النقد البيئي أو الإيكولوجي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 390926 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856339 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-09-2021, 04:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي النقد البيئي أو الإيكولوجي

النقد البيئي أو الإيكولوجي


د. جميل حمداوي


مقدِّمة:
من المعروف أن نظريات النقد الأدبي، التي ظهرت في مرحلة ما بعد الحَدَاثة - بين سنوات الستين والتسعين من القرن العشرين - قد ركَّزت اهتمامها على مجموعة من المفاهيم الرئيسة، كالثقافة، والتأويل، والتفكيك، والاستعمار، والعِرْق، والجنس، والتاريخ، والتناصِّ، والسياق، والقراءة، والطبقة، والمجتمع، ومن هنا، فالنقد البيئي "Ecocriticism"- هو الذي يُعْنَى بدراسة المكان، والبيئة، والطبيعة، والأرض، في النصوص والخطابات الإبداعية والأدبية والثقافية.

ويعرف هذا النقد بمصطلحات ومفاهيم أخرى، كـ"الدراسات الثقافية الخضراء /green cultural studies"، و"الشعرية أو البويطيقا البيئية /ecopoetics"، و"النقد البيئي الأدبي /"environmental literary criticism"، و"النقد الإيكولوجي/Ecocriticism "...

هذا، ويُعَدُّ "ويليام روكيرت" "William Rueckert" أوَّل مَن استعمل مصطلح النقد البيئي لدراسة العلاقات الموجودة بين الأدب والبيئة، بما فيها المكان، والطبيعة، والأرض، والحياة، وذلك في أواخر سنوات السبعين من القرن العشرين الميلادي، وبالتحديد في سنة 1978م.

وتأسيسًا على ما سبق، فما يهمنا في هذه الدراسة هو معرفة مفهوم النقد البيئي، ورصد مرتكزاته النظرية والتطبيقية، وتحديد مختلف تجسيداته النصية والخطابية: إبداعًا وأدبًا ونقدًا وكتابةً، مع تقويم هذا النقد تنظيرًا وتطبيقًا ومقصديَّة.

1- مفهوم النقد البيئي:
نعني بالنقد البيئي ذلك النقد الذي يهتم بدراسة النصوص، والخطابات الأدبية، والإبداعية، في ضوء نظرية بيئية إيكولوجية، تبحث عن مكانة البيئة أو الطبيعة أو المكان أو الأرض أو الحياة داخل الإبداع الأدبي والفني، وذلك بالتنظير والتحليل والقراءة والفحص والدراسة؛ بُغْيَة رصد رؤى الكتَّاب والمبدعين والمثقَّفين تُجَاه البيئة، وخاصةً بعد ظهور الحركات والجمعيات والمنظمات والنوادي الداعية إلى الاهتمام بالبيئة، بعد تفاقم ظاهرة التلوث عالميًّا برًّا وبحرًا وجوًّا.

وفي هذا الصدد يقول "دافيد كارتر" "David Karter" في كتابه: "النظرية الأدبية": يُضِيف النقد البيئي فئة جديدة - وهي المكان - إلى فئات: العرق، والطبقة، والجنس... إلخ، كوُجْهَات نظر لتحليل الأدب، فقد رأى الناقد "لورانس بويل" بأنه من الناحية النظرية كانت هناك لفترة طويلة فجوة بين النصوص والوقائع؛ حيث يملأ النقد البيئي هذه الفجوة: يفترض النقد البيئي بأن ثَمَّة واقعًا فوق النصوص يؤثِّر على الكائنات البشرية وأدواتهم، والعكس بالعكس.

وقال "غلين ألوف" - من جامعة أوريغون -: "لقد حان الوقت لنَسُدَّ الهُوَّة بين العلوم الصعبة والعلوم الإنسانية، ولن تفعل ذلك النظرية الأدبية".

ولكن ثَمَّة جدال في بعض المقالات في مجموعة مختارة من النقد البيئي، بأن نظريات "ميشيل فوكو" و"إدوارد سعيد" هي ذات صلة بدراسة البيئة، التي تُعَدُّ في حدِّ ذاتها بناءً ثقافيًّا"[1].

بَيْدَ أن النُّقَّاد لم يتَّفقوا على مفهوم محدَّد وواحد للنقد البيئي، ولم يبيِّنوا بشكل واضح ما المقصود منه؟ وذلك بسبب حَدَاثة هذا النقد في نظرية الأدب، وجِدَّتِه في معاهد الولايات المتحدة الأمريكية وجامعاتها الأكاديمية "جامعة أريغون" مثلاً.

وهكذا، يعرف "شيرلي غلوتفيلي"Cheryll" Glotfelty"، و"هارولد فروم" "Harold Fromm" النقد البيئي بأنه: "دراسة العلاقات بين الأدب والبيئة المادية"، ويطرح نقَّاد البيئة عادةً أسئلة من قَبِيل: كيف يتم تمثيل الطبيعة في هذه السونيت "Sonnet"؟ وما الدور الذي يلعبه المكان المادي في حَبْكَة هذه الرواية؟ وهل القيم التي يُعْرَب عنها في هذه المسرحية تتَّفق مع الحكمة الإيكولوجية؟ وهَلُمًّ جرًّا.

وثَمَّةَ سؤال آخر يُنْظَر إليه، وهو: هل الرجال يكتبون عن الطبيعة بشكل مختلف عن النساء؟

وليس من المستغرب أن هذا قد أدَّى إلى فئة فرعية من النقد البيئي، تُعْرَف باسم "النسوية الإيكولوجية" مع مقتطفاتها من الكاتبات المهتمات بالطبيعة.

وقد كانت "لويزه ويستلنغ" من جامعة "أريغون" مهتمة في كيفية تركيز النسوية الإيكولوجية على الطريقة التي يتجلى فيها الجنس في تصوير المناظر الطبيعية؛ حيث تعتقد أنها ترسِّخ تقليدًا من افتراض أن الأرض هي مؤنَّث، وأولئك الذين يستخدمونها ويُهَيْمِنون عليها هم الذكور: "إنَّ الأرضَ ليست امرأة، ولكن من العصور القديمة، استخدم الكتاب الصور المؤنثة لتسويغ الاستيلاء عليها"[2].

وهكذا، يبدو أن النقد البيئي هو الذي يعقد ترابطات نصية وخطابية بين الأدب والطبيعة والأرض والمكان والبيئة، وذلك في ضوء قراءات متنوعة قد تكون ثقافية، أو تفكيكية، أو تأويلية، أو نفسية، أو اجتماعية، أو تاريخية، أو جمالية، أو تخييلية...

2- سياق ظهور النقد البيئي:
ظهر النقد البيئي بشكل خاصٍّ في الثقافة "الأنجلوسكسونية" في السنوات الأخيرة من عَقْد السبعين من القرن العشرين الميلادي "1978م"، وبالضبط في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وذلك ضمن مؤسساتهما الأكاديمية ومعاهدهما الجامعية كجامعة "أوريغون"، وجامعة "نيفادا" مثلاً.

وقد رافق النقد البيئي مرحلة ما بعد الحَدَاثة التي جاءت لتصحيح مجموعة من المفاهيم، وتعرية المؤسسات الثقافية الغربية المُهَيْمِنة والمستغلَّة إن تقويضًا، وإن تشتيتًا، وإن تأجيلاً، فنتجت عن ذلك أن ظهرت دعوات للاهتمام بالعرق، والجنس، والطبقة، والتاريخ، والمؤلف، والسياق، والمكان.

وفي هذه الظروف الخاصة والعامة، ظهر النقد البيئي للتشديد على أهمية المكان والطبيعة والبيئة محليًّا وجمهوريًّا ووطنيًّا وعالميًّا، وذلك ضمن منظور نقدي إيكولوجي معاصر، بعد أن انتشر التلوث والأمراض المعدية في المجتمعات الصناعية المتقدمة وغير المتقدمة، وأصبحت الحياة الإنسانية مهدَّدة بشكل خطير فوق هذه الكرة الأرضية: برًّا وبحرًا وجوًّا.

وعليه، فإن مفهوم النقد البيئي يعود إلى مقالٍ بقلم "ويليام روكيرت" "William Rueckert" في عام 1978م على الأقل، وهو بعنوان "الأدب وعلم البيئة: تجربة في النقد البيئي".

وقد بقي هذا المفهوم هامدًا لبعض الوقت، حتى أيقظت "شيرل بورغيس غلوتفيلي" الاهتمام به مجددًا في أحد المشاريع، من خلال نشر دراسة استقصائية في هذا المجال، وهي التي قامت بتحريرها مع "هارولد فروم" تحت عنوان "مجموعة مختارة من النقد البيئي: أعلام في أدب علم البيئة" "1966م".

وفي عام 1992م، تأسَّست رابطةٌ لدراسة الأدب والبيئة "ASLE"، وكان لها مَجَلَّتها الخاصة، وكان لها أيضًا نشرة إخبارية، وموقع على الإنترنيت".[3]

ولا يَعْنِي هذا أن النقد البريطاني لم يهتمَّ بالطبيعة والبيئة، فثَمَّة دراسات إيكولوجية لمجموعة من النقَّاد، قد ركَّزت اهتمامها على الطبيعة بشكل من الأشكال ضمن منظورات نقدية متنوعة: بيئية، وثقافية، واجتماعية، وإعلامية، وسياسية، وتوجيهية... كالدراسات التي قام بها "روبرت ماكفارلين" في مجال النقد البيئي على سبيل التخصيص.

3- رواد النقد البيئي:
يمكن الحديث عن مجموعة من الأعلام النقدية التي اهتمت بالنقد البيئي، سواء أكان ذلك في بريطانيا أم في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بين هذه الأسماء نستحضر كلاًّ من: "روبرت ماكفارلين"، و"ويليام روكيرت"، و"شيرل بروغيس غلوتفيلي"، و"لورانس بويل"، و"غلين ألوف"، و"هارولد فروم"، و"لويزا ويستلنغ"، و"دافيد كارتر"، و"جريغوري جرارد"، وغيرهم

ويمكن الحديث عن رابطة متخصِّصة في نقد الإبداع البيئي، وهي رابطة لدراسة الأدب والبيئة "ASLE".[4]

وإذا أخذنا الكاتب الإنجليزي "روبرت ماكفارلين"، فقد كتب مقالةً تحت عنوان "حيثما تكون الأشياء البرية"، وقد نُشِرت في إحدى طبعات "الغارديان" بتاريخ: 30 يوليوز 2005م، وقد أظهرت: "الصفحة الأولى من باب المراجعة صورة له مع عنوان "مكتبة المناظر الطبيعية: روبرت ماكفارلين عن كلاسيكيات البيئة".

وفي هذه المقالة يجادل "ماكفارلين" بوجود منظور جديد عن الاهتمامات التي يجب على الأدب والدراسة الأدبية التركيز عليها.

وفي مقالة أخرى تسبق هذه المقالة اقترح "ماكفارلين" إقامة مكتبة من كلاسيكيات الكتابة الطبيعية من بريطانيا وإيرلندا، والعمل على نشرها، فهذه ستكون سلسلة من الكتابات المحلية التي ركَّزت على أماكن معينة، والتي عملت دائمًا على التفرد، وليس على التعميم مطلقًا".

فأي كتاب - من أجل أن يدرج - يجب أن يبرهن على الاعتقاد أنَّ مصير البشرية ومصير الطبيعة لا يتجزأان، ويجب أن تقترب من البيئة الطبيعية: ليس من منظور الإخضاع والاكتساب والاستخدام على المدى القصير، ولكن وفقًا لمبادئ ضبط النفس والمعاملة بالمثل.

وقد بدأ "ماكفارلين" أساسًا في عمليَّة إنشاء تراث أدبي؛ حيث يكون الأدب البريطاني واعيًا للإيكولوجيا، التي يمكن أن تستخدم أساسًا لهذا النهج البيئي في دراسة الأدب.[5]

هذا، وقد خصَّص "دافيد كارتر" النقد البيئي بفقرة مقتضبة داخل كتابه القيم "النظرية الأدبية"، ضمن فصل الاتجاهات الجديدة في مرحلة ما بعد الحداثة الأدبية والنقدية والثقافية.[6]
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-09-2021, 04:36 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي رد: النقد البيئي أو الإيكولوجي

وقد استعرض التفاصيل التاريخية لهذه النظرية في حَقْلَيها: البريطاني والأمريكي.

ويمكن الحديث أيضًا عن "كارل كروبر" "Karl Kroeber" الذي ألَّف كتابًا تحت عنوان "النقد البيئي الأدبي" سنة 1994م.[7]

ويُعْنَى هذا الكتاب باستكشاف الأفكار البيئية والاجتماعية في الشعر الرومانسي الإنجليزي.

ومن ثَمَّ، فالكاتب ينطلق من رؤية نقدية إيكولوجية في دراسة الشعر الرومانسي، وخاصة قصائد الشاعر الإنجليزي: "ووردزوورث: "Wordsworth".

وهناك أيضًا:
شيرلي كلوتفيلي "Cheryll Glotfelty" و"هارولد فروم" Harold Fromm في كتابهما المشترك "القراءة النقدية البيئية/The Ecocriticism Reader".

و"لورنس بويل" صاحب كتابي: "الخيال البيئي/ The Environmental Imagination"، و"مستقبل النقد البيئي: الأزمات البيئية والخيال الأدبي".

و"جوزيف مايكر" "Joseph Meeker" في كتابه "كوميديا البقاء في الحياة/ The Comedy of Survival " "1974م"؛ حيث انطلق الدارس فيه من رؤية فلسفية، ورؤية نقدية أدبية تُجَاه البيئة، وقد بيَّن فيه أنَّ الثقافة الغربية تفصل بين الطبيعة والثقافة، ومن ثَمَّ، يستعرض الناقد مجمل الصعوبات والأزمات التي تواجهها البيئة المعاصرة، مع التفكير في الحلول المقترحة لإنقاذ هذه البيئة المُسْتَلَبة والمستغلَّة؛ مع العلم أن البيئة هي أساس حياتنا ووجودنا فوق هذه البسيطة.

وهناك كتاب آخر "لتيموتي كلارك" "Clark Timothy" تحت عنوان "من أجل نقد بيئي تفكيكي"، وقد نشره سنة 2008م، ويطبِّق الدارس فيه منهجية "جاك ديريدا" التفكيكية لتقويض المنظور الغربي العام والخاص تُجَاه البيئة.

أما كتاب "جريجوري كراد" "النقد البيئي"، فيُعْنَى بتعريف النقد البيئي؛ حيث يعرفه بأنه هو الذي يهتم بعلاقة ما هو إنساني بمحيطه على مدى التاريخ الثقافي البشري.

كما يَدْرُس الكتاب البيئة من خلال منظور ثقافي، يركِّز على نصوص وخطابات إبداعية، وإعلامية، وسياسية، ومدنية، باعتبار أن البيئة ليست مشكلاً علميًّا فقط، بل هي مشكل ثقافي كذلك؛ لذا فمن واجب الناس العناية ببيئتهم التي تحيط بهم، مع التفكير في الحلول الناجعة؛ للحد من ظاهرة التلوث والأمراض الخطيرة التي ترتبط بها،

ومن هنا، فالكتاب يتتبَّع تطور الحركة البيئية، ويستكشف أهم الموضوعات التي شَغَلت النقَّاد في مجال البيئة، مثل: التلوث، والحياة البرية، والرؤيا، والسكن، والحيوانات، والأرض.[8]

4- تقويم النقد البيئي:
من المعلوم أن النقد البيئي منهج جديد في القراءة والتحليل والتقويم، فهو يهتم بدراسة البيئة والطبيعة والمكان في الإبداع والأدب، بمعنى أن هذا النقد يتخذ بُعْدًا موضوعيًّا "Thématique" وثقافيًّا وتفكيكيًّا، لا سيما إذا تسلَّح النقاد بمجموعة من المناهج الحَدَاثية وما بعد الحَدَاثية لمقاربة الظواهر البيئية في النصوص والخطابات، انطلاقًا من الداخل النصي والسياق الخارجي؛ بُغْيَة تأويل النص ثقافيًّا وبيئيًّا وإعلاميًّا.

وهذا الاهتمام البيئي مفيد ومهمٌّ جدًّا في إطار نظرية الأدب، ولكنَّ هذا الاهتمام ما يزال يواجه صعوبات الانتماء، ويعرف عقبات جَمَّة على مستوى الاعتراف به، أو القبول به منهجًا أو طريقة في التحليل والدراسة والقراءة في مجال نظرية الأدب؛ لأننا لم نتعوَّد بعدُ على الربط بين الطبيعة والثقافة، فنحن دائمًا نفصل بينهما، ومِن ثَمَّ، لا نبالي بالقضايا المصيرية التي تهدِّد الحياة الإنسانية، إن لم نسارع للاهتمام بها في كتاباتنا الإبداعية والنقدية تشخيصًا وتحليلاً ووصفًا وتوجيهًا وتلميحًا.

زِدْ على ذلك، فهناك مَن يرى أنَّ النقد البيئي يتنافى مع خصوصية الأدب الذي هو فنٌّ وجمال وشعرية، قبل أن يكون بيئة وطبيعة ومكانًا؛ ومن ثَمَّ، فالبيئة من اختصاص الدراسات العلمية والثقافية والإيكولوجية والاجتماعية، وبهذا، يكون موضوع البيئة بعيدًا عن الأدب بمفهومه التحسيسي والتوجيهي والثقافي، وعلينا ألا نحوِّل الأدب إلى وثائق ثقافية وسياسية واجتماعية، أو نحوِّله أيضًا إلى حقل وثائقي استطلاعي وإعلامي، تضيع فيه ماهية الأدب، وشعريته الفنية والجمالية، ووظيفته الحقيقية.

خلاصة تركيبية:
وخلاصة القول:
ما أحوجنا إلى دراسة البيئة والطبيعة والمكان في أدبنا العربي في ضوء النقد البيئي! فالشعرُ الجاهلي هو شعر بيئة أكثر مما هو شعر قِيَم وأعراف، وعادات وتقاليد، وخصائص فنية وجمالية.

كما أنَّ الشعر العباسي والأندلسي مرتبطٌ كل الارتباط بالبيئة الطبيعية والاصطناعية، تحتاج هذه البيئة منا إلى دراسات وأبحاث، وكتابات وصفية تتسلَّح بالنقد البيئي؛ بُغْيَة معرفة مكانة الطبيعة أو البيئة في شعرنا العربي، ونعرف كذلك مكانة المكان في السرد والقصص، والحكايات، والنوادر، والمقامات، ولا سيما في مقامات "بديع الزمان الهمذاني" و"الحريري"، وكتاب "ألف ليلة وليلة".

ولا ننسى أيضًا ارتباطَ شعر الرومانسية الوجدانية العربية في العصر الحديث بالطبيعة والبيئة المثالية والواقعية إيجابًا وسلبًا.

ونقوم كذلك بدراسة المكان والبيئة في الشعر العربي المعاصِر، وخاصة في شعر التفعيلة، والقصيدة النثرية، وشعر الشذرة.

وينبغي أن نهتم ثقافيًّا وتفكيكيًّا بقضية تأنيث الطبيعة والبيئة في أدبنا العربي القديم والحديث والمعاصر؛ بُغْيَة استكشاف الأنساق البيئية والثقافية المضمرة نصًّا وخطابًا.


[1] ديفيد كارتر: النظرية الأدبية، ترجمة: د. باسل المسالمة، دار التكوين، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى سنة 2010م، ص:153-154.

[2] ديفيد كارتر: النظرية الأدبية، ص:154.

[3] ديفيد كارتر: المرجع السابق، ص:152-153.

[4] - Association for the Study of Literature and Environment

[5] ديفيد كارتر: المرجع السابق، ص:152-153.

[6] ديفيد كارتر: المرجع السابق، ص:152-154.

[7] - Karl Kroeber: Eogical Literary Criticism, Romantic Imagining and the Biology of Mind, 185 pages, paperback, Columbia University Press, 1994.

[8] انظر: جرج جراد: النقد البيئي، ترجمة: عزيز صبحي جابر، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، الطبعة الأولى سنة 2009م.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.11 كيلو بايت... تم توفير 2.35 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]