السياسة الشرعية - الصفحة 4 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3959 - عددالزوار : 397989 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4428 - عددالزوار : 863986 )           »          أنماط من الرجال لا يصلحون أزواجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أيها الأب صدر موعظتك بكلمة حب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كيف تُحدِّين من دلع طفلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          المرأة في أوروبا الجديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          وتوقفت عن معصية الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          تربية الأطفال عند السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          كرم المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          بيت السعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 19-04-2024, 11:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (31)


-التوحيد وبناء المساجد على القبور



يجب على المسلم الموحد بالله أن يفرد عبادته لله عز وجل دون غيره, ولكن ما بال من يشيدون القبور والأضرحة ويبنون عليها المساجد بل يعظمونها ويشدون إليها الرحال من كل صوب وحدب؟! فنحمد الله أن الشريعة الإسلامية قد سدت كل الطرق التي توصل إلى الشرك بالله, ومنها ما يتعلق بالقبور وتعظيم أصحابها والغلو في قبورهم.
كان أول شرك بالله تعالى على الأرض سببه الغلو في الصالحين وفي قبورهم, وهو ما حدث مع قوم نوح عليه السلام, ولنتأمل أحوال العالم الإسلامي وما حصل من الشرك والغلو بسبب تشييد المساجد على قبور بعض الصالحين, وتعظيمها واتخاذ السدنة لها، مع العلم اليقين أنها من وسائل الشرك؛ لذلك كان من مقاصد الشريعة الإسلامية أنها حذرت منها بل منعتها تماماً.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عائشة رضي الله عنها, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يُتخذ مسجدًا.
وفي الصحيحين أيضا أن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما ذكرتا لرسول الله[ كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال[: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله».
والجدير بالذكر أن اتخاذ القبور مساجد على نوعين:
- الأول: أن يبنى عليها مساجد.
- الثاني: أن تتخذ كما هي مكانًا للعبادة من غير بناء, كما جاء في الحديث: «وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» بمعنى أن أي مكان طاهر على وجه الأرض يصلح للعبادة والصلاة.
وكلتا الحالتين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما؛ لذلك قال علي - رضي الله عنه -لأبي الهياج الأسدي: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه النبي صلى الله عليه وسلم : ألا تدع قبرًا مُشرفًا إلا سويته، ولا صورة إلا طمستها», وما رواه مسلم أن النبي صلىالله عليه وسلم قال: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها».
من هنا يتبين لنا حرص الشريعة الإسلامية على عدم تعظيم القبور والأضرحة سواء بالبناء عليها أو اتخاذها مساجد بالدعاء والصلاة فيها, أو حتى شد الرحال إلى تلك المساجد؛ عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى» رواه مسلم، وكذلك نص الأئمة من علماء المسلمين في جميع المذاهب الأربعة على النهي عن ذلك؛ عملاً بسنة رسول الله ونصحًا للأمة وتحذيرًا لها أن تقع فيما وقع فيه من قبلها من غلاة اليهود والنصارى وأشباههم من ضلال هذه الأمة.
والله الموفق والمستعان.



اعداد: محمد الراشد





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 22-04-2024, 08:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (32)

– من التوحيد ضرورة السنة مع القرآن



السنة النبوية هي كل قول وفعل وتقرير بدر من النبي صلى الله عليه وسلم, قال تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى..} (النجم:3، 4) فالسنة النبوية المطهرة المصدر الثاني للتشريع الإسلامي, فهي إما مبينة لآيات الذكر الحكيم, أو مفسرة أو مكملة لبعض الأحكام، فعلى سبيل المثال قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (المزمل:20) ولكن كيف تقام الصلاة؟ وما أركانها؟ وما شروط صحتها؟ وماذا نقول خلالها؟ لم يذكر القرآن الكريم أية تفاصيل وشروحات لكل تلك الأسئلة؛ إنما بينها ووضحها لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد بينت السنة المطهرة كل مبهم من آيات الله عز وجل, وهنا أسائل الذين ينكرون سنة النبي صلى الله عليه وسلم: كيف تصلون؟ وكيف تحجون؟ وعلى أي أساس تخرجون زكاتكم؟ كيف تقومون بكل تلك العبادات؟ أليست بتوضيح وتفسير من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته التي سخر الله لها أناسًا كالبخاري ومسلم وأحمد ... وغيرهم -رحمهم الله- حفظوها وكتبوها حتى وصلت إلى أيدينا الآن؟!
وقال الشافعي: فلم أعلم من أهل العلم مخالفاً في أن سنن النبي من ثلاثة وجوه، فاجتمعوا منها على وجهين، والوجهان يجتمعان ويتفرعان:
- أحدهما: نص كتاب, فاتَّبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أنزل الله.
- والأخر: جملة كتاب، بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه عن الله معنى ما أراد أن يأتي به العباد, وكلاهما اتبع فيه كتاب الله.
- أما الوجه الثالث: فقال: ما سن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما ليس فيه نص كتاب، فقد كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبره جبريل عليه السلام بالسنة التي تفسر ذلك, بل الأكثر من ذلك أن السنة أتت بما هو زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها, وكتحريم الحمر الأهلية, وكل ذي ناب من السباع إلى غير ذلك.
فالسنة قرينة القرآن تفسره وتبينه وتدل عليه, ولا يصح الاستدلال بشيء من السنة المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير إلا بما صح عنه بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه من غير قطع في السند ومن غير شذوذ ولا علة، أو بما نزل عن رتبة الصحيح إلى الحسن بأن يخف ضبط بعض رواته خفة لا تسقطه عن درجة الاحتجاج.
ومن هنا لا بد لمن أراد تدبر القرآن والعمل به العلم بالسنة, فإن أهل البدع أجمع, أضربوا عن السنة, وتأولوا الكتاب على غير ما بينت السنة, فضلوا وأضلوا، ونعوذ بالله من الخذلان, ونسأله التوفيق والعصمة برحمته.
والله الموفق والمستعان.


اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 23-04-2024, 01:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (33)


– تطبيق الشريعة الإسلامية (1)



أصبح مبدأ تطبيق الشريعة الإسلامية حلمًا يراود الكثيرين في الكويت, فالشريعة الإسلامية التي علَّمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار على نهجه أصحابه الكرام ومن تبعهم بإحسان، هي دستور ومنهج واضح لكل من أراد العزة والكرامة, فقد كانت الشريعة الإسلامية هي المصدر الأوحد للأحكام في صدر الدولة الإسلامية وما بعدها؛ لذلك كان العدل سائدًا منتشرًا بين جموع المسلمين وغيرهم من الموالي؛ لذلك فإن السعي لضبط الأفراد والجماعات والمؤسسات وسائر النشاطات الإنسانية بمرجعية الوحي, فيُحل الجميع ما أحل الله ويحرمون ما حرمه الله ويجتهدون في تقدير حكم ما سكت عنه الوحي وَفْق المصلحة والمفسدة والموازين الخاصة بكل باب, هو عين تطبيق الشريعة الإسلامية.
قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (النساء:65), وقال تبارك وتعالى: {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ} (المائدة:48).
وفي الجملة كانت الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس الأوحد للأحكام لأكثر من ألف وثلاثمائة عام, حتى تزايد النفوذ الأجنبي في الدول العربية والإسلامية وكان شغله الشاغل وهدفه الأوحد هو إقصاء الشريعة الغراء وإفساد المسلمين, وإبعادهم عن الأحكام الربانية واستبدال بأحكام وشرائع وضعية بها, ولم يكتف المحتلون بذلك بل أخذوا ينفِّذون خطة منهجية لمسخ المناهج الدراسية وتصفيتها من الجوانب الدينية شيئًا فشيئًا، ولم يكن هذا في المدارس النظامية فقط، بل كذلك في المدارس والمعاهد الدينية، وكذلك شرعوا في تأسيس مدارس الحقوق وكلياتها وَفْق مناهجهم لبثِّ سمومهم وتكوين جيل من المسلمين يحمل على عاتقه مهمة الانحراف بالأمة عن شرع الله، بدلاً منهم، إما عمداً أو جهلاً.
وليس ذلك فحسب بل أخذوا ينعِمون بالمنح الدراسية في جامعاتهم على أفذاذ شباب هذه الأمة وأوائل الطلبة في مدارس وكليات البلاد الإسلامية، كما حدث مع الدكتور طه حسين وغيره، ليعودوا بعد استكمال دراستهم أشد عداءً للشريعة؛ ففرنسا وإنجلترا وأمريكا وغيرها تحصد الآن ما زرعته وما بذلته من مجهود في سبيل تغيير التوجه العام للشعوب الإسلامية، وتهيئة المناخ نحو رفض تطبيق الشريعة إذا ما أُذن لها أن تعود، وكل ما علينا إذن هو إعادة تهيئة هذا المناخ نحو تقبُّل الشريعة قانونًا يتحاكم إليه وبه المسلمون بإزالة المعوقات والعقبات التي وضعها الغربيون للحيلولة دون تطبيق الشريعة، وإننا ننتظر اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ليشع نورها، إن شاء الله تعالى.
والله الموفق والمستعان.


اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #34  
قديم 23-04-2024, 01:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (33)

– تطبيق الشريعة الإسلامية (2)



إذا أردت أن تعالج مشكلة ما فعليك أولاً البحث عن أسبابها؛ لذلك إذا أردت أن تطبق الشريعة الإسلامية وتجعل منها نورًا يهتدي به صناع الدساتير والقوانين؛ فلابد أن تعرف أولاً ما معوقات تطبيق الشريعة الإسلامية؛ حيث تُقسَّم تلك المعوقات إلى ثلاثة أقسام:
- أولاً: معوقات نفسية وفكرية تتعلق بالإيمان والعقيدة والعوامل النفسية وطرائق التفكير.
- ثانيا: معوقات مادية وواقعية فرضتها حوادث تاريخية أو ظروف حالية.
- ثالثاً: معوقات متوهمة لا أصل لها.
القسم الأول: المعوقات النفسية والفكرية:
وتتلخص تلك المعوقات في جهل الناس بحقيقة الشريعة, ومدى قدرتها على مواكبة كل العصور منذ زمن البعثة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, وأنها صالحة لكل زمان ومكان, فهؤلاء الناس يظنون أن الشريعة عاجزة عن معالجة بعض المسائل العصرية المستحدثة, وتلك الظنون مبنية على الجهل الواضح بأمور الشريعة, ولعل ذلك الجهل ناتج عن تقصير بعض الدعاة في البلاد الإسلامية عن بيان محاسن الشريعة الغراء ووجوه الإعجاز فيها؛ لأنها من عند الله تبارك وتعالى الذي يدرك أمورًا لا ندركها نحن بني البشر, فعندما يأمرنا بقطع يد السارق, ورجم الثيب الزاني حتى الموت وأن يشهد عذابه طائفة من الناس, فإنه جل وعلا له حكمة في ذلك قد تكون واضحة لبعضهم وخافية عن غيرهم.
أيضا ضعف الإيمان عند كثير من المسلمين وشعورهم بالهزيمة النفسية, فعدم الثقة في وعد الله تعالى بنصرة المسلمين إذا ما رجعوا إلى تطبيق الشريعة, وتمسكوا بدينهم, جعلهم ينفرون من تطبيق الشريعة, وتأثرهم بالفكر العلماني الذي يفصل الدين عن الدولة ومؤسساتها والإيعاز إلى الناس بأن الدين مصدر التخلف والرجوع إلى العصور البدائية، وهذا ما فعله كمال أتاتورك في تركيا.
وسبب آخر من معوقات تطبيق الشريعة هو انعدام الثقة في بعض دعاة المسلمين أو من نسميهم بالنخبة الإسلامية, وهؤلاء النخبة هم المنوط بهم وضع الشريعة الإسلامية في موضعها الصحيح في النظام السياسي والقانوني للدولة, ويرجع عدم الثقة إلى أن الناس تعلق الحكم على التشريع الإسلامي بحكمهم على هؤلاء الدعاة، ولأن الدعاة بشر يخطئون ويصيبون في بعض الأمور، وهذا وارد, وبذلك لا يمكن تعليق حكم تطبيق الشريعة على بعض الأشخاص، ولامسنا هذا في الانتخابات البرلمانية وللأسف.
أيضا التأثر بفكر دعاة حقوق الإنسان من الأسباب الرئيسة لبعد الناس عن تطبيق الشريعة؛ فإن دعاة حقوق الإنسان يتهمون نظام العقوبات الإسلامي وتشريعات الحدود بالقسوة ويعدُّونها انتهاكًا صارخًا لحقوق وآدمية الإنسان, وللأسف وجدت تلك الآراء صدى واسعًا في بلداننا الإسلامية والعربية.
تلك هي بعض المعوقات النفسية والفكرية التي تتعلق بالإيمان والعقيدة المناوئة لتطبيق الشريعة الغراء, أما المعوقات المادية والواقعية وكذلك المتوهمة فنتناولها في مقالات قادمة إن شاء الله .
والله الموفق والمستعان.




اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 26-04-2024, 10:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (34)


- تطبيق الشريعة الإسلامية (3)



تحدثنا في المقال السابق عن المعوقات النفسية والفكرية التي تحول دون تطبيق الشريعة الإسلامية, وإليك الآن -أخي المسلم- القسم الثاني:
معوقات مادية وواقعية: يظن الكثير منا أنه بعد استقلال الدول الإسلامية عن الاحتلال الأجنبي أننا نلنا حريتنا كاملة, والأمر على العكس تماماً فما زال الاحتلال موجوداً ومتغلغلاً في بلداننا الإسلامية متمثلاً في تحكم الدول الغربية الكبرى في النظم السياسية للبلاد الإسلامية؛ بهدف التحكم في القرارات السيادية والسياسية لكي تتماشى مع سياسات تلك الدول وتوجهاتها بما لا يتعارض مع مصالحها في المنطقة, وبالطبع تطبيق الشريعة الإسلامية ضد أهدافها ومصالحها.
ولتلك الدول الكبرى طرائق عدة لكي تبعدنا عن ديننا وشريعتنا وتجعلنا في حاجة لها باستمرار، منها على سبيل المثال لا الحصر: منح القروض للدول الفقيرة والمساعدات المشروطة, إنشاء البنوك الربوية, تقديم منح عينية كالآلات والمعدات الحربية دون قطع غيار, إثارة الفتن والاضطرابات الداخلية والطائفية والحزبية، بما يسمى الربيع العربي كأقرب مثال في عصرنا.
وهناك تحكم من نوع آخر وهو تحكم تلك الدول الغربية في مصادر ثروات البلاد الإسلامية ومواردها الطبيعية, والسيطرة على أسواق المال والذهب وغيرهما, مما يفرض علينا أن نسير وفق قوانينهم وتشريعاتهم الوضعية التي تتعارض قطعًا مع شريعتنا الغراء. وفي الحقيقة هذا احتلال ناعم مباشر, فإذا لم تتمكن الدول الإسلامية من قراراتها السياسية السيادية وطموحاتها الاقتصادية فلن تستطيع أن تشرع قوانين تتماشى مع الشريعة الإسلامية.
ومن المعوقات الواقعية لتطبيق الشريعة: أمية المناهج الدراسية الدينية, فلابد أن نربي أولادنا منذ نعومة أظفارهم وتعويدهم على تطبيق شرع الله, حتى إذا كبروا لم يصبح الأمر شاقاً عليهم, فتطوير المناهج التعليمية وتحديث الجوانب الدينية صار أمرًا ملحًا تقتضيه الحاجة الآن.
وتَرتب على أمية المناهج التعليمية تخلف المسلمين في العلوم التطبيقية, فالأمية ليست قاصرة على الجانب الديني فقط، بل اتسعت لتشمل العلوم التطبيقية والعلمية والصناعية, حتى جعل الغرب يطلقون على الأمة الإسلامية بالبلاد الأمية أو المتخلفة أو دول العالم الثالث؛ مما جعلنا نهرول وراء الأفكار الغربية في الفكر والاقتصاد والعلوم مبتعدين عن ديننا وشريعتنا السماوية؛ حتى نلحق بركب التقدم والنمو، كما يزعم البعض.
وإذا نظرنا إلى أهم معوقات تطبيق الشريعة فسنجدها الدعوة الخاطئة إلى تطبيق أحكام الشريعة التي يمارسها بعض الدعاة في دعوتهم للناس إلى تطبيق شرع الله, حيث يقصر بعض الدعاة قضية تطبيق الشريعة عند عرضها على جانب العقوبات وإقامة الحدود فقط؛ فإنهم -الدعاة- تقتصر دعوتهم على تطبيقها بشكل سطحي دون بيان حكمتها ومحامدها وأهميتها بالنسبة للفرد والمجتمع ككل؛ لذلك فإن الشريعة تمثل منهجًا شاملاً متكاملاً لحياة الأفراد ونظم الدولة في كل جوانبها وشؤونها الداخلية والخارجية.
والله الموفق والمستعان.




اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 26-04-2024, 11:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (35)

تطبيق الشريعة الإسلامية (4)


ثالثًا: معوقات متوهمة لا أصل لها.
هناك معوقات عدة لا أصل لها، بل هي متوهمة، تحول دون تطبيق الشريعة الإسلامية، قد روج لها بعض العلمانيين ودعاة المدنية وحقوق الإنسان؛ لكي يوهموا المسلمين بصعوبة تطبيق الشريعة, وللأسف الشديد أنه قد انخدع الكثير منا بتلك المعوقات وصدقوا قائليها, ومن أمثلة تلك المعوقات:
- أولاً: العجز عن تفعيل أحكام الشريعة.
حيث يزعم الكثير من دعاة المدنية الحديثة أن أحكام الشريعة الإسلامية كثيرة ومتشعبة في مذاهب و كتب عدة, ومن أي منهج أو مذهب تُستقى أحكام الشريعة؟ ولذلك يستعصي علينا جمعها وتقنينها دون تشكيل اللجان وعقد المؤتمرات والندوات وعمل البحوث والدراسات والمشروعات لتقنين أحكام الفقه في المجالات القانونية المختلفة, وهذا بالطبع يستغرق وقتاً طويلاً قد يمتد إلى عدة سنوات, وبالتالي يترتب عليه تعطيل تطبيق الشريعة الإسلامية وهذا ما يهدفون إليه.
ولكن إذا تأملنا المشهد قليلاً سنجد أن الشريعة الإسلامية مطبقة حالياً في قوانين الأحوال الشخصية دون غيرها من المجالات القانونية؛ إذاً الأمر ليس بالعسير فهناك مشروعات عدة لتقنين الشريعة الإسلامية موجودة بالفعل في جامعة دول العربية على سبيل المثال, وإذا ظهر نقص أو تعديل فمن السهل تداركه, أما أن نتوهم أن الأمر شاق ومستحيل فهذا شيء متوهم لا أصل له، فتلك الأفكار المتوهمة هي ما نشرها أعداء الإسلام وأعداؤنا بهدف تعطيل تطبيق الشريعة الإسلامية.
ثانيًا: خشية إغضاب الدول الأجنبية .
عرضنا قبل ذلك أن الدول الأجنبية هي المتحكمة في الاقتصاد العالمي وسوق المال والذهب والبورصة ومصادر السلاح وما إلى ذلك, وإذا طبقنا الشريعة الإسلامية سيؤدي ذلك إلى إغضاب تلك الدول الكبرى, وستتخذ إجراءات سياسية واقتصادية وربما عسكرية تجاه الدول الإسلامية إذا ما طبقت الشريعة, وبالطبع هذه أوهام لا أصل لها, فالمملكة العربية السعودية تطبق حاليًا الشريعة الإسلامية, فلم يؤثر ذلك على علاقاتها مع الدول الغربية, فضلاً عن أن تلك الدول الغربية لا تستطيع التدخل لمنع تطبيق الشريعة حرصًا على مصالحها السياسية والاقتصادية مع تلك الدول الإسلامية والعربية تحديداً, ولاسيما البترول العربي الذي لا تستغني عنه تلك الدول إطلاقًا، فضلا عن أن عدد المسلمين في تلك الدول الأجنبية أصبح يتزايد يومًا بعد يوم مما يقوي الموقف الإسلامي ضد الغرب.
وإذا سلّمنا بصحة هذا الادعاء -وهو ليس بحقيقة- في أن تطبيق الشريعة سيغضب الدول الأجنبية وسيجلب لنا المتاعب والصعاب, فما زلنا نمتلك من الوسائل السياسية والاقتصادية والعسكرية ما يقوي موقفنا, وما زلنا نمتلك العزيمة الصادقة لامتلاك حرية القرار والتحرر من هذا الاستعمار الفكري والاجتماعي, قال تعالى: {فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:44).
والله الموفق والمستعان.





اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 26-04-2024, 02:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (36)

– الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية في الميزان (5)



الشريعة الإسلامية منزلة من عند الله عز وجل، ولذلك فهي منزهة عن الخطأ وهوى النفس, نزلت على رسولنا الكريم [ الذي لا ينطق عن الهوى, مما ترتب على ذلك أنها تتصف بالعدل والكمال؛ لأنها من الله العادل الخبير بشؤون عباده فهي صالحة لكل زمان ومكان. أما التشريع الوضعي الذي وضعه الإنسان لتنظيم أمور حياته, فإنه يخضع للميول والأهواء التي تتبدل من حال إلى آخر, وتصلح لزمن دون غيره وبالتالي يفقد الاستمرارية, ومن هنا فإن تطبيق القوانين الوضعية كان وما زال هو أهم أسباب انتشار الجريمة، وتلك القوانين لم تستطع الحد من انتشارها لنقص تلك القوانين وعوارها. وإذا تأملنا الفرق بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية فسنجد أن:
1- الشريعة الإسلامية تعاقب كل من يمس الأخلاق دون النظر إلى رضا المجني عليه؛ لذلك تعاقب كل من يشرب الخمر، وتعاقب على الردة والزنى والفجور بأنواعه والشذوذ بغض النظر عن طرفي الجريمة.
2- لا جريمة إلا بنص, مقولة شائعة وأصيلة في القوانين الوضعية الحديثة, مع أن الشريعة الإسلامية سباقة لهذا المبدأ؛ حيث إن الجرائم يعاقب عليها إما بنص من الشرع كعقوبة الزنى وشرب الخمر والردة, وإما بنص من ولي الأمر المفوض من قبل الشرع وذلك خاص بالجرائم التعزيرية, قال تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (الإسراء:15).
3- الشريعة الإسلامية لا تفرق بين هذا وذاك, ولا غني ولا فقير, ولا حاكم أو محكوم, فالكل عندها سواء؛ فمن أخطأ فعليه وزر ما أخطأ فيه وحقت عليه العقوبة المنصوص عليها في الشريعة, قال النبي [ فيما روته عنه عائشة رضي الله عنها: «إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه, وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد, وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» متفق عليه. وقال [ في خطبة الوداع: «ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي, ولا أحمر على أسود, ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى, أبلّغت؟» أخرجه أحمد وصححه الألباني. فالتشريع الإسلامي وحدوده وعقوباته حقيقة ليس فيها استثناءات أو حصانات كالتي يتمتع بها الساسة والسفراء والحكام وأعضاء المجالس النيابية (مجلس الأمة) والقضاة في كل القوانين الوضعية.
4- الشريعة الإسلامية تعلو على باقي التشريعات الوضعية من حيث مبدأ الشهادة، ففي الشهادة التي هي من أهم وسائل الإثبات, والدليل الأول على إثبات الجرائم، فإن النظم الوضعية لا تتطلب سوى أن يكون الشاهد مميزاً عاقلاً مختاراً غير مكره, أما الشريعة الإسلامية فقد زادت على ذلك أن يكون الشاهد عدلاً, والعدالة أن تحمل الشاهد على تجنب الكبائر, بل إن القاضي ملزم أيضاً بتحري صفة العدالة في الشاهد قبل الأخذ بشهادته.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
والله الموفق والمستعان.



اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 26-04-2024, 02:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (37)

– الشريعة والقانون الوضعي في الميزان (6)



الكليات الخمس هي: «الدين, النفس, العقل, العرض, المال» وهي ضروريات الحياة وجُلُّ مشكلات بني آدم، وسنرى كيف تتعامل معها كل من الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية, وأي منهما تحافظ عليها وتصونها كالآتي:
فيما يتعلق بالدين: فالإنسان حر في تغيير دينه دون أية عواقب وفقًا للقوانين البشرية, أما في شريعتنا الغراء فقد قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} (آل عمران: 19), وقَالَ رَسُولُ اللَّه[: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» متفق عليه، فالدين الإسلامي دين إلهي منزل من عند رب السموات والأرض لا تبديل فيه ولا تحريف.
وفيما يتعلق بحفظ النفس: من الجائز أن يُحكَم على القاتل بالسجن المشدد, ومعه يضيع دم المقتول, هذا ما نجده في التشريعات الوضعية, أما في الشريعة الإسلامية فقد قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 179) وقال أيضا: {وَكَتَبْنَا عَلَيهمْ فِيهَا أَنَْ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (المائدة: 45).
وما يتعلق بالعقل: فالتشريعات الوضعية قد سمحت بالتجارة في الخمور والمسكرات, وإنشاء مصانع التبغ والسجائر وكل هذه الأشياء من أهم ملوثات العقل، أما الشريعة الإسلامية فإنك تجد فيها كل ما هو صالح لنفسك وبدنك وعقلك، قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} (المائدة: 90).
أما العرض وحفظ النسل: فالتشريعات الحالية تجدها لم تحرم الزنا إلا في حالات قليلة جدًا, فلا تكون هناك جريمة أصلاً إلا بشكوى من الزوج, وفي حال أسقط الزوج حقه عن الزانية فيعد حكمًا تنازلاً عن الزاني أيضًا، أما بالنسبة إلى أن تكون حرية ممارسة الزنى ضد حقوق الإنسان والحريات الشخصية فهو قول خاطئ؛ فإن المرأة (الزوجة أو الابنة أو الأخت) لا يحق لهن الإقدام على تلك الفاحشة باعتبار أنها حق شخصي؛ لأن ذلك مرتبط بحقوق آخرين، وعليه فإن الشريعة الإسلامية قد وضعت أقسى عقوبة للثيب الزاني وهي الرجم حتى الموت، والجلد إذا كان بكرًا, قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} (النور: 2)، وكل هذا حفظ للأعراض وعدم اختلاط للأنساب بين المجتمعات الإسلامية.
وإليك ما يتعلق بحفظ المال: فإن عقوبة السارق في القوانين الوضعية لا تحد من جشعه وظلمه للناس، بل تشجعه على أن يسرق مرات ومرات أخرى بل امتهان واحتراف تلك الوظيفة, فضلاً عن أن تلك القوانين تبيح التعامل بالربا وذلك في معظم بنوك العالم الربوية؛ لذلك كانت عقوبة قطع يد السارق في التشريع الإسلامي هي عقوبة رادعة مانعة لكل من تسول له نفسه الإتيان بمثل هذه الجرائم.
واليكم المزيد في العدد القادم.
والله الموفق والمستعان.




اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 26-04-2024, 06:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (38)

– الشريعة والقانون الوضعي في الميزان (7)



- تطرقنا في الأعداد السابقة إلى بعض مميزات الشريعة الإسلامية التي جعلتها تعلو على جميع القوانين الوضعية الحالية، وإليكم المزيد:
6. كثيرًا ما نسمع «الشك يفسر لصالح المتهم»، وتلك قاعدة ثابتة في التشريعات الوضعية, ويُعبّر عنها في الشريعة الإسلامية بقاعدة «درء الحدود بالشبهات»، ولكن القاعدة الأولى تعني أن أي خلل في الإجراءات القانونية المتعلقة بجريمة ما فإنه يؤدي إلى وجود شك في ثبوت التهمة, وذلك الشك يصب في مصلحة الجاني, وبالتالي لا يملك القاضي إلا الإدانة في حالة ثبوت القضية أو البراءة في حالة الشك في ثبوت أدلة الاتهام، بالرغم من كون هذا المتهم أتى فعلاً بتلك الجرائم, ولكنه يفلت بسبب (قاعدة الشك), أما الشريعة الإسلامية فقد عالجت هذا الأمر بمبدأ التعزير, وهو التأديب على ذنوب لم تشرع فيها الحدود, فإنه في حالة عدم ثبوت الأدلة الدامغة على الجاني, إلا أن القاضي متيقن من وجوب زجره وإيلامه فيعزره, فالأصل أن الشك لا يعفي الجاني من العقاب مطلقًا بل إن القاضي له سلطات واسعة في تعزير ذلك الجاني بقدر جريمته.
7. من أهم الدلائل التي تفيد ثبوت الجريمة على الجاني، إقراره واعترافه بارتكاب تلك الجريمة, وبالرغم من هذا إذا تراجع الجاني عن أقواله وجب على القاضي الأخذ بذلك ووقف تنفيذ العقوبة, وهذا العدول يعتبر في حد ذاته شبهة تسقط العقوبة, ويصح الأخذ به في كل الأحوال قبل تنفيذ الحكم ولو بعد القضاء, هذا ما نجده في الشريعة الإسلامية، أما في التشريعات الوضعية فقبول العدول مرهون قبول القاضي أو رفضه, فضلاً عن أنه لا يصح إذا كان بعد صدور الحكم.
8. الشريعة الإسلامية بعقوباتها تكفل العدل بين الجاني والمجني عليه, خاصة في جرائم القصاص استنادًا إلى مبدأ «الجزاء من جنس العمل»، فالقاتل إذا ثبت عليه بالأدلة الدامغة ارتكاب فعلته وجب القصاص منه وذلك تحت إمرة السلطان أو ولي الأمر؛ مما يؤدي إلى شفاء صدور أهل المجني عليه وشعورهم بأخذ حقهم من الجاني دون التفكير في الأخذ بالثأر والانتقام مما يؤدي إلى حدوث نزاعات أخرى وجرائم تالية, أما في التشريعات الوضعية فعقوبات الدم كثيرًا ما تهدر دم المقتول وتشعر أهله بالذلة مما يؤدي إلى شعورهم بضرورة الثأر والانتقام لذويهم, وبالتالي يترتب على ذلك جرائم قتل أخرى.
محاسن الشريعة الإسلامية لا تقف عند هذا الحد فقط, ولا تتسع تلك الصفحات لإبرازها, ولكن بقدر المستطاع حاولنا تقريب الصورة إليكم لكي تعلموا أيهما أصلح لديننا ودنيانا.
والله الموفق والمستعان.
[email protected]
Abuqutibaa@






اعداد: محمد الراشد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #40  
قديم 26-04-2024, 10:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,332
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السياسة الشرعية

السياسة الشرعية (40)


-الوسطية في الحدود



الأخلاق ما هي إلا مجموعة من السلوكيات الحسنة التي ينبغي على المسلم أن يتحلى بها في معاملة الآخرين, وهذه الأخلاق كان العرب في الجاهلية يتحلون ببعضها, فجاء الإسلام متممًا لها, ففي حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله [: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» صححه الألباني.
وإذا تأملت الآيات القرآنية ستجدها زاخرة بالآداب والفضائل العامة ووفق التعامل مع الناس, فعلى سبيل المثال قال تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} (الأعراف: 199)، ففي هذه الآية أمر الله عز وجل رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بثلاثة أوامر هي في الأصل سجايا تدل على حسن الخلق: أن يأخذ بالعفو، وأن يأمر بالمعروف، وأن يُعرض عن الجاهلين.
إن الشريعة الإسلامية الكاملة جاء فيها النبي صلى الله عليه وسلم بتمام مكارم الأخلاق ومحاسن الخصال، ولنضرب لذلك مثالاً, ففي حد القصاص ذكر أهل العلم أن أحداً ما إذا ما اقترف جريمة قتل نفس بغير ذنب؛ فإن قتله واجب حتمي وذلك في شريعة اليهود, ولا خيار للمجني عليهم في ذلك, وعلى العكس في شريعة النصارى فقد وجب العفو عن هذا القاتل ولا خيار للمجني عليهم في ذلك أيضَا، أما شريعتنا الإسلامية فقد نهجت منهج الوسطية والاعتدال في الحدود والقوانين فجاءت كاملة من الوجهين: فيها القصاص وفيها العفو, ففي القصاص ردع للجاني وعبرة لغيره, وفي العفو عنه إحسان وجميل ومعروف إلى من عفوت عنه؛ لذلك ارتقت الشريعة الإسلامية عن كل الشرائع السماوية، فشريعتنا دين وقانون, هي عقيدة تشمل ما يُطلب الإيمان به وشريعة تشمل ما شرع من نظم ليكون سلوك الإنسان على مقتضاه, وتدور قوانين الشريعة في فلك دائرة الأخلاق باعتبار أن الأخلاق هي الأساس الذي تقوم عليه كل التكاليف الشرعية وأن الأفعال التي تحاسب عليها الشريعة تشمل كل ما تحاسب عليه الأخلاق؛ لذلك فالشريعة والأخلاق تسيران وفق غاية مثالية هي السمو بالإنسان والوصول به نحو الكمال.
وعليه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : «مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ، وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ» رواه مسلم, فهذا الحديث دليل واضح على سعي الشريعة الإسلامية إلى كمال أخلاق الإنسان المسلم, فإنك إذا أردت أن تفعل سيئة ما ولم تفعلها كتبت لك حسنة ؛ لأنك ابتعدت عن فعل المنكرات والمعاصي, أما إذا فعلتها فإنها تكتب لك سيئة واحدة، وهذا بالطبع يتماشى مع قواعد الأخلاق، فتلك القواعد تقرر أن الفعل يكون خيرًا أو حتى بحسب المقصد منه: «إنما الأعمال بالنيات» رواه البخاري، والإنسان في حكم الأخلاق يفعل الخيرات ويبتعد عن فعل الشرور.
من هذا المنطلق بُنيت الشريعة الإسلامية ورست قوائمها بما فيها من حدود وعقوبات لزجر الإنسان المسلم وحثه على فعل الخير والالتزام بالأخلاق السامية, حتى إذا ما هم بفعل سيئة عوقب عليها في الدنيا وفق ما تقتضيه الشريعة وكانت العقوبة كفارة له عما فعله من ذنوب ومعاصٍ؛ فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
يقول أبو الطيب المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
والله الموفق والمستعان.




اعداد: محمد الراشد



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 29-04-2024 الساعة 03:56 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 129.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 123.98 كيلو بايت... تم توفير 5.93 كيلو بايت...بمعدل (4.56%)]