|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#31
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (31) سالم محمد (هَمَسات .. في كلمات) في نسختها الـ (31) بفضل الله وتوفيقه: ➊ مما يفرح النفس، ويبهج الفؤاد، تسابق المسلمين لخدمة القرآن الكريم، هذا على مستوى الشعوب جلي وواضح، أما على مستوى الحكومات، فإن أغلب الحكومات الإسلامية، تأخذ من القرآن وتترك، وهذا من سمات اليهود قال الله عنهم: {(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)} ، فترى الكثير من الحكومات الإسلامية تغدق الأموال والتكريم لحفَّاظ القرآن ولا تبخل بالأموال لإقامة المسابقات المحلية والدولية، مع أن القرآن نزل ليطبق في حياة الناس، لا أن يفصل عن الحياة أو الحكم كما يزعم كهنة العلمانية، فالحاكم المسلم سيسأله الله عن تطبيق القرآن والحُكم به بين الناس، ولن يسأله لمَ لمْ يقم مسابقة دولية في الحفظ، أو لم يطبع ملايين النسخ من المصاحف، وإن كان هذا عمل جليل ومطلوب، ولكن علينا العِلم بـ(أن المقصد من إنزال القرآن هو الهداية بإخراج الناس من ظلمات الباطل إلى نور الحق)، ولا يتأتى ذلك إلا بتطبيقه وجعله نبراسًا في جميع شئون الحياة، وعلى رأسها الحُكم، إذ من المستحيل أن يكون القرآن منهج لحياة المسلمين ولا دخل له في الحكم. ******** ➋ ذم الله تعالى مشركي العرب في الجاهلية لقتلهم أولادهم خوفًا من الإملاق (الفقر)، وكثير من المسلمين في هذا الزمن للأسف يخشى كثرة الأولاد لأنه قليل ذات اليد، وربما لن يجد ما يطعمهم به كما يزعم، وهذا تناقض عجيب، فالحقيقة أن الأب لا يرزق نفسه فضلًا عن غيره، ومن عنده ولد واحد لا يرزقه هو، وإنما الرزاق هو الله تعالى، ولو قيل لأحدهم إن الأمير الفلاني أو الملك الفلاني سيتكفل بأولادك، أو هم في ذمة تاجر فاحش الثراء، ربما لاطمأنت نفسه لكثرة الولد، وهنا المصيبة العظمى، والبلية الكبرى، لأننا يقيننا قوي في وعد المخلوق الضعيف الفقير، وضعف يقيننا في وعد الخالق الغني الزراق ذو القوة المتين، وهناك جانب آخر لهذه المأساة وهو أن حكام بعض الدول الإسلامية يدعوا الناس صراحة للاكتفاء بولدين فقط، ويرى - جهلا أو خبثًا- أن ذلك في صالح الاقتصاد، والحقيقة أن مثل هذا الجاهل لا يملك رزق نفسه، فكيف يطلب من الناس تقليل النسل، والحق أن من أسباب قوة المسلمين كثرتهم، ولم ولن يكون عدد السكان سبب للفقر، وإنما هناك أسباب أخرى كالفساد بأنواعه، والاستغلال السيء للثروة، والتدخل السافر للأعداء في شئون المسلمين وغيرها. ******** ➌ نعمة الأمن من أجل النعم وأعظمها، فمع الأمن يسعى الناس لتحصيل أرزاقهم، ومع الأمن يداوي الناس مرضاهم، ومع الأمن ينشرون رسالة ربِّهم، ومن فقد الأمْن لا يكاد يهنئ له عيش، ولا يقرُّ له قرار، فإذا ألبسك الله لباس الأمان فاشكر ربك وأخلص له العبادة، وهذه النعمة فقدها كثير من المسلمين في السنوات السابقة بسبب ما يسمى بـ (الثورة الشعبية)، والمطالبة بالتغيير، وحصل التغيير فعلا ولكن إلى الأسوأ، كان هناك ظلم، وفساد، واستئثار بالثروات، ومحاباة بالباطل، وقتل ومنكرات، فطالبوا بالتغيير، فحصل التغيير ولكن إلى الوراء، فكل ما طالبوا بتغييره زاد واستشرى، وأصبح علانية، والداعين إلى المظاهرات والثورات حتى ولو حسنت نيتهم، فإن المظاهرات غالبا ما يفلت زمامها ممن أشعلها، ويصبح هو نفسه يقاد من حيث لا يدري، والشريعة جاءت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة الظلم والفساد، لكن بالحكمة وليس استبدال ظلم بظلم أكبر منه بكثير، فأمنٌ منقوص خير من عدمه، فالحكمة الحكمة وأموال وأعراض ودماء الناس ليست مختبر للتجارب. ******** ➍ إذا ذُكرت مرحلة الشباب جاء معها ذِكْر أمور منها الملل، وملل الشباب ناتج من الفراغ غير المستغل، والشاب يجتمع له مع الفراغ الصحة غالبًا، ولكن للأسف يعتبر كثير من الشباب أن الفراغ مشكلة فيحاولون قتله بأي وسيلة، سواء كانت تافهة كالشغف بمتابعة المباريات أو محرمة كمتابعة المسلسلات والأفلام الهابطة وقبل ذلك الأغاني الماجنة أو ربما قتلوا فراغهم بالمهلكات كالإدمان على الخمور والمسكرات، ولو أن الشاب حُبب إليه ما يملئ فراغه بالمفيد كقراءة الكتب والمنافسات النافعة، فإن القراءة النافعة عالم من المتعة والفائدة، ولن تجد محبًا للقراءة إلا ويشكوا من قلة الوقت ولو كان شابًا يافعًا، كما أن الشباب لديه شغف وحُب للمنافسات بمختلف أنواعها، المسابقات التنافسية بمختلف أنواعها تجذب الشباب وتستهويهم، فإذا كانت مسابقات هادفة حققت الكثير من الأهداف ومن أهمها الاستغلال الأمثل لفراغ الشباب الذي يحاولون قتله. ******** ➎ (مَن بدَّل دينَه فاقتُلوه) هذا الحكم العادل من كلام سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عنه (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) لكن هذا الحكم لا يعجب كهنة العلمانية والديمقراطية والليبرالية وأذنابهم بل ويعتبرونه انتهاك وتعدي على حقوق الإنسان حيث جاء في مرجعتيهم الظالمة المسماة بـ (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) ما نصه: ( لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه ، أو معتقده) والواقع وبكل أسف فإن معظم حكام المسلمين يقبلون كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرًا ولكن عند التطبيق فالكلمة تكون أحيانًا لـ (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) وهكذا في كثير من أوامر الرسول ﷺ يتم قراءتها لكن مع وقف التنفيذ، بينما تنفذ اتفاقيات ما يسمى بالمجتمع الدولي الذين شريعتهم أهواؤهم كما وصف الله تعالى (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) بالمقابل حذَّر الله من اتباع أهواء هؤلاء الظلمة (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ). وصلى الله على المصطفى وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان.
__________________
|
#32
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (32) سالم محمد ➊ رأيت رجل كبير في السن، له أولاد، ولأولاده أولاد، أي أنه أصبح جَدًّا، قد رقَّ عظمه، وانحنى ظهره، وغزى الشيب شعر رأسه، كان يصطحب أحد أحفاده معه إلى المسجد ليشهد الجماعة مع المصلين، وهذا الرجل لكبر سِنِّه لا يستطيع أن يجلس في التشهد إلا متربِّعًا، العجيب أن المسجد مليء بالمصلين الذي لا يجلسون متربعين أثناء الشهد لكنَّ الولد الصغير تجاهل كل هؤلاء العشرات من الكبار والشباب والصغار ليجلس في التشهد متربعًّا محاكيًا جدَّه ومخالفًا -بلا مبالاة- كافة الموجودين في المسجد، انتبه يا صغيري! جَدُّك مجرد واحد فقط وغيره في المسجد الكثير والكثير فيا سبحان الله! إنه اقتداء الأبناء – لا سيما الصغار منهم – بوالديهم وإخوانهم الكبار، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أشار بوضوح إلى هذا المعنى بقوله ( «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» )[1]فإذا كان الوالدين قدوة حسنة لأولادهم فقد اختصروا مسافات طويلة وجهود مضنية، من عناء التربية ووعثائها، فعند أولادنا الأفعال أبلغ وأعمق تأثيرًا من الأقوال. ******** ➋ الناس مع الحق أزواجٌ ثلاثة، فمنهم من جهِله، ومنهم من عرَفه ولم يوفق لاتِّباعِه، وطائفة بأعلى المنازل عرفوا الحق واتبعوه، والصنف الأول أقرب إلى الحق من الصنف الثاني، أما أسوأ الطوائف فهم الذين عرفوا الحق ونبذوه إما لكبْرٍ أو إعراض أو شهوة أو غيرها، ولذا فالفئة الأولى بحاجة إلى إرشاد ودلالة وثاني الفئات قد يفيد معها التخويف والإنذار من عذاب الله وعقابه، والتخويف من عذاب الله يفيد أكثر مع صاحب الشهوة أكثر من صاحب الكِبْر والهوى والإعراض، وهذه التقسيمات مهمة ولأهميتها ذكرها الله في أعظم سور القرآن سورة الفاتحة، فالعارفين للحق والمتبعين له هم الذين أنعم الله عليهم، والذي جهلوا الحق هم الضالون، أما المغضوب عليهم فيعرفون الحق ويخالفونه والعياذ بالله. ******** ➌ الابتلاء سنة إلهية وما سلِم منه أحد حتى الأنبياء، فقد سئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً؟ قال : الأنبياءُ ، ثم الصالحون ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه ، فإن كان في دِينِه صلابةٌ ، زِيدَ في بلائِه ، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ، خُفِّفَ عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ) وبعض أنواع الابتلاء لا يدرك المسلم حقيقتها إلا إذا وقع فيها، فليست النائحة الثَّكْلى كالنائحة المستأجرة، من ذلك مسألة الذهاب إلى السحرة والعرافين والكهان، وحكمهم معروف في شريعة ربنا عز وجل فـ ( «من أتى عرَّافًا فسأله عن شيءٍ؛ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» ) و( «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» ) وحذرنا رسولنا من ذلك بقوله ![]() ******** ➍ العبد في حاجة دائمة ماسة إلى خالقه سبحانه، واستشعار هذا المعنى يسمو بالنفس البشرية عن الكِبْر واحتقار الآخرين والتعالي عليهم، كما أنه يقطع تعلق النفْس بالمخلوقين، فلا قوة إلا بإذن القوي العزيز وإنما هم مجرد أسباب، وحاجة العبد لمولاه تشمل كل شيء في أمْنه وحفظه وصحته ورزقه وسعيه وفي تعلمه وعبادته وفي شأنه كله، وتظهر هذه المعاني جلية عند حالات الضعف كالمرض والخوف والفاقة وعند حلول المصائب والكوارث، كما أن التالي لكلام ربِّه بتأمل يمتلئ قلبه من الخضوع والخشوع لخالقه ومالكه والافتقار إليه، وأهم ذلك ما في كتاب الله من أسمائه الحسنى وصفاته العلى التي تجعل العبد يعرف حقيقته نفسه وعظمة خالقه ونتيجة لذلك يلجأ إليه في كل أحواله، بالإضافة إلى أن الصلاة بخشوع تطهِّر النفس من أدران الكبر والإعراض عن الله ونسيان نعمه، ومرد ذلك كله إلى ذكر الله بذهن حاضر، وقلب خاشع، فتلاوة القرآن والصلاة ما هما إلا ذكر لله العزيز الرحيم. ******** ➎ مكانة العلم لا ينكرها عاقل، ولذا تبذل الدول الكثير الأموال والمجهودات وتضع الخطط المُحْكمة ليحصل رعاياها على تعلُّم أفضل، ونجاح أحسن في حياتهم الدراسية، لكن للأسف النظام التعليمي في المناهج الحكومية يجعل المركزية للدرجات لا العلْم، حيث يقاس النجاح بالدرجات التي بدورها تؤدي للحصول على الشهادات ومن ثَم الوظيفة والعمل، فالهدف غالبًا يكون المال الذي يأتي من الوظيفة المرتبطة بالشهادة، والشهادة بتحصيل الدرجات والنجاح في الامتحانات، وهذا خطأ فادح ومن نتائجه أن الطالب بعد الاختبار بمدة تطول أو تقصر يتبخَّر ما لديه من معارف خزنها في ذهنه من أجل الاختبار والحصول على الدرجات والدرجات فقط، ولو تأملنا قليلا في ديننا العظيم نجد أن العلم وسيلة لمرضاة الله، وطريق إلى الجنة، ونوع عظيم من أنواع الجهاد في سبيل الله وذلك لمن صلحت نيته، أما من كانت همته ونيته في تحصيله العلمي في الدنيا وللدنيا فقد فوت على نفسه خيرًا كثيرًا، بل قد خسِر خسرنًا مبينا، ولذا تعوّذ الرسول صلى الله عليه وسلم من علْم لا ينفع، فالمسلم يطلب العلم عبادة لله، وإذا فعل ذلك نجح ونجاحه يعني وصوله إلى الجنة، فمتى سنربي أولادنا على أن يكون شعارهم في الحياة { ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)} وصلى الله على المصطفى وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان. [1] البخاري ومسلم
__________________
|
#33
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (33) سالم محمد ➊ من عادتي زيارة مكتبات بيع الكتب وهي شحيحة في المحيط الذي أعيش فيه، ومع ذلك لم أقطع صلتي بها، وزيارة المكتبات يبعث في النفس أشجان وأحزان، ويرفع الطموح ويحفز للقراءة بل والكتابة، ويتحول القارئ الداخل للمكتبات إلى طفل يريد شراء كل شيء، أو على الأقل شراء كل ما يعجبه، وما أكثر ما يعجب القارئ من الكتب في الرفوف، ولولا ما فتح الله به على الناس من الكتب الإلكترونية والشبكة العنكبوتية لكان الكتاب معاندا لكل ذي دخل محدود، وكما يقال العين بصيرة واليد قصيرة، أما ما يحزُّ في النفس ويبعث على الحزن هو وجود كتب تروج للباطل وتنشر الضلال، وتخلط الحق بالباطل وتدس السم في العسل، وهذه من المنكر الذي يجب إزالته، ولكن قد لا يكون لأهل الإصلاح اليد العليا لمنع أو لإزالة مثل هذه المنكرات والله المستعان، والواجب على أولي الأمر في بلاد المسلمين أن يحموا عقول أبناءهم كما يحاولون أن يحموا أجسادهم، فإن فساد المعتقد أشد من فساد الجسد، فإذا فسد المعتقد ضاع المستقبل صار صاحبه من ( {الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } ) كما أن على أهل الصلاح مزاحمة أهل الباطل ونشر الحق وتبيين زيف الباطل والرد على أهله بقدر المستطاع. ******** ➋ في الدول العربية والإسلامية يتهافت الناس على المنح الدراسية الخارجية في دول الغرب خصوصاً، والذي يحصل على واحدة منها يغبطه القريب والبعيد، ويكاد والديه يطيران من شدة الفرح، مع العلم أن الوالدين لو عَلِمَا بأن بلد الدراسة فيه وباء يصيب واحد من كل ألف لمنعا ولدهما من الذهاب خوفاً على جسده، أما عقيدته وأخلاقه فلا يقيمون لها وزن، ويزجُّون به في بحر من الشبهات والشهوات في غربة وشباب متقّد وقليل الخبرة وفي بلاد متقدمة صناعياً منحطة أخلاقيا، والسبب ( {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} )، فانعكست المفاهيم وأصبحت الأخلاق خلف الورقة هذا إن وجدتْ لها مكان، وفي الحقيقة إن كان ولا بد من إرسال أبناءنا لتلك المستنقعات فيكون ذلك للضرورة وفي أضيق الحدود كما يجب علينا تحصينهم بالعلم والإيمان الذي يدفعون به الشبهات، والزواج لكي لا يغرقوا في بحار الشهوات، ونجعلهم دعاة إلى الله في تلك البقاع التي تموج بظلمات الكفر والشرك والانحطاط الأخلاقي، فأفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، ليدفعوا الباطل وأهله بدعوتهم إلى الحق وإخراجهم من الظلمات إلى النور، كما أنهم سيصادفون قلوبًا ضمئى تبحث عن غيث الإيمان وهم موجودون في كل بلاد والحمد لله. ******** ➌ مجلة الرسالة وما أدراك ما مجلة الرسالة، يعرفها الأدباء ومن يعتني بالكلمة الرائعة والأساليب الجميلة، هذه المجلة استمر صدورها لسنوات ومن قُبِلَ له فيها مقال فكأنما أعطي وساما في الأدب، وشهادة ترفعه إلى مقام الكبار في الكتابة الأدبية، سمعتُ عنها كثيرا وقرأت بعضا من مقالاتها، وقد توقفت عن الصدور قبل اكثر من نصف قرن أي أن الأقلام التي كتبت فيها قد جفت، والأنامل التي خطت فيها قد أصبحت عظاما نخرة، والمقالات المكتوبة فيها على قدر عال من الأسلوب الجميل والأدب الرفيع لكنها في معظمها ليست في الدعوة إلى الله تعالى ونصرة الحق، ومحاربة الباطل، بل بعضها في نصرة الباطل ونشر الرذيلة، ماذا لو أن هؤلاء أدباء سخروا ما حباهم الله به من حسن البيان وجودة التعبير في مواد تكون صدقة جارية لهم وعلم ينتفع به وجهاد في سبيل الله، كم هي حسرة من لم يقدم لنفسه من الأعمال ليوم تشخص فيه الأبصار، ونحن في زمن المهلة فعلينا بتسخير كل ما حبانا الله من مواهب للدعوة إلى الله حتى نسعد بها في حياتنا وبعد مماتنا. ******** ➍ نحن نعيش في زمن ليس للمسلمين فيه الريادة في التقدم المادي والتفوق الاقتصادي والقوة العسكرية وحتى الثقافية، وأصبح دم المسلم من أرخص الدماء، وأرضه وثرواته حمى مستباح لأيدٍ ظالمة، وأعراض المسلمين يتلاعب بها الفجرة والفسقة، وما ذاك إلا لبعد المسلمين عن تحكيم شريعة ربهم وهي السبب الرئيسي لعزهم والتي من أهم لوازمها الخضوع الكامل والتام لله العليّ الكبير، فعندما أعرضنا عن شرع ربنا سلط الله أرذل الناس وأوباشهم على ديارنا ودماءنا فقتلوا ونهبوا وانتهكوا الأعراض إلى أن وصل بهم الأمر أن يأمرون بسن قوانين تخالف شريعة الله ويفرضون تعطيل أحكام اتفق المسلمون على مشروعيتها، ولكن البعض تفكيره معكوس وفهمه مقلوب؛ لأنه يجعل سبب تأخر المسلمين هو الإسلام، وما ذلك إلا لأن مقياس الحق والباطل عنه ساقط، فأينما وجد القوة المادية وزخرف الحضارة والتفوق المادي والتقدم في العلم التجريبي ظن أن من يملكون ذلك هم على الحق، بالمقابل متى ما رأى الفقر والتعاسة والتخلف المادي والتدهور الاقتصادي نسب أهله إلى الباطل، وعلى فكرة فإن هذا المنطق ليس جديدًا، بل كان منطق مشركي قريش حيث قال الله عنهم( {وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا } ) فرد الله عليهم بقوله ( {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} ) فالحق يعرف بالبرهان لا بالزخرف والبهرجة، والحق يعلو بحججه لا بارتفاع أرصدة أهله وترسانة أسلحتهم وامتلاكهم الآلة الإعلامية المضللة. .******** ➎ الناس تشمئز وتنفر من الشخص المتكبر، والتكبر قد يكون باحتقار عباد الله وازدرائهم، والشق الثاني من الكِبْر هو ردّ الحق، ورد الحق أوضح ما يكون في الأنظمة الوضعية الوضيعة، ففي الديمقراطية مثلا يزعمون أن الحكم للشعب، وهذا رد صريح للحق وتكبر على رب الشعب القائل سبحانه ( {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} ) العجيب أن كهنة العلمانية والديمقراطية وأذنابهم خدعوا عوام الناس، فبدلًا من الاشمئزاز والنفور من التكبر على الحق الذي جاء من عند الله، أصبحوا ينادون، ويناصرون هذه القذارات الوضعية التي تفسد دنيا الناس وآخرتهم. وصلى الله على المصطفى وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان.
__________________
|
#34
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (34) سالم محمد سلسلة (هَمَسات .. في كلمات) في إطلالتها الـ (34) بفضل الله القدير الوهاب سبحانه: ➊ ما بعث الله رسولا ولا نبيا إلا أيده بالآيات البينات التي تدل كل عاقل ومتجرد للحق على صدقه وأنه مرسل من الله حقًا وصدقًا وكان أعظمهم حظا في هذا الباب خاتمهم وأعظمهم وإمامهم وسيد الخلق أجمعين محمد بن عبدالله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، وأيده الله تعالى بمعجزات كثيرة أوصلها بعض العلماء إلى ألف، ولعل منها تفوقه صلى الله عليه وسلم وعظمته في كل باب من أبواب التميز العظمة، فمن اطلع على حياته باحثًا عن الحق ومتجردًا له، مستخدمًا العقل الذي وهبه الله، فإنه ولا بد أن تحاصره الدهشة ويسلم ويذعن أنه لا بد وأن يكون رسولًا مرسلًا ومؤيدًا من عند رب العالمين، فمع أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمِّيًّا لا يقرأ ولا يكتب ونشأ في بيئة بعيدة عن أسباب العلم الدنيوي والحضارة المادية، إلا أنه جمع العظمة من أطرافها، فهو عظيم في أخلاقه، عظيم في معاملاته مع أعداءه فضلًا عن أتباعه، عظيم في حربه وسلمه، عظيم في تعليمه وتوجيهه وتربيته، عظيم في شجاعته، عظيم في حربه وسلمه، في غناه وفقرة، عظيم في كل جانب من جوانب العظمة الموجودة عند البشر وغير ذلك كثير {﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾} ( آل عمران: 164) ******** ➋ « بَدَأَ الإِسْلامُ غَرِيبًا ، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ»[1] هكذا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن أبرز مظاهر الغربة التي يعاني منها المسلمون اليوم هو الحيلولة بينهم وبين ما يشتهون من العيش في مجتمع يسود فيه النور الرباني والشريعة السمحة الهادية لمنزلة من الحكيم الخبير سبحانه، فبلاد المسلمين -إلا ما رحم ربك- تئن تحت وطئة بدائل وضعية وضيعة أنتجتها عقول قذرة تم بها استبدال شرع الله العزيز الحكيم بضلالات بشرية ظالمة، وهذا الاستبدال بين قليل وكثير، فقد يكون تعطيل للحدود وربما يصل إلى نشر الرذيلة الفجة والكفر البواح والشرك الصريح في بلاد بها أكثرية مسلمة ولكن لا حول لهم ولا قوة، ولو أنك ذهبت إلى كل مجتمع مسلم وسألت ألا تريدون تحكيم شرع الله في كل أمور حياتكم بما في ذلك الحدود لكان جوابهم بلى ..وألف بلى، ولكن شياطين الأنس والجن من كفرة ومنافقين قد حالوا بين المسلم والتمتع بالحكم في ظل شريعة الله العادلة والله والمستعان، والحقيقة أن أنفسهم تتوق، وأفئدتهم تهوى، وأرواحهم تتطلع إلى تحكيم ( {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ). ******** ➌ (يوشِكُ أنْ يقعُدَ الرجلُ مُتَّكِئًا على أَرِيكَتِهِ ، يُحَدَّثُ بحديثٍ مِنْ حديثي ، فيقولُ : بينَنَا وبينَكُمْ كتابُ اللهِ ، فما وجدْنا فيه مِنْ حلالٍ اسْتَحْلَلْناهُ ، وما وجدَنا فيه مِنْ حرامٍ حرَّمْناهُ ، ألَا وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ مثلَ ما حرَّمَ اللهُ) هذا الصنف الضال عن القرآن ينشط بين المسلمين عمومًا والشباب خصوصًا حيث يشككون المسلم في دينه ويحاولون قطع الصلة بينه وسنة نبيه وفهم السلف الصالح، (ومنكر السنة كافر مرتد)[2] فالتصدي لهم غاية في الأهمية، ومن فضل الله أن هؤلاء الضلال شبهاتهم تافهة يسهل إبطالها والعلماء يذكرون الكثير من الأمثلة المبطلة لمنهجهم نضرب هنا مثالين الأول قول الله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا} ... الآية} [البقرة:143] )فقد أمر الله المسلمين بالتوجه لقبلة قبل البيت الحرام وهذا الأمر غير موجود في القرآن، ومثال آخر هو قول الله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) فما هي الميتة وهل نأكل لحم الحيوان إلا ميّتا وماذا عن السمك وما معنى الذكاة والكثير من الأسئلة في كثير من الآيات التي تفحم النكرانيين، ومن أراد معرفة أحوالهم والرد على شبهاتهم بشكل مختصر فعليه بكتابين هما: منكرو السنة المذهب الضال عن القرآن، وأفي السنة شك، الأول لـ د.هيثم طلعت، والآخر لـ احمد يوسف السيد حفضهما الله. ******** ➍ الكتابة نعمة جليلة القدر من نِعَم المولى جل وعلا، ومن شكْرِها استعمالها فيما يرضي الله والذب عن دينه وسنة نبيه، فهي سلاح يُجاهد به في سبيل الله وإعلاء كلمته، ومن أراد أن يكون كاتبًا فعليه بخصلتين اثنتين: الأولى: الإكثار من القراءة لا سيما لمواد من الأدب العالي، والثانية: الكتابة اليومية ولو بدون نشر، وقد تبرز لبعضهم مشكلة وهي فيم يكتُب، والجواب سهل ويسير؛ فكل شيء تراه أو تسمعه أو تقرأه أو حتى خاطر يمر بقلبك يصلح للكتابة فيه، كما أن تلاوتك للقرآن بتدبر يثير فيك الكثير من المواضيع التي يمكنك الكتابة فيها، أيضا الأحاديث النبوية وغير ذلك كثير، المهم أن تبدأ وتستمر في القراءة المقرونة بالكتابة. .******** ➎ ليس كل المسلمين يصلي المفروضة في جماعة بل الأغلب يصليها في البيت ومنهم من لا يعرف المسجد إلا يوم الجمعة وهناك من يزعم أنه مسلم ولا يصلي إطلاقا وهذا على خطر عظيم فقد جاء في الحديث «العهدُ الذي بينَنا وبينَهم الصلاةُ، فمَن تركَها فقد كفرَ» «بينَ الرجلِ وبينَ الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ» ، لكن حديثنا بالذي منَّ الله عليه بالحضور للصلاة في جماعة المسلمين، الحديث عن حالهم بعد الصلاة فهم أنواع أيضا: فمنهم من يخرج من المسجد إثر التسليم كأنما يهرب من سجن، ومنهم من يسبح وتتحرك شفتيه وأصابعه وقلبه في واد آخر، حتى إنك لو كلمته لاستمرت أصابعه في حركتها تلقائيا كأن التسبيح حركة الأصابع فقط، والذي ينبغي أن تتواطؤ حركة اللسان مع حضور القلب، والذكر باب عظيم من أبواب الخير لذا يحرص الشيطان على صرف المسلم عنه، فإن لم يستطع صرفه بالكلية صرف قلبه عن التفكر فيما يقول، والأمر يحتاج إلى مجاهدة كما أن الخشوع يحتاج مجاهدة أيضا، وغالبا من خشع في صلاته ففي الذكر بعد الصلاة يكون حاضر القلب متفكرا فيما يقول، وبهذا يحصل على الأثر العظيم للذكر في الدنيا قبل الآخرة. وصلى الله على المصطفى وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان. [1] رواه مسلم [2] موقع الإسلام سؤال وجواب رقم السؤال (9067)
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |