|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الرجوع إلى الحق.. شيم الكرام
الرجوع إلى الحق.. شيم الكرام الإنسان يسمع أحياناً الأحاديث، ويتأثر بها، وتخرج منه كلمات تحسب له أو عليه، وسرعان ما يهدأ ويبحث عن الحقيقة أو تصله ثم يندم على ما فات؛ فإما أن يصحح ويعتذر، أو يتمادى في غيه وينصر هواه وشيطانه ونفسه فيغوى. والرجوع إلى الحق من شيم الكرام ومن أخلاق النبلاء، وتعارف عليه أهل العلم الأوفياء، {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(آل عمران: 135)، وأسوأ شيء عندما يصر الإنسان على قذف المخالف وتجريحه والطعن فيه، ونعته بأبشع الكلمات، والتهم الجزاف من (العماله والخيانة.. وغيرها). ففي الحديث: «إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق، ومن الكبائر السُّبَّتان بالسُّبَّة» (رواه أبو داود في الصمت وصححه الألباني). يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: إن الذي يتصدى لضبط الوقائع من الأقوال والأفعال والرجال يلزمه التحري في النقل، فلا يحزم إلا بما يتحققه، ولا يكتفي بالقول الشائع، ولاسيما إن ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد من أهل العلم والصلاح، وإن كان في الواقعة أمر فادح، سواء كان قولا أم فعلا أم موقفا في حق المستور؛ فيبنغي أن لا يبالغ في إفشائه ويكتفي بالإشارة؛ لئلا يكون وقعت منه فلتة؛ ولذلك يحتاج المسلم أن يكون عارفا بمقادير الناس وأحوالهم ومنازلهم، فلا يرفع الوضيع، ولا يضع الرفيع. (ذيل البر المسبوك). فالواجب على المسلم تحري الدقة والصدق، وألا يقع في أعراض الناس جزافا، يقول العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي -رحمه الله-: من الغلط الفاحش الخطر قبول قول الناس بعضهم بعضا، ثم يبني عليه السامع حبا وبغضا، ومدحا وذما، فكم حصل بهذا الغلط أمور صارت عاقبتها الندامة، وكم أشاع الناس أمورا لا حقائق لها بالكلية، أو لها بعض الحقيقة فنميت بالكذب والزور، ولاسيما من عُرفوا بعدم المبالاة في النقل، أو عُرف منهم الهوى، فالواجب على العاقل التثبت والتحرز وعدم التسرع، وبهذا يعرف دين العبد ورزانته وعقله. وقد علق الإمام ابن حزم -رحمه الله- على رجل رجع عن خطئه بعد أن جاءه البرهان، قال: واعلم أن مثل هذا الفعل يكسبك أجمل الذكر مع تحليك بالإنصاف، الذي لا شيء يعدله، ولا يكن غرضك أن توهم نفسك أنك غالب، أو توهم من حضرك ممن يغتر بك ويثق بحكمك أنك غالب، وأنت في الحقيقة مغلوب فتكون خسيسا وضيعا جدا وسخيفا ألبته، وساقط الهمة. وأخطر شيء أن يسمع طالب العلم ويصدق عجائب الأخبار والروايات، التي يفوح منها الكذب والزور، ويشيع هذا الكذب وينشره في حق إخوانه أهل العلم والدعوة ويصر عليه دون بينة! فأين حق أخيك عليك في نصحه والستر عليه والضوابط الشرعية في الإنكار ومراعاة المصالح والمفاسد؟ فالواجب أن يستنكر المسلم الباطل، ويذب عن عرض أخيه المسلم وينصفه ولا يهول مع المهولين ويتهمهم بالعصبية والتبعية وغيرها. قال أبو زرعه -رحمه الله-: إذا رأيت الكوفي يطعن في سفيان الثوري وزائدة، فلا تشك أنه رافضي، وإذا رأيت الشامي يطعن على مكحول والأوزاعي، فلا تشك أنه ناصبي، وإذا رأيت الخرساني يطعن على عبدالله بن المبارك، فلا تشك أنه مرجئ، واعلم أن هذه الطوائف كلها مجمعة على بغض أحمد بن حنبل؛ لأنه ما من أحد إلا وفي قلبه منه سهم لا برء له. وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي، أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق. والله عز وجل أمرنا بالعدل في القول حتى مع الخصم: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}(الأنعام: 152)، وفي الحديث: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن -عز وجل- وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» (رواه مسلم). وأجمل ما ذكر مما كتبه عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه-: «لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك، أن ترجع فيه إلى الحق، فإن الحق قديم، والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل» (رواه البيهقي). وقال محمد بن سيرين -رحمه الله-: ظلمك لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم، وتكتم خيره». نسأل الله الصلاح والتقوى والمغفرة للجميع. اعداد: د.بسام خضر الشطي
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |