جهود اللغويين في تصنيف علم النباتات

[ابوالوليد المسلم]

جهود اللغويين في تصنيف علم النباتات
زهير محمود حموي





يحفل سجل الريادة – عبر العصور -في علم النبات بأسماء الكثيرين من العلماء العرب الذين دونوا في مؤلفاتهم أسماء النباتات والأعشاب، وصفة الزرع، وآفاته، وصفة الأرض، ونعومتها وما يتعلق بها من خصب وجدب، وخفوض وارتفاع واستواء، ومن صحة ووبال، وحرث وإنبات...

وفي هذا المقال سأحاول تسليط الضوء على جهود فقهاء اللغة العربية والمعجميين في خدمة علم النبات، حيث كان للعلماء العرب -عبر العصور- إسهامات متميزة فيه، وذلك على كافة الصعد، اللغوية، والزراعية، والغذائية، والدوائية والكيميائية.

وهذه إشارة إلى أهم هذه الجهود؛ حيث سأعرّف بهذه المعاجم اللغوية، وبمؤلفيها، والمؤلفات الرديفة والمتممة لها، منذ القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي إلى اليوم.

كانت بداية اهتمام العلماء العرب بالنباتات من منطلق لغوي، حيث ألّف بعض أئمة اللغة في أسماء النّبات وأصولها، ورتّبوها في معاجمهم.

المخصّص: لابن سيدة :

أشهر المعاجم التي تناولت النبات كتاب المخصص لابن سيدة الأندلسي، علي بن إسماعيل (ت: 458هـ)، الذي يعدّ من أضخم المعاجم العربية التي تعنى بجميع ألفاظ اللغة وتكوينها بحسب معانيها، بحيث تنضوي تحت موضوع واحد، وقد قسّمه إلى أبواب، فبدأ بالإنسان، ثم الحيوان، ثم الطبيعة، وتوسع في النبات والزرع والحبوب، فذكر أعيان النبات والشجر، وصفة الزرع، وآفات الزرع، وأجناس البر والشعير والقطاني، والحبّ «القطاني: واحدتها قطنية، وهي لغة شامية، فمنها الأرز، ومنها الحمص» والفاكهة وأنواعها، والكرم وأجناس العنب والنخل ونعوته النخل وعيوبه وآفاته وطوائفه وأجناس وأشجار الجبال وغير ذلك، ويشتمل كتاب المخصص لابن سيده على أبحاث زراعية، تدل على شمول المعرفة عند ابن سيده، وعقليته العلمية في التحري والتتبع والاستقراء، وقد تناولت هذه الأبحاث موضوعات الأرض، ونعومتها وما يتعلق بها من خصب وجدب، وخفوض وارتفاع واستواء، ومن صحة ووبال، وحرث وإنبات، وما يتعلق بها من جهة العشب والكلأ، وهناك أبواب في الشجر من حيث أوصافها وتوريقها وتنويرها... إلى غير ذلك مما يتعلق بأمور الأشجار والأوراق والثمار وعيوب فيها. علماً بأنه ثمة كتب عديدة صنّفها العلماء عن بعض أنواع النبات لم تصلنا، وهذا تعريف ببعض الكتب التي وصلتنا.

كتاب النبات والشّجر للأصمعي:

الأصمعي: هو عبد الملك بن قـُريب (ت: ٢١٥ هـ)، تناول في كتابه النبات والشّجر أسماء الأرض وصفاتها، وما يصلح للزرع فيها من نبات وشجر، وذكر أسماء النبات، وأنواعه ومواضع زرعه، وأدوار النمو التي تمر فيها النباتات، وقسّمها بعد ذلك إلى أحرار وذكور، فأحرار البقول ما رقّ منها وحسن، وذكورها ما غلظ منها وخشن، ثم قسّمها بحسب طعمها إلى حمض وخُلَّة فالحمض ما كان طعمه مالحاً، والخلة ما كان طعمها مائلاً للحلاوة، وقسمها بحسب الأمكنة التي تنمو فيها إلى سهلية ورملية وجبلية، وبلغ عددها 280 نباتاً .

كتاب الشّجر والكلأ: لأبي زيد الأنصاري.

أبو زيد الأنصاري (ت: ٢١٥ هـ) لغوي من أئمة الأدب، ذكـر معظـم مـن تـرجم له كتابه هذا باسم: كتاب النبـات والشـجر، وذكره بعضهم باسـم: كتـاب الشـجر والكـلأ، وذكـره بعضهم باسـم: الشـجر والنبات، وبعضهم باسم: الكــلأ والشــجر .

كتاب النّخلة لأبي حاتم السّجستاني.

السّجستاني، هو سهل بن محمد (ت: 255 هـ) قسّم كتابه (النخلة) إلى قسمين، تناول في الأول مكانة النخلة وتعرض فيه للعرب وأنسابها، وعلاقتها بالنخلة، والثاني: ذكر فيه النخل وأوصافه وأجزائه ومنافعه، واستشهد على ذلك بالأشعار.

كتاب النّبات لأبي حنيفة الدينَوري.

الدينوري، أحمد بن داود (ت: 282 هـ)، ويعدّ كتابه (النبات) موسوعة هامة في موضوعه، لما جمع فيه من أسماء الأعشاب والأشجار، وهو مقسّم إلى اثني عشر باباً، هي: باب الرعي والمراعي، وخصّصه للإبل، وصفاتها وأمراضها، وما تستطيبه من النباتات، وما يحصل لديها من فائدة أو ضرر عند أكلها، وباب الكمأة والجبأة، وباب الصّموغ، تكلم فيه عن النباتات التي تعطي العلوك، وباب الدباغ، ويشمل النباتات المستعملة في دبغ الجلود، وباب الزناد، تكلم فيه عن الأشجار التي يستعمل خشبها أو أعوادها في قدح الزناد، وباب ألوان النيران والأرمدة والأدخنة، وباب ما يصبغ به، ومنها نبات الورس والعصفر والكركم، وغيرها، وباب الروائح، وذكر أن منها الطيبة، ومنها النتنة، وباب المساويك، وباب الحبال، وهي تصنع غالباً من لحاء الشجر أو من أليافها وسوقها، وباب العسل والنحل، ذكر فيه صفات العسل وأسماءه، وعدد النباتات التي يجرسها النحل، وباب القسي والسهام، وصف فيه وتارها وطرق تحضيرها واستعمالها.

النّبات في معاجم الألفاظ

اشتملت معاجم الألفاظ على بيان الكثير من المفردات المتعلقة بالنّبات، مثل:

النبات في معجم تهذيب اللّغة: للإمام أبي منصور الأزهري. يعدّ كتاب تهذيب اللّغة لأبي منصور الأزهري (ت: 370 هـ) من أهم معجمات اللغة، كما يعد موسوعة ثقافية في شتّى المعارف والعلوم التي كانت في عصره، حيث جمع فيه معارفه اللغوية والتفسيرية ومعارف عن القراءات والسنّة والفقه، وعن النباتات والحيوانات والصحارى، وما فيها والبحار والأنهار وما يتصل بالمياه، والسحب والأنواء، إلى غير ذلك من المعارف المبثوثة في ثنايا المعجم.

النَّبات في المحيط في اللّغة: للصَّاحب بن عَبَّاد.

وقام كل من الأستاذين: جوان المفتي، وعامر باهر الحيالي بجمع وتوثيق أسماء النباتات في هذا المعجم، ونشر بعنوان: «معجـم أسـماء النباتـات في كتاب "المحيط في اللغة" للصاحب بن عباد (ت: 385 هـ) وهو بحث علمي، جمـع أسـماء النباتـات مـن الكتـاب مع محاولــة توثيقها مــن كتــب النبــات، ومعجمات اللغة التي عني أصحابها بألفاظ النبات والشجر، ومعلوم أن الصاحب بن عباد معروف بسعة الاطلاع ، ودرايته الكبيرة باللغـة ، ممـا جعلـه يتفـرد بـذكر ألفـاظ لم يذكرها غيره من المعجميين.

النَّبات في لسان العرب: لابن منظور.

وابن منظور (ت: 711 هـ) هو محمد بن مكرم بن علي، أبو الفضل، جمال الدين الأنصاري الأفريقي، الإمام اللغوي الحجة.

اشتمل كتابه الموسوعي على ذكر النباتات، وقد قامت د. كوكب دياب، الباحثة في العلوم اللغوية والتربوية في الجامعة اللبنانية بعمل «المعجم المفصّل في الأشجار والنّباتات في لسان العرب»، وصدر سنة 2001.

ثم قام د. ممدوح خسارة، عضو مجمع اللغة العربية بدمشق بجمع معجم الكلمات المتعلقة بـ «الحيوان والنبات في معجم لسان » وصدر سنة 2011.

النَّبات في تاج العروس في شرح جواهر القاموس: كما اشتمل معجم تاج العروس على ذكر الكثير من أسماء وأنواع النبات.

وقام محمود مصطفى الدمياطي بعمل «معجم أسماء النباتات الواردة في تاج العروس»، للزبيدي (ت: 1205هـ) وحصل بهذا العمل على رسالة الماجستير من جامعة القاهرة 1965.

النّبات في معاجم النّبات الحديثة

«معجم أسماء النبات»: من تأليف الدكتور أحمد عيسى بك، وكان طبيباً ومُؤَرِّخاً وكاتباً مصرياً، لم يقتصر في دراسته على الطب، فحضر دروس الجامعة المصرية، وتعلم بعض اللغات السامية واليونانية واللاتينية، وتوفي بالقاهرة عام 1946 . جمع فيه كل ما عرف من أسماء النّباتات في المؤلفات العربية، ويعد الكتاب من أهم المعجمات الحديثة المتخصّصة بالنّبات.

«معجم النّبات»: وهو معجم للألفاظ الزراعية، وضعه الأستاذ العلاّمة مصطفى الشهابي، الذي تولّى رئاسة المجمع العلمي العربي بدمشق نحو تسع سنوات، وهو يحمل شهادة مهندس زراعي، ومعجمه هذا سدّ ثغرة في تعرّف أنواع النبات .

قال عنه د. محمد مهدي علام: ومعجم الألفاظ الزراعية للأمير مصطفى الشهابي، الذي صدر في عام 1943م، ولكنه ظل يجمع مادته ويحققها طوال عشرين عاماً قبل ذلك التاريخ، ويشتمل المعجم على (9000) تسعة آلاف لفظ فرنسي أو علمي وما يقابله باللغة العربية، وقال: إن من بين الألفاظ العربية المذكورة ثلاثة آلاف لفظ على الأقل هي من وضعه أو تحقيقه لم يسبقه إليها أحد من أصحاب المعجمات الأعجمية العربية.

«حياة النّبات»: من تأليف د. عبد الحليم منتصر، نال عنه جائزة التفوّق العلمي، سنة 1938.

«النباتات الطبيّة»: من تأليف د. عبد العظيم حفني صابر .


«أسماء العشب والشّجر في بوادي العرب»: من تأليف د. عبد الوهاب عزام، عرض لبعض أسماء العشب والشجر التي يستعملها العرب في جزيرة سيناء وفي شبه الجزيرة العربية.

«نباتات في الشّعر العربي»: من تأليف د. حسن مصطفى حسن، ذكر أسماء النباتات العلمية، وذكر اسم النبات العلمي الموافق للاسم العربي المذكور في الشعر.

القاموس الجديد للنباتات الطبية»: من تأليف د. سمير إسماعيل الحلو، جمع فيه أكثر من ألفي نبات بأسمائها العربية والإنجليزية واللاتينية.