الاحتكار والرأسمالية والإجراءات الوقائية في الشريعة الإسلامية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مناقشة في الناسخ والمنسوخ للشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 1918 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4427 - عددالزوار : 862649 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3958 - عددالزوار : 397064 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 42 - عددالزوار : 1909 )           »          الإضراب عن العمــل وحكمه في الشرع الحكيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 76 - عددالزوار : 17757 )           »          حسن الخلق عبادة عظيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          إلى منكري بعث الموتى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          العلماء وهموم العامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          لمحبي القراءة.. كيف تختار كتاباً جيداً ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-02-2023, 06:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,281
الدولة : Egypt
افتراضي الاحتكار والرأسمالية والإجراءات الوقائية في الشريعة الإسلامية

الاحتكار والرأسمالية والإجراءات الوقائية في الشريعة الإسلامية
عبدالله بن يوسف الأحمد
الحمد لله.
الأصل عند أهل الإسلام في الاحتكار قولالنبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحتكر إلا خاطئ))؛ [رواه مسلم، برقم (١٦٠٥)].


قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحتكر))؛ أي: لا يحبس أقوات المسلمين عنده؛ التماسًا لارتفاع الأسعار.

وقوله: ((إلا خاطئ))؛ أي: إلا عاصٍ آثم.

من هو المحتكر؟
أفاد الحديث تحريم احتكار أقوات المسلمين وما فيه معايشهم ومصالحهم، "والمحتكر هو الذي يعمِد إلى شراء ما يحتاج إليه الناس من الطعام، فيحبسه عنهم، ويريد إغلاءه عليهم، وهو ظالم للخلق المشترين"؛ [مجموع فتاوى ابن تيمية 28/ 75].

حكم الاحتكار الفقهي وتحرير محل النزاع:
لا خلاف في أن ما يدخره الإنسان لنفسه وعياله من قوتٍ وما يحتاجون إليه جائزٌ في مقدار ما يكفيهم سنةً، ما لم يكن وقت الضيق في الطعام، ولا خلاف في تحريم الاحتكار في وقت الضرورة والحاجة إلى المحتكَر فيه من الأقوات.

واختلفت عباراتهم فيما سوى ذلك؛ كما يأتي:
فقال الحنفية: يُكره الاحتكار في أقوات الآدميين والبهائم في بلدٍ يضر بأهله؛ قال ابن القيم: "ومرادهم التحريم".

وكرهه مالك والثوري في الطعام وغيره من السلع؛ وقال مالك: يُمنع من احتكار الكتان والصوف والزيت وكل شيء أضر بالسوق، إلا أنه قال: ليست الفواكه من الحكرة.

وقال الشافعي: إنه مما يختص بالطعام الْمُقتات الذي هو مصالح أجسام الناس، مع الضيق والغلاء وشدة الحاجة إليها، فلا يحرم الاحتكار مع سعة الأقوات ورخص الأسعار، ولا يكون الاحتكار في الأُدُم والزيت والفاكهة، والظاهر أنه عملُ سعيد بن المسيب ومعمر، فقد نُقل عنهما أنهما كانا يحتكران؛ قال ابن عبدالبر: "إنما كانا يحتكران الزيت، وحملا النهي على أنه في القوت عند الحاجة إليه".

وقال أحمد بن حنبل: ليس الاحتكار إلا في الطعام خاصة؛ لأنه قوت الناس، وقال: إنما يكون الاحتكار في مثل مكة والمدينة والثغور.

وظاهر هذا أن البلاد الواسعة الكثيرة المرافق والجلب، لا يحرم فيها الاحتكار.

والحنابلة ينصون على قيدٍ مهمٍّ في فهم معنى الاحتكار؛ وهو أن يكون الطعام المحتكَر فيه دخل على المحتكِر بطريق البيع والشراء، فلو دخل عليه من غلته أو بطريق الجلب وادخره، لم يكن محتكرًا؛ لأن الجالب لا يُضيِّق على أحد، ولا يضر به، بل ينفع، فإن الناس إذا علموا عنده طعامًا معدًّا للبيع، كان ذلك أطيب لقلوبهم من عدمه.

وقال الحسن والأوزاعي: من جلب طعامًا من بلد إلى بلد، فحبسه، ينتظر زيادة السعر، فليس بمحتكر، وإنما المحتكر من اعترض سوق المسلمين.

وقال ابن حزم: الحكرة المضرة بالناس حرام - سواء في الابتياع أو في إمساك ما ابتاع (يعني: تَقوُّتًا) - ويُمنع من ذلك، والمحتكر في وقت رخاء ليس آثمًا، بل هو محسن؛ لأن الجُلَّاب إذا أسرعوا البيع أكثروا الجلب، وإذا بارت سلعتهم ولم يجدوا لها مبتاعًا تركوا الجلب، فأضر ذلك بالمسلمين.

وقول مالك - والله أعلم - هو أقرب الأقوال من جهة أصول الكلام الفقهي، وذلك بالنظر إلى عموم النص المانع من الاحتكار، مع ما فيه – أعني: قول مالك – من رعاية المقصد الشرعي من النهي عن الاحتكار، فإن احتكار اللباس في الشتاء أضر على الناس من احتكار بعض الطعام، من الزيوت ونحوها، واحتكار بعض خدمات النقل اليوم ودور التعليم وطرق التطبيب، فيها من الإضرار والتضييق ما هو معلوم.

[ينظر: كنز الدقائق ص612، والمنتقى في شرح الموطأ (5/ 16)، وإكمال المعلم (5/ 310)، ومواهب الجليل (4/ 227 - 228)، ومعالم السنن (3/ 116)، والحاوي (5/ 411)، والمغني (4/ 167)، وإعلام الموقعين (1/ 33)، والمحلى (7/ 572)].

ماذا يجب على من جلب طعامًا من التجار ليتربص بارتفاع الثمن ثم يبيعه في السوق، فاحتاج الناس إليه؟
إن نزلت حاجة فادحة أو أمر ضروري بالمسلمين، فيجب على من كان عنده ذلك أن يبيعه بسعر وقته؛ [مواهب الجليل 4/ 227].

فوائد متعلقة بالحديث:
يلزم من أراد التجارة تعلم أحكامها، ومعرفة صحيح العقود من فاسدها، وحلالها من حرامها.

أجمع العلماء على أنه لو كان عند إنسان طعامٌ، واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره، أُجبِر على بيعه دفعًا للضرر عن الناس؛ [شرح صحيح مسلم للنووي ١١/ ٤٣].

الاحتكار في مكة أحدُ وجوه تفسير الإلحاد، فيما رُوي عن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير، في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25]؛ [تفسير الطبري 16/ 509].

الاحتكار ضرب من الظلم، والفساد، والحكْر هو الجمع والإمساك؛ وقال ابن القيم (إعلام الموقعين 3/ 122): "إنه ذريعة إلى أن يضيق على الناس أقواتهم؛ ولهذا لا يُمنع من احتكار ما لا يضر الناس".

من مظاهر الاحتكار في السابق:أن يدخل البلد قافلة، في وقت الضيق، فيتبادر ذوو الأموال فيشترونها، ويضيِّقون على الناس؛ [المغني لابن قدامة 4/ 167]، وأن يشتريَ المحتكر في وقت الغلاء أكثر من مقدار قوته؛ قال النووي (شرح مسلم 11/ 43): "فأما إذا جاء من قريته أو اشتراه في وقت الرخص وادخره، أو ابتاعه في وقت الغلاء لحاجته إلى أكله، أو ابتاعه ليبيعه في وقته - فليس باحتكار، ولا تحريمَ فيه"؛ ا.ه، ومن مظاهر الاحتكار اليوم: قيام شركات بالاحتكار وتضييق سبل التعامل الحر، وحصر منافذ مبيعات الأفراد، والتسلط على أموال الناس ومزارعهم بشراء ما بين أيديهم بأبخس الأثمان، ثم فرضها بضائع عليهم بأعلى الأثمان، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.

الاحتكار من مظاهر الرأسمالية اليوم، فقد شرع النظام الرأسمالي الاحتكار للفرد، وبنى عليه نظامه، وأباحته الاشتراكية للدولة (القطاع العام)؛ توفيرًا لمواردها المالية، ومدًّا لخزائنها بما تحتاج إليه من موارد.

• من الأنظمة الاحتكارية المعاصرة:
١. نظام الكارتل Cartle:
وهو اتفاق بين منتجي السلع من صنف معين على تحديد أسعارها، أو توزيع الأسواق بينهم، أو تحديد الكمية، وقد تقتصر على المنتجين في بلد معين؛ ليتخلصوا من مضار المنافسة.

مما قد ينشأ عنه: حماية المنتج الرديء، وحصار المنتج الذي يتمتع بكفاءة عالية.

٢. نظام Trust:
يتشكل من هيئة أمناء، مهمتها شراء جميع السلع المطلوب احتكارها من السوق، وشراء أسهم الشركات المنتجة لهذه السلع، أو لعناصر إنتاجها.

3. ولجأ المحتكرون بعد ذلك إلى صورة الاندماجات Amalgamation Merger؛ والاندماج هو اتحاد شركتين أو أكثر تشتري إحداهما جميع أسهم الشركات الأخرى، بحيث لا يبقى من هذه الشركات سوى واحدة هي الداعية إلى الاندماج، أو تقوم شركة جديدة، تشتري جميع أسهم هذه الشركات وتحلُّها جميعها فتتحكم في السوق دونها.

وقد ساند هذه الشركات والهيئات الاحتكارية في معاملاتها اليوم تطورُ أساليب الصناعة الحديثة من جهة، والاشتراكُ بين أقطاب الصناعة الحديثة والمصارف التجارية الربوية من جهة ثانية.

وهذه المؤسسات الاحتكارية تنوَّعت أساليبها؛ فمن ذلك: تدمير المؤسسات الناشئة بإغراق الأسواق، والتحكم في الإنتاج من خلال إعاقة غيرها من المؤسسات عن استخدام المواد الخام، أو الحيلولة دون استخدامها منافذ التسويق.

وظهرت بذلك عولمة الاحتكار في كل بلد ومجتمعٍ بحسبه.

عقوبة المحتكر وشؤم الاحتكار على صاحبه:
قال ابن حجر (فتح الباري 4/ 348): "وقد ورد في ذم الاحتكار أحاديث منها... حديث عمر مرفوعًا: ((من احتكر على المسلمين طعامهم، ضربه الله بالجذام والإفلاس))؛ [رواه ابن ماجه، وإسناده حسن]، وعنه مرفوعًا، قال: ((الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون))؛ [أخرجه ابن ماجه والحاكم، وإسناده ضعيف]، وعن ابن عمر مرفوعًا: ((من احتكر طعامًا أربعين ليلة، فقد برئ من الله وبرئ منه))؛ [أخرجه أحمد والحاكم، وفي إسناده مقال]، وعن أبي هريرة مرفوعًا: ((من احتكر حكرة يريد أن يغالي بها على المسلمين فهو خاطئ))؛ [أخرجه الحاكم]"؛ ا.ه، [وينظر: باب الحكرة في مصنف عبدالرزاق (8/ 202)].

وعن بعض السلف أنه كان بواسط، فجهز سفينةَ حِنطة إلى البصرة، وكتب إلى وكيله: بِعِ الطعام يوم تدخل البصرة، ولا تؤخره إلى غد، فوافق سعة في السعر، فقال التجار للوكيل: إن أخرته جمعة ربحت فيه أضعافه، فأخره جمعة فربح فيه أمثاله، فكتب إلى صاحبه بذلك، فكتب إليه صاحب الطعام: يا هذا، إنا كنا قنعنا بربح يسير مع سلامة ديننا، وقد جنيتَ علينا جناية، فإذا أتاك كتابي هذا فخُذْ المال وتصدق به على فقراء البصرة، وليتني أنجو من الاحتكار كفافًا لا عليَّ ولا لي؛ [تفسير القرطبي 19/ 56].

التشريعات الإسلامية الوقائية في باب الاحتكار:
من التشريعات الإسلامية الوقائية في هذا الباب:
منع تلقي الركبان، وألَّا يبيع الحاضر للبادي، بل يُترك البدوي، إذا جلب، يبيع في السوق بما يقنعه ويرضيه، ومنها: أن يبتاع المسلمون بعضهم بعضًا، ويتخففوا من المستوردات ومن مبيعات الشركات العالمية المحتكرة، وأن تُترك السوق حرة بين الناس يبيعون كيف شاؤوا، ورصد تجمعات الاحتكار التي يتآمر عليها مَن في السوق من الوسطاء والتجار والمنتفعين؛ للحدِّ منها، وفي هذا روى مالك في الموطأ (2398) أنه بلغه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "لا حُكرة في سوقنا؛ لا يعمد رجال في أيديهم فضول أذهاب – يعني: عندهم سيولة نقد - إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا يحتكرونه علينا، لكن أيما جالبٍ جلب على عمود كبده – أي: جلبه على تعب ومشقة – في الشتاء أو الصيف، فذلك ضيف عمر، فلْيَبِعْ كيف شاء، وليمسك كيف شاء"؛ ا.ه؛ قال ابن تيمية: "ولهذا كان لوليِّ الأمر أن يكره الناس على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند ضرورة الناس إليه، مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه والناس في مخمصة، فإنه يُجبر على بيعه للناس بقيمة المثل؛ ولهذا قال الفقهاء: من اضطر إلى طعام الغير أخذه منه بغير اختياره بقيمة مثله، ولو امتنع من بيعه إلا بأكثر من سعره لم يستحق إلا سعره، ومن هنا يتبين أن التسعير منه ما هو ظلم لا يجوز، ومنه ما هو عدل جائز"؛ [انتهى من مجموع الفتاوى 28/ 75، وينظر: الحاوي للماوردي 5/ 409، وكتاب مقاصد الشريعة لابن عاشور].

متى يجوز الاحتكار؟
استنبط بعض العلماء من قول الله تعالى في سورة يوسف: ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ [يوسف: 49]؛ قال قتادة: "تحصنون: تدخرون"؛ ا.ه، وهو يدل على جواز احتكار الطعام إلى وقت الحاجة؛ [تفسير القرطبي 9/ 204].

والأَولَى ألَّا يسمى احتكارًا؛ لغلبة المعنى الشرعي في الحكرة على المعنى اللغوي، فيكون ادخارًا مشروعًا، والله أعلم.

اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.90 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (3.15%)]