|
|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك
القبسة الثانية، الحس المرهف: قلنا: إنَّ من مفاتيح شخصيَّة الدكتور راشد المبارك: إحساسَه بآلام الضُّعَفاء والمظلومين، وهذه صفةٌ يَراها بالعين المجرَّدة كلُّ مَن رأى صاحبَها، ويَراها بعين الذوق كلُّ مَن قرأ شعره.. أليس هو القائل: أَنَا نَشِيجُ الأَسَى فِي صَدْرِ مَنْ ظُلِمُوا أَنَا أَنِينُ الشَّجَى فِي قَلْبِ مَنْ نُكِبُوا والقائل عن نفسه في وصيَّته: إنَّه كان: يَكْتَوِي بِالدَّمْعِ فِي عَيْنِ يَتِيمْ لَمْ يُدَاعِبْهُ حَنَانٌ مِنْ حَمِيمْ فَقَدَ الأُمَّ الَّتِي تَحْنُو عَلَيْهِ وَالأَبَ السَّمْحَ الَّذِي يَرْنُو إِلَيْهِ وإنَّه كان: يَكْتَوِي بِالهَمِّ فِي قَلْبٍ سَجِينْ غَابَ عَنْ أُمٍّ وَعَنْ طِفْلٍ سِنِينْ نَسِيَ الشَّمْسَ فََدُنْيَاهُ ظَلامْ عَصَرَتْهُ عَضَّةُ القَيْدِ وَقَبْرُ وَسِيَاطٌ تَأْكُلُ الجِسْمَ وَأَسْرُ ذَنْبُه: أَنْ لَمْ يَكُنْ مُغْتَبِطًا بِسِيَاطِ الظُّلْمِ مِنْ حَاكِمِهِ بِفَتَاوَى الجَوْرِ مِنْ صَاحِبِ فَتْوَى يَبْسُطُ الكَفَّ لِتَقْبِيلِ مُرِيدْ يَخْفِضُ الرَّأْسَ لِحِفْنَاتِ السَّلا طِينِ ومن خَوْفٍ وَعِيدْ! وإذا كان هذا الإحساس كاويًا من أجل طفلٍ أو سجين، فهو من أجل الأمَّة: حرقٌ، وتفجُّع، وألم وغضب. جاء في قصيدة "أرض الهوان" التي نُظِمت بعدَ قصفِ الطائرات اليهوديَّة مواقع عربيَّة دمَّرت فيها البيوت وقتلَتْ ساكنيها: تَوَزَّعَتْنَا الأَعَادِي شِلْوَ مَعْرَكَةٍ شَلَّ الخَنَا فِي وَغَاهَا السَّيْفَ وَالقَلَمَا قَدْ أَخْمَدَ الجَوْرُ فِينَا كُلَّ نَخْوَتِنَا وَقَدْ طَوَى الذُّلُّ فِينَا العِزَّ وَالعلمَا لَوْ كَانَ لِلذُّلِّ يَوْمًا مَنْ يُعَلِّمُهُ لَوَرَّثَتْنَا اللَّيَالِي رَايَةً وَسَمَا يتبع
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك
لكنَّ هذا الهجاء المرَّ المظلم لا يثبت أنْ يتحوَّل إلى رجاءٍ حلو مشرق: لَنْ تَسْتَقِيمَ عَلَى ذُلٍّ جَوَانِحُنَا لِلَيْلِنَا أَلْفُ صُبْحٍ يَهْزِمُ الظلَمَا إِنَّا وَإِيَّاكَ، وَالأَيَّامُ شَاهِدَةٌ لِيَعْلَمَ الدَّهْرُ أَنَّا مِنْ أَعَزِّ حِمَى رَحِم الله أبا ريشة؛ إذ التاريخ يعيدُ نفسَه، والشاعر بالشاعر يُذكَر، والجرحُ بالجرحِ يُذكَر، رَحِمَ الله أبا ريشة، القائل عام 1945م في قصيدته التي أُلقيت في ذكرى المولد النبوي الأغر، في الأسبوع الذي أعلَنَ فيه الرئيس روزفلت أنَّ الميثاق الأطلسي كفيل الحريَّات الأربع، لا أثرَ له في الوجود: وَيَا نَجِيعًا عَلَى التَّذْكَارِ مُنْسَرِبًا هَلْ مِنْ ضِمَادٍ يَرُدُّ الجُرْحَ مُلْتَئِمَا تِلْكَ الرُّبُوعُ الَّتِي نَامَ الفَخَارُ بِهَا لَمْ تَلْقَ مِنْ حَوْلِهَا إِلاَّ الَّذِي هَدَمَا وَلِلْعُلُوجِ عَلَى أَنْقَاضِهَا سُرُرٌ لَوِ اسْتَطَاعَتْ لأَهْوَتْ فَوْقَهُمْ رُجُمَا وَمَا المَوَاثِيقُ إِنْ فَاهَ القَوِيُّ بِهَا وَنَصَّبَ الخَتْلَ فِي أَقْدَاسِهَا حِكَمَا؟! مَا كَانَ أَغْنَاهُ عَنْ تَزْوِيرِ غَايَتِهِ مَنْ يَحْمِلُ السَّيْفَ لا يَبْرِي بِهِ قَلَمَا! يتبع
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
رد: قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك
قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك د. أحمد البراء الأميري القبسة الثالثة: براعة التصوير وبراعة التعبير: إذا كان للشعر العالي رُكنان لا ثالثَ لهما، فإنَّ براعةَ التعبير وبراعةَ التصوير هما في يقيني هذان الركنان! أمَّا المقصود ببَراعة التصوير فواضحٌ، وأمَّا بَراعة التعبير فأعني بها: جمال التركيب، وسَلاسة اللغة، وعُذوبة الأسلوب، "التي أسهَمتْ جميعها في صِناعة عبقريَّة البحتري الشعريَّة حتى قِيلَ عن شِعره: إنَّه كسلاسل الذَّهب، وأراد أنْ يُشعِرَ فغنَّى!". وقبل تجلية هذه القبسة بأمثلةٍ أستحسنُ أنْ أُورِدَ ما قالَه صديقنا الشاعر اليمني المبدع الأستاذ قاسم بن علي الوزير في تقدمتِه للجزء الأول من "رسالة إلى ولادة"، وهو يتحدَّثُ عن التصوير في شعر الدكتور راشد المبارك. "والصورة فيه واضحةٌ في عُمق، عميقةٌ في وُضوح؛ يحولُ وضوحُها دُون تحوُّلها إلى ألغاز، ويمنع عُمقها السطحيَّة من الاقتراب منه، أو تسلل التقريريَّة إليه. "ظِلالها نديَّة موحية، وحَرارتها لاذعة ملهمة، وهي تجيءُ وتروحُ مع المعاني مانحةً إياها أبعادًا أعمق، مُرتادة بها آفاقًا أعلى، فما تزالُ الدهشة تهزُّك متجدِّدة مع كلِّ قراءةٍ، تكشفُ خَبايا مَذخورة من متع "السمع والبصر"، وهزَّة الاكتشاف لأفانين شتَّى من معاني العاطفة الصادقة التي ما تنفكُّ تتوالد". ولله درُّ قاسم الوزير في قوله: "من متع السمع والبصر" كيف اختزَلَ صفحتين في كلمتين؟! فمُتَع السمع هي: دِيباجةُ الشعر، ولغته، وتركيبه، وموسيقاه، ومُتَع البصر هي الصُّوَرُ التي تتجلَّى لعين البصيرة النافذة والذائقة المدرَّبة، ولله - كذلك - دَرُّ مَن وصَف تصويرَه وتعبيرَه بهذين الوصفين فكانا حقًّا وصدقًا. إنَّ أرقى وصفٍ لحمالِ حسناء بارعة الجمال لا يَرقَى إلى التملِّي من النظَر إليها، وكذلك الثَّناء على الشِّعر الجميل لا يعدو أنْ يكون حاجزًا بينك وبينه، فلنتأمَّل بعضَ صور شاعرنا المبدع تأمُّلاً تسمحُ به ثواني القِراءة المستأنية، ولا تُوفِّيه حقَّه إلى إدامة النظَرِ مَثنى وثُلاث ورُباع: أَفْدِي العُيُونَ الَّتِي يَلْهُو بِهَا السَّهَرُ وَيَغْتَلِي الشَّوْقُ فِيهَا، يَطْفَحُ الضَّجَرُ تَحَجَّرَ الدَّمْعُ فِي آمَاقِهَا فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبُوحَ بِمَا فِي صَدْرِهَا النَّظَرُ يَا لُؤْلُؤَ الحُسْنِ دَفْقُ الضَّوْءِ رَنَّقَهُ قَبْلَ المَغِيبِ انْسِكَابُ اللَّوْنِ فِي الشَّفَقِ وَيَا نَضَارَةَ زَهْرٍ مَاجَ فِي مَرَحٍ وَعَوْدَةَ الرَّفَّةِ الجَذْلَى إِلَى الحِدَقِ نَلُمُّ كُلَّ لَذَاذَاتِ الحَيَاةِ عَلَى شِفَاهِنَا، تَلْتَقِي شَوْقًا وَتَعْتَذِرُ يُحَاصِرُ الشَّوْقُ رُوْحَيْنَا فَيَمْزُجُهَا حَتَّى لَيَتَّحِدُ المَنْظُورُ وَالنَّظَرُ إِذَا مَا التَقَيْنَا صَارَ لِلصَّمْتِ ضَجَّةٌ تَصِيحُ لِهَمْسِ الهُدْبِ قَدْ عَانَقَ الهُدْبَا يَشِبُّ هَوَاهَا وَالجَوَى فِي مَفَاصِلِي لَقَدْ زَرَعَتْ فِي كُلِّ عُضْوٍ لَهَا قَلْبَا! إنَّ شعرَ الدكتور راشد المبارك غنيٌّ بالصُّور، وهي صُوَرٌ مُتفرِّدة مرسومة بريشةٍ خاصَّة وأصباغٍ خاصَّة؛ فهو حين يرسمُ قصائدَه يغمسُ ريشتَه بالمداد والعِطر، وبسلافٍ من العواطف والعواصف، وربما يمزجُها ببعضِ الدم فيخرج ذلك اللون العنيد، (كما يقول الأخ الشاعر عصام الغزالي في قصيدته: النزف على الأزرق): سَأَغْمِسُ رِيشَتِي بِدَمٍ وَلَوْنٍ فَيَخْرُجُ مِنْهُمَا اللَّوْنُ العَنِيدُ هذه لمحةٌ مُوجَزة عن بَراعة التَّصوير أُتبِعُها بأخرى عن براعة التعبير: يعلمُ كلُّ مَن عرَف الدكتور راشد المبارك إعجابَه بالشاعرين الكبيرين بدوي الجبل، وسليمان العيسى، وبمدرسة الرحابنة، وصوت فيروز، وطبيعة لبنان، إعجابًا خاصًّا مضافًا إلى إعجابه بكلِّ شعرٍ جميل وأدبٍ وسيم يحفظُه، ويتملاه، وينشده... وليس بمستغربٍ أنْ تظهر ملامح ذلك الإعجاب في شِعره، فإذا أردت أنْ تضعَ شاعرنا في إحدى قائمتين اثنتين أولاهما تضمُّ: المتنبي، وأبا تمام، والبارودي مثلاً، والأخرى تضمُّ: سليمان العيسى، وبدوي الجبل، والأخطل الصغير... فأنت - لا شكَّ - ستضعُه في القائمة الثانية لأسبابٍ يَكفِينا منها في هذا المقام: سلاسة التعبير، وأناقة الألفاظ، وعُذوبة اللغة. استَمِعْ إليه مخاطبًا الشاعر المهجري الراحل زكي قنصل، وتمتَّعْ بعُذوبة اللغة، وانسِياب اللحن، وحلاوة القافية: تَبَرَّجَ الرَّوْضُ وَافْتَرَّتْ مَرَاشِفُهُ عَنْ قُبْلَةٍ عَتَّقَتْ فِيهَا حُمَيَّاهُ مَا قِيمَةُ النَّغَمَاتِ البِيضِ تُطْلِقُهَا قَيْثَارَةُ الوَجْدِ أَضْنَاهُ وَأَشْجَاهُ إِنْ لَمْ يَصُغْهَا بَيَانُ الشِّعْرِ قَافِيَةً بِهَا مِنَ الأَلَقِ القُدْسِيِّ أَسْنَاهُ يتبع
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
رد: قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك
ثم اقرأ بدوي الجبل: لَيْتَ الَّذِين وَهَبْنَاهُمْ سَرَائِرَنَا فِي زَحْمَةِ الخَطْبِ أَغْلَوْا مَا وَهَبْنَاهُ وَلا وَفَاءٌ لِقَلْبٍ حِينَ نُؤْثِرُهُ حَتَّى تَكُونَ رَزَايَانَا رَزَايَاهُ واقرأ راشد المبارك: مُوجِعٌ أَنْ يُعَالِجَ الجُرْحَ جُرْحٌ وَغَلِيلٌ يُطْفِي لَظَاكَ غَلِيلُ جُرْحُ قَلْبِي القَدِيمُ مَا زَالَ مُخْضَرْ رًا بِأَوْجَاعِهِ الَّتِي لا تَزُولُ فِي الثَّرَى مِنْ حَشَاشَةِ القَلْبِ أَمْشَا جٌ وَفِي القَلْبِ دَهْرُ حُزْنٍ طَوِيلُ ثم اقرأ بدوي الجبل: لا تَسَلْهَا فَلَنْ تُجِيبَ الطُّلُولُ الْمَغَاوِيرُ مُثْخَنٌ أَوْ قَتِيلُ مُوحِشَاتٌ يَطُوفُ فِي صَمْتِهَا الدَّهْ رُ فَلِلدَّهْرِ وَحْشَةٌ وَذُهُولُ وَسَقَوْنِي عَلَى الفِرَاقِ دُمُوعِي كَيْفَ يُرْوَى مِنَ الجَحِيمِ الغَلِيلُ؟! وبعدُ، فهذه ثلاث "قبسات" من أدب الدكتور راشد المبارك، ليست دراسةً له، ولا محاولةً لتحليلِه والإحاطةِ بخصائصِه، إنَّها مجرَّدُ قبسات تُقرَأ. ولسائلٍ أنْ يسأَلَ: أين تضعُ الدكتور راشد المبارك بين الشُّعَراء؟ وأقول: الجواب موجودٌ في آخِر الجزء الثاني من الديوان الذي يضمُّ ثلاث رسائل شعريَّة من أبي بسام إلى الشاعر العملاق سليمان العيسى، وجوابين من أبي معنٍ عليها، اقرأ الرسالة والردَّ وتساءل معي: أليس الشاعران في هذه القبسات فرسَيْ رهان؟ قال أحدهما: يَا بْنَ الصَّهِيلِ المُسْتَرِيحِ عَلَى الشَّذَا زَمَنِي بِدَارِكَ جَنَّةٌ وَعَبِيرُ قَطَّرْتُمُ أَغْلَى الرَّحِيقِ شَمَائِلاً وَشَرِبْتَ حَتَّى اخْضَوْضَرَ التَّعْبِيرُ وقال الآخَرُ: خَمْرَةٌ تِلْكَ الَّتِي رَقْرَقْتُهَا أَمْ سَنًا رَقَّ هَوًى فَانْبَثَقَا كُلَّمَا حَدَّقْتَ فِي لأْلائِهَا خَطَفَتْ عَيْنِي وَصَارَتْ حِدَقَا إنْ لم تعرف مَن قال ماذا، وقلت: نعم، هما فرَسَا رهان، فقد أجبتُك عمَّا تريد. المصدر: مجلة الأدب الإسلامي - العدد (73) - صـ (58 - 63).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |