منهاج المسلم من رمضان إلى رمضان - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386134 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 49 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-06-2022, 10:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي منهاج المسلم من رمضان إلى رمضان



منهاج المسلم من رمضان إلى رمضان (1)









كتبه/ علاء بكر


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمما أكرمَ اللهُ تعالى به الأمة الإسلامية أن فَرَض عليها صيامَ نهار رمضان، ونَدَب قيام ليله جماعة، ورتَّب على ذلك الثواب العظيم، والله تعالى يصطفي من الأزمنة والأمكنة ما يشاء، ويجعل فيها من الفضل والخير والبركات ما ليس في غيرها.

فصيام شهر رمضان وهو فرض، بل ركن من أركان الإسلام يغفر الله تعالى به للعبد ما تقدَّم من ذنبه، وقيام الشهر -وهو ليس بفرض- يغفر الله تعالى به للعبد ما تقدَّم من ذنبه، وقيام ليلة القدر -وهو ليس بفرض- يغفر الله تعالى به للعبد ما تقدَّم من ذنبه، بل لله تعالى في هذا الشهر المبارك من المتقين والمجتهدين في الطاعة والعبادة لله تعالى عتقاء من النار، وهذا فضل الله تعالى يؤتيه مَن يشاء، ولله الحمد والمنة.

وتنفرد الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم على وجه الأرض بتعظيم شهر رمضان الذي عظَّمه الله تعالى وفضله؛ ففيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، وفيه تُصفَّد مردة الشياطين، وينادي منادٍ مِن قِبَل الله تعالى: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر"، وفيه ليلة مباركة هي خير من ألف شهر، مَن حُرِم خيرها فقد حُرِم، ليلة "تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر"، ليلة مباركة، تكتب فيها مقادير العباد خلال حول كامل، "فيها يفرق كل أمر حكيم".

وما إن يهل شهر رمضان؛ إلا وتجد المسلمون في شِتَّى بقاع الأرض يتنافسون في الخيرات، ويتقلبون في الطاعات القولية والفعلية والمالية ليل نهار، من صيام النهار وارتياد المساجد لأداء الصلوات الخمس في جماعة، والاستماع إلى دروس العلم، والإكثار من قراءة القرآن وختمه، إلى قيام أول الليل في جماعة والتهجد في آخره، مع الإكثار من الدعاء، وذكر الله والاستغفار، إلى إطعام الطعام والتصدق بالأموال على الفقراء والمساكين، والإحسان إلى الضعفاء والمحتاجين، مع حسن أخلاق وطيب معاملة وعشرة؛ لذا فكثير من المسلمين -بفضل الله- يَخْرج من هذا الشهر المبارك بالمغفرة والثواب الجزيل.

ونحتاج هنا إلى وقفة نستلهم منها ما ينبغي أن نكون عليه بعد رمضان، وحتى يمن الله تعالى ببلوغ رمضان الذي بعده، من خلال دروس وعِبَر مستفادة من رمضان هي زاد للمسلم الذي يحدد له منهاجه في مشوار حياته من رمضان إلى رمضان، حتى يَلْقَى ربه، فيفرح بما قدَّم من عمل في رمضان، يجد ثوابه ما زال باقيًا في صحف أعماله.

لماذا كنا في رمضان أفضل من قبله؟

كنا في رمضان أفضل مما كنا قبله؛ لأننا حقًّا أخذنا الدِّين في رمضان بقوةٍ، ورغبنا فيما عند الله تعالى من الثواب الذي وعدنا به، وثواب الله لا ينقطع في رمضان وبعده، فقدَّمنا طلب الآخرة على طلب الدنيا.

وتعدَّدت مظاهر ذلك وتنوَّعت:

- فمِن الازدياد في الطاعات البدنية والقولية والمالية ليل نهار، في نظرة شمولية للدِّين لا تكتفي بجانبٍ منه دون جانب؛ مصداقًا لقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة"، الذي يحثُّ العبادَ على الأخذ بجميع جوانب الدِّين في كلِّ وقتٍ، وهذا حال الكُمَّل مِن البَشَر، كما وَصَف الله نبيه عيسى عليه السلام: "وجعلني مباركًا أينما كنت"، وهذا من أكبر مظاهر الجدية في الالتزام بالدِّين، والأخذ والرضا به كله؛ خلاف مَن يأخذ ببعض جوانبه، ويقصِّر في أخرى.

- ومِن المسارعة إلى العمل بكلِّ هذه الخيرات جميعها دون تأخير أو تسويف؛ فلا تؤخَّر طاعة عن وقتها، ولا يُتهاون في طاعةٍ بسبب ما أو على حساب أخرى، وهذه هي المسابقة المطلوبة في الخيرات، وما زال أقوام يسارعون في الطاعات، ولا يتأخرون فيها حتى نالوا الدرجات العلا، "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين"؛ وإلا فما زال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله تعالى، والجزاء هنا قطعًا من جنس العمل.

- ومن الثبات على ذلك بيقين لا يتأثر بالشبهات، وإخلاص لا يتأثر بالشهوات، وبزهد لا يلتفت إلى أمور الدنيا، وبورع لا ينغمس في المتشابهات، "ومن اتقى الشبهات؛ فقد استبرأ لدينه وعرضه"، ومَن هذا حاله؛ فلا يجزع للابتلاءات، ولا تفسده الإغراءات.

- ومِن الصبر على أداء الواجبات المفروضة، وترك المحرمات الممنوعة لمدة شهر كامل متواصل، ورمضان شهر الصبر، والصبر صفة أهل الثبات، قال تعالى: "رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميًّا"، وقال تعالى: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى".

وهذه القوة في التمسُّك بالدين يجب أن تكون منهجًا للمسلم بعد رمضان، كما كانت منهجه في رمضان؛ فقد ثَبَت له في رمضان أن هذا النهج يمكنه السير عليه لأسابيع عديدة، وهذا نهج أمر الله تعالى به رسله وأنبياءه، وأمر به أتباعهم مِن بعدهم، وهو مأمور به في رمضان وبعد رمضان، وإن كان في رمضان بالطبع أوكد، والهمة فيه أشد، وقد قال تعالى لنبيه موسى عليه السلام: "يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين"، وقال تعالى: "وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلًا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها".

قال ابن كثير رحمه الله: "فخذ ما آتيتك: من الكلام والمناجاة، وكن من الشاكرين: على ذلك"، "فخذها بقوة أي: بعزم على الطاعة، "سأوريكم دار الفاسقين أي: سترون عاقبة مَن خالف أمري، وخرج عن طاعتي، كيف يصير إلى الهلاك والدمار والتباب!"، وقال تعالى لبني إسرائيل: "خذوا ما آتيناكم بقوة: قال الحسن: يعني التوراة، بقوة أي: بطاعة، قال مجاهد: بقوة: بعمل بما فيه، قتادة: قوة الجد. واذكروا ما فيه: أقرأوا ما في التوراة، وأعملوا به.

وقال تعالى لنبيه يحيى عليه السلام: "يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيًّا"، قال ابن كثير: "كان سنه إذ ذاك صغيرًا؛ فلهذا نوَّه بذكره، وبما أنعم عليه وعلى والديه"، يا يحيى خذ الكتاب بقوة أي: تعلَّم الكتاب بقوة، أي: بجد وحرص واجتهاد، وآتيناه الحكم صبيًّا أي: الفهم والعلم، والجد والعزم، والإقبال على الخير والإكباب عليه والاجتهاد فيه، وهو صغير حدث السن".

وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وللأمة كلها في شخص النبي صلى الله عليه وسلم: "فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم"، قال ابن كثير: "أي: خذ بالقرآن المنزَّل على قلبك؛ فإنه الحق، وما يهدي إليه هو الحق المفضي إلى صراط الله المستقيم، الموصل إلى جنات النعيم، والخير الدائم المقيم".

وقال تعالى: "والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين"، قال ابن كثير: "أي: اعتصموا به، واقتدوا بأوامره، واتركوا زواجره".

وإنما يحيد الإنسان عن هذا النهج إن فقد ما كان عليه من القوة في أخذ الدين، وإنما سقط مَن سقط ويسقط مَن يسقط مع الشبهات -أو مع أول شبهة تعرض له- أو الشهوات -أو أول شهوة تعرض له-؛ هذا لو صارت نفسه مهيئة للسقوط، والعودة إلى المعاصي والذنوب؛ لوجود رواسب من الجاهلية المخالفة للإسلام مِن حبِّ الدنيا والطمع فيها، وفضول الأكل والشراب، والنوم، والكلام واللغو، والقيل والقال، ثم الوقوع في المعاصي والآثام وانتهاك الحرام، وعدم الصبر على مشقة طريق الالتزام الموصِّل لجنة الرحمن.

وهنا يجب أن تكون الوقفة الجادة مع النفس، وحملها على تحمُّل مرارة الدواء والعلاج من أجل السلامة والشفاء؛ بمخالفة هوى النفس، واليأس من الجمع بين حب الدنيا والعمل للآخرة.

لقد فقدنا برحيل رمضان مظاهر الجماعية التي كنا عليها في طاعات وعبادات رمضان، وعدنا إلى العمل بالطاعات في فردية ما قبل رمضان، فردية مبناها ومدارها على الإخلاص والمداومة على العبادات والطاعات وإن قلَّت، فالصيام بعد رمضان ما زال مطلوبًا، ولكنه لم يصبح واجبًا، بل تطوعًا، ما تيسر منه لا سردًا، والمساجد ما زالت مفتوحة ليل نهار لم تغلق، والقرآن ما زال موجودًا في الأمة لتلاوته والعمل بمقتضاه، ولم يرفع، وقيام الليل والتهجد ما زال مرغوبًا فيه، ولكنه أصبح فرديًّا لا في جماعة.

والتزامنا الجاد المثمر في رمضان ما زال ممكنا إن قدَّمنا طلب الآخرة على طلب الدنيا، ولم ننشغل بتعمير الدنيا عن تعمير الآخرة، والخاسرون مَن يطلبون مِن الدنيا ما يطغيهم، ولا يكتفون من الدنيا بما يكفيهم، وأسوأ الناس مَن طلب الدنيا بضياع الدِّين.

والمسلم أحوج ما يكون في أوقات الفتن إلى الثَّبَات على هذا المنهج، والقُرب من الله تعالى؛ فلا ينشغل بالمعاصي والذنوب، ويقع أسير الغفلة والشرود، فيعرض عليه الحق فلا ينتبه له، ويبيِّن له الصواب فيفرِّط فيه، فتجرفه الفتن والضلالات معها فيهلك، وقال تعالى في شأن أقوام عُرِض عليهم الحق وهم في غفلتهم فلم يقبلوه: "ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون"، وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا ويكفِّر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم"، ففي وقت الفتن يجب أن تنبض القلوب بالإيمان، وتستيقظ النفوس، وتنتبه العقول ليكون المرء دائمًا على استعداد لقبول الحق متى عُرِض عليه؛ فقد لا يُعْرَض عليه هذا الحق إلا مرة واحدة لا تتكرر، ويفرِّط هو فيها، ولا يكون كمال ذلك إلا بإخلاص القلب وإصلاحه، واجتهاد الجوارح في الطاعة، وطلب الحق بالرجوع إلى علماء الأمة المعتبرين الراسخين.

والمسلم التقي مسلم استفاد بعد رمضان من دروس رمضان وعِبَرِه، فبقيت معه بعد رمضان يعمل بمقتضاها ويهتدي بهديها، ومنها:

اغتنام الأوقات:

فلقد تعلَّمنا في رمضان اغتنام الأوقات الفاضلة، والصحة والعافية في الطاعات المقرِّبة من الله تعالى، والأوقات الفاضلة ليست قاصرة على رمضان، فهناك بعد رمضان أيام كثيرة و مواسم ومناسبات لها فضلها الكبير في الشرع، بل في كل يوم من الأيام ساعات فاضلة يضاعف فيها الثواب: من وقت الشروق إلى الضحى، ومن بعد العصر إلى المغرب، وفي الثلث الأخير من الليل، إلى جانب ارتياد المساجد للجمع والجماعات، وصيام الست من شوال، وصوم الأيام البيض من كل شهر، والاثنين والخميس من كل أسبوع، وختم القرآن الكريم مرارًا من خلال ورد يومي ثابت لا ينقطع، وأذكار الصباح والمساء كل يوم، وغير ذلك. واستثمار مثل هذه الأوقات هو امتداد طبيعي لما كان من استثمار في رمضان، وهي من باب استثمار الحياة قبل الموت، واستثمار الصحة قبل المرض، واستثمار الغنى قبل الفقر، واستثمار وقت الفراغ قبل الانشغال؛ خاصة أن العمر يمضي سريعًا، فها هو شهر رمضان مَرَّ كما قال تعالى عنه: "أيامًا معدودات"، وهكذا العمر كله كما قال عنه الله تعالى أشبه بساعة، قال تعالى: "ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم"؛ فلنجعل هذه الساعة في الطاعة طلبًا لما هو خير منها، وقال تعالى: "قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين . قالوا لبثنا يومًا أو بعض يوم فاسأل العادين . قال إن لبثتم إلا قليلًا لو أنكم كنتم تعلمون".

الخوف من عدم القبول:

كان العبد في رمضان إذا انتهى يوم صومه يتمنَّى من الله تعالى أن ينال ثواب صوم هذا اليوم معلقًا قبول صومه على مشيئة الله تعالى، فيقول: "ذهب الظمأ وارتوت العروق وثبت الأجر إن شاء الله"؛ فكذلك عليه أن يدعو ربه بعد رمضان شهرًا بعد شهر، ويلح في الدعاء أن يقبل الله تعالى ما قدَّمه في رمضان الفائت، وذلك حتى يبلغ رمضان الذي بعده، وعلى هذا كان حال السلف، يدعون ربهم ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، فإذا مرَّ دعوا الله بعده ستة أشهر أن يقبل منهم ما قدموه في رمضان، قال تعالى في أهل الإيمان: "إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون . والذين هم بآيات ربهم يؤمنون . والذين هم بربهم لا يشركون . والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون . أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون".

قال ابن كثير رحمه الله: "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون: أي: يعطون العطاء وهم خائفون وجلون ألا يتقبل منهم؛ لخوفهم أن يكونوا قد قصَّروا في القيام بشروط العطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط"، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة؛ هو الذي يسرق ويزني، ويشرب الخمر، وهو يخاف الله عز وجل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يا ابنة الصديق، ولكنه الذي يصلي ويصوم، ويتصدق، وهو يخاف الله عز وجل، وعند الترمذي وابن أبي حاتم: لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون، وهم يخافون ألا يتقبل منهم، أولئك يسارعون في الخيرات".

وهذا نبي الله إبراهيم يستجيب لأمر الله تعالى له ببناء البيت الحرام، ومع قدره وقدر ما كُلِّف به أخذ يدعو طالبًا من الله تعالى قبول العمل، قال تعالى: "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم".

الحذر من العُجْب:

فإذا كان العبد لا يدري: أقبل منه العمل أم لا؛ فعليه بالتالي أن لا يأخذه العجب بما قدَّم في رمضان، كما أنه ليس للعبد مطلقًا أن يمن على ربه، قال تعالى في أقوام: "يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليك أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين"، وإذا كان المنُّ على العبد -وهو عبد مثلك- بالصدقة يبطلها؛ فكيف بالمن على الله عز وجل وهو ربك؟! قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس"، وكيف يمن العبد على ربه، وهو الذي بلَّغه رمضان ووفَّقه للصيام والقيام والعمل الصالح فيه، فلله تعالى عليه الحمد والمنة؛ فليحذر العبد كل الحذر من العجب بما وفقه الله إليه في رمضان.

الإكثار من شكر الله تعالى:

وذلك بالإكثار من الحمد والشكر والتكبير، وهذا مطلوب في كل عمل وطاعة ونعمة، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء نصر الله والفتح . ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا . فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابًا"، والمسلم إذا صلَّى كان من أذكاره بعد الصلاة الاستغفار ثلاثًا، وفي حق انتهاء صوم رمضان خاصة، قال تعالى: "ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون"، قال ابن كثير: "ولعلكم تشكرون: أي: إذا قمتم بما أمركم به الله من طاعته بأداء فرائضه وترك محارمه، وحفظ حدوده؛ فلعلكم أن تكونوا من الشاكرين بذلك".




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-06-2022, 11:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج المسلم من رمضان إلى رمضان



منهاج المسلم من رمضان إلى رمضان (2)









كتبه/ علاء بكر


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد أخبر الله تعالى أن الغرضَ من صيام شهر رمضان، والقيام فيه، وعمل الصالحات بأنواعها هو تحقيق التقوى، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، وقد رتَّب الله تعالى على ذلك الثواب والأجر الجزيل.

ولا شك أن كثيرًا مِن المسلمين قد حصلوا في رمضان على كمٍّ كبيرٍ من الحسنات، وقَدْر وفير من الأجور باجتهادهم في الطاعات، ومنهم مَن خَرَج مغفورًا له ما تقدَّم من ذنبه؛ فمحيت عنهم سيئاتهم، وبقي لهم ما قدَّموا من الحسنات، وهذا فضل من الله تعالى كبير يؤتيه مَن يشاء.

ولكن هؤلاء الذين أحسنوا في رمضان يتفاوتون بعده؛ فمنهم مَن يحافظ على ما حصَّل مِن التقوى والثواب، ومنهم مَن يفرِّط فيه، والمسلم الحق مَن حَافَظ على ما حقق في رمضان مِن التقوى والثواب، والمسلم المسيء مَن فرَّط في ذلك.

وينبغي على المسلم التقي حقًّا في رمضان أن يواصل تقواه وصلاحه بعد رمضان، فيتبنى منهجًا يقوم على الصبر على أداء الواجبات المفروضة، وترك المنهيات الممنوعة، والاجتهاد في النوافل والمندوبات، فيبقى على ذلك ما استطاع حتى يبلغ رمضان القادم، وهو ليس بعيدًا عما كان عليه في رمضان السابق، وإن تفاوتت الهمة خلال ما بين الرمضانين؛ إذ لرمضان همة ليست في غيره.

ولو كان المسلم على أشد ما يكون عليه في رمضان طوال العام كله؛ لربما صافحته الملائكة، وسلَّمت عليه في الطرقات، ولكن ساعة وساعة، دون تفريط في واجبات، أو انتهاك لحرمات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحنظلة بن الربيع الأُسَيِّدي -بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشددة- رضي الله عنه، وهو أحد كُتَّاب النبي صلى الله عيه وسلم: "والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر؛ لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة، ثلاث مرات"، والله تعالى يقول: "من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم . ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين . والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفِّرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون"، وقال تعالى: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون . نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون . نزلًا من غفور رحيم"، وقال تعالى: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون".

قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله: "وفي هذا دليل على أهمية الاستقامة على دين الله بأن يكون الإنسان ثابتًا، لا يزيد ولا ينقص، ولا يبدِّل ولا يغيِّر".

وهذا المنهاج الذي يجب أن يكون عليه المسلم الحق بين الرمضانين يدخل في عموم الكثير مِن الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التي حَثَّت على المواظبة الدائمة طوال سنين العمر، على العمل الصالح وإن قَلَّ؛ فالمداومة على العمل الصالح هي مفتاح الجنة؛ لذا لا يكاد أن تأتي آية في القرآن الكريم فيها ذكر الإيمان إلا ذُكِر مع الإيمان العمل الصالح؛ قال الله تعالى: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"، واليقين: الموت، وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم: "يبعث كل عبد على ما مات عليه"، فالأعمال بالخواتيم، والله تعالى يقول: "ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم"، وجاء في حديث عائشة: "وكان أحب الدِّين إليه صلى الله عليه وسلم ما داوم صاحبه عليه"، وقد قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "يا عبد الله، لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل".

ويعين المسلم على التمسُّك بهذا المنهاج ما لاقاه مِن لِذَّة الطاعة في رمضان، وما استقر في نفسه فيه من إمكانية التقلب في الطاعات ليل نهار، مع قضاء أمور الدنيا ومصالحها، كما جمع بينهما في رمضان، ويحفِّزه على المداومة على الحفاظ على ما اكتسبه مِن: ثواب صيام رمضان، وقيامه، والعمل الصالح فيه، وعدم التفريط فيه استحضار ما ينتظره من الفرح بلقاء الله تعالى، وقد احتفظ في صحيفة حسناته بثواب صيامه أو أكثره، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر) يعني بانتهاء يوم الصيام (فرح بفطره) لما جبل عليه الإنسان من الفرح بالأكل والشرب عند الجوع و الظمأ (وإذا لقي ربه فرح بصومه) عندما يرى ثواب صومه عند لقاء ربه يوم القيامة، وهذه هي الفرحة الحقيقة التي ينبغي للمسلم أن يعيش لها وبها.

وقد وَرَد ذِكْر الفرح في آيات القرآن الكريم على ضربين:

الفرح المطلق: وهو الفرح الذي ينسي صاحبه فضل الله تعالى عليه، وقد ورد في القرآن في محل الذم، كما في قوله تعالى في قصة قارون: "إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين"، وكما في قوله تعالى: "إنه لفرح فخور".

الفرح المقيد المذموم: وهو كسابقه مقرون بنسيان فضل الله تعالى على العبد، كما في قوله تعالى: "حتى إذا فرحوا بما أتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون".

الفرح المقيد الممدوح: وهو الفرح المقيد بفضل الله تعالى على العبد ورحمته به، كما في قوله تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته بذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"، وقوله تعالى: "فرحين بما آتاهم الله من فضله"، وقوله تعالى: "ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم"؛ فهي فرحة مأذون فيها مرخَّص بها.

ولا شك أن الفرحَ بالصيام فرح مشروع ممدوح، فهو برحمة من الله تعالى وفضله، وفرحة المؤمن بالطاعات في الدنيا أكبر من فرحته بغيرها، بل أكبر من فرحة غيره بما يفرح به مِن سلطان أو جاه أو مال، وأعظم درجات الفرحة: فرحة المؤمن بلقاء ربه عز وجل يوم القيامة، وهو عنه راضٍ؛ قال تعالى: "ولا تحسبن الذين قُتِلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون . فرحين بما أتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون".

حال المسلم المسيء بعد رمضان:

أما مَن أحسن في رمضان وحصل فيه من الأجر والثواب ثم نكص على عقبيه بعد رمضان بتفريط في واجبات، أو اجتراء على محرمات؛ فهو يضيع على نفسه ما حصَّله من الأجر والثواب، فالسيئات بعد الحسنات تأكل الحسنات، كما تأكل الحسنات السيئات، ومَن كان هذا حاله فيلقَى الله تعالى يوم القيامة فلا يجد ثواب صيامه وقيامه الذي حصله في رمضان أحوج ما يكون محتاجًا إليه؛ فما أشد حسرته يومها!

وقد ضَرَب الله تعالى في القرآن الكريم مثلًا بليغًا لمَن كان هذا حاله: فمثله كمثل رجل أصابه الكبر، وله جنة من أشجار النخيل والأعناب المثمرة يأكل منها، هو والضعفاء من ذريته، بلا جهد أو مشقة، ثم أصاب هذه الجنة إعصارٌ فيه نار فأحرقها بما فيها من نخيل وأعناب، فحُرِم هذا العجوز وذريته الضعيفة من خير هذه الجنة أحوج ما يكون إليها؛ إذ لا قدرة له لكبره على زراعتها من جديد لكبر سنه، ولضعف ذريته، فلا مجال للعمل وتعويض ما ذهب؛ فما أشد حسرته!

وكذلك مَن كان معه مِن رمضان ثواب عظيم ينتظر أن يسعد به عند لقاء ربه يوم القيامة، ولكنه فرَّط فيه بالذنوب فأضاعه؛ فلا يجده في صحيفة حسناته أحوج ما يكون له عند لقاء ربه عز وجل، ولا مجال عندئذٍ للعمل الصالح لاستدراك ما فات، قال تعالى: "أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار وله فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون".

قال الزجاج: الإعصار في اللغة الريح الشديدة التي تهب من الأرض إلى السماء كالعمود.

وقال السدي: الإعصار الريح والنار السموم.

وقال ابن عباس: ريح فيها سموم شديدة. وقيل لها إعصار؛ لأنها تلتف كالثوب إذا عصر؛ فإنه يصعد عمودًا ملتفًا. وذكر البخاري في تفسيره عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: ضُرِبت مثلًا لعمل، وبيَّنه فقال: لعمل رجل غني يعمل بطاعة الله، ثم بعث الله عز وجل له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أحرق عمله. وفي رواية: فإذا فني عمره واقترب أجله ختم ذلك بعمل من أعمال الشقاء. وروى ابن أبي مليكة أن عمر رضي الله عنه تلا هذه الآية وقال: هذا مثل ضرب للإنسان يعمل عملًا صالحًا حتى إذا كان عند آخر عمره أحوج ما يكون إليه عمل عمل السوء.

قال ابن عطية في تفسيره: "فهذا نظر يحمل الآية على كل ما يدخل تحت ألفاظها، وبنحو ذلك قال مجاهد وقتادة، والربيع، وغيرهم".

وذكر القرآن الكريم مثلًا آخر في ذم إضاعة العمل هباءً، ونقض الإنسان لما قام به من خير، وذلك في قوله تعالى: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا"، ففيه كما روي في سبب النزول أن هذا مثلًا ذكرته الآية لامرأة خرقاء كانت بمكة تغزل غزلها، فإذا أتمته وأحكمته؛ نقضته!

ويشهد لذلك حديث المفلس الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون من المفلس؟" قالوا: المفلس فينا مَن لا درهم له ولا متاع. فقال: "إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".

ولقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم الإكثار من قوله: "يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك"، ولما سألته أم سلمة رضي الله عنها عن سبب ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: "يا أم سلمة، إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله، فمَن شاء أقام ومن شاء أزاغ"، وجاء في دعاء الراسخين في العِلْم: "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب". والزيغ: الميل، ومنه: زاغت الشمس وزاغت الأبصار. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من الحور بعد الكور.

حال مَن أحسن بعد الإساءة:

وهذا حال قليل مِن الناس، ولكنه موجود؛ لذا فينبغي على المسلم ألا يقنط من رحمة الله تعالى أبدًا؛ فهذا حال مَن أدرك رمضان، لكنه أساء فيه، فلم يخرج منه بالأجر والثواب، بترك واجبات وانتهاك محرمات في هذا الشهر الفضيل، فخرج منه بالخيبة والخسران، ثم يتغمده الله تعالى برحمته بعد ذلك، ويثوب إلى رشده، ويستشعر خطر ما قدَّم، وجسامة ما اقترف؛ فتجده يتوب توبة نصوحًا، ويستغفر الله وينيب، ويعود إلى صراط الله المستقيم؛ فتراه يقلع عن فساده، ويقضي ما فاته، ويسارع إلى الخيرات.

والتائبون في هذه الأمة بفضل الله تعالى كثير، والتائب من الذنب كمَن لا ذنب له، ونفحات مواسم الطاعات والعبادات على مدار العام كثيرة؛ يدرك مَن حرص عليها فيها إن شاء ما سبقه فيه غيره؛ يقول تعالى: "ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا"، ويقول تعالى: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون"، وفي حديث أنس رضي الله عنه المرفوع: "قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرتُ لك ولا أبالي، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا؛ لأتيتك بقرابها مغفرة".

وقد قَتَل رجلٌ مائة نفس ثم تاب توبة صادقة، فدخل بفضل الله تعالى ورحمته الجنة، وقال إبراهيم عليه السلام لضيفه من الملائكة المكرمين: "ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون"، وقال يعقوب عليه السلام لبنيه: "ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"، وقال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم"، وإنما الأعمال بالخواتيم.


ويبقى بعد ذلك مِن الناس مَن كان حاله الإساءة في رمضان وبعده؛ فلا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أشرب من هواه؛ فقد ظلم نفسه أشد الظلم، وحَرَم نفسه مِن التَّعَرُّض لرحمة الله تعالى وفضله ومغفرته.

نسأل الله تعالى العافية، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.20 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.86 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]