من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك (اخر مشاركة : رضا البطاوى - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836877 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379389 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191233 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 661 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 945 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1098 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-04-2022, 12:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية

من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية (1)

تعظيم نصوص الكتاب والسنة






كتبه/ وائل عبد القادر


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأصل دين الإسلام هو الاستسلام والخضوع والانقياد لله رب العالمين، فيما شرع في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال الله -تعالى-: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ... ) (الزمر:54)، وقال -تعالى-: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام:71).

فكل ما أمر به الشارع أو نهى عنه؛ فحقه التعظيم والإجلال والامتثال، وهذا هو طريق الفلاح والفوز.

وتعظيم النصوص الشرعية يعني: الوقوف عند حدودها، والالتزام الصادق بمقتضياتها ودلائلها، والعض عليها بالنواجذ، فأَمْر الله -عز وجل- وأَمْر رسوله -صلى الله عليه وسلم- حقه الإجلال والامتثال، قال -عز وجل-: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (النور:51-52).

فإذا جاء الأمر من الله فلا مجال للاختيار أو التردد، بل التسليم والانقياد؛ وإلا سلك الإنسان طريق الضلال المبين، قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) (الأحزاب:36)، وقال -عز وجل-: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً) (النساء:65).

ولا يتحقق كمال التعظيم للنصوص الشرعية إلا من خلال هذه القواعد التي يمكن أن نوجزها في النقاط التالية:

أولًا: تعظيم الأمر والنهي:

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "استقامة القلب بشيئين: أحدهما: أن تكون محبة الله -تعالى- تتقدم عنده على جميع المحاب ... والأمر الثاني: تعظيم الأمر والنهي، وهو ناشئ عن تعظيم الآمر الناهي، فإن الله -تعالى- ذمَّ مَن لا يُعظّمه ولا يعظّم أمره ونهيه، قال الله -سبحانه وتعالى-: (مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) (نوح:13)، قالوا في تفسيرها: ما لكم لا ترجون لله -تعالى- عظمة. ثم قال: فعلامة التعظيم للأوامر: رعاية أوقاتها وحدودها، والتفتيش على أركانها وواجباتها وكمالها، والحرص على تحسينها وفعلها في أوقاتها، والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها".

ثم ذكر عددًا من علامات تعظيم المناهي، وهي على وجه الاختصار:

1- الحرص على التباعد عن مظانها وأسبابها وما يدعو إليها، ومجانبة كل وسيلة تقرب إليها.

2- أن يغضب لله -عز وجل- إذا انتُهكت محارمه، وأن يجد في قلبه حزنًا وكَسْرة إذا عُصي الله -تعالى- في أرضه، ولم يُطع بإقامة حدوده وأوامره، ولم يستطع هو أن يغير ذلك.


3 - أن لا يسترسل مع الرخصة إلى حدٍّ يكون فيه جافيًا غير مستقيم على المنهج الوسط.

4 - أن لا يحمل الأمر على علة تُضعف الانقياد والتسليم لأمر الله -عز وجل-، بل يسلِّم لأمر الله -تعالى- وحكمه، ممتثلًا ما أمر به؛ سواء ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه أو لم تظهر" (انتهى من الوابل الصيب لابن القيم رحمه الله).

وللحديث بقية -إن شاء الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-04-2022, 12:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية



من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية (2)









كتبه/ وائل عبد القادر


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

نستكمل في هذا المقال الكلام على أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية.

ثانيًا: التعامل مع النصوص على سبيل الاعتماد عليها والافتقار إليها:

لا بد أن يكون تعامل المسلم مع النصوص الشرعية تعامل المفتقِر إليها، الضال الذى يبحث عن نجاته وهدايته فيها، وهو متيقن أنه لا نجاة له ولا هداية إلا باتباعها وتقديمها، فيكون همُّه وما يشغله هو الاعتماد على النصوص الشرعية في العلم والعمل، "وقلَّ أن تُعْوِزَ النصوص مَنْ يكون خبيرًا بها، وبدلالتها على الأحكام".

قال الإمام الشاطبي -رحمه الله- في الاعتصام: "سمِّي أهل البدع أهل الأهواء؛ لأنهم اتبعوا أهواءهم فلم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها، والتعويل عليها حتى يصدروا عنها، بل قدَّموا أهواءهم، واعتمدوا على آرائهم، ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظورًا فيها من وراء ذلك ... ".

فآفة أهل البدع والأهواء تقديم عقولهم فيعتقدون في الشيء أولًا بعقولهم وأهوائهم ثم يستدلون عليه؛ إما بأدلة عامة أو ضعيفة، بل قد تكون موضوعة، وإما بتحريف النصوص أو تأويلها لتوافق ما اعتقدوه أولًا، أو بأقيسة فاسدة يضربون بها في نحر النصوص الصريحة، أو غير ذلك من وسائل المروق من الدين، فهم يصدرون من العقل ثم يستدلون له.

أما منهج أهل الحق فهم ينطلقون ويصدرون من الأدلة أولًا، فما ساقهم إليه الدليل من حكم فهموه كما فهمه سلف الأمة الكرام وعملوا به وقدَّموه وعظموه، فمَنْ نظر في النصوص الثابتة، ثم تقدَّم بين يديها، أو أغار عليها بالتأويل المتعسف، أو التحريف المتكلف، وراح يفسرها مجاراة لأهواء الناس، أو مداهنة لأهل العلمنة والتغريب؛ لم يكن في الحقيقة مفتقرًا لها، معظمًا لحدودها،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "مِن الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان: ألا يقبل من أحدٍ قط أن يعارض القرآن برأيه، ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، ولاَ وجْده، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات: أن الرسول جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم".

أمثلة من تعظيم الصحابة للنصوص الشرعية:

لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يربي أصحابه على الأخذ بكلامه، ويزرع في قلوب أصحابه تعظيم النصوص الشرعية وامتثالها حرفيًّا أو نحوًا من ذلك، فتارة يقول -صلى الله عليه وسلم-: "مَن توضأ مثل وضوئي هذا"، وتارة يقول: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وثالثة يقول: "خذوا عني مناسككم"، فيأمرهم بمثلية التأسي وحرفيته، فإن عجزوا دنوا قريبًا منها بحيث يقتربوا جدًّا من المثلية والتطابق بين فعلهم وفعله.

ولقد ضرب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة وأصدقها في المبادرة والمسارعة لامتثال أمر الله ورسوله، وتعظيم نصوص الشرع والوقوف عند حدودهما بلا زيادة ولا نقصان، والغضب عند مخالفتها وانتهاكها، وحرصهم هذا وتعظيمهم ليس مقصورًا على ما كان واجبًا فحسب، بل تعدَّى ذلك إلى المستحبات، ويكفيهم شرفًا وفخرًا تزكية الله لهم وثناؤه عليهم.

وما ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- في هذا الشأن كثير يصعب حصره، فمَن ذلك: ما ورد عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-؛ إذ لما برَّأ الله عائشة -رضي الله عنها- من خبر الإفك، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: "والله لا أنفق على مسطح شيئًا أبًدا"، وكان مسطح ممَّن وقع في شأن عائشة، وكان أبو بكر ينفق عليه قبل ذلك، فلما نزل قوله -تعالى-: (وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (النور:22)، قال أبو بكر: "بلى والله، إني أحب أن يغفر الله لي"، فأرجَعَ إلى مسطح النفقة، وقال: "والله لا أنزعها أبدًا" (متفق عليه).

وجاء في شأن عمر الفاروق من ذلك الكثير، فقد روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قَدَّمَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابُ مَجَالِسِ عُمَرَ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ. فَقَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِيهِ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ. فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ -تَعَالَى- قَالَ لِنَبِيِّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف:199)، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ، فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ عُمَرُ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ".

ومن تعظيم الفاروق لشأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره ما أخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن أنه قلع ميزابًا للعباس على ممر الناس، فقال له العباس: أشهد أن رسول الله هو الذي وضعه في مكانه، فأقسم عمر: "لتصعدن على ظهري ولتضعنه في موضعه".

وفى صحيح مسلم عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: "كُنَّا نُحَاقِلُ الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَنُكْرِيهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى، فَجَاءَنَا ذَاتَ يَوْمٍ رَجُلٌ مَنْ عُمُومَتِي، فَقَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا، وَطَوَاعِيَةُ اللهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا؛ نَهَانَا أَنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ فَنُكْرِيَهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى، وَأَمَرَ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا، أَوْ يُزْرِعَهَا، وَكَرِهَ كِرَاءَهَا وَمَا سِوَى ذَلِكَ".


وأمثلة ذلك مما جاء عن الصحابة -رضي الله عنهم- كثيرة جدًّا، وعلى نهجهم سار أتباعهم ومَن تبعهم مِن أئمة السلف إلى زماننا هذا.

وللحديث بقية -إن شاء الله-.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-05-2022, 12:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية

من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية (3)









كتبه/ وائل عبد القادر



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ثالثًا: عدم استشكال النص أو ظن عدم كفايته:

مِن مظاهر التعظيم للشرع: ألا نستشكل النص ونتهمه بعدم مسايرة الواقع والحوادث، بل نستشكل أفهامنا ونتهمها بالقصور، ونسأل الله تعالى الفتح والفهم من عنده.

فالتصديق واليقين بعظمة هذا الدين، وإثبات قدسية النص، وتعظيمه وإجلاله؛ هذا الذي يحقق التسليم الكامل بها، كذلك عندما يستصحب العبد أن هذا النص القرآني هو من عند الله العليم الحكيم الذي له الأسماء الحسنى، وله صفات الكمال والجلال، وعندما يستصحب العبد أن هذا هو كلام الله، وأن هذا كلام النبي المعصوم عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى؛ إذا استصحب العبد ذلك زاده تعظيمًا وتسليمًا لهذه النصوص.

وهذا يعنى عدم التنطع في البحث عن الحكمة أو العلة والتعمق في ذلك، فتلك الصفة تنافي كمال التسليم والانقياد لله، بل قد يستمرئ صاحبها ذلك فتجره إلى الاعتراض على بعض الأحكام الشرعية إلا حين يعلم الحكمة منها، فالواجب على المسلم الإمساك والتأدب مع مقام التشريع، فالله عز وجل لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون.

وقد نبَّه الحافظ ابن رجب رحمه الله على خطورة هذا الأمر، وأنه من أعظم خداع الشيطان وغروره لهؤلاء، وأنه لم يزل يتلاعب بهم حتى أخرجهم من الإسلام، فإن مقالتهم هذه توجب القدح في الشريعة، وإساءة الظن بها، حيث ظنوا أنها لم تأتِ بهذا العلم النافع الذي يوجب صلاح القلوب، وقربها من علام الغيوب، وأوجب لهم الإعراض عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الباب بالكلية، والتكلم فيه بمجرد الآراء والخواطر، فضلوا وأضلوا.

ومن صور استشكال النص زعم ظنيته وعدم قطعيته:

ودعوى ظنية النصوص وتحملها لأكثر من معنى وحاجتها إلى التأويل أو التفويض دعوى قديمة تذرع بها الكثير من أعداء الإسلام لتقرير باطلهم تارة في العقائد والأخبار، وتارة في الشرائع والأحكام، واختلس العلمانيون هذه القواعد لمعارضة الشرائع والأحكام، فكان مقتضى كلامهم أن ما يتبنونه من آراء وأقوال هي أقوال محكمة صحيحة بيِّنة، وما عارضها من نصوص الكتاب والسنة مظنون مجمل محتمل، لا يستفاد منه علم ولا حقيقة ولا بيان.

وقد كشف شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- هذا الفكر، فقال ما مفاده: فيجعلون المتشابه من أقوالهم هو المحكم، وكلام الله ورسوله هو المتشابه، على خلاف طريقة أهل العلم والإيمان الذين يجعلون كلام الله ورسوله هو الأصل المحكم البيِّن الذي يعتمدون عليه، ويرجع الناس إليه عند التنازع والاختلاف.

ولازم هذا الفكر النتائج الآتية:

1ـ الظن بالشريعة الغراء العصماء أنها تخالف العقل الصريح، أو المصلحة المعتبرة!

2ـ اتهام النصوص بعدم البيان والوضوح والقطع في الأمور بما لا لبس فيه؛ لأن دلالتها إما محتملة لمعانٍ كثيرة والشارع لم يعيِّن لنا أحد تلك المعاني، وإنما أحالنا إلى عقولنا وآرائنا! (وهذا الصنف يسميه شيخ الإسلام بأهل التأويل)، وإما أن الشارع لم يرد منا تجاه هذه النصوص سوى قراءتها والتبرك بها، ولم يرد منا أن نفهم منها شيئًا؛ لأن معناها لا يعلمه أحدٌ سوى الله تعالى (وهم أهل التفويض)، ويشترك كلاهما في رمي النصوص بعدم البيان، وأنها ملغزة مجهولة لم يبينها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يعني إبطال الشرع بالكلية، وكلامهم هذا أولى بالإبطال؛ لأنه تكذيب لله جل وعلا، والظن به ظن السوء سبحانه القائل: "قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"، فمقتضى الآية -وغيرها كثير- أن القرآن بيِّن وواضح وظاهر، لا لبس فيه ولا إشكال كما يزعم هؤلاء، وأن دليل وضوحه أنه سبيل هداية من أقصر الطرق، وهو الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه، ولا انحراف، وأن مَن اتبعه لا يضل ولا يشقى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وكذلك قد أزاح نبينا صلى الله عليه وسلم بالقرآن وما فيه من العجائب علل الفصحاء من أهله، وقطع به عذرهم لرؤيتهم أنه خارج عما انتهت إليه فصاحتهم في لغاتهم ونظموه في شعرهم، وبسطوه في خطبهم، وأوضح لجميع مَن بعث إليه من الفرَق التي ذكرناها فساد ما كانوا عليه بحجج الله وبيناته، ودلَّ على صحة ما دعاهم إليه ببراهين الله وآياته حتى لم يبق لأحدٍ منهم شبهة فيه" (درء تعارض العقل والنقل).

ومثل هذا يقال عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ربه تبارك وتعالى: "بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى جَاءهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ"، فكان أعلم الخلق بالله تعالى وأشدهم له خشية، وأحرص الناس على إبلاغ الحق للخلق حتى كاد يهلك نفسه من عدم إيمانهم به، واقتضى الحال أن يكون أفصح الناس بيانًا وبلاغًا -وقد كان-، وتواصل مع الناس بأفصح لغة وأتمها بيانًا "وهي لغة العرب"، فلم يجعل للناس حجة بعد البلاغ المبين، ولم يسعهم إلا السمع والطاعة والامتثال، قال تعالى: "وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ".

وللحديث بقية إن شاء الله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-05-2022, 12:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية

من أصول أهل السنة والجماعة في التعامل مع النصوص الشرعية (4)



كتبه/ وائل عبد القادر



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

رابعًا: عدم الخوض في النصوص الشرعية بغير علم:

من مظاهر تعظيم النصوص الشرعية ألا يتكلم فيها إلا مَن كان له علم بها، فلا تكون النصوص المعصومة مستباحة لكلِّ أحدٍ؛ فتلوكها جميع الألسن بعلم وبدون علم!

فعلى المسلم أن يمسك عما ليس له به علم، وأن يحذر من الخوض في ذلك، وأن يجعل نصب عينيه قوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا).

وقد نقل الإِمام الشافعي الإِجماع على أنه ليس لأحدٍ كائنًا مَن كان أن يقول إلا بعلم، فقال: "ولم يجعل الله لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول إلّا من جهة علم مضى قبله، وجهة العلم: الكتاب والسنة والإِجماع والآثار، وما وصفت من القياس عليها".

وهذا أمر لا ينبغي لعاقل يحذر على دينه أن يستريب فيه، وإلا هلك مع الهالكين، وهل ضلت الفرق وأضلت إلا بعد أن تركت هذا الأصل؟!

وهذا هو الإِمام ابن عبد البر ينقل إجماع أئمة الأمصار قديمًا وحديثًا، ويؤكد ما قاله الإِمام الشافعي حيث قال: "الاجتهاد لا يكون إلا على أصول يضاف إليها التحليل والتحريم، وأنه لا يجتهد إلا عالم بها، ومَن أشكل عليه شيء؛ لزمه الوقوف، ولم يجز له أن يحيل على الله قولًا في دينه لا نظير له من أصل، ولا هو في معنى الأصل، وهو الذي لا خلاف فيه بين أئمة الأمصار قديمًا وحديثًا؛ فتدبر ... ".

فالخوض في معاني كلام الله وكلام رسوله دون دراية أو سؤال مِن القول على الله بلا علم، وهذا من الذنب العظيم؛ فضلًا عما يجره من المفاسد من ضلال الآخرين وإضلالهم، قال تعالى: (وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِين َ)، وقال سبحانه: (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ).

وقد جعل القرآن القول على الله بغير علم من أعظم الظلم وأكبره، فقال عز وجل: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، بل جعله قرين الشرك بالله تعالى، فقال عز وجل: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، وغير ذلك من الآيات التي تنهى عن القول على الله تعالى بغير علم.

وإنه لمن المؤسف أن يُجعل كلام الله وكلام رسوله وأحكام الشرع المطهر ميدانًا للحوار والنقاش والجدل من أناسٍ ليس لهم حظ من العلم الشرعي، وأحيانًا من العقل فيحصل في هذه الحوارات من السفه والتأويل والتحريف للنصوص الشرعية مما يضعف تعظيمها والانقياد لها في نفوس مَن يستمع إلى مثل هذه الحوارات في مجالس الناس، أو فيما يبث في الفضائيات فيحصل أن يستسهل الناس الأمر، ويتعودوا القول على الله بغير علم، وكأن ما يطرح في الحوار قضية سياسية أو أدبية!

والناس اليوم -إلا مَن رحم الله- يبحثون عن الرخص، والتخلص من الأحكام الشرعية، وما ذاك إلا لضعف الدعوة إلى التمسك بالأحكام الشرعية وتعظيمها.

فكل مَن سلك طريقًا يظنه طريق الجنة بغير علم، فقد سلك أعسر الطرق وأشقها، ولا يوصل إلى المقصود مع عسرة شديدة، وطرق شاقة، ومخاوف وقفار، ومآله إلى الهلاك والانقطاع في الطريق، وقد أنكر أعيان الأئمة والعلماء هذا عليهم.

ولهذا كله اشترط العلماء مجموعة من الشروط لا بد من استجماعها كلها بحيث لا يستطيع أحدٌ أن يتكلم في دين الله تعالى إلا إذا حصَّل الآلة التي بها يستطيع فهم الأحكام من النصوص، والآلة هذه هي ما يسميه الفقهاء والأصوليون بملكة الاجتهاد وشروطه.

وقد أجملها العلماء في قولهم: ولا يعد الفقيه مجتهدًا؛ إلا إذا كان جامعًا لشروط الاجتهاد من معرفة باللغة العربية وبلاغتها، وبأصول الفقه ومدارك الأحكام ومتعلقها من كتاب وسنة وإجماع، وأسباب نزول وورود، وناسخ ومنسوخ، ونص ومجمل، وظاهر ومؤول، وعام وخاص، وسائر أوجه الدلالات؛ حتى يكتسب بذلك قدرة على فهم النصوص الشرعية ومراميها: كمالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، والأوزاعي، ومحمد بن جرير الطبري؛ فكل مِن هؤلاء الفقهاء الأئمة مجتهد مطلق؛ له أصوله وقواعده ونهجه في الاستدلال، واستنباط الأحكام.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 88.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.85 كيلو بايت... تم توفير 3.27 كيلو بايت...بمعدل (3.71%)]