|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
|
||||
|
||||
رد: خواطر الكلمة الطيبة
خواطر الكلمة الطيبة – منزلة الإنسان في قلوب الخلق
منزلة الإنسان في قلوب الناس لها معايير، فالإنسان يفرح عندما تكون له منزلة عند الآخرين، وإن كان الأهم والأعظم الذي يجب أن يهتم له المسلم منزلته عند الله -سبحانه وتعالى-، والله -عزوجل- لم يجعل هذا الأمر مجهولا بل جعله معلوما، قال الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}. ولكن يجب أن نفهم كيف تكون لك منزلة عند الناس أيضًا وهذا أمر مستحسن ومهم، بدليل أن الله -سبحانه وتعالى- نبه نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم - لهذه القضية حين قال: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}. وإنك لعلى خلق عظيم وقد امتدح الله -عزوجل- النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر عظيم كان سببًا في وجود تلك المكانة له في القلوب وكانت سببًا لنجاح دعوته، قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، يقول الفضيل بن عياض -وهذا الرجل ممن عاش في القرن الثاني الهجري، من أهل خرسان، ويسمى بعابد الحرمين، وتوفي رحمة الله عليه في مكة-، قال: «ما أدرك عندنا من أدرك بكثرة الصلاة والصيام، وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة». ما سخاء الأنفس؟ سخي النفس، هو رجل صاحب عطاء، يعطي ولا ينتظر الجزاء، يعطي لله -سبحانه وتعالى- ويعطي كرمًا ويعطي سخاء، وهذا كان فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، إن شئت فانظر بماذا وصفته خديجة -رضي الله عنها- عندما نزل عليه الوحي في الغار - صلى الله عليه وسلم - قالت: «أبْشِرْ! فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ»، فوصفت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعطائه وكرمه، فمن هذه صفته «فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا» معناها أن منزلتك تبدأ في القلوب بسخاء النفس، وعندما أقول منزلتك، لابد وأن تبدأ أولا بالأقربين أولا بوالديك ومع إخوانك وأخواتك ومع أرحامك ومع زوجتك وأبنائك ومع أصدقائك الذين حولك، ثم بعد ذلك مع باقي الناس فالناس تحب صاحب النفس السخية. سلامة الصدور ثم قال الفضيل -رحمه الله-: «وبسلامة الصدور» وهذا هو القلب المخموم الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفات أهل الجنة، فلا يحمل غلا ولا حقدا ولا حسدا على أحد من عباد الله -سبحانه وتعالى-، فيقول أهل العلم فيمن تلك صفته: إنه «طهر قلبه من غبار الأغيار، ونظفه من الأخلاق والأقذار» أي من سوء الأخلاق فهذا صاحب القلب المخموم، هذا من يحبه الناس، فنحن لا نرى قلبك ولكن نرى تصرفاتك التي تدل على سلامة قلبك. والنصح للأمَّة وقول الفضيل -رحمه الله-: «والنصح للأمه»، ماذا يعني بالنصح للأمه؟ والناصح هو الذي يريد الخير للآخرين، قيل بصدقٍ وبإخلاصٍ وبمودةٍ وبحب، أُشعرك وأنا أنصحك أن عندي صفاء في الكلام معك وأن عندي لك مودة ومحبة وأني مخلص لك في هذه النصيحة، لم؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيدِهِ، لا يُؤْمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لنفسِهِ من الخيرِ»، تخيل أني كما أحب الخير لنفسي أحبه لك، وصادق جدا فتلاحظ من عباراتي وكلماتي أني صادق معك عند ذلك ستكون لك المنزلة في قلوب الناس. حسن الخلق طبعا هذا كل ما قاله الفضيل بن عياض -رحمه الله- أتى به من قول الله -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فعندما تحسن خلقك فإنك بذلك تكن لك منزلتان: منزلة عند الله -سبحانه وتعالى-؛ لأنك تتقرب إليه بالأخلاق الحسنة، ومنزلة عند عباد الله -سبحانه وتعالى- حتى أعدائك وإن كانوا يعادونك إلا أنهم في أنفسهم يعلمون ما أنت عليه، وهذا الإنكار واجهه النبي - صلى الله عليه وسلم - بل واجهه الأنبياء جميعهم -عليهم السلام- قال -تعالى فيمن أنكر رسالتهم ونبل صفاتهم-: {وَجَحَدُوا بِهَا} هذا في الظاهر {وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} في الداخل، فهم يعرفون من هو إبراهيم، وموسى، وعيسى، ونوح، وهو-، ومحمد - صلى الله عليه وسلم . لذلك فادع الله دوما أن يعينك على حسن الخلق، فإذا دعوت الله بطول العمر فادع أن يصلح عملك وخُلُقك، قال - صلى الله عليه وسلم - «خيركم من طال عمره وحسُن خُلُقه» وفي رواية: «خيركم من طال عمره وحسُن عمله». تعظيم الإسلام لحُسن الخُلق لم يعد الإسلام الخلق سلوكًا مجرَّدًا، بل عده عبادةً يؤجر عليها الإنسان، ومجالاً للتنافس بين العباد؛ فقد جعله النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أساسَ الخيريَّة والتفاضل يوم القيامة، فقال: «إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا، الثَّرثارون المُتفَيْهِقون المُتشدِّقون»، وكذلك جعَل أجر حُسن الخُلق ثقيلاً في الميزان، بل لا شيء أثقلُ منه، فقال: «ما من شيءِ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة مِن حُسن الخُلق». وجعَل كذلك أجرَ حُسن الخُلق كأجرِ العبادات الأساسية، مِن صيام وقيام، فقال: «إن المؤمنَ لَيُدركُ بحُسن الخُلق درجةَ الصائمِ القائم»، بل بلَغ من تعظيم الشارع لحُسن الخُلق أنْ جعَله وسيلة من وسائل دخول الحنة؛ فقد سُئل - صلى الله عليه وسلم - عن أكثرِ ما يُدخِل الناسَ الجنَّةَ؟ فقال: «تقوى اللهِ وحُسن الخُلق»، وفي حديث آخرَ ضمِن لصاحب الخُلق دخولَ الجنة، بل أعلى درجاتها، فقال: «أنا زعيمٌ ببيت في ربَضِ - أطراف - الجنَّةِ لِمَن ترَك المِراءَ وإن كان محقًّا، وببيتٍ في وسَط الجنة لِمَن ترَك الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّة لمن حسُن خلُقه». أساس بقاء الأمم فالأخلاق هي المؤشِّر على استمرار أمَّة ما أو انهيارها؛ فالأمة التي تنهار أخلاقُها يوشك أن ينهارَ كيانُها، ويدلُّ على هذه القضية قولُه - تعالى -: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (الإسراء: 16). من أسبابِ المودة وإنهاء العداوة يقول الله - تعالى -: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، والواقع يشهد بذلك، فكم من عداوةٍ انتهت لحُسن الخُلق! كعداوة عمرَ وعكرمة -رضي الله عنهما- في بادئ الأمر، بل عداوة قريش له - صلى الله عليه وسلم -، ومن هنا قال: «إنكم لن تسَعُوا الناسَ بأموالكم، ولكن تسعوهم بأخلاقكم»، يقول أبو حاتم - رحمه الله -: «الواجب على العاقل أن يتحبَّب إلى الناس بلزوم حُسن الخُلق، وتَرْكِ سوء الخُلق؛ لأن الخُلق الحسَن يُذيب الخطايا كما تذيب الشمسُ الجليد، وإن الخُلق السيِّئ لَيُفسد العمل، كما يفسد الخلُّ العسلَ». اعداد: د. خالد سلطان السلطان
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 26-09-2024 الساعة 04:55 PM. |
#32
|
||||
|
||||
رد: خواطر الكلمة الطيبة
خواطر الكلمة الطيبة – الحِلْم والأَناة خصلتان يحبهما الله ورسوله ديننا ليس دين ضعف وخور وإنما دين عزةٍ وشجاعة لكنها شجاعة في مكانها وموطنها وليس اندفاعا وتهورا علينا أن نضبط أنفسنا مع أرحامنا وأقاربنا وجيراننا ومن نتعامل معهم فلسنا في حرب معهم حتى نريهم بأسنا وقوتنا قال - صلى الله عليه وسلم - لِأَشَجِّ عبدِ القيسِ: «إنَّ فيك خُلَّتَينِ يُحِبُّهما اللهُ: الحِلْمَ والأَناةَ»، فقال: أخُلُقَينِ تَخلَّقتُ بهِما؟ أم خُلُقينِ جُبِلتُ علَيهِما؟ فقال: «بل خُلقَينِ جُبِلتَ عليهما»، فقال: الحمدُ للهِ الَّذي جبَلَني على خُلقَينِ يُحِبُّهما اللهُ ورسولُه، والحلم: بعضهم قال العقل أو التعقل، وقيل: أمور كثيرة، منها ما ذكره الشيخ ابن عثيمين -رحمة الله عليه- وغيره أنها ضد العجلة، وضد الاسترسال مع الغضب الذي ينتج عن أذى يأتيك أوعن تعدٍّ عليك. هذا الحديث له قصة، أن وفد عبد القيس قدموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من سفرٍ بعيد وكانت ديارهم ناحية الإحساء، وكانت تسمى البحرين، قدموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما وصلوا انطلقوا مباشرة بثيابهم التي أتوا عليها من هذا السفر البعيد؛ شوقًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أمَّا سيدهم وهو أشج عبد القيس وهذا لقبه، وقد اختلف في اسمه كثيرا، والأشهر أنه المنذر بن عائذ هذا السيد -سيد قومه-، انتظر حتى أناخ رحلته وأراحها واستبدل ثيابه وأحسن التهيؤ؛ حتى يقدم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك فأجلسه بجنبه - صلى الله عليه وسلم -، وقال له هذا الكلام: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة» نقف مع هاتين الخصلتين أيها الإخوة. صفة الأنبياء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصف هذا الصحابي بأنه حليم وتلك صفة الأنبياء فالله -عزوجل- وصف ابراهيم الخليل عليه السلم بأنه أواه حليم، فهذه صفه يحبها الله، فالحلم كما ذكرنا ألا تسترسل مع الغضب، فالغضب ربما يتولد منه أمور كثيره فيها شرٌ عظيم، والله -عزوجل- قال «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين». نشاهد في حياتنا اليومية كثير من القصص التي سمعناها قتل ومشاجرات وأسبابها قد تكون تافهة، الشيطان حضر فيها، وهذا الشاب يرى من نفسه قوة وشجاعة فيندفع مع غضبه يريد أن يفرغ عن غضبه وأن يُظهر شجاعته!. الشجاعة الحقيقية قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» هذه هي الشجاعة التي في ديننا بينها لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنحن لسنا بصدد حرب مع أعداء الله -عزوجل- حتى نريهم بأسنا وقوتنا وإنما هي علاقاتٌ بيننا وبين إخواننا وجيراننا وأقاربنا وأهلنا وأحبابنا، فأحيانا تحدث مواقف بها سوء تفاهم وغضب، ينتج عنه شجار بسبب موقف خلاف مروري بالسيارة مع سيارة أخرى مثلا؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وهوَ قادِرٌ على أنْ يُنْفِذَهُ، دعاهُ اللهُ -سبحانَهُ- على رُؤوسِ الخَلائِقِ يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرَهُ مِن الحُورِ العِينِ ما شاءَ»، انظر إلى هذا الفضل العظيم «كَظَمَ غَيْظًا وهوَ قادِرٌ على أنْ يُنْفِذَهُ»، ولكنه ترفع وأعرض عن الجاهلين، «وقادرٌ على أن ينفذه»، فديننا ليس دين ضعف وخور وإنما دين عزةٍ وشجاعة لكنها تكون في مكانها وموطنها وليس هكذا، لا تكون باندفاع وتهور واسترسال مذموم مع الغضب تندم عليه بعد ذلك. لذا ضد الحلم الاسترسال مع الغضب فكن حليمًا، والصفات أيها الأحبة والأخلاق بعضها يكون جبليا وبعضها ما يكتسب، هذا الصحابي جبله الله على ذلك كما جاء في بعض الروايات «آلله جبلني على ذلك؟ قال نعم، قال: الحمد لله أن جبلني على خير»، وقد تكتسب الصفة وتتعلم «إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم» وتلك الصفة الأولى التي يحبها الله في هذا الصحابي وفي كل من يتحلى بها. الأناة ضد العجلة الصفة الثانية «الأناة» فالأناة ضد العجلة، لا تكن عجولا، انظر الى هذه الأخبار تثبت وتبين قد يكون هذا الكلام زورا وبهتانا ولا تبني قرارك بعجلة، وإنما تأنَّ وانظر إلى مآلات الأمور، وإلى هذا الخبر ماذا سينبني عليه؟ ولا تكن نقالا للأخبار هكذا تفرح بأي خبر جديد وتسارع في نشره دون تثبت، النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ماسمع». التأني والتثبت الإعلام وصياغة عقول الناس علينا أن نتأنى فأعداؤنا هم من يملكون الإعلام، وأعداؤنا هم من يملكون صياغة عقول الناس، لنلتزم بديننا ونستقيم ونتمسك بسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وهذا القرآن الذي هو عصمةٌ لنا، عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: «وعظَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَوعظةً ذَرَفَتْ منها العيونُ ووجِلَتْ منها القلوبُ فقلنا يا رسولَ اللهِ إنَّ هذه لموعِظَةَ مُوَدِّعٍ فماذا تعهَدُ إلينا؟ فقال: تركتُكم على البيضاءِ ليلِها كنهارِها لا يزيغُ عنها بعدي إلا هالِكٌ، ومن يَعِشْ منكم فسَيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرَفتُم من سُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ المهدِيِّينَ الرَّاشدينَ، وعليكم بالطاعةِ وإن كان عبدًا حبشيًّا عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ فإنما المؤمنُ كالجملِ الأَنِفِ كلما قِيدَ انقَادَ»، هكذا أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم . التمسك بكتاب الله -عزوجل علينا أن نتمسك بكتاب الله -عزوجل- الذي قال فيه: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}، وآيات كثيرة تحث على التأني»: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}، ونتمسك بسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: «كَفَى بالمرءِ كذِبًا أن يحدِّثَ بِكُلِّ ما سمِعَ»، وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: بئسَ مطيَّةُ الرَّجلِ زعموا»، فلا تكن وكالة أخبار متنقلة تسمع وتنقل دون فلترة كما أخبر الله -عزوجل- في حادثة الإفك {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُم ْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} قبل أن تنقل أي خبر أدخله في عقلك وفكر فيه من المستفيد؟ وما الثمرة من نقله؟ ماذا سينتج عن انتشار مثل هذا الخبر؟ أخبار كثيرة الآن تنتشر بيننا دون تثبت؛ لذا فلابد أن نتأنى وأن نكون لُحمة واحدة ولا نكون مصدرًا للإشاعات.اعداد: الشيخ: أحمد قبلان العازمي
__________________
|
#33
|
||||
|
||||
رد: خواطر الكلمة الطيبة
خواطر الكلمة الطيبة – الإخلاص قضية العمر
كلمة جليلة ذكرها الإمام ابن قدامة المقدسي -عليه رحمة الله- في كتابه منهاج القاصدين، وهذا الكتاب القيم ذكر فيه ابن قدامة خلاصة ما وصل إليه في مسائل متفرقة في علوم مختلفة، وذكر في هذا الكتاب سبب هلاك كثير من الناس، حتى قال في نهاية عبارته «وهذا الذي أهلكهم فوجب معالجتة». فما هذا المرض الذي اهتم أن يلفت الأنظار إليه ابن قدامة حتى قال فيه إنه وجب معالجته؟، يقول -رحمه الله-: «اعلم أن أكثر الناس إنما هلكوا: لخوف مذمة الناس، وحب مدحهم؛ فصارت حركاتهم كلها على ما يوافق رضى الناس؛ رجاء المدح، وخوفًا من الذم، وذلك من المهلكات فوجبت معالجته»، فمثل هذا سعى إلى مرضاة الناس ومدحهم والهروب من ذمهم؛ فأصبحت حركاته وسكناته على منظور مدح الناس وذمهم وقال: «وهذا من المهلكات التي أخبر عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، «فوجب معالجته». هل هذا يرضى الله -عز وجل؟ القضية يا إخواني عندما تريد فعل أي شيء فقط ضع أمامك: هل هذا يرضى الله -عز وجل- أم لا؟ فقط نقطة وأوقف تفكيرك على هذا، هل هذا يُسخط الله -عز وجل- أم لا؟ نقطة وأوقف تفكيرك على هذا، لأنك إذا تطالع مدح الناس وذم الناس فالناس أهواء، هذا يمدح على شيء وذاك يذم على الشيء نفسه بالظبط، فإرضاء الناس غاية لا تدرك، أما إرضاء الله -عز وجل- غاية تدرك. كيف تُدرك محبة الله -عز وجل؟ بأن أتعلم محاب الله -عز وجل- التي ذكرها في كتابه الكريم، وذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته، وأعمل بها وأجتهد عليها، ستصل إلى محاب الله -عز وجل-، فرضا الله -عز وجل- الوصول إليه سهل وليس صعبا، يبتدئ بالإسلام وأركانه، والإيمان بأركانه، والإحسان والعمل فيه وتمشي على طريق محمد - صلى الله عليه وسلم - الموصل في النهاية الى محاب الله -عز وجل-، وجعل الله -عز وجل- في النهاية الجزاء هو الجنة، قال -تعالى-: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. ذلك الله رب العالمين جاء رجل الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا محمد إن مدحي زينٌ، وإن ذمي شينٌ» فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذلك الله رب العالمين» يعني ليس أنت، ليس كلامك هو الذي يرفع ويخفض، قال ابن القيم تعليقا على تلك الواقعه: «فعليك بمدح من كل الخير بمدحه، واحذر من كل الشر في ذمه» وأجمل منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من التمس رِضا اللهِ بسخَطِ الناسِ، رضِيَ اللهُ عنه، وأرْضى عنه الناسَ، ومن التَمس رضا الناسِ بسخَطِ اللهِ، سخِط اللهُ عليه، وأسخَط عليه الناسَ» فمن أراد الناس خسر الناس وخسر الله -تعالى-، ومن أراد وجه الله -تعالى- وقدم رضاه على غيره رضي عنه وأرضى عنه الناس، فهو الذي إذا مدحك ورضى عنك سخر القلوب لك، وإذا ذمك والله ما ينفعك أحد، كم من جنازة لم يعلم بها أحد أو مشى معها قليل من الناس، ولكن الله أرسل لها جموع أهل السماوات السبع ليشيعوها، وكم من جنازة رجل في هذه الدنيا مشت وراءه جموع من الناس وما مشى معه إلا ملائكة العذاب. احذر أن تكون من هؤلاء! لذا فاحذر من أن تكون أعمالك لتحصيل مرضاة الناس أو للهروب من ذمهم، لكن دع تلك الأمور كلها خلفك فهي لن تنفعك أبدًا، عليك أن تنسى هذه الأمور وضع في هدفك وبوصلتك رضا رب العالمين، وهذا هو معنى الإخلاص الذي ندرسه في كتب العقيدة والتوحيد، واعلم أن تلك القضية هي القضية الأولى في حياتك ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيَّ عن بينة، وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء. الزهد في الثناء والمدح وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين، ويضر ذمه ويشين إلا الله وحده»، واستدل بحديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: يا محمد أعطني فإن مدحي زين وذمي شين، قال: «ذاك الله -عز وجل»، يعني هو الذي مدحه ينفع وذمه يضر، ومع الأسف أننا نغفل عن مثل هذه الأمور ونتشبث بالدنيا ومظاهرها وأهلها، فمَن منا يستحضر حديث: «فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم؟». ذكر الله -تعالى وعلى هذا فعلى الإنسان أن يلهج بذكر الله -جل وعلا- سواء كان خاليًا، أم في ملأ يُذَكِّرُهم بهذا الذكر ويكون له مثل أجورهم، فيذكره الله -جل وعلا- في نفسه إن ذكره في نفسه، ويذكره في ملأ من الملائكة وهم خير من الملأ الذين ذكره فيهم هذا العبد. بعض الناس لو قيل له: إن فلانًا من الوجهاء أو من الأعيان أو من الوزراء أو من الأمراء ذكرك البارحة وأثنى عليك، تجده لا يكاد يَقر له قرار من الفرح! وهذا العبد مثله لا يملك له ضرًا ولا نفعًا ولا يستطيع أن ينفعه بشيء إلا وقد كتبه الله له، ولا يستطيع أن يضره بشيء إلا بشيء قد كتبه الله عليه، فينتبه المسلم لمثل هذه الأمور، ويتعاهد نيته، والنية -كما يقول أهل العلم- شرود. الاهتمام بأعمال القلوب وتبعًا لهذا ينبغي للمسلم أن يهتم بأعمال القلوب، وأن يعتني بها غاية العناية، ولا شك أن القلب عليه المدار، فإذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله، كما في الحديث الصحيح: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»، فعلينا أن نُعنى ونهتم بهذا الأمر، ونسعى في إصلاح قلوبنا بما جاء عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أدوية وعلاجات لأمراض القلوب، ونستفيد ونستعين بما كتبه أهل التحقيق من أهل العلم في هذا الباب، كابن القيم وابن رجب -رحمهما الله-، وعلينا أن نتعاهد هذه القلوب، ونقطع الطرق المؤدية إلى فسادها، فالشيطان هو قاطع الطريق في هذا المجال. كيف نحقق الإخلاص لله -تعالى؟ الإخلاص شرط من شرائط قبول العمل الصالح الذي يبتغى به وجه الله، فإذا لم يكن العمل خالصًا له فإنه حينئذٍ لا يقبل، وإذا لم يكن صوابًا على سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- فإنه لا يقبل، وعلى هذا فعلى كل مسلم أن يسعى جاهدًا في تصحيح نيته، وأن يخلص عمله لله -جل وعلا-، وألّا ينظر في عمله قبله ولا بعده ولا في أثنائه إلى المخلوق، وإنما ينظر إلى الخالق الذي كلفه بهذا العمل. ابن القيم -رحمه الله- في الفوائد يقول: «إذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولًا فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص، فإن قلتَ: وما الذي يسهل علي ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح؟ قلتُ: أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمك يقينًا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلا وبيد الله وحده خزائنه لا يملكها غيره، ولا يؤتي العبد منها شيئًا سواه.اعداد: د. خالد سلطان السلطان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |