"المَقامة الكروية": - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 309 - عددالزوار : 56346 )           »          علامات حسن الخاتمة التي تظهر للناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 204 )           »          إصلاح الحياة الزوجية من سورة النساء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 237 )           »          أهمية إدراج المسائل الفقهية في كتب العقيدة: أسباب ودلالات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 386 )           »          تأملات حول قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 195 )           »          الشيخ والمريد من الذي يصنع الآخر؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 156 )           »          اللطيف الخبير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 284 )           »          من فقه الدعاء في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 206 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 21 - عددالزوار : 6784 )           »          أسباب سقوط الدولة الأموية.. في الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 748 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-06-2024, 10:49 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,976
الدولة : Egypt
افتراضي "المَقامة الكروية":

"المَقامة الكروية":



بقلم الأستاذ أحمد إبراهيم المحمد





في بداية مقالتي هذه، سأقوم ببيان معنى المَقامة لمن لا يعرفها، فهي عبارة عن قصة قصيرة مسجوعة تشتمل على عِظة أو مُلحة، كان الأدباء يظهرون فيها براعتهم( )، ألا تذكرون معي _ أيها القراء _ مقامات بديع الزمان الهَمَذَاني( )، والمقامات الحريرية( )، ألا تذكرون منها _ أي: المقامات الحريرية _: المقامة البغداذية( ) عندما التقى فيها بالرجل الغافل، فقال: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ، مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ.
فَقَالَ الرجل: لَسْتُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَلَكِنِّي أَبْو عُبَيْدٍ، فَقال: نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ الشَّيطَانَ، وَأَبْعَدَ النِّسْيانَ، أَنْسَانِيكَ طُولُ العَهْدِ، وَاتْصَالُ البُعْدِ، فَكَيْفَ حَالُ أَبِيكَ؟ أَشَابٌ كَعَهْدي، أَمْ شَابَ بَعْدِي؟ فَقَالَ: َقدْ نَبَتَ الرَّبِيعُ عَلَى دِمْنَتِهِ( )، وَأَرْجُو أَنْ يُصَيِّرَهُ اللهُ إِلَى جَنَّتِهِ، ثم قال له: هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواءً، وَالسُّوقُ أَقْرَبُ، وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ، ثم قال لِصَاحِبِ الحَلْوَى: زِنْ لأَبي زَيْدٍ مِنَ اللُّوزِينج( ) رِطْلَيْنِ فَهْوَ أَجْرَى فِي الحُلْوقِ، وَأَمْضَى فِي العُرُوقِ، قَالَ: فَوَزَنَهُ ثُمَّ قَعَدَ وَقَعدْتُ، وَجَرَّدَ وَجَرَّدْتُ، حَتىَّ اسْتَوْفَيْنَاهُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبَا زَيْدٍ مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ( ) بِالثَّلْجِ، لِيَقْمَعَ هَذِهِ الصَّارَّةَ( )، وَيَفْثأَ( ) هذِهِ اللُّقَمَ الحَارَّةَ، اجْلِسْ يَا أَبَا َزيْدٍ حَتَّى نأْتِيكَ بِسَقَّاءٍ، يَأْتِيكَ بِشَرْبةِ ماءٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَجَلَسْتُ بِحَيْثُ أَرَاهُ ولاَ يَرَانِي أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ، فَلَمَّا أَبْطَأتُ عَلَيْهِ قَامَ إِلَى حِمَارِهِ، فَاعْتَلَقَ الشَّوَّاءُ بِإِزَارِهِ، وَقَالَ: أَيْنَ ثَمَنُ ما أَكَلْتَ؟ فَقَالَ: أَبُو زَيْدٍ: أَكَلْتُهُ ضَيْفَاً، فَلَكَمَهُ لَكْمَةً، وَثَنَّى عَلَيْهِ بِلَطْمَةٍ، ثُمَّ قَالَ الشَّوَّاءُ: هَاكَ، وَمَتَى دَعَوْنَاكَ؟ زِنْ...عِشْرِينَ( )، فَجَعَلَ الرجل يَبْكِي وَيَحُلُّ عُقَدَهُ بِأَسْنَانِهِ( ) وَيَقُولُ: كَمْ قُلْتُ لِذَاكَ القُرَيْدِ، أَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، وَهْوَ يَقُولُ: أَنْتَ أَبُو زَيْد.ٍ
انتهت هذه المقامة من مقامات الحريري بتصرف يسير من قِبَلي، ونحن نستمتع بهذا البيان الساحر ربما غفلنا عن الذي بين السطور، فانظروا _ أيها القراء الكرام _ كيف أنستنا العباراتُ الجميلةُ الأخّاذةُ فعلتَه الشنعاءَ، واستغلالَه طيب الرجل القادم من سواد العراق إلى بغداد.
ونحن نريد أن ننسِجَ على منوال تلك المقامات مقامةً تفيد قراءنا، وتوجِّه شبابنا، وهذه المقامة سميتها المقامة الكروية، فالكرة أضحت في عصرنا مالئة الدنيا وشاغلة الناس، أخبارها في كل مكان، ونجومها يُباعون( ) بأغلى الأثمان، بطولاتها( ) لا تنتهي، فاختر منها ما تحب وتشتهي، فهناك بطولة الكأس الأصغر، ثم بطولة الكأس الأكبر( )، والمتنافسون كثر، فهذا فريق الحُمْر، وذاك نادي الصُّفْر، وتلك جماعة الخُضْر، ولكل فريق مشجعوه ومتابعوه، ولكل لاعب أتباعه ومناصروه، لأنه نادرة الزمان، وثروة الأوطان، فبِرَكْلته نِلْنا الكاس، وارتفع هاماتنا بين الناس، وبإتقان نقل الكرة بين الأقدام، يكون لنا الصدر بين الأنام، وأما علوم العلماء وفنون الأدباء، فهي هَباءْ وستذهب جُفاءْ، فلا تجلب لنا مزية، ولا تحقق لنا "ميدالية"، ونحن بعد كل هذا الجنون، والجنون فنون، لا مكان لنا بارز بين اللاعبين، ولا موضع لنا بين الناجحين، ونسينا قول قائلنا: لنا الصدر دون العالمين أو القبر( )، وماذا نجني من تسجيل الأهداف دون بلوغ الأهداف( )، وماذا يفيدنا فوز الألمان على الإسبان، أو خسارة الإنكليز أمام الطليان، وهل يعلو قدرنا بين العالمين، ونحرر فلسطين؟ إذا صار عندنا أمهر اللاعبين، لا لأَديب واحد أو عالمْ، خير لنا من ألف لاعب مدافع أو مهاجمْ، والأمم التي وصلت إلى القمر بعد جد وتعب، يحق لها أن تأخذ فاصلاً من اللعب، وأما من غط في النوم سنين، وسار في ركب المتأخرين، فعليه أن يضاعف الجُهْد، ويطيل السُّهْد( )، ويدع اللعب، حتى يحقق الأرَب( )، فهل وعيتم الدرس يا أحبابنا وأنتم كذلك يا شبابنا؟.
عند هذا الحد انتهت المقامة الكروية، ولا ينبغي عليكم أن تقارنوا بين المقامة البغداذية للحريري، والمقامة الكروية تلك، فالأولى كتبت في العصر العباسي، والثانية كتبت في عصر المآسي، والأولى موضوعها الطرافة والترفيه، والثانية محورها التوجيه والتنبيه، والفرق بينهما واسع والبون شاسع، وما أصعب على الإنسان أن تنصحه وتوجهه، وما أيسر عليه أن تسليه وتمازحه، وفي النهاية هي محاولة لمحاكاة الأكابر، والتشبه بأهل المآثر، كما قال الشاعر( ):
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 26-06-2024 الساعة 10:34 AM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.51 كيلو بايت... تم توفير 1.65 كيلو بايت...بمعدل (3.36%)]