|
|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تحرير المفاهيم!
تحرير المفاهيم! مريم بنت حسن تيجاني من المعلوم أن العولمة الثقافية والمادية المعاصرة التي نحياها اليوم، تسببتا في جملةِ تشويهاتٍ فكرية أسهمت في طمس معالم الهوية الفكرية للمجتمع المسلم - إلا من رحم الله -. وساهم غياب الثقافة الشرعية وما يتصل بها من مفاهيم بشكلٍ كبير في تلك اللوثة الفِكرية الشوهاء، التي هيمن عليها الإعلام المعاصر بكل أنواعه، وأجلَبَ عليها بخَيْلهِ ورَجْلِه، فبات أهم روافد التشويه الذي وصل إليه الكثيرون. وأما سبب كتابة الموضوع، فقد كنت في وقتٍ سابق أتصفحُ نتائج دراسات إحدى المراكز البحثية المتعلقة بقضايا المرأة!. تلك الموضوعات التي ابتدعها الغرب وغذّى وجوه الانحراف فيها لخدمةِ أغراضهِ وشهواته، ثم طَمَحَ لإعادة تدويرها وتصديرها لشعوب الأرض سيما المسلمة منها، وإن كان على حساب الشريعة الغرّاء. فنشأت حربٌ فكرية من لا شيء، بل والحالةُ سِلْم!. ونجحوا في استعداءِ الأطراف المفطورة على المودة والرحمة – إلا من رحم الله -. وأما لوثة تغيير الأشياء عن مسمياتها فالأمثلة في هذا كثيرة، ولا عجب؛ فقد أخبر صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: "إنَّ ناسًا من أمتي يشربون الخمرَ يسمُّونها بغيرِ اسمِها" [1]. فالعلاقة التكاملية بين الزوجين التي يفترض أن تسودها المودة والرحمة، تحولت بسبب مفاهيم الحياة المادية المعاصرة إلى علاقة نفعية ومطالبات حقوقية يرعاها الأنا عند الكثيرين للأسف، مما أدى لتشوُّه المفهوم السامي للحياة الزوجية. وعلى سبيل المثال؛ حدَّثتْ إحدى الأخوات - وهي تعمل خطَّابة -، عن أحدهم، تقول: لا ينفكُّ يطلب يد معلمات عديدات. ثم هو فوق ذلك مِزواجٌ مِطلاق!. واستطردت تحكي: "يقول أريد معلمةً تتحمل أعباء النفقة وتعمل على تلبية متطلبات الحياة المعاصرة، ولستُ أحيفُ في ذلك، فإن المرأة تُنكح لأربع!". هذا واحدٌ من الأسباب التي تُفقدُ الحياة الزوجية روحها و رونقها وجمالها، وهو طمع الزوجين أو أحدهما في مال الآخر أو شيءٍ مما يملك!، والحياة بنظرة مادية محضة على حساب القيم العليا السامية والمباديء الإنسانية الفاضلة. وأما على نطاق الممارسات المجتمعية الخاطئة التي عززها الإعلامُ الجانح، فهي خروج المطلقة الرجعية من بيتِ الزوجية فور تلفظ الزوج بيمين الطلاق!. فتحملُ ما استطاعت من المتاع ميممةً وجهها شطر منزل ذويها!، والحكمُ الشرعي في هذه الحالة ألا تبرح منزل الزوجية حتى انقضاء عِدتها، قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [الطلاق: 1] وفيما يتعلق بتسمية الأشياء بغير مسمياتها؛ فالضحية الأولى في ذلك هي الأجيال الناشئة، ثم المجتمع الصغير المحيط بها، يليه المجتمع الكبير الذي يتعايشون ضمن أفرده. تقول إحدى الأخوات: "رأيتُ فتاةً حديثة السن مسترجلة المظهر في أحدِ المحافل، فناديتها لأسدي إليها بعض النصح وكلماتٍ حانيات. وبلا مقدمات تغيّر وجه الفتاة وانتهجت موقفاً هجومياً!. فقلتُ لها: أتدركين أنَّك تروحين وتجيئين في لعنةِ الله - والعياذُ بالله-، فهدأت سورة غضب الفتاة وفَتَرَ هجومها لتتساءل: كيف؟! والدهشة تملؤها!. فأجابتها المرأة: لا يغرنَّكِ ما أنتِ عليه من المظهر الذي يُسمى بالـ (boy girl) أو (البوية)، فإن التسمية الشرعية هي (الاسترجال)، وقد "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المترجلات من النساء"[2]. عزيزتي؛ إنَّكِ إن مِتِّ على ما أنتِ عليه ما أفلحتِ!. تقول الأخت: فأجهشتِ الفتاة بالبكاء وقالت: كنتُ أظنها حرية شخصية، لماذا لم نتعلم هذا في مدارسنا؟!". وأما المثال الثاني؛ فاعتياد البعض للعلاقات المحرمة تحت مسميات معاصرة بدعوى الانفتاح والتقدم، فمن ذلك: تسمية العلاقة بين الولد والفتاة بالصداقة والحب البريء!. وربما تخللها وعدٌ بالزواج لاحقاً!، إنهُ الـ (Boy friend). والتسمية الشرعية هاهنا هي (الخَدِين)، وقد بيَّن الله تعالى أن من صفات المؤمنات العفيفات عدم اتخاذ الأخدان، فقال تعالى: ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25] قال الطبري – رحمهُ الله- في تفسيره للآية: "يعني بقوله: (محصنات) عفيفات، (غير مسافحات) غير مزانيات، (ولا متخذات أخدان)، يقول: ولا متخذات أصدقاء على السفاح"[3]. وأما لوثة الشذوذ وتبرير الفاحشة التي كانت في قومِ لوط عليه السلام بزعم الجنس الثالث!؛ فالحقيقة القرآنية تخبرنا أن الله عزوجل خلق من كل شيء زوجين، قال تعالى: ﴿ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49] فلا حقيقة لوجود ما يُزعمُ أنهُ جنسٌ ثالث!، وإنما الحقيقة الشرعية هي المذكورة في هذا الحديث الشريف: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء"[4]. فما هو إلا تشويهٌ للمفاهيم وقلبٌ للحقائق - نسأل الله السلامة والعافية-. وغير تلك المسميات التي سيطول مقام استعراضها، ولكن أكتفي بما ذكرت على سبيل التبيين وتجلية الحقيقة الشرعية لمن جهلها من أولئك الناشئة الذين نسأل الله تعالى أن يردهم إلى دينهِ ردَّاً جميلاً ويحميهم من لوثة المفاهيم المادية المعاصرة التي شوَّهت الفكر والحياة!. [1] السلسلة الصحيحة. [2] رواهُ البخاري. [3] تفسير الطبري، ج8، ص193. [4] رواهُ البخاري.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |