|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#261
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الصلاة شرح سنن أبي داود [139] الحلقة (170) شرح سنن أبي داود [139] لخطبة الجمعة أحكام تتعلق بالخطيب وأحكام تتعلق بالمستمعين، فمن أحكامها المتعلقة بالخطيب أن يقصر الخطبة ولا يطيل الموعظة، فيجمع ما ينفع الناس قصراً في تمام، كما أنَّ له أن يقطع الخطبة بكلام من غيرها يخاطب به المستمعين، ويجوز له أن يكلم غيره ويكلمه غيره، وأما أحكام الخطبة المتعلقة بالمستمعين فمنها ترك الاحتباء لكونه داعية إلى النوم، وحرمة الكلام حال الخطبة، والإتيان بركعتي تحية المسجد حال الدخول والإمام يخطب مع التجوز فيهما، وغير ذلك من الأحكام. إقصار الخطب شرح حديث (أمرنا رسول الله بإقصار الخطب) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب إقصار الخطب. حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا العلاء بن صالح عن عدي بن ثابت عن أبي راشد عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقصار الخطب) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب إقصار الخطب] أي: جعلها قصيرة غير مطولة، ويحرص فيها على الإتيان بالكلام الجامع النافع الذي يفهم ويحفظ بدون إطالة، هذا هو المقصود من الترجمة، فإن الخطب تكون قصيرة جامعة ومشتملة على المطلوب من غير تطويل. وأورد أبو داود رحمه الله حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه قال: [(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقصار الخطب)] أي: أن نجعلها قصيرة ولا نطيلها، والترجمة على وفق الحديث وعلى نص الحديث؛ لأن الحديث: [(أمرنا بإقصار الخطب)] والترجمة: [إقصار الخطب] وقد جاءت أحاديث عديدة في ذلك، ومنها الحديث الذي فيه: (إن قصر خطبة الرجل وطول صلاته مئنة من فقهه)، وسبق أن مر حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت خطبته قصداً، وصلاته قصداً). تراجم رجال إسناد حديث (أمرنا رسول الله بإقصار الخطب) قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي ]. محمد بن عبد الله بن نمير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبوه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا العلاء بن صالح ]. العلاء بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن عدي بن ثابت ]. عدي بن ثابت ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي راشد ]. أبو راشد مقبول، أخرج له أبو داود وحده. [ عن عمار بن ياسر ]. عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (كان رسول الله لا يطيل الموعظة يوم الجمعة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد قال: أخبرني شيبان أبو معاوية عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة السوائي رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يطيل الموعظة يوم الجمعة)، يعني: في الخطبة، وقال: [إنما هن كلمات يسيرات] يعني: قليلة الألفاظ، واسعة المعاني كما هو شأنه صلى الله عليه وسلم حيث أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، فيأتي بالكلام القليل المبنى الواسع المعنى، فكلامه عليه الصلاة والسلام جوامع. تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله لا يطيل الموعظة يوم الجمعة) قوله: [ حدثنا محمود بن خالد ]. هو محمود بن خالد الدمشقي، ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الوليد ] هو الوليد بن مسلم الدمشقي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني شيبان ]. هو شيبان بن عبد الرحمن النحوي أبو معاوية ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك بن حرب ]. سماك بن حرب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن جابر بن سمرة ] . هو صحابي رضي الله تعالى عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. الدنو من الإمام عند الموعظة شرح حديث (احضروا الذكر وادنوا من الإمام..) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الدنو من الإمام عند الموعظة. حدثنا علي بن عبد الله حدثنا معاذ بن هشام قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه: قال قتادة : عن يحيى بن مالك عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (احضروا الذكر، وادنوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها) ]. أورد أبو داود رحمة الله عليه [باب: الدنو من الإمام عند الموعظة] أي: عند الخطبة، والمقصود من ذلك أن الإنسان يبكر إلى الجمعة، ويكون قريباً من الإمام حتى يسمع الخطبة، وحتى تكون واضحة عنده، ولا يفوته منها شيء، وقد ورد في هذا أحاديث، منها هذا الحديث الذي أورده أبو داود ، وهو حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(احضروا الذكر، وادنوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها)] فقوله: [احضروا الذكر] يعني الخطبة [وادنوا من الإمام] يعني: حتى تتمكنوا من السماع، وحتى تستوعبوا ما يقوله في خطبته وفي موعظته، ولا تتباعدوا منه فتتعمدون أن تختاروا مكاناً بعيداً منه؛ لأن هذا يفوت عليكم تحصيل الصفوف الأولى التي فيها الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وأيضاً يفوت عليكم سماع الخطبة أو فوات شيء منها عندما لا يقرب أحدكم من الإمام، وقد جاء ذكر الدنو في الحديث الذي فيه قوله: (ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام)، ومر بنا الحديث الذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم: (تقدموا فائتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله)، وهنا في هذا الحديث قال: [(فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها)] يعني: يؤخر في الدخول فلا يستفيد منها كما استفاد منها الذين دخلوها من أول وهلة، أو أنه يؤخر فيها في الدرجات فيكون متأخراً في درجات الجنة، والمقصود من ذلك أن التباعد عن الإمام، وعدم الإتيان إلى الصفوف الأول، وعدم القرب من الإمام وسماع الخطبة يفوت هذه الأمور، ويكون ذلك من أسباب التأخير، إما التأخير عن دخول الجنة وأنه لا يدخلها مع أول من يدخلها، وقد جاء في الحديث: (إن أهل الجنة إذا تجاوزوا النار ومروا على الصراط فإنهم يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار، ويقتص من بعضهم لبعض) وهذا الاقتصاص نتيجته التفاوت في الدرجات في الجنة؛ لأن المظلوم يأخذ من حسنات من ظلمه، ويكون ذلك رفعة له، وذلك الظالم يكون الأخذ نقصاً في حقه، وقلة في درجاته، فليس هناك إلا الحسنات؛ لأن الحقوق التي تكون بين الناس التقاصص فيها إنما هو بالحسنات كما جاء في الحديث: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: يا رسول الله! المفلس فينا من لا درهم عنده ولا متاع) فلما سئلوا هذا السؤال تبادر إلى ذهنهم مفلس الدنيا، وهو الذي ليس عنده درهم ولا متاع، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يريد المفلس حقاً وهو مفلس الآخرة، فقال: (بل هو الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار). تراجم رجال إسناد حديث (احضروا الذكر وادنوا من الإمام..) قوله: [ حدثنا علي بن عبد الله ]. علي بن عبد الله هو ابن المديني ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة في التفسير، وهو من أجل شيوخ البخاري ، وهو الذي قال عنه البخاري : ما استصغرت نفسي إلا عند علي بن المديني . [ حدثنا معاذ بن هشام ]. معاذ بن هشام صدوق ربما وهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه ]. أبوه هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهذه وجادة، حيث وجد الحديث بخط أبيه، ولكنه لم يسمعه منه، والوجادة نوع من أنواع التحمل، ولكنها دون السماع ودون العرض، لكن إذا وجد ما يشهد لها وما يؤيدها فإنها تكون معتبرة. وهذا الراوي قد سمع من أبيه، ولكنه ما سمع منه هذا الحديث، وإنما وجده بخط يده. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن مالك ]. يحيى بن مالك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن سمرة بن جندب ]. هو سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث شرح حديث (خطبنا رسول الله فأقبل الحسن والحسين...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث. حدثنا محمد بن العلاء أن زيد بن الحباب حدثهم قال: حدثنا حسين بن واقد قال: حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل الحسن و الحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنزل فأخذهما فصعد بهما المنبر ثم قال: صدق الله: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15]، رأيت هذين فلم أصبر، ثم أخذ في الخطبة) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث] يعني: إذا كان هناك أمر يقتضي قطع الخطبة فإنه يسوغ قطعها، ويكون قطعها بأن ينزل من المنبر لحاجة أو بأن يأتي بكلام لا علاقة له بالخطبة بل يتعلق بالأمر الذي قطع الخطبة من أجله، ثم يعود إلى خطبته، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب الناس يوم الجمعة، فجاء الحسن و الحسين عليهما ثوبان أحمران يعثران ويقومان، فلما رآهما النبي صلى الله عليه وسلم نزل وحملهما وصعد بهما على المنبر، وقال عليه الصلاة والسلام: [صدق الله: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15] ] ثم قال: [(رأيت هذين فلم أصبر) ثم أخذ في خطبته] فالرسول صلى الله عليه وسلم قطع الخطبة بكونه نزل من المنبر وأخذ الحسن و الحسين وحملهما، ثم بين للناس الأمر الذي دفعه إلى قطع الخطبة، وأنه لم يصبر لما رآهما، وذلك من رأفته وشفقته ورحمته ولطفه صلى الله عليه وسلم، ثم عاد إلى خطبته، وواصل الخطبة بعد أن نزل وأخذ الطفلين وحملهما معه. وفيه كون الإنسان عندما يتضح له ظهور النص ووضوحه يقول: (صدق الله)؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حصل منه عدم الصبر والرأفة بهما والرحمة قال عليه الصلاة والسلام: [صدق الله: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15])] ، فالله تعالى قال: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15] وقال: (صدق الله)؛ لأن هذا الشيء عندما حصل سببه وعندما حصل ذلك الشيء الذي اقتضاه أظهر مدى حصوله وانطباقه، وأن الله عز وجل صادق فيما قال؛ لأن هذه القضية وهذه الواقعة مما يوضح هذا، ومما يدل بجلاء ووضوح على هذا الشيء، فالأموال والأولاد فتنة، يفتن الناس بمحبتهم وبالانشغال بهم، وهكذا يقال عند الأمور المناسبة وعند الأمور التي فيها وضوح وجلاء في انطباق النص على قضية من القضايا، وتكون في غاية الوضوح، ومثله الحديث الذي فيه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سأل أميره بمكة: من وليت على أهل مكة؟ قال: وليت عليهم ابن أبزى ، قال: ومن ابن أبزى ؟ قال: مولى من الموالي، قال: وليت عليهم مولى؟! قال: إنه عالم بكتاب الله، عارف بالفرائض، قال: صدق محمد صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً، ويضع به آخرين). تراجم رجال إسناد حديث (خطبنا رسول الله فأقبل الحسن والحسين...) قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أنَّ زيد بن الحباب حدثهم ]. زيد بن الحباب صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا حسين بن واقد ]. حسين بن واقد ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الله بن بريدة ]. هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب ، وهو تابعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه]. هو بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. الاحتباء والإمام يخطب شرح حديث (نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الاحتباء والإمام يخطب. حدثنا محمد بن عوف حدثنا المقرئ حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب) ]. أورد أبو داود رحمه الله [باب: الاحتباء والإمام يخطب] والاحتباء المقصود به أن الإنسان يجلس على إليتيه وينصب ساقيه ثم يأتي بقطعة من القماش ويشدها على ظهره وعلى مقدم ساقيه، فيكون جالساً على هذه الهيئة، وقد تستعمل اليدان بدل القطعة من القماش بأن يضم يديه على ساقيه، فيكون محتبياً. وأورد أبو داود رحمه الله حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب)] والحكمة من ذلك أن هذا يجلب النوم، ويؤدي إلى انتقاض الوضوء، فأرشد عليه الصلاة والسلام إلى البعد عن الشيء الذي يكون سبباً في جلب النوم، وما يترتب عليه من انتقاض الوضوء، فالنوم من أسباب نقض الوضوء، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (العين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)، فكون الإنسان يجلس على هذه الهيئة يكون سبباً في نومه، والنوم يترتب عليه انتقاض الوضوء بأن يخرج منه ريح، فيترتب على ذلك أن يقوم ويترك الخطبة ويتوضأ، فيفوت على نفسه حضور الخطبة، وقد تفوته الصلاة أو يفوته شيء من الصلاة، فأرشد عليه الصلاة والسلام إلى عدم هذا الفعل، ونهى عن هذه الحبوة والإمام يخطب. والاحتباء له معنى آخر، وهو الذي جاء في الصحيحين وفي غيرهما من النهي عن اشتمال الصماء، وعن الاحتباء في الثوب الواحد، وهو أن يجلس ويلف على نفسه ثوباً واحداً، وقد نهي عن هذا لأنه قد تبدو عورته من فوق إذا لم يكن عليه لباس آخر، وهذا الاحتباء غير المنهي عنه يوم الجمعة، فهذا نهي عنه من أجل أنه يأتي بالنوم، وأما ذاك فمن أجل انكشاف العورة من فوق. والنهي عن الاحتباء يوم الجمعة للتنزيه، ولهذا جاء عن كثير من السلف أنهم كانوا يحتبون، فلعلهم فهموا أنه للتنزيه أو ما بلغهم الحديث. وفيه دليل على أن الاستناد يوم الجمعة في ذلك المقام مكروه؛ لأن الاحتباء منهي عنه حتى لا يأتي النوم، والإنسان إذا كان مستنداً فهذا أدعى إلى أن ينام وأن يستغرق في النوم، ولا شك في أن العلة في النهي عن الاحتباء موجودة في هذا وأكثر. تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب ...) قوله: [ حدثنا محمد بن عوف ]. محمد بن عوف ثقة أخرج حديثه أبو داود و النسائي في مسند علي . [ حدثنا المقرئ ]. هو عبد الله بن يزيد المقرئ المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد بن أبي أيوب ]. سعيد بن أبي أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مرحوم ]. هو أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون ، وهو صدوق أخرج له أصحاب السنن. [ عن سهل بن معاذ بن أنس ]. سهل بن معاذ بن أنس لا بأس به، وهذه العبارة بمعنى: [صدوق) عند الحافظ ابن حجر ، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. هو معاذ بن أنس رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . شرح أثر احتباء الصحابة حال خطبة الجمعة قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا داود بن رشيد حدثنا خالد بن حيان الرقي حدثنا سليمان بن عبد الله بن الزبرقان عن يعلى بن شداد بن أوس أنه قال: شهدت مع معاوية رضي الله عنه بيت المقدس، فجمع بنا، فنظرت فإذا جل من في المسجد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيتهم محتبين والإمام يخطب. قال أبو داود : كان ابن عمر يحتبي والإمام يخطب، و أنس بن مالك ، و شريح ، و صعصعة بن صوحان ، و سعيد بن المسيب ، و إبراهيم النخعي ، و مكحول ، و إسماعيل بن محمد بن سعد ، و نعيم بن سلامة قال: لا بأس بها. قال أبو داود : ولم يبلغني أن أحداً كرهها إلا عبادة بن نسي ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن يعلى بن شداد بن أوس ، وهو تابعي يحكي أنه حضر بيت المقدس مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه، فجمع بالناس، قال: [فرأيت جل من في المسجد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ورأيتهم محتبين والإمام يخطب ] يعني: قد اتخذوا الحبوة، ثم ذكر أبو داود أن هذا فعله عبد الله بن عمر و أنس وعدد كثير من التابعين، وأنهم كانوا لا يرون بأساً بالاحتباء يوم الجمعة والخطيب يخطب، وقال أبو داود : [لم يبلغني أن أحداً كرهها إلا عبادة بن نسي ]، لكن جاء هذا عن غيره، وهؤلاء الذين جاء عنهم الاحتباء منهم عدد جاء عنهم أيضاً كراهية الاحتباء كما في عون المعبود، والذي يظهر من صنيع أبي داود أنه لا يرى النهي من الاحتباء، وأنه يرى جوازه، ولهذا بوب الترجمة بقوله: [الاحتباء والإمام يخطب] وما قال: النهي عن الاحتباء والإمام يخطب، ثم ذكر هذا العدد من الصحابة والتابعين الذين يرون أن الاحتباء لا بأس به، وروى هذا الأثر الذي فيه أن جل الحاضرين كانوا محتبين وهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الذي فيه النهي حديث حسن ثابت، والعمل به هو الذي ينبغي، ولعل هؤلاء الذين لم يأخذوا به ما بلغهم أو لم يصح عند أحد منهم، أو أنه بلغهم ولكنهم رأوا أنه من قبيل كراهة التنزيه، وأن الاحتباء جائز وليس بمحرم. تراجم رجال إسناد أثر احتباء الصحابة حال خطبة الجمعة قوله: [ حدثنا داود بن رشيد ]. داود بن رشيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا خالد بن حيان الرقي ]. خالد بن حيان الرقي صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا سليمان بن عبد الله بن الزبرقان ]. سليمان بن عبد الله بن الزبرقان لين الحديث، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن يعلى بن شداد بن أوس ]. يعلى بن شداد بن أوس صدوق، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . تراجم من روي عنهم الاحتباء في خطبة الجمعة قوله: [ قال أبو داود : كان ابن عمر رضي الله عنهما يحتبي والإمام يخطب ]. و ابن عمر هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ و أنس بن مالك ]. هو أنس بن مالك الصحابي الجليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ و شريح ]. هو شريح بن الحارث القاضي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و النسائي ، ولم يخرج له أبو داود ، وذكره هنا إنما هو مجرد إخبار عن رأيه في مسألة فقهية، وليس هو من رجال أبي داود . [ و صعصعة بن صوحان ]. صعصعة بن صوحان ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ و سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب أحد الفقهاء السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ و إبراهيم النخعي ]. هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و مكحول ]. هو مكحول الشامي ، ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ و إسماعيل بن محمد بن سعد ]. هو إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود . [ و نعيم بن سلامة قال: لا بأس بها ]. نعيم بن سلامة ليس له رواية في الكتب الستة، والظاهر أن أولئك كلهم قالوا: لا بأس بها؛ لأنه ذكر أن ابن عمر كان يحتبي والإمام يخطب، ثم قال: وأنس بن مالك ... إلخ. قوله: [ قال أبو داود : ولم يبلغني أن أحداً كرهها إلا عبادة بن نسي ]. عبادة بن نسي ثقة، أخرج له أصحاب السنن. الكلام والإمام يخطب شرح حديث (إذا قلت أنصت والإمام يخطب ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الكلام والإمام يخطب. حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قلت: أنصت والإمام يخطب فقد لغوت) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [الكلام والإمام يخطب] وهذا لا يجوز، وذلك لأنه يشغل عن الخطبة، ويجب على الإنسان أن ينصت وأن يستمع لها، وأن لا يتشاغل بأي شيء يشغل عنها حتى بأن يقول لإنسان: أنصت والإمام يخطب، فإن هذا من اللغو المذموم. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(إذا قلت لصاحبك: أنصت والإمام يخطب؛ فقد لغوت)] فهذه الكلمة التي فيها أمر بمعروف لغو في الخطبة، فدل هذا على أن ما سواها وما هو أكثر منها من باب أولى، وأن الإنسان ليس له أن يتشاغل عن الخطبة بأي شاغل، قال بعض أهل العلم: إذا كان هناك أحد يتحدث ويشوش على الناس فإنه يشير إليه إشارة حتى يسكت؛ لأن المقصود هو الاستماع للخطبة، وإذا وجد أناس يتحدثون ويشوشون على الناس فلا يحصل التمكن من استماع الخطبة إلا بإسكاتهم، فإذا كان هناك أمر يقتضي ذلك فإنه يشير إلى المتحدث إشارة، وإذا ما اندفع بالإشارة فله أن يكلمه بكلام مختصر؛ لأن الحكمة التي من أجلها نهي عن قول (أنصت) أن يسمع الناس الخطبة، فإذا ترك حصل التشويش على الناس. تراجم رجال إسناد حديث (إذا قلت أنصت والإمام يخطب ...) قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة ]. تقدم ذكر هؤلاء الخمسة كلهم.
__________________
|
#262
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح حديث ( يحضر الجمعة ثلاثة نفر ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد عن حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يحضر الجمعة ثلاثة نفر: رجل حضرها يلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله عز وجل إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحداً فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله عز وجل يقول: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الأنعام:160]) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(يحضر الجمعة ثلاثة نفر)] وهؤلاء الثلاثة النفر كل له حالة يتميز بها عن غيره، فواحد من الثلاثة حضر يلغو، فهو منشغل عن الخطبة باللغو، فهذا هو نصيبه منها، ما حصل له إلا اللغو، وما حصل له إلا المضرة، وما حصل له إلا الإثم؛ لأنه كان يلغو في الخطبة. قوله: [(ورجل حضرها يدعوا فهو رجل دعا الله عز وجل إن شاء أعطاه وإن شاء منعه)] يعني: انشغل عن الخطبة بالدعاء، وصار الخطيب في واد وهو في واد آخر، فهو مشغول بالدعاء يدعو، ولم يستمع للخطبة، فهذا سأل الله شيئاً فأمره إلى الله إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، وليس للإنسان أن يدعو في أثناء الخطبة، بل عليه أن يسمع، وهذا الذي يدعو أثناء الخطبة إن شاء الله لم يعاقبه وأعطاه وإن شاء منعه وعاقبه على انصرافه عن الخطبة، وانشغاله عنها بحظوظ دنيوية وحظوظ يريدها لنفسه. قوله: [(ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم، ولم يؤذ أحداً، فهي كفارة له إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام)] وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها، فهذا الحديث يوضح أن الإنسان إذا قام بهذه الأمور المطلوبة منه وأنصت للخطبة ولم يؤذ أحداً من الناس ولم يتخط رقاب الناس فإن ذلك يكون كفارة لما بينه وبين الجمعة السابقة وزيادة ثلاثة أيام؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها. تراجم رجال إسناد حديث (يحضر الجمعة ثلاثة نفر) قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو كامل ]. هو الفضيل بن حسين الجحدري ، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن يزيد ]. يزيد بن زريع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حبيب المعلم ]. حبيب المعلم صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن شعيب عن أبيه ]. عمرو بن شعيب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. وأبوه هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو ، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة، وأصحاب السنن. و عبد الله بن عمرو هو جده، وهنا فيه توضيح الجد؛ لأن كثيراً ما يأتي (عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده)، وهنا بيان أن الجد هو عبد الله بن عمرو ، وقد سبق أن مر بنا أن الحافظ ابن حجر قال: قد صح سماع شعيب بن محمد من جده عبد الله بن عمرو . وبهذا يكون الإسناد متصلاً؛ لأنه إذا كان شعيب يروي عن جده عبد الله بن عمرو فيكون متصلاً، لكن لو كان المقصود بالجد هو جد عمرو ، وهو محمد والد شعيب فهو تابعي، فيكون الحديث مرسلاً، ولكن في بعض الروايات يسمى الجد، وأن المراد به عبد الله بن عمرو كما هنا، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أخرج له أصحاب الكتب الستة. استئذان المحدث الإمام شرح حديث (إذا أحدث أحدكم في صلاته ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: استئذان المحدث الإمام. حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي حدثنا حجاج حدثنا ابن جريج أخبرني هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف). قال أبو داود : رواه حماد بن سلمة و أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لم يذكرا عائشة رضي الله عنها ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب: استئذان المحدث الإمام] يعني أنَّ الإنسان إذا أحدث هل يستأذن الإمام في الانصراف أو لا يستأذنه؟ والجواب: لا يستأذنه، وإنما يفعل ما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وهو أن يجعل يده على أنفه ثم ينصرف، بدون استئذان، قال بعض أهل العلم: لا يستأذن، وقول الله عز وجل: وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ [النور:62] المقصود به الجهاد، وليس المقصود به في أي مكان من الأمكنة، فالجمعة من المواضع التي لا يحتاج فيها إلى استئذان، وقد ذكر صاحب عون المعبود أن ابن أبي شيبة روى بإسناده عن محمد بن سيرين أنه قال: (إنهم كانوا يستأذنون إذا حصل من أحد منهم حدث، فلما جاء زمن زياد وكثر الناس قال: من حصل منه شيء فليضع يده على أنفه ولا يستأذن. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة، وفيه أنه لا يحتاج من حضر الجمعة إلى استئذان، بل فيه إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان إذا أحدث في صلاته إلى أن يضع يده على أنفه وينصرف، وكونه يضع يده على أنفه من أجل أن يوري بأنه رعف، وليس المقصود من ذلك أنه حصل منه رعاف، فهذا فيه تورية وستر على الإنسان الذي حصل منه شيء لا يعجبه. ومن باب التورية والفطنة أن جماعةً كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج من أحدهم ريح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يستحي من الحق، ليقم المحدث وليتوضأ) فكأنه ما قام أحد، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ألا نقوم كلنا فنتوضأ يا رسول الله؟ قال: (بلى. فقاموا وتوضئوا) وهذا فيه ستر للمحدث، وحصل المقصود من وضوئه، وغيره جددوا الوضوء، فهذا من الذكاء ومن الدهاء ومن الفطنة، ويحصل به الستر، فبعض الناس قد ينتقد ويهزأ ممن صدر منه ذلك، وقد جاء في الحديث: ( علام يضحك أحدكم مما يفعل) . تراجم رجال إسناد حديث (إذا أحدث أحدكم في صلاته ...) قوله: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي ]. إبراهيم بن الحسن المصيصي ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ حدثنا حجاج ]. هو حجاج بن محمد المصيصي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال أبو داود : رواه حماد بن سلمة و أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكرا عائشة رضي الله عنها ]. حماد بن سلمة ثقة أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. وأبو أسامة هو حماد بن أسامة، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقوله: [عن هشام عن أبيه، لم يذكرا عائشة] يعني أنه مرسل. إذا دخل الرجل والإمام يخطب شرح حديث (قم فاركع) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: إذا دخل الرجل والإمام يخطب. حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن عمرو -وهو ابن دينار - عن جابر رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: أصليت يا فلان؟ قال: لا، قال: قم فاركع) ]. أورد أبو داود [باب: إذا دخل الرجل والإمام يخطب] يعني: ماذا يفعل؟ هل يجلس أو يصلي؟ والجواب: يصلي ركعتي تحية المسجد، وقد أورد أبو داود حديث جابر رضي الله تعالى عنه: [(أن رجلاً جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: أصليت يا فلان؟ قال: لا. قال: قم فاركع)] فدل هذا على أن الداخل إذا دخل والإمام يخطب فإن عليه أن يركع ركعتين، وقد جاء في بعض الروايات -كما سيأتي- أنه يتجوز فيهما، أي: يصليهما خفيفتين حتى يفرغ منهما ويستمع للخطبة. وهذا فيه جواز كون الخطيب يكلم غيره، وكذلك غيره يكلمه؛ لأنه قال: [(أصليت؟ قال: لا، قال: قم فاركع)] وفيه جواز قطع الخطبة ومخاطبة الإمام أحداً من الناس، وكذلك أيضاً أن يخاطب الإمام أحد الحاضرين. تراجم رجال إسناد حديث (قم فاركع) قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد غير منسوب، فهو مهمل، وسليمان بن حرب يروي عن حماد بن سلمة وعن حماد بن زيد ، و عمرو بن دينار يروي عنه حماد بن سلمة وحماد بن زيد ، ويقولون في ترجمة الشخص الذي يرويان عنه: روى عنه الحمادان، أي: حماد بن سلمة وحماد بن زيد ، وهما بصريان في طبقة واحدة، ولكن كيف يعرف أنه حماد بن زيد أو حماد بن سلمة مع أن سليمان يروي عن الاثنين، وعمرو بن دينار روى عنه الاثنان؟ ذكر المزي بعد ترجمة حماد بن سلمة في كتابه تهذيب الكمال فصلاً ذكر فيه ما يمكن أن يعرف به هل هو حماد بن زيد أو حماد بن سلمة ، وذكر فيه أن بعض الرواة لم يرووا إلا عن واحد منهما، فإذا أهمل فمعناه أنه الذي روى عنه؛ لأنه لم يرو عن الآخر، وبعضهم روى عن الاثنين لكن ذكر أن بعض الرواة مثل عفان إذا أراد حماد بن زيد فإنه ينسبه ويقول: حماد بن زيد ، وإذا أراد حماد بن سلمة فإنه لا ينسبه أحياناً، فإذا أهمل عفان حماداً فهو حماد بن سلمة ، قال: وعلى العكس من ذلك سليمان بن حرب ، فهنا المراد به حماد بن زيد . [ عن عمرو بن دينار ]. ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. تقدم ذكره. شرح حديث (صل ركعتين وتجوز فيهما) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن محبوب وإسماعيل بن إبراهيم المعنى، قالا: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، وعن أبي صالح عن أبي هريرة قالا: (جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: أصليت شيئا؟ قال: لا، قال: صل ركعتين وتجوز فيهما) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب] أي: فإن عليه أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ولا يجلس قبل أن يصليهما، وقد مر حديث جابر رضي الله تعالى عنه: (أن رجلاً جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: أصليت يا فلان؟ قال:لا، قال: قم فاركع) وأورد أبو داود رحمه الله حديث جابر من طريق أخرى، وهذه الطريق جاءت أيضاً عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وفيها تسمية الرجل الذي دخل، وهو سليك الغطفاني ، قالا: [(جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: أصليت؟ قال: لا، قال: صل ركعتين وتجوز فيهما)] أي: صل ركعتين وخففهما، وذلك ليتمكن من سماع الخطبة، وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا دخل والخطيب يخطب يوم الجمعة فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتي تحية المسجد. وفيه جواز كلام الخطيب لبعض الحاضرين، وكلام بعض الحاضرين معه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خاطبه وسأله وأجابه سليك رضي الله عنه، فهذا يدل على جواز الكلام من الخطيب مع غيره وكذلك كلام غيره معه، ومثل هذا ما جاء في قصة الرجل الذي دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: (هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا) فهذا فيه دليل على أن كلام الخطيب مع غيره، وكلام غيره معه غير داخل في قوله: (إذا قلت لصحابك والإمام يخطب: أنصت فقد لغوت)؛ لأن هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكل يعمل به فيما ورد، ولا تنافي بينهما، فكلاهما جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وفي هذا الحديث تأكد تحية المسجد، والحرص عليها، ويدل على أن الإنسان إذا دخل المسجد في أي وقت من أوقات النهي فإنه يصلي ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص لهذا أن يجلس دون أن يصلي ركعتين مع أن الخطيب يخطب، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على وجوب الإنصات، وما يدل على أن الإنسان لو تكلم مع غيره ولو كان آمراً بمعروف أو ناهياً عن منكر فإن ذلك لغو، فدل هذا على تأكد الإتيان بتحية المسجد في جميع الأوقات، وأن تحية من ذوات الأسباب التي لا يتركها الإنسان. وقوله: [(قم صل ركعتين وتجوز فيهما)] فيه دلالة على أن الإنسان لا يزيد على الركعتين إذا جاء والإمام يخطب، وقوله أيضاً: [(ركعتين)] يدل على أنه لا يصلي أقل من ركعتين؛ لأن التنفل لا يكون إلا بركعتين، والتنفل بركعة واحدة غير سائغ، ولم يرد إلا في الوتر ركعة واحدة يوتر بها العدد الذي سبقها، فأقل ما يتنفل به الإنسان ركعتين، فإذا دخل الرجل والخطيب يخطب فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين. وقوله في الحديث: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) ليس المقصود من ذلك أنه لا يزيد عليهما، بل له أن يزيد عليهما ما دام أن الوقت ليس فيه خطبة، فله أن يصلي ركعتين أو أربعاً أو ستاً، كل ركعتين يسلم منهما، ولكن إذا كان الخطيب يخطب فإنه يصلي ركعتين ولا يزيد عليهما، بل يخففهما حتى يتمكن من سماع الخطبة. تراجم رجال إسناد حديث (صل ركعتين وتجوز فيهما) قوله: [ حدثنا محمد بن محبوب و إسماعيل بن إبراهيم ]. محمد بن محبوب ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي . وإسماعيل بن إبراهيم هو القطيعي ، وهو من شيوخ أبي داود ، ويأتي كثيراً إسماعيل بن إبراهيم وهو ابن علية ، ولكنه في طبقة أعلى من طبقة شيوخ أبي داود ، فإن أبا داود يروي عنه بواسطة، وهذا يأتي قليلاً، وهو إسماعيل بن إبراهيم القطيعي ، وأما إسماعيل بن إبراهيم المشهور بابن علية فهو من طبقة شيوخ شيوخه، ويأتي ذكره منسوباً إسماعيل بن إبراهيم ، ويأتي ذكره مهملاً فيقال: إسماعيل ، فإذا جاء في طبقة شيوخه -كما هنا- فالمراد به القطيعي ، وإذا جاء إسماعيل بن إبراهيم في طبقة شيوخ شيوخه فهو المشهور بابن علية ، و إسماعيل بن إبراهيم القطيعي هذا ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . قوله: [ المعنى ] أي أن رواية هذين الشيخين -وهما محمد بن محبوب و إسماعيل بن إبراهيم القطيعي - متفقة في المعنى مع اختلافها في الألفاظ. [ حدثنا حفص بن غياث ] . حفص بن غياث ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سفيان ]. أبو سفيان هو طلحة بن نافع، وهو صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ وعن أبي صالح ]. أبو صالح هو ذكوان السمان ، اسمه ذكوان ، ولقبه السمان أو الزيات ، كان يجلب السمن والزيت، فلقب بالسمان ولقب بالزيات ، وهي نسبة إلى مهنة ونسبة إلى حرفة، كما يقال: نجار وحداد وخباز، وما إلى ذلك، فتأتي هذه الصيغة والمراد بها الحرفة والمهنة والعمل الذي يشتغل به الإنسان. وأبو صالح مشهور بكنيته، ويأتي كثيراً بكنيته، واسمه ذكوان ، ولقبه السمان والزيات ، وهو مدني ثقة مكثر من الرواية عن أبي هريرة ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق عن النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن أبي هريرة وعن الصحابة أجمعين. شرح حديث (إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر عن سعيد عن الوليد أبي بشر عن طلحة أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث أن سليكاً جاء، فذكر نحوه، زاد: ثم أقبل على الناس قال: (إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين يتجوز فيهما) ]. أورد أبو داود حديث جابر من طريق أخرى، وهي بمعنى الطريق السابقة، ولكن فيها زيادة قوله صلى الله عليه وسلم: [(إذا دخل أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين يتجوز فيهما)] وهذه الجملة فيها رد على من يقول من أهل العلم: إن الإنسان إذا دخل المسجد والإمام يخطب فإنه يجلس ولا يصلي ركعتين، ويجيبون عن قصة سليك الغطفاني بأعذار متعددة ليست بشيء أمام هذه النصوص، ومنها قولهم: إنه كان فقيراً، وكانت ثيابه بالية، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم حتى يراه الناس من أجل أن يتصدقوا عليه، فإن هذه الجملة التي جاءت في هذا الحديث قاعدة عامة، وتشريع عام، وليس المقصود منها أن هذا الشخص يقوم حتى يراه الناس، ولهذا قال: [(إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين يتجوز فيهما)] وهذا واضح الدلالة على أن هذا تشريع وحكم شرعي ثابت مستقر عام، وليس خاصاً بهذا الرجل، وليس المقصود منه مراعاة فقره وتنبيه الناس إلى فقره وقلة ذات يده، فإن هذا لا يستقيم مع وجود هذه الجملة التي فيها بيان الحكم العام والتشريع العام للناس. تراجم رجال إسناد حديث (إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين ...) قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن جعفر ]. محمد بن جعفر هو الملقب غندر البصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد ] . هو سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الوليد بن مسلم أبي بشر ]. هو ثقة أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأبو داود والنسائي . [ عن طلحة ]. طلحة بن نافع هو أبو سفيان الذي جاء في الإسناد السابق بكنيته، وذكر هنا باسمه، وهذا فيه إشارة إلى نوع من أنواع علوم الحديث، وهو معرفة الكنى، وفائدة معرفة هذا النوع من أنواع علوم الحديث أن لا يظن الشخص الواحد شخصين؛ لأنه إذا ذكر مرة طلحة ومرة أبا سفيان فالذي لا يعرف أن أبا سفيان هو طلحة يظن أن أبا سفيان شخص، وأن طلحة شخص آخر، لكن من عرف أن طلحة بن نافع كنيته أبو سفيان وأنه يأتي أحياناً بكنيته، وأحياناً باسمه فإنه لا يرد عليه هذا الوهم. [ عن جابر بن عبد الله ]. مر ذكره. الأسئلة حكم قول: (صدق الله العظيم) السؤال: هل يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدق الله: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15]) على جواز قول: (صدق الله العظيم) في نهاية تلاوة القرآن؟ الجواب: هذه تختلف عن هذه؛ لأن هذا جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم عند مناسبة ظهر فيها تماماً انطباق الآية على هذه الواقعة، وهي كون النبي صلى الله عليه وسلم ما صبر على أن يرى ولديه يعثران فنزل وأشفق عليهما وحملهما، وأما قضية كونه يقال بعد انتهاء القراءة: (صدق الله العظيم) فلا يوجد شيء يدل عليه، والصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يفعلون هذا، فهذا شيء وهذا شيء، هذا ورد ما يدل عليه، وهذا لم يرد ما يدل عليه. حال حديث (احضروا الذكر وادنوا من الإمام ...) السؤال: حديث سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (احضروا الذكر، وادنوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها) قال المعلق : في إسناده انقطاع. فأين الانقطاع؟ الجواب: لعله عدم اتصاله بين معاذ بن هشام وبين أبيه. حكم النظر في الساعة وحك الجلد حال الخطبة السؤال: هل النظر في الساعة ولمس اللحية وحك الجلد والإمام يخطب يدخل في ضمن اللغو؟ الجواب: كون الإنسان يحك جلده إذا حصل فيه حكة لا يؤثر، وإنما المحذور هو التشاغل عن الخطبة، وهكذا كونه ينظر في الساعة ليس من قبيل اللغو، وأما كونه يخرج الساعة إذا كانت في جيبه فهذا من جنس لمس الحصى، وأما كونه ينظر إلى الساعة وهي في يده فلا بأس به. حكم الكلام بين الخطبتين وقبل الخطبة السؤال: ما حكم الكلام بين الخطبتين وقبل الخطبة؟ الجواب: الكلام بين الخطبتين لا بأس به، والكلام والخطيب على المنبر والمؤذن يؤذن لا بأس به، أي: قبل أن يبدأ في الخطبة، وإنما الممنوع الكلام أثناء الخطبة. حكم الزكاة على أموال اليتامى السؤال: هل على مال الأيتام زكاة مع أنه ليس لهم مورد سوى الضمان الاجتماعي؟ الجواب: اليتيم الذي عنده مال وحال عليه الحول يزكي؛ لأن كل مال يزكى، سواءٌ أكان ليتيم، أم لصغير، أم لكبير، أم لمجنون، ووليه هو الذي يقوم بإخراج الزكاة منه؛ لأن الزكاة مفروضة في مال الأغنياء، ومن كان غنياً أخذ من ماله مقدار الزكاة، ولا فرق في ذلك بين كبير وصغير، وإذا كان ما يعطى هؤلاء الأيتام يأكلونه ولا يبقى عندهم منه شيء فلا زكاة عليهم، وإنما الزكاة في المال الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول. حكم من أدرك التشهد من صلاة الجمعة السؤال: من حضر الجمعة والإمام في التشهد هل يصليها ركعتين أم ظهراً؟ الجواب: إذا فاته الركوع من الركعة الثانية فإنه يصليها ظهراً ولا يصليها جمعة؛ لأن الجمعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة، وأما إذا لم يدرك الركعتين معاً فإنه يدخل مع الإمام، ويحصل أجر الجماعة، ولكن يصليهما ظهراً، ولكن إذا صلى الإمام الجمعة قبل الزوال فإنه يصلي ركعتين نافلة بعد ما يسلم الإمام؛ لأن الظهر لا يجوز أن يؤتى بها قبل الزوال، وإنما يؤتى بها بعد الزوال، ولكن إذا أدرك ركعة واحدة فيضيف لها أخرى، وبذلك يكون قد أدرك الجمعة. أول علامات الساعة ظهوراً السؤال: ما هو أصح الأقوال في أول علامات الساعة ظهوراً من العلامات الكبرى؟ الجواب: لا أعلم، لكن من أولها خروج المهدي ، وبعده ينزل عيسى ابن مريم، وكذلك تفتح يأجوج ومأجوج في زمن نزول عيسى."
__________________
|
#263
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الصلاة شرح سنن أبي داود [140] الحلقة (171) شرح سنن أبي داود [140] لصلاة الجمعة شأن عظيم، ولذا حفت بجملة من الأحكام الشرعية التي تميزها عن غيرها وترفع من شأنها، ومن تلك الأحكام منع تخطي الرقاب فيها إلا لإمام أو لواجد فرجة لم يسدها غيره، وكذلك أمر الناعس فيها بأن يتحول عن مكانه حتى ينشط ويستمع الذكر، ومن جملة أحكامها المهمة أنها خصصت بقراءة سورة معينة تذكر الناس ببعض أمور دينهم ومعادهم. تخطي رقاب الناس يوم الجمعة شرح حديث (اجلس فقد آذيت) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة. حدثنا هارون بن معروف حدثنا بشر بن السري حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية أنه قال: كنا مع عبد الله بن بسر رضي الله عنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فجاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال عبد الله بن بسر : (جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اجلس فقد آذيت) ]. أورد أبو داود [ باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة ]، ولا يجوز لإنسان أن يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة وكذلك في غير الجمعة، وعلى الإنسان أن يأتي مبكراً ويجلس في الأماكن المتقدمة دون أن يتخطى رقاب الناس، لا أن يأتي متأخراً ثم يتخطى رقاب الناس من أجل أن يجلس في مكان متقدم، ولتتم الصفوف الأول فالأول، ولا ينشأ الصف الثاني إلا إذا امتلأ الصف الأول، ولا ينشأ الصف الثالث إلا إذا امتلأ الصف الثاني، ولا ينشأ الصف الرابع إلا إذا امتلأ الصف الثالث وهكذا، وبذلك يكون كل من جاء يجلس حيث ينتهي به المجلس، أو يقف حيث ينتهي به الموقف، ولكن إذا كان إماماً، وكان مجيئه من الخلف فإن له أن يتخطى رقاب الناس؛ لأنه لا سبيل له إلى وصوله إلى المنبر إلا من هذا الطريق، وهذا إذا كان لا يوجد هناك باب عند المنبر أو في الصف الأول، وإنما الباب في آخر المسجد، وكذلك من رأى فرجة لا يصل إليها إلا بتخطي الرقاب فله أن يذهب إليها؛ لأنه كان على الذين وراء هذه الفرجة أن يسدوها، وأن لا يحوجوا غيرهم إلى أن يتخطى رقابهم من أجل أن يصل إلى هذه الفرجة، أما أن لا يكون هناك فرج، فيأتي الإنسان من أجل أن يدخل نفسه بين الناس، ويضيق عليهم، ويزاحمهم في صلاتهم عندما يصفون؛ فإن هذا لا يسوغ ولا يجوز، فلا يجوز للإنسان إذا دخل والإمام يخطب -وكذلك في أي وقت من الأوقات- أن يتخطى رقاب الناس إلا إذا كان إماماً وليس له طريق إلا بأن يقطع الصفوف، وكذلك من رأى فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي؛ لأن الذين تركوا الأماكن المتقدمة هم المقصرون، وكان عليهم أن يتقدموا ويسدوا تلك الفرج. وأورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له: [ (اجلس فقد آذيت) ] والمقصود من ذلك أن يجلس ولا يتخطى، وقد عرفنا أنه لا بد من أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس، فلعله صلى ركعتين عندما دخل المسجد ثم أراد أن يتقدم من أجل أن يحصل مكاناً متقدماً، فأمره أن يجلس دون أن يصلي؛ لأن تحية المسجد وجدت منه من قبل، أما إذا كان دخل المسجد ولم يصل وإنما جاء يتخطى فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين. وفي هذا الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا التخطي أذى، وأن الإنسان يكون بذلك قد آذى الذين تخطى رقابهم أو ضيق عليهم، فيجب على الإنسان أن يجلس حيث ينتهي به المجلس، ويقف حيث ينتهي به الموقف، وليس له أن يتخطى الرقاب، ولا أن يخترق صفاً إلى صف آخر إلا إذا كان إماماً لا يصل إلى مكانه إلا بهذه الطريق أو رأى فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي فإن له ذلك. وفيه أن الخطيب له أن يكلم غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهذا الرجل: [ (اجلس فقد آذيت) ] فهذا فيه دليل على أن الخطيب له أن يكلم غيره في خطبته، وكذلك غيره له أن يكلمه، مثلما حصل في قصة سليك الغطفاني المتقدمة. والتخطي منهي عنه في يوم الجمعة وغير الجمعة، ولكنه يتأكد النهي عنه في الجمعة. والظاهر أن هذا الرجل كان قد صلى، ويحتمل أن يكون ذلك حصل قبل أن يبين النبي صلى الله عليه وسلم للناس أن من دخل المسجد يوم الجمعة فلا يجلس حتى يصلي ركعتين، كما تقدم في قوله: (إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين يتجوز فيهما). تراجم رجال إسناد حديث (اجلس فقد آذيت) قوله: [ حدثنا هارون بن معروف ]. هارون بن معروف ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود . [ حدثنا بشر بن السري ]. بشر بن السري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معاوية بن صالح .]. هو معاوية بن صالح بن حدير، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الزاهرية ]. هو حدير بن كريب، وهو صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عبد الله بن بسر ]. عبد الله بن بسر رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. الرجل ينعس والإمام يخطب شرح حديث (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الرجل ينعس والإمام يخطب. حدثنا هناد بن السري عن عبدة عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة [ الرجل ينعس والإمام يخطب ] يعني: ماذا يصنع؟ والجواب أنه يتحول من مكانه إلى مكان آخر، وذلك لينتقل من هذا المكان الذي حصلت له فيه الغفلة إلى مكان آخر لعل الغفلة تذهب فيه عنه، ويمكن أن تكون هذه الحركة سبباً في ذهاب النوم. وأورد الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره) ] وهذا لفظ عام، وليس فيه ذكر وقت الخطبة، وهو عام في كونه في المسجد، سواءٌ أكان في جمعة أم في غير جمعة، وسواءٌ أكان في الخطبة أم في غير الخطبة، ولكنه جاء عند الترمذي هذا القيد: (والإمام يخطب). تراجم رجال إسناد حديث (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول ...) قوله: [ حدثنا هناد بن السري ] . هو هناد بن السري أبو السري، ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) ومسلم وأصحاب السنن الأربعة. [ عن عبدة ]. هو عبدة بن سليمان ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن إسحاق ]. محمد بن إسحاق صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة و ابن عمر و ابن عباس و أبو سعيد الخدري و أنس بن مالك و جابر بن عبد الله الأنصاري وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين، ستة رجال وامرأة واحدة. حال حديث (إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحول ...) هذا الحديث فيه عنعنة ابن إسحاق، وقد خرجه الترمذي وقال: (حسن صحيح)، وصححه بعض أهل العلم واحتجوا به. حكم التسوك حال الخطبة والوقوف لأجل إزالة النوم من نعس أثناء الخطبة ليس له أن يتسوك، والذي ورد أنه يتحول إلى مكان آخر، وله أن يبحث عن مكان قريب إذا كان المسجد مزدحماً، وإذا ما وجد مكاناً فله أن يظل واقفاً في نفس مكانه ليذهب النعاس؛ لأن الحركة قد تذهب عنه النوم، أما كونه يتسوك فإن هذا عمل ينشغل به عن سماع الخطبة، وقد يكون من جنس مس الحصى. الإمام يتكلم بعدما ينزل من المنبر شرح حديث (رأيت رسول الله ينزل من المنبر ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الإمام يتكلم بعدما ينزل من المنبر. حدثنا مسلم بن إبراهيم عن جرير -هو ابن حازم لا أدري كيف قاله مسلم أو لا- عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر فيعرض له الرجل في الحاجة فيقوم معه حتى يقضي حاجته ثم يقوم فيصلي). قال أبو داود : الحديث ليس بمعروف عن ثابت ، هو مما تفرد به جرير بن حازم ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب: الإمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر ]، يعني أن له أن يتكلم، وإذا كان له أن يتكلم وهو يخطب فمن باب أولى أن يتكلم بعد ما ينزل؛ لأنه إذا ساغ له أن يتكلم وهو يخطب وأن يقطع خطبته وأن يتكلم فكونه يتكلم بعدما ينزل من الخطبة من المنبر جائز من باب أولى، وهذا هو الحكم الذي يفهم من الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله، وهو حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وفيه وهم من جهة جرير بن حازم أحد رواته، لكن المعنى ثابت، وهو أنه يصح للخطيب أن يتكلم مع غيره بعدما ينزل من الخطبة من المنبر، وهذا لا إشكال فيه. يقول أنس رضي الله عنه : [ (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر فيعرض له الرجل في الحاجة فيقوم معه حتى يقضي حاجته ثم يقوم فيصلي) ]، فهذا الحديث قيل: إنه وهم من جرير بن حازم ، ولا يعرف إلا من طريقه، وجرير بن حازم يهم، ولعله التبس عليه بالحديث الذي فيه: (أقيمت صلاة العشاء، فجاء رجل وكلم الرسول حتى نعس الناس)، وهذا الحديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلعله التبس عليه ذلك، وحصل له وهم، فالحديث ضعيف، لكن الحكم المستنبط منه صحيح. تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رسول الله ينزل من المنبر ...) قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جرير ]. هو جرير بن حازم ، وهو ثقة له أوهام إذا حدث من حفظه، روى له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ لا أدري كيف قاله مسلم أو لا ]. قال في عون المعبود: لعل التقدير: لا أدري كيف الأمر: أقاله مسلم أو لم يقله؟ وقال: إن المقصود بقوله: (أقاله) هو ابن حازم ، ولكن المعروف والمشهور أن مثل هذه العبارة لا يقولها التلميذ كما سبق أن عرفنا مراراً وتكراراً أن عبارة (هو ابن فلان) أو (يعني فلان بن فلان) إذا جاءت في أثناء الأسانيد فإنه لا يقولها التلميذ، وإنما يقولها من دون التلميذ؛ لأن التلميذ له أن يذكر شيخه ويطيل في نسبه ويذكر صفاته، وله أن يختصر نسبه ويقتصر على اسم الواحد ويذكره مهملاً، ومعنى هذه العبارة أن أبا داود شك هل شيخه مسلم بن إبراهيم اقتصر على اسم شيخه جرير بن حازم ولم ينسبه إلى أبيه، وإنما قال: عن جرير، أو أنه قال: عن جرير بن حازم . قوله: [ قال أبو داود : ليس بمعروف عن ثابت ، وهو مما تفرد به جرير بن حازم ]. يعني: هذا الحديث تفرد به جرير بن حازم عن ثابت ، فيكون وهماً، ولكن الحكم الشرعي ثابت، سواء صح الحديث أو لم يصح، والحديث فيه وهم ولا يصح، ولكن الذي دل عليه الحديث لا إشكال فيه من جهة أن الإمام له إذا نزل من المنبر له أن يخاطب غيره، وكذلك المأمومون لهم أن يخاطب بعضهم بعضاً بعد أن ينزل الخطيب؛ لأن المنع من الكلام هو ما دام الإمام يخطب، وأما بين الخطبتين وكذلك بعد نزول الخطيب وكذلك عند مجيئه أولاً وجلوسه على المنبر فلا مانع من الكلام، ولكن الممنوع هو حال الخطبة؛ لأن الكلام فيه انشغال عنها. قوله: [ عن ثابت ] هو ابن أسلم البناني ، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. من أدرك من الجمعة ركعة شرح حديث (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من أدرك من الجمعة ركعة. حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب من أدرك من الجمعة ركعة ] يعني: هل يكون مدركاً للجمعة؟ والجواب: نعم يكون مدركاً لها، ويضيف إليها أخرى وبذلك يكون مدركاً للجمعة، وكذلك الإنسان إذا أدرك ركعة من أي صلاة فإنه يكون مدركاً للصلاة، فإذا أدرك ركعة من الصلاة فإنه يكون مدركاً لشيء يعتد به، وإذا قام فإنه يقضي، فإذا جاء الإنسان في الظهر وأدرك الركعة الأخيرة من صلاة الظهر، فعندما يقوم ليقضي يكون عليه ثلاث ركعات، بخلاف ما لو فاته الركوع من الركعة الرابعة فإنه يقوم فيقضي أربع ركعات كاملة، فالمعنى: من أدرك شيئاً من الصلاة يعتد به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جئتم والإمام ساجد فاسجدوا معه ولا تعدوها شيئاً) يعني أنهم يسجدون ويحصلون أجر الجماعة وفضل الجماعة لكن لا يعدوا هذا السجود شيئاً؛ لأنه لا تعد الركعة إلا بإدراك ركوعها. وهذا الحديث يدلنا على أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها، وهو بهذا اللفظ عام يشمل الجمعة وغير الجمعة، وقد جاء في بعض الروايات التنصيص على الجمعة، وأن من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى، ومن فاته الركوع من الركعة الثانية من صلاة الجمعة فإنه يدخل مع الإمام ولكنه يقضيها أربعاً، وهذا إذا صليت الجمعة بعد الزوال، لكن لو أن الجمعة صليت قبل الزوال، والإنسان لم يدرك الركوع من الركعة الثانية، ودخل مع الإمام فإنه يصليها نافلة، ولا يصلي الظهر إلا بعد دخول وقتها بعد الزوال، وقد سبق أن الأولى أن الجمعة لا تكون إلا بعد الزوال، ويجوز أن تكون قبل الزوال. تراجم رجال إسناد حديث (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) قوله: [ حدثنا القعنبي ]. القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، وهو ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. مر ذكره. ما يقرأ به في الجمعة شرح حديث قراءته صلى الله عليه وسلم في العيدين والجمعة بسورتي الأعلى والغاشية قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقرأ به في الجمعة. حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1] قال: وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب ما يقرأ به في الجمعة ]، يعني: ما الذي يقرأ به من السور في صلاة الجمعة؟ وأورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث، وأولها حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1]؛ وذلك لما فيهما من ذكر البعث، وذكر الدار الآخرة، ويوم الجمعة هو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، فناسب أن يذكر فيه بالموت والبعث والدار الآخرة؛ ليكون الاستعداد والتهيؤ للقاء الله. قال: [ وربما اجتمعا في يوم واحد ] يعني: العيد ويوم جمعة، فيقرأ في العيد في أول النهار بسورتي (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)، ثم يصلي الجمعة ويقرأ فيهما بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ). تراجم رجال إسناد حديث قراءته صلى الله عليه وسلم في العيدين والجمعة بسورتي الأعلى والغاشية قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ] . هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عوانة ]. هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو مشهور بكنيته أبي عوانة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ]. إبراهيم بن محمد بن المنتشر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حبيب بن سالم ]. حبيب بن سالم لا بأس به، أخرج له مسلم وأصحاب السنن، وكلمة (لا بأس) به هي بمعنى (صدوق) عند الحافظ ابن حجر . [ عن النعمان بن بشير ]. هو النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما الصحابي المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار الصحابة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام توفي وعمره ثمان سنوات، وكان يحدث أحياناً عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ويقول: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا) ومن ذلك الحديث المشهور المتفق على صحته الذي أخرجه البخاري ومسلم : (الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعرفهن كثير من الناس)، فهذا الحديث العظيم هو مما رواه النعمان بن بشير وقال فيه: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولهذا فإن العلماء يقولون: الصغير يتحمل في حال صغره ويؤدي في حال كبره، كما حصل من النعمان ، فإنه تحمل في حال صغره وأدى في حال كبره، ومثله الكافر إذا أسلم، فيجوز أن يتحمل في حال كفره ويؤدي في حال إسلامه. شرح حديث قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة بسورتي الجمعة والغاشية قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير رضي الله عنهما: ماذا يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة؟ فقال كان يقرأ بهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1]) ]. أورد أبو داود حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة وبـ (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) يعني: يجمع بين هاتين السورتين، وقراءة سورة الجمعة في صلاة الجمعة حكمته وفائدته أن فيها ذكر الجمعة، وصلاة الجمعة، والأمر بالسعي إلى الجمعة، وترك البيع والشراء، والانشغال بذكر الله، وابتغاء فضله بعد صلاة الجمعة، ففيها شيء من أحكام الجمعة، فإذا قرأ بسورة الجمعة في صلاة الجمعة فذلك مناسب. تراجم رجال إسناد حديث قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة بسورتي الجمعة والغاشية قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني ]. ضمرة بن سعيد المازني ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن النعمان بن بشير ]. مر ذكره. شرح حديث القراءة يوم الجمعة بسورتي الجمعة والمنافقون قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي حدثنا سليمان -يعني ابن بلال - عن جعفر عن أبيه عن ابن أبي رافع أنه قال: (صلى بنا أبو هريرة يوم الجمعة فقرأ بسورة الجمعة وفي الركعة الآخرة: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ [المنافقون:1] قال: فأدركت أبا هريرة حين انصرف، فقلت له: إنك قرأت بسورتين كان علي رضي الله عنه يقرأ بهما بالكوفة، قال أبو هريرة : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما يوم الجمعة) ]. أورد أبو داود حديث أبو هريرة رضي الله عنه: أنه قرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقون، فقال له ابن أبي رافع : [ إنك قرأت بسورتين كان علي رضي الله عنه يقرأ بهما في الكوفة ]، فقال: [ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما يوم الجمعة ] فهذا الرجل سمع أبا هريرة يقرأ بسورتين وكان قد سمع علياً يقرأ بالسورتين، فأبو هريرة بين له العمدة التي اعتمد عليها في ذلك، وهي كونه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما. والحكمة من القراءة بسورة الجمعة يوم الجمعة أنها مشتملة على أحكام الجمعة، وأما سورة المنافقون فإن المنافقين كانوا يأتون للجمعة، فيسمعون هذه السورة من الإمام وفيها بيان حالهم وفضحهم وخزيهم، ولعل ذلك يكون رادعاً لهم وموقظاً لهم ومنبهاً لهم. تراجم رجال إسناد حديث القراءة يوم الجمعة بسورتي الجمعة والمنافقون قوله: [ حدثنا القعنبي حدثنا سليمان -يعني ابن بلال- ]. سليمان بن بلال ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، و(يعني) قالها أبو داود أو من دون أبو داود ، وليس القعنبي ، فـ(يعني) فعل مضارع فاعله ضمير مستتر يرجع إلى أبي داود أو من دون أبي داود . [ عن جعفر ]. هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين المشهور بالصادق ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو محمد بن علي بن الحسين الملقب بالباقر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي رافع ]. هو عبيد الله بن أبي رافع ، وأبوه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. تقدم ذكره. إجلال أهل السنة لآل البيت الإمامان جعفر بن محمد و محمد بن علي من أئمة أهل السنة، وهما من أهل البيت الذين يجلهم ويوقرهم ويحبهم أهل السنة، وأهل السنة يحبون أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم لقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لمن كان منهم تقياً صالحاً، فكون الرجل تقياً صالحاً ويكون من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من أسباب زيادة محبته؛ لأن المؤمن التقي إذا كان من أهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم فهو يحب لتقواه ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي طليعة وفي مقدمة أهل السنة وأهل الحق والهدى أبو بكر و عمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، فإنهما كانا يجلان أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر البخاري في صحيحه عن أبي بكر أثرين: أحدهما أنه قال: (والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي) يعني: كوني أصل قرابة النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن أصل قرابتي، فهذا يدلنا على عظم منزلة أهل البيت وقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصديق ، وهو خير هذه الأمة وأفضل هذه الأمة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والأثر الثاني ذكره البخاري عنه في صحيحه أنه قال: (ارقبوا محمداً في أهل بيته) يعني أنهم يقدرون أهل بيته، ويعرفون منزلة أهل بيته؛ لقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فروي عنه أثران أيضاً: أحدهما أنه قال للعباس لما أسلم: إن إسلامك لما أسلمت أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على إسلامك. والأثر الثاني: ما جاء في صحيح البخاري أن الناس لما أصابهم الجدب والقحط وخرجوا يستسقون، طلب عمر رضي الله عنه من العباس أن يدعو للمسلمين أن يغيثهم الله عز وجل، واختار العباس لأنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال عمر : (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا) يعني: نطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لنا فيدعو لنا فتسقينا، (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا)، قم -يا عباس- فادع الله)، وعمر أفضل من العباس ولكنه اختار العباس من أجل قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا)، وما قال: نتوسل إليك بالعباس ، فما ذكره باسمه، ولكن ذكر صلته بالرسول صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم، فقال: (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا -يعني: بدعائه- فاسقنا، قم -يا عباس- فادع الله). فهذا فيه بيان منزلة أهل البيت عند الخليفتين الراشدين الأولين: أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما، وقد ذكر هذه الآثار ابن كثير رحمة الله عليه في تفسير سورة الشورى عند قول الله عز وجل: قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23]. شرح حديث (كان يقرأ في صلاة الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)) ]. سبق تحت هذه الترجمة -وهي: [ ما يقرأ به في الجمعة ]- عدة أحاديث، فيها بيان ما يقرأ به في صلاة الجمعة، وسبق أن مر أنه يقرأ في صلاة الجمعة بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ)، وكذلك بالجمعة والمنافقون، وكذلك بالجمعة والغاشية. أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث عن سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ))، وهذا من جملة الأدلة الدالة على أن صلاة الجمعة يقرأ فيها بـ(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ). تراجم رجال إسناد حديث (كان يقرأ في صلاة الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى ...) قوله: [ مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد القطان البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معبد بن خالد ]. معبد بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن عقبة ]. زيد بن عقبة ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن سمرة بن جندب ]. هو سمرة بن جندب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة."
__________________
|
#264
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الصلاة شرح سنن أبي داود [141] الحلقة (172) شرح سنن أبي داود [141] لصلاة الجمعة نافلة بعدها وليس لها نافلة قبلها، إذ يشرع قبلها أن يصلي المرء ما كتب الله تعالى له ويشغل نفسه بذكر الله تعالى، فإذا قضيت الصلاة صلى في المسجد أربع ركعات أو انصرف إلى بيته وصلى ركعتين، وينبغي للمرء في صلاة النافلة ألا يصليها في مكان الفريضة مباشرة دون أن يفصل بينهما بكلام أو خروج، والأولى له أن ينتقل إلى مكان آخر ليصلي فيه، ليفصل بين الفرض والنفل وليحوز شهادة البقعة له بالعبادة عليها. الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار شرح حديث (صلى رسول الله في حجرته والناس يأتمون به) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار. حدثنا زهير بن حرب حدثنا هشيم أخبرنا يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة) ]. أورد أبو داود رحمه الله [باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار] والمقصود من هذا أن المأموم إذا ائتم بالإمام وبينهما جدار فإن الصلاة صحيحة، ولا بأس بأن يصلي المأموم وراء إمام وبينهما جدار، كما أنه لا بأس بأن يكون الإمام أعلى من المأمومين أو العكس، كل ذلك لا بأس به ما دام أن سماع القراءة ممكن، ولو حصل أن توقف مكبر الصوت ولم يمكن الائتمام فإنه يمكن أن ينفصل المأمومون وكل واحد منهم يكمل صلاته على حدة أو يتقدم شخص ويكون إماماً لهم في بقية الصلاة. وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة)، وهذا يدل على أن وجود الفاصل أو الجدار بين الإمام والمأموم أو بعض المأمومين لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في حجرته والناس يصلون بصلاته خارج الحجرة، فهذا يدلنا على أن الصلاة إذا حصلت من المأموم وراء إمامه وبينهما جدار فلا بأس به، كما أنه لا بأس بأن يكون المأموم فوق السطح ويصلي بصلاة الإمام، أو يصلي في مكان منخفض ويصلي بصلاة الإمام، كل ذلك لا بأس به، كما أن الإمام لو كان في مكان أرفع من المأمومين فلا بأس به كما سبق أن مر بنا في الحديث أنه لما وضع المنبر فإن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى فوقه والناس يرونه. تراجم رجال إسناد حديث (صلى رسول الله في حجرته والناس يأتمون به) قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. هو زهير بن حرب أبو خيثمة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا هشيم ]. هو هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا يحيى بن سعيد ]. يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرة ]. هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة، وهي مكثرة من الرواية عن عائشة . [ عن عائشة ]. هي عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أبو هريرة و ابن عمر و ابن عباس و أبو سعيد و أنس و جابر وأم المؤمنين عائشة ، ستة رجال وامرأة واحدة. تابع شرح حديث (صلى رسول الله في حجرته والناس يأتمون به) وصلاته صلى الله عليه وسلم في حجرته قد تكون نافلة أو فريضة، وسواء أكانت نافلة أم فريضة فالحديث يدل على جواز صلاة المأموم مؤتماً بالإمام وبينهما جدار، لكن الذي يبدو -والله أعلم- أنها فريضة؛ لأن في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في بيته والناس يصلون وراءه، وأشار إليهم أن يجلسوا، فيحتمل أنها فريضة، لكن من ناحية الحكم فسواء أكانت فريضة أم نافلة فائتمام المأموم بالإمام وبينهما جدار جائز لهذا الحديث، وهذا حكم عام يشمل الجمعة وغير الجمعة، ولعل المصنف ذكره هنا لأن الجمعة هي التي يكثر فيها الناس، وقد يترتب على ذلك أن يكون هناك جدار يفصل بين الإمام والمأمومين. الصلاة بعد الجمعة شرح حديث صلاة ركعتين بعد الجمعة في البيت قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الصلاة بعد الجمعة. حدثنا محمد بن عبيد وسليمان بن داود المعنى، قالا: حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن نافع : (أن ابن عمر رضي الله عنهما رأى رجلاً يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه فدفعه، وقال: أتصلي الجمعة أربعاً؟ وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة [ باب: الصلاة بعد الجمعة ] يعني: صلاة النافلة بعد الجمعة، وقد وردت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الصلاة بعد الجمعة ركعتان أو أربع، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في بيته بعد أن ينتهي من صلاة الجمعة ركعتين، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يصلى بعد الجمعة أربع ركعات، وهذا يدلنا على أن الجمعة لها سنة بعدها، وهي إما ركعتان أو أربع، وبعض العلماء قال: إن هذا من خلاف التنوع، والإنسان له أن يصلي ركعتين أو أربعاً، والأربع أكمل وأتم، وبعض أهل العلم -ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية- قال: إن صلى في بيته صلى ركعتين، وإن صلى في المسجد صلى أربعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه كان يصلي في بيته ركعتين، وجاء عنه أنه أمر بأن يصلى بعد الجمعة أربع ركعات، والنبي صلى الله عليه وسلم داوم على صلاة ركعتين في بيته، فإذا صلى الإنسان في بيته يصلي ركعتين، وإذا صلى في المسجد صلى أربعاً، وقد جاء في الحديث ما يدل على ذلك، وإن صلى في البيت أربعاً فلا بأس بذلك، لكن كونه يأتي بالأربع في المسجد أو ركعتين في البيت -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- هو الأولى، وذلك لأنه لو صلى في المسجد ركعتين وكان في مصلاه الذي صلى فيه فيكون كأنه قد صلى الجمعة أربعاً، ولكنه إذا تحول من مكانه وصلى في مكان آخر ركعتين أو أربعاً فإن هذا الاحتمال أو هذا الإشكال يزول لكونه صلى في مكان آخر. أما السنة قبل الجمعة فلم يأت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن تشرع النوافل المطلقة التي هي غير مقيدة بعدد، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، فقد قال: (من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى المسجد فصلى ما كتب له ثم أنصت للخطبة ...) ومعناه أنه يصلي ما أمكنه أن يصلي، وكان ابن عمر يصلي كثيراً في المسجد، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا جاءوا إلى المسجد يصلون ما أرادوا أن يصلوا ثم يجلسون ولا يقومون إلا للصلاة، فليس هناك راتبة معينة محددة قبل الجمعة، لا ثنتين ولا أربع، وإنما الراتبة بعدها -كما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام- إما ركعتان وإما أربع، وقبل الجمعة ليس هناك راتبة، ولكن هناك الصلاة المطلقة التي تكون من الإنسان إذا دخل المسجد، فله أن يصلي ما أمكنه أن يصلي ثم بعد ذلك يجلس ولا يقوم إلا للصلاة بعد ذلك. وأورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه [رأى رجلاً يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه فدفعه، وقال: أتصلي الجمعة أربعاً؟!] ولعله دفعه ليتحول من مكانه حتى لا يكون كأنه صلى الجمعة أربعاً، بمعنى أنه صلى مع الإمام ركعتين ثم أتى بعد ذلك بركعتين بعدها، فتصير كأنها ظهراً، ولكنه إذا انتقل إلى مكان آخر وتحول إلى مكان آخر زال الإشكال. قوله: [(وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته ويقول: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم)] أي أنه كان يصلي في بيته ركعتين، لكنه إذا صلى ركعتين في المسجد في مقامه فإنَّه بذلك يكون كأنه صلى الجمعة أربعاً، ولكنه لو تحول من مكانه إلى مكان آخر يزول الإشكال؛ ولهذا قال: [فدفعه] ومعناه أنه أراد منه أن ينتقل، وبعض الشراح قال: منعه من الصلاة، ولكن ابن عمر رضي الله تعالى عنه جاء عنه أنه إذا كان بمكة وصلى الجمعة فإنه كان يتحول عن مكانه قليلاً ويصلي ركعتين، ثم يتحول عن مكانه قليلاً ويصلي أربعاً، وإذا كان في المدينة صلى الجمعة ثم صلى بعدها ركعتين في بيته كما جاء في الحديث الذي معنا وقال: [هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم] وذلك يرجع إلى الركعتين اللتين تكونا في البيت بعد الجمعة. تراجم رجال إسناد حديث صلاة ركعتين بعد الجمعة في البيت قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ]. محمد بن عبيد ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي . [ وسليمان بن داود ]. هو سليمان بن داود العتكي أبو الربيع الزهراني البصري ، ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا حماد بن زيد ]. هو حماد بن زيد البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ] . هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (كان ابن عمر رضي الله عنهما يطيل الصلاة قبل الجمعة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل أخبرنا أيوب عن نافع أنه قال: (كان ابن عمر رضي الله عنهما يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك) ] أورد أبو داود أن ابن عمر كان يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك). والمقصود بقوله: [كان يفعل ذلك] أي: الركعتين التي كان يصليهما في بيته، وابن عمر كان يأتي للجمعة مبكراً ويصلي ويطيل الصلاة، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه كان يأتي إلى المسجد عندما يصعد على المنبر، وكذلك في بقية الصلوات كان يخرج من منزله فتقام الصلاة، وكان يصلي النافلة في بيته ثم بعد ذلك يصلي ويرجع ويصلي النافلة في بيته صلى الله عليه وسلم. فالحاصل أن المرفوع هو كونه يصلي ركعتين في بيته كما سبق أن مر في الحديث السابق أنه كان يصلي ركعتين في بيته ويقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) أي: الركعتين، وليس المقصود من ذلك الصلاة قبل الجمعة، فإطالة الصلاة قبل الجمعة إنما هو من فعل ابن عمر ، وهذه من النوافل المطلقة، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يأتون مبكرين ويصلون ما أرادوا أن يصلوا، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك حيث قال: (من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى المسجد وصلى ما كتب له ثم أنصت...) إلى آخر الحديث، فهذه نوافل مطلقة، وليست سنة راتبة معينة بركعتين أو أربع كما جاء ذلك بعد الجمعة. تراجم رجال إسناد حديث (كان ابن عمر رضي الله عنهما يطيل الصلاة قبل الجمعة...) قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ حدثنا إسماعيل ]. هو إسماعيل بن إبراهيم المشهور بابن علية ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أيوب عن نافع عن ابن عمر ]. مر ذكرهم. شرح حديث (لا توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد ابن أخت نمر يسأله عن شيء رأى منه معاوية رضي الله عنه في الصلاة فقال: (صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلمت قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تعد لما صنعت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج؛ فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، أن لا توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج) ] أورد أبو داود حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه أنه صلى في المقصورة، والمقصورة حجرة كانت في المسجد، وكان قد اتخذها معاوية بعدما اعتدى عليه الخارجي، فكان يصلي في المقصورة، فصلى السائب بن يزيد معه، وحصل من السائب بن يزيد أنه قام يتنفل في مكانه بعد الجمعة، ثم إن معاوية دعاه وقال: (لا تعد إلى ما صنعت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج)، يعني: ليس للإنسان أن يصلي بعد الجمعة في مقامه؛ لأن هذا من وصل الصلاة بالصلاة، وهذا دليل على أن الإنسان يصلي النافلة في مكان آخر غير المكان الذي صلى فيه الفريضة، وفائدة ذلك أن لا يصل فرضاً بنفل، ولتشهد له البقاع المتعددة التي يصلي فيها؛ لأن الأرض تشهد يوم القيامة على ما فعل على ظهرها من خير وشر، وهو معنى قول الله عز وجل: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4] يعني: تخبر عما حصل على ظهرها من خير أو شر، فإذا صلى الإنسان في مكان آخر تعددت البقع التي صلى فيها، وتشهد له البقع المتعددة والأماكن المتعددة. والحاصل أن حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يدل على أن الإنسان إذا تنفل يوم الجمعة في المسجد فلا يتنفل في مكانه الذي صلى فيه حتى يتكلم أو يخرج أو يتحول إلى مكان آخر كما سيأتي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، وفيه أن الفصل بين الفرض والنفل يكون بالكلام ويكون -أيضاً- بالفعل والانتقال، ولكن الانتقال أولى من الاقتصار على الكلام؛ لأن فائدة الانتقال تعدد البقع وكونها تشهد له كما أشرت إلى ذلك آنفاً. وهذا الحكم ليس خاصاً بالجمعة، بل الجمعة وغيرها من ناحية الانتقال سواء، وهذا الحديث: فقوله: [(فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، أن لا توصل صلاة بصلاة عام)]. تراجم رجال إسناد حديث (لا توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج) قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار ]. هو عمر بن عطاء بن أبي الخوار ثقة أخرج له مسلم و أبو داود . [ عن السائب بن يزيد ]. هو السائب بن يزيد صحابي صغير رضي الله عنه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية ]. هو أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث صلاة ركعتين في البيت بعد الجمعة من طريق ثانية قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي أخبرنا الفضل بن موسى عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء عن ابن عمر أنه قال: (كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين، ولم يصل في المسجد، فقيل له فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك) ] أورد المصنف حديث ابن عمر أنه كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين، ثم تقدم أكثر من ذلك فصلى أربعاً، وإذا كان في المدينة وصلى الجمعة ذهب إلى بيته وصلى فيه ركعتين، ولم يصل في المسجد، وقال: [(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك)] يعني: يفعل هذا الأخير الذي هو كونه يصلي ركعتين في بيته وليس في المسجد؛ لأن هذا هو هدي رسول عليه الصلاة والسلام المعروف عنه، فالمرفوع من حديث ابن عمر إنما هو: (كون النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في بيته ركعتين بعد الجمعة)، وابن عمر رضي الله عنه كان إذا كان في المدينة يصلي ركعتين في بيته بعد الجمعة، لكنه إذا كان بمكة كان يفعل ذلك ويصلي ستاً: يصلي ركعتين ثم يتحول بعد ذلك إلى مكان آخر ويصلي فيه أربعاً، فيصير المجموع ست ركعات، وفعل ابن عمر رضي الله عنه ثابت كما جاء في هذا الحديث، وبعض أهل العلم قال به، وأنه يصلي بعد الجمعة ستاً، ولا أدري وجه هذا التفريق في كونه بمكة كان يفعل هذا الفعل، وفي المدينة يرجع إلى بيته ويصلي ركعتين كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، والذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين في بيته بعد الجمعة وأمر بالصلاة بعد الجمعة أربعاً كما سيأتي في حديث عند أبي داود . تراجم رجال إسناد حديث صلاة ركعتين في البيت بعد الجمعة من طريق ثانية قوله: [ حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي ]. محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ أخبرنا الفضل بن موسى ]. الفضل بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الحميد بن جعفر ]. عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن يزيد بن أبي حبيب ]. هو يزيد بن أبي حبيب المصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. ابن عمر مر ذكره. شرح حديث (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير ، ح: وحدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -قال ابن الصباح قال: (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً)، وتم حديثه، وقال ابن يونس : (إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعاً) قال: فقال لي أبي: يا بني! فإن صليت في المسجد ركعتين ثم أتيت المنزل -أو: البيت- فصل ركعتين]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل بعدها أربعاً)]، وهذه رواية أحد شيخي أبي داود، ورواية شيخه الثاني: [(إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعاً)] فهذا دليل على أن السنة بعد الجمعة أنه يصلي بعدها أربعاً، وكان هديه صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته ركعتين بعد الجمعة، وقد أشرت أن شيخ الإسلام ابن تيمية رجح أنه إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، ويجوز أن يصلي في المسجد أربعاً أو ركعتين، أو يصلي في البيت أربعاً أو يصلي فيه ركعتين، كل ذلك جاء ما يدل عليه بالنسبة لإطلاق الأربع. ثم إن في رواية أحمد بن يونس زيادة، وهي أن أبا صالح قال لابنه سهيل الراوي عنه: يا بني! إذا صليت في المسجد ركعتين وأتيت البيت فصل ركعتين. وذلك ليكمل الأربع التي جاءت في هذا الحديث: [(إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعاً)]، والإنسان إذا ما أتى بالأربع في المسجد بل أتى ببعضها فإنه يكمل الأربع في البيت، ومعناه تنفيذ النص. تراجم رجال إسناد حديث (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً) قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير بن معاوية ]. هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحدثنا محمد بن الصباح البزاز ]. هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسماعيل بن زكريا ]. هو صدوق يخطئ قليلاً، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و البخاري ما أخرج له استقلالاً وإنما أخرج له متابعة ومقروناً، وكذلك خرج حديثه في ترجمة حديث: (الدين النصيحة) حيث أتى بالترجمة فقال: (باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، ولم يسند الحديث؛ لأن سهيل بن أبي صالح ليس على شرطه، ولذا لم يرو عنه مستقلاً، وإنما روى عنه مقروناً. [ عن أبيه ] . هو أبو صالح ذكوان السمان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته) . قال أبو داود : وكذلك رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، وهو مثل الأحاديث المتقدمة عن ابن عمر أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته. تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته) قوله: [ حدثنا الحسن بن علي عن عبد الرزاق عن معمر ]. معمر هو ابن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم ]. هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. قوله: [ قال أبو داود : وكذلك رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر ]. عبد الله بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ويعني أنه رواه كما رواه سالم . شرح حديث صلاة ابن عمر بعد الجمعة ست ركعات قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عطاء أنه رأى ابن عمر يصلي بعد الجمعة فينماز عن مصلاه الذي صلى فيه الجمعة قليلاً غير كثير، قال: فيركع ركعتين، قال: ثم يمشي أنفس من ذلك فيركع أربع ركعات، قلت لعطاء : كم رأيت ابن عمر يصنع ذلك؟ قال: مراراً. قال أبو داود : رواه عبد الملك بن أبي سليمان ولم يتمه ]. أورد أبو داود هذا الأثر أن عطاء بن أبي رباح رأى ابن عمر إذا صلى الجمعة انماز -يعني: تميز- عن مكانه وانحاز عن مكانه قليلاً وصلى ركعتين، ثم مشى أنفس من ذلك -يعني: مسافة أكثر من المسافة السابقة- وصلى أربع ركعات، فقيل لعطاء : كم رأيته يفعل ذلك؟ فقال: مراراً، وسبق عن عطاء هذا أنه قال: كان ابن عمر إذا كان بمكة وصلى الجمعة صلى بعدها ركعتين ثم تقدم وصلى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى في بيته ركعتين ولم يصل في المسجد، وقال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) وقد مر الكلام على هذا في الحديث السابق. تراجم رجال إسناد حديث صلاة ابن عمر بعد الجمعة ست ركعات قوله: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن ]. هو إبراهيم بن الحسن المصيصي ، وهو ثقة أخرج له أبو داود و النسائي. [ حدثنا حجاج بن محمد ]. هو حجاج بن محمد المصيصي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. ابن جريج مر ذكره. [ أخبرني عطاء أنه رأى ابن عمر ]. عطاء بن أبي رباح و ابن عمر مر ذكرهما. قوله: [ قال أبو داود : ورواه عبد الملك بن أبي سليمان ولم يتمه ]. يعني أنه ما أتى به كالرواية السابقة، وإنما أتى به بأقل من ذلك، وعبد الملك بن أبي سليمان صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. صلاة العيدين شرح حديث (قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما.. ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب صلاة العيدين. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر) ]. أورد أبو داود رحمه الله: [باب صلاة العيدين] والعيدان: هما عيدا المسلمين عيد الأضحى وعيد الفطر، وكل منهما يأتي في موسم عظيم، فعيد الفطر يأتي بعد إكمال صيام شهر رمضان، ويسمى عيد الفطر؛ لأن سببه الفطر من رمضان وإكمال شهر رمضان، ويؤتى به شكراً لله عز وجل على نعمة إكمال الصيام، ولهذا قيل له: عيد الفطر من رمضان، وكون الإنسان أكمل شهر رمضان وأتمه نعمة عظيمة، ويشكر الله عز وجل عليها بأمور، منها: أنه يخرج زكاة الفطر، ولهذا قيل لها: (زكاة الفطر) وهي شكر لله عز وجل على إتمام هذه النعمة التي هي إكمال الصيام، ولهذا جاء في الحديث: (للصائم فرحتان يفرحهما: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه) ومعنى قوله: (عند فطره) أنه أتم هذا العمل الصالح، وأتم هذا الصيام، فيفرح لأنه أتم الصيام، وليس المقصود أنه يفرح بالأكل والشرب، وإنما يفرح بإكمال العمل الصالح وكونه وفق لإتمام العمل الصالح، فإذا أكمل شهر رمضان يحصل الفرح الأكبر لكونه أتم الشهر كاملاً، وهو كل يوم عندما يفطر يفرح لأنه أكمل هذه العبادة، وإذا أكمل ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين يوماً فإنه يفرح لأنه أدى هذه العبادة وأفطر منها بعد إتمامها، ولهذا وجب إفطار يوم العيد وحرم صيامه، ولا يجوز صيامه بحال من الأحوال، بخلاف أيام التشريق فإنه رخص لمن لم يجد الهدي أن يصومه، لكن يوم العيد ليس لأحد أن يصومه، سواء عيد الفطر أو عيد الأضحى، فيجب إفطارهما، وعيد الفطر نسب إلى الفطر لأنه شكر لله عز وجل على تلك النعمة، وهو ليس في الشهر، ولكنه خارج الشهر، وقد جاء في الحديث: (شهرا عيد لا ينقصان) سميا شهرا عيد مع كون العيد ليس فيه؛ لأنه متصل به وقريب منه، وإن لم يكن منه؛ لأن العيد في أول يوم من شوال، فأضيف إليه لأنه سببه الشهر ولأنه متصل به، وقد يضاف الشيء إلى ما يقاربه، كما قيل لصلاة المغرب: (وتر النهار) مع أنها ليست من النهار، وإنما هي في أول الليل، ولكنها قريبة من النهار ومتصلة بالنهار، فقيل لها: وتر النهار. وعيد الأضحى يأتي في موسم ذبح الهدي بالنسبة للحجاج، وذبح الأضاحي بالنسبة للحجاج وغير الحجاج؛ لأن المسلمين يضحون في كل مكان، فنسب العيد إلى الأضحى؛ لأن الناس يضحون فيه، ويتقربون فيه بالقرابين لله سبحانه وتعالى، فهما عيدان اثنان للمسلمين أنعم الله عز وجل بهما على المسلمين، وشرعهما للمسلمين. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس رضي الله عنه [(أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟ فقالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر)] فهذان عيدا المسلمين، والأعياد التي كانت في الجاهلية قضى عليها الإسلام وأبطلها، ولم يأت في الشرع إلا عيد الأضحى وعيد الفطر. وقوله صلى الله عليه وسلم: [(أبدلكم الله بهما خيراً منهما)] هو لأجل أن هذين اليومين يفرح فيهما في الإسلام بسبب العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، فاليوم الذي أدى الناس فيه العبادة وأكملوها يفرحون فيه لكونهم أتموا العبادة التي شرعها الله، فيوم العيد هو يوم شكر لله عز وجل على إتمام تلك النعمة، فشرعت صلاة العيد وشرعت زكاة الفطر، وأضيف العيد إلى الفطر لأن سببه الفطر، فصار المسلمون يفرحون في هذين اليومين بالعبادة، وهو يوم فرح للأطفال الصغار، ولذا يمكنون من اللعب في يومي العيد، وأما الكبار فليسوا أهلاً للعب، وإنما هم أهل للجد والعبادة والإقبال على الله عز وجل والاشتغال بالطاعة، والفرح بإكمال النعمة التي هي نعمة إتمام الصيام، وكذلك التقرب إلى الله عز وجل بذبح الأضاحي. وقوله: [(أبدلكم بهما)] الباء تدخل على المتروك؛ لأن هناك شيئاً مأخوذاً وشيئاً متروكاً، والمتروك هما اليومان اللذان كانا في الجاهلية، فقوله: [أبدلكم بهما] أي: بيومي الجاهلية، فالباء تدخل على المتروك، كقول الله عز وجل: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [البقرة:61] فالذي هو خير هو المتروك، فبنو إسرائيل أخذوا ما هو أقل منه وما هو دونه، فالقاعدة أن الباء تدخل على المتروك. وقوله: [(أبدلكم بهما خيراً منهما)] يعني: في الإسلام، وهما يوما فرح بالعبادة وبالقربى وإكمال العمل الصالح. وهذان العيدان هما المشروعان في الإسلام، والأعياد الأخرى محدثة، لكن الجمعة جاء في الشرع ما يدل على تسميتها عيداً، ولكنها عيد أسبوعي؛ لأنها تتكرر كل أسبوع، وقد مر الحديث الذي فيه اجتماع العيدين، أي: اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد، وكذلك الأثر الذي في صحيح البخاري عن عثمان رضي الله عنه أنه خطب الناس يوم عيد الأضحى فقال: (إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان). تراجم رجال إسناد حديث (قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما.. ) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وإذا جاء موسى عن حماد، وحماد غير منسوب فالمراد به حماد بن سلمة . [ عن حميد ]. هو حميد بن أبي حميد الطويل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقت الخروج إلى العيد شرح حديث (إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه.. ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: وقت الخروج إلى العيد. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان حدثنا يزيد بن خمير الرحبي قال: (خرج عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام، فقال: إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه. وذلك حين التسبيح) ]. أورد أبو داود [باب: وقت الخروج إلى العيد] يعني أنه يخرج إلى العيد في أول النهار، والخطيب يخرج إذا ارتفعت الشمس، وجاء الوقت الذي تحل فيه الصلاة بعد وقت النهي، وذلك بعد أن ترتفع الشمس قيد رمح، وقد جاء في حديث فيه كلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجل الأضحى ويؤخر الفطر، فصلاة عيد الفطر إذا أخرت قليلاً بعد دخول الوقت يتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر، وصلاة عيد الأضحى إذا قدمت يتسع للناس وقت ذبح الأضاحي. فالحاصل أن صلاة العيد تبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح، ولكنها لا تؤخر كثيراً كما جاء في حديث عبد الله بن بسر الذي أورده أبو داود أنه خرج فأبطأ الإمام في الخروج، فقال: إنا كنا في هذه الساعة نكون انتهينا من صلاة العيد. يعني: في هذا الوقت الذي خرج الإمام فيه الآن، وكان وقت التسبيح، أي: وقت صلاة الضحى، والمقصود من ذلك أنه قدم الصلاة، وإلا فوقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، وصلاة الضحى أفضل ما تكون إذا اشتدت الشمس واشتدت الحرارة كما جاء في الحديث: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) يعني: وقت شدة الحرارة. والمقصود بالتسبيح هنا صلاة النافلة التي هي سبحة الضحى، كما جاء في الحديث في فضل صلاة الضحى: (كل سلامى من الناس عليه صدقة) وذكر جملة من الأمور ثم قال: (ويجزئ عن ذلك ركعتان من الضحى) ويقال لها: سبحة، أي: نافلة، وفي الحديث: (كان إذا جمع بين الصلاتين لم يسبح بينهما)، أي: لم يتنفل، والتسبيح هو التنفل. تراجم رجال إسناد حديث ( إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه.. ) قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتاب الستة. [ حدثنا أبو المغيرة ]. هو عبد القدوس بن حجاج ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا صفوان ]. هو صفوان بن عمرو السكسكي ، وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا يزيد بن خمير الرحبي ]. يزيد بن خمير الرحبي صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن بسر ]. هو عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة."
__________________
|
#265
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الصلاة شرح سنن أبي داود [142] الحلقة (173) شرح سنن أبي داود [142] العيدان يومان عظيمان في حياة المسلمين، وقد شرع الله تعالى فيهما صلاة وخطبة يشهدهما المسلمون، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج يوم العيد النساء وذوات الخدور ليشهدن الصلاة والخير والدعاء، بل وأمر بإخراج الحيض منهن، إلا أنهن يعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد وخطبته أن يقدم الصلاة ثم يأتي بالخطبة مذكراً فيها المسلمين بأشياء من أمر دينهم، وواعظاً لهم وناصحاً صلى الله عليه وسلم. خروج النساء في العيد شرح حديث (أمرنا رسول الله أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد... ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب خروج النساء في العيد. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أيوب و يونس و حبيب و يحيى بن عتيق و هشام في آخرين عن محمد أن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد، قيل: فالحيض؟ قال: ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، قال: فقالت امرأة: يا رسول الله! إن لم يكن لإحداهن ثوب كيف تصنع؟ قال: تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب خروج النساء في العيد ]، أي: استحباب ذلك، وترغيبهن في ذلك، وذلك لحضور الصلاة ودعوة المسلمين، والنساء اللاتي ليس عليهن الحيض يشاركن في الصلاة، والحيض يكبرن ويسمعن الذكر والخطبة، ولكنهن يعتزلن المصلى بحيث لا يكنَّ مع المصليات، وإنما يكن راءهن منعزلات عنهن، فيسمعن الخطبة ويكبرن فيذكرن الله عز وجل. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أم عطية وهي نسيبة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها أنها قالت: [ (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ذوات الخدور) ] أي: في العيد، وذوات الخدور هن الفتيات اللاتي لم يتزوجن، والخدور هي أماكن مخصصة في البيوت، والمراد أن المخبأة التي في الخدر التي هي قليلة الخروج من المنزل؛ تذهب لصلاة العيد، وكذلك الحيض، وهن المتلبسات بالحيض، فالبالغات يصلين، والمتلبسات بالحيض يسمعن الخطبة، ويكبرن الله عز وجل، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، وهذا يدلنا على تأكد صلاة العيد، ومن أهل العلم من قال: هي فرض عين على الرجال، والنساء يرغبن فيها حتى ذوات الخدور والحيض، وبعضهم قال: إنها سنة مؤكدة، وبعضهم قال: إنها فرض كفاية، ولا شك في أن الأمر بإخراج ذوات الخدور والمخبآت والصغيرات اللاتي بلغن أو قاربن البلوغ يدلنا على تأكد هذه الصلاة وأهميتها، وقد سبق أن من حضر صلاة العيد يوم الجمعة يمكنه أن يتخلف عن صلاة الجمعة، وأنه يغنيه ويكفيه حضوره العيد، ولا يلزمه أن يحضر الجمعة، ويكون معذوراً في حضورها، وهذا يدلنا على أهمية حضور صلاة العيد، وعلى الحرص على الإتيان بها، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج ذوات الخدور والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، وليكون لهن نصيب من ذلك الخير ومن هذه الدعوة. قولها: [ (فقالت امرأة: يا رسول الله! أرأيت إن لم يكن لإحدانا ثوب؟ قال: تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها) ] هذا مما يدل على تأكد الذهاب إلى صلاة العيد، وعدم التخلف عنها، وأن المرأة إذا لم يكن معها ثوب فإن أختها أو قريبتها تعيرها شيئاً من ثيابها حتى تذهب بها، وحتى تحضر هذه الدعوة وتحضر هذا الخير. تراجم رجال إسناد حديث (أمرنا رسول الله أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد... ) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وإذا جاء موسى بن إسماعيل يروي عن حماد ، وحماد غير منسوب فالمراد به حماد بن سلمة بن دينار. [ عن أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ويونس ]. يونس هو ابن عبيد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وحبيب ]. هو حبيب بن الشهيد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ويحيى بن عتيق ]. يحيى بن عتيق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي. [ وهشام ]. هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ في آخرين ]. يعني أنه ذكر هذا العدد من الرواة، وهناك غيرهم، ولكنه اقتصر على هذا العدد، وهؤلاء كلهم يروي عنهم حماد، وهم يروون عن ابن سيرين. [ عن محمد ]. هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم عطية ]. أم عطية هي نسيبة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها، وهي مشهورة بكنيتها أم عطية ، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (يعتزل الحيض مصلى المسلمين) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد حدثنا أيوب عن محمد عن أم عطية رضي الله عنها بهذا الخبر، قال: (ويعتزل الحيض مصلى المسلمين) ولم يذكر الثوب، قال: وحدث عن حفصة عن امرأة تحدثه عن امرأة أخرى أنها قالت: (قيل: يا رسول الله) فذكر معنى حديث موسى في الثوب. أورد أبو داود حديث أم عطية رضي الله عنها من طريق آخر، وفيه: [ (ويعتزل الحيض مصلى المسلمين) ] أي: المتلبسات بالحيض، واللاتي عليهن الحيض؛ لأن الحائض تطلق على البالغة، وعلى التي عليها الحيض، فقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) يعني: البالغة؛ لأنها قد بلغت سن المحيض، ويطلق على المتلبسة بالحيض. فالحيض المتلبسات بالحيض يذهبن إلى المصلى في صلاة العيد، ولكن يعتزلن مصلى المسلمين، ولا تكون الحيض مع النساء الطاهرات اللاتي يصلين، وإنما يتأخرن عنهن، وذلك حتى لا يحصل التلويث للمكان الذي يصلى فيه، وأيضاً من أجل عدم حصول الرائحة التي تكون بسبب الحيض، فتعتزل الحيض المصلى، ولكنهن يشهدن الخير، ويكبرن، ويشهدن دعوة المسلمين، ويكون لهن نصيب في الخير ونصيب في الأجر. تراجم رجال إسناد حديث (يعتزل الحيض مصلى المسلمين) قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ]. محمد بن عبيد هو ابن حساب، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن زيد ، وإذا جاء محمد بن عبيد يروي عن حماد فالمراد به ابن زيد ، وهو أحياناً ينسبه وأحياناً لا ينسبه، وحماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أيوب عن محمد عن أم عطية ]. مر ذكر الثلاثة في الإسناد السابق. تابع شرح حديث (يعتزل الحيض مصلى المسلمين) قوله: [ (ويعتزل الحيض مصلى المسلمين)، ولم يذكر الثوب ] يعني: هذه الرواية التي هي رواية حماد بن زيد ما جاءت في رواية حماد بن سلمة الذي تقدمت. قوله: [ وحدث عن حفصة عن امرأة تحدثه عن امرأة أخرى أنها قالت: (قيل: يا رسول الله) فذكر بعد حديث موسى في الثوب ]. يعني: روى حماد بن زيد عن أيوب عن حفصة عن امرأة حدثته عن امرأة أخرى، وفيها ذكر الثوب كما جاء في رواية موسى بن إسماعيل المتقدمة. وحفصة هي بنت سيرين، وهي ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة، وهي تروي عن امرأة، وتلك المرأة غير معروفة، ثم تلك المرأة تروي عن أختها، وكانت مع زوجها خرجا للجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تداوي المرضى، وقد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة إذا لم يكن يوم العيد لها ثوب فقال: تلبسها صاحبتها، ثم إن حفصة بنت سيرين لقيت أم عطية فأخبرتها بالذي سمعته من تلك المرأة فصدقت ذلك، وهو مطابق لما تقدم عن أم عطية في رواية موسى بن إسماعيل. شرح حديث (والحيض يكن خلف الناس فيكبرن مع الناس) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: (كنا نؤمر -بهذا الخبر-، قالت: والحيض يكن خلف الناس فيكبرن مع الناس) ]. أورد أبو داود حديث أم عطية من طريق أخرى، وفيه [ قالت: (كنا نؤمر) بهذا الخبر ] يعني: بالكلام المتقدم الذي مر، وقالت: [ والحيض يكن خلف الناس يكبرن مع الناس ]، أي: خلف النساء يعتزلن المصلى، ولا يكن مع النساء الطاهرات، وإنما يكن خلفهن، ويكبرن مع الناس، والذكر لا تمنع منه الحائض، فهي تكبر وتذكر الله عز وجل، ولا بأس بذلك، وهذا يدلنا على أن الناس يكبرون في العيد، ويشرع التكبير عند الذهاب إلى مصلى العيد، وقبل صلاة العيد، وقولها: [ يكبرن مع الناس ] يدل على حصول التكبير، وأنه يكون من الرجال والنساء، ولكن النساء لا يرفعن أصواتهن بالتكبير كما يرفع الرجال، كما أنهن يلبين بالتلبية ولكن لا يرفعن أصواتهن كما يفعل الرجال. والمصلى مكان مكشوف، والمقصود من ذلك أنهن إذا ذهبن لا يكن مع الطاهرات؛ لأن وجودهن مع الطاهرات قد يلوث المكان، وأيضاً تشم منهن الرائحة غير الطيبة، وإلا فإن المصلى مكان مكشوف يمر به الحيض وغير الحيض، وليس له حكم المسجد لكن جلوس الحيض فيه مع النساء الطاهرات قد يحصل به التلويث وشم الرائحة غير الطيبة. تراجم رجال إسناد حديث (والحيض يكن خلف الناس فيكبرن مع الناس) قوله: [ حدثنا النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد النفيلي، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عاصم الأحول ]. هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والأحول لقبه. [ عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية ]. مر ذكرهما. شرح حديث (وأمرنا بالعيدين أن نخرج فيهما الحيض) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو الوليد -يعني الطيالسي - ومسلم قالا: حدثنا إسحاق بن عثمان حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية عن جدته أم عطية رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت، فأرسل إلينا عمر بن الخطاب فقام على الباب فسلم علينا فرددنا عليه السلام، ثم قال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن، وأمرنا بالعيدين أن نخرج فيهما الحيض والعتق، ولا جمعة علينا، ونهانا عن اتباع الجنائز) ]. أورد أبو داود حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت، وأرسل إليهن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وأنه قام على الباب وسلم عليهن، ورددن عليه السلام، فقال: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن، وأمرنا بالعيد أن نخرج فيهن الحيض والعتق. والحيض هن البالغات أو المتلبسات بالحيض؛ لأن الحيض يشمل هذا وهذا، فيقال للتي بلغت سن المحيض: حائض، ومنه حديث: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) يعني: التي بلغت سن المحيض، والتي صارت مكلفة، وكذلك -أيضاً- يطلق على المتلبسة بالحيض، فالنساء يخرجن كلهن، والطاهرات يصلين، وغير الطاهرات يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى. والعتق: جمع عاتق، قيل: هي التي قاربت البلوغ أو التي قد بلغت بالفعل، ويقال لها: عاتق لأنها عتقت عن أن تمتهن وأن تستخدم لكونها تجاوزت حد الصغر الذي يكون معه الامتهان والتكليف بالأعمال التي يستخدم فيها الصغير. قولها: [ ولا جمعة علينا ] أي: النساء ليس عليهن جمعة، وهذا بإجماع العلماء، وسبق أن مر بنا الحديث الذي في باب الجمعة للملوك والمرأة، وأنه لا جمعة عليهن، وقد سبق أن الإجماع انعقد على أنه لا يجب على النساء جمعة، ولكنهن إذا حضرن وصلين مع الناس فقد أتين بالفرض، وسقط عنهن أداء صلاة الظهر، وإذا لم يشهدن صلاة الجمعة يجب عليهن أن يصلين الظهر بعد دخول وقت الظهر. قولها: [ ونهانا عن اتباع الجنائز ] وذلك لقلة صبرهن ولضعفهن وهلعهن، فنهين عن اتباع الجنائز، لا سيما عند الصدمة الأولى، فإن النساء عندهن ضعف، ولا يتمالكن عن النياحة والصياح وظهور شيء لا يصلح ولا يليق. وهذا الحديث في سنده شخص قال عنه الحافظ في التقريب: مقبول، والشيء الذي انفرد به قصة مجيء عمر بن الخطاب إليهن، وجمع الرسول صلى الله عليه وسلم لهن في مكان، وسائر ما جاء فيه له شواهد، فقضية إخراج الحيض والعتق جاء في حديث أم عطية الذي سبق أن مر، وكذلك كونه لا جمعة عليهن سبق أن جاء في حديث: (الجمعة حق على كل مسلم إلا أربعة) وذكر فيهم المرأة، وعرفنا اتفاق العلماء على أنه لا جمعة على النساء، وكذلك نهيهن عن اتباع الجنائز جاء عن أم عطية من طرق صحيحة ثابتة، وذلك لضعفهن وخورهن وعدم صبرهن وعدم تحملهن، ولأنه قد يحصل منهن أمور لا تنبغي، ولهذا جاءت الأحاديث في ذم النائحة وبيان عقوبة النائحة، وكذلك الرجل لو ناح فإن حكمه حكم المرأة، ولكن الغالب أن النياحة تكون من النساء لضعفهن، فلو وجد من الرجال من ينوح فحكمه حكم النساء، ولكن نص على النساء وذكر النائحة دون النائح لأن النياحة تحصل غالباً من النساء؛ لعدم صبرهن وعدم قوة تحملهن. تراجم رجال إسناد حديث (وأمرنا بالعيدين أن نخرج فيهما الحيض) قوله: [ حدثنا أبو الوليد -يعني الطيالسي- ]. كلمة (يعني) هذه قالها من هو دون أبي داود ؛ لأن أبا داود لا يقول: يعني الطيالسي ، بل ينسب شيخه كما يريد، فأبو داود اقتصر على قوله: [ حدثنا أبو الوليد ] فالذي جاء بعد أبي داود هو الذي أضاف كلمة (الطيالسي)، وأتى قبلها بكلمة (يعني)، و(يعني) فعل مضارع فاعله ضمير مستتر يرجع إلى أبي داود ، والذي قال: (يعني) هو دون أبي داود ، وأبو الوليد الطيالسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ومسلم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسحاق بن عثمان ]. إسحاق بن عثمان صدوق أخرج له أبو داود وحده. [ حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية ]. إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية مقبول، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ عن جدته أم عطية ]. مر ذكرها. الخطبة يوم العيد شرح حديث إنكار رجل على مروان تقديم الخطبة على صلاة العيد قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الخطبة يوم العيد. حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ح: وعن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنه قال: (أخرج مروان المنبر في يوم عيد فبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: يا مروان ! خالفت السنة، أخرجت المنبر في يوم عيد ولم يكن يخرج فيه، وبدأت بالخطبة قبل الصلاة، فقال أبو سعيد الخدري: من هذا؟ قالوا: فلان بن فلان، فقال: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكراً فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب الخطبة يوم العيد ]، والترجمة معقودة للخطبة، وأن العيد لا بد فيه من خطبة، بل لا بد فيه من خطبتين، ولا نعلم دليلاً يدل على أنها خطبتان، ولكن بعض أهل العلم قال: الدليل هو القياس على الجمعة، ولا أعلم خلافاً في أن خطبة العيد خطبتان، ومما يوضح هذا أن العيد شبه بالجمعة في الأحاديث التي سبق أن مرت بنا في باب إذا وافق عيد يوم الجمعة، فإذا كان العيد يجزئ عن الجمعة ويغني عن الجمعة فمعناه أنه يكون مثل الجمعة، والجمعة فيها خطبتان، ومن حضر العيد أجزأه عن حضور الجمعة، فإذا أراد أن يتخلف عن الجمعة فإنه معذور للأحاديث التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فكون صلاة العيد تغني عن الجمعة وتجزئ عن الجمعة إذا وافق عيد يوم الجمعة فهذا يدلنا على أن صلاة العيدين مثل الجمعة، وأن لها خطبتين، ولا أعلم أحداً خالف في أن العيد له خطبتان كالجمعة. وأورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن مروان بن الحكم أخرج المنبر في يوم عيد، وكان أميراً على المدينة، وبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقال له رجل: خالفت السنة، فقال أبو سعيد الخدري: من هذا؟ قالوا: فلان بن فلان. قال: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ (من رأى منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) ]. وجاء في الصحيح أن أبا سعيد رضي الله عنه هو الذي أنكر على مروان ذلك، بل إنه جذبه عندما أراد أن يصعد إلى المنبر قبل أن يصلي، فاستمر مروان فيما أراده، وصعد إلى المنبر وخطب، وجلس أبو سعيد، فلعل هذا الرجل حصل منه الإنكار بعد أن قال لمروان ما قال، وإلا فإن الذي حصل منه الإنكار مباشرة على مروان هو أبو سعيد نفسه، وقد جاء في الصحيح أنه جذبه، وكأنه خشي أن يكون نسي أن الصلاة قبل الخطبة، لكنه أراد أن يبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فخطب الناس، ولعل هذا الذي أنكر كما أنكر أبو سعيد كان بعد فراغ مروان من الخطبة والصلاة، فقال له: خالفت السنة، وعند ذلك قال أبو سعيد رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) ]. وهذا الحديث يدل على أن الصلاة قبل الخطبة، وأنه يبدأ بالصلاة ثم يؤتى بالخطبة بعد ذلك، ويدلنا على أن تقديم الخطبة على الصلاة لا يبطل الصلاة، بل حصل المطلوب ولكن فيه مخالفة للسنة، وذلك لأن أبا سعيد رضي الله عنه بقي واستمع الخطبة ثم صلى معه، فدل ذلك على أن تقديم الصلاة على الخطبة ليس من شرط صلاة العيد، وكذلك الذين صلوا معه لم يترك أحدهم الصلاة، ولم يغادر أحدهم المكان الذي حصلت فيه مخالفة هذه السنة، فدل على أن هذه المخالفة لا تصل إلى حد بطلان الصلاة، بل تبرأ الذمة بتلك الصلاة التي حصل فيها التقديم والتأخير المخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم. وأبو سعيد رضي الله عنه بين ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن من كان ذا قدرة فعليه أن يغير بيده، كالولاة وكصاحب البيت في ولايته على أهل بيته، فالذي يمكن أن يغير المنكر بيده صاحب الولاية، سواءٌ أكانت عامة أم خاصة، وسواءٌ أكان الوالي الأعظم أم نوابه، وكذلك من يكون والياً ولاية خاصة كولاية الرجل على أهل بيته، فإن هذا مما يمكن فيه التغيير باليد، ومن لم يستطع أن يغير بيده ينتقل إلى الشيء الذي يليه وهو التغيير بلسانه، فيبين أن هذا ليس بصحيح، وأن هذا مخالف للسنة، كما حصل من أبي سعيد رضي الله عنه، وكما حصل من هذا الرجل الذي أنكر على مروان بن الحكم ، فإن لم يستطع وما تمكن من أن ينكر بلسانه فإنه ينكر بقلبه، وذلك بأن يتأثر ويتألم، لا أنه إذا لم يستطع التغيير يبقى قلبه بلا إنكار ولا تأثر، ولا يحرك ساكناً. فقوله: [ (وذلك أضعف الإيمان ) ] يعني: لا أقل من كون الإنسان ينكر بقلبه، ويكون متأثراً ومتألماً من هذا المنكر بقلبه، ولا يكفي مجرد كونه ما استطاع الكلام، بل لابد من أن يتأثر قلبه ويظهر على وجهه التألم والتأثر. فقوله: [ (وذلك أضعف الإيمان) ] يعني: لا أقل من هذا الشيء، والإنسان الذي لا ينكر بقلبه فليس وراء ذلك شيء من الإيمان في قلبه، وهذا يدلنا على أن الناس يتفاوتون في الإيمان، ففيهم الذي يكون إيمانه ضعيفاً، وفيهم الذي يكون إيمانه قوياً، والناس ليسوا في الإيمان على حد سواء. قوله: [ أخرج مروان المنبر في يوم عيد ] يعني: أخرج المنبر إلى مكان المصلى، ولم يكن يخرج، لكن جاء في بعض الأحاديث الصحيحة التي ستأتي (أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما خطب الرجال نزل وذهب إلى النساء)، فدل على أنه كان في مكان مرتفع، فالتعبير بالنزول يدل على أنه كان يخطب في مكان مرتفع، لكن إخراج المنبر ونقله إلى المصلى لم يكن معروفاً في زمنه صلى الله عليه وسلم، فلا بأس بأن يكون هناك مكان مرتفع غير المنبر يخطب عليه الخطيب؛ لأن قوله في الحديث: (نزل) يدل على أنه خطب الرجال في مكان مرتفع، ثم ظن أنه لم يسمع النساء فنزل وذهب إلى النساء ووعظهن كما سيأتي. تراجم رجال إسناد حديث إنكار رجل على مروان تقديم الخطبة على صلاة العيد قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو معاوية ]. هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأعمش ]. الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل بن رجاء ]. هو إسماعيل بن رجاء بن ربيعة، وهو ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو رجاء بن ربيعة، وهو صدوق أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة. [ عن أبي سعيد ]. هو سعد بن مالك بن سنان، مشهور بكنيته ونسبته، مشهور بكنيته أبي سعيد، ونسبته الخدري، وهو صحابي مشهور، وهو أحد السبعة المشهورين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ ح: وعن قيس بن مسلم ]. يعني: وحدث الأعمش عن قيس بن مسلم، فالأعمش له شيخان: أولهما إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد والثاني قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد، و قيس بن مسلم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن طارق بن شهاب ]. هو صحابي صغير رضي الله عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد ]. وهو الذي تنتهي إليه الطريقان. شرح حديث (قام يوم الفطر فصلى ثم خطب الناس) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: سمعته يقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قام يوم الفطر فصلى، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب الناس، فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال رضي الله عنه، وبلال باسط ثوبه تلقي فيه النساء الصدقة)، قال: تلقي المرأة فتخها ويلقين ويلقين. وقال ابن بكر : فتختها ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى صلاة العيد، وأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قام وخطب الناس ثم نزل وأتى النساء، وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخطب على مكان مرتفع في المصلى، فذهب إلى النساء ووعظهن وذكرهن وحثهن على الصدقة، وبسط بلال رداءه، فجعلن يلقين في رداء بلال من فتخاتهن، والفتخات هي خواتم تكون في أصابعهن، وجاء أنهن كن يلقين من أقراطهن وخواتيمهن، والأقراط هي التي تعلق بالأذن، والخواتيم هي التي تكون في الأصابع، يعني يتصدقن، وهذا يدل على أن المرأة لها أن تخرج بحليها إلى الصلاة، وليس عليها أن تنزع حليها إذا أرادت أن تخرج للصلاة أو غيرها، ولكنها تستر وجهها وتستر زينتها، ولا تظهر زينتها للناس. وقوله: [ فجعلن يلقين فتخاتهن ويلقين ويلقين ] يعني: يلقين ويلقين أشياء أخرى مما معهن، وهذا يدلنا على مبادرة النساء إلى الصدقة، وعدم إرجاؤهن ذلك إلى أن يذهبن للبيوت، وأنهن صرن يلقين من هذه الزينة التي عليهن، وهذا يدل على مبادرتهن إلى الخير، ومبادرتهن إلى الصدقة وسرعة امتثالهن لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن المرأة تتصدق بمالها ولو لم تستأذن زوجها، ولا يلزم استئذان الزوج في كون المرأة تتصدق. قوله: [ (فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال) ] يعني: كان معتمداً على يد بلال وهو يعظ النساء ويذكرهن صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قوله: [ وبلال باسط ثوبه ]. يعني: وضعه على الأرض حتى تضع النساء صدقاتهن في ذلك الثوب. قوله: [ (وقال ابن بكر : فتختها) ]. يعني أن شيخي الإمام أحمد بن حنبل -وهما عبد الرزاق و محمد بن بكر- أحدهما قال: [ فتخها ] وهذا جمع، والآخر قال: [ فتختها ] بالمفرد، والمفرد إذا أضيف إلى معرفة يعم. تراجم رجال إسناد حديث (قام يوم الفطر فصلى ثم خطب الناس) قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ومحمد بن بكر ]. محمد بن بكر صدوق يخطئ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (خرج يوم فطر فصلى ثم خطب ثم أتى النساء..) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة، ح: وحدثنا ابن كثير أخبرنا شعبة عن أيوب عن عطاء أنه قال: (أشهد على ابن عباس رضي الله عنهما، وشهد ابن عباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوم فطر فصلى ثم خطب ثم أتى النساء ومعه بلال رضي الله عنه، قال ابن كثير : أكبر علم شعبة: فأمرهن بالصدقة فجعلن يلقين) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بالناس قبل الصلاة، ثم ذهب إلى النساء ووعظهن وبلال معه. وقال محمد بن كثير شيخ أبي داود الثاني: [ أكبر علم شعبة: فأمرهن بالصدقة. قوله: [ فجعلن يلقين ] يعني: نتيجة لهذا الأمر وهذا الترغيب وهذا الحث على الصدقة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم -كما جاء في الحديث- قال: (تصدقن -يا معشر النساء- فإنكن أكثر حطب جهنم، فقالت امرأة من سطة النساء: يا رسول الله! لم؟! قال: لأنكن تكثرن الشكاية وتكفرن العشير). قوله: [ قال عطاء: أشهد على ابن عباس، وشهد ابن عباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. هذا يدل على أن كل واحد متحقق ومتيقن من الشيء الذي رواه؛ لأنه عبر بذلك بالشهادة التي تدل على تحقق الإنسان مما أخبر به. تراجم رجال إسناد حديث (خرج يوم فطر فصلى ثم خطب ثم أتى النساء..) قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي. [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ ح: وحدثنا ابن كثير ]. ابن كثير هو محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا شعبة عن أيوب ]. أيوب هو ابن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء قال: أشهد على ابن عباس ]. عطاء هو ابن أبي رباح مر ذكره، وابن عباس هو عبد الله بن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (خرج يوم فطر فصلى ثم خطب ثم أتى النساء..) من طريق ثانية وتراجم رجاله قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد وأبو معمر عبد الله بن عمرو قالا: حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما بمعناه، قال: (فظن أنه لم يسمع النساء فمشى إليهن وبلال رضي الله عنه معه فوعظهن وأمرهن بالصدقة، فكانت المرأة تلقى القرط والخاتم في ثوب بلال) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله، إلا أن فيه بيان السبب الذي جعله يذهب إلى النساء ويعظهن، وهو كونه ظن أنه لم يسمعهن، وذلك لأن مكانهن متأخر، فظن أنهن لم يسمعن الخطبة، فذهب إليهن وخطبهن ووعظهن صلى الله عليه وسلم، فأمرهن بالصدقة فجعلن يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتيمهن، والأقراط هي التي تعلق في الأذن للزينة، والخواتيم هي التي تكون في الأصابع. قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي. [ وأبو معمر عبد الله بن عمرو ]. وأبو معمر عبد الله بن عمرو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الوارث ]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس ]. مر ذكرهم. إسناد ثالث لحديث (خرج يوم فطر فصلى ثم خطب ثم أتى النساء..) وتراجم رجاله قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذا الحديث، قال: (فجعلت المرأة تعطي القرط والخاتم، وجعل بلال يجعله في كسائه، قال: فقسمه على فقراء المسلمين) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وعظ النساء وجعلت النساء تلقي القرط والخاتم في ثوب بلال، وفيه زيادة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قسمه على فقراء المسلمين، يعني هذه الصدقات التي تصدقت بها النساء في يوم العيد عندما وعظهن الرسول صلى الله عليه وسلم فقسم ذلك على فقراء المسلمين، فدل هذا على أن الصدقات العامة التي ليست من الزكوات تصرف في الفقراء، والصدقة تطلق على الفريضة وعلى النافلة، قال الله: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة:103] وهي زكاة المال، وقال الله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ [التوبة:60] وأيضاً الصدقات تطلق على النوافل والتطوعات التي يتصدق بها. قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس ]. مر ذكر هؤلاء جميعاً. يخطب على قوس شرح حديث (نوول يوم العيد قوساً فخطب عليه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب يخطب على قوس. حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن عيينة عن أبي جناب عن يزيد بن البراء عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نوول يوم العيد قوساً فخطب عليه) ]. أورد أبو داود [ باب يخطب على قوس ] يعني: في العيد، والمعنى أنه يعتمد عليه، فيكون بيده قوس أو عصا، وأورد فيه حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم [ نوول ] أي: أعطي، و(نوول) فعل مبني للمجهول من (ناول)، أي: أعطى، فهو (نوول) من المناولة. والحديث في سنده أبو جناب ضعف لكثرة تدليسه، ولكن الحديث الذي سبق في خطبة يوم الجمعة أنه يخطب على قوس أو عصا يشهد له ويؤيده، فهو حديث حسن، والحكمة من ذلك كون الخطيب يرتاح في خطبته ويعتمد على ذلك الشيء الذي يعتمد عليه، ويكون ذلك أدعى لعدم حركة يده عندما يمسك القوس أو العصا، وإذا وجد المنبر وله قوائم يمكن للخطيب أن يعتمد عليها فإنها تقوم مقام العصا أو القوس؛ لأن الحكمة عدم الحركة، ولكونه يستند ويعتمد على هذا الشيء الذي يعتمد عليه، وهذا يحصل بالاعتماد على المنبر. تراجم رجال إسناد حديث (نوول يوم العيد قوساً فخطب عليه) [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي. [ حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن عيينة ]. عبد الرزاق مر ذكره، وابن عيينة هو سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي جناب ]. هو يحيى بن أبي حية، ضعفوه لكثرة تدليسه، وحديثه أخرجه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة. [ عن يزيد بن البراء ]. هو يزيد بن البراء بن عازب، وهو صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي. [ عن البراء بن عازب ]. هو صحابي ابن صحابي رضي الله عنهما، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة."
__________________
|
#266
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الصلاة شرح سنن أبي داود [143] الحلقة (174) شرح سنن أبي داود [143] لصلاة العيد أحكام شرعية منها: أنها تصلى ركعتان بغير أذان ولا إقامة ولا لفظ يدعو إليها، ويشرع فيها التكبير سبعاً في الركعة الأولى غير تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، وخمساً في الركعة الثانية غير تكبيرة القيام وتكبيرة الركوع، وتسن القراءة فيها بالأعلى والغاشية أو بـ (ق) و(اقتربت)، وأما خطبتها فبعد صلاتها، وللمرء أن يستمع إليها وله أن ينصرف. ترك الأذان في العيد شرح حديث صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد بلا أذان ولا إقامة قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ترك الأذان في العيد. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس أنه قال: (سأل رجل ابن عباس رضي الله عنهما: أشهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا منزلتي منه ما شهدته من الصغر، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم الذي عند دار كثير بن الصلت فصلى ثم خطب، ولم يذكر أذاناً ولا إقامة، قال: ثم أمر بالصدقة، قال: فجعلن النساء يشرن إلى آذانهن وحلوقهن، قال: فأمر بلالاً فأتاهن ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ]. أورد أبو داود [ باب ترك الأذان في العيد ]، فليس لصلاة العيد أذان ولا إقامة، وإنما يحضر الناس المصلى، وإذا جاء الوقت صلى الإمام بالناس ثم خطب الناس، من غير أن يكون هناك أذان ولا إقامة، فإذا ثبت العيد فإن الناس يخرجون إلى المصلى مبكرين، وبعدما ترتفع الشمس قيد رمح يقوم الإمام فيصلي بالناس ثم يخطب الناس بدون أذان ولا إقامة، ولم يأت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يشرع الأذان والإقامة، فلا أذان ولا إقامة لصلاة العيد. وأورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه قيل له: [ أشهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم، ولولا منزلتي منه ما شهدته من الصغر ] يعني: لكونه قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم قرب منه، فهو ابن عمه، والصغار قد يذهبون وقد لا يذهبون، ولكنه ذهب لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وكان مع ذهابه قريباً من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان معه لما ذهب إلى النساء ووعظهن وذكرهن. قوله: [ (فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم الذي عند دار كثير بن الصلت فصلى) ] العلم هو علامة واضحة إما جبل وإما شيء منصوب أو شيء موضوع، وكان عند دار كثير بن الصلت ، وهي دار كانت في قبلة المصلى الذي كان يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم فيه العيد. قوله: [ (ثم خطب ولم يذكر أذاناً ولا إقامة ثم أمر بالصدقة، قال: فجعل النساء يشرن إلى آذانهن وحلوقهن) ]. يعني: يشرن إلى آذانهن وحلوقهن لأخذ الأقراط من الآذان، وكذلك لأخذ القلائد التي في الحلوق، وقيل: المقصود بالحلوق الحلق، أي: حلقهن مثل الخواتيم وما إلى ذلك، يحتمل هذا، ويحتمل هذا، لكن الذي جاء منصوصاً عليه في الروايات هو الخواتيم، وكذلك الأقراط، والإشارة إلى حلوقهن يحتمل أن يكون لأخذ القلائد المعلقة فيه أو أن المقصود بالحلوق الخواتيم وما يشبهها. قوله: [ (فأمر بلالاً فأتاهن ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم) ]. أي رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالذي في ثوبه من الصدقات التي تصدقن بها. تراجم رجال إسناد حديث صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد بلا أذان ولا إقامة قوله: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان ]. محمد بن كثير مر ذكره، وسفيان هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن عابس ]. عبد الرحمن بن عابس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [ عن ابن عباس ]. مر ذكره. شرح حديث صلاة رسول الله العيد وأبي بكر وعمر بغير أذان ولا إقامة قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العيد بلا أذان ولا إقامة وأبو بكر وعمر أو عثمان) شك يحيى. حدثنا عثمان بن أبي شيبة وهناد -لفظه- قالا: حدثنا أبو الأحوص عن سماك -يعني ابن حرب - عن جابر بن سمرة أنه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين العيدين بغير أذان ولا إقامة) ]. سبق حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في هذا المعنى، وفيه أنه قال: (ولم يذكر أذاناً ولا إقامة) ولكن في هذين الحديثين التصريح: (بأنهم صلوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم العيد بدون أذان ولا إقامة). فعن ابن عباس [ (أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى العيد بلا أذان ولا إقامة وأبو بكر و عمر أو عثمان) شك يحيى ] أي أن ابن عباس رضي الله عنهما يروي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه صلى العيد بلا أذان ولا إقامة، وأن أبا بكر و عمر -أو عثمان- صليا العيد بلا أذان ولا إقامة، والشك من يحيى بن سعيد القطان هل قال: عمر أو عثمان ؟ فأبو بكر ليس فيه شك، وإنما الشك في عمر أو عثمان. وعن جابر بن سمرة قال: [ (صليت غير مرة ولا مرتين مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين بغير أذان ولا إقامة) ]، وهذا يدلنا على أن العيدين يصليان بدون أن يؤذن لهما، وبدون أن تقام الصلاة لهما، فلا يكون فيهما أذان ولا إقامة، هذه سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وكذلك لا يقال: الصلاة جامعة. فقول: (الصلاة جامعة، الصلاة جامعة) يقال في الكسوف من أجل أن الناس يأتون من أماكنهم، وأما العيد إذا ثبت فإن الناس يذهبون إلى المصلى، وإذا جاء الوقت لا يؤذن لها، وإذا أريد قيامها لا تقام لها الصلاة، وإنما يأتي الإمام ويطلب من الناس أن يستووا ثم يصلي بهم وإذا فرغ خطب. تراجم رجال إسناد حديث صلاة رسول الله العيد وأبي بكر وعمر بغير أذان ولا إقامة قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي. [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن بن مسلم ]. هو الحسن بن مسلم بن يناق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [ عن طاوس ]. هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [ وهناد ]. هو هناد بن السري أبو السري، ثقة، أخرج حديثه البخاري في (خلق أفعال العباد) ومسلم وأصحاب السنن. [ لفظه ]. أي: اللفظ للثاني الذي هو هناد بن السري. [ حدثنا أبو الأحوص ]. هو سلام بن سليم الحنفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك -يعني ابن حرب- ]. سماك بن حرب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن جابر بن سمرة ]. جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. التكبير في العيدين شرح حديث عدد التكبيرات في الفطر والأضحى في الصلاة قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التكبير في العيدين. حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمساً) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة [ باب التكبير في العيدين ] أي: في صلاة العيدين، والمقصود من هذه الترجمة التكبيرات التي يؤتى بها في صلاة العيدين، وهذا غير التكبير الذي يكون في ليلتي العيدين ويكون في الذهاب إلى العيدين ويكون في الجلوس في انتظار صلاة العيد، كما سبق أن مر بنا الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج ذوات الخدور والحيض ليشهدن دعوة المسلمين ويكبرن، أي: يحصل منهن التكبير، وهذا التكبير غير التكبير الذي عقد له المصنف هذه الترجمة؛ لأن التكبير هنا المقصود به التكبيرات التي تكون في صلاة العيد في الركعة الأولى وفي الركعة الثانية، والذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عنه أنه كان يكبر سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية، غير تكبيرة الإحرام، وغير تكبيرة الانتقال، وإنما هي تكبيرات زائدة عن التكبيرات الواجبة في الصلاة، وهي تكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال وتكبيرة الركوع. تراجم رجال إسناد حديث عدد التكبيرات في الفطر والأضحى في الصلاة قوله: [ حدثنا قتيبة ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن لهيعة ]. هو عبد الله بن لهيعة، صدوق خلط لما احترقت كتبه، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن عقيل ]. هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ] هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. حال حديث عدد التكبيرات في الفطر والأضحى في الصلاة الحديث فيه ابن لهيعة وقد خلط، ولكنه جاء له شاهد -كما سيذكره- المصنف من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، لكن الألباني رحمه الله ذكر أن قتيبة سمع من ابن لهيعة قبل الاختلاط كما في المجلد السادس من السلسلة الصحيحة، وإذا كان قتيبة سمع منه قبل الاختلاط فالحديث صحيح ولا إشكال فيه. من أحكام صلاة العيد الاستفتاح في صلاة العيد يكون بعد الانتهاء من السبع التكبيرات قبل القراءة، والتكبيرات لا تكون متوالية سرداً، وإنما يفصل المكبر بينها فصلاً يسيراً، وبعض العلماء يقولون: يسردها سرداً، ولا أعلم أن هناك ذكراً بين التكبيرات إذا لم يسردها، وهذه التكبيرات سنة، وإذا نسيها الإمام يسبح له المأمومون ليأتي بها، وما ثبت شيء في رفع اليدين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكبيرات العيد. شرح حديث عدد التكبيرات في الفطر والأضحى في الصلاة من طريق ثانية وتراجم رجاله قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب بإسناده ومعناه، قال: سوى تكبيرتي الركوع ]. أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى، وهو بمعنى الحديث السابق أنه يكبر سبعاً في الأولى وخمساً في الثانية، وفيه زيادة [ سوى تكبيرتي الركوع ]، يعني أنها تكبيرات زوائد كما أشرت، وليست تكبيرة الإحرام ولا تكبيرة الركوع منها، وإنما هي سبع سوى تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، وخمس سوى تكبيرة الانتقال إلى الركعة الثانية وتكبيرة الركوع في الركعة الثانية. قوله: [ حدثنا ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أخبرنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو يروي عن ابن لهيعة ، ويقال: رواية عبد الله بن وهب وغيره من العبادلة عن ابن لهيعة مقبولة، وإذا كان قتيبة أيضاً سمع منه قبل الاختلاط فهذا أيضاً يقوي الحديث، ويدلنا على سلامة الإسناد، وأن وجود ابن لهيعة فيه لا يؤثر، وأيضاً له شواهد من غير هذا الطريق كما سيأتي. [ أخبرني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد ]. خالد بن يزيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب بإسناده ومعناه ]. يعني: بإسناده إلى عائشة ، وهو مثله في المعنى وليس في الألفاظ. شرح حديث (التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا المعتمر قال: سمعت عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن ابن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: (التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما) ]. أورد أبو داود حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الثانية، والقراءة بعدهما كلتيهما) ] يعني في كل ركعة تكون القراءة بعد التكبير، وليس التكبير بعد القراءة، أي أن التكبيرات الزوائد في صلاة العيد تكون بين تكبيرة الإحرام وبين القراءة. تراجم رجال إسناد حديث (التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الثانية) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا المعتمر ]. المعتمر هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعت عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ]. عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي صدوق يخطئ ويهم، أخرج حديثه الترمذي في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو شعيب بن محمد ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وفي الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة. [ عن ابن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وحديث عمرو بن شعيب مطابق لما جاء في حديث عائشة المتقدم من أن التكبيرات سبع في الأولى وخمس في الثانية، وهنا نص على الفطر ومثله الأضحى، والحديث الأول فيه الفطر والأضحى معاً. شرح حديث (كان يكبر في الفطر في الأولى سبعاً ثم يقرأ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا سليمان -يعني ابن حيان - عن أبي يعلى الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر في الأولى سبعاً ثم يقرأ، ثم يكبر ثم يقوم فيكبر أربعاً ثم يقرأ ثم يركع). قال أبو داود : رواه وكيع وابن المبارك قالا: سبعاً وخمساً ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عمرو بن شعيب من طريق أخرى، وفيه أن التكبيرات في الأولى سبع ولكنها في الثانية أربع، ولكنه بعد ذلك ذكر رواية عبد الله بن المبارك و وكيع أنها سبع وخمس، يعني: كالرواية السابقة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن التكبيرات سبع في الأولى وخمس في الثانية، وعلى هذا فيكون المحفوظ الثابت هو الخمس؛ لأن هذه الطريق التي فيها الخمس جاءت من طريق وكيع ومن طريق عبد الله بن المبارك . تراجم رجال إسناد حديث (كان يكبر في الفطر في الأولى سبعاً ثم يقرأ) قوله: [ حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ]. أبو توبة الربيع بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا سليمان -يعني ابن حيان- ]. سليمان بن حيان صدوق يخطئ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي يعلى الطائفي ]. أبو يعلى الطائفي هو الذي مر ذكره في الإسناد السابق، وهنا ذكر بكنيته ونسبته، وفي الإسناد الأول ذكر باسمه عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي . [ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ]. هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، وهنا ذكر الجد، وهو عبد الله بن عمرو ، وفي الرواية السابقة نص على اسم الجد وأنه عبد الله بن عمرو ، وهنا لم ينص عليه، ولكنه يراد به عبد الله بن عمرو ، وبذلك يكون متصلاً، ولو كان الجد المراد به محمد بن عبد الله لكان الحديث مرسلاً؛ لأن محمداً تابعي لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال أبو داود : ورواه وكيع و ابن المبارك ]. وكيع هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وعبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنازة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء وابن أبي زياد -المعنى قريب- قالا: حدثنا زيد -يعني ابن حباب - عن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول أنه قال: أخبرني أبو عائشة جليس لأبي هريرة : (أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى : كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنائز، فقال حذيفة : صدق، فقال أبو موسى : كذلك كنت أكبر في البصرة حيث كنت عليهم، قال أبو عائشة : وأنا حاضر سعيد بن العاص) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذا الأثر عن أبي موسى وعن حذيفة أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى : [ (كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنازة) ]، يعني: مثل التكبيرات على الجنازة أي: أربع في العدد، فقال حذيفة : صدق، قال أبو موسى : وكنت أكبر بها في البصرة عندما كنت عليهم، أي: أميراً عليهم، قال أبو عائشة : كنت حاضراً سعيد بن العاص لما سأل هذا السؤال أبا موسى الأشعري وحذيفة ، وهذا فيه أن التكبيرات تكون أربعاً في الأولى، وأربعاً في الثانية، لكن الحديث فيه أبو عائشة جليس أبي هريرة ، وهو مقبول، وقد أخرج حديثه أبو داود ، فهو غير ثابت، والثابت هو ما تقدم من أنها سبع في الأولى وخمس في الثانية، والألباني صحح هذا الحديث، ولا أدري بوجه هذا التصحيح! تراجم رجال إسناد حديث (كان يكبر أربعاً تكبيره على الجنازة) قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ وابن أبي زياد ]. هو عبد الله بن الحكم بن أبي زياد، وهو صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ قال: المعنى قريب ]. يعني: المعنى متقارب والألفاظ مختلفة. [ حدثنا زيد -يعني ابن حباب- ]. زيد بن حباب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن ثوبان ]. هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وهو صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو ثابت بن ثوبان، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود و الترمذي و ابن ماجة [ عن مكحول ]. هو مكحول الشامي، ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي عائشة ]. أبو عائشة مقبول، أخرج حديثه أبو داود . [ عن أبي موسى الأشعري وحذيفة ]. أبو موسى الأشعري هو عبد الله بن قيس الأشعري ، وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وحذيفة ابن اليمان صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. حكم التكبير في أول خطبة العيد خطبة العيد تشتمل على التكبير، لكن كونها تبدأ بعدد معين كما ذكر بعض أهل العلم أنه يكبر تسعاً في أول الخطبة لا أعلم له دليلاً. ما يقرأ في الأضحى والفطر شرح حديث قراءته صلى الله عليه وسلم في العيد بسورة (ق) والقمر قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقرأ في الأضحى والفطر. حدثنا القعنبي عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي رضي الله عنه: ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر؟ قال: كان يقرأ فيهما: (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) و (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة [ ما يقرأ في الأضحى والفطر ] أي: ما يقرأ في الركعتين في صلاة العيدين، وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي واقد الليثي رضي الله تعالى عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله عما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بـ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) و (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ولعل سؤال عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أجل أن يتثبت ويتأكد، أو أنه حصل له نسيان فأراد أن يتحقق، وإلا فإن عمر رضي الله عنه كان ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف أحواله ويعرف سنة الصلاة. والحديث يدل على أن صلاة العيد يقرأ فيها بـ (ق) و (اقتربت الساعة وانشق القمر)، وسبق أن مر في باب ما يقرأ في الجمعة حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة والعيدين بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) قال: وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأ بهما) يعني: ربما وافق يوم عيد يوم جمعة فيقرأ في العيد بـ(سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) في الصباح في أول النهار، وفي وقت الجمعة يقرأ بـ (سبح اسم ربك الأعلى) و(هل أتاك حديث الغاشية). وعلى هذا فقد جاءت السنة بأنه يقرأ في العيدين بـ( سبح اسم ربك الأعلى) و(هل أتاك حديث الغاشية) كما في حديث النعمان ، وفي الحديث الذي معنا أنه يقرأ فيهما بـ(ق) و (اقتربت الساعة وانشق القمر). وهذا الحديث صورته صورة المرسل؛ لأن عبيد الله بن عبد الله متأخر ما أدرك عمر ، ولكنه جاء من طريق أخرى ثابتة وصحيحة متصلاً، وليس صورته صورة المرسل كما هنا، وهنا يحكي عبيد الله بن عبد الله ما جرى بين عمر و أبي واقد وكأنه حاضر وصورته صورة المرسل، ولكنه جاء من طريق متصلة كما ذكر ذلك في عون المعبود، وذكر الطريق المتصلة التي فيها اتصال الحديث، وعلى هذا فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة في العيدين بهاتين السورتين (ق) و (اقتربت)، وكذلك ثبتت القراءة في العيدين بسورتي (سبح اسم ربك الأعلى) و(هل أتاك حديث الغاشية). تراجم رجال إسناد حديث قراءته صلى الله عليه وسلم في العيد بسورة (ق) والقمر قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ضمرة بن سعيد ]. هو ضمرة بن سعيد المازني، ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي واقد الليثي ]. أبو واقد الليثي رضي الله عنه هو الحارث بن مالك ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. الجلوس للخطبة شرح حديث (إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الجلوس للخطبة. حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا الفضل بن موسى السيناني حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب رضي الله عنهما أنه قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب). قال أبو داود : هذا مرسل عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب الجلوس للخطبة ] يعني: حكم جلوس المأمومين للخطبة، والحديث الذي أورده أبو داود يفيد الاستحباب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: [ (فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب) ]، وعلى هذا فالحضور للخطبة ليس بلازم، فمن أراد أن يحضر حضر، ومن أراد أن ينصرف بعد أن يصلي فله أن ينصرف، والمهم هو الصلاة، وبعض أهل العلم استدل بهذا على أن الخطبة في العيدين ليست بواجبة، وإنما هي مستحبة، وبعضهم قال: إن الترخيص لمن أراد أن يذهب لا يعني أنها لا تكون واجبة، لكن كون الرسول صلى الله عليه وسلم رخص فيها، وأن الإنسان له أن يجلس وله أن ينصرف يفيد أن الأمر واسع، وأن من أراد أن يجلس من المأمومين فله أن يجلس، ومن أراد أن ينصرف فله أن ينصرف. ويدل على أن الخطبة غير متأكدة أن المأمومين يخيرون بين أن يجلسوا وبين أن ينصرفوا، وهذا يدل على عدم لزومها، وليست كالجمعة؛ لأن الجمعة من شرطها وجود الخطبتين، لكن كون العيد يشبه الجمعة من جهة أن من حضر العيد له أن يتخلف عن الجمعة إذا وافق يوم عيد يفيد أهمية الخطبة، وأن وجودها أمر مطلوب، والقول بالوجوب له وجه من جهة أن حضور العيد يغني عن الجمعة. تراجم رجال إسناد حديث (إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس) قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز ]. محمد بن الصباح البزاز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الفضل بن موسى السيناني ]. هو الفضل بن موسى السيناني المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عن ابن جريج عن عطاء ]. ابن جريج مر ذكره، وعطاء هو ابن أبي رباح المكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن السائب ]. صحابي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. قوله: [ قال أبو داود : هذا مرسل عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. لكن في الإسناد عبد الله بن السائب رضي الله تعالى عنه، والألباني صحح الحديث في صحيح سنن الترمذي. الأسئلة حكم الإنصات في خطبة العيد السؤال: هل يلزم في خطبتي العيد وخطبة الاستسقاء ما يلزم في خطبة الجمعة من الإنصات؟ الجواب: الذي يبدو أن بينها فرقاً، فخطبة الجمعة يلزم الإنسان أن يجلس لها، وغيرها لا يلزمه أن يجلس لها، لكن من جلس ليس له أن يتحدث وينشغل عن الخطبة، إما أن يجلس ساكتاً وإما أن ينصرف. حكم رفع المأمومين للصوت بالتكبير في صلاة العيد السؤال: يحصل من الناس في صلاة العيد رفع الصوت في التكبير مع الإمام، في بداية الصلاة في السبع التكبيرات الأولى والخمس، وكذلك في الخطبة إذا بدأ في الخطبة بالتكبير يكبرون معه، فهل رفع الصوت هنا له وجه؟ الجواب: المأمومون لا يرفعون الصوت ولا يكبرون مع الإمام في الصلاة ولا في الخطبة، وإنما إذا كبر الإنسان يكبر بينه وبين نفسه. حكم التكبير الجماعي السؤال: ما حكم التكبير الجماعي؟ الجواب: هذا خلاف السنة، ولم يثبت التكبير الجماعي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والشيخ حمود التويجري رحمه الله كتب رسالة خاصة في إنكار التكبير الجماعي، وأثبت أنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. حكم إضافة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع تكبيرات يوم العيد السؤال: ما حكم زيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وآله وأزواجه في تكبيرات يوم العيد؟ الجواب: المشروع أن يكبر كل إنسان على حدة، بدون أن يكون صوتاً جماعياً، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم مطلوبة في غير هذا الموضع، فلا نعلم دليلاً يدل على أنها تضاف إلى التكبير، ولكن كون الإنسان يكبر ويكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه فهذا أمر مطلوب، لكن كونه يقرن ذلك بالتكبير لا نعلم شيئاً يدل عليه. صيغة التكبير في العيد السؤال: ما هي صيغة التكبير في العيدين؟ الجواب: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وكذلك الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً، وقد جاء عن بعض السلف هذا، لكن ما نعلم فيه شيئاً ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان كيفيته."
__________________
|
#267
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الصلاة شرح سنن أبي داود [144] الحلقة (175) شرح سنن أبي داود [144] يتعلق بصلاة العيد جملة من الأحكام الشرعية، ومنها أنه يسن للذاهب إليها أن يذهب من طريق ويرجع من أخرى ليحصل له شهادة الطريقين، ومنها أنه إذا لم يعلم الناس بيوم العيد إلا بعد الزوال فإنهم يخرجون من غدهم فيصلونها، كما أن من أحكامها أنها تصلى في المصلى ركعتين بغير نفل قبلها ولا بعدها ما لم يكن مطر، فإن كان مطر صليت في المسجد. الخروج إلى العيد في طريق والرجوع من آخر شرح حديث (أخذ يوم العيد في طريق ثم رجع في طريق آخر) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق. حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد الله -يعني ابن عمر - عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم العيد في طريق ثم رجع في طريق آخر) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي الذهاب إلى العيد من طريق والرجوع من طريق، أي أنه يخالف الطريق، وأورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب من طريق ورجع من طريق) وقد ذكر في الحكمة من ذلك أمور كثيرة، وأقربها كون الطريقين يشهدان للإنسان: طريق الذهاب وطريق الإياب، والحديث في إسناده عبد الله بن عمر العمري المكبر، وهو ضعيف، ولكن الحديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح بمعناه، فهذا يدل على أن الذي جاء من هذا الطريق ثابت. تراجم رجال إسناد حديث (أخذ يوم العيد في طريق ثم رجع في طريق آخر) قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا عبد الله يعني ابن عمر ]. عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المكبر أخو عبيد الله ، وعبيد الله ثقة، وهذا ضعيف أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. هو الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد شرح حديث (أن ركباً جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن جعفر بن أبي وحشية عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (أن ركباً جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا أن يغدو إلى مصلاهم) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب: إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه خرج من الغد ] وذلك إذا لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال؛ لأن صلاة العيد من طلوع الشمس إلى الزوال، فإذا خرج وقتها وجاء العلم بالعيد بعد ذلك فإنه يخرج من الغد، وتصلى صلاة العيد من الغد. وأورد أبو داود رحمه الله حديث جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمومة أبي عمير بن أنس بن مالك قالوا: جاء ركب وأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدو إلى مصلاهم، أي: وإذا أصبحوا من الغد أن يغدو إلى مصلاهم ليصلوا صلاة العيد، فدل هذا على أن صلاة العيد إذا لم تصل في يوم العيد بعد ارتفاع الشمس إلى الزوال فإنها تصلى من الغد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء هذا الركب -وفي بعض الروايات أنه جاء آخر النهار- أمرهم أن يفطروا، وكانوا قد صاموا يوم الثلاثين من رمضان، فثبت أن الهلال رؤي البارحة فصار ذلك اليوم هو يوم العيد، ولكون الوقت الذي تصلى فيه صلاة العيد ذهب، فيؤتى بها من الغد كما فعل ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وهذا يدلنا على أن السنة أن صلاة العيد إذا لم تصل من بعد طلوع الشمس إلى الزوال، ولم يثبت العلم بها إلا بعد ذلك فإنهم يخرجون من الغد، ويصلون صلاة العيد كما جاء في هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو جاء الخبر في الضحى فإنهم يصلون. تراجم رجال إسناد حديث (أن ركباً جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس) قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه الترمذي و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جعفر بن أبي وحشية ]. هو جعفر بن إياس أبو بشر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عمير بن أنس ]. أبو عمير بن أنس بن مالك ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عمومة له من الأنصار ]. هم من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم من الأنصار، وقد روى ذلك عن جمع منهم ولم يسموا، والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم المجهول فيهم في حكم المعلوم. شرح حديث: (كنت أغدو مع أصحاب رسول الله إلى المصلى ..) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حمزة بن نصير حدثنا ابن أبي مريم حدثنا إبراهيم بن سويد أخبرني أنيس بن أبي يحيى أخبرني إسحاق بن سالم مولى نوفل بن عدي أخبرني بكر بن مبشر الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: (كنت أغدو مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يوم الفطر ويوم الأضحى فنسلك بطن بطحان، حتى نأتي المصلى فنصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نرجع من بطن بطحان إلى بيوتنا) ]. أورد أبو داود حديث بكر بن مبشر رضي الله عنه أن الصحابة كانوا يخرجون من بطن بطحان لصلاة العيد ثم يعودون من نفس الطريق الذي ذهبوا منه، وهذا الحديث لا يناسب الترجمة التي هي: [ إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد ] وإنما يطابق الترجمة السابقة، وهي أنه إذا ذهب من طريق يعود من طريق، وهو لا يدل على تلك الترجمة، ولكن يدل على أن الإنسان له أن يذهب من طريق ويرجع من نفس طريقه دون أن يخالف الطريق، لكن الحديث غير ثابت؛ لأن فيه من هو ضعيف ومن هو مجهول، والثابت هو ما تقدم من أنه يخالف الطريق، وأنه يذهب من طريق ويرجع من طريق، وهذا سنة، ولو أن الإنسان ذهب من طريقه ورجع من طريقه فلا بأس بذلك، فالذهاب من طريق والرجوع من طريق أخرى ليس بواجب وإنما هو مستحب، إن فعله الإنسان أثيب وإن لم يفعله فلا شيء عليه. وبطحان وادٍ في المدينة يقال له: بُطحان وبَطحان. وهذا الحديث كأنه تأخر عن مكانه في الترجمة السابقة، ولعل ذلك من بعض النساخ. تراجم رجال إسناد حديث (كنت أغدو مع أصحاب رسول الله إلى المصلى ..) قوله: [ حدثنا حمزة بن نصير ]. حمزة بن نصير مقبول أخرج له أبو داود . [ حدثنا ابن أبي مريم ]. هو سعيد بن الحكم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إبراهيم بن سويد ]. إبراهيم بن سويد ثقة، أخرج له الترمذي وأبو داود ، وهذا غير إبراهيم بن سويد النخعي الذي هو في طبقة التابعين، بل هذا إبراهيم بن سويد آخر في طبقة متأخرة. [ أخبرني أنيس بن أبي يحيى ]. أنيس بن أبي يحيى ثقة أخرج له أبو داود والترمذي . [ أخبرني إسحاق بن سالم مولى نوفل بن عدي ]. إسحاق بن سالم مجهول الحال، أخرج حديثه أبو داود . [ أخبرني بكر بن مبشر الأنصاري ]. بكر بن مبشر حديثه أخرجه أبو داود . وهذا الحديث ضعيف. الصلاة بعد صلاة العيد شرح حديث (خرج رسول الله يوم فطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الصلاة بعد صلاة العيد. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة حدثني عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما، ثم أتى النساء ومعه بلال فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تلقى خرصها وسخابها) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي[ باب: الصلاة بعد صلاة العيد ] يعني: التنفل بعد صلاة العيد، وصلاة العيد ليس لها نافلة قبلها ولا بعدها، وإنما يأتي الإنسان المصلى ويصلي العيد، ولا يتنفل قبلها ولا بعدها، وأورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم عيد فطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما، وهذا يدلنا على أنه لا سنة لصلاة العيد قبلها ولا بعدها، لكن إن صليت صلاة العيد في المسجد فلا بأس بصلاة الضحى بعدها، لكن لا تكون تابعة للعيد. ثم ذهب صلى الله عليه وسلم وأتى النساء ووعظهن وأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقي خرصها وسخابها، والخرص هو الحلقة التي تعلق في الأذن أو القرط، والسخاب هو القلادة التي لا تكون من الجواهر، وإنما تكون من أشياء أخرى رخيصة وغير ثمينة. تراجم رجال إسناد حديث (خرج رسول الله يوم فطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما) قوله: [ حدثنا حفص بن عمر عن شعبة ]. حفص بن عمر وشعبة مر ذكرهما. [ حدثني عدي بن ثابت ]. عدي بن ثابت ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، مر ذكره. الصلاة بالناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر شرح حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه يوم العيد في المسجد لمطر أصابهم قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: يصلى بالناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر. حدثنا هشام بن عمار حدثنا الوليد ، ح: وحدثنا الربيع بن سليمان حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا رجل من الفرويين -وسماه الربيع في حديثه عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة - سمع أبا يحيى عبيد الله التيمي يحدث عن أبي هريرة : (أنه أصابهم مطر في يوم عيد فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العيد في المسجد) ]. أورد أبو داود رحمه الله (باب: يصلي بالناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر)، والسنة أنها تصلى في المصلى، ولا تكون في المسجد، وإذا كان يوم مطير فإنها تصلى في المسجد، هذا هو المقصود من الترجمة. وأورد المصنف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم العيد في يوم مطير في المسجد، أي: لم يتمكنوا من الخروج إلى المصلى، فصلى بهم في المسجد، والحديث ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا لم يحصل التمكن من الصلاة في المصلى فإنها تصلى في المسجد ولا تترك. تراجم رجال إسناد حديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه يوم العيد في المسجد لمطر أصابهم قوله: [ حدثنا هشام بن عمار ]. هشام بن عمار صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا الربيع بن سليمان ]. هو الربيع بن سليمان الجيزي الأزدي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الله بن يوسف ]. هو عبد الله بن يوسف التنيسي المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا الوليد بن مسلم عن رجل من الفرويين سماه الربيع عيسى بن عبد الأعلى ]. عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة مجهول، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة . [ عن أبي يحيى عبيد الله التيمي ]. أبو يحيى عبيد الله التيمي مقبول أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. والحديث فيه مجهول وفيه مقبول، والمقبول يعتمد حيث يتابع. الأسئلة الفرق بين صفتي المعية والقرب السؤال: ما الفرق بين صفة المعية وصفة القرب بالنسبة لله جل وعلا؟ الجواب: هناك معية عامة ومعية خاصة، فالمعية الخاصة هي لأولياء الله المتقين، قال الله: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128]، وقال: إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40]. وهناك معية عامة، قال الله: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ [المجادلة:7] فهو فوق عرشه وهو مع خلقه سبحانه وتعالى، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -وقاله أيضاً قبله أحد أئمة اللغة-: الله تعالى مع كونه عالياً هو قريب، ومع كونه قريباً هو عالٍ، فهو عال في دنوه، وقريب في علوه، وإذا نزل إلى السماء الدنيا فهو عال فوق العرش، فالله تعالى قريب وهو فوق العرش، ويوضح ذلك ما جاء عن ابن عباس أن السماوات والأرضين عند الله كالخردلة في كف أحدنا، ولله المثل الأعلى، فالله عز وجل فوق العرش، والسماوات والأرضون مثل الخردلة، وهو مع خلقه ليس مخالطاً لهم، والمعية لا تدل على المخالطة، ولا يلزم منها المخالطة، كما يقال: سرنا والقمر معنا، مع أن القمر في السماء، فكذلك الله مع عباده حقيقة، لكن لا يقال: هو مخالط لهم، فهو عال في قربه، وقريب في علوه. حكم قول (زارتنا البركة) السؤال: عندما نقوم بزيارة بعض الأقرباء يقولون لنا: زارتنا البركة، فما الحكم؟ الجواب: إذا كان هذا دعاء بأن تزورهم البركة فلا بأس بذلك. حكم زكاة ديون التاجر إذا كانت أكثر من رأس المال السؤال: شخص عنده خمسمائة ألف يتاجر بها، وله ديون مقدارها ستمائة ألف، فهل يخرج زكاة ما عنده أو يعتبرها من الدين؟ الشيخ: إذا حال الحول والمال عنده يزكيه، وإن وفى الناس له الدين قبل أن يحول الحول فإنه يزكيه، فالواجب على كل واحد أن يزكي ماله، هذا الدائن يزكي ماله، وهذا المدين يزكي ماله. المفاضلة بين الصف المتقدم المنقطع والمتأخر المتصل السؤال: أيها أفضل: الصلاة في صف متقدم لكنه منقطع أم في صف متأخر لكنه متصل، مثل الصلاة في الصف الأول في المسجد النبوي حيث تقطع الأبواب الصف الأول والثاني والثالث، أما الصف الرابع فإنه متصل في المسجد القديم؟ الجواب: الذي يبدو أن الصف الأول أولى، ولو حصل فيه انقطاع في شيء لا بد منه. وجوب الاستمرار في الإحرام بالنسك السؤال: شخص أراد الاعتمار عن أمه وهو في المدينة، فأحرم في منزله قبل أن يصل إلى الميقات، وهو مشارك في رحلة مجانية، وليس عنده ما يوصله إلى مكة غير هذه الحملة، وعندما فاتته الرحلة أراد أن يترك الإحرام حتى يجد رحلة أخرى، فهل يترك الإحرام؟ الجواب: ليس له ذلك، فإذا كان دخل في الإحرام فليس له أن يتخلى عنه، وأما إذا كان قصده أنه لبس لباس الإحرام، وتهيأ فقط، وسينوي الإحرام من الميقات فهذا يعتبر غير محرم، وله أن يخلع الإزار والرداء ويلبس ثيابه؛ لأنه لا يقال له: محرم."
__________________
|
#268
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الصلاة شرح سنن أبي داود [145] الحلقة (176) شرح سنن أبي داود [145] إن الناس بحاجة إلى ربهم في كل وقت وحين، وقد شرع الله تعالى لعباده عبودية اللجوء إليه بطلب رحمته، ومن جملة ذلك لجوءهم إليه تعالى لطلب السقيا بعد الجدب، وهو من جملة الأحوال التي يظهر العباد فيها فقرهم وحاجتهم إلى ربهم، وقد حفت به جملة من الأحكام الشرعية التي تهدف إلى تحقيق هذه المسألة العظيمة. صلاة الاستسقاء شرح حديث (خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين ..) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما، وحول رداءه ورفع يديه فدعا واستسقى واستقبل القبلة) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها ] والمقصود بقوله: [بجماع] ما يجمع النصوص الواردة في صلاة الاستسقاء والتفاريع المتعلقة بها من كون أن فيها خطبة، وفيها صلاة، وفيها رفع يدين، وفيها تحويل رداء، وغيرها من الفروع التي بهذه الأبواب، ولهذا أورد أبو داود رحمه الله أبواباً قليلة، ولكن هذه الأبواب تدل على هذه الفروع التي أشار إليها، فجمع أحاديث الاستسقاء في مكان واحد وفرعها إلى أبواب، كما هو الشأن في الكتب الأخرى، ككتاب العيدين وكتاب الجمعة وغير ذلك؛ لأنه يأتي بالأبواب أو الموضوعات المتعلقة بالجمعة في مكان واحد ويفرعها في الأبواب المختلفة ثم يورد تحت كل باب الأحاديث التي تتعلق بتلك الترجمة التي يترجم لها. وأورد أبو داود رحمه الله عدة أحاديث، وأولها حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي، وهذا يدل على أن صلاة الاستسقاء يشرع الخروج لها إلى العراء؛ لأن النبي صلى عليه وسلم خرج بهم لأداء تلك الصلاة، فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما، فصلاة الاستسقاء يجهر فيها بالقراءة، وهي كالعيدين، بل جاء في بعض الأحاديث التي ستأتي أنه صلاها كما يصلي العيد، والعيد يجهر فيه بالقراءة، وكذلك الاستسقاء يجهر فيها بالقراءة، والصلوات التي تكون في النهار جامعة، وتكون إما أسبوعية كصلاة الجمعة، أو سنوية كصلاة العيدين أو على حسب المناسبات كصلاة الاستسقاء، كل هذه يجهر فيها بالقراءة، ودعا وحول رداءه صلى الله عليه وسلم، فجعل ما على الأيمن على الأيسر، وما على الأيسر على الأيمن، قيل: وذلك تفاؤل لتغير الحال من القحط إلى الجدب، ومن الضيق إلى الرخاء. وقوله: [(ورفع يديه)] يدلنا على أن الدعاء في الاستسقاء ترفع فيه الأيدي، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى في خطبة الجمعة رفع يديه، ولم يكن يرفع يديه في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام، ولكنه لما استسقى في خطبة الجمعة رفع يديه، فدل هذا على أن دعاء الاستسقاء من المواضع التي ترفع فيه اليدان. قوله: [(واستقبل القبلة)] يعني: بعدما خطب الناس تحول إلى القبلة، وحول رداءه ودعا، وجاء في بعض الأحاديث أن الناس حولوا أرديتهم تبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على أن تحويل الرداء ليس خاصاً بالإمام، بل هو للإمام ولغيره من الناس، وقد عرفنا فيما مضى أن الصحابة رضي الله عنه وأرضاهم لما كان صلى الله عليه وسلم يصلي بهم ثم جاءه جبريل وأخبره أن في نعليه شيئاً من الأذى خلع نعليه في الصلاة، فالصحابة خلعوا نعالهم اقتداء به صلى الله عليه وسلم، ولما فرغ من الصلاة سألهم: لماذا خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، وهكذا حول رداءه فحولوا أرديتهم اقتداء به صلى الله عليه وسلم. والإمام في حال الخطبة يدعو وهو مستقبل الناس، ولكنه بعدما ينهي الخطبة يتحول إلى جهة القبلة في مكانه ويحول رداءه ويدعو، والناس أيضاً يحولون أرديتهم ويدعون. تراجم رجال إسناد حديث (خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين..) قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ]. أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ثقة، أخرج حديثه أبو داود . [حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عباد بن تميم ]. هو عباد بن تميم المازني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمه ]. هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني وهو صحابي أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي فحول إلى الناس ظهره يدعو الله) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح وسليمان بن داود قالا: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني عباد بن تميم المازني أنه سمع عمه رضي الله عنه -وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي، فحول إلى الناس ظهره يدعو الله عز وجل. قال سليمان بن داود : واستقبل القبلة وحول رداءه ثم صلى ركعتين. قال ابن أبي ذئب : وقرأ فيهما. زاد ابن السرح : يريد الجهر) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة ودعا وحول رداءه ورفع يديه. قوله: [(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي فحول إلى الناس ظهره يدعو الله عز وجل) ] كان هذا بعدما خطب. قوله: [ قال سليمان بن داود : واستقبل القبلة ] سليمان بن داود هو أحد الشيخين لأبي داود في الحديث، قال: [واستقبل القبلة] يعني: حينما حول رداءه استقبل القبلة ودعا. قوله: [ ثم صلى ركعتين ] أي أن الصلاة بعد الخطبة وبعد الدعاء، والرواية السابقة تفيد أن الصلاة كانت قبل؛ لأنه خرج فصلى بهم ثم خطب بهم، وسيأتي عن عبد الله بن عباس أنه صلى بعد الخطبة، وهذا يفيدنا أن الخطبة جاء ما يدل على أنها قبل وما يدل على أنها بعد، والأمر في ذلك واسع. قوله: [ قال ابن أبي ذئب : وقرأ فيهما. وزاد ابن السرح : يريد الجهر ]. يعني أنه جهر فيهما بالقراءة، وليس المراد مجرد القراءة ولو كانت سرية، وقد جاء التنصيص على الجهر في الرواية السابقة. تراجم رجال إسناد حديث (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يستسقي فحول إلى الناس ظهره يدعو الله) قوله: [ حدثنا ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ وسليمان بن داود ]. هو سليمان بن داود المصري المهري أبو الربيع، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ أخبرنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني ابن أبي ذئب ]. هو محمد بن الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ويونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب أخبرني عباد بن تميم عن عمه ]. مر ذكر الثلاثة في الرواية السابقة. شرح حديث: (وحول رداءه فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عوف قال: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث -يعني الحمصي - عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي عن محمد بن مسلم بهذا الحديث بإسناده لم يذكر الصلاة، قال: (وحول رداءه فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن ثم دعا الله عز وجل) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني من طريق أخرى، وهو مختصر، وفيه أنه لم يذكر الصلاة، وإنما ذكر الدعاء وتحويل الرداء، وذكر أنه حول رداءه فجعل عطافه الأيمن على شقه الأيسر، وعطافه الأيسر على شقه الأيمن، والعطاف هو جانب الرداء، يعني أنه جعل ما على اليمين على الشمال، وما على الشمال على اليمين، ثم دعا الله عز وجل. تراجم رجال إسناد حديث: (وحول رداءه فعجل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر ...) قوله: [ حدثنا محمد بن عوف ]. محمد بن عوف ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي في مسند علي . [ قال: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث -يعني الحمصي- ]. عمرو بن الحارث الحمصي مقبول أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود . [ عن عبد الله بن سالم ]. عبد الله بن سالم ثقة، أخرج له الترمذي و أبو داود و النسائي . [ عن الزبيدي ]. هو محمد بن الوليد الزبيدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن محمد بن مسلم بهذا الحديث بإسناده ]. محمد بن مسلم هو الزهري ، وذكر هنا باسمه، وقبل ذلك ذكر بنسبته، وهو مشهور بنسبته الزهري ، وبنسبته إلى جده شهاب ، فكثيراً ما يقال: ابن شهاب ، وكثيراً ما يقال: الزهري ، ولكنه أحياناً يأتي باسمه فيقال: محمد بن مسلم . وقول محمد بن عوف : [قرأت في كتاب عمرو بن الحارث ] يعني أنه أخذه من كتابه، لكنه معلوم من رواية عبد الله بن زيد بن عاصم ، وقد جاء عنه من طرق متعددة، والذي جاء في هذا الطريق موجود في تلك الطرق،وهذه وجادة، وقد تكون مناولة إذا أعطاه كتابه. شرح حديث (استسقى رسول الله وعليه خميصة له سوداء) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم أن عبد الله بن زيد قال: (استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة له سوداء، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت قلبها على عاتقه) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني أن النبي عليه الصلاة والسلام كانت عليه خميصة سوداء، والخميصة هي رداء أو كساء مربع له أعلام في أطرافه، ولما أراد أن يقلبها ويجعل أسفلها أعلاها ثقلت عليه، فجعل ما على اليمين على الشمال، وما على الشمال على اليمين، وهذا يفيد أنه إذا كان الشيء متساوياً أسفله وأعلاه كالرداء فإنه يقلبه ويجعل أسفله أعلاه وأعلاه أسفله، وإلا فإنه يجعل ما على الشمال على اليمين، وذلك مثل الجبة والمشلح وما إلى ذلك. والإنسان الذي ما عليه إلا شماغ يشرع له أن يحول الشماغ، ويجعل ما كان باطناً ظاهراً؛ لأن الشماغ والغترة مثل الرداء تماماً، وكذلك من كان لابساً طاقية -قلنسوة- يمكن له أن يقلبها. تراجم رجال إسناد حديث (استسقى رسول الله وعليه خميصة له سوداء) قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد العزيز ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمارة بن غزية ]. عمارة بن غزية لا بأس به، أي: صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد ]. هنا ذكر عمه باسمه، وفي الرواية السابقة قال: عن عمه، وهنا قال: عن عبد الله بن زيد ، وهو عمه. شرح حديث (خرج رسول الله متبذلاً متواضعاً حتى أتى المصلى) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة نحوه، قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال: أخبرني أبي قال: أرسلني الوليد بن عتبة -قال عثمان : ابن عقبة - وكان أمير المدينة إلى ابن عباس رضي الله عنهما أسأله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء، فقال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متبذلاً متواضعاً متضرعاً حتى أتى المصلى -زاد عثمان : فرقى على المنبر، ثم اتفقا- ولم يخطب خطبكم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد). قال أبو داود : والإخبار للنفيلي والصواب ابن عتبة ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج متبذلاً، يعني: ليس لابساً أحسن الثياب ومتجملاً، وإنما لبس ألبسة مبتذلة ليست جميلة كما يكون بالنسبة للجمعة والعيدين، متواضعاً لله عز وجل، متضرعاً إليه، يعني: يضرع إليه ويسأله ويلح عليه في الدعاء. قوله: [ زاد عثمان فرقى على المنبر ]. أي: شيخه الثاني، وقد جاء في بعض الروايات أنه أمر بمنبر فوضع. قوله: [ ولم يخطب خطبكم هذه ] هذا لا ينفي أصل الخطبة، ولكنه ينفي النوع، فالنفي منصب على القيد دون المقيد؛ لأن القيد هو (هذه) يعني: على هذا النحو، ولم ينف أصل الخطبة، فالخطبة أصلها ثابت، والذي نفاه إنما هو الهيئة والكيفية والنوع الذي كانوا يفعلونه، ولعل ذلك نوع خاص يختلف عما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس فيه نفي الخطبة، ولكنه نفي للكيفية والهيئة والصفة التي كانت عليها خطبهم التي كانوا يخطبونها. قوله: [ ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ] يعني أنه خطب ولم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ثم نزل. قوله: [ ثم صلى ركعتين كما يصلي في العيد ] هذا يدلنا على أن صلاة الاستسقاء كصلاة العيد، ويدل -أيضاً- على أنه يكبر فيها كما يكبر في العيد، وبعض أهل العلم قال: تصلى بدون تكبير، لكن قول ابن عباس : [كما يصلي العيد] يدلنا على أنها تماثل العيد، والعيد فيه تكبيرات سبع في الأولى وخمس في الثانية، فيكبر فيها كما يكبر في العيد؛ لأن المشابهة تقتضي أن يكون المشبه مثل المشبه به، وصلاة العيد فيها تكبيرات فصلاة الاستسقاء يكون فيها تكبيرات. هذا وليس لصلاة الاستسقاء سنة قبلية ولا بعدية، والظاهر أن الدعاء يكون وهم واقفون، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا واقفاً، والناس قلبوا أرديتهم ودعوا وقوفاً ولم يجلسوا. ونفي الخطبة هنا مثل ما جاء في حديث الجمعة أنه ليس للحيطان ظل يستظل به، فلم ينف أصل الظل، وإنما نفي الظل الذي يتمكن الناس من الاستظلال به، فالنفي للقيد لا للمقيد، وهنا النفي للقيد لا للمقيد. تراجم رجال إسناد حديث (خرج رسول الله متبذلاً متواضعاً متضرعاً حتى أتى المصلى) قوله: [ حدثنا النفيلي ]. عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ وعثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ نحوه ]. أي أن رواية عثمان بن أبي شيبة نحو رواية النفيلي . [ حدثنا حاتم بن إسماعيل ]. حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة ]. هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة مقبول، أخرج له أصحاب السنن. [ أخبرني أبي ] هو صدوق أخرج له أصحاب السنن. [ قال: أرسلني الوليد بن عتبة -وفي رواية ابن أبي شيبة : ابن عقبة- ]. يعني: جعل بدل التاء قافاً، وهو الوليد بن عتبة كما قال أبو داود في الآخر: [ والصواب ابن عتبة ]، أي: كما قاله النفيلي ، وليس ابن عقبة كما قاله عثمان بن أبي شيبة ، والوليد بن عتبة بن أبي سفيان كان أميراً على المدينة لعمه معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه. [ إلى ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : والإخبار للنفيلي ]. يعني: السياق إنما هو للنفيلي . وقت تحويل الرداء في الاستسقاء شرح حديث (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي ولما أراد أن يدعو استقبل القبلة ..) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى؟ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا سليمان يعني ابن بلال عن يحيى عن أبي بكر بن محمد عن عباد بن تميم أن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أخبره (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقي، وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة ثم حول رداءه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة [ باب: في أي وقت يحول رداءه إذا استسقى؟] والمقصود من هذا أنه عندما ينتهي من الخطبة يستدبر الناس ويستقبل القبلة، وعند هذه الحال يحول رداءه، ثم يدعو بعد ذلك، والناس يحولون أرديتهم ويدعون بعد ذلك، فوقت تحويل الرداء عند استقبال القبلة عندما ينتهي الخطيب من الخطبة، ويكون مولياً للناس ظهره، فيقلب رداءه ويرفع يديه يدعو، وكذلك المأمومون يفعلون كما يفعل الإمام. تراجم رجال إسناد حديث (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى يستسقي ولما أراد أن يدعو استقبل القبلة ..) قوله:[ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا سليمان -يعني ابن بلال- ]. سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى ]. هو يحيى بن سعيد الأنصاري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بكر بن محمد ]. هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد ]. مر ذكرهما. شرح حديث ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع عباد بن تميم يقول: سمعت عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه يقول: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة) ]. أورد أبو داود حديث عباد بن تميم من طريق أخرى مختصرة، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي وحول رداءه حين استقبل القبلة، والمقصود منه أن تحويل الرداء يكون حينما ينتهي الإمام من الخطبة ويوليهم ظهره، فيستقبل القبلة ويحول رداءه في هذه الحال. تراجم رجال إسناد حديث (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى ...) قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر ]. مالك هو ابن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمع عباد بن تميم عن عمه ]. مر ذكرهما.
__________________
|
#269
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
الأسئلة حكم قول الإمام للمأمومين: حولوا أرديتكم السؤال: هل يشرع للإمام أن يقول للمأمومين: حولوا أرديتكم؟ الجواب: لا أعلم شيئاً يمنعه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا والناس يرونه، وإذا كثر الناس وتباعدوا فلم ير بعضهم الإمام فكونه ينبههم على ذلك لا بأس به. حكم رفع اليدين في تكبيرات صلاة الاستسقاء السؤال: ما حكم رفع اليدين في صلاة الاستسقاء؟ الجواب: لا نعلم شيئاً يدل عليه؛ لأن صلاة الاستسقاء كالعيدين، وما نعلم شيئاً يدل على رفع اليدين في الاستسقاء وكذلك في العيدين. خطبة الاستسقاء خطبة واحدة السؤال: هل المشروع في صلاة الاستسقاء خطبة واحدة أو خطبتين؟ الجواب: خطبة واحدة. خطبة العيدين خطبتان لا خطبة السؤال: هل خطبة العيدين خطبة واحدة أو خطبتان؟ الجواب: لا أعلم أحداً يقول: إنها خطبة واحدة، ولا يثبت الحديث في كونها خطبتين، لكن دليله القياس على الجمعة، ولا خلاف أعلمه بين العلماء أنها خطبتين. حكم صلاة الاستسقاء السؤال: ما حكم صلاة الاستسقاء؟ وإذا أمر بها الإمام هل تخرج النساء في الاستسقاء؟ الجواب: صلاة الاستسقاء هي سنة، وليست واجبة أبداً، بل هي سنة مستحبة، ولو أمر بها الإمام فهي سنة، ولا يلزم أنها تكون واجبة، لكن الإمام هو الذي يأمر بها والناس يخرجون بناءً على أمر الإمام، كما في فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو الذي وعدهم يوماً يخرجون فيه، لكنه لا أحد يقول بوجوبها. وأما بالنسبة للنساء فلا أعلم شيئاً يمنع النساء من الخروج. حكم مرور الحائض من المسجد السؤال: ما معنى قوله تعالى: وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ [النساء:43]، وهل يجوز للحائض أن تعبر المسجد بلا جلوس بأن تدخل من باب وتخرج من الباب الآخر ؟ الجواب: نعم إذا كان يؤمن التلويث، والآية جاءت في الجنب ولم تذكر الحائض، ولكنها تلحق بالجنب، فلها أن تدخل ولا تجلس إذا أمن من أن يخرج منها شيء. التفريق بين أفعال النبي التشريعية والجبلية السؤال: حديث خلع الصحابة رضي الله عنهم نعالهم لما خلع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعله في الصلاة، وكذا تحويلهم أرديتهم في صلاة الاستسقاء لما حول رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه، وكذا لما حلق يوم الحديبية حلقوا رءوسهم، ولما واصل الصيام واصلوا، هل هذا كله يدل على أن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم المجرد يدل على الوجوب والالتزام؟ الجواب: الله تعالى يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]وهو صلى الله عليه وسلم القدوة والأسوة، وأعماله هي تشريع لهم، وأما الأعمال الجبلية التي ليست للتشريع فإنها -كما هو معلوم- ليست من الأشياء التي الناس متعبدون بها، فالشيء الذي هو من أعمال الجبلة ليس من قبيل التشريع، مثل كون النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء من عرفة حاد وراح يقضي حاجته، فليس من السنة أن الإنسان إذا جاء في الطريق وليس عنده حاجه أنه يحيد من أجل أنه يقتدي بالرسول، مثلما فعل ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه، أقول: مثل هذا ليس من الأشياء التي يشرع فيها الاقتداء والاتباع. حكم الكلام بين خطبتي الجمعة السؤال: ما حكم الكلام بين خطبتي الجمعة؟ الجواب: لا بأس به، ولكن السكوت وعدم الكلام لاشك في أنه أولى، لكن إذا كان هناك عادة فلا بأس به، لأن المنع جاء والإمام يخطب، أما بين الخطبتين فللإنسان أن يتكلم. حكم العدسات الطبية للنساء السؤال: ما حكم العدسات الطبية للنساء؟ الجواب: إذا كان هناك حاجة إليها لكونها تقوي النظر وتعوض عن النظارة، ولا يترتب عليها ضرر العين فلا بأس بها. وأما التجمل بها فقد يكون فيه شيء من ناحية أن الإنسان يتشبع بما لم يعط، أو يظهر نفسه بشيء ليس فيه، وأيضاً قد يترتب عليه ضرر للعين، فيكون في ذلك محذور آخر، وأما إذا كانت أشياء طبية بدل النظارات فهذا لا بأس به. حكم الدعاء للأمراء في الخطب السؤال: هل صحيح أن الدعاء للأمرء في الخطب من البدع؟ الجواب: ليس بصحيح، فالأمراء هم أحق الناس بالدعاء وأولى الناس بالدعاء؛ لأن في صلاحهم صلاح الرعية والخير الكثير للرعية، والإمام أحمد كان يقول: لو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان، والفضيل بن عياض كان يقول: لو كان لي دعة مستجابة لجعلتها للسلطان. وذلك لأنه يريد صلاح الناس، والسلطان إذا كان صالحاً حصل الخير الكثير في صلاحه، فهم أولى من يدعى لهم. والرسول صلى الله عليه وسلم نص عليهم في قوله: (الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: الله، ولكتابه، ولرسوله، والأئمة المسلمين وعامتهم) نص عليهم مع أنه لو قال: وللمسلمين دخلوا في هذا العموم؛ إذ يدخل فيه الرعاة والرعية، لكنه نص عليهم لعظم شأن صلاح الولاة، وأنَّه بصلاحهم يكون الخير الكثير. حكم الاحتجاج بمن قال فيه الحافظ ابن حجر: (مقبول) السؤال: هل يحتج بمن قال فيه الحافظ : مقبول؟ الجواب: يحتج به عند المتابعة، أما إذا لم يتابع فإنه لا يحتج به. حكم من فاتته صلاة العيدين السؤال: إذا فاتتنا ركعتا العيدين فكيف نفعل؟ الجواب: الذي يبدو أن الإنسان إذا أدرك صلاة العيد صلاها، وإذا لم يدركها فقد فاتته، وهذا على القول بأنها فرض كفاية، إذ حصلت تأديتها بالذين أدوها، وعلى القول بأنها فرض عين فإنها إن فاتته صلاها. حكم تأمين المأمومين على دعاء الإمام في الاستسقاء السؤال: هل يشرع للإمام إذا استقبل القبلة بعد خطبة الأستسقاء ودعا أن يؤمن الناس على دعائه؟ الجواب: إذا كان مستقبلاً لهم وهو يخطب وهم يسمعون فيؤمنون على دعائه إذا دعا، وأما في حال استقباله القبلة فإنه يدعو وهم يدعون. حكم الاشتراك في الإنترنت السؤال: ما حكم الاشتراك في الإنترنت؟ الجواب: الاشتراك في الإنترنت فيه خير وشر، فكون الإنسان يشترك في الذي يكون فيه نفع للمسلمين وخدمة للإسلام والمسلمين أمر ممكن على اعتبار أنه مأمون جانبه، مثل ذكره للبدع والكتب التي فيها خير وشر، فليس كل أحد يمكنه أن يستفيد منها وأن يخرج منها بفائدة؛ لأن الإنسان الذي ليس عنده قوة وليس عنده تمكن يلحقه في ذلك مضرة، والأمر مثلما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، حيث يقول: إن الذي سلم في علمه من علم الكلام اثنان: الإنسان الذي ما دخله أصلاً، والإنسان الذي دخله وكان متمكناً في علم الشريعة، ثم تمكن في علم الكلام وبين فساده وما فيه من المشروع. والإنسان الذي دخل فيه ولم يكن متمكناً فهذا هو نصف المتكلم، وقد قال: يفسد الدنيا أربعة: نصف متكلم، ونصف فقيه، ونصف نحوي، ونصف طبيب. هؤلاء هم الذين يفسدون الدنيا، فنصف المتكلم يفسد الأديان، حيث يتكلم في العقيدة بعلم الكلام، ونصف الطبيب يفسد الأبدان الذي هو المتطبب، ونصف النحوي يفسد اللسان، ونصف الفقيه يفسد البلدان، فمعناه أن الناس يعبدون الله أو يتعاملون بمعاملات ليست على هدى، بل مبنية على جهل وعدم علم. فالاشتراك فيه من قبل الإنسان المتمكن الذي عنده قدرة وعنده أهلية، وسيستفيد منه ويترك الضرر، أو ينبه على الضرر لاشك في جوازه، وأما الذي ما عنده القدرة ولا عنده علم فسلامته خير له. الحكم إذا واعد الإمام الناس للاستسقاء ونزل المطر قبل أن يخرجوا السؤال: إذا وعد الإمام الناس للاستسقاء ونزل المطر قبل أن يخرجوا فما الحكم؟ الجواب: إذا نزل المطر انتهى الأمر، فقد سقوا، فما دام أنه نزل المطر فإن الله تعالى حقق لهم ما يريدون بدون أن يستسقوا. وأما قصة سليمان أنه خرج يستسقي، فالحديث فيه كلام، وقد ذكره الحافظ في البلوغ وقال: (رأى نملة مستلقية على ظهرها تقول: اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا فضلك. فقال سليمان : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم). حكم خروج الناس للاستسقاء وقد مطر بعضهم السؤال: إذا حدد أنه في اليوم الفلاني يكون استسقاء، ثم نزلت الأمطار على بعض المناطق، فهل يخرجون للاستسقاء؟ الجواب: يمكن للآخرين أن يخرجوا، فالجماعة الذين نزل عندهم المطر لولم يصلوا حصل المقصود، لكن إذا صلوا ودعوا لغيرهم كان ذلك حسناً. وهو -أيضاً- بحاجة إلى المزيد من المطر، فيطلبون الله، لكن إذا كان هناك شيء كثير من الأمطار فيدعون بذهابها عنهم مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم حوالينا ولا علينا ...). معنى قوله تعالى: (وكان عرشه على الماء) السؤال: ما المراد بقوله جل وعلا: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ [هود:7]هل هو الماء الحقيقي؟ الجواب: نعم هو ماء حقيقي، قال تعالى: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ [هود:7] أي: الماء الحقيقي، فالعرش كان موجوداً قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فقد قدر الله المقادير والخلائق قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرضه على الماء، فالماء كان موجوداً والعرش كان موجوداً. فالمقصود بالماء الماء الذي يعرفه الناس وليس بشيء آخر لا يعرف. حكم سفر المرأة المعتدة إلى بيت أهلها السؤال: المرأة التي في العدة هل يجوز لها أن تسافر من البلد الذي تقيم فيه وتذهب إلى مدينة أخرى يقيم فيها والدها وقرابتها؟ الجواب: نعم، إذا كان بقاؤها في البلد الذي مات فيه زوجها وليس عندها أحد، وتخشى على نفسها فلها أن تسافر وتعتد عند أهلها. حكم المصلي إذا كان حاملاً لطفل فبال عليه السؤال: المصلي إذا كان حاملاً للطفل فبال عليه مذا يفعل؟ وهل صلاته باطلة؟ الجواب: إذا كان هذا البول الذي حصل على شيء يمكن نزعه كأن بال على غترته فإنه يؤخر غترته ويبقى في صلاته، وإن كان لا يمكن نزعه فعليه أن يقطع الصلاة ويذهب ليخلع ثيابه. الحق لا يخرج عن المذاهب الأربعة إلا ما ندر السؤال: هل الحق يخرج عن المذاهب الأربعة؟ الجواب: المذاهب الأربعة -كما هو معلوم- إنما وجدت في القرن الثاني الهجري، وأول الأئمة الأربعة أبو حنيفة رحمة الله عليه، ولد سنة ثمانين، فالقرن الأول كان الناس فيه على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الأدلة وعلى اجتهادات العلماء. ومعلوم أن مذاهب الأئمة الأربعة في غالب المسائل أو جل المسائل -إلا ما ندر- هي مع الدليل، لكن قد يوجد بعض المسائل التي يكون الأئمة الأربعة فيها على خلاف قول دل عليه الدليل، وهذا مثل مسألة جعل الطلاق الثلاث واحدة، فقد جاء حديث في صحيح مسلم أنه كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر الطلاق الثلاث يعتبر واحدة، والأئمة الأربعة على أنه يكون ثلاثاً، فهذه مسألة فيها دليل كما في صحيح مسلم على خلاف ما جاء عن الأئمة الأربعة، لكن جل المسائل -إلا ما ندر- لاشك أن الدليل فيها وأن الحق موجود في هذه المذاهب إما فيها كلها أو في واحد منها أو في اثنين منها. ضابط إطلاق الفسق على العاصي السؤال: من المعلوم أن تكفير المعين لابد فيه من شروط تتوافر في الشخص، وموانع تنتفي عنه، ويقوم بذلك أهل العلم، فهل التفسيق يجري مجراه؟ بمعنى: إذا رأيت شخصاً عنده معاص هل يصح لي أن أطلق عليه وصف فاسق؟ الجواب: كما هو معلوم أن الكفر يتعلق بالاعتقاد، وهذا قد لا يتبين، لكن الفسق يكون ظاهراً، حيث يشاهده الناس يعمل الأعمال المحرمة، فهذا هو الفسق، وإذا لم يقل لمثل هذا: إنه فاسق فعلى من يطلق الفسق؟ ولكن قد يكون بعض الناس عنده جهل فينبه ويعلم، وبعض الناس يكون على علم ويكون أشد وأخطر من الذي يعصي وهو جاهل. والشاعر يقول: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم والحاصل أنه ليس كل شيء يقال له: فسق؛ لأن بعض الناس قد يطلق على شيء الفسق وليس فسقاً، لكن المقصود هو الشيء الواضح الذي هو محل إجماع واتفاق كشخص معروف بشرب الخمر وبالزنا فيقال له: فاسق. الحكم إذا كان الخطيب يتكلم بكلام يخالف السنة السؤال: إذا كان الخطيب يتكلم بكلام يخالف الكتاب والسنة ومنهج السلف في خطبة الجمعة فهل يجب عليه السماع أو ماذا يفعل؟ الجواب: على الإنسان أن يجلس ويسمع الخطبة، ولكنه بعد ذلك ينبه الخطيب على أخطائه، وإذا كان هذا شأنه وأن كلامه ليس على استقامة وليس على منهج صحيح فإنه فإذا كان هناك مجال للتخلص منه بأن يرفع أمره إلى المسئولين فيستبدل من هو خير منه فهذا هو المطلوب، وإلا فالإنسان لا يحضر الصلاة عنده، ولكن يبحث عن مسجد آخر يصلي فيه الجمعة ولا يصلي وراء ذلك الشخص الذي هو غير مستقيم، وكلامه غير مستقيم، وخطبه قائمة على أمور منكرة. حكم المؤتم إذا جاء قبل نهاية صلاة الجنازة بتكبيرة السؤال: ماذا أفعل إذا جئت قبل نهاية صلاة الجنازة بتكبيرة؟ هل أقضيها كلها أم أسلم مع الإمام؟ وكيف صفة القضاء؟ الجواب: إذا جئت وهو قد كبر التكبيرة الثالثة فادخل معه وادع للميت؛ لأن اشتغالك بقراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يفوت الدعاء، والمقصود من صلاة الجنازة هو الدعاء، وإنما جعلت قراءة الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تمهيداً ووسيلة، ومن أسباب قبول الدعاء كونه يسبق بحمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في قصة الذي سمعه النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ولم يحمد الله ولم يصل على النبي فقال: (عجل هذا). فإذا كان ليس هناك مجال إلا للدعاء فقط ولو اشتغل بالفاتحة والصلاة على النبي فاته الدعاء فإنه يأتي بالدعاء؛ لأن الدعاء هو المقصود من صلاة الجنازة، وإذا سلم الإمام أو كبر التكبيرة الرابعة يكون هو أدرك واحدة، فيكبر الثالثة حال الدخول ثم يكبر معه الرابعة، ثم بعد ذلك بعدما يسلم الإمام يكبر التكبيرتين متواليتين، وإن دعا بينهما قال: اللهم اغفر له؛ لأن الجنازة ترفع، فلا يبقى متسع للإنسان ليقف ويدعو، فيكبر التكبيرات الباقية ويسلم، وهذا داخل تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا). دعاء الاستسقاء بين الجهر والسرية السؤال: هل الدعاء في الاستسقاء يكون جهراً أم سراً؟ الجواب: دعاء الإمام الذي في الخطبة يكون جهراً كما هو معلوم أن الخطيب يدعو وهم يؤمنون، وأما الدعاء الذي يكون بعد تحويل الأردية فإنه يكون سراً."
__________________
|
#270
|
||||
|
||||
رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله
شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الصلاة شرح سنن أبي داود [146] الحلقة (177) شرح سنن أبي داود [146] إن المتتبع لألفاظ الحديث ودقة العبارات يجد أن الصحابة كانوا شديدي الحرص على نقل كل الكيفيات والأفعال التي كان يعملها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك نقلهم رضي الله عنهم لكيفية صلاة الاستسقاء، وماذا كان يعمل فيها، كالدعاء مثلاً ورفع اليدين حتى يرى بياض الإبطين، وأنه لم يصنع هذه الكيفية إلا في صلاة الاستسقاء وألفاظ الأدعية الواردة عنه صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك. ما جاء في رفع اليدين في الاستسقاء شرح حديث استسقاء النبي صلى الله عليه وسلم عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رفع اليدين في الاستسقاء. حدثنا محمد بن سلمة المرادي أخبرنا ابن وهب عن حيوة و عمرو بن مالك عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عمير مولى بني آبي اللحم رضي الله عنهما: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء قائماً يدعو يستسقي رافعاً يديه قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله: [ باب رفع اليدين في الاستسقاء ] يعني: عندما يدعو في الاستسقاء فإنه يرفع يديه، والترجمة معقودة لبيان أن رفع اليدين في الاستسقاء ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد المواضع التي ورد فيها رفع اليدين؛ لأن رفع اليدين ثبت في مواضع عديدة منها في الاستسقاء. وقد أورد أبو داود رحمة الله عليه حديث عمير مولى بني آبي اللحم [ (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء قائماً يدعو يستسقي رافعاً يديه قبل وجهه)]. فهذا فيه الدليل على ما ترجم له المصنف من حصول رفع اليدين في الاستسقاء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الاستسقاء وأنه يرفعهما قبل وجهه لا يجاوز بهما رأسه. وهذا فيه المبالغة في رفع اليدين، وقد جاء في بعض الروايات أنه كان يرفعهما حتى يرى بياض إبطيه صلى الله عليه وسلم من شدة رفعه ليديه في الدعاء صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وهو واضح الدلالة على ما ترجم له المصنف، وهو ثبوت رفع اليدين في الدعاء في الاستسقاء، وقوله: [ عند أحجار الزيت ] هو مكان في الحرة فيه حجارة سوداء كأنها طليت بالزيت لشدة سوادها. قوله: [ (قبل وجهه) ]. يعني أنهما قبل وجهه، ما جاوز بهما رأسه، ومعناه أنه لا يرفعهما فوق رأسه. تراجم رجال إسناد حديث استسقاء النبي صلى الله عليه وسلم عند أحجار الزيت قريباً من الزوراء...) قوله: [ حدثنا محمد بن سلمة المرادي ]. هو محمد بن سلمة المرادي المصري ، ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أخبرنا ابن وهب ]. ابن وهب هو: عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حيوة ]. هو حيوة بن شريح المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وحيوة بن شريح اثنان: أحدهما مصري وهو في طبقة متقدمة يروي عنه ابن وهب ، و حيوة بن شريح الحمصي ، وهذا من شيوخ أبي داود في طبقة متأخرة. [ و عمرو بن مالك ]. عمرو بن مالك لا بأس به، وهي بمعنى (صدوق) عند الحافظ ابن حجر ، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن ابن الهاد ]. ابن الهاد هو: يزيد بن عبد الله بن الهاد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إبراهيم ]. هو محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمير مولى بني آبي اللحم ]. عمير مولى بني آبي اللحم ، صحابي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. وقوله: آبي اللحم هو اسم لصحابي هو عبد الله بن عبد الملك، وقد اختلف في اسمه، ولقبه آبي اللحم وقيل: إنه سمي آبي اللحم لأنه كان لا يأكل اللحم، وقيل: إنه كان لا يأكل ما ذبح على النصب، فقيل له: آبي اللحم ، والذي يروي الحديث هنا عمير مولى آبي اللحم ، وكذلك -أيضاً- يرويه آبي اللحم، فهو من رواية هذا ومن رواية هذا. شرح حديث (اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً نافعاً غير ضار...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن أبي خلف حدثنا محمد بن عبيد حدثنا مسعر عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكي فقال: اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل. قال: فأطبقت عليهم السماء) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما قال: [ (أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكي) ] والمقصود بالبواكي النساء، يعني: باكيات من الضيق والشدة، فاستسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: [ (اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل) ]. قوله: [ فأطبقت عليهم السماء]. يعني: نزل المطر كثيراً غزيراً، فأجاب الله دعاء نبيه عليه الصلاة والسلام، فحصل نزول المطر بغزارة وبكثرة. والحديث ليس فيه دليل على رفع اليدين في الدعاء؛ لكن جاء في بعض الروايات: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يواكي) قيل: والمواكاة هي كونه يعتمد على يديه في الدعاء، وفي رفعها والابتهال إلى الله عز وجل في الدعاء. فهذا يطابق الترجمة على هذه الرواية، لأنه قال: [ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يواكي ] وفسرت المواكاة بأنها الاعتماد على اليدين في الرفع، يعني: أنه اعتمد عليهما يدعو وقد رفعهما ومدهما يسأل الله عز وجل الغيث. قوله: [ (اللهم اسقنا غيثاً) ]. الغيث هو المطر، و(مغيثاً) قيل: معناه: معيناً يحصل لنا به العون والفائدة. [ (مريئاً) ]. يعني: هنيئاً. [ (مريعاً) ]. مريعاً قيل: معناه: ذا مراعة، أي: خصب، وفي رواية: (مربعاً) أي: ينبت الربيع. قوله: [ (نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل) ]. قوله: (غير ضار) تأكيد لـ(نافعاً)، و(غير آجل) تأكيد لقوله: (عاجلاً). وقد حصل ذلك عاجلاً، فقد أطبقت عليهما السماء كما جاء في الحديث، ونزل المطر بغزارة، وتحقق ما طلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من نزول الغيث. تراجم رجال إسناد حديث (اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً مريعاً نافعاً غير ضار...) قوله: [ حدثنا ابن أبي خلف ]. ابن أبي خلف هو محمد بن أحمد بن أبي خلف ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا محمد بن عبيد ]. محمد بن عبيد هو محمد بن عبيد الطنافسي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهذا في طبقة شيوخ أبي داود ، وفي طبقة شيوخه اثنان: محمد بن عبيد بن حساب و محمد بن عبيد المحاربي ، فإذا جاء في طبقة شيوخه فيكون المراد إما محمد بن عبيد بن حساب وإما محمد بن عبيد المحاربي ، وإذا جاء في طبقة شيوخ شيوخه كما هنا فالمراد به الطنافسي ، وهو من الطبقة الحادية عشرة وكانت وفاته سنة مائتين وأربعة. ومعلوم أن هذه الطبقة لا يمكن أن تكون الطبقة العاشرة، وإنما هذا يكون من التاسعة، وفي الغالب أنه يكون من التاسعة، وطبقة شيوخ شيوخ أبي داود إما من كبار العاشرة أو من الحادية عشرة، وإلا فإن طبقة الذين توفوا سنة مائتين وأربعة قبل ولادة أبي داود أو في السنة التي ولد فيها أبو داود والتي ولد فيها مسلم بن الحجاج ومات فيها الشافعي هي مائتين وأربعة. أي: أنه متقدم. فذكر الطبقة الحادية عشرة هذه لاشك في أنه خطأ، فهو إما وهم من الحافظ أو من النساخ. [ حدثنا مسعر ]. مسعر بن كدام ثقة، أخرج له أصحاب الكتاب الستة. [ عن يزيد الفقير ]. هو يزيد بن صهيب الفقير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، و الفقير هذا لقب وليس -كما يتبادر للذهن- من الفقر، وإنما كان يشكو فقار ظهره، فقيل له: الفقير . [ عن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. اختلاف النسخ في لفظ (بواك) جاء في بعض النسخ (بوادٍ) وفي بعضها: (هوازل) من الهزل، فهذه الألفاظ ذكرها في عون المعبود، وفي نسخة أخرى (بواك)، و ابن الأثير يصحح ما وقع في معالم السنن، وهو (يواكي) بالياء. يقول ابن الأثير : والذي جاء في السنن على اختلاف نسخها ورواياتها وبواكٍ والصحيح ما ذكره الخطابي . وهو الذي يطابق الترجمة. وفي رواية البيهقي التي أتت: (هوازل)، ومعناه: أنهن نساء هوازل جمع هزيلة، وبواكي جمع باكية. يقول الإمام الخطابي : ثبت الاستسقاء بما ذكره أبو داود بالأخطاء المتقدمة، وإنما وجهه وتأويله أنه كان بإزاء صلاة يريد أن يصليها، فدعا في أثناء خطبته بالسقيا، فاجتمعت له الصلاة والخطبة، فجازت عن استئناف الصلاة والخطبة، كما يطوف الرجل فيصادف الصلاة المفروضة عند فراغه من الطواف فيصليها فينوب عن ركعتي الطواف، وكما يقرأ السجدة في آخر الركعة فينوب الركوع عن السجود . وما ذكره في شأن الجمعة ليس فيه إشكال؛ لأنه جاء حديث صحيح فيها، فقد جاء في الصحيحين أنَّ رجالً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا)، فدعا صلى الله عليه وسلم، فإذا كان هذا هو المراد فلا إشكال. وما ذكره في شأن ركعتي الطواف صحيح، فلو أن إنساناً طاف وصلى فريضة بعد الطواف فإنها تغني عن ركعتي الطواف، وكذا تحية المسجد إذا جاء الإنسان فصلى الفريضة فإنها تغني عن تحية المسجد، أي: أنه لا يجلس إلا وقد صلى. وأما إذا قرأ آية السجدة ثم ركع فالذي يبدو أنه لا يغني عن السجود، أقول: مثل هذا يبدو أنه لا يغني عن السجود، ولكن السجود ليس بلازم؛ لأنه إن سجد فهذا هو الذي ينبغي، وإن لم يسجد فلا شيء عليه، لكن لا يقال: إن الركوع يغني عن السجود. شرح حديث (كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي أخبرنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه) ]. هذا النفي الذي جاء في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قيل: إنه منصب على الهيئة والكيفية، وهي كونه يبالغ في الرفع حتى يرى بياض الإبطين. وليس المقصود منه أنه نفي الرفع مطلقاً، وبعض أهل العلم يقول: إنه يدل على النفي مطلقاً، ولكنه حكى عن الشيء الذي علمه وغيره قد علم غير ذلك فأظهره، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وهذا قد قيل في التوفيق بين ما جاء في نصوص كثيرة من رفع اليدين، وما جاء من النفي في حديث أنس ، حيث قيل: إن هذا مبني على ما علمه أنس بن مالك رضي الله عنه، وغيره علم غير ذلك، فهو حدث بالشيء الذي علمه، فيكون قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مواضع كثيرة و أنس رضي الله عنه إنما علم هذا الذي هو في الاستسقاء. وقد جاء في بعض الروايات في حديث علقه البخاري في صحيحه عن أبي موسى الأشعري : (أنه رفع يديه حتى رأى بياض إبطيه) يعني: في الدعاء في مناسبة من المناسبات. وقال الحافظ ابن حجر : لعل المقصود من ذلك أنه رفعهما أكثر فيما يتعلق بالاستسقاء، أو أن أنساً رضي الله عنه إنما ذكر الشيء الذي علمه، وهو مدى الرفع على هذه الهيئة والكيفية في الاستسقاء. وعلى هذا فإن الحديث لا يدل على نفي رفع اليدين في المواضع الأخرى التي هي غير الاستسقاء، وإنما يدل على نفي المبالغة أو الهيئة والكيفية التي هي كون بطني اليدين من جهة الأرض، بخلاف رفع اليدين في الدعاء في المواضع الأخرى، فإن بطني اليدين من جهة السماء، وليستا إلى الأرض، فإن هذا إنما ورد في الاستسقاء، وهو إما أن يكون بالنسبة للمبالغة في الرفع، أو أن المقصود به الهيئة التي هي كون اليدين بطناهما إلى الأرض، أو أن أنساً رضي الله عنه إنما نفى على حسب علمه وغيره علم ما لم يعلمه من المواضع المتعددة. والإمام البخاري رحمه الله عقد ترجمة في كتاب الدعوات من صحيحه (باب رفع اليدين في الدعاء) والحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث ذكر جملة من الأحاديث الصحيحة التي لم يذكرها البخاري في هذا الباب، والتي هي في الصحيحين وفي السنن وفي غيرهما، وهي جملة عديدة من الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رفع اليدين. وكذلك أيضاً النووي رحمه الله قال: إنه جمع أحاديث كثيرة تبلغ ثلاثين حديثاً فيها رفع اليدين وأوردها في كتابه المجموع في آخر صفة الصلاة، وذكر الحافظ ابن حجر أن المنذري جمع في ذلك جزءاً، يعني الأحاديث التي اشتملت على رفع اليدين. ويكون الجمع بين الأحاديث أن المراد بنفي رفع اليدين هو الكيفية والهيئة، وذلك أنه رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه، وأنه لعله يقصد هذه الهيئة، لا أنه يقصد نفي أصل الدعاء، وإنما ينفي هذه الكيفية وهذه الهيئة، فهذه الكيفية -كما أورد البخاري - رفع فيها حتى رئي بياض الإبطين، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إن هذا فيه حجة على من قال: إن الأيدي لا ترفع حتى يرى بياض الإبطين إلا في هذا الموضع؛ لأنه قد جاء في غير هذا الموضع. تراجم رجال إسناد حديث (كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء...) [ حدثنا نصر بن علي ]. هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا يزيد بن زريع ]. هو يزيد بن زريع البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد ]. هو سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورفع اليدين في الدعاء له له ثلاث حالات: حالة ورد فيها رفع اليدين، فالحالة التي ورد فيها رفع اليدين ترفع الأيدي فيها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. الحالة الثانية: المواضع التي لم يرد فيها رفع اليدين، مثل خطبة الجمعة، كما جاء في حديث عمارة بن رؤيبة في كلامه على الأمير الذي كان يرفع يديه في الدعاء، وقد سبق أن مر بنا الحديث، وحكى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يزيد على أن يشير بأصبعه السبابة في حال خطبته، وما كان يرفع يديه، فهذا موضع لا ترفع فيه الأيدي، وكذلك بعد الصلوات المفروضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الذي يصلي بالناس إماماً الصلوات كلها ولم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الصلوات يدعو. الحالة الثالثة: ما عدا ما ذكر، فهذا الأمر فيه واسع: إن رفع فله ذلك، وإن لم يرفع فله ذلك. شرح حديث (مد النبي صلى الله عليه وسلم يديه وجعل بطنيهما مما يلي الأرض في الاستسقاء ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا عفان حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقي هكذا -يعني: ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض- حتى رأيت بياض إبطيه) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقي ويرفع يديه، ويجعل بطنيهما مما يلي الأرض، حتى رأى بياض إبطيه،) وهذا فيه زيادة على ما تقدم، وهو كون الأيدي بطونها إلى الأرض، فقد كان يرفع يديه -كما سبق أن مر- حتى يقابل وجهه، فلا يجاوز بهما رأسه، ولكن تكون بطناهما إلى الأرض، وهذا خاص بالاستسقاء، فلم يأت على هذه الهيئة وهذه الصورة إلا في الاستسقاء. وبعض أهل العلم قال: إذا كان الدعاء لرفع ضرر فتكون بطونها إلى الأرض، وإذا كان لغير ذلك فتكون بطونها إلى السماء، لكن هذا غير مستقيم؛ لأنه ما جاء هذا إلا في الاستسقاء فقط، وليس كل دعاء لرفع ضرر يكون بهذه الطريقة، وإنما يقتصر على ما ورد به الدليل، وغير ذلك -سواءٌ أكان لرفع ضرر أم لتحصيل منفعة- إنما يكون بالهيئة المعروفة التي هي بجعل بطونها إلى السماء وظهورها إلى الأرض. تراجم رجال إسناد حديث (مد النبي صلى الله عليه وسلم يديه وجعل بطنيهما مما يلي الأرض في الاستسقاء ) قوله: [ حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني ]. الحسن بن محمد الزعفراني ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عفان ]. عفان هو: ابن مسلم الصفار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد هو: ابن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وعفان يروي عن الحمادين، وسليمان بن حرب يروي أيضاً عن الحمادين. وقد ذكر الحافظ المزي بعد ترجمة حماد بن زيد و حماد بن سلمة في تهذيب الكمال فصلاً يبين فيه تمييز حماد إذا أهمل، فقال: إن بعض الرواة إنما روى عن حماد بن سلمة ، وبعضهم إنما روى عن حماد بن زيد ، وبعضهم روى عن هذا وهذا. وذكر أن عفان إذا روى عن حماد مهملاً فهو ابن سلمة ، وإذا روى عن حماد بن زيد فإنه ينسبه، وعلى العكس من ذلك سليمان بن حرب ، فإنه إذا ذكر حماد بن سلمة ينسبه، وإذا ذكر حماد بن زيد يهمله، فيكون حماد المقصود هنا هو حماد بن سلمة بن دينار البصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه وقد مر ذكره. شرح حديث (أخبرني من رأى النبي يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كفيه...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم قال: (أخبرني من رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كفيه) ]. أورد أبو داود حديث محمد بن إبراهيم التيمي عمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند أحجار الزيت، وقد سبق أن مر أنه عمير مولى آبي اللحم كما ذكر ذلك الحافظ في التقريب. تراجم رجال إسناد حديث (أخبرني من رأى النبي يدعو عند أحجار الزيت باسطاً كفيه) قوله [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد ربه بن سعيد ]. هو عبد ربه بن سعيد الأنصاري ، وهو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إبراهيم ]. هو محمد بن إبراهيم التيمي ، مر ذكره.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |