ﴿ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ ﴿ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ من الشرك والمعاصي؟ (والسؤال للتقرير، وجوابه: نعم).

من الآية 34 إلى الآية 38: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ ﴾ أي نبي يدعو قومه الى توحيد الله ويخوفهم من عذابه ﴿ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا ﴾ وهم المُنغمسون في اللذات والشهوات: ﴿ إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ ﴾- أيها الرُسُل- ﴿ كَافِرُونَ ﴾ ﴿ وَقَالُوا ﴾ لرُسُلهم: ﴿ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا ﴾ منكم، واللهُ لم يُعطِنا هذه النعم إلا لرضاهعنا، ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ.


﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول للمُغتَرِّين بالأموال والأولاد: ﴿ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ ﴾ أي يُوَسِّع الرزق ﴿ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ من عباده، ﴿وَيَقْدِرُ﴾ أي: ويُضَيِّقه سبحانه على مَن يَشاءُ منهم (لا لمَحَبَّةٍ ولا لبُغض)، ولكنه يفعل ذلك اختبارًا لعباده ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى ﴾ يعني: ليست أموالكم ولا أولادكم هي التي تقربكم عندنا وترفع درجاتكم ﴿ إِلَّا مَنْ آمَنَ: يعني لكنَّ الذي يَتقرب إلينا هو مَن آمن بالله ورُسُله ﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ - بإخلاصٍ للهِ تعالى، وعلى النحو الذي شَرَعه - ﴿ فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ ﴾ أي: لهم ثوابٌ مُضاعَف ﴿ بِمَا عَمِلُوا ﴾ من الحسنات، فالحسنة بعشرأمثالها إلى ما يشاء الله من الزيادة، ﴿ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ ﴾ يعني: في أعالي الجَنَّة ﴿ آمِنُونَ ﴾ من العذابوالموت والأحزان والأمراض، ومِن كل ما يُفسد سعادتهم ومُتعتهم، ﴿ وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آَيَاتِنَا ﴾ يعني: وأما الذين يجتهدون في إبعاد الناس عن الإيمان بآياتنا ﴿ مُعَاجِزِينَ ﴾ أي ظانِّين أنهم يُعجزوننا، وأننا لن نَقدر على أخْذهم بالعذاب: ﴿ أُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ ﴾ أي: يُحضرهم الله ليقيموا فيعذاب جهنم، فلا يخرجون منها.


الآية 39: ﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول - مؤكدًا على هذه الحقيقة التي خَفِيَتْ على كثير من الناس: ﴿ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ﴾ أي: يُوَسِّع الرزق على مَن يشاءُ امتحانًا: (هل يشكر أو يكفر؟)، (فإنْ شَكَر: زدناه وأكرمناه، وإنْ كَفَر: سَلَبنا ما أعطيناه وعذبناه)،ويضيِّقه سبحانه على مَن يشاء اختبارًا: (هل يَصبر أو يَسخط؟) (فإنْ صَبَر: أعطيناه أجره بغير حساب، وإنْ سَخط: زدنا في بلائه وشقائه)، (فليست التوسعة دليلًا على حب الله للعبد ورضاه عنه، وليس التضييق دليلًا على كُره الله للعبد وغضبه عليه)، ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ ﴾ أيها المؤمنون ﴿ مِنْ شَيْءٍ ﴾ - في سبيل الله وطلبًا لرضاه - ﴿ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ أي: يُعَوِّضه لكم في الدنيا بالبدل والبَرَكة، وفي الآخرةبالثواب والنعيم ﴿ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ أي: هو سبحانه خير مَن أعطى عباده.

الآية 40، والآية 41، والآية 42: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ﴾ أي: اذكر أيها الرسول يوم يَجمع الله المشركين مع الملائكة (الذين عَبَدهم المُشركون في الدنيا)،﴿ ثُمَّ يَقُولُ ﴾ اللهُ ﴿ لِلْمَلَائِكَةِ ﴾: ﴿ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴾؟ ﴿ قَالُوا ﴾ أي: قالت الملائكة: ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾ أي نُنَزِّهك يا ربنا عن أن يكون لك شريك في العبادة، ونتبرأ إليك مما فَعَلَ هؤلاء، فـ ﴿ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ: يعني: أنت وليُّناالذي نطيعه ونعبده وحده، فلايجوزُ لنا أن نأمرهم بعبادتنا وترْك عبادتك، ﴿ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ﴾ أي: كان هؤلاء يعبدون الشياطين (إذ كانت الشياطين تأمرهم بعبادة غيرك فأطاعوهم)، وكانَ ﴿ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ﴾ أي: يُصَدِّقونَ مَا يقوله الشياطينويُطِيعونَ أمْرهم، (واعلم أنَّ هذا الاستفهام للملائكة غرضه التقرير والشهادة على المشركين، لأنَّ الله تعالى يعلم أن الملائكة لم تكن راضية عن عبادة المشركين لهم).

♦ وحينئذٍ يقول الله للمشركين: ﴿ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ﴾ أي: لا يملك المعبودون للعابدين نفعًا ولا ضرًّا، ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أي:ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي: ﴿ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ .


الآية 43: ﴿ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ أي: على كفار "مكة" ﴿ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ﴾ أي: واضحات، تشهد لهم بصِدق ما جاء به محمد مِن عند ربه: ﴿ قَالُوا ﴾ لبعضهم: ﴿ مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ ﴾ أي: يمنعكم عن عبادة الآلهة التي كان يعبدها آباؤكم، ﴿ وَقَالُوا ﴾: ﴿ مَا هَذَا ﴾ أي: القرآن الذيتقرأه علينا يا محمد ﴿ إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى ﴾ أي: كذب مُختلَق جئتَ به من عند نفسك، ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ ﴾: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ يعني: ما هذا إلا سحرٌ واضح (وهم يَعلمون أنهم كاذبونَ في ذلك، فلقد اعترف لهم أحد رؤسائهم - وهو الوليدُ بن المُغِيرة - أنَّ ما يَقوله السَحَرةُ شيء، وأنَّ هذا القرآن شيءٌ آخر، وأنه ليس بكلامِ بَشَر (وذلك عندما سمع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أجْبَره المُشركون بعد ذلك أن يقولَ للناس إنه سِحر)، واعلم أنهم عندما يقولون عن القرآن: إنه سِحر، فإنهم في حقيقة الأمر يَعترفون بهزيمتهم في أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بمثله، فيَضطروا إلى اللجوء إلى هذا القول الباطل.

الآية 44: ﴿ وَمَا آَتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا ﴾ يعني: ما أنزلنا على الكفار مِن كُتُبٍ يقرؤونها، فتشهد لهم بصحة الشِرك الذي كانوا عليه هم وآبائهم، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ ﴾ يُخَوِّفهم مِن ترْك عبادة الأصنام (إذًا فمِن أين أتوا بهذه العقائد الباطلة؟!).

الآية 45: ﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ كعادٍ وثمود ﴿ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ ﴾ يعني: وما بلغ أهل "مكة" عُشرَ ما آتيناالأمم السابقة من القوة، وكثرة المال، وطول العمر وغير ذلك من النعم، ﴿ فَكَذَّبُوا رُسُلِي ﴾ فأهلكتهم، ﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ: يعني: فانظر أيها الرسول كيف كان إنكاري على كُفرهم وتكذيبهم؟ (والاستفهام للتقرير) أي: كان إنكاري عليهم عظيمًا بالعذاب والهلاك، (وفي الآية تصبير للرسول صلى الله عليه وسلم على ما يَلقاهُ من التكذيب والعِناد مِن قومه، وفيها تهديدٌ ووعيدٌ لهم أن يُهلكهم الله كما أهلك المُكَذِّبين قبلهم).

الآية 46: ﴿ قُلْ ﴾ - أيها الرسول - لهؤلاء المُكَذِبين المُعانِدين: ﴿ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ ﴾ يعني: إنما أنصحكم بنصيحةٍ واحدة وهي ﴿ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ ﴾ أي: لأجل الله تعالى (بنيَّة الوصول إلى الحق) - غير مُتَّبعينَ للهوى أو التعصب لآرائكم - فتقوموا لله تعالى ﴿ مَثْنَى ﴾ أي: تكونوا اثنين اثنين (للتفكير بجد وصِدق)، ﴿ وَفُرَادَى ﴾ أي: يتفكر كل واحد بمفرده (لأن الجماعة من شأنها أن تختلف في الآراء)، ﴿ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ﴾ في حياة محمد صلى الله عليه وسلم ومَواقفه معكم، وبُعده عن كل كذب وشر وخيانة، وتتفكروا فيما دعاكم إليه من الهدى، فحينها ستعلمون يَقينا أنه ﴿ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾ أي: ما به صلى الله عليه وسلم من جُنون، ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ يعني: ما هو إلامُخوِّف لكم من عذاب جهنم قبل أن يصيبكم حَرُّها الشديد.

الآية 47: ﴿ قُلْ ﴾ لهم أيها الرسول: ﴿ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ﴾ يعني: ثواب إنفاقكم في سبيل الله - بعد أن تؤمنوا - عائدٌ عليكم في الآخرة، وأنا لم أطلب منكم أجرًا لنفسي على إنذاري لكم عذابَ ربي ﴿ إِنْ أَجْرِيَ ﴾ يعني: ما أجري الذي أنتظره ﴿ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ﴾ وحده ﴿ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ أي: لا يَخفىعليه شيء، فهو المُطَّلِع على أعمالي وأعمالكم، وسيُجازي الجميع بما يستحقونه.

الآية 48: ﴿ قُلْ ﴾ أيها الرسول لمَن أنكر التوحيد ورسالة الإسلام: ﴿ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ ﴾ (وهو أدلة القرآن) يَقذفها سبحانه على الباطل فيفضحه ويهلكه، وهو سبحانه ﴿ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾ أي: الذي يعلم ما غاب عن حواس الناس في الأرض وفي السماء، ومِن ذلك عِلمه سبحانه بقلوب عباده، ولذلك يختار مِنهم مَن يشاء لرسالته (وفي هذا رَدٌّ على المشركين الذين اعترضوا على اختيار الله لرسوله محمد صلى الله عليهوسلم مِن بينهم).

الآية 49، والآية 50: ﴿ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ ﴾ (وهو هذا الشرع العظيم الواضح من عند الله تعالى)، وذهب الباطل خائبًا، ﴿ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴾ أي: لا يستطيع الباطل أن يُبدئ نفسه، ولا أن يُعِيد نفسه بعد أنْ هَلَك.

♦ ولمَّا أقام الله عليهم الحُجَّة ولم يؤمنوا، عُلِمَ أنهم مُعانِدون، ولم يَبقَ فائدة في جدالهم، بل اللائق في هذه الحال: (الإعراض عنهم)، ولهذا أمَرَ الله رسوله أن يُنهي هذا الجدال معهم قائلًا: ﴿ قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ ﴾ أي: عن الحق بعد وضوحه: ﴿ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي ﴾ يعني: إثم ضلالي على نفسي، ﴿ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ﴾ يعني: وإن استقمت على الحق، فبفضل وَحْي ربي الذييُوحيه إليَّ، ﴿ إِنَّهُ سَمِيعٌ ﴾ لِمَا أقوله لكم، ﴿ قَرِيبٌ ﴾ ممن دعاه وتاب إليه.

الآية 51: ﴿ وَلَوْ تَرَى ﴾ أيها الرسول ﴿ إِذْ فَزِعُوا ﴾ أي: حين يَفزع الكفار مِن رؤيتهم لعذاب ربهم، لرأيتَ أمرًافظيعًا، ﴿ فَلَا فَوْتَ ﴾ حينئذٍ (أي: لا نجاة لهم ولا مَهرب مِنَّا، بل هم في قبضتنا) ﴿ وَأُخِذُوا ﴾ إلى النار ﴿ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ أي: قريب من موقف الحشر والحساب.

الآية 52: ﴿ وَقَالُوا ﴾ - عندما رأوا العذاب في الآخرة -: ﴿ آمَنَّا بِهِ ﴾ أي: بعذاب الآخرة ﴿وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ يعني: وكيفلهم تناول الإيمان ووصولهم إليه، وهم في مكان بعيد عنه؟! فإنهم الآن في الآخرة والإيمان كان في الدنيا، وهم لا يستطيعون العودة.

الآية 53: ﴿ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ﴾ أي: كفروا بالحق في الدنيا (بعد أن عُرِضَ عليهم وهم قادرونَ على الإيمان به)، ولكنهم رفضوه ﴿ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴾أي: كانوا يَرمونَ بالظن والتخمين من جهة بعيدة عنإصابة الحق (إذ لم يكن لهم دليل على ظنهم الباطل إلا التقليد الأعمى، فلا سبيلَ لإصابتهم الحق، كمالا سبيل للرامي إلى إصابة الهدف من مكان بعيد).

الآية 54: ﴿ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ﴾ أي: مُنِعَ بين الكفار وبين ما يشتهونه من التوبة والعودة إلى الدنيا ليؤمنوا ﴿ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ ﴾ أي: كما فَعَلَالله بأمثالهم مِن كَفَرة الأمم السابقة، (إذ جاءهم العذاب فقالوا آمنا، ولكنْ لم ينفعهم إيمانهم حينئذٍ وأُلقوا في الجحيم) ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ ﴾ من أمْرالرُسُل والبعث، ﴿ مُرِيبٍ ﴾ أي: مُوقِع في الحيرة والقلق والتردد.



[*] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرةمن (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرُّف)، عِلمًا بأنَّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذيليس تحته خط فهو تفسير الآية الكريمة.
واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحديًا لقومٍيَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذاالأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنىواضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحيانًا نوضح بعض الكلماتالتي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,209.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,207.61 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (0.16%)]